منهاج الصالحين (للتبريزي)

اشارة

سرشناسه : تبریزی، جواد، 1305 - 1385.

عنوان و نام پديدآور : منهاج الصالحین/ فتاوی جواد تبریزی.

مشخصات نشر : قم : مدین ، 1426ق. = 2005م. = 1384 -

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : : دوره 964-8901-17-1 : ؛ ج.1 964-8901-15-5 :

يادداشت : عربی.

یادداشت : کتابنامه.

مندرجات : ج. 1. العبادات

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9 /ت2م 8 1384

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : 2997064

الجزء الأول

[المقدمة]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين، و السلام على محمّد و أهل بيته الطيبين الطاهرين، و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدّين ...

و بعد، تعتبر الرسالة العملية المسمّاة ب «منهاج الصالحين» التي هي فتاوى آية اللّه العظمى السيد الحكيم «طاب ثراه» ذات النفع العامّ بما تحويه من كثرة المسائل المبتلى بها و وضوح العبارة و حسن التبويب، و قد أدرج سيدنا الاستاذ آية اللّه العظمى السيد الخوئي «طاب ثراه» فتاواه فيها، فرأينا أن ندرج فتاوانا فيها حفظا لمقام العلمين الشامخ، و أن نؤدّي بعض ما لهما علينا من الحقّ.

راجين من اللّه أن يجعلها لنا ذخرا في الآخرة يوم لا ينفع مال و لا بنون، و أن ينتفع بها أهل العلم و سائر المؤمنين، إنّه خير مجيب.

و العمل بها مجزئ و مبرئ للذمة إن شاء اللّه تعالى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 5

التقليد

اشارة

(مسألة 1): يجب على كلّ مكلف لم يبلغ رتبة الاجتهاد، أن يكون في جميع عباداته، و معاملاته، و سائر أفعاله، و تروكه: مقلدا، أو محتاطا، إلا أن يحصل له العلم بالحكم، لضرورة أو غيرها، كما في بعض الواجبات، و كثير من المستحبات و المباحات.

(مسألة 2): عمل العامي بلا تقليد و لا احتياط باطل. لا يجوز له الاجتزاء به، إلا أن يعلم- و لو بعد العمل- بمطابقته للواقع، أو لفتوى من يجب عليه تقليده فعلا.

(مسألة 3): الاقوى جواز ترك التقليد، و العمل بالاحتياط، سواء اقتضى التكرار، كما إذا ترددت الصلاة بين القصر و التمام، أو لا، كما إذا احتمل وجوب الإقامة في الصلاة، لكن معرفة موارد الاحتياط متعذرة غالبا، أو متعسرة على العوام.

[معنى التقليد]

(مسألة 4): التقليد هو الاعتماد على فتوى المجتهد سواء كان الاعتماد حين العمل أم بعده.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 6

(مسألة 5): يصحّ التقليد من الصبي المميز، فإذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه، جاز له البقاء على تقليده، و لا يجوز له أن يعدل عنه إلى غيره، إلا إذا كان الثاني أعلم أو محتمل الأعلمية بخصوصه دون من قلّده.

(مسألة 6): يشترط في مرجع التقليد البلوغ، و العقل، و الإيمان، و الذكورة، و الاجتهاد، و العدالة، و أن لا يكون معروفا عند الناس بفسق سابق بحيث يعدّ الرجوع إليه في الأحكام و هنا للمذهب، و طهارة المولد و أن لا يقلّ ضبطه عن المتعارف، و الحياة، فلا يجوز تقليد الميت ابتداء.

(مسألة 7): إذا قلّد مجتهدا فمات، فإن كان أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده في المسائل التي تعلّمها حال حياته و إن لم يتذكّرها فعلا سواء عمل بها أو لا، و

إن كان الحي أعلم أو كان بخصوصه محتمل الأعلمية وجب العدول إليه مع العلم بالمخالفة بينهما و لو إجمالا و إن تساويا في العلم أو احتمل الأعلمية في كل منهما فلا يبعد جواز البقاء في خصوص المسائل التي تعلّمها حال حياته و لو نسيها فعلا، و أمّا في غيرها فيجب أن يرجع فيه إلى الحي و إذا شكّ في التعلم حال الحياة فيجب عليه الرجوع إلى الحي أيضا.

(مسألة 8): إذا اختلف المجتهدون في الفتوى، وجب الرجوع إلى الأعلم، أو محتمل الأعلمية بخصوصه، و مع التساوي أو احتمال الأعلمية في كل منهم لا يبعد جواز الأخذ بفتوى أيّ منهم إلّا إذا كان آخذا بفتوى أحدهم فإنّه يعمل بفتواه و لا عبرة بكون أحدهم أعدل.

(مسألة 9): إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر، فإن لم يعلم الاختلاف في الفتوى بينهما تخيّر بينهما، و إن علم الاختلاف وجب الفحص عن الأعلم، و يحتاط- وجوبا- في مدة الفحص، فإن عجز عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 7

معرفة الأعلم فلا يبعد جواز الأخذ بفتوى أيّ منهما ابتداء، هذا إذا علم أن أحدهما غير المعيّن أعلم، و أمّا إذا احتمل الأعلمية في شخص بخصوصه بأن علم أنّهما إمّا متساويان في العلم أو أحدهما المعيّن أعلم فيتعين حينئذ تقليده.

(مسألة 10): إذا قلّد من ليس أهلا للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها، و كذا إذا قلّد غير الأعلم وجب العدول عنه إلى الأعلم، أو محتمل الأعلمية بخصوصه مع العلم بالمخالفة بينهما، و كذا لو قلّد الأعلم ثمّ صار غيره أعلم.

(مسألة 11): إذا قلد مجتهدا، ثمّ شك في أنه كان جامعا للشرائط أم لا، وجب عليه الفحص، فإن تبين

له أنه جامع للشرائط بقي على تقليده، و إن تبين أنه فاقد لها، أو لم يتبين له شي ء عدل إلى غيره، و أمّا أعماله السابقة فإن كان قد قلّده عن حجة شرعية فلا يجب عليه تداركها في العبادات و في العقود و الإيقاعات على الأظهر سواء عرف كيفيتها لا، و إن لم يكن تقليده له عن حجة شرعية فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائع و إن لم يعرف كيفيتها وجب تداركها، نعم إذا كان الشك في خارج الوقت لم يجب القضاء.

(مسألة 12): إذا بقي على تقليد الميت- غفلة أو مسامحة- من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد، و عليه الرجوع إلى الحي في ذلك.

(مسألة 13): إذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط من غير حجة شرعية، و التفت إليه- بعد مدة- كان كمن عمل من غير تقليد.

(مسألة 14): لا يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أوّلا كما لا يجوز العدول من الحي إلى الحي، إلا إذا صار الثاني أعلم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 8

(مسألة 15): إذا تردد المجتهد في الفتوى، أو عدل من الفتوى إلى التردد، تخير المقلد بين الرجوع إلى غيره و الاحتياط إن أمكن.

(مسألة 16): إذا قلد مجتهدا يجوّز البقاء على تقليد الميت، فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة، بل يجب الرجوع فيها إلى الأعلم أو محتمل الأعلمية بخصوصه من الأحياء، و إذا قلد مجتهدا فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي، أو بوجوبه، فعدل إليه، ثمّ مات فقلد من يقول بوجوب البقاء، وجب عليه البقاء على تقليد الأول في المسائل التي تعلّمها

حال حياته- أي المجتهد الأول- و إن لم يتذكرها الآن على ما مرّ في (المسألة 7).

(مسألة 17): إذا قلّد مجتهدا بتقليد صحيح، ثمّ مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم يجب عليه تدارك الأعمال السابقة في العبادات و المعاملات من العقود و الإيقاعات إذا كانت على خلاف فتوى الحي و لو كان الخلل فيها على رأيه موجبا لبطلان العمل، فإذا قلّد من يكتفي في التيمّم بضربة واحدة ثمّ مات ذلك المجتهد فقلّد من يقول بوجوب التعدد لا يجب عليه إعادة الصلاة التي صلاها هكذا و كذا لو أوقع عقدا أو إيقاعا بتقليد مجتهد يحكم بالصحّة ثمّ مات و قلّد من يقول بالبطلان يجوز له البناء على الصحة، نعم فيما سيأتي يجب عليه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني و أمّا إذا قلّد من يفتي بجواز الذبح بغير الحديد مثلا فذبح حيوانا كذلك فمات المجتهد و قلد من يقول بحرمته فإن باعه أو أكله حكم بصحّة البيع و إباحة الأكل، و أمّا إذا كان الحيوان المذبوح موجودا فلا يجوز بيعه و لا أكله و هكذا.

(مسألة 18): يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة و شرائطها، و يكفي أن يعلم- إجمالا- أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء و الشرائط و لا يلزم العلم- تفصيلا- بذلك، و إذا عرضت له في أثناء العبادة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 9

مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات، ثمّ يسأل عنها بعد الفراغ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل، و إن تبين البطلان أعاده.

(مسألة 19): يجب تعلم مسائل الشك و السهو، التي هي في معرض الابتلاء، لئلا يقع في مخالفة الواقع. و كذا غيرها من المسائل التي

تكون في معرض الابتلاء و لا يحرز تمكنه من التعلم أو الاحتياط حال العمل.

[ما تثبت به العدالة]

(مسألة 20): تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور:

الأول: العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره.

الثاني: شهادة عادلين بها، و لا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضا.

الثالث: حسن الظاهر، و المراد به حسن المعاشرة و السلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه إلا خيرا.

و يثبت اجتهاده- و أعلميته أيضا- بالعلم، و بالشياع المفيد للاطمئنان و بالبينة، و بخبر الثقة إذا لم يكن لهما معارض، و يعتبر في البينة و في خبر الثقة- هنا- أن يكون المخبر من أهل الخبرة، و في فرض التعارض يعتبر قول من هو أقوى خبرة.

(مسألة 21): من ليس أهلا للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها، كما أن من ليس أهلا للقضاء يحرم عليه القضاء و لا يجوز الترافع إليه و لا الشهادة عنده، و المال المأخوذ بحكمه حرام و إن كان الآخذ محقّا، إلا إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه، نعم حرمة المال المأخوذ بحكمه لا تخلو من إشكال إذا كان الحق شخصيا أو كان كليا و لكنه أخذه بإعطاء المحكوم عليه لا الحاكم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 10

(مسألة 22): الظاهر أن المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه، بل إذا عرف مقدارا معتدا به من الأحكام جاز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الأفضل، و ينفذ قضاؤه و لو مع وجود الأعلم.

(مسألة 23): إذا شك في موت المجتهد، أو في تبدل رأيه، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال.

(مسألة 24): الوكيل في

عمل يعمل بمقتضى تقليد موكله، لا تقليد نفسه، و كذلك الحكم في الوصي إلّا فيما كان الموصى به- لو لا الوصية- يخرج من الأصل فإنّ الأحوط على الوصي فيه رعاية تقليد الورثة أيضا كي يصح العمل ليجوز لهم التصرّف في التركة بعد العمل بالوصية.

(مسألة 25): المأذون، و الوكيل، عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد، و أمّا المنصوب من قبله وليّا أو قيما فإنّه لا ينعزل بموته على الأظهر.

(مسألة 26): حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر، إلّا إذا علم مخالفته للواقع، أو كان صادرا عن تقصير في مقدماته.

(مسألة 27): إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد، وجب عليه إعلام من سمع منه ذلك إلّا أن تكون الفتوى السابقة مطابقة للاحتياط، و لكنّه إذا تبدل رأي المجتهد، لم يجب عليه إعلام مقلّديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد.

(مسألة 28): إذا تعارض الناقلان في الفتوى، فمع اختلاف التاريخ و احتمال عدول المجتهد عن رأيه الأول يعمل بمتأخر التأريخ، و في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 11

غير ذلك عمل بالاحتياط- على الأحوط وجوبا- حتى يتبين الحكم.

[تعريف العدالة]

(مسألة 29): العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة على جادة الشريعة المقدسة، و عدم الانحراف عنها يمينا و شمالا، بأن لا يرتكب معصية بترك واجب، أو فعل حرام، من دون عذر شرعي، و لا فرق في المعاصي من هذه الجهة، بين الصغيرة و الكبيرة، و في عدد الكبائر خلاف.

[تعداد بعض الكبائر]

و قد عدّ من الكبائر الشرك باللّه تعالى، و اليأس من روح اللّه تعالى، و الأمن من مكر اللّه، و عقوق الوالدين- و هو الإساءة إليهما-، و قتل النفس المحترمة، و قذف المحصنة، و أكل مال اليتيم ظلما، و الفرار من الزحف، و أكل الربا، و الزنا، و اللواط، و السحر، و اليمين الغموس الفاجرة- و هي الحلف باللّه تعالى كذبا على وقوع أمر، أو على حق امرئ أو منع حقه خاصة- كما قد يظهر من بعض النصوص- و منع الزكاة المفروضة، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و شرب الخمر، و منها ترك الصلاة أو غيرها مما فرضه اللّه متعمدا، و نقض العهد، و قطيعة الرحم- بمعنى ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك- و التعرب بعد الهجرة إلى البلاد التي ينقص بها الدين، و السرقة، و إنكار ما أنزل اللّه تعالى، و الكذب على اللّه، أو على رسوله صلّى اللّه عليه و آله، أو على الأوصياء عليهم السلام، بل مطلق الكذب، و أكل الميتة، و الدم، و لحم الخنزير، و ما أهلّ به لغير اللّه، و القمار، و أكل السحت كثمن الميتة و الخمر، و المسكر، و أجر الزانية، و ثمن الكلب الذي لا يصطاد، و الرشوة على الحكم و لو بالحق، و أجر الكاهن، و ما أصيب

من أعمال الولاة الظلمة، و ثمن الجارية المغنية، و ثمن الشطرنج، فإن جميع ذلك من السحت.

و من الكبائر: البخس في المكيال و الميزان، و معونة الظالمين، و الركون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 12

إليهم، و الولاية لهم، و حبس الحقوق من غير عسر، و الكبر، و الإسراف و التبذير، و الاستخفاف بالحج، و المحاربة لأولياء اللّه تعالى، و الاشتغال بالملاهي كالغناء، و المحرز حرمته ما يكون لهويا في كيفيته و مضمونه، و أمّا إذا كان الصوت مشتملا على الترجيع على ما يتعارف عند أهل الفسوق و لم يكن مضمونه باطلا أو لهويا فالأحوط الاجتناب عنه، و ضرب الأوتار و نحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق، و الإصرار على الذنوب الصغائر.

و الغيبة، و هي: أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته، سواء أ كان بقصد الانتقاص، أم لم يكن، و سواء أ كان العيب في بدنه، أم في نسبه، أم في خلقه، أم في فعله، أم في قوله، أم في دينه، أم في دنياه، أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب، و الظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه و إعلامه، كما أن الظاهر أنه لا بد من تعيين المغتاب، فلو قال: واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة، و كذا لو قال:

أحد أولاد زيد جبان، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة و الانتقاص، لا من جهة الغيبة، و يجب عند وقوع الغيبة التوبة و الندم و الأحوط- استحبابا- الاستحلال من الشخص المغتاب- إذا لم تترتّب على ذلك مفسدة- أو الاستغفار له.

[موارد جواز الغيبة]

و قد تجوز الغيبة

في موارد، منها: المتجاهر بالفسق، و يقتصر في اغتيابه على العيب غير المتستر به على الأحوط و منها: الظالم لغيره، فيجوز للمظلوم غيبته مطلقا، و منها: نصح المؤمن، فتجوز الغيبة بقصد النصح، كما لو استشاره شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه، و لو استلزم إظهار عيبها بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة، إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة، و يدخل في ذلك قدح أصحاب الرجال في بعض الرواة، و منها: ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر، فيما إذا لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 13

يمكن الردع بغيرها، و منها: ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب، فتجوز غيبته، لئلا يترتب الضرر الديني، و منها: جرح الشهود، و منها: ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه، و منها: القدح في المقالات الباطلة، و إن أدى ذلك إلى نقص في قائلها، و قد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلة التدبر، و التأمل، و سوء الفهم و نحو ذلك، و كأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق عصمنا اللّه تعالى من الزلل، و وفقنا للعلم و العمل، إنّه حسبنا و نعم الوكيل.

و قد يظهر من الروايات عن النبي و الأئمة عليهم أفضل الصلاة و السلام: أنه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب، و يرد عنه، و أنه إذا لم يرد خذله اللّه تعالى في الدنيا و الآخرة، و كان عليه كوزر من اغتاب.

و من الكبائر: البهتان على المؤمن- و هو ذكره بما يعيبه و ليس هو فيه- و منها: سب المؤمن

و إهانته و إذلاله، و منها: النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم، و منها: القيادة و هي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرم، و منها: الغش للمسلمين، و منها: استحقار الذنب فإن أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه، و منها: الرياء و غير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه.

(مسألة 30): ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية، و تعود بالتوبة و الندم، و قد مرّ أنه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة و الكبيرة.

(مسألة 31): الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة- إن كان مسبوقا بالفتوى أو ملحوقا بها- فهو استحبابي يجوز تركه، و إلا تخيّر العامي بين العمل بالاحتياط و الرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم و كذلك موارد الإشكال و التأمّل، فإذا قلنا: يجوز على إشكال أو على تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي، و إن قلنا: يجب على إشكال، أو على تأمل فإنه فتوى بالوجوب، و إن قلنا المشهور: كذا، أو قيل كذا، و فيه تأمل، أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 14

فيه إشكال، فاللازم العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى مجتهد آخر. و إذا قلنا: «الأحوط لو لم يكن أقوى أو أظهر» فهو يحسب فتوى.

(مسألة 32): إن كثيرا من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلّة السنن، و لما لم تثبت عندنا فيتعين الإتيان بها برجاء المطلوبية، و كذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية، و ما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت و إليه أنيب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 15

كتاب الطهارة

اشارة

و فيه مباحث

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 17

المبحث الأول أقسام المياه و أحكامها

اشارة

و فيه فصول:

الفصل الأول: [تعريف المطلق و المضاف]

ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين:

الأول: ماء مطلق، و هو ما يصحّ إطلاق الماء عليه بلا عناية، كالماء الذي يكون في البحر، أو النهر، أو البئر، أو غير ذلك، فإنه يصح أن يقال له ماء، و إضافته إلى البحر مثلا للتعيين، لا لتصحيح الاطلاق.

الثاني: ماء مضاف، و هو ما لا يصح إطلاق الماء عليه بلا عناية، كماء الرمان، و ماء الورد، فإنه لا يقال له ماء إلّا مجازا و لذا يصح سلب الماء عنه.

الفصل الثاني
[الماء الذي له مادة]

الماء المطلق إما لا مادة له، أو له مادة.

و الأول: إما قليل لا يبلغ مقداره الكر، أو كثير يبلغ مقداره الكر و القليل ينفعل بملاقاة النجس، أو المتنجس على الأقوى، إلا إذا كان متدافعا بقوة، فالنجاسة تختص حينئذ بموضع الملاقاة، و لا تسري إلى غيره، سواء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 18

أ كان جاريا من الأعلى إلى الأسفل- كالماء المنصبّ من الميزاب إلى الموضع النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى أجزاء العمود المنصب فضلا عن المقدار الجاري على السطح- أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى- كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى العمود، و لا إلى ما في داخل الفوارة، و كذا إذا كان متدافعا من أحد الجانبين إلى الآخر.

و أمّا الكثير الذي يبلغ الكر، فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلا عن المتنجس، إلا إذا تغير بلون النجاسة، أو طعمها، أو ريحها تغيرا فعليا.

(مسألة 33): قيل: إذا كانت النجاسة لا وصف لها أو كان وصفها يوافق وصف الماء، لم ينجس الماء بوقوعها فيه، و إن كان بمقدار بحيث لو كان على خلاف وصف الماء لغيره و لكنه في الفرض الثاني مشكل بل ممنوع

و كذا في مرض الأول إذا لم يصدق عليه الماء مطلقا.

(مسألة 34): إذا تغيّر الماء بغير اللون، و الطعم، و الريح، بل بالثقل أو الثخانة، أو نحوهما لم ينجس أيضا.

(مسألة 35): إذا تغير لونه أو طعمه، أو ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضا.

(مسألة 36): إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس، إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس، كالماء المتغير بالدم يقع في الكر فيغيّر لونه، و يكون أصفر فإنه ينجس.

(مسألة 37): يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة، و لو لم يكن متحدا معه، فإذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس.

و الثاني: و هو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة، إلا إذا تغير على النهج السابق فيما لا مادة له، من دون فرق بين ماء الأنهار، و ماء البئر، و ماء العيون، و غيرها مما كان له مادّة، و لا بدّ في المادة الجعلية من أن تبلغ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 19

الكرّ، و لو بضميمة ما له المادة إليها، فإذا بلغ ما في الحياض في الحمام مع مادته كرا لم ينجس بالملاقاة على الأظهر، و أمّا إذا كانت المادة أصلية باطنية فلا يعتبر في اعتصام الماء إلّا كونه متصلا بالمادة النابعة أو الراشحة و أمّا الأصليّة الظاهرية كالماء الحاصل من ذوبان الثلوج فيعتبر في عدم الانفعال كون الماء بنفسه كرّا.

(مسألة 38): يعتبر في عدم تنجس الجاري اتصاله بالمادة، فلو كانت المادة من فوق تترشح و تتقاطر، فإن كان دون الكر ينجس، نعم إذا لاقى محل الرشح للنجاسة لا ينجس.

(مسألة 39): الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس و المتنجس، فالحوض المتصل بالنهر بساقية لا ينجس بالملاقاة، و

كذا أطراف النهر، و إن كان ماؤها راكدا.

(مسألة 40): إذا تغيّر بعض الجاري دون بعضه الآخر فالطرف المتصل بالمادة لا ينجس بالملاقاة، و إن كان قليلا، و الطرف الآخر حكمه حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض، و إلّا فالمتنجس هو المقدار المتغيّر فقط لاتصال ما عداه بالمادة.

(مسألة 41): إذا شك في أن للجاري مادة أم لا- و كان قليلا- ينجس بالملاقاة.

[حكم ماء المطر]

(مسألة 42): ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة في حال نزوله. أما لو وقع على شي ء كورق الشجر، أو ظهر الخيمة أو نحوهما، ثمّ وقع على النجس تنجس.

(مسألة 43): إذا اجتمع ماء المطر في مكان- و كان قليلا- فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير، و إن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 20

(مسألة 44): الماء النجس إذا وقع عليه ماء المطر- بمقدار معتد به لا مثل القطرة، أو القطرات- طهر، و كذا ظرفه، كالإناء و الكوز و نحوهما.

(مسألة 45): يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفا أنّ النازل من السماء ماء مطر، و إن كان الواقع على المتنجس قطرات منه فيطهر موضع وقوع القطرات عليه و أمّا إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة، فلا يجري عليه الحكم.

(مسألة 46): الثوب أو الفراش النجس إذا تقاطر عليه المطر و نفذ في جميعه طهر الجميع، و لا يحتاج إلى العصر أو التعدد، و إذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره، هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة، و إلّا فلا يطهر إلا إذا تقاطر عليه بعد زوال عينها.

(مسألة 47): الأرض النجسة تطهر بوصول المطر إليها،

بشرط أن يكون من السماء و لو بإعانة الريح، و أمّا لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر- كما إذا ترشّح بعد الوقوع على مكان، فوصل مكانا نجسا- لا يطهر، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقّف طهر.

(مسألة 48): إذا تقاطر على عين النجس، فترشح منها على شي ء آخر لم ينجس، ما دام متصلا بماء السماء بتوالي تقاطره عليه. هذا إذا لم يكن في المترشح منه عين النجاسة و لم يكن متغيّرا.

[مقدار الكر]

(مسألة 49): مقدار الكر و زنا بحقة الاسلامبول التي هي مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا (مائتان و اثنتان و تسعون حقة و نصف حقة) و بحسب وزنة النجف التي هي ثمانون حقة اسلامبول (ثلاث و زنات و نصف و ثلاث حقق و ثلاث أوقية) و بالكيلو (ثلاثمائة و سبعة و سبعون كيلوا) تقريبا. هذا على ما قالوا و لكن الأحوط وجوبا مراعاة مقدار المساحة و هو ما بلغ مكسّره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 21

سبعة و عشرين شبرا على الأظهر.

(مسألة 50): لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه و اختلافها و لا بين وقوف الماء و ركوده و جريانه، نعم إذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية المجموع، و لا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه، نعم تكفي كرية المتدافع منه بل و كرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه و عدم تنجسه بملاقاة النجس.

(مسألة 51): لا فرق بين ماء الحمام و غيره في الأحكام، فما في الحياض الصغيرة- إذا كان متصلا بالمادة، و كانت وحدها، أو بضميمة ما في الحياض إليها كرا- اعتصم على ما مرّ، و أمّا إذا لم يكن متصلا بالمادة، أو لم تكن

المادة- و لو بضميمة ما في الحياض إليها كرا- لم يعتصم.

(مسألة 52): الماء الموجود في الانابيب المتعارفة في زماننا بمنزلة المادة، فإذا كان الماء الموضوع في إجانة و نحوها من الظروف نجسا و جرى عليه ماء الانبوب طهر، بل يكون ذلك الماء أيضا معتصما، ما دام ماء الانبوب جاريا عليه، و يجري عليه حكم ماء الكر في التطهير به، و هكذا الحال في كلّ ماء نجس، فإنّه إذا اتصل بالمادة طهر، إذا كانت المادة كرا.

الفصل الثالث
حكم الماء القليل:

الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر و مطهر من الحدث و الخبث، و المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر و مطهر من الخبث و الأحوط- استحبابا- عدم استعماله في رفع الحدث، إذا تمكن من ماء آخر و إلا جمع بين الغسل أو الوضوء به و التيمم، و المستعمل في رفع الخبث نجس، عدا ما يتعقب استعماله طهارة المحل فإنه طاهر و لكن لا يجوز

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 22

استعماله في الوضوء و الغسل و لو كان غير رافعين للحدث، وعدا ماء الاستنجاء و سيأتي حكمه.

الفصل الرابع
[إذا علم بنجاسة أحد الإناءين]

إذا علم- إجمالا- بنجاسة أحد الإناءين و طهارة الآخر لم يجز رفع الخبث بأحدهما و لا رفع الحدث، و لكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة، و إذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما، ثمّ الغسل بالآخر، و كذلك رفع الحدث، و إذا اشتبه المباح بالمغصوب، حرم التصرف بكل منهما و لكن لو غسل نجس بأحدهما طهر، و لا يرفع بأحدهما الحدث، و إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقا، و ضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حدا يوجب خروج بعضها عن مورد التكليف، و لو شك في كون الشبهة محصورة، أو غير محصورة فالأحوط- استحبابا- إجراء حكم المحصورة.

الفصل الخامس
الماء المضاف:

الماء المضاف كماء الورد و نحوه، و كذا سائر المائعات ينجس القليل و الكثير منها بمجرد الملاقاة للنجاسة، إلا إذا كان متدافعا على النجاسة بقوة كالجاري من العالي، و الخارج من الفوارة، فتختص النجاسة- حينئذ- بالجزء الملاقي للنجاسة، و لا تسري إلى العمود، و إذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا، و إن اتصل بالماء المعتصم، كماء المطر أو الكر، نعم إذا استهلك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 23

في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه، و مثل المضاف في الحكم المذكور سائر المائعات.

(مسألة 53): الماء المضاف لا يرفع الخبث و لا الحدث.

(مسألة 54): الاسآر- كلّها- طاهرة إلا سؤر الكلب، و الخنزير و الكافر غير الكتابي، بل الكتابي أيضا على الأحوط استحبابا، نعم يكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة، و أمّا المؤمن فإنّ سؤره شفاء بل في بعض الروايات أنّه شفاء من سبعين داء.

المبحث الثاني أحكام الخلوة و فيه فصول

الفصل الأول
أحكام التخلي:

يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة- و هي القبل و الدبر و البيضتان- عن كل ناظر مميز عدا الزوج و الزوجة، و شبههما كالمالك و مملوكته، و الأمة المحللة بالنسبة إلى المحلل له، فإنه يجوز لكل من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر، نعم إذا كانت الأمة مشتركة أو مزوجة أو محللة، أو معتدّة لم يجز لمولاها النظر إلى عورتها و في حكم العورة ما بين السرة و الركبة على الأحوط و كذا لا يجوز لها النظر إلى عورته، و يحرم على المتخلي استقبال القبلة و استدبارها حال التخلي، و يجوز حال الاستبراء و الاستنجاء، و إن كان الأحوط استحبابا الترك، و لو اضطر إلى أحدهما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 24

فالأقوى التخيير، و الأولى اجتناب

الاستقبال.

(مسألة 55): لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي، إلا بعد اليأس عن معرفتها، و عدم إمكان الانتظار، أو كان الانتظار حرجيا أو ضرريا.

(مسألة 56): لا يجوز النظر إلى عورة غيره من وراء الزجاجة و نحوها، و لا في المرآة، و لا في الماء الصافي.

(مسألة 57): لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه و لو بالفحوى.

(مسألة 58): لا يجوز التخلي في المدارس و نحوها ما لم يعلم بعموم الوقف، و لو أخبر المتولي، أو بعض أهل المدرسة به أو جرت العادة و سيرة المتدينين بذلك بحيث يطمئن بعموم الوقف كفى، و كذا الحال في سائر التصرفات فيها.

الفصل الثاني
كيفية غسل موضع البول:

يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين على الأحوط وجوبا، و في الغسل بغير القليل يجزئ مرة واحدة على الأظهر، و لا يجزئ غير الماء. و أما موضع الغائط فإن تعدى المخرج تعيّن غسله بالماء كغيره من المتنجسات، و إن لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى و مسحه بالأحجار، أو الخرق، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة، و الماء أفضل، و الجمع أكمل.

(مسألة 59): الأحوط- وجوبا- اعتبار المسح بثلاثة أحجار، و أما غير الأحجار فلا يبعد عدم اعتبار العدد إذا حصل النقاء بالأقل، كما في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 25

إزالة العين بالخرقة.

(مسألة 60): يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة.

(مسألة 61): يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة، و أما العظم و الروث، فلا يحرم الاستنجاء بهما، و لكن لا يطهر المحل به على الأحوط.

(مسألة 62): يجب في الغسل بالماء إزالة العين و الأثر، و لا تجب إزالة اللون و الرائحة، و يجزئ في المسح إزالة العين، و لا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول

بالمسح بالأحجار عادة.

(مسألة 63): إذا خرج قبل الغائط أو بعده، نجاسة أخرى مثل الدم، و لاقت المحل لا يجزئ في تطهيره إلا الماء، و كذا إذا كان الخروج مع الغائط على الأحوط.

الفصل الثالث
مستحبات التخلي:

يستحب للمتخلي- على ما ذكره العلماء رضوان اللّه تعالى عليهم- أن يكون بحيث لا يراه الناظر و لو بالابتعاد عنه كما يستحب له تغطية الرأس و التقنع و هو يجزئ عنها، و التسمية عند التكشف، و الدعاء بالمأثور و تقديم الرجل اليسرى عند الدخول، و اليمنى عند الخروج، و الاستبراء، و أن يتكئ- حال الجلوس- على رجله اليسرى، و يفرج اليمنى، و يكره الجلوس في الشوارع، و المشارع، و مساقط الثمار، و مواضع اللعن: كأبواب الدور و نحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس و المواضع المعدّة لنزول القوافل، و استقبال قرص الشمس، أو القمر بفرجه، و استقبال الريح بالبول، و البول في الأرض الصلبة، و في ثقوب الحيوان، و في الماء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 26

خصوصا الراكد، و الأكل و الشرب حال الجلوس للتخلي و الكلام بغير ذكر اللّه، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان اللّه تعالى عليهم.

(مسألة 64): ماء الاستنجاء طاهر على الأقوى، و إن كان من البول فلا يجب الاجتناب عنه و لا عن ملاقيه، إذا لم يتغير بالنجاسة، و لم تتجاوز نجاسة الموضع عن المحل المعتاد، و لم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة على الأحوط، و لم تصحبه نجاسة من الخارج أو من الداخل، فإذا اجتمعت هذه الشروط كان طاهرا، و لكن لا يجوز الوضوء به على الأظهر.

الفصل الرابع
كيفية الاستبراء:

الأحوط في كيفية الاستبراء من البول، أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، ثمّ منه إلى رأس الحشفة ثلاثا، ثمّ ينترها ثلاثا و فائدته طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول، و لا يجب الوضوء منه، و لو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء و إن

كان تركه لعدم التمكن منه، أو كان المشتبه مرددا بين البول و المني بنى على كونه بولا، فيجب التطهير منه و الوضوء، و يلحق بالاستبراء- في الفائدة المذكورة- طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء شي ء في المجرى، و لا استبراء للنساء، و البلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء، نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلا و تتنحنح و تعصر فرجها عرضا ثمّ تغسله.

(مسألة 65): فائدة الاستبراء تترتب عليه و لو كان بفعل غيره.

(مسألة 66): إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه و إن كان من عادته فعله، و إذا شك من لم يستبرى ء في خروج رطوبة بنى على عدمها، و إن كان ظانا بالخروج.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 27

(مسألة 67): إذا علم أنّه استبرأ أو استنجى و شك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة.

(مسألة 68): لو علم بخروج رطوبة و شكّ في أنها بتمامها مذي أو مركبة منه و من البول فمع الاستبراء من البول يحكم بالطهارة و إن كان لم يستبرئ يحكم عليها بالنجاسة و الناقضية على الأحوط.

المبحث الثالث الوضوء و فيه فصول

الفصل الأول
كيفية الوضوء و أحكامه:

في أجزائه و هي: غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و الرجلين فهنا أمور:

الأول: يجب غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولا، و ما اشتملت عليه الاصبع الوسطى و الابهام عرضا، و الخارج عن ذلك ليس من الوجه، و إن وجب إدخال شي ء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك، و يجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفا و لا يجوز النكس، نعم لو ردّ الماء منكوسا، و نوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صحّ وضوؤه.

(مسألة 69): غير مستوي الخلقة- لطول

الأصابع أو لقصرها-

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 28

يرجع إلى متناسب الخلقة المتعارف، و كذا لو كان أغم قد نبت الشعر على جبهته، أو كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدّم رأسه فإنّه يرجع إلى المتعارف، و أمّا غير مستوي الخلقة- بكبر الوجه أو لصغره- فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى و الإبهام المتناسبتان مع ذلك الوجه.

(مسألة 70): الشعر النابت فيما دخل في حدّ الوجه يجب غسل ظاهره، و لا يجب البحث عن الشعر المستور فضلا عن البشرة المستورة، نعم ما لا يحتاج غسله إلى بحث و طلب يجب غسله، و كذا الشعر الرقيق النابت في البشرة يغسل مع البشرة، و مثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط وجوبا.

(مسألة 71): لا يجب غسل باطن العين، و الفم، و الأنف، و مطبق الشفتين، و العينين.

(مسألة 72): الشعر النابت في الخارج عن الحد إذا تدلّى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، و كذا المقدار الخارج عن الحد، و إن كان نابتا في داخل الحد كمسترسل اللحية.

(مسألة 73): إذا بقي مما في الحد شي ء لم يغسل و لو بمقدار رأس إبرة لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق و أطراف عينيه أن لا يكون عليها شي ء من القيح، أو الكحل المانع، و كذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شي ء من الوسخ، و أن لا يكون على حاجب المرأة و سمة و خطاط له جرم مانع.

(مسألة 74): إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين بزواله، و لو شك في أصل وجوده يجب الفحص عنه- على الأحوط وجوبا- إلا مع الاطمئنان بعدمه، حتى فيما كانت الحالة السابقة

هو العدم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 29

(مسألة 75): الثقبة في الأنف موضع الحلقة، أو الخزامة لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها، سواء أ كانت فيها الحلقة أم لا.

الثاني: يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، و يجب الابتداء بالمرفقين، ثمّ الأسفل منها فالأسفل- عرفا- إلى أطراف الأصابع و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي، و لو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها، و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما، و كذا اللحم الزائد، و الإصبع الزائدة، و لو كان له يد زائدة فوق المرفق فالأحوط- استحبابا- غسلها أيضا، و لو اشتبهت الزائدة بالاصلية غسلهما جميعا و مسح بهما على الأحوط وجوبا.

(مسألة 76): المرفق مجمع عظمي الذراع و العضد، و يجب غسله مع اليد.

(مسألة 77): يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة، حتى الغليظ منه على الأحوط وجوبا.

(مسألة 78): إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر، فيجب غسله- حينئذ- و لو بإخراجها.

(مسألة 79): الوسخ الذي يكون على الأعضاء- إذا كان معدودا جزءا من البشرة- لا تجب إزالته، و إن كان معدودا- أجنبيا عن البشرة- تجب إزالته.

(مسألة 80): ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين و الاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه، باطل.

(مسألة 81): يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلى الوجه و من طرف المرفق، مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى، و لكن لا يجوز أن ينوي الغسل لليسرى بإدخالها في الماء من المرفق، لأنه يلزم تعذر المسح بماء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 30

الوضوء، و كذا الحال في اليمنى إذا لم يغسل

بها اليسرى، و أما قصد الغسل بإخراج العضو من الماء- تدريجا- فهو غير جائز مطلقا على الأحوط.

(مسألة 82): الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائدا على المتعارف لا تجب إزالته، إلا إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر، و إذا قصّ أظافره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد إزالة الوسخ.

(مسألة 83): إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع و يجب غسل ذلك اللحم أيضا ما دام لم ينفصل، و إن كان اتصاله بجلدة رقيقة، و لا يجب قطعه ليغسل ما كان تحت الجلدة، و إن كان هو الأحوط وجوبا، لو عدّ ذلك اللحم شيئا خارجيا، و لم يحسب جزءا من اليد.

(مسألة 84): الشقوق التي تحدث على ظهر الكف- من جهة البرد- إن كانت وسيعة يرى جوفها، وجب إيصال الماء إليها على الأحوط و إلا فلا، و مع الشك فالأحوط- استحبابا- الإيصال.

(مسألة 85): ما يتجمد على الجرح- عند البرء- و يصير كالجلد لا يجب رفعه، و إن حصل البرء، و يجزي غسل ظاهره و إن كان رفعه سهلا.

(مسألة 86): يجوز الوضوء بماء المطر، إذا قام تحت السماء حين نزوله، فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه، مع مراعاة الأعلى فالأعلى و كذلك بالنسبة إلى يديه، و كذلك إذا قام تحت الميزاب أو نحوه، و لو لم ينو من الأول، لكن بعد جريانه على جميع محال الوضوء مسح بيده على وجهه بقصد غسله، و كذا على يديه إذا حصل الجريان كفى أيضا.

(مسألة 87): إذا شكّ في شي ء أنّه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن فالأحوط- استحبابا- غسله. نعم إذا كان قبل ذلك من الظاهر وجب غسله.

الثالث: يجب مسح مقدم الرأس- و هو ما

يقارب ربعه مما يلي الجبهة-

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 31

و يكفي فيه المسمى طولا و عرضا، و الأحوط- استحبابا- أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع، و الطول قدر طول اصبع، و الأحوط- وجوبا- أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل و يكون بنداوة الكفّ اليمنى، بل الأحوط- وجوبا- أن يكون بباطنها.

(مسألة 88): يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم، بشرط أن لا يخرج بمده عن حدّه، فلو كان كذلك فجمع، و جعل على الناصية لم يجز المسح عليه.

(مسألة 89): لا تضرّ كثرة بلل الماسح، و إن حصل معه الغسل.

(مسألة 90): لو تعذّر المسح بباطن الكف مسح بغيره، و الأحوط- وجوبا- المسح بظاهر الكف، فإن تعذر فالأحوط- وجوبا- أن يكون بباطن الذراع.

(مسألة 91): يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلل ظاهر، بحيث يختلط ببلل الماسح بمجرد المماسة.

(مسألة 92): لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به على الأحوط وجوبا، نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها، إمّا احتياطا، أو للعادة الجارية.

(مسألة 93): لو جفّ ما على اليد من البلل لعذر، أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه و مسح به.

(مسألة 94): لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحرّ أو غيره فالأحوط- وجوبا- الجمع بين المسح بالماء الجديد و التيمم.

(مسألة 95): لا يجوز المسح على العمامة، و القناع، أو غيرهما من الحائل و إن كان شيئا رقيقا لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 32

الرابع: يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين و الأحوط- وجوبا- المسح إلى مفصل الساق، و يجزئ المسمى عرضا

و الأحوط- وجوبا- مسح اليمنى باليمنى أولا، ثمّ اليسرى باليسرى و حكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، و كذا حكم الزائد من الرجل و الرأس، و حكم البلة، و حكم جفاف الممسوح و الماسح كما سبق.

(مسألة 96): لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضا، إذا لم يكن خارجا عن المتعارف، و إلا وجب المسح على البشرة.

(مسألة 97): لا يجوز المسح على الحائل كالخف لغير ضرورة، بل في جوازه مع الضرورة إشكال، نعم يجوز المسح على الحائل و يجتزئ به في حال التقية.

(مسألة 98): لو دار الأمر بين المسح على الخف، و الغسل للرجلين للتقية، اختار الثاني فيما إذا أمكن المسح على الرجلين و لو بإخفاء المسح في الغسل و أمّا مع عدم التمكن منه فهو مخيّر بينهما.

(مسألة 99): يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى، فلو أمكنه ترك التقية و إراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية و لا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية و زمانها، كما لا يجب بذل مال لرفع التقية، و أما في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقا، نعم لا يعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار، إذا كان ضرريا.

(مسألة 100): إذا زال السبب المسوّغ لغسل الرجلين أو المسح على الخفّين بعد الوضوء لم تجب الإعادة في حال التقية، و وجبت في سائر الضرورات، كما تجب الإعادة إذا زال السبب المسوّغ أثناء الوضوء مطلقا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 33

(مسألة 101): لو توضّأ على خلاف التقية فالأظهر وجوب الإعادة. نعم لو توضأ كذلك في مثل التقية كحال المداراة فلا حاجة إلى الإعادة على الأظهر.

(مسألة 102):

يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع و يمسح إلى الكعبين بالتدريج، أو بالعكس فيضع يده على الكعبين و يمسح إلى أطراف الأصابع تدريجا، و لا يجوز أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل، و يجرها قليلا بمقدار صدق المسح على الأحوط.

الفصل الثاني
[وضوء الجبيرة]

من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة فإن تمكّن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء- مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل- وجب، و إن لم يتمكّن- لخوف الضرر- اجتزأ بالمسح عليها، و لا يجزئ غسل الجبيرة عن مسحها على الأقوى، و لا بد من استيعابها بالمسح، إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة، كالخلل التي تكون بين الخيوط و نحوها.

(مسألة 103): الجروح و القروح المعصبة، حكمها حكم الجبيرة المتقدم، و إن لم تكن معصبة، غسل ما حولها، و الأحوط- استحبابا- المسح عليها إن أمكن، و لا يجب وضع خرقة عليها و مسحها، و إن كان أحوط استحبابا.

(مسألة 104): اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة، و أما الحاجب اللاصق- اتفاقا- كالقير و نحوه فإن أمكن رفعه وجب، و إلا وجب التيمم، إن لم يكن الحاجب في مواضعه، و إلا فالأظهر كفاية الوضوء و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين التيمّم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 34

(مسألة 105): يختصّ الحكم المتقدّم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح، أو القرح، أو الكسر، و أمّا في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو، لألم، أو ورم، و نحو ذلك، فلا يجزئ المسح على الجبيرة، بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر و نحوه و لا يختص الحكم بالجبيرة غير المستوعبة

للعضو على الأظهر كما لا فرق بين أن تكون الجبيرة المستوعبة في موضع الغسل أو المسح.

و كذلك الحال مع استيعاب الجبيرة تمام الأعضاء، و أما الجبيرة النجسة التي لا تصلح أن يمسح عليها فإن كانت بمقدار الجرح، أجزأه غسل أطرافه، و يضع خرقة طاهرة على الجبيرة و يمسح عليها على الأحوط، و إن كانت أزيد من مقدار الجرح و لم يمكن رفعها و غسل ما حول الجرح، تعيّن التيمم على الأظهر إذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، و إلا فالأحوط الجمع بين الوضوء و التيمم. و إن كان الأظهر جواز الاكتفاء بالوضوء مع الجبيرة.

(مسألة 106): يجري حكم الجبيرة في الأغسال- غير غسل الميت- كما كان يجري في الوضوء، فمع الضرر في مسح الموضع المجبّر أو غسل غيره يتعيّن التيمّم و إلا يعمل بوظيفة الجبيرة.

(مسألة 107): لو كانت الجبيرة على العضو الماسح مسح ببلتها.

(مسألة 108): الأرمد إن كان يضره استعمال الماء تيمم، و إن أمكن غسل ما حول العين فالأحوط- استحبابا- له الجمع بين الوضوء و التيمم.

(مسألة 109): إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها و لا تجب عليه إعادته لغير ذات الوقت- إذا كانت موسعة- كالصلوات الآتية، أما لو برئ في السعة فالأحوط وجوبا- إن لم يكن أقوى- الإعادة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 35

في جميع الصور المتقدمة.

(مسألة 110): إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.

(مسألة 111): إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها، و إن كان أزيد من المقدار المتعارف، فإن أمكن رفعها، رفعها

و غسل المقدار الصحيح، ثمّ وضعها و مسح عليها و إن لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضعه، و إلا فالأظهر جواز الاكتفاء بالوضوء.

(مسألة 112): في الجرح المكشوف إذا أراد وضع طاهر عليه و مسحه يجب- أولا- أن يغسل ما يمكن من أطرافه، ثمّ وضعه.

(مسألة 113): إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة، و الأحوط- وجوبا- ضم التيمم إذا كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف.

(مسألة 114): إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه، فالمتعين التيمم.

(مسألة 115): لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره على وجه العصيان أم لا.

(مسألة 116): إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا، لا يضره نجاسة باطنها.

(مسألة 117): محل الفصد داخل في الجروح، فلو كان غسله مضرا يكفي المسح على الوصلة التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف و إلا حلها، و غسل المقدار الزائد ثمّ شدها، و أما إذا لم يمكن غسل المحل لا من جهة الضرر، بل لأمر آخر، كعدم انقطاع الدم- مثلا- فلا بد من التيمم، و لا يجري عليه حكم الجبيرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 36

(مسألة 118): إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوبا و كان قابلا للانتفاع لمالكه بعد ردّه إليه فلا يجوز المسح عليه بل يجب رفعه و تبديله و كذلك إذا كان غير قابل للانتفاع على الأحوط، و إن كان ظاهره مباحا و باطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرّفا فيه فلا يضرّ و إلا بطل على ما تقدّم.

(مسألة 119): لا يشترط في الجبيرة أن تكون

مما تصح الصلاة فيه فلو كان حريرا، أو ذهبا، أو جزء حيوان غير مأكول، لم يضر بوضوئه فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها، أو غصبيتها.

(مسألة 120): ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة، و إن احتمل البرء، و إذا ظن البرء و زوال الخوف وجب رفعها.

(مسألة 121): إذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل، لكن كان موجبا لفوات الوقت، فالأظهر العدول إلى التيمم.

(مسألة 122): الدواء الموضوع على الجرح و نحوه إذا اختلط مع الدم، و صار كالشي ء الواحد، و لم يمكن رفعه بعد البرء، بأن كان مستلزما لجرح المحل، و خروج الدم فلا يجري عليه حكم الجبيرة بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم.

(مسألة 123): إذا كان العضو صحيحا، لكن كان نجسا، و لم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح، بل يتعين التيمم.

(مسألة 124): لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحو المتعارف، كما أنه لا يجوز وضع شي ء آخر عليها مع عدم الحاجة إلا أن يحسب جزء منها بعد الوضع.

(مسألة 125): الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث، و كذلك الغسل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 37

(مسألة 126): يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر، فإذا انكشف ارتفاعه في الوقت أعاد الوضوء و الصلاة.

(مسألة 127): إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة- لاعتقاده الكسر مثلا- فعمل بالجبيرة ثمّ تبين عدم الكسر في الواقع، لم يصح الوضوء و لا الغسل، و أما إذا تحقق الكسر فجبره، و اعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة، ثمّ تبين عدم الضرر، فالظاهر صحة وضوئه و غسله، و إذا اعتقد عدم الضرر فغسل، ثمّ تبين أنه كان مضرا، و كان وظيفته الجبيرة صح وضوؤه و غسله،

حتى فيما كان تحمّل الضرر مع الالتفات محرّما و كذلك يصحان لو اعتقد الضرر، و لكن ترك الجبيرة و توضأ، أو اغتسل ثمّ تبين عدم الضرر، و أن وظيفته غسل البشرة، و لكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على إمكان قصد القربة.

(مسألة 128): في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم، الأحوط وجوبا الجمع بينهما.

الفصل الثالث
في شرائط الوضوء:

منها: طهارة الماء، و إطلاقه، و إباحته، و كذا عدم استعماله في التطهير من الخبث إذا كان منفصلا عن استعماله في الوضوء بنحو محقّق للتطهير على الأظهر، بل و لا في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحبابا، على ما تقدّم.

و منها: طهارة أعضاء الوضوء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 38

و منها: إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء على الأحوط وجوبا، و الأظهر عدم اعتبار. إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به بل مع الانحصار- أيضا- و إن كانت الوظيفة مع الانحصار التيمم لكنه لو خالف و توضأ بماء مباح من إناء مغصوب أثم، و صح وضوؤه من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة، أو تدريجا و الصب منه، نعم لا يصح الوضوء في الإناء المغصوب إذا كان بنحو الارتماس فيه، كما أن الأظهر أن حكم المصب إذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول إليه حكم الإناء مع الانحصار و عدمه.

(مسألة 129): يكفي طهارة كل عضو حين غسله، و لا يلزم أن تكون جميع الأعضاء- قبل الشروع- طاهرة، فلو كانت نجسة و غسل كل عضو بعد تطهيره، أو طهره بغسل الوضوء كفى، و لا يضر تنجس عضو بعد غسله، و إن لم يتم الوضوء.

(مسألة 130): إذا توضأ من إناء الذهب، أو الفضة، بالاغتراف منه دفعة،

أو تدريجا، أو بالصب منه، فصحة الوضوء لا تخلو من وجه من دون فرق بين صورة الانحصار و عدمه، و لو توضأ بالارتماس ففي الصحّة إشكال.

و منها: عدم المانع من استعمال الماء لمرض، أو عطش يخاف منه على نفسه، أو على نفس محترمة. نعم الظاهر صحة الوضوء مع المخالفة في فرض العطش، و لا سيما إذا أراق الماء على أعلى جبهته، و نوى الوضوء- بعد ذلك- بتحريك الماء من أعلى الوجه إلى أسفله.

(مسألة 131): إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء، فإن قصد أمر الصلاة الأدائي، و كان عالما بالضيق بطل، و إن كان جاهلا به صح، و إن قصد أمر غاية أخرى، و لو كانت هي الكون على الطهارة صح حتى مع العلم بالضيق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 39

(مسألة 132): لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف، أو النجس، أو مع الحائل، بين صورة العلم، و العمد، و الجهل، و النسيان و كذلك الحال إذا كان الماء مغصوبا، فإنه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل، نعم يصح الوضوء به مع النسيان أو الغفلة، إذا لم يكن الناسي هو الغاصب.

(مسألة 133): إذا نسي غير الغاصب و توضأ بالماء المغصوب و التفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء، صح ما مضى من أجزائه، و يجب تحصيل الماء المباح للباقي، و لكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات، و قبل المسح، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوة، و إن كان الأحوط- استحبابا- إعادة الوضوء.

(مسألة 134): مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف و يجري عليه حكم الغصب، فلا بد من العلم برضا المالك، و لو بالفحوى أو شاهد الحال.

(مسألة

135): يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة، سواء أ كانت قنوات، أو منشقّة من شط، و إن لم يعلم رضا المالكين، و كذلك الأراضي الوسيعة جدا، أو غير المحجبة، فيجوز الوضوء و الجلوس، و النوم، و نحوها فيها، ما لم ينه المالك، و لو يعلم بأن المالك صغير، أو مجنون على الأحوط استحبابا.

(مسألة 136): الحياض الواقعة في المساجد و المدارس- إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها، أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها- لا يجوز لغيرهم الوضوء منها، إلا مع جريان العادة بوضوء كل من يريد، مع عدم منع أحد، فإنه يجوز الوضوء لغيرهم منها إذا كشفت العادة عن عموم الإذن.

(مسألة 137): إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 40

المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر، و لو توضأ بقصد الصلاة فيه، ثمّ بدا له أن يصلي في مكان آخر. أو لم يتمكن من ذلك، فالظاهر صحة وضوئه، فإن المتفاهم عرفا من الوقف كذلك اعتبار قصد الصلاة فيه، و كذلك يصح لو توضأ غفلة، أو باعتقاد عدم الاشتراط، و لا يجب عليه أن يصلي فيه، و إن كان أحوط.

(مسألة 138): إذا دخل المكان الغصبي- غفلة و في حال الخروج- توضأ بحيث لا ينافي فوريته، فالظاهر صحة وضوئه، و أما إذا دخل عصيانا و خرج، و توضأ في حال الخروج، فالحكم فيه هو الحكم فيما إذا توضأ حال الدخول.

و منها: النية، و هي أن يقصد العمل متقربا به إلى اللّه تعالى و يحصل التقرب بإتيان الفعل بقصد امتثال أمره أو محبوبيته أو نحو ذلك و لا

فرق بين أن يكون الداعي إلى الامتثال هو الحب له سبحانه، أو رجاء الثواب، أو الخوف من العقاب، و يعتبر فيها الاخلاص فلو ضمّ إليها الرياء بطل، و لو ضمّ إليها غيره من الضمائم الراجحة، كالتنظيف من الوسخ، أو المباحة كالتبريد، فإن كانت الضميمة تابعة، أو كان كل من الأمر و الضميمة صالحا للاستقلال في البعث إلى الفعل، لم تقدح، و في غير ذلك تقدح، و الأظهر عدم قدح العجب حتى المقارن، و إن كان موجبا لحبط الثواب.

(مسألة 139): لا تعتبر نية الوجوب، و لا الندب، و لا غيرهما من الصفات و الغايات، و لو نوى الوجوب في موضع الندب، أو العكس- جهلا أو نسيانا- صح، و كذا الحال إذا نوى التجديد و هو محدث أو نوى الرفع و هو متطهر.

(مسألة 140): لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 41

(مسألة 141): لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد، و لو اجتمعت أسباب للغسل، أجزأ غسل واحد بقصد الجميع و كذا لو قصد الجنابة فقط، بل الأقوى ذلك أيضا إذا قصد منها واحدا غير الجنابة، و لو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع و لا واحد بعينه فالأظهر الصحة لأنّ التقرب بقصد امتثال الأمر يوجب نية الجميع.

و منها: مباشرة المتوضئ للغسل و المسح، فلو وضأه غيره- على نحو لا يسند إليه الفعل- بطل إلا مع الاضطرار، فيوضئه غيره، و لكن هو الذي يتولى النية، و الأحوط أن ينوي الموضئ أيضا.

و منها: الموالاة، و هي التتابع في الغسل و المسح بنحو لا يلزم جفاف تمام السابق قبل الشروع في اللاحق في الحال المتعارفة، فلا يقدح

الجفاف لأجل حرارة الهواء أو البدن الخارجة عن المتعارف.

(مسألة 142): الأحوط- وجوبا- عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه.

و منها: الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليسرى، ثمّ مسح الرأس، و الأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى و كذا يجب الترتيب في اجزاء كل عضو على ما تقدم، و لو عكس الترتيب- سهوا- أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة، و إلا استأنف، و كذا لو عكس- عمدا- إلا أن يكون قد أتى بالجميع عن غير الأمر الشرعي فيستأنف.

الفصل الرابع
في أحكام الخلل:

(مسألة 143): من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهّر، و كذا لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 42

ظن الطهارة ظنا غير معتبر شرعا، و لو تيقن الطهارة، و شك في الحدث بنى على الطهارة، و إن ظن الحدث ظنا غير معتبر شرعا.

(مسألة 144): إذا تيقن الحدث و الطهارة، و شك في المتقدم و المتأخر، تطهّر سواء علم تاريخ الطهارة، أو علم تاريخ الحدث، أو جهل تاريخهما جميعا.

(مسألة 145): إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل، و تطهر لما يأتي، إلا إذا كان الشك في الطهارة قبل العمل ثمّ غفل و دخل في الصلاة فالأظهر لزوم الإعادة بعد الوضوء فإنّ العمل مسبوق بالشك في الصحة.

(مسألة 146): إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة- مثلا- قطعها و تطهر، و استأنف الصلاة.

(مسألة 147): لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به و بما بعده، مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما، من الشرائط، و كذا لو شكّ في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، بل فيما يعتبر

في أفعاله أيضا على الأحوط، أما لو شك بعد الفراغ لم يلتفت، و إذا شك في الجزء الأخير، فإن كان ذلك قبل الدخول في الصلاة و نحوها مما يتوقف على الطهارة، و قبل فوت الموالاة لزمه الإتيان به، و إلا فلا.

(مسألة 148): ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك، فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله، و لكنه يختص بغير الوسواسي، و أما الوسواسي (و هو من لا يكون لشكه منشأ عقلائي بحيث لا يلتفت العقلاء إلى مثله) فلا يعتني بشكه مطلقا. و إلحاق كثير الشك في الوضوء بالوسواسي له وجه.

(مسألة 149): إذا كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 43

الحدث إذا نسي شكه و صلى، فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر فتجب عليه الإعادة إن تذكّر في الوقت، و القضاء إن تذكر بعده.

(مسألة 150): إذا كان متوضئا، و توضأ للتجديد، و صلى، ثمّ تيقن بطلان أحد الوضوءين، و لم يعلم أيهما، فلا إشكال في صحة صلاته و لا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضا.

(مسألة 151): إذا توضأ وضوءين، و صلى بعدهما، ثمّ علم بحدوث حدث بعد أحدهما، يجب الوضوء للصلاة الآتية، لأن الوضوء الأول معلوم الانتقاض، و الثاني غير محكوم ببقائه، للشك في تأخره و تقدمه على الحدث و أما الصلاة فيبني على صحتها لقاعدة الفراغ، و إذا كان في محل الفرض قد صلى بعد كل وضوء صلاة، أعاد الوضوء لما تقدم، و أعاد الصلاة الثانية، و أما الصلاة الأولى فيجب إعادتها أيضا إذا احتمل طهارته فعلا بالوضوء الثاني بأن حصل علمه

الإجمالي قبل أن يصدر عنه حدث غير المعلوم بالإجمال، و ذلك لعلمه الإجمالي إمّا بوجوب إعادتها أو حرمة مس كتابة القرآن فعلا.

(مسألة 152): إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءا منه و لا يدري أنه الجزء الواجب، أو المستحب، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

(مسألة 153): إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل أو مسح في موضع الغسل، أو غسل في موضع المسح، و لكن شك في أنه هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة، أو ضرورة، أو تقية أو لا بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر وجوب الإعادة.

(مسألة 154): إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله و لكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أو لا، بل عدل عنه- اختيارا أو اضطرارا- فالظاهر عدم صحّة وضوئه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 44

(مسألة 155): إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب، أو شك في حاجبيته كالخاتم، أو علم بوجوده و لكن شك بعده في أنه أزاله، أو أنه أوصل الماء تحته، بنى على الصحة مع احتمال الالتفات حال الوضوء و كذا إذا علم بوجود الحاجب، و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

(مسألة 156): إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك- بعده في أنه طهّرها أم لا، بنى على بقاء النجاسة، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال، و أما لوضوء فمحكوم بالصحة، و كذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثمّ شك- بعد الوضوء- في أنه طهّره قبله أم لا، فإنّه يحكم بصحة وضوئه، و بقاء الماء نجسا، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه و بدنه.

الفصل الخامس
في نواقض الوضوء:

يحصل

الحدث بأمور:

الأول و الثاني: خروج البول و الغائط، سواء أ كان من الموضع المعتاد بالأصل، أم بالعارض، أم كان من غيره على الأحوط وجوبا، و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء، بحكم البول ظاهرا.

الثالث: خروج الريح من الدبر، أو من غيره، إذا كان من شأنه أن يخرج من الدبر، و لا عبرة بما يخرج من القبل و لو مع الاعتياد.

الرابع: النوم الغالب على العقل، و يعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائما، و قاعدا، و مضطجعا، و مثله كل ما غلب على العقل من جنون، أو إغماء، أو سكر، أو غير ذلك، على الأحوط وجوبا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 45

الخامس: الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة 157): إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم و كذا إذا شك في أن الخارج بول، أو مذي، فإنّه يبني على عدم كونه بولا، إلا أن يكون قبل الاستبراء، فيحكم بأنه بول، فإن كان متوضئا انتقض وضوؤه.

(مسألة 158): إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء، و كذا لو شك في خروج شي ء من الغائط معه.

(مسألة 159): لا ينتقض الوضوء بخروج المذي، أو الودي، أو الوذي، و الاول ما يخرج عند الملاعبة و الشهوة، و الثاني ما يخرج بعد خروج البول، و الثالث ما يخرج بعد خروج المني.

الفصل السادس
[المبطون و المسلوس]

من استمر به الحدث في الجملة كالمبطون، و المسلوس، و نحوهما، له أحوال أربع:

الأولى: أن تكون له فترة تسع الوضوء و الصلاة الاختيارية، و حكمه وجوب انتظار تلك الفترة، و الوضوء و الصلاة فيها.

الثانية: أن لا تكون له فترة أصلا، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع

الطهارة و بعض الصلاة، و حكمه الوضوء و الصلاة، و ليس عليه الوضوء لصلاة أخرى، إلا أن يحدث حدثا آخر، كالنوم و غيره، فيجدد الوضوء لها.

الثالثة: أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة، و لا يكون عليه- في تجديد الوضوء في الاثناء مرة أو مرات- حرج، و حكمه الوضوء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 46

و الصلاة في الفترة، و لا يجب عليه إعادة الوضوء إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة و بعدها، و إن كان الاحوط أن يجدد الوضوء كلما فاجأه الحدث أثناء صلاته و يبني عليها، كما أن الأحوط إذا أحدث- بعد الصلاة- أن يتوضأ للصلاة الأخرى.

الرابعة: الصورة الثالثة، لكن يكون تجديد الوضوء- في الأثناء- حرجا عليه، و حكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثا آخر و الأحوط أن يتوضأ لكل صلاة.

(مسألة 160): الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث، و إن كان الأظهر عدم وجوبه، فيما إذا جاز له الصلاة.

(مسألة 161): يجب على المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه و ثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه، و لا يجب تغييره لكل صلاة.

الفصل السابع
اشارة

لا يجب الوضوء لنفسه، و تتوقف صحة الصلاة- واجبة كانت، أو مندوبة- عليه، و كذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط استحبابا، و مثل الصلاة الطواف الواجب، و هو ما كان جزءا من حجة أو عمرة، دون المندوب و إن وجب بالنذر، نعم يستحب له.

[ما لا يجوز للمحدث مسه]

(مسألة 162): لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، حتى المد و التشديد و نحوهما، و لا مس اسم الجلالة و سائر أسمائه و صفاته على الأحوط وجوبا، و الأولى إلحاق أسماء الأنبياء و الأوصياء و سيدة النساء- صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين- به.

(مسألة 163): الوضوء مستحب لنفسه فلا حاجة في صحته إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 47

جعل شي ء غاية له و إن كان يجوز الإتيان به لغاية من الغايات المأمور بها مقيّدة به فيجوز الإتيان به لأجلها، و يجب إن وجبت، بناء على وجوب المقدمة، و يستحب إن استحبت بل مطلقا، سواء توقف عليه صحتها أم كمالها.

(مسألة 164): لا فرق في جريان الحكم المذكور بين الكتابة بالعربية و الفارسية، و غيرهما، و لا بين الكتابة بالمداد، و الحفر، و التطريز، و غيرهما كما لا فرق في الماس، بين ما تحله الحياة، و غيره، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غيره تابع للبشرة ز

(مسألة 165): الألفاظ المشتركة بين القرآن و غيره يعتبر فيها قصد الكاتب، و إن شك في قصد الكاتب جاز المس.

(مسألة 166): يجب الوضوء إذا وجبت إحدى الغايات المذكورة آنفا، و يستحب إذا استحبت على ما تقدم، و قد يجب بالنذر، و شبهه، و يستحب للطواف المندوب، و لسائر أفعال الحج، و لطلب الحاجة، و لحمل المصحف الشريف، و لصلاة

الجنائز، و تلاوة القرآن، و للكون على الطهارة، و لغير ذلك من الموارد التي يستحب الوضوء فيها و إن كان بنحو التأكد في استحبابه.

(مسألة 167): إذا دخل وقت الفريضة يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة، كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة و كذا يجوز الإتيان به بقصد الغايات المستحبة الأخرى.

(مسألة 168): سنن الوضوء على ما ذكره العلماء «رض» وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين، و التسمية، و الدعاء بالمأثور، و غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه، لحدث النوم، أو البول مرة، و للغائط مرتين، و المضمضة، و الاستنشاق، و تثليثهما، و تقديم المضمضة، و الدعاء بالمأثور عندها، و عند غسل الوجه و اليدين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 48

و مسح الرأس، و الرجلين، و تثنية الغسلات، و الأحوط وجوبا عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها، و كذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى، و كذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد، و يستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى و الثانية و المرأة تبدأ بالباطن فيهما، و يكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة.

المبحث الرابع الغسل

اشارة

و الواجب منه لغيره: غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة، و النفاس، و مس الأموات، و الواجب لنفسه: غسل الأموات، فهنا مقاصد:

المقصد الأول غسل الجنابة
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول ما تتحقق به الجنابة:

سبب الجنابة أمران:

الأول: خروج المني من الموضع المعتاد و غيره، و إن كان الأحوط استحبابا عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين إذا كان محدثا بالأصغر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 49

(مسألة 169): إن عرف المني فلا إشكال، و إن لم يعرف فالشهوة و الدفق، و فتور الجسد أمارة عليه، و مع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منيا و في المريض يرجع إلى الشهوة و الفتور، و لا ينبغي ترك الاحتياط مع عدم الاحساس بالفتور.

(مسألة 170): من وجد على بدنه، أو ثوبه منيا و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل، و يعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة، دون ما يحتمل سبقها عليها، و إن علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة، و إن كانت الإعادة لها أحوط استحبابا و إن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شي ء.

(مسألة 171): إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما ففيه صورتان: الأولى: أن يكون جنابة الآخر موضوعا لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالم بالجنابة إجمالا، و ذلك كحرمة استيجاره لدخول المسجد، أو للنيابة عن الصلاة عن ميت مثلا، ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل، و لا يجوز له استيجاره لدخول المسجد، أو للنيابة في الصلاة، نعم لا بد له من التوضي أيضا تحصيلا للطهارة لما يتوقف عليها. الثانية: أن لا تكون جنابة الآخر موضوعا لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالا ففيها لا يجب الغسل على أحدهما لا من حيث تكليف نفسه، و لا من حيث تكليف غيره إذا لم يعلم بالفساد، أمّا

لو علم به و لو إجمالا لزمه الاحتياط فلا يجوز الائتمام لغيرهما بأحدهما إن كان كل منهما موردا للابتلاء فضلا عن الائتمام بكليهما، أو ائتمام أحدهما بالآخر، كما لا يجوز لغيرهما استنابة أحدهما في صلاة، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة.

(مسألة 172): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهرا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 50

الثاني: الجماع و لو لم ينزل، و يتحقق بدخول الحشفة في القبل، أو الدبر، من المرأة و أما في غيرها فالأحوط الجمع بين الغسل و الوضوء للواطئ و الموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر، و إلا يكتفي بالغسل فقط و يكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها، بل الأحوط وجوبا الاكتفاء بمجرد الادخال منه.

(مسألة 173): إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل و المفعول به، من غير فرق بين الصغير و الكبير، و العاقل و المجنون، و القاصد و غيره، بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي إذا كان أحدهما ميتا.

(مسألة 174): إذا خرج المني بصورة الدم، وجب الغسل بعد العلم بكونه منيا.

(مسألة 175): إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج إلى الخارج، لا يجب الغسل.

(مسألة 176): يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر على الغسل و كان بعد دخول الوقت، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضا لا يجوز ذلك، و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا- و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث- أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

(مسألة 177): إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا، لا يجب عليه الغسل، و كذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج، أو دبر،

أو غيرهما.

(مسألة 178): الوطء في دبر الخنثى بلا إنزال موجب للجنابة على الأحوط فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء إذا كان الواطئ، أو الموطوء محدثا بالأصغر دون قبلها إلا مع الإنزال فيجب عليه الغسل دونها إلا أن تنزل هي أيضا، و لو أدخلت الخنثى، في الرجل، أو الانثى مع عدم الإنزال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 51

لا يجب الغسل على الواطئ و لا على الموطوء، و إذا أدخل الرجل بالخنثى و تلك الخنثى بالأنثى، وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الانثى على تفصيل تقدم في المسألة «171».

الفصل الثاني [ما تتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة]

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة، و هو أمور:

الأول: الصلاة مطلقا، عدا صلاة الجنائز، و كذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط استحبابا.

الثاني: الطواف الواجب بالاحرام مطلقا كما تقدم في الوضوء.

الثالث: الصوم، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر بطل صومه، و كذا صوم ناسي الغسل، على تفصيل يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى.

الرابع: مس كتابة القرآن الشريف، و مس اسم اللّه تعالى على ما تقدم في الوضوء.

الخامس: اللبث في المساجد، بل مطلق الدخول فيها، و إن كان لوضع شي ء فيها، بل لا يجوز وضع شي ء فيها حال الاجتياز و من خارجها، كما لا يجوز الدخول لأخذ شي ء منها، و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا، و الخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين- المسجد الحرام، و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله- و الأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرّفة، بالمساجد في الأحكام المذكورة.

السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم، و هي (ألم السجدة، و حم السجدة، و النجم، و العلق) و الأحوط استحبابا إلحاق تمام السورة بها

حتى بعض البسملة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 52

(مسألة 179): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب، و إن لم يصلّ فيه أحد و لم تبق آثار المسجدية و كذلك المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة، على الأحوط. و إن كان الأظهر عدم ترتبها مع عدم بقاء آثار المسجدية و تعنونه بعنوان آخر كالجادة و النهر و نظائرها.

(مسألة 181): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة، و لا يستحق أجرة، هذا إذا علم الأجير بجنابته، أمّا إذا جهل بها فالأظهر عدم جواز استئجاره أيضا و لكنه يستحق أجرة المثل على كنسه، و أما الصبي و المجنون الجنب فلا بأس باستيجارهما.

(مسألة 182): إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين، لا يجوز استئجارهما، و لا استئجار أحدهما لقراءة العزائم، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

(مسألة 183): مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

الفصل الثالث [مكروهات غسل الجنابة]

قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل و الشرب إلا بعد الوضوء، أو المضمضة، و الاستنشاق، و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، بل الأحوط استحبابا عدم قراءة شي ء من القرآن ما دام جنبا، و لكن في كون كراهة القراءة بمعنى الكراهة الاصطلاحية تأمّل، و يكره أيضا مس ما عدا الكتابة من المصحف، و النوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 53

الفصل الرابع واجبات غسل الجنابة:

في واجباته: فمنها النية، و لا بد فيها من الاستدامة إلى آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء.

و منها: غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه، فلا بد من رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل، و لا يجب غسل الشعر، إلا ما كان من توابع البدن، كالشعر الرقيق، و لا يجب غسل الباطن أيضا. نعم الأحوط استحبابا غسل ما يشك في أنه من الباطن، أو الظاهر، إلا إذا علم سابقا أنه من الظاهر ثمّ شك في تبدله فيجب غسله حينئذ.

و منها: الاتيان بالغسل على إحدى كيفيتين:

أولاهما: الترتيب بأن يغسل أولا تمام الرأس، و منه العنق ثمّ بقية البدن، و الأحوط الأولى أن يغسل أولا تمام النصف الأيمن ثمّ تمام النصف الأيسر، و لا بد في غسل كل عضو من إدخال شي ء من الآخر من باب المقدمة، و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا، بل يكفي المسمى كيف كان، فيجزي رمس الرأس بالماء أولا، ثمّ الجانب الأيمن، ثمّ الجانب الأيسر، كما يكفي رمس البعض، و الصب على الآخر و

لا يكفي تحريك العضو المرموس في الماء على الأحوط.

ثانيتهما: الارتماس، و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها، فيخلل شعره فيها إن احتاج إلى ذلك و يرفع قدمه على الأرض إن كانت موضوعة عليها، و الأحوط أن يحصل جميع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 54

ذلك في زمان واحد عرفا و إن كان الأظهر كفاية وصول الماء إلى جميع بشرته في تغطية واحدة و لو وصل الماء إلى بعض بشرته متأخرا لحائل و غيره.

(مسألة 184): النية في هذه الكيفية، يجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن.

(مسألة 185): يعتبر خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثمّ رمسه بقصد الغسل على الأحوط، و لو ارتمس في الماء لغرض و نوى الغسل بعد الارتماس، لم يكفه و إن حرك بدنه تحت الماء.

و منها: إطلاق الماء، و طهارته، و إباحته، و المباشرة في حال الاختيار و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه، و طهارة العضو المغسول على نحو ما تقدم في الوضوء. و قد تقدم فيه أيضا التفصيل في اعتبار إباحة الإناء و المصب، و حكم الجبيرة، و الحائل و غيرهما، من أفراد الضرورة و حكم الشك، و النسيان، و ارتفاع السبب المسوّغ للوضوء الناقص في الأثناء و بعد الفراغ منها فإنّ الغسل كالوضوء في جميع ذلك، نعم يفترق عنه على ما يقال في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز و إن كان في الأثناء، و لكن لا يترك الاحتياط فيه و كذا يفترق عنه في عدم اعتبار الموالاة في الترتيبي منه.

(مسألة 186): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي.

(مسألة 187): يجوز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي، كما يجوز

العدول من الارتماسي- على ما بينّاه- قبل تمامه إلى الترتيبي و العدول بمعنى رفع اليد عما شرع فيه و البدء بكيفية أخرى.

(مسألة 188): يجوز الارتماس فيما دون الكر، و إن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 55

(مسألة 189): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت، فتبين ضيقه فغسله صحيح.

(مسألة 190): ماء غسل المرأة من الجنابة، أو الحيض، أو نحوهما عليها، لا على الزوج.

(مسألة 191): إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله و اغتسل، و لم يستحضر النية تفصيلا، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ما ذا تفعل، لأجاب بأنه يغتسل، أما لو كان يتحير في الجواب، بطل لانتفاء النية.

(مسألة 192): إذا كان قاصدا عدم إعطاء العوض للحمامي، أو كان بناؤه على إعطاء الأموال المحرمة، أو على تأجيل العوض مع عدم إحراز رضا الحمامي بطل غسله، و إن استرضاه بعد ذلك.

(مسألة 193): إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل، و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم، و لو علم أنه اغتسل، لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحة.

(مسألة 194): إذا كان ماء الحمام مباحا، لكن سخن بالحطب المغصوب، لا مانع من الغسل فيه.

(مسألة 195): لا يجوز الغسل في حوض المدرسة، إلا إذا علم بعموم الوقفية، أو الإباحة. نعم إذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرفات المتعارفة جاز.

(مسألة 196): الماء الذي يسبلونه، لا يجوز الوضوء، و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الاذن أو مع عدم مالك محترم له.

(مسألة 197): لبس المئزر الغصبي حال الغسل محرّم في نفسه، و في صحّة الغسل معه

تأمّل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 56

الفصل الخامس مستحبات غسل الجنابة:

قد ذكر العلماء «رض» أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل، من المرفقين ثلاثا، ثمّ المضمضة ثلاثا، ثمّ الاستنشاق ثلاثا، و إمرار اليد على ما تناله من الجسد، خصوصا في الترتيبي، بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج إلى التخليل، و نزع الخاتم و نحوه، و الاستبراء بالبول قبل الغسل.

(مسألة 198): الاستبراء بالبول ليس شرطا في صحة الغسل، لكن إذا تركه و اغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه بالمني، جرى عليه حكم المني ظاهرا، فيجب الغسل له كالمني، سواء استبرأ بالخرطات، لتعذر البول أم لا، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شي ء من المني في المجرى.

(مسألة 199): إذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله، لم تجب إعادة الغسل و إن احتمل خروج شي ء من المني مع البول فالأحوط إعادة الغسل.

(مسألة 200): إذا دار الأمر المشتبه بين البول و المني بعد الاستبراء بالبول و الخرطات فإن كان محدثا بالأصغر وجب عليه الوضوء فقط و إن كان متطهرا من الحدثين فلا يبعد جواز الاكتفاء بالوضوء أيضا و ذلك لأنه بخروج البلل المزبور يعلم بصدور ناقض الوضوء و من صدر عنه ناقض الوضوء و لم يكن جنبا- كما هو مقتضى الاستصحاب هنا- فوظيفته الوضوء.

(مسألة 201): يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

(مسألة 202): إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل، و شك في أنه استبرأ بالبول، أم لا، بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل.

(مسألة 203): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار، و أن يكون لعدم إمكان الاختبار من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 57

جهة العمى، أو الظلمة، أو نحو ذلك.

(مسألة 204): لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل، و الأحوط وجوبا ضمّ الوضوء إليه. نعم إذا عدل بعد الحدث الأصغر إلى الارتماسي فلا حاجة إلى ضم الوضوء بل هو غير مشروع هنا.

(مسألة 205): إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر أتمّها و توضأ، و لكنه إذا عدل عن الغسل الترتيبي إلى الارتماسي، فلا حاجة إلى الوضوء، إلا في الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 206): إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل، فإن كان مماثلا للحدث السابق، كالجنابة في أثناء غسلها، أو المس في أثناء غسله، فلا إشكال في وجوب الاستئناف، و إن كان مخالفا له فالأقوى عدم بطلانه، فالحدث السابق يرتفع بإتمام الغسل و يبقى محدثا بالحدث الطارئ في الأثناء فيأتي بغسل آخر، و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ارتماسا. و أمّا في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود على النحو المأمور به واقعا، و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 207): إذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن، رجع و أتى به، و إن كان بعد الدخول فيه فالأحوط لزوم الاعتناء و البناء على عدم الإتيان به، و أمّا إذا شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر.

(مسألة 208): إذا غسل أحد الأعضاء، ثمّ شك في صحته و فساده فالأحوط الاعتناء ما دام لم يفرغ عن الغسل بالدخول في الصلاة و نحوها و لا فرق فيما ذكر بين أن يكون الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر أو يكون قبله.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 58

(مسألة 209): إذا شك في غسل الجنابة بنى على

عدمه، و إذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة، و احتمل الالتفات إلى ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة، لكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية. هذا إذا لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة، و إلا وجب عليه الجمع بين الوضوء و الغسل، بل وجبت إعادة الصلاة أيضا إذا كان الشك في الوقت و أمّا بعد مضيه فلا تجب إعادتها. و إذا علم- إجمالا- بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله، وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.

(مسألة 210): إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة، أو مستحبة أو بعضها واجب، و بعضها مستحب، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة «141» فراجع.

(مسألة 211): إذا كان يعلم- إجمالا- أن عليه أغسالا، لكنه لا يعلم بعضها بعينه، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه، و إذا قصد البعض المعين كفى عن غير المعين، و إذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها، أو بعينه لم يحتج إلى الوضوء بل الأظهر عدم الحاجة إلى الوضوء مطلقا في غير الاستحاضة المتوسطة.

المقصد الثاني غسل الحيض
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [سبب الحيض]

في سببه و هو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالبا، سواء خرج من الموضع المعتاد، أو من غيره، و إن كان خروجه بقطنة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 59

و إذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج و لم يخرج منه أصلا ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال، و إن كان الأظهر عدمه، و لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج.

(مسألة 212): إذا افتضّت البكر فسال دم كثير و شك في أنه من دم الحيض، أو من العذرة، أو منهما، أدخلت قطنة و تركتها مليا ثمّ أخرجتها إخراجا رفيقا، فإن كانت مطوّقة بالدم، فهو من العذرة و إن كانت مستنقعة فهو من الحيض، و وجوب الاختبار طريقي، فلو صلّت بدونه صحت إن تبين بعد ذلك عدم كونه حيضا و حصل منها قصد القربة و مع عدم الاختبار لا يجوز إتيان العمل بقصد الأمر الجزمي.

(مسألة 213): إذا تعذّر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق، من حيض، أو عدمه، و إذا جهلت الحالة السابقة على هذا الدم من طهر أو حيض فتبني على الطهارة و إن كان الجمع بين تروك الحائض و أفعال الطاهرة أحوط.

الفصل الثاني [اعتبار البلوغ في تحقق الحيض]

كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين و لو بلحظة، لا تكون له أحكام الحيض، و إن علمت أنه حيض واقعا، هذا إذا أحرزت عدم إكمالها التسع و إلا يحكم ببلوغها و يجري على الدم أحكام الحيض، و كذا المرأة بعد اليأس و يتحقق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية على المشهور و لكن الأحوط، في القرشية و غيرها الجمع بين تروك الحائض، و أفعال المستحاضة بعد بلوغها خمسين، و قبل بلوغها ستين

إذا كان الدم بصفات الحيض، أو أنها رأته أيام عادتها.

(مسألة 214): الأقوى اجتماع الحيض و الحمل حتى بعد استبانته،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 60

لكن لا يترك الاحتياط فيما يرى بعد أول العادة بعشرين يوما، إذا كان واجدا للصفات.

الفصل الثالث أقل الحيض و أكثره:

أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام و لو في باطن الفرج، و ليلة اليوم الأول كليلة الرابع خارجتان، و الليلتان المتوسطتان داخلتان، و لا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة، و لا مع انقطاعه في الليل، و يكفي التلفيق من أبعاض اليوم، و أكثر الحيض عشرة أيام، و كذلك أقل الطهر فكل دم تراه المرأة ناقصا عن ثلاثة، أو زائدا على العشرة، أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول، فليس بحيض.

الفصل الرابع [أحكام ذات العادة]

تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة، فإن اتفقا في الزمان و العدد- بأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين أو آخره سبعة أيام مثلا- فالعادة وقتية و عددية و إن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد- بأن رأت في أول الشهر الأول سبعة و في أول الثاني خمسة- فالعادة وقتية خاصة، و إن اتفقا في العدد فقط- بأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول و كذلك في آخر الشهر الثاني- مثلا- فالعادة عددية فقط.

(مسألة 215): ذات العادة الوقتية- سواء أ كانت عددية أم لا- تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة أو قبلها، بيوم، أو يومين أو أكثر مع احتمالها تعجيل وقتها و كذلك الحكم مع تأخّر الدم عن العادة بيوم أو يومين أو أكثر مع احتمالها تأخير وقتها و إن لم يكن الدم بصفات الحيض فتترك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 61

العبادة، و تعمل عمل الحائض في جميع الأحكام و لكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 216): غير ذات العادة الوقتية، سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلا

كالمبتدئة، إذا رأت الدم و كان جامعا للصفات، مثل الحرارة، و الحمرة أو السواد، و الخروج بحرقة، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية، و لكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا، وجب عليها قضاء الصلاة، و إن كان فاقدا للصفات، فالأحوط في المبتدئة و المضطربة أن تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة إن استمر الدم إلى ثلاثة أيام و انقطع في العشرة أو قبلها.

(مسألة 217): إذا تقدم الدم على العادة الوقتية، بمقدار كثير أو تأخر عنها بحيث لم يصدق على المتقدّم و المتأخر تعجيل وقتها و تأخير وقتها فإن كان الدم جامعا للصفات تحيّضت به، و إلا تجري عليه أحكام الاستحاضة، إذا كانت ترى الدم في أيام العادة أيضا.

(مسألة 218): الأظهر ثبوت العادة بالتمييز كما في المرأة المستمر بها الدم إذا رأت خمسة أيام مثلا بصفات الحيض في أول الشهر الأول ثمّ رأت بصفات الاستحاضة و كذلك رأت في الشهر الثاني خمسة أيام بصفات الحيض ثمّ رأت بصفات الاستحاضة فحينئذ تصير ذات عادة عددية وقتية، و بالجملة لو حصلت العادة بالتمييز تجعل مقدارها حيضا- و لو لم يكن الدم بصفات الحيض- و الباقي استحاضة.

الفصل الخامس [حكم الدم في أيام العادة]

كل ما تراه المرأة من الدم أيام العادة فهو حيض، و إن لم يكن الدم بصفات الحيض، و كل ما تراه في غير أيام العادة- و كان فاقدا للصفات-

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 62

فهو استحاضة، و إذا رأت الدم ثلاثة أيام و انقطع، ثمّ رأت ثلاثة أخرى أو أزيد، فإن كان مجموع النقاء و الدمين لا يزيد على عشرة أيام كان الكل حيضا واحدا، و النقاء المتخلل بحكم الدمين على الأقوى. هذا إذا كان كل من الدمين

في أيام العادة، أو مع تقدم أحدهما عليها بيوم أو يومين، أو كان كل منهما بصفات الحيض، أو كان أحدهما بصفات الحيض، و الآخر في أيام العادة. و أمّا إذا كان أحدهما، أو كلاهما فاقدا للصفات، و لم يكن الفاقد في أيام العادة، كان الفاقد استحاضة، إلا إذا لم تر في أيام عادتها دما أيضا أو رأت في بعضها بحيث يصدق على مجموع الدم تقدّم العادة أو تأخّرها فيحكم حينئذ عليه بالحيض كما تقدّم. و إن تجاوز المجموع عن العشرة، و لكن لم يفصل بينهما أقل الطهر، فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر، كان ما في العادة حيضا، و الآخر استحاضة مطلقا، أمّا إذا لم يصادف شي ء منهما العادة- و لو لعدم كونها ذات عادة- فإن كان أحدهما واجدا للصفات دون الآخر، جعلت الواجد حيضا و الفاقد استحاضة، و إن تساويا، فإن كان كلّ منهما واجدا للصفات تحيضت بالأول على الأقوى، و الأولى أن تحتاط في كل من الدمين- و إن لم يكن شي ء منهما واجدا للصفات- عملت بوظائف المستحاضة في كليهما. نعم لو لم تر دما في أيام عادتها فالأحوط الجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض.

(مسألة 219): إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر، كان كل منهما حيضا مستقلا، إذا كان كل منهما في العادة، أو واجدا للصفات، أو كان أحدهما في العادة، و الآخر واجدا للصفات. و أما الدم الفاقد لها في غير أيام العادة، فهو استحاضة.

الفصل السادس
[انقطاع الدم دون العشرة]

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 63

استبرأت بإدخال القطنة، فإن خرجت ملوثة بقيت على التحيض كما سيأتي، و إن خرجت نقية اغتسلت و عملت

عمل الطاهر، و لا استظهار عليها- هنا- حتّى مع ظن العود، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده، فعليها حينئذ ترتيب آثار الحيض، و الأولى لها في كيفية إدخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط، أو نحوه، رافعة إحدى رجليها ثمّ تدخلها، و إذا تركت الاستبراء لعذر، من نسيان أو نحوه، و اغتسلت، و صادف براءة الرحم صح غسلها، و إن تركته- لا لعذر- ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان: أقواهما ذلك أيضا و إن لم تتمكن من الاستبراء، فالأحوط وجوبا لها الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء، إلى أن تعلم بحصوله، فتعيد الغسل و الصوم.

(مسألة 220): إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة، بالدم أو بالصفرة فإن كانت مبتدئة، أو لم تستقر لها عادة، أو عادتها عشرة، بقيت على التحيض إلى تمام العشرة، أو يحصل النقاء قبلها، و إن كانت ذات عادة- دون العشرة- فإن كان ذلك الاستبراء في أيام العادة، فلا إشكال في بقائها على التحيض، و إن كان بعد انقضاء العادة فلو خرجت القطنة ملوثة بالدم بقيت على التحيض استظهارا يوما واحدا، و تخيرت- بعده- في الاستظهار و عدمه إلى العشرة، إلى أن يظهر لها حال الدم، و أنه ينقطع على العشرة، أو يستمر إلى ما بعد العشرة. فإن اتضح لها الاستمرار- قبل تمام العشرة- اغتسلت و عملت عمل المستحاضة، و إلا فالأحوط لها- استحبابا- الجمع بين أعمال المستحاضة، و تروك الحائض. و أمّا لو خرجت ملوثة بالصفرة فيترتب على تلك الصفرة التي رأتها بعد أيام العادة حكم الاستحاضة سواء انقطعت الصفرة على العشرة أو استمرت إلى ما عداها، نعم إذا رأت الدم بعد تلك الصفرة قبل

عشرة و انقطع على العشرة يحكم بكون المجموع حيضا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 64

[تجاوز الدم عن العشرة]

(مسألة 221): قد عرفت حكم الدم إذا انقطع على العشرة في ذات العادة و غيرها، و إذا تجاوز العشرة، فإن كانت ذات عادة وقتية و عددية تجعل ما في العادة حيضا، و إن كان فاقدا للصفات، و تجعل الزائد عليها استحاضة، و إن كان واجدا لها، هذا فيما إذا لم يمكن جعل واجد الصفات حيضا، لا منضما، و لا مستقلا، و أمّا إذا أمكن ذلك، كما إذا كانت عادتها ثلاثة- مثلا- ثمّ انقطع الدم، ثمّ عاد لصفات الحيض، ثمّ رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة، فالأحوط في مثله أن تجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض في أيام الدم الواجد للصفات و كذلك الجمع بين أعمال الطاهرة و تروك الحائض في النقاء المتخلل و كذلك إذا رأت الدم الأصفر بعد أيام عادتها و تجاوز العشرة و بعد ذلك رأت الدم الواجد للصفات و كان الفصل بينه و بين أيام العادة عشرة أيام أو أكثر فإنّها تحتاط في الدم الثاني بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض.

[المبتدئة]

(مسألة 222): المبتدئة و هي المرأة التي ترى الدم لأول مرة و المضطربة و هي التي رأت الدم و لم تستقر لها عادة، إذا رأت الدم و قد تجاوز العشرة، رجعت إلى التمييز، بمعنى أن الدم المستمر إذا كان بعضه بصفات الحيض، و بعضه فاقدا لها، أو كان بعضه أسود، و بعضه أحمر وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات، أو بالدم الأسود بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام، و عدم زيادته على العشرة، و إن لم تكن ذات تمييز فإن كان الكل واجدا للصفات و كان على لون واحد أو كان المتميز أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة أيام

فالمبتدئة ترجع إلى عادة أقاربها و تتحيض بقدرها و الباقي استحاضة فإن لم تكن لها أقارب أو اختلفن في العدد فالأظهر أنّها تتحيض في الشهر الأول ستة أو سبعة أيام و تحتاط إلى تمام العشرة و بعد ذلك في الأشهر تتحيض من رؤية الدم إلى ثلاثة أيام و تحتاط بعدها إلى الستة أو السبعة. و أمّا المضطربة فهي تتحيض بستة أو سبعة أيام مطلقا و تعمل بعد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 65

ذلك بوظائف المستحاضة، و إن كان الكل فاقدا للصفات أو كان الواجد اقل من ثلاثة فالمبتدئة و المضطربة تعملان بما ذكر على الأحوط.

[حكم الفاقدة للتمييز]

(مسألة 223): إذا كانت ذات عادة عددية فقط، و نسيت عادتها ثمّ رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر، و لم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا، و إذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضا، و الباقي استحاضة. و إن احتملت العادة- فيما زاد على السبعة- فالأحوط أن تجمع بين تروك الحائض، و أعمال المستحاضة في المقدار المحتمل إلى تمام العشرة.

(مسألة 224): إذا كانت ذات عادة وقتية فقط و نسيتها، ثمّ رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر، و لم يتجاوز العشرة، كان جميعه حيضا. و إذا تجاوز الدم العشرة، فإن علمت المرأة- إجمالا- بمصادفة الدم أيام عادتها، لزمها الاحتياط في جميع أيام الدم، حتى فيما إذا لم يكن الدم في بعض الأيام، أو في جميعها بصفات الحيض، و إن لم تعلم بذلك فإن كان الدم مختلفا من جهة الصفات، جعلت ما بصفات الحيض- إذا لم يقلّ عن ثلاثة و لم يزد عن عشرة أيام- حيضا، و ما بصفة الاستحاضة استحاضة، و إن لم يختلف

الدم في الصفة، و كان جميعه بصفة الحيض، أو كان ما بصفة الحيض أكثر من عشرة أيام، جعلت ستة، أو سبعة أيام، حيضا، و الباقي استحاضة، و الأحوط أن تحتاط إلى العشرة و الأولى أن تحتاط في جميع أيام الدم.

(مسألة 225): إذا كانت ذات عادة عددية و وقتية، فنسيتها ففيها صور:

الأولى: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد، و الحكم فيها هو الحكم في المسألة السابقة، غير أن الدم إذا كان بصفة الحيض و تجاوز العشرة و لم تعلم المرأة بمصادفة الدم أيام عادتها- رجعت إلى عادتها من جهة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 66

العدد، فتتحيض بمقدارها، و الزائد عليه استحاضة.

الثانية: أن تكون حافظة للوقت و ناسية للعدد، ففي هذه الصورة كان ما تراه من الدم في وقتها المعتاد- بصفة الحيض أو بدونها- حيضا فإن كان الزائد عليه بصفة الحيض- و لم يتجاوز العشرة- فجميعه حيض و إن تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت، و الباقي استحاضة، لكنها إذا احتملت العادة- فيما زاد على السبعة إلى العشرة- فالأحوط أن تعمل فيه بالاحتياط.

الثالثة: أن تكون ناسية للوقت و العدد معا، و الحكم في هذه الصورة و إن كان يظهر مما سبق، إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح.

الأول: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما- لا تقل عن ثلاثة، و لا تزيد على عشرة- كان جميعه حيضا، و أما إذا كان أزيد من عشرة أيام- و لم تعلم بمصادفته أيام عادتها- تحيضت بمقدار ما تحتمل أنه عادتها لكن المحتمل إذا زاد على سبعة أيام، احتاطت في الزائد.

الثاني: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما، لا تقلّ عن ثلاثة، و لا تزيد على عشرة، و أياما بصفة الاستحاضة،

و لم تعلم بمصادفة ما رأته أيام عادتها، جعلت ما بصفة الحيض حيضا و ما بصفة الاستحاضة استحاضة و الأولى أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض. إذا لم يزد المجموع على عشرة أيام.

الثالث: إذا رأت الدم و تجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز، و علمت بمصادفته أيام عادتها، لزمها الاحتياط في جميع أيام الدم، سواء أ كان الدم جميعه أو بعضه بصفة الحيض، أم لم يكن.

(مسألة 226): إذا كانت المرأة ذات عادة مركبة، كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة، و في الثاني أربعة، و في الثالث ثلاثة، و في الرابع أربعة، فالأحوط لها الاحتياط بترتيب أحكام المضطربة، و ترتيب أحكام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 67

ذات العادة، بأن تجعل حيضها في شهر الفرد ثلاثة، و في شهر الزوج أربعة و تحتاط بعد ذلك إلى الستة أو السبعة، و كذا إذا رأت في شهرين متواليين ثلاثة، و في شهرين متواليين أربعة، ثمّ شهرين متواليين ثلاثة ثمّ شهرين متواليين أربعة، فإنها تجعل حيضها في شهرين ثلاثة و شهرين أربعة، ثمّ تحتاط إلى الستة أو السبعة.

الفصل السابع في أحكام الحيض:

(مسألة 227): لا يجوز للحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات، كالصلاة، و الصيام، و الطواف، و الاعتكاف، و يحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم.

(مسألة 228): يحرم وطؤها في القبل، عليها و على الفاعل، بل قيل إنه من الكبائر، بل الأحوط وجوبا ترك إدخال بعض الحشفة أيضا، أما وطؤها في الدبر فالأحوط وجوبا تركه، بل الأحوط ترك الوطء في الدبر مطلقا و لا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك، و إن كره بما تحت المئزر مما بين السرة و الركبة، و إذا نقيت من الدم،

جاز وطؤها و إن لم تغتسل و لا يجب غسل فرجها قبل الوطء، و إن كان أحوط.

(مسألة 229): الأحوط- استحبابا- للزوج- دون الزوجة- الكفارة عن الوطء في أول الحيض بدينار، و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار. و الدينار هو (18) حمّصة، من الذهب المسكوك، و الأحوط- استحبابا- أيضا دفع الدينار نفسه مع الإمكان، و إلا دفع القيمة وقت الدفع. و لا شي ء على الساهي، و الناسي، و الصبي، و المجنون، و الجاهل بالموضوع أو الحكم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 68

(مسألة 230): لا يصح طلاق الحائض و ظهارها، إذا كانت مدخولا بها- و لو دبرا- و كان زوجها حاضرا، أو في حكمه، إلا أن تكون حاملا فلا بأس به- حينئذ- و إذا طلقها على أنها حائض، فبانت طاهرة صح، و إن عكس فسد.

(مسألة 231): يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، و يستحب للكون على الطهارة، و هو كغسل الجنابة في الكيفية من الارتماس، و الترتيب. و الظاهر أنه يجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة، و الأحوط و الأولى ضم الوضوء إليه قبله أو بعده.

(مسألة 232): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان بل و المنذور في وقت معين- على الأقوى-، و لا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية، و صلاة الآيات، و المنذورة في وقت معين.

(مسألة 233): الظاهر أنها تصح طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنبا و اغتسلت عن الجنابة صح، و تصح منها الأغسال المندوبة حينئذ، و كذلك الوضوء.

(مسألة 234): يستحب لها التحشي و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة، و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة، ذاكرة للّه تعالى، و الأولى

لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 235): يكره لها الخضاب بالحناء، أو غيرها، و حمل المصحف و لمس هامشه، و ما بين سطوره، و تعليقه.

المقصد الثالث الاستحاضة

(مسألة 236): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 69

بلا لذع و حرقة، عكس دم الحيض، و ربما كان بصفاته، و لا حدّ لكثيره، و لا لقليله، و لا للطهر المتخلل بين أفراده، و يتحقق قبل البلوغ و بعده، و بعد اليأس، و هو ناقض للطهارة بخروجه، و لو بمعونة القطنة من المحل المعتاد بالأصل، أو بالعارض، و في غيره إشكال، أو باستمراره في فضاء فرجها بعد انقضاء أيام عادتها على ما تقدم في مسائل الحيض، و يكفي في بقاء حدثيته بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة و نحوها، و الظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به، كما تقدم في الحيض.

(مسألة 237): الاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة، و متوسطة، و كثيرة.

الأولى: ما يكون الدم فيها قليلا، بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمس القطنة و لا يسيل.

الثالثة: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمسها و يسيل منها.

(مسألة 238): الأحوط لها الاختبار- حال الصلاة- بإدخال القطنة في الموضع المتعارف، و الصبر عليها بالمقدار المتعارف، و إذا تركته- عمدا أو سهوا- و عملت، فإن طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، صح، و إلا بطل.

(مسألة 239): حكم القليلة وجوب تبديل القطنة، أو تطهيرها على الأحوط وجوبا، و وجوب الوضوء لكل صلاة، فريضة كانت، أو نافلة، دون الأجزاء المنسية و صلاة الاحتياط، فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء أو غيره.

(مسألة 240): حكم المتوسطة- مضافا إلى ما ذكر من الوضوء و تجديد

القطنة، أو تطهيرها لكل صلاة على الأحوط- غسل قبل صلاة الصبح قبل الوضوء، أو بعده.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 70

(مسألة 241): حكم الكثيرة- مضافا إلى وجوب تجديد القطنة على الأحوط و الغسل للصبح- غسلان آخران، أحدهما للظهرين تجمع بينهما، و الآخر للعشاءين كذلك، و لا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد، و يكفي للنوافل أغسال الفرائض، و لا يجب لكل صلاة منها الوضوء، بل الظاهر عدم وجوبه للفرائض أيضا، و إن كان الأحوط- استحبابا- أن تتوضأ لكل غسل. نعم يجزي الوضوء و لا يحتاج إلى الغسل في الصلوات المستقلة كصلاة الآيات و صلاة الليل و نحوها.

(مسألة 242): إذا حدثت المتوسطة- بعد صلاة الصبح- وجب الغسل للظهرين، و إذا حدثت- بعدهما- وجب الغسل للعشاءين، و إذا حدثت- بين الظهرين أو العشاءين- وجب الغسل للمتأخرة منها، و إذا حدثت- قبل صلاة الصبح- و لم تغتسل لها عمدا، أو سهوا، وجب الغسل للظهرين، و عليها إعادة صلاة الصبح، و كذا إذا حدثت- أثناء الصلاة- وجب استئنافها بعد الغسل و الوضوء.

(مسألة 243): إذا حدثت الكبرى- بعد صلاة الصبح- وجب غسل للظهرين، و آخر للعشاءين، و إذا حدثت- بعد الظهرين- وجب غسل واحد للعشاءين، و إذا حدثت- بين الظهرين أو العشاءين- وجب الغسل للمتأخرة منهما.

(مسألة 244): إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الأعمال وجبت تلك الأعمال و لا إشكال، و إن كان بعد الشروع في الأعمال- قبل الفراغ من الصلاة- استأنفت الأعمال، و كذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها، و إن كان بعد الصلاة أعادت الأعمال و الصلاة، و هكذا الحكم إذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة و الصلاة، بل الأحوط ذلك أيضا،

إذا كانت الفترة تسع الطهارة و بعض الصلاة، أو شك في ذلك، فضلا عما إذا شك في أنها تسع الطهارة و تمام الصلاة، أو أن الانقطاع لبرء، أو فترة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 71

تسع الطهارة و بعض الصلاة.

(مسألة 245): إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة و الصلاة، وجب تأخير الصلاة إليها، و إذا صلّت قبلها بطلت صلاتها، و لو مع الوضوء و الغسل، و إذا كانت الفترة في أول الوقت، فأخّرت الصلاة عنها- عمدا أو نسيانا- عصت، و عليه الصلاة بعد فعل وظيفتها.

(مسألة 264): إذا انقطع الدم انقطاع برء، و جددت الوظيفة اللازمة لها، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها- حينئذ- حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.

(مسألة 247): إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين و لم تجمع بينهما- عمدا أو لعذر- وجب عليها تجديد الغسل للعصر، و كذا الحكم في العشاءين.

(مسألة 248): إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة، أو إلى الكثيرة، و كالمتوسطة إلى الكثيرة، فإن كان قبل الشروع في الأعمال، فلا إشكال في أنها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية، أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها، و إن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف، و عمل الأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلها، و كذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فتعمل أعمال الأعلى، و تستأنف الصلاة، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة، فيما إذا كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل و أتت به، فإذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح، ثمّ حصل الانتقال أعادت الغسل، حتى إذا كان في أثناء الصبح، فتعيد الغسل، و تستأنف الصبح،

و إذا ضاق الوقت عن الغسل، تيممت بدل الغسل و صلت، و إذا ضاق الوقت عن ذلك- أيضا- فالأحوط الاستمرار على عملها، ثمّ القضاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 72

(مسألة 249): إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأولى، و تعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي، فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة، أو القليلة اغتسلت للظهر، و اقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر و العشاءين.

(مسألة 250): قد عرفت أنه يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء و الغسل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان و الإقامة و الأدعية المأثورة و ما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله و لو من جهة لزوم العسر و المشقة بدونه، مثل الذهاب إلى المصلى، و تهيئة المسجد، و نحو ذلك، و كذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة.

(مسألة 251): يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة، و شدّه بخرقة، و نحو ذلك، فإذا قصّرت- و خرج الدم- أعادت الصلاة، بل الأحوط- وجوبا- إعادة الغسل.

(مسألة 252): الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، و على غسل الليلة الماضية على الأحوط، و الأحوط- استحبابا- في المتوسطة توقفه على غسل الفجر، كما أن الأحوط- استحبابا- توقف جواز وطئها على الغسل. و أما دخول المساجد و قراءة العزائم، فالظاهر جوازهما مطلقا، و لا يجوز لها مس المصحف و نحوه قبل الغسل و الوضوء، بل الأحوط- وجوبا- عدم الجواز بعدهما أيضا، و لا سيما مع الفصل المعتد به.

المقصد الرابع
النفاس
اشارة

(مسألة 253): دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 73

بعدها، على

نحو يعلم استناد خروج الدم إليها، و لا حدّ لقليله. و حدّ كثيره عشرة أيام، من حين الولادة و فيما إذا انفصل خروج الدم عن الولادة تحتاط في احتساب العشرة من حين الولادة، أو من زمان رؤية الدم، و إذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاسا، و إذا لم تر فيها دما لم يكن لها نفاس أصلا، و مبدأ حساب الأكثر من حين تمام الولادة، لا من حين الشروع فيها، و إن كان جريان الأحكام عليه من حين الشروع و لا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين، كما إذا ولدت توأمين- و قد رأت الدم عند كل منهما- بل النقاء المتخلل بينهما طهر، و لو كانت لحظة، بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلا، كما إذا ولدت و رأت الدم إلى عشرة، ثمّ ولدت آخر على رأس العشرة، و رأت الدم إلى عشرة أخرى، فالدمان- جميعا- نفاسان متواليان، و إذا لم تر الدم حين الولادة، و رأته قبل العشرة، و انقطع عليها، فذلك الدم نفاسها و إذا رأته حين الولادة، ثمّ انقطع، ثمّ رأته قبل العشرة و انقطع عليها فالدمان و النقاء بينهما كلها نفاس واحد، و إن كان الأحوط- استحبابا- في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة و النفساء.

[أحكام النفاس]

(مسألة 254): الدم الخارج قبل ظهور الولد، ليس بنفاس فإن كان منفصلا عن الولادة بعشرة أيام نقاء فلا إشكال، و إن كان متصلا بها و علم أنه حيض و كان بشرائطه، جرى عليه حكمه، و إن كان منفصلا عنها بأقل من عشرة أيام نقاء، أو كان متصلا بالولادة و لم يعلم أنه حيض فالأظهر أنه إن كان بشرائط الحيض و كان في أيام العادة، أو كان

واجدا لصفات الحيض فهو حيض، و إلا فهو استحاضة.

(مسألة 255): النفساء ثلاثة أقسام: (1) التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس (2) التي يتجاوز دمها العشرة و تكون ذات عادة عددية في الحيض، ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها، و الباقي استحاضة (3) التي يتجاوز دمها العشرة، و لا تكون ذات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 74

عادة في الحيض، ففي هذه الصورة جعلت مقدار عادة حيض أقاربها نفاسا، و إذا كانت عادتهن أقل من العشرة، احتاطت فيما زاد عنها إلى العشرة.

(مسألة 256): إذا رأت الدم في اليوم الأول من الولادة، ثمّ انقطع، ثمّ عاد في اليوم العاشر من الولادة، أو قبله ففيه صورتان:

الأولى: أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم، ففي هذه الصورة كان الدم الأول و الثاني كلاهما نفاسا، و يجري على النقاء المتخلل حكم النفاس على الأظهر، و إن كان الأحوط فيه الجمع بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء.

الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم و هذا على أقسام:

1- أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها، و قد رأت الدم الثاني في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الأول- و ما رأته في أيام العادة و النقاء المتخلل- نفاسا، و ما زاد على العادة استحاضة. مثلا إذا كانت عادتها في الحيض سبعة أيام، فرأت الدم حين ولادتها يومين فانقطع، ثمّ رأته في اليوم السادس و استمر إلى أن تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة، كان زمان نفاسها، اليومين الأولين، و اليوم السادس و السابع، و النقاء المتخلل بينهما، و ما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.

2- أن

تكون المرأة ذات عادة، و لكنها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم، و تجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الأول، و كان الدم الثاني استحاضة. و يجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلل.

3- أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها، و قد رأت الدم الثاني قبل مضي عادة أقاربها، و يتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان نفاسها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 75

مقدار عادة أقاربها، و إذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت إلى اليوم العاشر، و ما بعده استحاضة.

4- أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها، و قد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة أقاربها، ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الأول، و تحتاط أيام النقاء، و أيام الدم الثاني إلى اليوم العاشر.

ثمّ إن ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث و الرابع و هكذا .. مثلا إذا رأت الدم في اليوم الأول، و الرابع، و السادس، و لم يتجاوز اليوم العاشر، كان جميع هذه الدماء و النقاء المتخلل بينها نفاسا، و إذا تجاوز الدم اليوم العاشر، في هذه الصورة، و كانت عادتها في الحيض تسعة أيام، كان نفاسها إلى اليوم التاسع و ما زاد استحاضة، و إذا كانت عادتها خمسة أيام كان نفاسها الأيام الأربعة الأولى، و فيما بعدها كانت طاهرة، و مستحاضة.

(مسألة 257): النفساء بحكم الحائض، في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة، و في لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم، و تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة، و يحرم وطؤها، و لا يصح طلاقها. و المشهور أن أحكام الحائض من الواجبات، و

المحرمات، و المستحبات، و المكروهات تثبت للنفساء أيضا، و لكن جملة من الأفعال التي كانت محرمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء، و إن كان الأحوط أن تجتنب عنها. و هذه الأفعال هي:

1- قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.

2- الدخول في المساجد بغير قصد العبور.

3- المكث في المساجد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 76

4- وضع شي ء فيها.

5- دخول المسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و لو كان بقصد العبور.

(مسألة 258): ما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام- بعد تمام نفاسها- فهو استحاضة، سواء أ كان الدم بصفات الحيض، أو لم يكن، و سواء أ كان الدم في أيام العادة، أم لم يكن، و إن استمر الدم بها إلى ما بعد العشرة، أو انقطع و عاد بعد العشرة، فما كان منه في أيام العادة أو واجدا لصفات الحيض، فهو حيض، بشرط أن لا يقل عن ثلاثة أيام، و ما لم يكن واجدا للصفات و لم يكن في أيام العادة، فهو استحاضة، و إذا استمر بها الدم، أو انقطع، و عاد بعد عشرة أيام من نفاسها، و صادف أيام عادتها، أو كان الدم واجدا لصفات الحيض و لم ينقطع على العشرة فالمرأة- إن كانت ذات عادة عددية- جعلت مقدار عادتها حيضا، و الباقي استحاضة، و إن لم تكن ذات عادة عددية رجعت إلى التمييز، و مع عدمه رجعت إلى العدد، على ما تقدم في الحيض.

المقصد الخامس غسل الأموات
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول في أحكام الاحتضار:

(مسألة 259): يجب على الأحوط توجيه المحتضر إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره، و يجعل وجهه و باطن رجليه إليها، بل الأحوط وجوب ذلك على المحتضر نفسه إن أمكنه ذلك، و لا يعتبر في توجيه غير الولي إذن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 77

الولي و إن كان الاستئذان أحوط، و ذكر العلماء (رضوان اللّه عليهم) أنه يستحب نقله إلى مصلاه إن اشتد عليه النزع، و تلقينه الشهادتين، و الإقرار بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و سائر الاعتقادات الحقة، و تلقينه كلمات الفرج و يكره أن يحضره جنب، أو حائض، و أن يمس حال النزع، و إذا مات يستحب أن تغمض عيناه، و يطبق فوه، و يشدّ لحياه، و تمدّ يداه إلى جانبيه، و ساقاه، و يغطى بثوب، و أن يقرأ عنده القرآن، و يسرج في المكان الذي مات فيه إن مات في الليل، و إعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، و يعجل تجهيزه، إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته و يكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره، و أن يترك وحده.

الفصل الثاني [غسل الأموات و أحكامه]
في الغسل:
اشارة

تجب إزالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في الغسل على الأحوط الأولى، و الأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه، بل الأظهر كفاية الإزالة بنفس الغسل إذا لم يتنجس الماء بملاقاة المحل. ثمّ أن الميت يغسل ثلاثة أغسال: الأول: بماء السدر، الثاني: بماء الكافور، الثالث: بماء القراح، كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي و لا بد فيه من تقديم الأيمن على الأيسر، و من النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 260): إذا كان المغسل غير الولي فلا بد من إذن الولي

على الأحوط و هو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثمّ المالك، ثمّ الطبقة الأولى في الميراث و هم الأبوان و الأولاد، ثمّ الثانية، و هم الأجداد و الاخوة، ثمّ الثالثة و هم الأعمام و الأخوال، ثمّ المولى المعتق، ثمّ ضامن الجريرة، ثمّ الحاكم الشرعي على الأحوط، و إن كان الأظهر عدم الحاجة إلى إذنه إذا لم يتوقف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 78

تغسيله على التصرّف في أمواله كثيابه.

(مسألة 261): البالغون في كل طبقة مقدّمون على غيرهم، و الذكور مقدّمون على الاناث، و في تقديم الأب في الطبقة الأولى على الأولاد و الجد على الأخ، و الأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، و الأخ من الأب على الأخ من الأم، و العم على الخال إشكال، و الأحوط- وجوبا- الاستئذان من الطرفين.

(مسألة 262): إذا تعذّر استيذان الولي لعدم حضوره مثلا، أو امتنع عن الاذن، و عن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره و لو بلا إذن.

(مسألة 263): إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول، لكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، و إذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين، جاز له الرد في حياة الموصي، و ليس له الرد بعد ذلك على الأحوط، و إن كان الأظهر جوازه، لكنه إذا لم يرد وجب الاستيذان منه دون الولي.

(مسألة 264): يجب في التغسيل طهارة الماء و إباحته، و إباحة السدر و الكافور، بل الفضاء الذي يشغله الغسل، و مجرى الغسالة على النحو الذي مر في الوضوء، و منه السدة التي يغسل عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها، أما معه فيسقط الغسل، لكن إذا غسّل- حينئذ- صح الغسل، و كذلك التفصيل في ظرف الماء

إذا كان مغصوبا.

(مسألة 265): يجزي تغسيل الميت قبل برده.

[مورد تعذر السدر و الكافور]

(مسألة 266): إذا تعذّر أحد الخليطين سقط اعتباره و اكتفى بالماء القراح بدله و إن تعذر كلاهما سقط و غسل بالقراح ثلاثة أغسال.

(مسألة 267): يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيرا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 79

بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، و لا قليلا بحيث لا يصدق أنه مخلوط بالسدر و الكافور، و يعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شي ء منهما، إذا لم يصدق الخلط، أو أن فيه شي ء من السدر أو الكافور، و لا فرق في السدر بين اليابس و الأخضر.

[مورد تعذر الغسل]

(مسألة 268): إذا تعذّر الماء، أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يمم على الأحوط- وجوبا- ثلاث مرات، ينوي بواحد منها ما في الذمة.

(مسألة 269): يجب أن يكون التيمم بيد الحي، و الأحوط- وجوبا- مع الإمكان أن يكون بيد الميت أيضا.

(مسألة 270): يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم، لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، و إذا تجددت بعد الدفن و خيف على الميت من الضرر، أو الهتك، لم يجب الغسل، و إلا ففي وجوب نبشه و استيناف الغسل إشكال، و إن كان الأظهر وجوب النبش و الغسل، و كذا الحكم فيما إذا تعذر السدر أو الكافور.

(مسألة 271): إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل، أو في أثنائه بنجاسة خارجية، أو منه. وجب تطهيره، و لو بعد وضعه في القبر، نعم لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 272): إذا خرج من الميت بول، أو مني، لا تجب إعادة غسله، و لو قبل الوضع في القبر.

(مسألة 273): لا يجوز

أخذ الاجرة على تغسيل الميت، و يجوز أخذ العوض على بذل الماء و نحوه، مما لا يجب بذله مجانا.

(مسألة 274): لا يجوز أن يكون المغسل صبيا- على الأحوط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 80

وجوبا- و إن كان تغسيله على الوجه الصحيح.

[موارد جواز تغسيل غير المماثل]

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 1، ص: 80

(مسألة 275): يجب في المغسل أن يكون مماثلا للميت في الذكورة و الانوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للانثى، و لا العكس، و يستثنى من ذلك صور:

الأولى: أن يكون الميت طفلا لم يتجاوز ثلاث سنين، فيجوز للذكر و للأنثى تغسيله، سواء أ كان ذكرا، أم أنثى، مجردا عن الثياب، أم لا، وجد المماثل له أو لا.

الثانية: الزوج و الزوجة، فإنه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أ كان مجردا أم من وراء الثياب، و سواء وجد المماثل أو لا، من دون فرق بين الحرة و الأمة، و الدائمة و المنقطعة، و كذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة.

الثالثة: المحارم بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة، و الأحوط اعتبار فقد المماثل، و كونه من وراء الثياب، و لا يبعد كفاية ستر العورة بحيث يمنع عن وقوع النظر عليها.

(مسألة 276): إذا اشتبه ميت بين الذكر و الأنثى، غسله كل من الذكر و الأنثى و الأحوط أن يكون من وراء الثياب.

(مسألة 277): إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي، أمره المسلم أن يغتسل أولا، ثمّ يغسل الميت، و الآمر هو الذي يتولى النية، و الأحوط- استحبابا- نية كل من الآمر و المغسل، و إذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم- كالكر و

الجاري- لا يتعين ذلك على الأظهر، و إن كان أحوط إلا إذا أمكن أن لا يمس الماء و لا بدن الميت فتخير حينئذ بينهما، و إذا أمكن المخالف قدم على الكتابي، و إذا أمكن المماثل بعد ذلك أعاد التغسيل.

(مسألة 278): إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف و الكتابي، سقط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 81

الغسل، و لكن الأحوط- استحبابا- تغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس و نظر، ثمّ ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين.

(مسألة 279): إذا دفن الميت بلا تغسيل- عمدا أو خطأ- جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه، و كذا إذا ترك بعض الأغسال و لو سهوا أو تبين بطلانها، أو بطلان بعضها، كل ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه.

(مسألة 280): إذا مات الميت محدثا بالأكبر- كالجنابة و الحيض- لا يجب إلا تغسيله غسل الميت فقط.

(مسألة 281): إذا كان محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج، و كذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر، و لا يلحق به المعتدة للوفاة، و المعتكف.

[من لا يجب غسله]

(مسألة 282): يجب تغسيل كل مسلم حتى المخالف عدا صنفين:

الأول: الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص، أو في حفظ بيضة الإسلام، و يشترط فيه أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب، أو بعدها بقليل و لم يدركه المسلمون و به رمق، فإذا أدركه المسلمون و به رمق، غسل على الأحوط وجوبا، و إذا كان في المعركة مسلم و كافر، و اشتبه أحدهما بالآخر، وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما و تكفينه و دفنه.

الثاني: من وجب قتله برجم

أو قصاص، فإنه يغتسل غسل الميت- المتقدم تفصيله- و يحنط و يكفن كتكفين الميت، ثمّ يقتل فيصلى عليه، و يدفن بلا تغسيل.

[مستحبات غسل الميت]

(مسألة 283): قد ذكروا للتغسيل سننا، مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، و أن يكون تحت الظلال، و أن يوجه إلى القبلة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 82

كحالة الاحتضار، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث، و الأولى ان يجعل ساترا لعورته، و أن تليّن أصابعه برفق، و كذا جميع مفاصله، و أن يغسل رأسه برغوة السدر و فرجه بالأشنان، و أن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات ثمّ بشق رأسه الأيمن، ثمّ الأيسر، و يغسل كل عضو ثلاثا في كل غسل و يمسح بطنه في الأولين، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، و أن يحفر للماء حفيرة، و أن ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه. و ذكروا أيضا أنه يكره إقعاده حال الغسل، و ترجيل شعره، و قص أظافره و جعله بين رجلي الغاسل، و إرسال الماء في الكنيف، و حلق رأسه، أو عانته، و قص شاربه، و تخليل ظفره، و غسله بالماء الساخن بالنار، أو مطلقا إلا مع الاضطرار، و التخطي عليه حين التغسيل.

الفصل الثالث [في التكفين]
[واجبات التكفين و كيفيته]

في التكفين، يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب:

الأول: المئزر، و يجب أن يكون ساترا ما بين السرة و الركبة.

الثاني: القميص، و يجب أن يكون ساترا ما بين المنكبين إلى نصف الساق.

الثالث: الازار، و يجب أن يغطي تمام البدن، و الأحوط وجوبا في كل واحد منهما أن يكون ساترا لما تحته غير حاك عنه و إن حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 284): لا بد في التكفين من إذن الولي على نحو ما تقدم في التغسيل، و

لا يعتبر فيه نية القربة.

(مسألة 285): إذا تعذرت القطعات الثلاث فالأحوط الاقتصار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 83

على الميسور، فإذا دار الأمر بينها يقدم الازار، و عند الدوران بين المئزر و القميص، يقدم القميص، و إن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدبر، تعين ستر القبل.

[أحكام التكفين]

(مسألة 286): لا يجوز اختيارا التكفين بالحرير، و لا بالنجس حتى إذا كانت نجاسته معفوا عنها في الصلاة، بل الأحوط- وجوبا- أن لا يكون مذهبا، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، بل و لا من جلد المأكول و أما وبره و شعره، فيجوز التكفين به، و أما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين، و إذا تعدد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بغيره من تلك الأنواع، فالأحوط الجمع بينهما. و إذا دار الأمر بين الحرير و غير المتنجس منها، قدّم غير الحرير، و لا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور.

(مسألة 287): لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار و في جلد الميتة إشكال، و الأحوط وجوبا مع الانحصار التكفين به.

(مسألة 288): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير على الأحوط وجوبا.

(مسألة 289): إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت، أو من غيره وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر، بغسل أو بقرض إذا كان الموضع يسيرا، و إن لم يكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان.

(مسألة 290): القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية، و كذا ما وجب من مئونة تجهيزه و دفنه، من السدر و الكافور،

و ماء الغسل، و قيمة الأرض، و ما يأخذه الظالم على الدفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمال، و الحفار، و نحوها.

(مسألة 291): كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 84

مجنونة أو أمة أو غير مدخول بها، و كذا المطلقة الرجعية، و لا يترك الاحتياط في الناشزة و المنقطعة، و لا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر و غيرهما من الأحوال.

(مسألة 292): يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها يساره و أن لا يكون محجورا عليه قبل موتها بفلس، و أن لا يكون ماله متعلقا به حق غيره برهن، أو غيره، و أن لا يقترن موتها بموته، و عدم تعيينها الكفن بالوصية، لكن الأحوط وجوبا إن لم يكن أقوى في صورة فقد أحد الشروط الثلاثة الأول، وجوب الاستقراض إن أمكن و لم يكن حرجيا و كذا الاحتياط في صورة عدم العمل بوصيتها بالكفن.

(مسألة 293): كما أن كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر، و الكافور و غيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا إن لم يكن أقوى.

(مسألة 294): الزائد على المقدار الواجب من الكفن و سائر مؤن التجهيز، لا يجوز إخراجه من الأصل إلا مع رضا الورثة، و إذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليه الاجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من حصة الكاملين برضاهم، و كذا الحال في قيمة القدر الواجب فإن الذي يخرج من الأصل ما هو أقل قيمة من الكفن المتعارف، و لا يجوز إخراج الأكثر منه إلا مع رضاء الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج إلى بذل مال، و في غيره

يحتاج إلى ذلك، لا يجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه.

(مسألة 295): كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة.

(مسألة 296): إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 85

الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه، و مع عدمه يدفن عاريا، و لا يجب على المسلمين بذل كفنه.

[مستحبات التكفين]

تكملة: فيما ذكروا من سنن هذا الفصل، يستحب في الكفن العمامة للرجل و يكفي فيها المسمى، و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل أطرافها تحت حنكه على صدره، الأيمن على الأيسر، و الأيسر على الأيمن و المقنعة للمرأة، و يكفي فيها أيضا المسمى، و لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها، و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكرا كان أو أنثى، و خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما، و لفافة فوق الازار يلف بها تمام بدن الميت، و الأولى كونها بردا يمانيا، و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه، يستر به العورتان، و يوضع عليه شي ء من الحنوط، و أن يحشى دبره و منخراه، و قبل المرأة إذا خيف خروج شي ء منها، و إجادة الكفن، و أن يكون من القطن، و أن يكون أبيض، و أن يكون من خالص المال و طهوره، و أن يكون ثوبا قد أحرم، أو صلى فيه، و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، و أن يكتب على حاشية الكفن: فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و ان محمدا رسول اللّه، ثمّ يذكر الأئمة عليهم السّلام واحدا بعد واحد، و أنهم أولياء اللّه و أوصياء

رسوله، و أن البعث و الثواب و العقاب حق، و أن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير، و الكبير، و يلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة، فيكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت، و قيل: ينبغي أن يكون ذلك في شي ء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشدّ في يمينه، لكنه لا يخلو من تأمل، و يستحب في التكفين أن يجعل طرف الأيمن من اللفافة على ايسر الميت، و الأيسر على أيمنه، و أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، و إن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات، و رجليه إلى الركبتين، و يغسل كل موضع تنجس من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 86

بدنه، و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة، و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه. و يكره قطع الكفن بالحديد، و عمل الأكمام و الزرور له، و لو كفن في قميصه قطع أزراره و يكره بل الخيوط التي تخاط بها بريقه، و تبخيره، و تطييبه بغير الكافور و الذريرة، و أن يكون أسود بل مطلق المصبوغ، و أن يكتب عليه بالسواد، و أن يكون من الكتان، و أن يكون ممزوجا بابريسم، و المماكسة في شرائه، و جعل العمامة بلا حنك و كونه و سخا، و كونه مخيطا.

(مسألة 297): يستحب لكل أحد أن يهيئ كفنه قبل موته و أن يكرر نظره إليه.

الفصل الرابع في التحنيط:

يجب إمساس مساجد الميت السبعة بالكافور، و يكفي المسمى، و الأحوط- وجوبا- أن يكون بالمسح باليد، بل بالراحة، و الأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية، و يستحب سحقه باليد، كما يستحب مسح مفاصله و

لبته، و صدره، و باطن قدميه، و ظاهر كفيه.

(مسألة 298): محل التحنيط بعد التغسيل، أو التيمم، قبل التكفين أو في أثنائه.

(مسألة 299): يشترط في الكافور أن يكون طاهرا مباحا مسحوقا له رائحة.

(مسألة 300): يكره إدخال الكافور في عين الميت، و أنفه، و أذنه و على وجهه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 87

الفصل الخامس في الجريدتين:

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان، إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، و الأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص و الازار، و الأولى أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسر فمن السدر، فإن لم يتيسر فمن الرمان أو الخلاف، و الرمان مقدم على الخلاف، و إلا فمن كل عود رطب.

(مسألة 301): إذا تركت الجريدتان لنسيان، أو نحوه، فالأولى جعلهما فوق القبر، واحدة عند رأسه، و الأخرى عند رجليه.

(مسألة 302): الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم، و يلزم الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة و لو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه.

الفصل السادس في الصلاة على الميت:
اشارة

تجب الصلاة وجوبا كفائيا على كل ميت مسلم سواء أ كان ذكرا أم أنثى، حرا أم عبدا، مؤمنا أم مخالفا، عادلا أم فاسقا، و لا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين، و في استحبابها على ما لم يبلغ ذلك و قد تولّد حيا إشكال، و الأحوط الإتيان بها برجاء المطلوبية، و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهرا، و كذا لقيط دار الإسلام بل دار الكفر، إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط.

(مسألة 303): الأحوط في كيفيتها أن يكبّر أولا، و يتشهد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 88

الشهادتين، ثمّ يكبّر ثانيا، و يصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله ثمّ يكبّر ثالثا و يدعو للمؤمنين، ثمّ يكبر رابعا و يدعو للميت، ثمّ يكبر خامسا و ينصرف، و الأحوط استحبابا الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة و لا قراءة فيها و لا تسليم، و يجب فيها أمور:

منها: النية على نحو ما تقدم في

الوضوء.

و منها: حضور الميت فلا يصلى على الغائب.

و منها: استقبال المصلي القبلة.

و منها: أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي، و رجلاه إلى جهة يساره.

و منها: أن يكون مستلقيا على قفاه.

و منها: وقوف المصلي خلفه محاذيا لبعضه، إلا أن يكون مأموما و قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.

و منها: أن لا يكون المصلي بعيدا عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.

و منها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر، أو جدار، و لا يضر الستر بمثل التابوت و نحوه.

و منها: أن يكون المصلي قائما، فلا تصح صلاة غير القائم، إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

و منها: الموالاة بين التكبيرات و الأدعية.

و منها: أن تكون الصلاة بعد التغسيل و التحنيط و التكفين، و قبل الدفن.

و منها: أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر، و اللبن إن تعذر الكفن.

و منها: إباحة مكان المصلي على الاحوط بل لا يبعد اعتبارها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 89

و منها: إذن الولي على الأحوط إلا إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معيّن فلم يأذن له الولي و أذن لغيره فلا يحتاج إلى الإذن.

(مسألة 304): لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث و الخبث، و إباحة اللباس، و ستر العورة، و إن كان الأحوط اعتبار جميع شرائط الصلاة، بل لا يترك الاحتياط وجوبا بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الالتفات عن القبلة.

(مسألة 305): إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا، بنى على العدم، و إذا صلى و شك في صحة الصلاة و فسادها بنى على الصحة، و إذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه

الصحيح، و كذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها على الأحوط.

(مسألة 306): يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد، لكنه مكروه إلا إذا كان الميت من أهل الشرف في الدين.

(مسألة 307): لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة، صلى على قبره ما لم يتلاش بدنه.

[مستحبات الصلاة على الميت]

(مسألة 308): يستحب أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل و عند صدر المرأة.

(مسألة 309): إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها، و الأولى مع اجتماع الرجل و المرأة، أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي، و يجعل صدرها محاذيا لوسط الرجل، و يجوز جعل الجنائز صفا واحدا، فيجعل رأس كل واحد عند ألية الآخر، شبه الدرج و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع، تثنية الضمير، و جمعه.

(مسألة 310): يستحب في صلاة الميت الجماعة، و يعتبر في الإمام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 90

أن يكون جامعا لشرائط الإمامة، من البلوغ، و العقل، و الإيمان، بل يعتبر فيه العدالة أيضا على الأحوط استحبابا و الأحوط- وجوبا- اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد، و الحائل، و أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم، و غير ذلك.

(مسألة 311): إذا حضر شخص في اثناء صلاة الإمام، كبر مع الإمام، و جعله أول صلاته و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء و إن كان الدعاء أحوط.

(مسألة 312): لو صلى الصبي على الميت، لم تجز صلاته عن صلاة البالغين و إن كانت صلاته صحيحة.

(مسألة 313): إذا كان الولي للميت امرأة، جاز لها مباشرة الصلاة و

الاذن لغيرها ذكرا كان، أو أنثى.

(مسألة 314): لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئا عن المأموم.

(مسألة 315): قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا.

منها: أن يكون المصلي على طهارة، و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ، أو اغتسل.

و منها: رفع اليدين عند التكبير.

و منها: أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية.

و منها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

و منها: أن يقف المأموم خلف الإمام، هذا إذا كان الإمام رجلا، و أمّا في إمامة المرأة للنساء فتقوم في وسطهن في الصف الأول من غير أن تبرز.

و منها: الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين.

و منها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة- ثلاث مرات-.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 91

[أقل ما يجزي في صلاة الميت]

(مسألة 316): أقل ما يجزئ من الصلاة أن يقول المصلي: اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد أن محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ يقول: اللّه أكبر اللهم صلى على محمد و آل محمد، ثمّ يقول: اللّه أكبر اللهم اغفر للمؤمنين، ثمّ يقول: اللّه أكبر اللهم اغفر لهذا، و يشير إلى الميت، ثمّ يقول: اللّه أكبر.

الفصل السابع في التشييع:

يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، و يستحب لهم تشييعه، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة، ففي بعضها من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات. و لم يقل شيئا إلا و قال الملك: و لك مثل ذلك، و في بعضها أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره، أن يغفر لمن تبع جنازته، و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة، خاشعا متفكرا، حاملا للجنازة على الكتف، قائلا حين الحمل:

بسم اللّه و باللّه و صلى اللّه على محمد و آل محمد، اللّهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و يكره الضحك، و اللعب، و اللهو، و الإسراع في المشي، و أن يقول: ارفقوا به، و استغفروا له، و الركوب و المشي قدام الجنازة، و الكلام بغير ذكر اللّه تعالى و الدعاء و الاستغفار، و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة، فإنه يستحب له ذلك، و أن يمشي حافيا.

الفصل الثامن في الدفن:
[أحكام الدفن]

تجب كفاية مواراة الميت في الأرض، بحيث يؤمن على جسده من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 92

السباع، و إيذاء رائحته للناس، و لا يكفي وضعه في بناء، أو تابوت، و إن حصل فيه الأمران، و يجب وضعه على الجانب الأيمن موجها وجهه إلى القبلة، و إذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط، و مع تعذّره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير، و إذا كان الميت في البحر، و لم يمكن دفنه في البر، و لو بالتأخير غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و نحوها كالصندوق من حديد و أحكم رأسها و ألقي في البحر، أو ثقل بشد حجر أو نحوه برجليه ثمّ يلقى

في البحر، و الأحوط وجوبا اختيار الأول مع الإمكان و كذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و تمثيله.

(مسألة 317): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين، و كذا العكس.

(مسألة 318): إذا ماتت الحامل الكافرة، و مات في بطنها حملها من مسلم، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر، مستدبرة للقبلة و كذلك الحكم إن كان الجنين لم تلجه الروح.

(مسألة 319): لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة، و البالوعة، و لا في مكان مملوك بغير إذن المالك، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس، و المساجد، و الحسينيات المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك.

(مسألة 320): لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورته ترابا، نعم إذا كان القبر منبوشا، جاز الدفن فيه على الأقوى.

[مستحبات الدفن]

(مسألة 321): يستحب حفر القبر قدر قامة، أو إلى الترقوة و أن يجعل له الحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت، و يسقف عليه ثمّ يهال عليه التراب، و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة، و الذكر عند

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 93

تناول الميت، و عند وضعه في اللحد، و التحفّي، و حلّ الأزرار و كشف الرأس للمباشرة لذلك، و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس، و أن يحسر عن وجهه و يجعل خده على الأرض و يعمل له وسادة من تراب، و أن يوضع شي ء من تربة الحسين عليه السّلام معه و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السّلام، و أن يسد اللحد

باللبن و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين، و أن يهيل الحاضرون غير ذي الرحم التراب بظهور الأكف، و طم القبر و تربيعه لا مثلثا، و لا مخمسا، و لا غير ذلك، ورش الماء عليه دورا يستقبل القبلة، و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شي ء صب على وسطه، و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزا بعد الرش، و لا سيما إذا كان الميت هاشميا، أو الحاضر لم يحضر الصلاة عليه، و الترحم عليه بمثل: اللهم جاف الأرض عن جنبيه، و صعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليّين، و الحقه بالصالحين، و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعا صوته، و أن يكتب اسم الميت على القبر، أو على لوح، أو حجر و ينصب على القبر.

[مكروهات الدفن]

(مسألة 322): يكره دفن ميتين في قبر واحد، و نزول الأب في قبر ولده، و غير المحرم في قبر المرأة، و إهالة الرحم التراب، و فرش القبر بالساج من غير حاجة، و تجصيصه و تطيينه و تسنيمه و المشي عليه و الجلوس و الاتكاء و كذا البناء عليه و تجديده، إلا أن يكون الميت من أهل الشرف.

(مسألة 323): يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر، إلا المشاهد المشرفة، و المواضع المحترمة، فإنه يستحب، و لا سيما الغري و الحائر و في بعض الروايات أن من خواص الأول، إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير.

(مسألة 324): لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن و ما بعده إذا اتفق تحقق النبش، بل لا يبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الولي و لم يلزم هتك حرمة الميت.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 94

(مسألة 325): يحرم نبش قبر

المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه، و صيرورته ترابا، من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون،

[موارد جواز النبش]

و يستثنى من ذلك موارد:

منها: ما إذا كان النبش لمصلحة الميت، كالنقل إلى المشاهد، كما تقدم، أو لكونه مدفونا في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة، أو بالوعة، أو نحوهما، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل، أو سبع، أو عدو.

و منها: ما لو عارضه أمر راجح أهم، كما إذا توقف دفع مفسدة على رؤية جسده.

و منها: ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي، كما إذا دفن معه مال غيره، من خاتم و نحوه، فينبش لدفع ذلك الضرر المالي، و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته.

و منها: ما إذا دفن بلا غسل، أو بلا تكفين أو تبيّن بطلان غسله، أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي، لوضعه في القبر على غير القبلة، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته، و إلا ففيه إشكال.

(مسألة 326): لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم اللّه تعالى) بوضع الميت في موضع و البناء عليه، ثمّ نقله إلى المشاهد المشرفة، بل اللازم أن يدفن بمواراته في الأرض مستقبلا بوجهه القبلة على الوجه الشرعي، ثمّ ينقل بعد ذلك بإذن الولي على نحو لا يؤدي إلى هتك حرمته.

(مسألة 327): إذا وضع الميت في سرداب، جاز فتح بابه و إنزال ميت آخر فيه، إذا لم يظهر جسد الأول، إمّا للبناء عليه، أو لوضعه في لحد داخل السرداب، و أمّا إذا كان بنحو يظهر جسده

ففي جوازه إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 95

(مسألة 328): إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحا وجب، و إلا جاز تقطيعه، و يتحرى الأرفق فالأرفق، و إن ماتت هي دونه، شق بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل دخله في حياته، و إلا فمن أي جانب كان و أخرج، ثمّ يخاط بطنها، و تدفن.

(مسألة 329): إذا وجد بعض الميت، و فيه الصدر، غسل و حنط و كفن و صلي عليه و دفن، و كذا إذا كان الصدر وحده، أو بعضه على الأحوط وجوبا، و في الأخيرين يقتصر في التكفين على القميص و الازار و في الأول يضاف إليهما المئزر إن وجد له محل، و إن وجد غير عظم الصدر مجردا كان، أو مشتملا عليه اللحم، غسل و حنط و لف بخرقة و دفن على الأحوط وجوبا و لم يصل عليه، و إن لم يكن فيه عظم لف بخرقة و دفن على الأحوط وجوبا.

(مسألة 330): السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن و لم يصل عليه، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة و دفن على الأحوط وجوبا، لكن لو ولجته الروح حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه.

المقصد السادس غسل مس الميت

يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده و قبل إتمام غسله، مسلما كان أو كافرا، حتى السقط إذا و لجته الروح و إن لم يتم له أربعة أشهر على الأحوط، و لو غسله الكافر لفقد المماثل، أو غسل بالقراح لفقد الخليط، فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه و لو يمّم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 96

(مسألة 331): لا فرق في

الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن، كما لا فرق بين كون الماس و الممسوس مما تحلّه الحياة و عدمه و العبرة في وجوب الغسل بالمس بالشعر، أو بمسّه بالصدق العرفي، و يختلف ذلك بطول الشعر و قصره.

(مسألة 332): لا فرق بين العاقل و المجنون، و الصغير و الكبير و المس الاختياري و الاضطراري.

(مسألة 333): إذا مس الميت قبل برده، لم يجب الغسل بمسه، نعم يتنجس العضو الماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما، و إن كان الأحوط تطهيره مع الجفاف أيضا.

(مسألة 334): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت إذا كانت مشتملة على العظم، و كذا في القطعة المبانة من الحي على الأحوط دون الخالية من العظم و دون العظم المجرد من الحي، أما العظم المجرد من الميت، المنفصل عن سائر العظام، أو السن منه، فالأحوط استحبابا الغسل بمسه.

(مسألة 335): إذا قلع السن من الحي و كان معه لحم يسير، لم يجب الغسل بمسه.

(مسألة 336): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها، و قراءة العزائم، نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث مسه، و لا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل، و الأحوط ضم الوضوء إليه. و إن كان الأظهر عدم وجوبه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 97

المقصد السابع الأغسال المندوبة زمانية، و مكانية، و فعلية
الأول: الأغسال الزمانية،

و لها أفراد كثيرة:

منها: غسل الجمعة، و هو أهمّها حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف، و وقته من طلوع الفجر الثاني من يوم الجمعة إلى الغروب على الأظهر، و الأحوط أن ينوي فيما بين الزوال إلى الغروب القربة المطلقة، و إذا فاته إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب، و يجوز

تقديمه يوم الخميس رجاء إن خاف إعواز الماء يوم الجمعة، و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه، و إذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

(مسألة 337): يصح غسل الجمعة من الجنب و الحائض، و يجزئ عن غسل الجنابة و الحيض إذا كان بعد النقاء على الأقوى.

و منها: غسل يوم العيدين، و وقته من الفجر إلى زوال الشمس و الأولى الإتيان به قبل الصلاة، و غسل ليلة الفطر، و الأولى الإتيان به أول الليل و يوم عرفة و الأولى الإتيان به قبيل الظهر، و يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجّة، و الليلة الأولى و السابع عشرة، و الرابعة و العشرين من شهر رمضان و ليالي القدر، و الغسل عند احتراق القرص في الكسوف و الخسوف.

(مسألة 338): جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة واحدة، و لا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها و يتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها.

و الثاني: الأغسال المكانية،

و لها أيضا أفراد كثيرة، كالغسل لدخول

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 98

الحرم، و لدخول مكة، و لدخول الكعبة، و لدخول حرم الرسول صلّى اللّه عليه و آله و لدخول المدينة.

(مسألة 339): وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريبا منه. نعم في الحرم و مكة يجوز الاغتسال لدخولهما بعد أن يدخل فيهما.

و الثالث: الأغسال الفعلية

و هي قسمان: القسم الأول: ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام، أو لزيارة البيت، و الغسل للذبح و النحر، و الحلق، و الغسل للاستخارة، أو الاستسقاء، أو المباهلة مع الخصم، و الغسل لوداع قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا عالما به مع احتراق القرص و الغسل للتوبة على وجه، و القسم الثاني: ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله.

(مسألة 340): يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه، و أول الليل لليلته، و لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة، و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل.

(مسألة 341): هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر و الظاهر أنها تغني عن الوضوء، و هناك أغسال أخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة، و لكنه لم يثبت عندنا استحبابها و لا بأس بالإتيان بها رجاء، و هي كثيرة نذكر جملة منها:

1- الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك و جميع ليالي العشر الأخيرة منه و أول يوم منه.

2- غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

3- الغسل في يوم الغدير و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص:

99

و في اليوم الرابع و العشرين منه.

4- الغسل يوم النيروز، و أول رجب، و آخره، و نصفه، و يوم المبعث و هو السابع و العشرون منه.

5- الغسل في اليوم النصف من شعبان، و أما غسل ليلة النصف منه فلا يبعد استحبابه.

6- الغسل في اليوم التاسع، و السابع عشر من ربيع الأول.

7- الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

8- الغسل لزيارة كل معصوم من قريب أو بعيد.

9- الغسل لقتل الوزغ، و هذه الأغسال لا يغني شي ء منها عن الوضوء.

المبحث الخامس التيمّم

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول في مسوغاته:

و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية و هو أمور: الأول: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لوضوئه، أو غسله.

(مسألة 342): إن علم بفقد الماء لم يجب عليه الفحص عنه، و إن احتمل وجوده في رحله أو في القافلة، فالأحوط الفحص إلى أن يحصل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 100

العلم، أو الاطمئنان بعدمه، و لا يبعد عدم وجوبه فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك و احتمل حدوثه، و أما إذا احتمل وجود الماء و هو في الفلاة وجب عليه الطلب فيها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة و سهمين في الأرض السهلة في الجهات الأربع إن احتمل وجوده في كل واحدة منها، و إن علم بعدمه في بعض معين من الجهات الأربع لم يجب عليه الطلب فيها، فإن لم يحتمل وجوده إلا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها دون غيرها، و البينة بمنزلة العلم و كذا خبر العدل و الثقة بل و خبر من يعيش في تلك الأطراف و إن لم يعلم حاله، فإن شهدوا بعدم الماء في جهة، أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها.

(مسألة 343): يجوز الاستنابة في الطلب إذا كان النائب ثقة على الأظهر، و أما إذا حصل العلم أو الاطمئنان من قوله فلا إشكال.

(مسألة 334): إذا أخل بالطلب و تيمم صح تيممه إن صادف عدم الماء.

(مسألة 345): إذا علم أو اطمأن بوجود الماء في خارج الحد المذكور وجب عليه السعي إليه و إن بعد، إلا أن يلزم منه مشقة عظيمة.

(مسألة 346): إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجد لم تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت، و إن احتمل العثور على الماء لو

أعاد الطلب لاحتمال تجدد وجوده، و أما إذا انتقل عن ذلك المكان فيجب الطلب مع احتمال وجوده.

(مسألة 347): إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة و إن احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدد وجوده.

(مسألة 348): المناط في السهم و الرمي و القوس، و الهواء و الرامي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 101

هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة و الضعف.

(مسألة 349): يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت، كما يسقط إذا خاف على نفسه، أو ماله من لص، أو سبع، أو نحو ذلك، و كذا إذا كان في طلبه حرج و مشقة لا تتحمل.

(مسألة 350): إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى، لكن الأقوى صحة صلاته حينئذ و إن علم أنه لو طلب لعثر، لكن الأحوط استحبابا القضاء خصوصا في الفرض المذكور.

(مسألة 351): إذا ترك الطلب و تيمم في سعة الوقت و صلى و لو في ضيق الوقت بطلت صلاته و إن تبيّن عدم وجود الماء، نعم لو تيمّم و صلّى برجاء عدم الماء ثمّ تبين عدمه فالأقوى صحتها.

(مسألة 352): إذا طلب الماء فلم يجد، فتيمم و صلى ثمّ تبين وجوده في محل الطلب من الرمية، أو الرميتين، أو الرحل، أو القافلة فالأحوط الإعادة في الوقت، إذا لم يكن التبين بتكرار فحصه في ذلك الموضع و إلا فلا تجب الإعادة. نعم لا يجب القضاء إذا كان التبين خارج الوقت.

(مسألة 353): إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة، و في بعضها سهلة، يلحق كلا حكمه من الرمية و الرميتين.

الثاني: عدم التمكن من الوصول إلى الماء لعجز عنه و لو كان عجزا شرعيا، أو ما بحكمه، بأن كان

الماء في إناء مغصوب، أو لخوفه على نفسه أو عرضه، أو ماله من سبع، أو عدو، أو لص، أو ضياع، أو غير ذلك.

الثالث: خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض أو زيادته أو بطؤه، على النفس، أو بعض البدن، و منه الرمد المانع من استعمال الماء كما أنّ منه خوف الشين، الذي يعسر تحمله و هو الخشونة المشوهة للخلقة، و المؤدية في بعض الأبدان إلى تشقق الجلد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 102

الرابع: خوف العطش على نفسه، أو على غيره الواجب حفظه عليه أو على نفس حيوان يكون من شأن المكلف الاحتفاظ بها و الاهتمام بشأنها- كدابته و شاته و نحوهما- مما يكون تلفه موجبا للحرج أو الضرر.

الخامس: توقف تحصيله على الاستيهاب الموجب لذلته، و هو انه، أو على شرائه بثمن يضر بحاله، و يلحق به كل مورد يكون الوضوء فيه حرجيا لشدة حرّ، أو برد، أو نحو ذلك.

السادس: أن يكون مبتلى بواجب يتعين صرف الماء فيه على نحو لا يقوم غير الماء مقامه، مثل إزالة الخبث عن المسجد، فيجب عليه التيمم و صرف الماء في إزالة الخبث، و إذا دار الأمر بين إزالة الحدث و إزالة الخبث عن لباسه أو بدنه فالأحوط أن يصرف الماء أولا في إزالة الخبث ثمّ يتيمم بعد ذلك.

السابع: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت، فيجوز التيمم في جميع الموارد المذكورة.

(مسألة 354): إذا خالف المكلف عمدا فتوضأ في مورد يكون الوضوء فيه حرجيا- كالوضوء في شدة البرد- صح وضوؤه و إذا خالف في مورد يكون الوضوء فيه محرما بطل وضوؤه، و إذا خالف في مورد يجب فيه

حفظ الماء- كما في الأمر الرابع- فالأظهر بطلان وضوئه، إذا كان ناويا للوضوء بصبّ الماء على العضو حيث إنّ الغسل المساوق للصب هنا إتلاف للماء الواجب حفظه. نعم إذا أراقه على العضو ثمّ ردّه من الأسفل إلى الأعلى و نوى الوضوء بالغسل من الأعلى إلى الأسفل، فالظاهر صحة وضوئه حينئذ، و أمّا إذا كان الواجب صرف الماء في غير الوضوء لا وجوب حفظه- كما في وجوب صرفه في تطهير المسجد- فيكون الوضوء محكوما بالصحة مطلقا.

(مسألة 355): إذا خالف فتطهر بالماء لعذر من نسيان، أو غفلة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 103

صح و ضوؤه في جميع الموارد المذكورة و كذلك مع الجهل فيما إذا لم يكن الوضوء محرما في الواقع أما إذا توضأ في ضيق الوقت فإن نوى الأمر المتعلق بالوضوء فعلا صح، من غير فرق بين العمد و الخطأ، و كذلك ما إذا نوى الأمر الأدائي فيما إذا لم يكن مشرّعا في عمله.

(مسألة 356): إذا آوى إلى فراشه و ذكر أنه ليس على وضوء جاز له التيمم رجاء و إن تمكّن من استعمال الماء، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء و إدراك الصلاة، بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء.

الفصل الثاني فيما يتيمم به:

الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضا، سواء أ كان ترابا، أم رملا، أو مدرا، أم حصى، أم صخرا أملس، و منه أرض الجص و النورة قبل الإحراق، و لا يعتبر علوق شي ء منه باليد، و إن كان الأحوط استحبابا الاقتصار على التراب مع الإمكان.

(مسألة 357): لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض و إن كان أصله منه، كالرماد، و النبات، و المعادن، و الذهب، و الفضة

و نحوها مما لا يسمى ارضا و أما العقيق، و الفيروزج و نحوهما، من الأحجار الكريمة فالأحوط أن لا يتيمم بها، و كذلك الخزف، و الجص النورة، بعد الإحراق حال الاختيار، و مع الانحصار لزمه التيمم بها و الصلاة، و الأحوط القضاء خارج الوقت.

(مسألة 358): لا يجوز التيمم بالنجس، و لا المغصوب، و لا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكا فيه عرفا،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 104

و لو أكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمم به.

(مسألة 359): إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، و إذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح، بل يجب ذلك مع الانحصار، و كذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.

(مسألة 360): إذا عجز عن التيمم بالأرض لأحد الأمور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية يتيمم بالغبار المجتمع على ثوبه، أو عرف دابته أو نحوهما، إذا كان غبار ما يصح التيمم به دون غيره كغبار الدقيق و نحوه، و يجب مراعاة الأكثر فالأكثر على الأحوط، و إذا أمكنه نقض الغبار و جمعه على نحو يصدق عليه التراب تعين ذلك.

(مسألة 361): إذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل و هو الطين، و إذا أمكن تجفيفه و التيمم به، تعين ذلك.

(مسألة 362): إذا عجز عن الأرض، و الغبار، و الوحل، كان فاقدا للطهور، و الأحوط له الصلاة في الوقت و القضاء في خارجه، و إن كان الأظهر عدم وجوب الأداء، و إذا تمكن من الثلج و لم تمكنه إذابته و الوضوء به، و لكن أمكنه مسح أعضاء الوضوء به على نحو يتحقق مسمى الغسل وجب و اجتزأ به، و إذا كان على نحو

لا يتحقق الغسل تعين التيمم و إن كان الأحوط له الجمع بين التيمم و المسح به و الصلاة في الوقت.

(مسألة 363): الأحوط الأولى نفض اليدين بعد الضرب، و يستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض و عواليها، و يكره أن يكون من مهابطها، و أن يكون من تراب الطريق.

الفصل الثالث [كيفية التيمم]

كيفية التيمم أن يضرب بيده على الأرض، و أن يكون دفعة واحدة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 105

على الأحوط وجوبا، و أن يكون بباطنهما ثمّ يمسح بهما جميعا تمام جبهته و جبينه، من قصاص الشعر إلى الحاجبين، و إلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، و الأحوط مسح الحاجبين أيضا، ثمّ مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى، ثمّ مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

(مسألة 364): لا يجب المسح بتمام كل من الكفين، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة و الجبينين.

(مسألة 365): المراد من الجبهة الموضع المستوي، و المراد من الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

(مسألة 366): الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلا عن الغسل، أو الوضوء، و إن كان الأحوط تعدد الضرب فيضرب ضربة للوجه و ضربة للكفين، و يكفي في الاحتياط أن يمسح الكفين مع الوجه في الضربة الأولى، ثمّ يضرب ضربة ثانية فيمسح كفيه.

(مسألة 367): إذا تعذر الضرب و المسح بالباطن، انتقل إلى الظاهر و كذا إذا كان نجسا نجاسة متعدية و لم تمكن الإزالة، أمّا إذا لم تكن متعدية ضرب به و مسح، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح و الممسوح مطلقا، و إذا كان على الممسوح حائل لا تمكن إزالته مسح

عليه، أما إذا كان ذلك على الباطن الماسح فالأحوط وجوبا الجمع بين الضرب و المسح به، و الضرب و المسح بالظاهر.

(مسألة 368): المحدث بالأصغر يتيمم بدلا عن الوضوء، و الجنب يتيمم بدلا عن الغسل، و المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل، و عليه أن يتيمم أيضا عن الوضوء، و إذا تمكن من الوضوء دون الغسل أتى به و تيمم عن الغسل، و إذا تمكن من الغسل أتى به و هو يغني عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 106

الوضوء إلا في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فإن لم يتمكن تيمم عنه.

الفصل الرابع [أحكام التيمم]

يشترط في التيمم النية، على ما تقدم في الوضوء مقارنا بها الضرب على الأظهر.

(مسألة 369): لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل، بل تكفي نية الأمر المتوجه إليه، و مع تعدد الأمر لا بد من تعيينه بالنية.

(مسألة 370): الأقوى أن التيمم رافع للحدث حال الاضطرار لكن لا تجب فيه نية الرفع و لا نية الاستباحة للصلاة مثلا.

(مسألة 371): يشترط فيه المباشرة و الموالاة حتى فيما كان بدلا عن الغسل، و يشترط فيه أيضا الترتيب على حسب ما تقدم، و الأحوط وجوبا البدأة من الأعلى و المسح منه إلى الأسفل.

(مسألة 372): مع الاضطرار يسقط المعسور، و يجب الميسور على حسب ما عرفت في الوضوء من حكم الأقطع، و ذي الجبيرة، و الحائل و العاجز عن المباشرة، كما يجري هنا حكم اللحم الزائد، و اليد الزائدة و غير ذلك.

(مسألة 373): العاجز ييممه غيره و لكن يضرب بيدي العاجز و يمسح بهما مع الإمكان، و مع العجز يضرب المتولي بيدي نفسه، و يمسح بهما.

(مسألة 374): الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه و

مسح البشرة تحته، و أما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 107

(مسألة 375): إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و إن كانت لجهل أو نسيان، أما لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

(مسألة 376): الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمم.

(مسألة 377): الأحوط وجوبا اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم، و إذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.

(مسألة 378): إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت، و لكن الشك إذا كان في الجزء الأخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في الأمر المرتب عليه من صلاة و نحوها، فالأحوط الالتفات إلى الشك، و لو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت، و إن كان الأحوط استحبابا التدارك.

الفصل الخامس أحكام التيمم [مسوغات التيمم]:

لا يجوز التيمم لصلاة موقتة قبل دخول وقتها مع احتمال وجدان الماء بعد دخول الوقت، و يجوز عند ضيق وقتها، و في جوازه في السعة إشكال، و الأظهر الجواز مع اليأس عن التمكن من الماء، و لو اتفق التمكن منه بعد الصلاة وجبت الإعادة إذا كان العذر غير فقد الماء، و أما في فقده فلا تجب الإعادة.

(مسألة 379): إذا تيمم لصلاة فريضة، أو نافلة، لعذر ثمّ دخل وقت أخرى فإن يئس من ارتفاع العذر و التمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة إلى الصلاة في سعة وقتها، بل تجوز المبادرة مع عدم اليأس أيضا، و على كلا التقديرين، فإن ارتفع العذر أثناء الوقت لا تجب الإعادة في صورة اليأس و كان العذر فقد الماء و إلا وجبت.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 108

(مسألة 380): لو وجد الماء في أثناء العمل،

فإن كان دخل في صلاة فريضة أو نافلة و كان وجدانه بعد الدخول في ركوع الركعة الأولى مضى في صلاته و صحت على الأقوى، و لو كان وجدانه قبل ذلك يتعين الاستئناف بعد الطهارة المائية.

(مسألة 381): إذا تيمم المحدث بالأكبر بدلا عن غسل الجنابة ثمّ أحدث بالأصغر، انتقض تيممه و لزمه التيمم بعد ذلك، و الأحوط استحبابا الجمع بين التيمم و الوضوء، و لو كان التيمم بدلا عن الحدث الأكبر غير الجنابة، ثمّ أحدث بالأصغر لزمه التيمم بدلا عن الغسل مع الوضوء، فإن لم يتمكن من الوضوء أيضا لزمه تيمم آخر بدلا عنه.

(مسألة 382): لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء، أو الغسل بعد دخول الوقت، و إذا تعمد إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة، وجب عليه التيمم مع اليأس من الماء و أجزأ، و لو تمكن بعد ذلك وجبت عليه الإعادة في الوقت، و لا يجب القضاء إذا كان التمكن خارج الوقت، و لو كان على وضوء لا يجوز إبطاله بعد دخول الوقت إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه، و لو أبطله و الحال هذه وجب عليه التيمم و أجزأ أيضا على ما ذكر، و كذلك لا يجوز إبطال الوضوء بعد دخول الوقت على الأحوط إذا احتمل عدم تمكّنه منه بعد ذلك إلى آخر الوقت.

(مسألة 383): يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل، و كذا كل ما يتوقف كما له على الطهارة إذا كان مأمورا به على الوجه الكامل، كقراءة القرآن، و الكون في المساجد و نحو ذلك بل لا يبعد مشروعيته للكون على الطهارة، بل الظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأمورا به- كمس

القرآن و مس اسم اللّه تعالى- كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 109

(مسألة 384): إذا تيمم المحدث لغاية، جازت له كل غاية و صحت منه، فإذا تيمم للكون على الطهارة صحت منه الصلاة، و جاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك مما يتوقف صحته أو كماله، أو جوازه على الطهارة المائية، نعم لا يجزئ ذلك فيما إذا تيمم لضيق الوقت.

(مسألة 385): ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية و إن تعذرت عليه بعد ذلك، و إذا وجد من تيمم تيممين- من الماء- ما يكفيه لوضوئه، انتقض تيممه الذي هو بدل عنه، و إذا وجد ما يكفيه للغسل انتقض ما هو بدل عنه خاصة و إن أمكنه الوضوء به، هذا بناء على ما هو الأظهر من إغناء كلّ غسل عن الوضوء، فلو فقد الماء بعد ذلك أعاد التيمم بدلا عن الغسل خاصة إلا في المستحاضة المتوسطة فإنّه تتيمّم تيممين بعد فقد الماء لبطلانهما بوجدان الماء الكافي لأحدهما.

(مسألة 386): إذا وجد جماعة متيممون ماء مباحا لا يكفي إلا لأحدهم، فإن تسابقوا إليه جميعا و لم يسبق أحدهم، لم يبطل تيممهم، و إن سبق واحد منهم بطل تيمم السابق، و إن لم يتسابقوا إليه، بطل تيمم الجميع، و كذا إذا كان الماء مملوكا و أباحه المالك للجميع، و إن أباحه لبعضهم، بطل تيمم ذلك البعض لا غير.

(مسألة 387): حكم التداخل الذي مرّ سابقا في الأغسال يجري في التيمم أيضا، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل، يكفي تيمم واحد عن الجميع، و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة، لم يحتج إلى الوضوء، أو التيمم بدلا عنه، و إلا وجب الوضوء، أو

تيمم آخر بدلا عنه، سواء أ كان محدثا بالأصغر أم لا، بناء على ما هو الأظهر من كون الحدث الأكبر أيضا ناقضا للوضوء.

(مسألة 388): إذا اجتمع جنب، و محدث بالأصغر، و ميت،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 110

و كان هناك ماء لا يكفي إلا لأحدهم، فإن كان مملوكا لأحدهم تعين صرفه لنفسه، و إلا فالمشهور أنه يغتسل الجنب، و ييمّم الميت، و يتيمم المحدث بالأصغر و لكن تعين صرفه في الجنب لا يخلو عن إشكال. نعم إذا كان ذلك قبل دخول وقت الفريضة فالظاهر أنه لا بد من صرفه في تغسيل الميت.

(مسألة 389): إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين، أو الاطمئنان بالعدم.

المبحث السادس الطهارة من الخبث

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [الأعيان النجسة]

في عدد الأعيان النجسة و هي عشرة:

الأول و الثاني: البول و الغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل بالاصل، أو بالعارض، كالجلال و الموطوء، أما ما لا نفس له سائلة أو كان محلل الأكل، فبوله و خرؤه طاهران.

(مسألة 390): بول الطير، و ذرقه، طاهران و إن كان غير مأكول اللحم، كالخفاش، و الطاوس، و نحوهما.

(مسألة 391): ما يشك في أنه له نفس سائلة، محكوم بطهارة بوله و خرئه، و كذا ما يشك في أنه محلل الأكل، أو محرمه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 111

الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة و إن حل أكل لحمه، و أما منى ما لا نفس له سائلة فطاهر.

الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة و إن كان محلل الأكل، و كذا أجزاؤها المبانة منها و إن كانت صغارا.

(مسألة 392): الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة، و يستثنى من ذلك الثالول، و البثور، و ما يعلو الشفة، و القروح، و نحوها عند البرء و قشور الجرب، و نحوه، المتصل بما ينفصل من شعره، و ما ينفصل بالحك، و نحوه من بعض الأبدان، فإن ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

(مسألة 393): أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة، و هي الصوف، و الشعر، و الوبر، و العظم، و القرن، و المنقار، و الظفر، و المخلب، و الريش، و الظلف، و السن، و البيضة إذا اكتست القشر الأعلى، و إن لم يتصلب سواء أ كان ذلك كله مأخوذا من الحيوان الحلال أم الحرام، و سواء أخذ بجز، أم نتف، أم غيرهما، نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة، و يلحق بالمذكورات الأنفحة، و

كذلك اللبن في الضرع، إذا كان مما يؤكل لحمه. و لا ينجس بملاقاة الضرع النجس، و إن كان الأحوط استحبابا اجتنابه.

هذا كله في ميتة طاهرة العين. أمّا ميتة نجسة العين: فلا يستثنى منها شي ء.

(مسألة 394): فأرة المسك طاهرة، إذا انفصلت من الظبي الحي، أما إذا انفصلت من الميت ففيها إشكال، و مع الشك في ذلك يبنى على الطهارة، و أما المسك فطاهر على كل حال، إلا أن يعلم برطوبته المسرية حال موت الظبي ففيه إشكال.

(مسألة 395): ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، كالوزغ، و العقرب، و السمك، و منه الخفاش على ما يقال من قضاء الاختبار به و كذا ميتة ما يشك في أن له نفسا سائلة، أم لا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 112

(مسألة 396): المراد من الميتة ما استند موته إلى غير التذكية الشرعية، و يقابله المذكى و هو ما استند موته إلى التذكية الشرعية، هذا في الحيوان القابل للتذكية بالصيد، و أما الحيوان الذي يكون ذكاته بالذبح أو النحر خاصة فميتته ما زهق روحه و لم يجر عليه حال حياته الذبح أو النحر مع الشرائط المعتبرة فيهما، و يقابله المذكى و هو ما زهق روحه و جرى عليه قبل زهوقه الذبح أو النحر سواء استند زهوق روحه فعلا إليهما أو إلى غيرهما كالسقوط في النار أو الماء بعد فري أوداجه أو نحره.

(مسألة 397): ما يؤخذ من يد المسلم، أو سوقهم من اللحم، و الشحم، و الجلد، إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة، و الحلّية ظاهرا، بل لا يبعد ذلك حتى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل أن المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي، و كذا ما

صنع في أرض الإسلام، أو وجد مطروحا في أرض المسلمين إذا كان عليه أثر الاستعمال منهم الدال على التذكية مثل ظرف الماء و السمن و اللبن، لا مثل ظروف العذرات و النجاسات.

(مسألة 398): المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين فإن كانت من الحيوان الذي تكون تذكيته بالذبح أو النحر فقط فيحكم عليها بالنجاسة و إلا فمحكومة بالطهارة إذا احتمل أنها مأخوذة من المذكى، لكنه لا يجوز أكلها، و لا الصلاة فيها ما لم يحرز أخذها من المذكى، و لو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 399): السقط قبل ولوج الروح نجس، و كذا الفرخ في البيض على الأحوط وجوبا فيهما.

(مسألة 400): الأنفحة هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي، أو السخل قبل أن يأكل.

الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أما دم ما لا نفس له

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 113

سائلة كدم السمك، و البرغوث، و القمل، و نحوها فإنه طاهر.

(مسألة 401): إذا وجد في ثوبه مثلا دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بنى على طهارته.

(مسألة 402): دم العلقة المستحيلة من النطفة، و الدم الذي يكون في البيضة نجس على الأحوط وجوبا.

(مسألة 403): الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر، إلا أن يتنجس بنجاسة خارجية، مثل السكين التي يذبح بها.

(مسألة 404): إذا خرج من الجرح، أو الدمل شي ء أصفر يشك في أنه دم أم لا، يحكم بطهارته، و كذا إذا شك من جهة الظلمة أنه دم، أم قيح، و لا يجب عليه الاستعلام، و كذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم، أو ماء أصفر يحكم بطهارتها.

(مسألة 405):

الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب، نجس و منجس له.

السادس و السابع: الكلب، و الخنزير البريان بجميع أجزائهما و فضلاتهما و رطوباتهما دون البحريين.

الثامن: المسكر المائع بالأصالة بجميع أقسامه- لكن الحكم في غير الخمر و النبيذ المسكر مبني على الاحتياط، و أما الجامد كالحشيشة- و إن غلى و صار مائعا بالعارض- فهو طاهر لكنه حرام، و أما السبيرتو المتخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخر، فالظاهر طهارته بجميع أقسامه.

(مسألة 406): العصير العنبي إذا غلى بالنار، أو بغيرها، فالظاهر بقاؤه على الطهارة و إن صار حراما، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالا، و الظاهر كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلّية.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 114

(مسألة 407): العصير الزبيبي، و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان بالنار، فيجوز وضع التمر، و الزبيب، و الكشمش في المطبوخات مثل المرق، و المحشي، و الطبيخ و غيرها، و كذا دبس التمر المسمى بدبس الدمعة.

التاسع: الفقاع: و هو شراب مخصوص متخذ من الشعير، و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء.

العاشر: الكافر: و هو من لم ينتحل دينا أو انتحل دينا غير الإسلام أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي، بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة، نعم إنكار المعاد يوجب الكفر مطلقا، و لا فرق بين المرتد، و الكافر الأصلي، و الحربي، و الذمي، و الخارجي، و الغالي، و الناصب، هذا في غير الكتابي، أما الكتابي يعني اليهود و النصارى فلا يبعد طهارته و يلحق بالكتابي المجوس.

(مسألة 408): عرق الجنب من الحرام طاهر و لكن لا تجوز الصلاة فيه على الأحوط الأولى و يختص الحكم بما إذا كان التحريم ثابتا لموجب الجنابة بعنوانه

كالزنا، و اللواط، و الاستمناء، بل و وطئ الحائض أيضا، و أما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم، أو مخالفة النذر، و نحو ذلك فلا يعمه الحكم.

(مسألة 409): عرق الإبل الجلالة، و غيرها من الحيوان الجلال طاهر، و لكن لا تجوز الصلاة فيه.

الفصل الثاني في كيفية سراية النجاسة إلى الملاقي:

(مسألة 410): الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية، يعني: لا تنتقل من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 115

أحدهما إلى الآخر بمجرد الملاقاة، فإذا كانا يابسين، أو نديين جافين لم يتنجس الطاهر بالملاقاة، و كذا لو كان أحدهما مائعا بلا رطوبة كالذهب و الفضة، و نحوهما من الفلزات، فإنها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تنجس.

(مسألة 411): الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة، لا ينجس و إن سرت رطوبة الأرض إليه و صار ثقيلا بعد أن كان خفيفا، فإن مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة و كذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة، مثل الكنيف و نحوه فإن الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية، و لا موجبة لتنجسها و إن كانت مؤثرة في الجدار على نحو قد تؤدي إلى الخراب.

(مسألة 412): يشترط في سراية النجاسة في المائعات، أن لا يكون المائع متدافعا إلى النجاسة، و إلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة، و لا تسري إلى ما اتصل به من الأجزاء، فإن صب الماء من الإبريق على شي ء نجس، لا تسري النجاسة إلى العمود، فضلا عما في الإبريق، و كذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في الفوارة.

(مسألة 413): الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال، أما غيره من

الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه، و إن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم، فالخيار أو البطيخ، أو نحوهما، إذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير، و كذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق، و لو كان كثيرا، فإنه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنه ينجسه أيضا.

(مسألة 414): يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا، و إلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير، فالدبس الغليظ إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 116

أصابته النجاسة، لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه، بل يتنجس موضع الاتصال لا غير، و كذا الحكم في اللبن الغليظ. نعم إذا كان المائع رقيقا سرت النجاسة إلى تمام أجزائه، كالسمن، و العسل، و الدبس، في أيام الصيف، بخلاف أيام البرد، فإن الغلظة مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء. و الحد في الغلظة و الرقة، هو أن المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شي ء بقي مكانه خاليا حين الأخذ و إن امتلأ بعد ذلك، فهو غليظ و إن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ، فهو رقيق.

(مسألة 415): المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس، ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، و كذلك المتنجس بملاقاة المتنجس، ينجس الماء القليل و المضاف بملاقاته و كذا في غير ذلك على الأحوط وجوبا.

(مسألة 416): تثبت النجاسة بالعلم و الاطمينان، و بشهادة العدلين، و بإخبار ذي اليد، بل بإخبار مطلق الثقة أيضا على الأظهر.

(مسألة 417): ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز، و الزيت و العسل، و نحوها، من المائعات، و الجامدات طاهر، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية، هذا في غير الكتابي،

و أمّا فيه فهي محكومة بالطهارة إلا أن يحرز- و لو بالاطمينان- ملاقاتها للنجس مع الرطوبة المسرية، و كذلك ثيابهم، و أوانيهم، و الظن بالنجاسة لا عبرة به.

الفصل الثالث في أحكام النجاسة:
اشارة

(مسألة 418): يشترط في صحة الصلاة الواجبة، و المندوبة، و كذلك في أجزائها المنسية، طهارة بدن المصلي، و توابعه، من شعره، و ظفره و نحوهما و طهارة ثيابه، من غير فرق بين الساتر و غيره، و الطواف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 117

الواجب و المندوب، كالصلاة في ذلك.

(مسألة 419): الغطاء الذي يتغطى به المصلي إيماء إن كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه صلى فيه، وجب أن يكون طاهرا، و إلا فلا.

(مسألة 420): يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود، و هو ما يحصل به مسمى وضع الجبهة دون غيره من مواضع السجود و إن كان اعتبار الطهارة فيها أحوط- استحبابا-.

[الصلاة في النجس]

(مسألة 421): كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس، فلا يجوز لبسه في الصلاة، و لا السجود عليه، بخلاف ما هو من أطراف الشبهة غير المحصورة.

(مسألة 422): لا فرق في بطلان الصلاة لنجاسة البدن، أو اللباس أو المسجد بين العالم بالحكم التكليفي، أو الوضعي، و الجاهل بهما عن تقصير ما لم يكن غافلا، و الأظهر صحة الصلاة في موارد الجهل القصوري لاجتهاد، أو تقليد.

(مسألة 423): لو كان جاهلا بالنجاسة، و لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته، فلا إعادة عليه في الوقت، و لا القضاء في خارجه.

(مسألة 424): لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة، فإن كان الوقت واسعا بطلت و استأنف الصلاة، و إن كان الوقت ضيقا حتى عن إدراك ركعة، فإن أمكن التبديل أو التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك و أتم الصلاة و إلا صلى فيه، و الأحوط استحبابا القضاء أيضا.

(مسألة 425): لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة أو علم بها و احتمل العروض في الأثناء

فإن أمكن التطهير، أو التبديل، على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و أتم صلاته و لا إعادة عليه، و إذا لم يمكن ذلك، فإن كان الوقت واسعا استأنف الصلاة بالطهارة، و إن كان ضيقا فمع عدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 118

إمكان النزع لبرد و نحوه و لو لعدم الأمن من الناظر، يتم صلاته و لا شي ء عليه، و لو أمكنه النزع و لا ساتر له غيره فلا يبعد التخيير بين إتمام الصلاة فيه أو عاريا و إن كان الإتمام فيه أحوط.

(مسألة 426): إذا نسي أن ثوبه نجس و صلى فيه، كان عليه الإعادة إن ذكر في الوقت، و إن ذكر بعد خروج الوقت، فعليه القضاء و لا فرق بين الذكر بعد الصلاة، و في أثنائها مع إمكان التبديل، أو التطهير، و عدمه.

(مسألة 427): إذا طهّر ثوبه النجس، و صلّى فيه ثمّ تبين أن النجاسة باقية فيه، لم تجب الإعادة و لا القضاء لأنه كان جاهلا بالنجاسة.

(مسألة 428): إذا لم يجد إلا ثوبا نجسا، فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه، صلى فيه بلا إشكال، و لا يجب عليه القضاء، و إن أمكن نزعه فلا يبعد التخيير بين إتيان الصلاة فيه أو عاريا، و الأحوط الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عاريا.

(مسألة 429): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كل منهما، و لو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخير بين الصلاة فيه، و الصلاة في كل منهما.

(مسألة 430): إذا تنجس موضع من بدنه و موضع من ثوبه أو موضعان من بدنه، أو من ثوبه، و لم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معا، لكن كان يكفي

لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيرا إلا مع الدوران بين الأقل و الأكثر، فيختار تطهير الأكثر.

(مسألة 431): يحرم أكل النجس و شربه، و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 432): لا يجوز بيع الميتة، و الخمر، و الخنزير، و الكلب غير الصيود، و لا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة، و المتنجسة إذا كانت لها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 119

منفعة محللة معتد بها عند العقلاء على نحو يبذل بازائها المال و إلا فلا يجوز بيعها على الأظهر و إن كان لها منفعة محللة جزئية لأن أخذ العوض بإزائها مع عدم المالية يكون من أكل المال بالباطل.

[حرمة تنجيس المساجد]

(مسألة 433): يحرم تنجيس المساجد و بنائها، و سائر آلاتها، و كذلك فراشها، و إذا تنجس شي ء منها وجب تطهيره، بل يحرم إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد، مثل وضع العذرات و الميتات فيه، و لا بأس به مع عدم الهتك، و لا سيما فيما لا يعتد به لكونه من توابع الداخل، مثل أن يدخل الإنسان و على ثوبه أو بدنه دم، لجرح، أو قرحة، أو نحو ذلك.

(مسألة 434): تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد، بل و آلاته و فراشه على الأحوط حتى لو دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة، وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدما لها على الصلاة مع سعة الوقت لكن لو صلى و ترك الإزالة عصى و صحت الصلاة، أما في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدما لها على الإزالة.

(مسألة 435): إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شي ء منه وجب تطهيره إذا كان يسيرا لا يعتد به، و أما إذا كان التخريب مضرا بالوقف ففي

جوازه فضلا عن الوجوب إشكال، حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره.

(مسألة 436): إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال وجب، إلا إذا كان بحيث يضر بحاله، و لا يضمنه من صار سببا للتنجيس كما لا يختص وجوب إزالة النجاسة به.

(مسألة 437): إذا توقف تطهير المسجد على تنجيس بعض المواضع الطاهرة وجب، إذا كان يطهر بعد ذلك.

(مسألة 438): إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد وجب عليه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 120

إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.

(مسألة 439): إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده على الأحوط، و أما مع استلزام الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع موضع النجس منه إشكال.

(مسألة 440): لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا و إن كان لا يصلي فيه أحد، و يجب تطهيره إذا تنجس.

(مسألة 441): إذا علم إجمالا بنجاسة أحد المسجدين، أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

[حرمة تنجيس المصحف]

(مسألة 442): يلحق بالمساجد، المصحف الشريف، و المشاهد المشرفة، و الضرائح المقدسة، و التربة الحسينية، بل تربة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سائر الأئمة عليهم السّلام المأخوذة للتبرك، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها و تجب إزالة النجاسة عنها حينئذ.

(مسألة 443): إذا غصب المسجد و جعل طريقا، أو دكانا، أو خانا، أو نحو ذلك، ففي حرمة تنجيسه و وجوب تطهيره إشكال، و الأقوى عدم وجوب تطهيره من النجاسة الطارئة عليه بعد الخراب، و أما معابد الكفار فلا يحرم تنجيسها و لا تجب إزالة النجاسة عنها، نعم إذا اتخذت مسجدا بأن يتملكها ولي الأمر ثمّ يجعلها مسجدا، جرى عليها جميع أحكام المسجد.

[ما يعفى عنه في الصلاة]

تتميم: فيما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات، و هو أمور:

الأول: دم الجروح، و القروح في البدن و اللباس حتى تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برء، و الأقوى اعتبار المشقة النوعية بلزوم الإزالة، أو التبديل، فإذا لم يلزم ذلك فلا عفو، و منه دم البواسير إذا كانت ظاهرة، بل الباطنة كذلك على الأظهر، و كذا كل جرح، أو قرح باطني خرج دمه إلى الظاهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 121

(مسألة 444): كما يعفى عن الدم المذكور، يعفى أيضا عن القيح المتنجس به، و الدواء الموضوع عليه، و العرق المتصل به، و الأحوط- استحبابا- شدّه إذا كان في موضع يتعارف شدّه.

(مسألة 445): إذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة، بحيث تعد جرحا واحدا عرفا، جرى عليه حكم الواحد، فلو برأ بعضها لم يجب غسله بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع.

(مسألة 446): إذا شك في دم أنه دم جرح، أو قرح، أو لا، لا يعفى عنه.

الثاني: الدم في البدن و اللباس إذا كانت سعته

أقل من الدرهم البغلي، و لم يكن من دم نجس العين، و لا من الميتة، و لا من غير مأكول اللحم، و إلا فلا يعفى عنه على الأظهر، و الأحوط إلحاق الدماء الثلاثة- الحيض و النفاس و الاستحاضة- بالمذكورات، و لا يلحق المتنجس بالدم به.

(مسألة 447): إذا تفشى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد، نعم إذا كان قد تفشى من مثل الظهارة إلى البطانة، فهو دم متعدد، فيلحظ التقدير المذكور على فرض اجتماعه، فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفى عنه و إلا فلا.

(مسألة 448): إذا اختلط الدم بغيره من قيح، أو ماء، أو غيرهما لم يعف عنه.

(مسألة 449): إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الأكثر، بنى على عدم العفو، و إذا كانت سعة الدم أقل من الدرهم و شك في أنه من الدم المعفو عنه، أو من غيره، بنى على العفو، و لم يجب الاختبار، و إذا انكشف بعد الصلاة أنه من غير المعفو لم تجب الإعادة.

(مسألة 450): الأحوط الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 122

عقد السبابة.

الثالث: الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده- يعني لا يستر العورتين- كالخف، و الجورب و التكة، و القلنسوة، و الخاتم، و الخلخال، و السوار، و نحوها، فإنه معفو عنه في الصلاة إذا كان متنجسا و لو بنجاسة من غير المأكول بشرط أن لا يكون فيه شي ء من أجزائه، و إلا فلا يعفى عنه، و كذلك لا يعفى عنه إذا كان متخذا من نجس العين كالميتة، و شعر الكلب مثلا.

(مسألة 451): الأظهر عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين كالكلب، و الخنزير، و كذا ما

تحله الحياة من أجزاء الميتة، و كذا ما كان من أجزاء أو توابع ما لا يؤكل لحمه، و أما المحمول المتنجس فهو معفو عنه حتى إذا كان مما تتم فيه الصلاة، فضلا عما إذا كان مما لا تتم به الصلاة، كالساعة و الدراهم، و السكين، و المنديل الصغير، و نحوها.

الرابع: ثوب الأم المربية للطفل الذكر، فإنه معفو عنه إن تنجس ببوله إذا لم يكن عندها غيره بشرط غسله في اليوم و الليلة مرة، مخيرة بين ساعاته، و لا يتعدى من الأم إلى مربية أخرى، و لا من الذكر إلى الانثى، و لا من البول إلى غيره، و لا من الثوب، إلى البدن، و لا من المربية إلى المربي، و لا من ذات الثوب الواحد، إلى ذات الثياب المتعددة، مع عدم حاجتها إلى لبسهن جميعا، و إلا فهي كالثوب الواحد. هذا هو المشهور، و لكن الأحوط الاقتصار في المربية و غيرها على موارد الحرج الشخصي.

الفصل الرابع في المطهرات
اشارة

و هي أمور:

الأول: الماء، و هو مطهر لكل متنجس

[كيفية التطهير بالماء]

يغسل به على نحو يستولي على المحل النجس، بل يطهر الماء النجس أيضا على تفصيل تقدم في أحكام المياه،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 123

نعم لا يطهر الماء المضاف في حال كونه مضافا. و كذا غيره من المائعات.

[القليل و المعتصم]

(مسألة 452): يعتبر في التطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة على النحو المتعارف، فإذا كان المتنجس مما ينفذ فيه الماء مثل الثوب، و الفراش فلا بد من عصره، أو غمزه بكفه أو رجله، و الأحوط وجوبا عدم الاكتفاء عن العصر بتوالي الصب عليه إلى أن يعلم بانفصال الأول، و إن كان مثل الصابون، و الطين، و الخزف، و الخشب. و نحوهما مما تنفذ فيه الرطوبة المسرية يطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، و في طهارة باطنه تبعا للظاهر إشكال، و إن كان لا يبعد حصول الطهارة للباطن بنفوذ الماء الطاهر فيه على نحو يصل إلى ما وصل إليه النجس فيغلب على المحل، و يزول بذلك الاستقذار العرفي لاستهلاك الأجزاء المائية النجسة الداخلة فيه، إذا لم يكن قد جفف و إن كان التجفيف أسهل في حصول ذلك، و إذا كان النافذ في باطنه الرطوبة غير المسرية، فقد عرفت أنه لا ينجس بها.

(مسألة 453): الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس، يطهر بالغسل بالكثير إذا بقي الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه، بل بالقليل أيضا إذا كان الماء باقيا على إطلاقه إلى أن يتم عصره.

(مسألة 454): العجين النجس يطهر، إن خبز و جفف و وضع في الكثير على نحو ينفذ الماء إلى أعماقه، و مثله الطين المتنجس إذا جفف و وضع في الكثير أو أجري عليه الماء القليل حتى ينفذ الماء إلى أعماقه، فحكمها حكم الخبز المتنجس الذي نفذت الرطوبة النجسة

إلى أعماقه.

(مسألة 455): المتنجس بالبول غير الآنية إذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين، و المتنجس بغير البول و منه المتنجس بالمتنجس بالبول في غير الأواني يكفي في تطهيره غسلة واحدة، هذا مع زوال العين قبل الغسل، أما لو أزيلت بالغسل، فالأحوط عدم احتسابها. إلا إذا استمر إجراء الماء بعد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 124

الإزالة فتحسب حينئذ و يطهر المحل بها إذا كان متنجسا بغير البول، و يحتاج إلى أخرى إن كان متنجسا بالبول.

(مسألة 456): الآنية إن تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يصدق معه الولوغ غسلت بالماء القليل ثلاثا، أولاهن بالتراب ممزوجا بالماء، و غسلتان بعدهما بالماء، و إذا غسلت في الكثير، أو الجاري تكفي غسلة واحدة بعد غسلها بالتراب ممزوجا بالماء.

(مسألة 457): إذا لطع الكلب الإناء، أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه، فالأحوط أنه بحكم الولوغ في كيفية التطهير، و ليس كذلك ما إذا باشره بلعابه، أو تنجس بعرقه، أو سائر فضلاته، أو بملاقاة بعض أعضائه، نعم إذا صب الماء الذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر، جرى عليه حكم الولوغ.

(مسألة 458): الآنية التي يتعذر تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقى على النجاسة، أمّا إذا أمكن إدخال شي ء من التراب الممزوج بالماء في داخلها و تحريكه بحيث يستوعبها، أجزأ ذلك في طهرها.

(مسألة 459): يجب أن يكون التراب الذي يعفّر به الإناء طاهرا قبل الاستعمال على الأحوط.

(مسألة 460): يجب في تطهير الإناء النجس من شرب الخنزير غسله سبع مرات، و كذا من موت الجرذ، بلا فرق فيها بين الغسل بالماء القليل أو الكثير، و إذا تنجس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرات بالماء القليل،

و يكفي غسله مرة واحدة في الكر و الجاري. هذا في غير أواني الخمر، و أما هي فيجب غسلها ثلاث مرات حتى إذا غسلت بالكثير أو الجاري و الأولى أن تغسل سبعا.

(مسألة 461): الثياب و نحوها إذا تنجست بالبول يكفي غسلها في الماء الجاري مرة واحدة، و في غيره لا بد من الغسل مرتين، و لا بد من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 125

العصر، أو الدلك في جميع ذلك.

(مسألة 462): التطهير بماء المطر يحصل بمجرد استيلائه على المحل النجس، من غير حاجة إلى عصر، و لا إلى تعدد، إناء كان أم غيره، نعم الإناء المتنجس بولوغ الكلب لا يسقط فيه الغسل بالتراب الممزوج بالماء و إن سقط فيه التعدد.

(مسألة 463): يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ و إن تجاوز عمره الحولين، و لا يحتاج إلى العصر و الأحوط استحبابا اعتبار التعدد، و لا تلحق الصبية بالصبي.

(مسألة 464): يتحقق غسل الإناء بالقليل بأن يصب فيه شي ء من الماء ثمّ يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه ثمّ يراق، فإذا فعل به ذلك ثلاث مرات فقد غسل ثلاث مرات و طهر.

(مسألة 465): يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال.

(مسألة 466): يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها كاللون، و الريح، فإذا بقي واحد منهما، أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين.

(مسألة 467): الأرض الصلبة، أو المفروشة بالآجر، أو الصخر أو الزفت، أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل إذا جرى عليها، لكن مجمع الغسالة يبقى نجسا إذا كانت الغسالة نجسة.

(مسألة 468): لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل، فلو غسل في يوم

مرة، و في آخر أخرى كفى ذلك، نعم الأحوط استحبابا المبادرة إلى العصر فيما يعصر.

(مسألة 469): ماء الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل إذا جرى من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 126

الموضع النجس لم يتنجس ما اتصل به من المواضع الطاهرة، فلا يحتاج إلى تطهير، من غير فرق بين البدن، و الثوب و غيرهما من المتنجسات و الماء المنفصل من الجسم المغسول طاهر، إذا كان يطهر المحل بانفصاله.

[كيفية تطهير الأواني الكبيرة]

(مسألة 470): الأواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصب الماء فيها و يدار حتى يستوعب جميع أجزائها، ثمّ يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطها بنزح أو غيره، و الأحوط استحبابا المبادرة إلى إخراجه، و لا يقدح الفصل بين الغسلات، و لا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج على الماء المجتمع نفسه، و الأحوط وجوبا تطهير آلة الإخراج كل مرة من الغسلات.

(مسألة 471): الدسومة التي في اللحم، أو اليد، لا تمنع من تطهير المحل، إلا إذا بلغت حدا تكون جرما حائلا، و لكنها حينئذ لا تكون دسومة بل شيئا آخر.

(مسألة 472): إذا تنجس اللحم، أو الأرز، أو الماش، أو نحوها و لم تدخل النجاسة في عمقها، يمكن تطهيرها بوضعها في طشت و صب الماء عليها على نحو يستولي عليها، ثمّ يراق الماء و يفرغ الطشت مرة واحدة فيطهر النجس، و كذا الطشت تبعا، و كذا إذا أريد تطهير الثوب فإنه يوضع في الطشت و يصب الماء عليه. ثمّ يعصر و يفرغ الماء مرة واحدة فيطهر ذلك الثوب، و الطشت أيضا، و إذا كانت النجاسة محتاجة إلى التعدد كالبول كفى الغسل مرة أخرى على النحو المذكور، هذا كله فيما إذا غسل المتنجس في الطشت و نحوه، و أما

إذا غسل في الإناء فلا بد من غسله ثلاثا على الأحوط.

(مسألة 473): الحليب النجس يمكن تطهيره بأن يصنع جبنا أو يوضع في الكثير أو يجري عليه الماء القليل حتى يصل الماء إلى أعماقه.

(مسألة 474): إذا غسل ثوبه النجس ثمّ رأى بعد ذلك فيه شيئا من الطين، أو مسحوق الغسيل أو الصابون الذي كان متنجسا، لا يضر ذلك في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 127

طهارة الثوب، بل يحكم أيضا بطهارة ظاهر الطين، أو مسحوق الغسيل أو الصابون الذي رآه، بل باطنه إذا نفذ فيه الماء على الوجه المعتبر.

(مسألة 475): الحلي الذي يصوغها الكافر المحكوم بالنجاسة إذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها، و إن علم ذلك يجب غسلها و يطهر ظاهرها و يبقى باطنها على النجاسة، و إذا استعملت مدة و شك في ظهور الباطن فلا يجب تطهيرها، و ذلك لأنه لم يكن في السابق تمام المصوغ نجسا ليستصحب نجاسة ظاهره الفعلي.

(مسألة 476): الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار و مزجه به، و كذلك سائر المائعات المتنجسة، فإنها لا تطهر إلا بالاستهلاك.

(مسألة 477): إذا تنجس التنوّر، يمكن تطهيره بصب الماء من الإبريق عليه و مجمع ماء الغسالة يبقى على نجاسته لو كان متنجسا قبل الصب، و إذا تنجس التنور بالبول، وجب تكرار الغسل مرتين.

[التطهير بالأرض]

الثاني: من المطهرات الأرض، فإنها تطهّر باطن القدم و ما توقي به كالنعل، و الخف، أو الحذاء و نحوها، بالمسح بها، أو المشي عليها. بشرط زوال عين النجاسة بهما، و لو زالت عين النجاسة قبل ذلك كفى مسمّى المسح بها، أو المشي عليها، و يشترط- على الأحوط جوبا- كون النجاسة حاصلة بالمشي على الأرض.

(مسألة 478): المراد

من الأرض مطلق ما يسمى أرضا، من حجر أو تراب، أو رمل، و لا يبعد عموم الحكم للآجر، و الجص، و النورة، و الأحوط اعتبار طهارة الأرض و جفافها في مطهريتها.

(مسألة 479): في إلحاق ظاهر القدم، و عيني الركبتين، و اليدين إذا كان المشي عليها، و كذلك ما توقي به كالنعل، و أسفل خشبة الأقطع و حواشي القدم القريبة من الباطن- إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 128

(مسألة 480): إذا شك في طهارة الأرض، يبني على طهارتها فتكون مطهرة حينئذ، إلا إذا كانت الحالة السابقة نجاستها.

(مسألة 481): إذا كان في الظلمة و لا يدري أن ما تحت قدمه أرض، أو شي ء آخر، من فرش، و نحوه، لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة، بل لا بد من العلم بكونه أرضا.

[التطهير بالشمس]

الثالث: الشمس: فإنها تطهّر الأرض و كل ما لا ينقل من الأبنية و ما اتصل بها من أخشاب، و أعتاب و أبواب، و أوتاد، و كذلك الأشجار و الثمار، و النبات، و الخضروات، و إن حان قطفها و غير ذلك، و في تطهير الحصر، و البواري بها، إشكال بل منع.

(مسألة 482): يشترط في الطهارة بالشمس- مضافا إلى زوال عين النجاسة، و إلى رطوبة المحل- اليبوسة المستندة إلى الإشراق عرفا و إن شاركها غيرها في الجملة من ريح، أو غيرها.

(مسألة 483): الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بالإشراق.

(مسألة 484): إذا كانت الأرض النجسة جافة، و أريد تطهيرها صبّ عليها الماء الطاهر، أو النجس، فإذا يبس بالشمس طهرت.

(مسألة 485): إذا تنجست الأرض بالبول، فأشرقت عليها الشمس حتى يبست طهرت، من دون حاجة إلى صب الماء عليها، نعم إذا كان البول غليظا له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف،

بل لا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم.

(مسألة 486): الحصى، و التراب، و الطين، و الأحجار المعدودة جزءا من الأرض، بحكم الأرض في الطهارة بالشمس و إن كانت في نفسها منقولة، نعم لو لم تكن معدودة من الأرض كقطعة من اللبن في أرض مفروشة بالزفت أو بالصخر، أو نحوهما، فثبوت الحكم حينئذ لها محل إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 129

(مسألة 487): المسمار الثابت في الأرض، أو البناء، بحكم الأرض فإذا قلع لم يجر عليه الحكم. فإذا رجع رجع حكمه و هكذا.

[التطهير بالاستحالة]

الرابع: الاستحالة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رمادا، أو دخانا، أو بخارا سواء أ كان نجسا، أم متنجسا و كذا يطهر ما استحال بخارا بغير النار، أمّا ما أحالته النار خزفا، أم آجرا، أم جصا، أم نورة، فهو باق على النجاسة، و فيما أحالته فحما إشكال.

(مسألة 488): لو استحال الشي ء بخارا، ثمّ استحال عرقا، فإن كان متنجسا فهو طاهر. و إن كان نجسا فكذلك، إلا إذا صدق على العرق نفسه عنوان إحدى النجاسات، كعرق الخمر، فإنه مسكر.

(مسألة 489): الدود المستحيل من العذرة، أو الميتة طاهر، و كذا كل حيوان تكوّن من نجس، أو متنجس.

(مسألة 490): الماء النجس إذا صار بولا لحيوان مأكول اللحم أو عرقا له، أو لعابا، فهو طاهر.

(مسألة 491): الغذاء النجس، أو المتنجس إذا صار روثا لحيوان مأكول اللحم، أو لبنا، أو صار جزءا من الخضروات، أو النباتات أو الأشجار، أو الأثمار فهو طاهر، و كذلك الكلب إذا استحال ملحا و كذا الحكم في غير ذلك مما يعدّ المستحال إليه متولدا من المستحال منه.

[التطهير بالانقلاب]

الخامس: الانقلاب، فإنه مطهر للخمر إذا انقلبت خلا بنفسها أو بعلاج، نعم لو تنجس إناء الخمر بنجاسة خارجية ثمّ انقلبت الخمر خلا لم تطهر على الأحوط وجوبا. و أما إذا وقعت النجاسة في الخمر و استهلكت فيها و لم يتنجس الإناء بها، فانقلب الخمر خلا طهرت على الأظهر، و كما أن الانقلاب إلى الخل يطهر الخمر، كذلك العصير العنبي إذا غلى بناء على نجاسته، فإنه يطهر إذا انقلب خلا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 130

[التطهير بذهاب الثلثين و الانتقال و الاسلام و التبعية]

السادس: ذهاب الثلثين بحسب الكم لا بحسب الثقل، فإنه مطهّر للعصير العنبي إذا غلى- بناء على نجاسته-.

[التطهير بزوال عين النجاسة و الغيبة و استبراء الحيوان الجلال]

السابع: الانتقال، كانتقال دم الإنسان أو غيره مما له نفس إلى جوف ما لا نفس له كالبق و القمل، و كانتقال البول إلى النبات و الشجر و نحوهما، و لا بد من كونه على وجه لا يسند إلى المنتقل عنه و إلا لم يطهر و إن أضيف إلى المنتقل إليه ايضا كالجزء المبان من حي أو ميّت- كعينه أو يده- فيما رقّعت ببدن الحي فإنه محكوم بالنجاسة على الأحوط و ذلك لبقاء الإضافة الأولية الموجبة للنجاسة.

الثامن: الإسلام، فإنه مطهر للكافر المحكوم بالنجاسة حتى المرتد عن فطرة على الأقوى، و يتبعه أجزاؤه كشعره، و ظفره، و فضلاته من بصاقه و نخامته، و قيئه، و غيرها.

التاسع: التبعية، فإن الكافر إذا أسلم يتبعه ولده الصغار فيحكم عليهم بالطهارة، أبا كان الكافر، أم جدا، أم أما، و الطفل المسبي للمسلم يتبعه في الطهارة إذا لم يكن مع الطفل أحد آبائه، و يشترط في طهارة الطفل في الصورتين أن لا يظهر الكفر إذا كان مميزا، و كذا أواني الخمر فإنها تتبعها في الطهارة إذا انقلبت الخمر خلا، و كذا أواني العصير إذا ذهب ثلثاه- بناء على النجاسة- و كذا يد الغاسل للميت، و السدة التي يغسل عليها، و الثياب التي يغسل فيها، فإنها تتبع الميت في الطهارة، و أما بدن الغاسل، و ثيابه، و سائر آلات التغسيل، فالحكم بطهارتها تبعا للميت محل إشكال.

العاشر: زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان و جسد الحيوان الصامت فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة، بمجرد زوال عينها و رطوبتها، و كذا بدن الدابة المجروحة، و فم الهرة الملوث بالدم،

و ولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة، و كذا يطهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 131

باطن فم الإنسان إذا أكل نجسا، أو شربه بمجرد زوال العين، و كذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس، أو المتنجس، بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان، و جسد الحيوان منع، بل و كذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن، سواء أ كان متكوّنين في الباطن كالمذي يلاقي البول في الباطن، أو كان النجس متكونا في الباطن، و الطاهر يدخل إليه كماء الحقنة، فإنّه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء، أم كان النجس في الخارج، كالماء النجس الذي يشربه الإنسان فإنه لا ينجس ما دون الحلق، و كذا ما فوق الحلق فإنه لا ينجس على الأظهر أيضا، و كذا إذا كانا معا متكوّنين في الخارج و دخلا و تلاقيا في الداخل، كما إذا ابتلع شيئا طاهرا، و شرب عليه ماء نجسا، فإنه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه حكم عليه بالطهارة و في جريان الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم إشكال فالأحوط تطهير الملاقي.

الحادي عشر: الغيبة، فإنها مطهّرة للإنسان و ثيابه، و فراشه، و أوانيه و غيرها من توابعه إذا علم بنجاستها و لم يكن ممن لا يبالي بالطهارة و النجاسة و كان يستعملها فيما يعتبر فيه الطهارة، فإنه حينئذ يحكم بطهارة ما ذكر بمجرد احتمال حصول الطهارة له.

الثاني عشر: استبراء الحيوان الجلال، فإنه مطهر له من نجاسة الجلل و الأحوط اعتبار مضي المدة المعينة له شرعا، و هي في الإبل أربعون يوما و في البقرة عشرون، و في الغنم عشرة، و في البطة خمسة، و في

الدجاجة ثلاثة، و يعتبر زوال اسم الجلل عنها مع ذلك، و مع عدم تعين مدة شرعا يكفي زوال الاسم.

(مسألة 492): الظاهر قبول كل حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين فإذا ذكي الحيوان الطاهر العين، جاز استعمال جلده، و كذا سائر أجزائه فيما يشترط فيه الطهارة و لو لم يدبغ جلده على الأقوى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 132

(مسألة 493): تثبت الطهارة بالعلم و الاطمينان، و البينة، و بإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة على اتهامه، بل بإخبار الثقة أيضا على الأظهر، و إذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقا يبني على طهارته.

[حرمة استعمال أواني الذهب و الفضة]

خاتمة: يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة، في الأكل و الشرب بل يحرم استعمالها في الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها على الأحوط، و لا يحرم نفس المأكول و المشروب، و الأحوط استحبابا عدم التزيين بها: و كذا اقتناؤها و بيعها و شراؤها، و صياغتها، و أخذ الأجرة عليها، و الأقوى الجواز في جميعها.

(مسألة 494): الظاهر توقف صدق الآنية على انفصال المظروف عن الظرف و كونها معدة لأن يحرز فيها المأكول، أو المشروب، أو نحوهما فرأس (الغرشة) و رأس (الشطب) و قراب السيف، و الخنجر، و السكين و (قاب) الساعة المتداولة في هذا العصر، و محل فص الخاتم، و بيت المرآة، و ملعقة الشاي و أمثالها، خارج عن الآنية فلا بأس بها، و لا يبعد ذلك أيضا في ظرف الغالية، و المعجون، و التتن (و الترياك) و البن.

(مسألة 495): لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة و الكبيرة و بين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس، و الحديد و غيرهما.

(مسألة 496): لا بأس بما يصنع بيتا للتعويذ

من الذهب و الفضة كحرز الجواد عليه السّلام و غيره.

(مسألة 497): يكره استعمال القدح المفضض، و الأحوط عزل الفم عن موضع الفضة، بل لا يخلو وجوبه عن قوة، و اللّه سبحانه العالم و هو حسبنا و نعم الوكيل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 133

كتاب الصلاة

اشارة

و فيه مقاصد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 135

الصلاة هي إحدى الدعائم التي بني عليها الإسلام، إن قبلت قبل ما سواها، و إن ردت رد ما سواها.

المقصد الأول أعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها و جملة من أحكامها

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [عدد الفرائض]

الصلوات الواجبة في هذا الزمان ست: اليومية، و تندرج فيها صلاة الجمعة فإن المكلف مخير بين إقامتها، و صلاة الظهر يوم الجمعة، و إذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر، و صلاة الطواف، و الآيات و الأموات، و ما التزم بنذر، أو نحوه، أو اجارة، و قضاء ما فات عن الوالد بالنسبة إلى الولد الأكبر، أما اليومية فخمس: الصبح ركعتان، و الظهر أربع، و العصر أربع، و المغرب ثلاث، و العشاء أربع، و في السفر و الخوف تقصر الرباعية فتكون ركعتين، و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية:

ثمان للظهر قبلها، و ثمان بعدها قبل العصر للعصر، و أربع بعد المغرب لها، و ركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء لها، و ثمان صلاة الليل،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 136

و ركعتا الشفع بعدها، و ركعة الوتر بعدها، و ركعتا الفجر قبل الفريضة، و في يوم الجمعة يزاد على الست عشرة أربع ركعات قبل الزوال، و لها آداب مذكورة في محلها، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي (قدس سره).

(مسألة 498): يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع و الوتر، و على الوتر خاصة و في نافلة المغرب على ركعتين.

(مسألة 499): يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختيارا، لكن الأولى حينئذ عد كل ركعتين بركعة، و عليه فيكرر الوتر مرتين، كما يجوز الإتيان بها في حال المشي.

(مسألة 500): الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها، صلاة الظهر.

الفصل الثاني [أوقات الفرائض]

وقت الظهرين من الزوال إلى الغروب على الأحوط، فلو أخّرهما أتى بهما بين الغروب و ذهاب الحمرة المشرقية و لا يتعرض لنية الأداء و لا القضاء، و تختص الظهر من أوله

بمقدار أدائها، و العصر من آخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما، و وقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، و تختص المغرب من أوله بمقدار أدائها، و العشاء من آخره كذلك، و ما بينهما مشترك أيضا بينهما، و أما المضطر لنوم، أو نسيان، أو حيض، أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر الصادق، و تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها و الأحوط وجوبا للعامد المبادرة إليها بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء، أو الأداء، و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 137

(مسألة 501): الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاء، و قبله الفجر الكاذب، و هو البياض المستطيل من الأفق صاعدا إلى السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتى ينمحي.

(مسألة 502): الزوال هو المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه، أو حدوث ظله بعد انعدامه، و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس و طلوعها، و يعرف الغروب بسقوط القرص، و الأحوط لزوما تاخير صلاة المغرب إلى ذهاب الحمرة المشرقية.

(مسألة 503): المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمدا، و أما إذا صلى العصر في الوقت المختص بالظهر- سهوا- صحت، و لكن الأحوط أن يراعي احتمال كونها ظهرا فيأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر، بل و كذلك إذا صلى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهوا، سواء كان التذكر في الوقت المختص بالعصر، أو المشترك، و إذا قدم العشاء على المغرب سهوا صحت و لزمه الإتيان

بالمغرب بعدها.

(مسألة 504): وقت فضيلة الظهر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص، و وقت فضيلة العصر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مقدار مثليه، و وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية، و هو أول وقت فضيلة العشاء و يمتد إلى ثلث الليل و وقت فضيلة الصبح من الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقية، و الغلس بها أول الفجر أفضل، كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل.

(مسألة 505): وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 138

الحادث سبعي الشاخص، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص، و وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة، و إن كان الأولى عدم التعرض للأداء و القضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية، و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها، و وقت نافلة الفجر السدس الأخير من الليل و ينتهى بطلوع الحمرة المشرقية على المشهور، و يجوز دسها في صلاة الليل قبل ذلك، و وقت نافلة الليل من منتصفه إلى الفجر الصادق و أفضله السحر، و الظاهر أنه الثلث الأخير من الليل.

(مسألة 506): يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة بل في غيره أيضا إذا علم أنه لا يتمكن منهما بعد الزوال، فيجعلهما في صدر النهار. و كذا يجوز تقديم صلاة الليل على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرها، أو صعب عليه فعلها في وقتها، و كذا الشاب و غيره ممن يخاف فوتها إذا أخرها لغلبة النوم، أو طرو الاحتلام

أو غير ذلك.

الفصل الثالث [وجوب الترتيب بين الفرائض]

إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء نفس الصلاة الاختيارية و لم يصل ثمّ طرأ أحد الأعذار المانعة من التكليف وجب القضاء، و إلا لم يجب، و إذا ارتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا، و كذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها، و إلا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها، و إلا لم يجب شي ء.

(مسألة 507): لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت، بل لا تجزي إلا مع العلم به، أو قيام البينة، و لا يبعد الاجتزاء بأذان الثقة العارف أو بإخباره و يجوز العمل بالظن في الغيم، و كذا في غيره من الأعذار النوعية.

(مسألة 508): إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان، أو بطريق معتبر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 139

فصلى، ثمّ تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها، نعم إذا علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة، فالمشهور أن صلاته صحيحة، لكن الأحوط لزوما إعادتها، و أما إذا صلى غافلا و تبين دخول الوقت في الأثناء، فلا إشكال في البطلان، نعم إذا تبين دخوله قبل الصلاة أجزأت، و كذا إذا صلى برجاء دخول الوقت، و إذا صلى ثمّ شك في دخوله أعاد.

(مسألة 509): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر، و كذا بين العشاءين بتقديم المغرب، و إذا عكس في الوقت المشترك عمدا أعاد، و إذا كان سهوا لم يعد على ما تقدّم، و إذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم، فالأقرب الصحة إذا كان الجاهل معذورا، سواء أ كان مترددا غير جازم، أم كان جازما غير متردد و يعيد غير المعذور إذا كان مترددا غير جازم.

(مسألة 510): يجب العدول من اللاحقة إلى

السابقة كما إذا قدم العصر، أو العشاء سهوا، و ذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر، أو المغرب، و لا يجوز العكس كما إذا صلى الظهر، أو المغرب، و في الأثناء ذكر أنه قد صلاهما، فإنه لا يجوز له العدول إلى العصر أو العشاء.

(مسألة 511): إنّما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة، و إلا بطلت و لزم استئنافها.

(مسألة 512): يجوز تقديم الصلاة في أول الوقت لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر بل مع رجائه أيضا في غير المتيمم، لكن إذا ارتفع العذر في الوقت وجبت الإعادة، نعم في التقية يجوز البدار و لو مع العلم بزوال العذر، و لا تجب الإعادة بعد زواله في الوقت.

(مسألة 513): الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية، أو قضائية ما لم تتضيق.

(مسألة 514): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 140

إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد، و لو صلى قبل البلوغ ثمّ بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها فالأقوى كفايتها، و عدم وجوب الإعادة و إن كان الأحوط استحبابا الإعادة في الصورتين.

المقصد الثاني القبلة

يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف في جميع الفرائض اليومية و توابعها من الأجزاء المنسية، بل سجود السهود على الأحوط الأولى، و النوافل إذا صليت على الأرض في حال الاستقرار على الأحوط.

أما إذا صليت حال المشي، أو الركوب، أو في السفينة، فلا يجب فيها الاستقبال، و إن كانت منذورة.

(مسألة 515): يجب العلم بالتوجه إلى القبلة و تقوم مقامه البينة بل و إخبار الثقة، و كذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم، و قبورهم و محاريبهم إذا لم يعلم بناؤها

على الغلط، و مع تعذر ذلك يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها، و يعمل على ما تحصل له و لو كان ظنا، و مع تعذره يكتفي بالجهة العرفية، و مع الجهل بها فالأحوط وجوبا أن يصلّي إلى إحدى الجهات المشتبهة و الأحوط استحبابا أن يصلي إلى جميعها مع سعة الوقت، و إلا صلى بقدر ما وسع، و إذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخر.

(مسألة 516): من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة، ثمّ تبين الخطأ، فإن كان منحرفا إلى ما بين اليمين و الشمال صحّت صلاته، و إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 141

التفت في الأثناء مضى ما سبق و استقبل في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه، و لا بين المتيقن و الظان، و الناسي و الغافل، نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم، فالأقوى لزوم الإعادة في الوقت، و القضاء في خارجه، و أما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال، أعاد في الوقت، سواء كان التفاته أثناء الصلاة، أو بعدها، و لا يجب القضاء إذا التفت خارج الوقت.

المقصد الثالث الستر و الساتر

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [وجوب ستر العورة في الصلاة]

يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها، بل و سجود السهو على الأحوط استحبابا و إن لم يكن ناظر، أو كان في ظلمة.

(مسألة 517): إذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم، أو نسي سترها صحت صلاته، و إذا التفت إلى ذلك في الأثناء أعاد صلاته على الأظهر.

(مسألة 518): عورة الرجل في الصلاة القضيب، و الانثيان، و الدبر دون ما بينهما، و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها، حتى الرأس، و الشعر، عدا الوجه بالمقدار الذي يغسل في الوضوء، و عدا الكفين إلى الزندين، و القدمين إلى الساقين، ظاهرهما، و باطنهما، و لا بد من ستر شي ء مما هو خارج عن الحدود.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 142

(مسألة 519): الأمة، و الصبية، كالحرة و البالغة في ذلك، إلا في الرأس و شعره و العنق، فإنه لا يجب عليهما سترها.

(مسألة 520): إذا كان المصلي واقفا على شباك، أو طرف سطح بحيث لو كان ناظر تحته لرأى عورته، فالأقوى وجوب سترها من تحته، نعم إذا كان واقفا على الأرض لم يجب الستر من جهة التحت.

الفصل الثاني شروط لباس المصلي
اشارة

يعتبر في لباس المصلي أمور:

الأول: الطهارة، إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة، و قد تقدمت في أحكام النجاسات.

الثاني: الإباحة، فلا تجوز الصلاة فيما يكون المغصوب ساترا له بالفعل، نعم إذا كان جاهلا بالغصبية، أو ناسيا لها فيما لم يكن هو الغاصب، أو كان جاهلا بحرمته جهلا يعذر فيه، أو ناسيا لها، أو مضطرا فلا بأس.

(مسألة 521): لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوبا أو منفعته، أو كان متعلقا لحق موجب لعدم جواز التصرف فيه، بل إذا اشترى ثوبا

بعين مال فيه الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر، كان حكمه حكم المغصوب، و كذا إذا مات الميت و كان مشغول الذمة بالحقوق المالية من الخمس، و الزكاة، و المظالم و غيرها بمقدار يستوعب التركة فإن أمواله بمنزلة المغصوب لا يجوز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي، و كذا إذا مات و له وارث قاصر لم ينصب عليه قيما، فإنه لا يجوز التصرف في تركته إلا بمراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة 522): لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة، إذا لم يتحرك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 143

بحركات المصلي، بل و إذا تحرك بها أيضا على الأظهر.

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، سواء أ كانت من حيوان محلل الأكل، أم محرمه، و سواء أ كانت له نفس سائلة، أم لم تكن على الأحوط وجوبا، و قد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أو لا، كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع، و المشكوك في كونه من جلد الحيوان، أو من غيره لا بأس بالصلاة فيه.

الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه، و لا فرق بين ذي النفس و غيره، و لا بين ما تحله الحياة من أجزائه و غيره، بل لا فرق أيضا بين ما تتمّ فيه الصلاة، و غيره على الأحوط وجوبا، بل لا يبعد المنع من مثل الشعرات الواقعة على الثوب و نحوه، بل الأحوط وجوبا عموم المنع للمحمول في جيبه.

(مسألة 523): إذا صلى في غير المأكول جهلا به صحت صلاته و كذا إذا كان نسيانا، أو كان جاهلا بالحكم، أو ناسيا له، نعم تجب الإعادة إذا كان جاهلا بالحكم

عن تقصير إلا إذا كان غافلا فلا يبعد عدم وجوب الإعادة.

(مسألة 524): إذا شك في اللباس، أو فيما على اللباس من الرطوبة أو الشعر، أو غيرهما في أنه من المأكول، أو من غيره، أو من الحيوان، أو من غيره، صحت الصلاة فيه.

(مسألة 525): لا بأس بالشمع، و العسل، و الحرير الممزوج، و مثل البق، و البرغوث، و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها، و كذا لا بأس بالصدف، و لا بأس بفضلات الإنسان كشعره، و ريقه، و لبنه و نحوها و إن كانت واقعة على المصلي من غيره، و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بالشعر العارية، سواء أ كان مأخوذا من الرجل، أم من المرأة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 144

(مسألة 526): يستثى من الحكم المزبور جلد الخز، و السنجاب و وبرهما، و في كون ما يسمى الآن خزا، هو الخز إشكال، و إن كان الظاهر جواز الصلاة فيه، و الاحتياط طريق النجاة، و أما السمور، و القماقم و الفنك فلا تجوز الصلاة في أجزائها على الأقوى.

[لبس الذهب و الفضة و الحرير]

الخامس: أن لا يكون من الذهب- للرجال- و لو كان حليا كالخاتم، أما إذا كان مذهبا بالتمويه و الطلي على نحو يعد عند العرف لونا فلا بأس و يجوز ذلك كله للنساء، كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة، و الدنانير. نعم الظاهر عدم جواز مثل زنجير الساعة إذا كان ذهبا و معلقا برقبته، أو بلباسه على نحو يصدق عليه عنوان اللبس عرفا.

(مسألة 527): إذا صلى في الذهب جاهلا، أو ناسيا صحت صلاته.

(مسألة 528): لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضا و فاعل ذلك آثم، و الظاهر عدم حرمة التزين بالذهب فيما لا يصدق

عليه اللبس، مثل جعل مقدم الأسنان من الذهب، و أما شد الأسنان به، أو جعل الأسنان الداخلية منه فلا بأس به بلا إشكال.

السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص- للرجال- و لا يجوز لبسه في غير الصلاة أيضا كالذهب، نعم لا بأس به في الحرب و الضرورة كالبرد و المرض حتى في الصلاة، كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها و كذا افتراشه و التغطي به و نحو ذلك مما لا يعد لبسا له، و لا بأس بكف الثوب به، و الأحوط أن لا يزيد على أربع أصابع، كما لا بأس بالأزرار منه و السفائف (و القياطين) و إن تعددت و كثرت، و أما ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس، فالأحوط وجوبا تركه.

(مسألة 529): لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت إلى النصف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 145

(مسألة 530): لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن، أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة، لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص، فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا.

(مسألة 531): إذا شك في كون اللباس حريرا، أو غيره جاز لبسه و كذا إذا شك في أنه حرير خالص، أو ممتزج.

(مسألة 532): يجوز للولي إلباس الصبي الحرير، أو الذهب، و لكن لا تصح صلاة الصبي فيه.

الفصل الثالث [أحكام لباس المصلي]

إذا لم يجد المصلي لباسا يلبسه في الصلاة فإن وجد ساترا غيره كالحشيش، و ورق الشجر، و الطين و نحوها، تستر به و صلى صلاة المختار و إن لم يجد ذلك أيضا، فإن أمن الناظر المحترم صلى قائما موميا إلى الركوع و السجود، و الأحوط له وضع يديه على سوأته،

و إن لم يأمن الناظر المحترم صلى جالسا، موميا إلى الركوع و السجود، و الأحوط الأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع.

(مسألة 533): إذا انحصر الساتر بالمغصوب، أو الذهب، أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه، أو النجس، فإن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه، و إن لم يضطر صلى عاريا في الأربعة الأولى، و أما في النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه، و الصلاة عاريا، و إن كان الأظهر التخيير بينهما كما سبق في أحكام النجاسات.

(مسألة 534): الأحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت، و إذا يئس و صلى في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 146

أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر، فإن استمر العذر إلى آخر الوقت صحت صلاته، و إن لم يستمر لم تصح.

(مسألة 535): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا أن أحدهما مغصوب أو حرير، و الآخر مما تصح الصلاة فيه، لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا، و إن علم أن أحدهما من غير المأكول، و الآخر من المأكول، أو أن أحدهما نجس، و الآخر طاهر، صلى صلاتين في كل منهما صلاة.

المقصد الرابع مكان المصلي

اشارة

(مسألة 536): لا تجوز الصلاة فريضة، أو نافلة في مكان يكون أحد المساجد السبعة فيه مغصوبا عينا، أو منفعة، أو لتعلق حق موجب لعدم جواز التصرف فيه، و لا فرق في ذلك في مسجد الجبهة بين العالم بالغصب، و الجاهل به من دون عذر كما أنّ الأحوط استحبابا في الجاهل المعذور الإعادة. نعم إذا كان معتقدا عدم الغصب أو كان ناسيا له و لم يكن هو الغاصب صحّت صلاته و أمّا في سائر

المساجد فلا يبعد الحكم بصحّة الصلاة من الجاهل المعذور أيضا كما في الإخلال عن عذر بسائر ما يعتبر في السجدة شرعا، و الأحوط إلحاق الركوع بالسجود بأن لا يقع بهويّة في فضاء مغصوب، و تصح صلاة من كان مضطرا أو مكرها على التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق و كذا الصلاة فيما إذا أوقعت تحت سقف مغصوب أو خيمة مغصوبة و الأحوط ترك الصلاة في المكان الذي يحرم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 147

المكث فيه لضرر على النفس أو البدن لحرّ أو برد، أو نحو ذلك، و كذلك المكان الذي يغامر فيه.

[حكم مكان الصلاة]

(مسألة 537): إذا اعتقد غصب المكان، فصلى فيه بطلت صلاته و إن انكشف الخلاف.

(مسألة 538): لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء، كما لا تجوز الصلاة في الأرض المجهولة المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 539): إذا سبق واحد إلى مكان في المسجد فغصبه منه غاصب، فصلى فيه ففي صحة صلاته إشكال.

(مسألة 540): إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة، و لو لخصوص زيد المصلي، و إلا فالصلاة صحيحة.

(مسألة 541): المراد من إذن المالك المسوغ للصلاة، أو غيرها من التصرفات، أعم من الاذن الفعلية بأن كان المالك ملتفتا إلى الصلاة مثلا و أذن فيها، و الإذن التقديرية بأن يعلم من حاله أنه لو التفت إلى التصرف لأذن فيه، فتجوز الصلاة في ملك غيره مع غفلته إذا علم من حاله أنه لو التفت لأذن، بل يكفي الرضا الباطني و لو تقديرا إذا أحرزه المتصرف.

(مسألة 542): تعلم الاذن في الصلاة، إمّا بالقول كأن يقول: صلّ في بيتي، أو بالفعل كأن يفرش له سجادة إلى القبلة،

أو بشاهد الحال كما في المضائف المفتوحة الأبواب و نحوها، و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات، إلا مع العلم بالاذن و لو كان تقديريا، و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا إذن، و لا سيما إذا توقف ذلك على تغيّر بعض أوضاع المجلس من رفع ستر، أو طي بعض فراش المجلس، أو نحو ذلك مما يثقل على صاحب المجلس، و مثله

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 148

في الإشكال كثرة البصاق على الجدران النزهة، و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلا، أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها، مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار، أو على درج السطح، أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها، و الحاصل أنه لا بد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمّه، و موضع الجلوس، و مقداره، و مجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاء الداخل.

(مسألة 543): الحمامات المفتوحة و الخانات، لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها، إلا بالإذن، فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها، إلا بإذن المالك أو وكيله، و مجرد فتح أبوابها لا يدل على الإذن في ذلك و ليست هي كالمضايف المسبلة للانتفاع بها.

(مسألة 544): تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة و الوضوء من مائها و إن لم يعلم الإذن من المالك، إذا لم يكن المالك لها صغيرا، أو مجنونا و لم يعلم كراهته، و إلا فالأحوط استحبابا ترك الصلاة فيها.

و كذلك الأراضي غير المحجبة، كالبساتين

التي لا سور لها و لا حجاب، فيجوز الدخول إليها و الصلاة فيها و إن لم يعلم الإذن من المالك، نعم إذا ظن كراهة المالك فالأحوط الاجتناب عنها.

[صحة صلاة الرجل و المرأة المتحاذيين]

(مسألة 545): الأقوى صحة صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة، أو كانت المرأة متقدمة إذا كان الفصل بينهما مقدار شبر، أو أكثر، و إن كان الأحوط استحبابا أن يتقدم الرجل بموقفه على مسجد المرأة، أو يكون بينهما حائل، أو مسافة عشرة أذرع بذراع اليد، و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة و غيرهما، نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم و المحاداة، فإذا كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 149

أحدهما في موضع عال، دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس، و يستثنى من ذلك الصلاة في مكّة فيجوز تقدم المرأة على الرجل في الصلاة و محاذاتهما من دون اشتراط.

(مسألة 546): لا يجوز التقدم في الصلاة على قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب، و لا بأس به مع البعد المفرط، أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب، و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه.

(مسألة 547): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم بالكراهة، كالأب، و الأم، و الأخ، و العم، و الخال، و العمة، و الخالة. و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق، و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز.

(مسألة 548): إذا دخل المكان المغصوب جهلا، أو نسيانا بتخيل الإذن ثمّ التفت و بان الخلاف ففي سعة الوقت لا يجوز التشاغل

بالصلاة و يجب قطعها، و في ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادرا إليه سالكا أقرب الطرق، مراعيا للاستقبال بقدر الإمكان، و يومي للسجود و يركع، إلا أن يستلزم ركوعه تصرفا زائدا فيومي له حينئذ، و تصح صلاته و لا يجب عليه القضاء، و المراد بالضيق أن لا يتمكن من إدراك ركعة في الوقت على تقدير تأخير الصلاة إلى ما بعد الخروج.

[ما يصح السجود عليه]

(مسألة 549): يعتبر في مسجد الجبهة- مضافا إلى ما تقدم من الطهارة- أن يكون من الأرض، أو نباتها، أو القرطاس، و الأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية- على مشرفها أفضل الصلاة و التحية، فقد ورد فيها فضل عظيم، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن- كالذهب و الفضة و غيرهما- و لا على ما خرج عن اسم النبات

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 1، ص: 150

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 150

كالرماد، و الفحم، و يجوز السجود على الخزف، و الآجر و الجص و النورة و لو بعد طبخهما.

(مسألة 550): يعتبر في جواز السجود على النبات، أن لا يكون مأكولا كالحنطة، و الشعير، و البقول، و الفواكه و نحوها من المأكول، و لو قبل وصولها إلى زمان الأكل، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ و نحوه، نعم يجوز السجود على قشورها، و نواها، و على التبن، و القصيل، و الجت و نحوها، و فيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لإقبال النفس على أكله إشكال، و إن

كان الأظهر في مثله الجواز و مثله عقاقير الأدوية كورد لسان الثور، و عنب الثعلب، و الخوبة، و نحوها مما له طعم و ذوق حسن، و أما ما ليس له ذلك، فلا إشكال في جواز السجود عليه و إن استعمل للتداوي به، و كذا ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة، أو عند بعض الناس نادرا.

(مسألة 551): يعتبر أيضا في جواز السجود على النبات، أن لا يكون ملبوسا كالقطن، و الكتان، و القنب، و لو قبل الغزل، أو النسج و لا بأس بالسجود على خشبها و ورقها، و كذا الخوص، و الليف، و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك، و إن لبس لضرورة أو شبهها، أو عند بعض الناس نادرا.

(مسألة 552): الأظهر جواز السجود على القرطاس مطلقا، و إن اتخذ مما لا يصح السجود عليه، كالمتخذ من الحرير، أو القطن، أو الكتان.

(مسألة 553): لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغا، لا جرما.

(مسألة 554): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لتقية، جاز له السجود على كل ما تقتضيه التقية، و أما إذا لم يتمكن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 151

لفقد ما يصح السجود عليه، أو لمانع من حرّ، أو برد، فالأظهر وجوب السجود على ثوبه، فإن لم يمكن فعلى ظهر الكف، أو على شي ء آخر مما لا يصح السجود عليه حال الاختيار.

(مسألة 555): لا يجوز السجود على الوحل، أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما، و إن حصل التمكن جاز، و إن لصق بجبهته شي ء منهما أزاله للسجدة الثانية على الأحوط، و إن لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه صلى إيماء.

(مسألة 556):

إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه، إذا صلى فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا، صلى مومئا للسجود، و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد.

(مسألة 557): إذا اشتغل بالصلاة، و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه، قطعها في سعة الوقت، و في الضيق ينتقل إلى البدل من الثوب أو ظهر الكف على الترتيب المتقدم.

(مسألة 558): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه، فإن التفت بعد رفع الرأس مضى و لا شي ء عليه، و إن كان قبله جرّ جبهته إلى ما يصح السجود عليه إن أمكن، و إلا قطع الصلاة في السعة و استأنفها، و في الضيق أتمّ على ما تقدم.

(مسألة 559): يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب، فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة، و الأرجوحة و نحوهما مما يفوت معه الاستقرار، و تجوز الصلاة على الدابة و في السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار، و كذا إذا كانتا سائرتين إن حصل ذلك أيضا، و نحوهما العربة، و القطار، و أمثالهما، فإنه تصح الصلاة فيها إذا حصل الاستقرار و الاستقبال، و لا تصح إذا فات واحد منهما، إلا مع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 152

الضرورة، و حينئذ ينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها، و إن لم يتمكن من الاستقبال، إلا في تكبيرة الإحرام اقتصر عليه، و إن لم يتمكن من الاستقبال أصلا سقط، و الأحوط استحبابا تحري الأقرب إلى القبلة فالأقرب، و كذا الحال في الماشي و غيره من المعذورين.

(مسألة 560): الأقوى جواز إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختيارا و إن كان

الأحوط تركه، أما اضطرارا فلا إشكال في جوازها، و كذا النافلة و لو اختيارا.

[مستحبات مكان المصلي]

(مسألة 561): تستحب الصلاة في المساجد، و أفضلها المسجد الحرام و الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثمّ مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة، ثمّ مسجد الكوفة و الأقصى و الصلاة فيهما تعدل ألف صلاة، ثمّ مسجد الجامع و الصلاة فيه بمائة صلاة، ثمّ مسجد القبيلة و فيه تعدل خمسا و عشرين، ثمّ مسجد السوق و الصلاة فيه تعدل اثنتي عشرة صلاة، و صلاة المرأة في بيتها أفضل، و أفضل البيوت المخدع.

(مسألة 562): تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السّلام بل قيل:

إنّها أفضل من المساجد، و قد ورد أن الصلاة عند علي عليه السّلام بمائتي ألف صلاة.

(مسألة 563): يكره تعطيل المسجد، ففي الخبر: ثلاثة يشكون إلى اللّه تعالى، مسجد خراب لا يصلي فيه أحد، و عالم بين جهّال، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

(مسألة 564): يستحب التردد إلى المساجد، ففي الخبر من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر، و في الخبر لا صلاة لجار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 153

المسجد إلا في مسجده.

(مسألة 565): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلا إذا كان في معرض مرور أحد قدامه، و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب.

(مسألة 566): قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام، و المزبلة، و المجزرة، و الموضع المعد للتخلي، و بيت المسكر،

و معاطن الإبل، و مرابط الخيل، و البغال، و الحمير، و الغنم، بل في كل مكان قذر، و في الطريق إذا أضرت بالمارة حرمت و بطلت، و في مجاري المياه، و الأرض السبخة و بيت النار كالمطبخ، و أن يكون أمامه نار مضرمة، و لو سراجا، أو تمثال ذي روح، أو مصحف مفتوح، أو كتاب كذلك، و الصلاة على القبر و في المقبرة، أو أمامه قبر، و بين قبرين. و إذا كان في الأخيرين حائل، أو بعد عشرة أذرع، فلا كراهة، و أن يكون قدامه إنسان مواجه له، و هناك موارد أخرى للكراهة مذكورة في محلها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 154

المقصد الخامس أفعال الصلاة و ما يتعلق بها

اشارة

و فيه مباحث

المبحث الأول الأذان و الإقامة
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [مستحبات الأذان و الإقامة]
اشارة

يستحب الأذان و الإقامة استحبابا مؤكدا في الفرائض اليومية أداء و قضاء، حضرا، و سفرا، في الصحة، و المرض، للجامع و المنفرد، رجلا كان، أو امرأة، و يتأكدان في الأدائية منها، و خصوص المغرب و الغداة و أشدهما تأكدا الإقامة خصوصا للرجال، بل الأحوط- استحبابا- لهم الإتيان بها، و لا يشرع الأذان و لا الإقامة في النوافل، و لا في الفرائض غير اليومية.

[موارد سقوط الأذان و الإقامة]

(مسألة 567): يسقط الأذان للعصر عزيمة يوم عرفة، إذا جمعت مع الظهر، و للعشاء ليلة المزدلفة، إذا جمعت مع المغرب.

(مسألة 568): يسقط الأذان و الإقامة جميعا في موارد.

الأول: في الصلاة جماعة إذا سمع الإمام الأذان و الإقامة في الخارج.

الثاني: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها و أقاموا و إن لم يسمع.

الثالث: الداخل إلى المسجد قبل تفرق الجماعة، سواء صلى جماعة إماما، أو مأموما، أم صلى منفردا بشرط الاتحاد في المكان عرفا، فمع كون إحداهما في أرض المسجد، و الأخرى على سطحه يشكل السقوط و يشترط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 155

أيضا أن تكون الجماعة السابقة بأذان و إقامة، فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها و إقامتها، فلا سقوط، و أن تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الإمام فاسقا مع علم المأمومين به فلا سقوط و في اعتبار كون الصلاتين أدائيتين و اشتراكهما في الوقت، إشكال، و الأحوط الإتيان حينئذ بهما برجاء المطلوبية، بل الظاهر جواز الإتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية، و كذا إذا كان المكان غير مسجد.

الرابع: إذا سمع شخصا آخر يؤذن و يقيم للصلاة إماما كان الآتي بهما، أو مأموما، أم منفردا، و كذا في السامع بشرط سماع تمام الفصول و إن سمع أحدهما لم يجز

عن الآخر.

الفصل الثاني فصول الأذان

فصول الأذان ثمانية عشر: اللّه أكبر أربع مرات، ثمّ أشهد أن لا إله إلا اللّه، ثمّ أشهد أن محمدا رسول اللّه، ثمّ حي على الصلاة، ثمّ حي على الفلاح، ثمّ حي على خير العمل، ثمّ اللّه أكبر، ثمّ لا إله إلا اللّه كل فصل مرتان، و كذلك الإقامة، إلا أن فصولها أجمع مثنى مثنى، إلا التهليل في آخرها فمرة، و يزاد فيها بعد الحيعلات قبل التكبير، قد قامت الصلاة مرتين، فتكون فصولها سبعة عشر. و تستحب الصلاة على محمد و آل محمد عند ذكر اسمه الشريف. و إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي عليه السّلام بالولاية و إمرة المؤمنين في الأذان و غيره.

الفصل الثالث [شروط الأذان و الإقامة]

يشترط فيهما أمور:

الأول: النية ابتداء و استدامة، و يعتبر فيها القربة و التعيين مع الاشتراك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 156

الثاني و الثالث: العقل و الإيمان، و في الاجتزاء بأذان المميز و إقامته إشكال.

الرابع: الذكورة للذكور فلا يعتد بأذان النساء و إقامتهن لغيرهن حتى المحارم على الأحوط وجوبا، نعم يجتزئ بهما لهن، فإذا أمّت المرأة النساء فأذنت و أقامت كفى.

الخامس: الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة، و كذا بين فصول كل منهما، فإذا قدم الإقامة أعادها بعد الأذان، و إذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل الترتيب، إلا أن تفوت الموالاة فيعيد من الأول.

السادس: الموالاة بينهما و بين الفصول من كل منهما، و بينهما و بين الصلاة فإذا أخل بها أعاد.

السابع: العربية و ترك اللحن.

الثامن: دخول الوقت فلا يصحان قبله. نعم يجوز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام.

الفصل الرابع [مستحبات الأذان]

يستحب في الأذان الطهارة من الحدث، و القيام و الاستقبال، و يكره الكلام في أثنائه، و كذلك الإقامة، بل الظاهر اشتراطها بالطهارة و القيام و تشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم: «قد قامت الصلاة» إلا فيما يتعلق بالصلاة، و يستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان و الحدر في الإقامة، و الإفصاح بالألف و الهاء من لفظ الجلالة و وضع الاصبعين في الاذنين في الأذان، و مد الصوت فيه و رفعه إذا كان المؤذن ذكرا، و يستحب رفع الصوت أيضا في الإقامة، إلا أنه دون الأذان، و غير ذلك مما هو مذكور في المفصلات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 157

الفصل الخامس [ما ينبغي للمصلي حال الصلاة]

من ترك الأذان و الإقامة، أو أحدهما عمدا، حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها و استئنافها على الأحوط، و إذا تركهما عن نسيان يستحب له القطع لتداركهما ما لم يركع، و إذا نسي الإقامة وحدها فالظاهر استحباب القطع لتداركها إذا ذكر قبل القراءة و لا يبعد الجواز لتداركهما أو تدارك الإقامة مطلقا.

إيقاظ و تذكير: قال اللّه تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ و قال النبي و الأئمة عليهم أفضل الصلاة و السلام كما ورد في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يقبل عليه منها و أنه لا يقدّمن أحدكم على الصلاة متكاسلا، و لا ناعسا، و لا يفكّرن في نفسه، و يقبل بقلبه على ربه. و لا يشغله بأمر الدنيا، و أن الصلاة وفادة على اللّه تعالى، و أن العبد قائم فيها بين يدي اللّه تعالى، فينبغي أن يكون قائما مقام العبد الذليل، الراغب الراهب، الخائف الراجي المسكين المتضرع، و أن يصلي صلاة مودع

يرى أن لا يعود إليها أبدا و كان علي بن الحسين عليه السّلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة، لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه، و كان أبو جعفر، و أبو عبد اللّه عليهما السّلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما، مرة حمرة، و مرة صفرة، و كأنهما يناجيان شيئا يريانه، و ينبغي أن يكون صادقا في قوله (إياك نعبد و إياك نستعين) فلا يكون عابدا لهواه. و لا مستعينا بغير مولاه. و ينبغي إذا أراد الصلاة، أو غيرها من الطاعات أن يستغفر اللّه تعالى، و يندم على ما فرّط في جنب اللّه ليكون معدودا في عداد المتقين الذين قال اللّه تعالى في حقهم إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ و ما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت و إليه أنيب، و هو حسبنا و نعم الوكيل، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 158

المبحث الثاني فيما يجب في الصلاة
اشارة

و هو أحد عشر:

النية، و تكبيرة الإحرام، و القيام، و القراءة، و الذكر، و الركوع، و السجود، و التشهد، و التسليم، و الترتيب، و الموالاة، و الأركان- و هي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمدا و سهوا- خمسة: النية، و التكبير، و القيام و الركوع، و السجود. و البقية أجزاء غير ركنية لا تبطل الصلاة بنقصها سهوا، و في بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء اللّه تعالى، فهنا فصول:

الفصل الأول [النية]
اشارة

في النية:

و هي القصد إلى الفعل متقربا به إلى اللّه تعالى بأن يكون الباعث إليه أمر اللّه تعالى أو نحوه، و قد تقدم تفصيله في الوضوء. و لا يعتبر التلفظ بها، و لا إخطار صورة العمل تفصيلا عند القصد إليه، و لا نية الوجوب و لا الندب، و لا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحباتها، و لا غير ذلك من الصفات و الغايات بل يكفي الإرادة الإجمالية المنبعثة عن أمر اللّه تعالى، المؤثرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختيارية الصادرة عن المختار، المقابل للساهي و الغافل.

(مسألة 569): يعتبر فيها الاخلاص فإذا انضم إلى أمر اللّه تعالى الرياء بطلت الصلاة و كذا غيرها من العبادات الواجبة و المستحبة سواء أ كان الرياء في الابتداء أم في الاثناء، و في تمام الأجزاء، أم في بعضها الواجبة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 159

أو في المسجد أو في الصف الأول، أو خلف الإمام الفلاني، أو أول الوقت، أو نحو ذلك. نعم في بطلانها بالرياء في الأجزاء المستحبة مثل القنوت، أو زيادة التسبيح أو نحو ذلك إشكال، بل الظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة، مثل إزالة الخبث قبل الصلاة، و التصدق في أثنائها، و ليس من الرياء المبطل ما

لو أتى بالعمل خالصا للّه، و لكنه كان يعجبه أن يراه الناس كما أن الخطور القلبي لا يبطل الصلاة، خصوصا إذا كان يتأذى بهذا الخطور و لو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذم عن نفسه، أو ضرر آخر غير ذلك، لم يكن رياءً و لا مفسدا، و الرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها، كما لو كان قاصدا الاخلاص ثمّ بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله، و العجب لا يبطل العبادة، سواء أ كان متأخرا أم مقارنا.

(مسألة 570): الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت محرمة و موجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة، و إلا فإن كانت راجحة، أو مباحة فالظاهر صحة العبادة إذا كان داعي القربة صالحا للاستقلال في البعث إلى الفعل بحيث يفعل للأمر به و لو لم تكن تلك الضميمة، و إن لم يكن صالحا للاستقلال، فالظاهر البطلان.

(مسألة 571): يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها إذا كانت صالحة لأن تكون على أحد وجهين متميزين، و يكفي التعيين الإجمالي مثل عنوان ما اشتغلت به الذمة- إذا كان متحدا- أو ما اشتغلت به أولا- إذا كان متعددا- أو نحو ذلك، فإذا صلى صلاة مرددة بين الفجر و نافلتها، لم تصح كل منهما. نعم إذا لم تصلح لأن تكون على أحد وجهين متميزين، كما إذا نذر نافلتين لم يجب التعيين، لعدم تميز إحداهما في مقابل الأخرى.

(مسألة 572): لا تجب نية القضاء، و لا الأداء إلا مع ثبوت التكليف بكل منهما فلا بد من تعيّن أحدهما و لو إجمالا، فإذا علم أنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 160

مشغول الذمة بصلاة الظهر، و لا يعلم أنها قضاء. أو أداء صحت إذا قصد الإتيان بما

اشتغلت به الذمة فعلا، و إذا اعتقد أنها أداء. فنواها أداء صحت أيضا، إذا قصد امتثال الأمر المتوجه إليه و إن كانت في الواقع قضاء، و كذا الحكم في العكس.

(مسألة 573): لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة، فلو صلى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته، و بعد الفراغ تبينت طهارته صحت الصلاة، و إن كان عنده ثوب معلوم الطهارة، و كذا إذا صلى في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الإتمام فاتفق تمكنه صحت صلاته، و إن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.

(مسألة 574): قد عرفت أنه لا يجب- حين العمل- الالتفات إليه تفصيلا و تعلق القصد به، بل يكفي الالتفات إليه و تعلق القصد به قبل الشروع فيه و بقاء ذلك القصد إجمالا على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله إلى آخره عن داعي الأمر، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى انه يفعل عن قصد الأمر، و إذا سئل أجاب بذلك، و لا فرق بين أول الفعل و آخره، و هذا المعنى هو المراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها، أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية.

(مسألة 575): إذا كان في أثناء الصلاة فنوى قطعها، أو نوى الإتيان بالقاطع، و لو بعد ذلك، فإن أتم صلاته على هذا الحال بطلت و كذا إذا أتى ببعض الأجزاء ثمّ عاد إلى النية الأولى، و أما إذا عاد إلى النية الأولى قبل أن يأتي بشي ء منها، صحت و أتمها.

(مسألة 576): إذا شك في الصلاة التي بيده أنه عينها ظهرا، أو عصرا، فإن لم يأت بالظهر قبل ذلك نواها ظهرا و أتمها و إن أتى بالظهر بطلت، إلا إذا رأى نفسه فعلا في صلاة العصر،

و شك في أنه نواها عصرا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 161

من أول الأمر، أو أنه نواها ظهرا، فإنه حينئذ يحكم بصحتها و يتمها عصرا.

(مسألة 577): إذا دخل في فريضة، فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة، صحت فريضة، و في العكس تصح نافلة.

(مسألة 578): إذا قام لصلاة ثمّ دخل في الصلاة، و شك في أنه نوى ما قام إليها، أو غيرها، فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

[موارد جواز العدول في الفريضة]

(مسألة 579): لا يجوز العدول عن صلاة إلى أخرى، إلا في موارد:

منها: ما إذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين- كالظهرين و العشاءين- و قد دخل في الثانية قبل الأولى، فإنه يجب أن يعدل إلى الأولى إذا تذكر في الأثناء.

و منها: إذا كانت الصلاتان قضائيتين، فدخل في اللاحقة، ثمّ تذكر أن عليه سابقة، فإنه يجب أن يعدل إلى السابقة، في المترتبتين، و يجوز العدول في غيرهما.

و منها: ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة، فإنه يجوز العدول إلى الفائتة، و إنما يجوز العدول في الموارد المذكورة، إذا ذكر قبل أن يتجاوز محله. أما إذا ذكر في ركوع رابعة العشاء، أنه لم يصل المغرب فإنها تبطل، و لا بد من أن يأتي بها بعد أن يأتي بالمغرب.

و منها: ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأولى من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة، و تذكر بعد أن تجاوز النصف، فإنه يستحب له العدول إلى النافلة ثمّ يستأنف الفريضة و يقرأ سورتها.

و منها: ما إذا دخل في فريضة منفردا ثمّ أقيمت الجماعة، فإنه يستحب له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محله ثمّ يتمها و يدخل في الجماعة. نعم إذا بدا له قطع النافلة بعد العدول إليها فلا بأس به و لا يجوز

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 162

نية العدول من الأول.

و منها: ما إذا دخل المسافر في القصر ثمّ نوى الإقامة قبل التسليم فإنه يعدل بها إلى التمام، و إذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة قبل ركوع الركعة الثالثة عدل إلى القصر، و إذا كان بعد الركوع بطلت صلاته.

(مسألة 580): إذا عدل في غير محل العدول، فإن لم يفعل شيئا جاز له العود إلى ما نواه أولا، و إن فعل شيئا فإن كان عامدا بطلت الصلاتان و إن كان ساهيا، ثمّ التفت أتم الأولى إن لم يزد ركوعا، أو سجدتين.

(مسألة 581): الأظهر جواز ترامي العدول، فإذا كان في فائتة فذكر أن عليه فائتة سابقة، فعدل إليها فذكر أن عليه فائتة أخرى سابقة عليها، فعدل إليها أيضا صح.

الفصل الثاني في تكبيرة الإحرام:

و تسمى تكبيرة الافتتاح و صورتها: (اللّه اكبر) و لا يجزئ مرادفها بالعربية، و لا ترجمتها بغير العربية، و إذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة، و هي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمدا و سهوا، و تبطل بزيادتها عمدا، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة، فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضا و احتاج إلى خامسة و هكذا تبطل بالشفع، و تصح بالوتر، و الظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادتها سهوا، و يجب الإتيان بها على النهج العربي- مادة و هيئة- و الجاهل يلقنه غيره أو يتعلم، فإن لم يمكن اجتزأ منها بالممكن، فإن عجز جاء بمرادفها و إن عجز فبترجمتها.

(مسألة 582): الأحوط- وجوبا- عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاء كان أو غيره، و لا بما بعدها من بسملة، أو غيرها، و أن لا يعقب اسم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 163

الجلالة

شي ء من الصفات الجلالية، أو الجمالية، و ينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة، و الراء من أكبر.

(مسألة 583): يجب فيها القيام التام فإذا تركه- عمدا أو سهوا- بطلت، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعا و غيره، بل يجب التربص في الجملة حتى يعلم بوقوع التكبير تاما قائما، و أما الاستقرار في القيام المقابل للمشي و التمايل من أحد الجانبين إلى الآخر، أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة، فهو و إن كان معتبرا حال التكبير، لكن الظاهر أنه إذا تركه سهوا لم تبطل الصلاة.

(مسألة 584): الأخرس يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه و أشار بإصبعه، و الأحوط الأولى أن يحرّك بها لسانه إن أمكن.

(مسألة 585): يشرع الإتيان بست تكبيرات، مضافا إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبعا، و يجوز الاقتصار على الخمس، و على الثلاث، و الأحوط الأولى أن يقصد بالأخيرة تكبيرة الإحرام.

(مسألة 586): يستحب للإمام الجهر بواحدة، و الإسرار بالبقية و يستحب أن يكون التكبير في حال رفع اليدين إلى الأذنين، أو مقابل الوجه، أو إلى النحر، مضمومة الأصابع، حتى الإبهام، و الخنصر مستقبلا بباطنهما القبلة.

(مسألة 587): إذا كبر ثمّ شك في أنها تكبيرة الإحرام، أو للركوع بنى على الأولى. و إن شك في صحتها، بنى على الصحة. و إن شك في وقوعها و قد دخل فيما بعدها من القراءة، بنى على وقوعها.

(مسألة 588): يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاء، بلا دعاء، و الأفضل أن يأتي بثلاث منها ثمّ يقول: اللهم أنت الملك الحق، لا إله إلا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 164

أنت سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» ثمّ يأتي باثنتين و

يقول: «لبيك، و سعديك، و الخير في يديك، و الشر ليس إليك، و المهدي من هديت، لا ملجأ منك إلا إليك، سبحانك و حنانيك، تباركت و تعاليت، سبحانك رب البيت» ثمّ يأتي باثنتين و يقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ، عالم الغيب و الشهادة حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، لٰا شَرِيكَ لَهُ، وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من المسلمين، ثمّ يستعيذ و يقرأ سورة الحمد.

الفصل الثالث في القيام:

و هو ركن حال تكبيرة الاحرام- كما عرفت- و عند الركوع، و هو الذي يكون الركوع عنه- المعبر بالقيام المتصل بالركوع- فمن كبر للافتتاح و هو جالس بطلت صلاته، و كذا إذا ركع جالسا سهوا و إن قام في أثناء الركوع متقوسا، و في غير هذين الموردين يكون القيام الواجب واجبا غير ركن، كالقيام بعد الركوع، و القيام حال القراءة، أو التسبيح فإذا قرأ جالسا- سهوا- أو سبح كذلك، ثمّ قام و ركع عن قيام ثمّ التفت صحت صلاته، و كذا إذا نسي القيام بعد الركوع حتى سجد السجدتين.

(مسألة 589): إذا هوى لغير الركوع، ثمّ نواه في أثناء الهوي لم يجز، و لم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته، نعم إذا لم يصل إلى حد الركوع انتصب قائما، و ركع عنه و صحت صلاته، و كذلك إذا وصل و لم ينوه ركوعا.

(مسألة 590): إذا هوى إلى ركوع عن قيام، و في أثناء الهوي غفل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 165

حتى جلس للسجود، فإن كانت الغفلة بعد تحقق مسمى الركوع، صحت صلاته و الأحوط- استحبابا- أن يقوم منتصبا، ثمّ يهوي إلى السجود و إذا التفت إلى

ذلك و قد سجد سجدة واحدة مضى في صلاته، و الأحوط- استحبابا- إعادة الصلاة بعد الإتمام، و إذا التفت إلى ذلك و قد سجد سجدتين، صح سجوده و مضى، و إن كانت الغفلة قبل تحقق مسمى الركوع عاد إلى القيام منتصبا، ثمّ هوى إلى الركوع، و مضى و صحت صلاته.

(مسألة 591): يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام، و الانتصاب، فإذا انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بطل، و كذا إذا فرج بين رجليه على نحو يخرج عن الاستقامة عرفا، نعم لا بأس بإطراق الرأس. و تجب أيضا في القيام غير المتصل بالركوع الطمأنينة و الأحوط- استحبابا- الوقوف على القدمين جميعا، فلا يقف على أحدهما، و لا على أصابعهما فقط، و لا على أصل القدمين فقط، و الظاهر جواز الاعتماد على عصا أو جدار، أو إنسان في القيام على كراهية، بل الأحوط ترك ذلك مع الإمكان.

(مسألة 592): إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفا، و لو منحنيا أو منفرج الرجلين، صلى قائما، و إن عجز عن ذلك صلى جالسا و يجب الانتصاب، و الاستقرار، و الطمأنينة على نحو ما تقدم في القيام. هذا مع الإمكان، و إلا اقتصر على الممكن، فإن تعذر الجلوس حتى الاضطراري صلى- مضطجعا- على الجانب الأيمن و وجهه إلى القبلة كهيئة المدفون، و مع تعذره فعلى الأيسر عكس الأول، و إن تعذر صلى مستلقيا و رجلاه إلى القبلة كهيئة المحتضر و الأحوط- وجوبا- أن يومئ برأسه للركوع و السجود مع الإمكان، و الأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع، و مع العجز يومئ بعينيه.

(مسألة 593): إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما صلّى قائما و ركع

جالسا و كذا الحال في السجود فيصلّي قائما و يجلس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 166

و يسجد إيماء إن لم يتمكن من غيره كما يأتي.

(مسألة 594): إذا قدر على القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس، و إذا أحس بالقدرة على القيام قام و هكذا، و لا يجب عليه استئناف ما فعله حال الجلوس، فلو قرأ جالسا ثمّ تجددت القدرة على القيام- قبل الركوع بعد القراءة- قام للركوع، و ركع من دون إعادة للقراءة، هذا في ضيق الوقت، و أما مع سعته فإن استمر العذر إلى آخر الوقت لا يعيد، و إن لم يستمر، فإن أمكن التدارك كأن تجددت القدرة بعد القراءة، و قبل الركوع، استأنف القراءة عن قيام و مضى في صلاته، و إن لم يمكن التدارك، فإن كان الفائت قياما ركنيا، أعاد صلاته، و إلا لم تجب الإعادة.

(مسألة 595): إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق، و القيام في الجزء اللاحق، فالترجيح للسابق، حتى فيما إذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركنا، و كان في الجزء اللاحق ركنا.

(مسألة 596): يستحب في القيام إسدال المنكبين، و إرسال اليدين و وضع الكفين على الفخذين، قبال الركبتين اليمين على اليمنى، و اليسرى على اليسرى، و ضم أصابع الكفين، و أن يكون نظره إلى موضع سجوده، و أن يصفّ قدميه متحاذيتين مستقبلا بهما، و يباعد بينهما بثلاث أصابع منفرجات، أو أزيد إلى شبر، و أن يسوي بينهما في الاعتماد، و أن يكون على حال الخضوع و الخشوع، كقيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل.

الفصل الرابع في القراءة:
اشارة

يعتبر في الركعة الأولى و الثانية من كل صلاة فريضة، أو نافلة قراءة

منهاج

الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 167

فاتحة الكتاب، و يجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة غيرها- على الأحوط- بعدها، و إذا قدمها عليها- عمدا- استأنف الصلاة، و إذا قدمها- سهوا- و ذكر قبل الركوع، فإن كان قد قرأ الفاتحة- بعدها- أعاد السورة، و إن لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها و قرأ السورة بعدها، و إن ذكر بعد الركوع مضى، و كذا إن نسيهما، أو نسي إحداهما و ذكر بعد الركوع.

(مسألة 597): تجب السورة في الفريضة و إن صارت نافلة، كالمعادة و لا تجب في النافلة و إن صارت واجبة بالنذر و نحوه على الأقوى، نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور مخصوصة، تجب قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها، إلا إذا كانت السورة شرطا لكمالها، لا لأصل مشروعيتها.

(مسألة 598): تسقط السورة في الفريضة عن المريض، و المستعجل و الخائف من شي ء إذا قرأها، و من ضاق وقته، و الأحوط- استحبابا- في الأولين الاقتصار على صورة المشقة في الجملة بقراءتها، و الأظهر كفاية الضرورة العرفية.

(مسألة 599): لا تجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقراءتها من السور الطوال، فإن قرأها- عامدا- بطلت الصلاة، و إن كان ساهيا عدل إلى غيرها مع سعة الوقت، و إن ذكر بعد الفراغ منها- و قد خرج الوقت- أتم صلاته، إلا إذا لم يكن قد أدرك ركعة فيحكم- حينئذ- ببطلان صلاته و لزمه القضاء.

(مسألة 600): لا تجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة على إشكال، فإذا قرأها عمدا وجب عليه السجود للتلاوة، فإن سجد بطلت صلاته، و إن عصى- يعني لم يسجد للتلاوة- فالأحوط إتمامها ثمّ الإعادة و إن كان الأظهر جواز قطعها ثمّ الاستئناف، و إذا قرأها- نسيانا- و

ذكر قبل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 168

آية السجدة عدل إلى غيرها، و إذا ذكر بعدها فإن سجد- نسيانا- أيضا أتمها و صحت صلاته، و إن التفت قبل السجود أومأ إليه و أتم صلاته، و سجد بعدها على الأحوط، فإن سجد و هو في الصلاة بطلت.

(مسألة 601): إذا استمع إلى آية السجدة و هو في الصلاة أومأ برأسه إلى السجود و أتم صلاته، و الأحوط- وجوبا- السجود أيضا بعد الفراغ، و الظاهر عدم وجوب السجود بالسماع من غير اختيار مطلقا.

[جواز قراءة سورة العزائم في النافلة]

(مسألة 602): تجوز قراءة سور العزائم في النافلة منفردة، أو منضمة إلى سورة أخرى، و يسجد عند قراءة آية السجدة، و يعود إلى صلاته فيتمها، و كذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها، و سور العزائم أربع (ألم السجدة، حم السجدة، النجم، اقرأ باسم ربك).

[أحكام القراءة]

(مسألة 603): تجب قراءة البسملة مع كل سورة- عدا سورة براءة- و إذا عينها لسورة لم تجز قراءة غيرها إلا بعد إعادة البسملة لها، و إذا قرأ البسملة من دون تعيين سورة وجب إعادتها و يعينها لسورة خاصة، و كذا إذا عينها لسورة و نسيها فلم يدر ما عين، و إذا كان مترددا بين السور لم يجز له البسملة إلا بعد التعيين، و إذا كان عازما من أول الصلاة على قراءة سورة معينة، أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفى و لم تجب إعادة السورة.

(مسألة 604): الأحوط ترك القران بين السورتين في الفريضة، و إن كان الأظهر الجواز على كراهة، و في النافلة يجوز ذلك بلا كراهة.

(مسألة 605): سورتا الفيل و الإيلاف، سورة واحدة، و كذا سورتا الضحى و أ لم نشرح، فلا تجزئ واحدة منهما، بل لا بد من الجمع بينهما مرتبا مع البسملة الواقعة. بينهما.

(مسألة 606): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف و إخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب، كما يجب أن تكون هيئة الكلمة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 169

موافقة للأسلوب العربي، من حركة البنية، و سكونها، و حركات الاعراب و البناء و سكناتها، و الحذف، و القلب، و الادغام، و المد الواجب، و غير ذلك، فإن أخل بشي ء من ذلك بطلت القراءة.

(مسألة 607): يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة:

اللّه و

الرحمن، و الرحيم، و اهدنا و غيرها، فإذا أثبتها بطلت القراءة، و كذا يجب إثبات همزة القطع مثل: إياك، و أنعمت، فإذا حذفها بطلت القراءة.

(مسألة 608): الأحوط الأولى ترك الوقوف بالحركة، بل و كذا الوصل بالسكون.

(مسألة 609): يجب المد في الواو المضموم ما قبلها، و الياء المكسور ما قبلها، و الألف المفتوح ما قبلها، إذا كان بعدها سكون لازم مثل: ضالين، بل هو الأحوط في مثل: جاء، و جي ء، و سوء.

(مسألة 610): الأحوط- استحبابا- الادغام إذا كان بعد النون الساكنة، أو التنوين أحد حروف: يرملون.

(مسألة 611): يجب ادغام لام التعريف إذا دخلت على التاء، و الثاء، و الدال، و الذال، و الراء، و الزاء، و السين، و الشين، و الصاد، و الضاد، و الطاء، و الظاء، و اللام، و النون، و إظهارها في بقية الحروف فتقول في: اللّه، و الرحمن، و الرحيم، و الصراط، و الضالين بالادغام و في الحمد، و العالمين، و المستقيم بالاظهار.

(مسألة 612): يجب الادغام في مثل مدّ و ردّ مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة، و لا يجب في مثل اذهب بكاتبي، و يدرككم مما اجتمع فيه المثلان في كلمتين و كان الأول ساكنا، و إن كان الادغام أحوط.

(مسألة 613): تجوز قراءة مالك يوم الدين، و ملك يوم الدين و يجوز في الصراط بالصاد، و السين، و يجوز في كفوا، أن يقرأ بضم الفاء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 170

و بسكونها مع الهمزة، أو الواو.

(مسألة 614): إذا لم يقف على أحد، في قل هو اللّه أحد، و وصله ب (اللّه الصمد) فالأحوط الأولى أن يقول أحدن اللّه الصمد، بضم الدال و كسر النون.

(مسألة 615): إذا اعتقد كون الكلمة على وجه

خاص من الاعراب أو البناء، أو مخرج الحرف، فصلى مدة على ذلك الوجه، ثمّ تبين أنه غلط، فالظاهر الصحة، و إن كان الأحوط الإعادة.

(مسألة 616): الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع، و إن كان الأقوى جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الأئمة عليهم السّلام.

(مسألة 617): يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الأوليين من المغرب، و العشاء، و الاخفات في غير الأوليين منهما، و كذا في الظهر، و العصر في غير يوم الجمعة عدا البسملة. أما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة، بل في الظهر أيضا على الأقوى.

(مسألة 618): إذا جهر في موضع الاخفات، أو أخفت في موضع الجهر- عمدا- بطلت صلاته، و إذا كان ناسيا، أو جاهلا بالحكم من أصله، أو بمعنى الجهر و الاخفات صحت صلاته، و الأحوط الأولى الإعادة إذا كان مترددا فجهر، أو أخفت في غير محله- برجاء المطلوبية- و إذا تذكر الناسي، أو علم الجاهل في أثناء القراءة مضى في القراءة، و لم تجب عليه إعادة ما قرأه.

(مسألة 619): لا جهر على النساء، بل يتخيرن بينه و بين الاخفات في الجهرية، و يجب عليهن الاخفات في الاخفاتية، و يعذرن فيما يعذر الرجال فيه.

(مسألة 620): مناط الجهر و الاخفات الصدق العرفي، لا سماع من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 171

بجانبه و عدمه، و لا يصدق الاخفات على ما يشبه كلام المبحوح، و إن كان لا يظهر جوهر الصوت فيه، و لا يجوز الافراط في الجهر كالصياح، و الأحوط وجوبا في الاخفات أن يسمع نفسه تحقيقا، أو تقديرا، كما إذا كان أصم، أو كان هناك مانع من سماعه.

(مسألة 621): من لا يقدر إلا على الملحون، و لو لتبديل

بعض الحروف، و لا يمكنه التعلم أجزأه ذلك، و لا يجب عليه أن يصلي صلاته مأموما، و كذا إذا ضاق الوقت عن التعلم، نعم إذا كان مقصرا في ترك التعلم، وجب عليه أن يصلي مأموما، و إذا تعلم بعض الفاتحة قرأه و الأحوط- استحبابا- أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية، و إذا لم يعلم شيئا منها قرأ من سائر القرآن، و الأحوط- وجوبا- أن يكون بقدر الفاتحة، و إذا لم يعرف شيئا من القرآن أجزأه أن يكبّر و يسبّح، و الأحوط- وجوبا- أن يكون بقدرها أيضا، بل الأحوط الإتيان بالتسبيحات الأربع، و إذا عرف الفاتحة و جهل السورة، فالظاهر سقوطها مع العجز عن تعلمها.

(مسألة 622): تجوز القراءة اختيارا في المصحف الشريف، و بالتلقين و إن كان الأحوط- استحبابا- الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار.

(مسألة 623): يجوز العدول اختيارا من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف، و الأحوط عدم العدول ما بين النصف و الثلثين، و لا يجوز العدول بعد بلوغ الثلثين، هذا في غير سورتي الجحد، و التوحيد، و أما فيهما فلا يجوز العدول من إحداهما إلى غيرهما، و لا إلى الأخرى مطلقا، نعم يجوز العدول من غيرهما- و لو بعد تجاوز النصف- أو من إحدى السورتين مع الاضطرار لنسيان بعضها، أو ضيق الوقت عن إتمامها، أو كون الصلاة نافلة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 172

(مسألة 624): يستثنى من الحكم المتقدم يوم الجمعة، فإنّ من كان بانيا فيه على قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى و سورة (المنافقون) في الثانية من صلاة الجمعة، أو الظهر فغفل و شرع في سورة أخرى، فإنه يجوز له العدول إلى السورتين و إن كان من سورة التوحيد،

أو الجحد أو بعد تجاوز الثلثين من أي سورة كانت، و الأحوط وجوبا عدم العدول عن الجمعة و المنافقون يوم الجمعة، حتى إلى السورتين (التوحيد و الجحد) إلا مع الضرورة فيعدل إلى إحداهما دون غيرهما على الأحوط.

(مسألة 625): يتخير المصلي في ثالثة المغرب، و أخيرتي الرباعيات بين الفاتحة، و التسبيح، و صورته: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر» هذا في غير المأموم في الصلوات الجهرية، و أما فيه فالأحوط- لزوما- اختيار التسبيح، و تجب المحافظة على العربية، و يجزئ ذلك مرة واحدة، و الأحوط- استحبابا- التكرار ثلاثا، و الأفضل إضافة الاستغفار إليه، و يجب الاخفات في الذكر، و في القراءة بدله حتى البسملة- على الأحوط وجوبا-.

(مسألة 626): لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة و الذكر، بل له القراءة في إحداهما، و الذكر في الأخرى.

(مسألة 627): إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر، فالظاهر عدم الاجتزاء به، و عليه الاستئناف له، أو لبديله، و إذا كان غافلا و أتى به بقصد الصلاة اجتزأ به، و إن كان خلاف عادته، أو كان عازما في أول الصلاة على غيره، و إذا قرأ الحمد بتخيل أنه في الأولتين، فذكر أنه في الأخيرتين اجتزأ، و كذا إذا قرأ سورة التوحيد- مثلا- بتخيل أنه في الركعة الأولى، فذكر أنه في الثانية.

(مسألة 628): إذا نسي القراءة، و الذكر، و تذكر بعد الوصول إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 173

حد الركوع صحت الصلاة، و إذا تذكر قبل ذلك- و لو بعد الهوي- رجع و تدارك، و إذا شك في قراءتها بعد الركوع مضى، و إذا شك قبل ذلك تدارك، و إن كان الشك بعد

الاستغفار، بل بعد الهوي أيضا.

(مسألة 629): الذكر للمأموم أفضل في الصلوات الاخفاتية من القراءة، و في أفضليته للإمام، و المنفرد إشكال. و تقدم أن الأحوط- لزوما- اختيار الذكر للمأموم في الصلوات الجهرية.

(مسألة 630): تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الأولى بأن يقول: «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» و الأولى الاخفات بها، و الجهر بالبسملة في أوليي الظهرين، و الترتيل في القراءة، و تحسين الصوت بلا غناء، و الوقف على فواصل الآيات، و السكتة بين الحمد و السورة، و بين السورة و تكبير الركوع، أو القنوت، و أن يقول بعد قراءة التوحيد «كذلك اللّه ربي» أو «ربنا» و أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة «الحمد للّه رب العالمين» و المأموم يقولها بعد فراغ الإمام و قراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة: عم، و هل أتى، و هل أتاك، و لا أقسم، في صلاة الصبح. و سورة الأعلى، و الشمس، و نحوهما في الظهر و العشاء.

و سورة النصر، و التكاثر، في العصر و المغرب. و سورة الجمعة في الركعة الأولى، و سورة الأعلى في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة، و سورة الجمعة في الأولى، و التوحيد في الثانية من صبحها، و سورة الجمعة في الأولى، و المنافقون في الثانية من ظهريها، و سورة هل أتى في الأولى، و هل أتاك في الثانية في صبح الخميس و الاثنين، و يستحب في كل صلاة قراءة القدر في الأولى، و التوحيد في الثانية، و إذا عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من فضل، أعطي أجر السورة التي عدل عنها، مضافا إلى أجرهما.

(مسألة 631): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 174

و قراءتها بنفس واحد، و قراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الأوليين إلا سورة التوحيد، فإنه لا بأس بقراءتها في كل من الركعة الأولى و الثانية.

(مسألة 632): يجوز تكرار الآية و البكاء، و تجوز قراءة المعوذتين في الصلاة و هما من القرآن، و يجوز إنشاء الخطاب بمثل: «إياك نعبد و إياك نستعين» مع قصد القرآنية، و كذا إنشاء الحمد بقوله: «الحمد للّه رب العالمين» و إنشاء المدح بمثل الرحمن الرحيم.

(مسألة 633): إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت و بعد الطمأنينة يرجع إلى القراءة، و لا يضر تحريك اليد، أو أصابع الرجلين حال القراءة.

(مسألة 634): إذا تحرك في حال القراءة قهرا لريح، أو غيرها بحيث فاتت الطمأنينة فالأحوط- استحبابا- إعادة ما قرأ في تلك الحال.

(مسألة 635): يجب الجهر في جميع الكلمات، و الحروف في القراءة الجهرية على الأحوط.

(مسألة 636): تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة، فإذا فاتت الموالاة- سهوا- بطلت الكلمة و إذا كان عمدا بطلت الصلاة، و كذا الموالاة بين الجار و المجرور، و حرف التعريف و مدخوله، و نحو ذلك مما يعد جزء الكلمة. و الأحوط الموالاة بين المضاف و المضاف إليه، و المبتدأ و خبره، و الفعل و فاعله، و الشرط و جزائه، و الموصوف و صفته، و المجرور و متعلقه، و نحو ذلك مما له هيئة خاصة على نحو لا يجوز الفصل فيه بالأجنبي، فإذا فاتت سهوا أعاد القراءة و إذا فاتت عمدا فالأحوط- وجوبا- الاتمام و الاستئناف.

(مسألة 637): إذا شك في حركة كلمة، أو مخرج حروفها، لا يجوز أن يقرأ بالوجهين، فيما إذا لم يصدق على الآخر أنه ذكر و لو غلطا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 175

و لكن لو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه، فإذا انكشف أنه مطابق للواقع لم يعد الصلاة، و إلا أعادها.

الفصل الخامس [في الركوع]
[واجبات الركوع:]

و هو واجب في كل ركعة مرة، فريضة كانت، أو نافلة، عدا صلاة الآيات كما سيأتي، كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته، و نقيصته عمدا و سهوا، عدا صلاة الجماعة، فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي، و عدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهوا، و يجب فيه أمور:

الأول: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين، و غير مستوي الخلقة لطول اليدين، أو قصرهما يرجع إلى المتعارف، و لا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة، فإن لكل حكم نفسه.

الثاني: الذكر، و يجزئ منه «سبحان ربي العظيم و بحمده»، أو «سبحان اللّه ثلاثا»، بل يجزئ مطلق الذكر، من تحميد، و تكبير، و تهليل، و غيرهما، إذا كان بقدر الثلاث الصغريات، مثل: «الحمد للّه» ثلاثا، أو «اللّه أكبر» ثلاثا، و يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى و الثلاث الصغريات، و كذا بينهما و بين غيرهما من الأذكار، و يشترط في الذكر العربية، و الموالاة و أداء الحروف من مخارجها، و عدم المخالفة في الحركات الاعرابية، و البنائية.

الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب، بل الأحوط وجوبا ذلك في الذكر المندوب، إذا جاء به بقصد الخصوصية، و الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع غير مجز عن الذكر الواجب فيه فلا بد من إعادته بعد الوصول.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 176

الرابع: رفع الرأس منه حتى ينتصب قائما.

الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور، و إذا لم يتمكن لمرض، أو غيره سقطت، و كذا الطمأنينة حال الذكر، فإنها تسقط لما ذكر، و لو ترك

الطمأنينة في الركوع سهوا بأن لم يبق في حده، بل رفع رأسه بمجرد الوصول إليه، ثمّ ذكر بعد رفع الرأس فالأحوط إتمام الصلاة ثمّ الإعادة.

(مسألة 638): إذا تحرك- حال الذكر الواجب- بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة، و إعادة الذكر، و إذا ذكر في حال الحركة، فإن كان عامدا بطلت صلاته، و إن كان ساهيا فالأحوط- وجوبا- تدارك الذكر.

[مستحبات الركوع]

(مسألة 639): يستحب التكبير للركوع قبله، و رفع اليدين حالة التكبير، و وضع الكفين على الركبتين، اليمنى على اليمنى، و اليسرى على اليسرى، ممكّنا كفّيه من عينيهما، ورد الركبتين إلى الخلف، و تسوية الظهر، و مد العنق موازيا للظهر، و أن يكون نظره بين قدميه، و أن يجنح بمرفقيه، و أن يضع اليمنى على الركبة قبل اليسرى، و أن تضع المرأة كفها على فخذيها، و تكرار التسبيح ثلاثا، أو خمسا أو سبعا، أو أكثر، و أن يكون الذكر وترا، و أن يقول قبل التسبيح: «اللهم لك ركعت و لك أسلمت، و عليك توكلت و أنت ربي، خشع لك قلبي، و سمعي، و بصري و شعري، و بشري، و لحمي و دمي، و مخي و عصبي و عظامي، و ما أقلته قدماي، غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر» و أن يقول للانتصاب بعد الركوع «سمع اللّه لمن حمده»، و أن يضم إليه: «الحمد للّه رب العالمين»، و أن يرفع يديه للانتصاب المذكور. و أن يصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله في الركوع و يكره فيه أن يطأطئ رأسه، أو يرفعه إلى فوق و أن يضم يديه إلى جنبيه، و أن يضع إحدى الكفين على الأخرى، و يدخلهما بين ركبتين، و أن يقرأ

القرآن فيه، و أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 177

(مسألة 640): إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه، اعتمد على ما يعينه عليه، و إذا عجز عنه فالأحوط أن يأتي بالممكن منه، مع الإيماء إلى الركوع منتصبا قائما قبله، أو بعده، و إذا دار أمره بين الركوع- جالسا- و الإيماء إليه- قائما- تعيّن الأول على الأظهر، و الأولى الجمع بينهما بتكرار الصلاة، و لا بد في الإيماء من أن يكون برأسه إن أمكن، و إلا فبالعينين تغميضا له، و فتحا للرفع منه.

(مسألة 641): إذا كان كالراكع خلقة، أو لعارض، فإن أمكنه الانتصاب التام للقراءة، و للهوي للركوع وجب، و لو بالاستعانة بعصا و نحوها، و إلا فإن تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقه عرفا لزمه ذلك، و إلا أومأ برأسه و إن لم يمكن فبعينيه.

(مسألة 642): حد ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه، و الأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يستوي ظهره، و إذا لم يتمكن من الركوع انتقل إلى الإيماء كما تقدم.

(مسألة 643): إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود، و ذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام، ثمّ ركع، و كذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية على الأظهر، و الأحوط استحبابا حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام، و إن ذكره بعد الدخول في الثانية، بطلت صلاته و استأنف.

(مسألة 644): يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى ليتناول شيئا من الأرض، أو نحوه، ثمّ نوى الركوع لا يجزئ، بل لا بد من القيام، ثمّ الركوع عنه.

(مسألة 645): يجوز للمريض- و في ضيق الوقت و سائر موارد الضرورة-

الاقتصار في ذكر الركوع على: «سبحان اللّه».

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 178

الفصل السادس في السجود:
[واجبات السجود]

و الواجب منه في كل ركعة سجدتان، و هما معا ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا، و بزيادتهما كذلك عمدا و سهوا، و لا تبطل بزيادة واحدة و لا بنقصها سهوا، و المدار في تحقق مفهوم السجدة على وضع الجبهة، أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل و الخضوع، و على هذا المعنى تدور الزيادة و النقيصة دون بقية الواجبات: و هي أمور:

الأول: السجود على ستة أعضاء: الكفين، و الركبتين، و إبهامي الرجلين، و يجب في الكفين الباطن، و في الضرورة ينتقل إلى الظاهر، ثمّ إلى الأقرب فالأقرب على الأحوط، و لا يجزئ السجود على رءوس الأصابع و كذا إذا ضمّ أصابعه إلى راحته و سجد على ظهرها. و لا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمى. و لا يعتبر أن يكون مقدار المسمى مجتمعا بل يكفي و إن كان متفرقا، فيجوز السجود على السبحة غير المصبوغة إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمى السجود، مع كون أجزائها غير متباعدة، و يجزئ في الركبتين أيضا المسمى، و في الإبهامين وضع ظاهرهما، أو باطنهما، و إن كان الأحوط وضع طرفهما.

(مسألة 646): لا بد في الجبهة من مماستها لما يصح السجود عليه من أرض و نحوها، و لا يعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة.

الثاني: الذكر على نحو ما تقدم في الركوع، و الأحوط في التسبيحة الكبرى إبدال العظيم بالأعلى.

الثالث: الطمأنينة فيه كما في ذكر الركوع.

الرابع: كون المساجد في محلها حال الذكر، و إذا أراد رفع شي ء منها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 179

سكت إلى أن يضعه، ثمّ يرجع إلى الذكر.

الخامس: رفع الرأس من السجدة

الأولى إلى أن ينتصب جالسا مطمئنا.

السادس: تساوي موضع جبهته و موقفه، إلا أن يكون الاختلاف بمقدار لبنة، و قدّر بأربعة أصابع مضمومة، و لا فرق بين الانحدار و التسنيم فيما إذا كان الانحدار ظاهرا، و أما في غير الظاهر فلا اعتبار بالتقدير المذكور و إن كان هو الأحوط استحبابا، و لا يعتبر ذلك في باقي المساجد على الأقوى.

(مسألة 647): إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع، أو المنخفض فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثمّ سجد على المستوى، و إن صدق معه السجود، أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه، فالأظهر جر الجبهة إلى ما يجوز السجود عليه، و إذا وضعها على ما يصح السجود عليه جاز جرها إلى الأفضل، أو الأسهل.

(مسألة 648): إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهرا قبل الذكر، أو بعده، فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له، و سجد أخرى بعد الجلوس معتدلا، و إن وقعت على المسجد ثانيا قهرا لم تحسب الثانية فيرفع رأسه و يسجد الثانية.

(مسألة 649): إذا عجز عن السجود التام انحنى بالمقدار الممكن و رفع المسجد إلى جبهته، و وضعها عليه و وضع سائر المساجد في محالها و إن لم يمكن الانحناء أصلا، أو أمكن بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا، أومأ برأسه، فإن لم يمكن فبالعينين، و إن لم يمكن فالأولى أن يشير إلى السجود باليد، أو نحوها، و ينويه بقلبه، و الأحوط- استحبابا- له رفع المسجد إلى الجبهة، و كذا وضع المساجد في محالها، و إن كان الأظهر عدم وجوبه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 180

(مسألة 650): إذا كان بجبهته قرحة، أو نحوها مما يمنعه من وضعها على المسجد، فإن لم يستغرقها سجد على الموضع

السليم، و لو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، و إن استغرقها سجد على أحد الجبينين، مقدما الأيمن على الأحوط استحبابا، و الأحوط لزوما الجمع بينه و بين السجود على الذقن و لو بتكرار الصلاة، فإن تعذر السجود على الجبين، اقتصر على السجود على الذقن، فإن تعذر أومأ إلى السجود برأسه أو بعينيه على ما تقدم.

(مسألة 651): لا بأس بالسجود على غير الأرض و نحوها، مثل الفراش في حال التقية، و لا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي على البارية، أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها.

(مسألة 652): إذا نسي السجدتين فإن تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليهما، و إن تذكر بعد الدخول فيه بطلت الصلاة، و إن كان المنسي سجدة واحدة رجع و أتى بها إن تذكر قبل الركوع، و إن تذكر بعده مضى و قضاها بعد السلام، و سيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك.

[مستحبات السجود]

(مسألة 653): يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع، و رفع اليدين حاله، و السبق باليدين إلى الأرض، و استيعاب الجبهة في السجود عليها، و الارغام بالأنف، و بسط اليدين مضمومتي الأصابع حتى الابهام حذاء الاذنين متوجها بهما إلى القبلة، و شغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود، و الدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول: «اللهم لك سجدت، و بك آمنت، و لك أسلمت، و عليك توكلت، و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه، و شق سمعه و بصره الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين» و تكرار الذكر، و الختم على الوتر، و اختيار التسبيح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص:

181

و الكبرى منه و تثليثها، و الأفضل تخميسها، و الأفضل تسبيعها، و أن يسجد على الأرض بل التراب، و مساواة موضع الجبهة للموقف، بل مساواة جميع المساجد لهما. قيل: و الدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا و الآخرة، خصوصا الرزق فيقول: «يا خير المسئولين، و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك، فإنك ذو الفضل العظيم»، و التورك في الجلوس بين السجدتين و بعدهما، بأن يجلس على فخذه اليسرى، جاعلا ظهر قدمه اليمين على باطن اليسرى، و أن يقول في الجلوس بين السجدتين: «أستغفر اللّه ربي و أتوب إليه»، و أن يكبر بعد الرفع من السجدة الأولى بعد الجلوس مطمئنا، و يكبر للسجدة الثانية و هو جالس، و يكبر بعد الرفع من الثانية كذلك، و يرفع اليدين حال التكبيرات، و وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس، و اليمنى على اليمنى، و اليسرى على اليسرى، و التجافي حال السجود عن الأرض، و التجنح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه و يديه عن بدنه، و أن يصلي على النبي و آله في السجدتين، و أن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه، و أن يقول بين السجدتين:

«اللهم اغفر لي، و ارحمني، و اجرني، و ادفع عني، إني لما أنزلت إلي من خير فقير، تبارك اللّه رب العالمين» و أن يقول عند النهوض: «بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد و أركع و أسجد» أو «بحولك و قوتك أقوم و أقعد» أو «اللهم بحولك و قوتك أقوم و أقعد» و يضم إليه «و أركع و أسجد» و أن يبسط يديه على الأرض، معتمدا عليها للنهوض، و أن يطيل السجود و يكثر فيه من الذكر،

و التسبيح، و يباشر الأرض بكفّيه، و زيادة تمكين الجبهة، و يستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود و عدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها، و تلصق بطنها بالأرض، و تضم أعضاءها و لا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض معتدلة، و يكره الاقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضا و هو أن يعتمد بصدر قدميه على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 182

الأرض و يجلس على عقبيه، و يكره أيضا نفخ موضع السجود إذا لم يتولد منه حرف، و إلا لم يجز، و أن لا يرفع بيديه عن الأرض بين السجدتين، و أن يقرأ القرآن في السجود.

(مسألة 654): الأحوط- استحبابا- الإتيان بجلسة الاستراحة و هي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى، و الثالثة مما لا تشهد فيه.

[آيات السجود]

(تتميم): يجب السجود عند قراءة آياته الأربع في السور الأربع و هي ألم تنزيل عند قوله تعالى: لٰا يَسْتَكْبِرُونَ و حم فصلت عند قوله:

تَعْبُدُونَ، و النجم، و العلق في آخرهما، و كذا يجب على المستمع إذا لم يكن في حال الصلاة، فإن كان في حال الصلاة أومأ إلى السجود، و سجد بعد الصلاة على الأحوط، و يستحب في أحد عشر موضعا في الأعراف عند قوله تعالى: وَ لَهُ يَسْجُدُونَ و في الرعد عن قوله تعالى:

وَ ظِلٰالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ، و في النحل عند قوله تعالى: وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ و في بني إسرائيل عند قوله تعالى: وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً و في مريم، عند قوله تعالى: خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا و في سورة الحج في موضعين عند قوله تعالى: إِنَّ اللّٰهَ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ و عند قوله: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ و في الفرقان عند قوله:

وَ زٰادَهُمْ نُفُوراً و في النمل عند قوله:

رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ و في «ص» عند قوله: خَرَّ رٰاكِعاً وَ أَنٰابَ، و في الانشقاق عند قوله: لٰا يَسْجُدُونَ بل الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود.

(مسألة 655): ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح، و لا تشهد و لا تسليم، نعم يستحب التكبير للرفع منه، بل الأحوط- استحبابا- عدم تركه، و لا يشترط فيه الطهارة من الحدث، و لا الخبث، و لا الاستقبال و لا طهارة محل السجود، و لا الستر، و لا صفات الساتر، بل يصح حتى في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 183

المغصوب إذا لم يكن السجود تصرفا فيه، و الأحوط- وجوبا- فيه السجود على الأعضاء السبعة، و وضع الجبهة على الأرض، أو ما في حكمها و عدم اختلاف المسجد عن الموقف في العلو، و الانخفاض، و لا بد فيه من النية، و إباحة المكان، و يستحب فيه أن يقول: «سجدت لك تعبّدا و رقّا لا مستكبرا عن عبادتك و لا مستنكفا و لا مستعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» و الأولى بل الأحوط ضمّ الذكر الواجب في سجود الصلاة إليه.

(مسألة 656): يتكرر السجود بتكرر السبب، و إذا شك بين الأقل و الأكثر، جاز الاقتصار على الأقل، و يكفي في التعدد رفع الجبهة ثمّ وضعها من دون رفع بقية المساجد، أو الجلوس.

[سجود الشكر]

(مسألة 657): يستحب السجود- شكرا للّه تعالى- عند تجدد كل نعمة، و دفع كل نقمة، و عند تذكر ذلك، و التوفيق لأداء كل فريضة و نافلة، بل كل فعل خير، و منه إصلاح ذات البين، و يكفي سجدة واحدة، و الأفضل سجدتان، فيفصل بينهما بتعفير الخدين، أو الجبينين أو الجميع، مقدما

الأيمن على الأيسر، ثمّ وضع الجبهة ثانيا، و يستحب فيه افتراش الذراعين، و إلصاق الصدر و البطن بالأرض، و أن يمسح موضع سجوده بيده، ثمّ يمرّها على وجهه، و مقاديم بدنه، و أن يقول فيه «شكرا للّه شكرا للّه» أو مائة مرة «شكرا شكرا» أو مائة مرة «عفوا عفوا» أو مائة مرة «الحمد للّه شكرا» و كلما قاله عشر مرات قال «شكرا لمجيب» ثمّ يقول: «يا ذا المنّ الذي لا ينقطع أبدا، و لا يحصيه غيره عددا، و يا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا، يا كريم يا كريم يا كريم»، ثمّ يدعو و يتضرع و يذكر حاجته، و قد ورد في بعض الروايات غير ذلك و الأحوط فيه السجود على ما يصح السجود عليه، و السجود على المساجد السبعة.

(مسألة 658): يستحب السجود بقصد التذلل للّه تعالى، بل هو من أعظم العبادات، و قد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى اللّه تعالى و هو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 184

ساجد، و يستحب إطالته.

(مسألة 659): يحرم السجود لغير اللّه تعالى، من دون فرق بين المعصومين عليهم السّلام و غيرهم، و ما يفعله الشيعة في مشاهد الأئمة عليهم السّلام لا بد أن يكون للّه تعالى شكرا على توفيقهم لزيارتهم عليهم السّلام و الحضور في مشاهدهم، جمعنا اللّه تعالى و إياهم في الدنيا و الآخرة إنه أرحم الراحمين.

الفصل السابع في التشهد:

و هو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، و في الثلاثية، و الرباعية مرتين، الأولى كما ذكر، و الثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة، و هو واجب غير ركن، فإذا تركه- عمدا- بطلت الصلاة، و إذا تركه-

سهوا- أتى به ما لم يركع، و إلا قضاه بعد الصلاة على الأحوط، و كيفيته على الأحوط «أشهد أن لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اللهمّ صلّ على محمد و آل محمد» و يجب فيه الجلوس و الطمأنينة و أن يكون على النهج العربي مع الموالاة بين فقراته، و كلماته، و العاجز عن التعليم إذا لم يجد من يلقنه، يأتي بما أمكنه إن صدق عليه الشهادة مثل أن يقول:

«أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد أن محمدا رسول اللّه» و إن عجز فالأحوط وجوبا أن يأتي بترجمته و إذا عجز عنها أتى بسائر الأذكار بقدره.

(مسألة 660): يكره الاقعاء فيه، بل يستحب فيه الجلوس متوركا كما تقدم فيما بين السجدتين، و أن يقول قبل الشروع في الذكر: «الحمد للّه» أو يقول: «بسم اللّه و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أو الأسماء الحسنى، كلها للّه»، و أن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 185

و أن يكون نظره إلى حجره، و أن يقول بعد الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله: «و تقبل شفاعته و ارفع درجته» في التشهد الأول، و أن يقول: «سبحان اللّه» سبعا بعد التشهد الأول، ثمّ يقوم و أن يقول حال النهوض عنه: «بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد» و أن تضم المرأة فخذيها إلى نفسها، و ترفع ركبتيها عن الأرض.

الفصل الثامن في التسليم:

و هو واجب في كل صلاة و آخر أجزائها، و به يخرج عنها و تحل له منافياتها، و له صيغتان، الأولى: «السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين» و الثانية «السلام عليكم» بإضافة

«و رحمة اللّه و بركاته» على الأحوط و إن كان الأظهر عدم وجوبها، فبأيهما أتى فقد خرج عن الصلاة، و إذا بدأ بالأولى استحبت له الثانية بخلاف العكس، و أما قول «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فليس من صيغ السلام، و لا يخرج به عن الصلاة، بل هو مستحب.

(مسألة 661): يجب الإتيان بالتسليم على النهج العربي، كما يجب فيه الجلوس و الطمأنينة حاله، و العاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم.

(مسألة 662): إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة، و كذا إذا فعل غيره من المنافيات، و إذا نسي التسليم حتى وقع منه المنافي و لو كان وقوعه عمديا فالظاهر صحة الصلاة و إن كانت إعادتها أحوط، و إذا نسي السجدتين حتى سلم أعاد الصلاة، إذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا، و إلا أتى بالسجدتين، و التشهد، و التسليم، و سجد سجدتي السهو لزيادة السلام.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 186

(مسألة 663): يستحب التورك في الجلوس حاله، و وضع اليدين على الفخذين، و يكره الاقعاء كما سبق في التشهد.

الفصل التاسع في الترتيب:

يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على نحو ما عرفت، فإذا عكس الترتيب فقدم مؤخرا، فإن كان عمدا بطلت الصلاة، و إن كان سهوا، أو عن جهل بالحكم من غير تقصير، فإن قدم ركنا على ركن بطلت، و إن قدم ركنا على غيره- كما إذا ركع قبل القراءة- مضى و فات محل ما ترك و لو قدم غير الركن عليه تدارك على وجه يحصل الترتيب، و كذا لو قدم غير الأركان بعضها على بعض.

الفصل العاشر في الموالاة:

و هي واجبة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع، و هي بهذا المعنى تبطل الصلاة بفواتها عمدا و سهوا و لا يضر فيها تطويل الركوع و السجود، و قراءة السور الطوال، و أما بمعنى توالي الأجزاء و تتابعها، و إن لم يكن دخيلا في حفظ عنوان الصلاة، فوجوبها محل إشكال، و الأظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد و السهو.

الفصل الحادي عشر في القنوت:
اشارة

و هو مستحب في جميع الصلوات، فريضة كانت، أو نافلة على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 187

إشكال في الشفع، و الأحوط الإتيان به فيها برجاء المطلوبية، و يتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية، خصوصا في الصبح، و الجمعة، و المغرب، و في الوتر من النوافل، و المستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية، إلا في الجمعة، ففيه قنوتان قبل الركوع في الأولى، و بعده في الثانية، و إلا في العيدين ففيها خمسة قنوتات في الأولى، و أربعة في الثانية، و إلا في الآيات، ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الأولى و قبله في الثانية، بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى، و إلا في الوتر ففيها قنوتان، قبل الركوع، و بعده على إشكال في الثاني،

[مستحبات قنوت الوتر]

نعم يستحب بعده أن يدعو بما دعا به أبو الحسن موسى عليه السّلام و هو:

«هذا مقام من حسناته نعمة منك، و شكره ضعيف و ذنبه عظيم، و ليس لذلك إلا رفقك و رحمتك، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل- صلى اللّه عليه و آله- «كٰانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ، وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» طال و اللّه هجوعي، و قلّ قيامي و هذا السحر، و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرا، و لا نفعا، و لا موتا، و لا حياة، و لا نشورا» كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج و هو: «لا إله إلا اللّه الحليم الكريم لا إله إلا اللّه العلي العظيم، سبحان اللّه رب السموات السبع، و رب الأرضين السبع، و ما فيهن و ما بينهن، و رب

العرش العظيم، و الحمد للّه رب العالمين»، و أن يستغفر لأربعين مؤمنا أمواتا، و أحياء، و أن يقول سبعين مرة: «أستغفر اللّه ربي و أتوب إليه» ثمّ يقول: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ذو الجلال و الإكرام، لجميع ظلمي و جرمي، و إسرافي على نفسي و أتوب إليه»، سبع مرات، و سبع مرات: «هذا مقام العائذ بك من النار» ثمّ يقول:

«رب أسأت، و ظلمت نفسي، و بئس ما صنعت، و هذي يدي جزاء بما كسبت، و هذي رقبتي خاضعة لما أتيت، و ها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 188

من نفسي الرضا حتى ترضى، لك العتبى لا أعود» ثمّ يقول: «العفو» ثلاثمائة مرة و يقول: «رب اغفر لي، و ارحمني، و تب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم».

[مستحبات القنوت]

(مسألة 664): لا يشترط في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر، أو دعاء أو حمد، أو ثناء، و يجزي سبحان اللّه خمسا أو ثلاثا، أو مرة، و الأولى قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السّلام.

(مسألة 665): يستحب التكبير قبل القنوت، و رفع اليدين حال التكبير، و وضعهما، ثمّ رفعهما حيال الوجه، قيل: و بسطهما جاعلا باطنهما نحو السماء، و ظاهرهما نحو الأرض، و أن تكونا منضمتين مضمومتي الأصابع، إلا الإبهامين، و أن يكون نظره إلى كفيه.

(مسألة 666): يستحب الجهر بالقنوت للإمام و المنفرد، و المأموم و لكن يكره للمأموم أن يسمع الإمام صوته.

(مسألة 667): إذا نسي القنوت و هوى، فإن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع رجع، و إن كان بعد الوصول إليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع، و إذا ذكره بعد الدخول في السجود

قضاه بعد الصلاة جالسا مستقبلا، و الأحوط ذلك فيما إذا ذكره بعد الهوي إلى السجود قبل وضع الجبهة، و إذا تركه عمدا في محله، أو بعد ما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له.

(مسألة 668): الظاهر أنه لا تؤدى وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي، و إن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة.

الفصل الثاني عشر في التعقيب:

و هو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر، و الدعاء، و منه أن يكبر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 189

ثلاثا بعد التسليم، رافعا يديه على نحو ما سبق، و منه- و هو أفضله- تسبيح الزهراء عليها السّلام و هو التكبير أربعا و ثلاثين، ثمّ الحمد ثلاثا و ثلاثين ثمّ التسبيح ثلاثا و ثلاثين، و منه قراءة الحمد، و آية الكرسي، و آية شهد اللّه، و آية الملك، و منه غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له.

الفصل الثالث عشر في صلاة الجمعة، و في فروعها:

الأول: صلاة الجمعة ركعتان، كصلاة الصبح، و تمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الأولى منهما يقوم الإمام و يحمد اللّه و يثني عليه و يوصي بتقوى اللّه و يقرأ سورة من الكتاب العزيز ثمّ يجلس قليلا، و في الثانية يقوم و يحمد اللّه و يثني عليه و يصلي على محمد صلى اللّه عليه و آله و على أئمة المسلمين عليهم السّلام و يستغفر للمؤمنين و المؤمنات، و الأحوط استحبابا تكرار الوصية بالتقوى و قراءة سورة خفيفة.

الثاني: يعتبر في القدر الواجب من الخطبة: العربية، و لا تعتبر في الزائد عليه، و إذا كان الحاضرون غير عارفين باللغة العربية فالأحوط هو الجمع بين اللغة العربية و لغة الحاضرين بالنسبة إلى الوصية بتقوى اللّه.

الثالث: صلاة الجمعة واجبة تخييرا، بمعنى: أن المكلف مخير يوم الجمعة بين إقامة صلاة الجمعة إذا توفرت شرائطها الآتية و بين الإتيان بصلاة الظهر، فإذا أقام الجمعة مع الشرائط أجزأت عن الظهر.

الرابع: يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أمور:

1- دخول الوقت، و هو زوال الشمس على ما مر في صلاة الظهر إلى أن يصير الظل الحادث من كل شي ء مثله.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 190

2- اجتماع

سبعة أشخاص، أحدهم الإمام، و إن كان تصح صلاة الجمعة من خمسة نفر أحدهم الإمام إلا أنه حينئذ لا يجب الحضور معهم.

3- وجود الإمام الجامع لشرائط الإمامة من العدالة و غيرها- على ما نذكرها في صلاة الجماعة- و اعتبار بسط اليد في الإمام لا يخلو من وجه و الأحوط استحبابا مع عدمه عدم الاكتفاء بها.

الخامس: تعتبر في صحة صلاة الجمعة أمور:

1- الجماعة، فلا تصح الجمعة فرادى و يجزي فيها إدراك الإمام في الركوع الأول بل في القيام من الركعة الثانية فيأتي مع الإمام بركعة و بعد فراغه يأتي بركعة أخرى. و أما لو أدركه في ركوع الركعة الثانية فالأحوط عندئذ عدم الاكتفاء به و الإتيان بصلاة الظهر بعدها.

2- أن لا تكون المسافة بينها و بين صلاة جمعة أخرى أقل من فرسخ فلو أقيمت جمعتان فيما دون فرسخ بطلتا جميعا إن كانتا مقترنتين زمانا، و أما إذا كانت إحداهما سابقة على الأخرى و لو بتكبيرة الإحرام صحت السابقة دون اللاحقة، نعم إذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحة فهي لا تمنع عن إقامة صلاة جمعة أخرى و لو كانت في عرضها أو متأخرة عنها.

3- قراءة خطبتين قبل الصلاة- على ما تقدم- و الأحوط أن تكون الخطبتان بعد الزوال، و لا بد أن يكون الخطيب هو الإمام.

السادس: إذا أقيمت الجمعة في بلد واجدة لشرائط الوجوب و الصحة وجب الحضور على الأحوط، نعم لا يجب الحضور حالة الخطبة على الأظهر.

السابع: يعتبر في وجوب الحضور أمور:

1- الذكورة، فلا يجب الحضور على النساء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 191

2- الحرية، فلا يجب على العبيد.

3- الحضور، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي وظيفته القصر و من كانت وظيفته

الإتمام كالقاصد لإقامة عشرة أيام.

4- السلامة من المرض و العمى، فلا يجب على المريض و الأعمى.

5- عدم الشيخوخة، فلا يجب على الشيخ الكبير.

6- أن لا يكون الفصل بينه و بين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين، كما لا يجب على من كان الحضور له حرجيا و إن لم يكن الفصل بهذا المقدار، بل لا يبعد عدم وجوب الحضور عند المطر و إن لم يكن الحضور حرجيا.

الثامن: الأحوط عدم السفر بعد زوال الشمس يوم الجمعة من بلد تقام فيه الجمعة واجدة للشرائط.

التاسع: لا يجوز التكلم أثناء اشتغال الإمام بالخطبة، و الأحوط الاصغاء إليها لمن يفهم معناها.

العاشر: يحرم البيع و الشراء بعد النداء لصلاة الجمعة إذا كانا منافيين للصلاة، و لكن الأظهر صحة المعاملة و إن كانت محرّمة.

الحادي عشر: من يجب عليه الحضور إذا تركه و صلى صلاة الظهر فالأظهر صحة صلاته.

الثاني عشر: من لا يجب عليه الحضور كالمرأة و المسافر و نحوهما إذا صلّى صلاة الجمعة فيكتفي بها و لا يجب عليه إتيان صلاة الظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 192

المبحث الثالث منافيات الصلاة
اشارة

و هي أمور:

الأول: الحدث، سواء أ كان أصغر، أم أكبر، فإنه مبطل للصلاة أينما وقع في أثنائها عمدا أو سهوا، نعم إذا وقع قبل السلام سهوا يعني كان ناسيا للسلام حتى أحدث و لو عمدا فقد تقدم أن الظاهر صحة صلاته، و يستثنى من الحكم المذكور المسلوس و المبطون و نحوهما، و المستحاضة كما تقدم.

الثاني: الالتفات بكل البدن عن القبلة و لو سهوا، أو قهرا، من ريح أو نحوها، و الساهي إن لم يذكره إلا بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، أما إذا ذكره في الوقت أعاد، إلا إذا كان لم يبلغ

إحدى نقطتي اليمين و اليسار فلا إعادة- حينئذ- فضلا عن القضاء، و يلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة مع بقاء البدن على استقباله إذا كان الالتفات فاحشا فيجري فيه ما ذكرناه من البطلان في فرض العمد، و عدم وجوب القضاء مع السهو إذا كان التذكر خارج الوقت، و وجوب الإعادة إذا كان التذكر في الوقت و كان انحراف الوجه بلغ نقطتي اليمين و اليسار، و أما إذا كان الالتفات بالوجه يسيرا يصدق معه الاستقبال فلا بطلان و لو كان عمدا، نعم هو مكروه.

الثالث: ما كان ماحيا لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع، كالرقص و التصفيق، و الاشتغال بمثل الخياطة و النساجة بالمقدار المعتد به، و نحو ذلك، و لا فرق في البطلان به بين صورتي العمد و السهو، و لا بأس بمثل حركة اليد، و الإشارة بها، و الانحناء لتناول شي ء من الأرض، و المشي إلى إحدى الجهات بلا انحراف عن القبلة، و قتل الحية، و العقرب، و حمل الطفل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 193

و إرضاعه، و نحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم.

(مسألة 669): الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتى في أثنائها بصلاة أخرى، و تصح الصلاة الثانية مع السهو، و كذلك مع العمد إذا كانت الصلاة الأولى نافلة، و أما إذا كانت فريضة ففي صحتها إشكال و إذا أدخل صلاة فريضة في أخرى سهوا و تذكر في الأثناء فإن كان التذكر قبل الركوع أتم الأولى، إلا إذا كانت الأولى مضيقة فيرفع اليد عما في يده و يستأنف الأولى. نعم إن استمر في الثانية فتصح صلاته و إن أثم بتأخير الأولى.

(مسألة 670): إذا أتى بفعل كثير، أو سكوت طويل، و شك

في فوات الموالاة و محو الصورة قطع الصلاة و استأنفها و الأحوط إعادتها بعد إتمامها.

الرابع: الكلام عمدا، إذا كان مؤلفا من حرفين، و يلحق به الحرف الواحد المفهم مثل (ق)- فعل أمر من الوقاية- فتبطل الصلاة به بل الظاهر قدح الحرف الواحد غير المفهم أيضا، مثل حروف المباني التي تتألف منها الكلمة، أو حروف المعاني، مثل همزة الاستفهام، و لام الاختصاص.

(مسألة 671): لا تبطل الصلاة بالتنحنح و النفخ، و الأنين، و التأوه و نحوها و إذا قال: آه، أو آه من ذنوبي، فإن كان شكاية إليه تعالى لم تبطل، و إلا بطلت.

(مسألة 672): لا فرق في الكلام المبطل عمدا، بين أن يكون مع مخاطب أو لا، و بين أن يكون مضطرا فيه أو مختارا، نعم لا بأس بالتكلم سهوا و لو لاعتقاد الفراغ من الصلاة.

(مسألة 673): لا بأس بالذكر، و الدعاء، و قراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة، و أما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به و إن كانت الإعادة أحوط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 194

(مسألة 674): إذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه، بل كان المخاطب غيره كما إذا قال لشخص «غفر اللّه لك» فالأحوط إن لم يكن أقوى عدم جوازه.

(مسألة 675): الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة.

[السلام على المصلي و رده]

(مسألة 676): لا يجوز للمصلي ابتدأ السلام و لا غيره من أنواع التحية، نعم يجوز رد السلام بل يجب، و إذا لم يرد و مضى في صلاته صحت و إن أثم.

(مسألة 677): يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم فلو قال المسلم: «سلام عليكم» يجب أن يكون جواب المصلي «سلام عليكم»، بل الأحوط وجوبا المماثلة في التعريف، و التنكير و

الافراد، و الجمع، نعم إذا سلم المسلم بصيغة الجواب بأن قال مثلا: عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كان، و أما في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالأحسن فيقول في سلام عليكم: عليكم السلام، أو بضميمة و رحمة اللّه و بركاته.

(مسألة 678): إذا سلم بالملحون وجب الجواب، و الأحوط كونه صحيحا.

(مسألة 679): إذا كان المسلم صبيا مميزا، أو امرأة، فالظاهر وجوب الرد.

(مسألة 680): يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة و غيرها إلا أن يكون المسلم أصم، أو كان بعيدا و لو بسبب المشي سريعا، و حينئذ فالأولى الجواب على النحو المتعارف في الرد.

(مسألة 681): إذا كانت التحية بغير السلام مثل: «صبحك اللّه بالخير» لم يجب الرد و إن كان أحوط و أولى، و إذا أراد الرد في الصلاة فالأحوط- وجوبا- الرد بقصد الدعاء على نحو يكون المخاطب به اللّه تعالى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 195

مثل: «اللهم صبحه بالخير».

(مسألة 682): يكره السلام على المصلي.

(مسألة 683): إذا سلم واحد على جماعة كفى رد واحد منهم، و إذا سلم واحد على جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد، و إن كان الراد صبيا مميزا فالأحوط الرد و الإعادة، و إذا شك المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة لم يجز الرد و إن لم يرد واحد منهم.

(مسألة 684): إذا سلم مرات عديدة كفى في الجواب مرة، و إذا سلم بعد الجواب احتاج أيضا إلى الجواب من دون فرق بين المصلي و غيره.

(مسألة 685): إذا سلم على شخص مردد بين شخصين، لم يجب على واحد منهما الرد، و في الصلاة لا يجوز الرد.

(مسألة 686): إذا تقارن شخصان في السلام، وجب على كل منهما

الرد على الآخر على الأحوط.

(مسألة 687): إذا سلم سخرية، أو مزاحا، فالظاهر عدم وجوب الرد.

(مسألة 688): إذا قال: سلام، بدون عليكم، فالأحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضا.

(مسألة 689): إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالظاهر جواز الجواب بكل من الصيغ الأربع المتعارفة.

(مسألة 690): يجب رد السلام فورا، فإذا أخر عصيانا أو نسيانا حتى خرج عن صدق الجواب لم يجب الرد، و في الصلاة لا يجوز و إذا شك في الخروج عن الصدق وجب على الأحوط و إن كان في الصلاة فالأحوط الرد و إعادة الصلاة بعد الإتمام.

(مسألة 691): لو اضطر المصلي إلى الكلام في الصلاة لدفع الضرر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 196

عن النفس، أو غيره تكلم و بطلت صلاته.

(مسألة 692): إذا ذكر اللّه تعالى في الصلاة، أو دعا أو قرأ القرآن على غير وجه العبادة بل بقصد التنبيه على أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة، نعم لو لم يقصد الذكر، و لا الدعاء، و لا القرآن، و إنما جرى على لسانه مجرد التلفظ بطلت.

الخامس: القهقهة: و هي الضحك المشتمل على الصوت و الترجيع و لا بأس بالتبسم و بالقهقهة سهوا.

(مسألة 693): لو امتلأ جوفه ضحكا و احمرّ و لكن حبس نفسه عن إظهار الصوت لم تبطل صلاته، و الأحوط- استحبابا- الاتمام و الإعادة.

السادس: تعمد البكاء المشتمل على الصوت، بل غير المشتمل عليه على الأحوط وجوبا، إذا كان لأمور الدنيا، أو لذكر ميت، فإذا كان خوفا من اللّه تعالى، أو شوقا إلى رضوانه، أو تذللا له تعالى، و لو لقضاء حاجة دنيوية، فلا بأس به، و كذا ما كان منه على سيد الشهداء عليه السّلام إذا كان راجعا إلى

الآخرة، كما لا بأس به إذا كان سهوا، أما إذا كان اضطرارا بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه، فالظاهر أنه مبطل أيضا.

السابع: الأكل و الشرب، و إن كانا قليلين، إذا كانا ماحيين للصورة، أما إذا لم يكونا كذلك ففي البطلان بهما إشكال، و لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم، و بقايا الطعام، و لو أكل أو شرب سهوا فإن بلغ حد محو الصورة بطلت صلاته كما تقدم، و إن لم يبلغ ذلك فلا بأس به.

(مسألة 694): يستثنى من ذلك ما إذا كان عطشانا مشغولا في دعاء الوتر، و قد نوى أن يصوم، و كان الفجر قريبا يخشى مفاجأته، و الماء أمامه، أو قريبا منه قدر خطوتين، أو ثلاثا، فإنه يجوز له التخطي و الارتواء ثمّ الرجوع إلى مكانه و يتم صلاته و الأحوط الاقتصار على الوتر المندوب دون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 197

ما كان واجبا كالمنذور، و لا يبعد التعدي من الدعاء إلى سائر الأحوال، كما لا يبعد التعدي من الوتر إلى سائر النوافل، و لا يجوز التعدي من الشرب إلى الأكل.

الثامن: التكفير، و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى، كما يتعارف عند غيرنا، فإنه مبطل للصلاة إذا أتى به بقصد الجزئية من الصلاة و أما إذا لم يقصد به الجزئية، بل أتى به بقصد الخضوع، و التأدب في الصلاة ففي بطلان الصلاة به إشكال، و الأحوط وجوبا الإتمام ثمّ الإعادة، نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقا، هذا فيما إذا وقع التكفير عمدا و في حال الاختيار، و أما إذا وقع سهوا أو تقية، أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب، من حك جسده و نحوه، فلا بأس به.

التاسع: تعمد قول «آمين»

بعد تمام الفاتحة، إماما كان أو مأموما أو منفردا، أخفت بها، أو جهر، فإنه مبطل إذا قصد الجزئية، أو لم يقصد به الدعاء، و إذا كان سهوا فلا بأس به، و كذا إذا كان تقية، بل قد يجب، و إذا تركه حينئذ أثم و صحت صلاته على الأظهر.

(مسألة 695): إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها، بنى على العدم.

(مسألة 696): إذا علم أنه نام اختيارا، و شك في أنه أتم الصلاة ثمّ نام، أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة، بنى على صحة الصلاة، و أما إذا احتمل أن نومه كان عن عمد، و إبطالا منه للصلاة فالظاهر وجوب الإعادة، و كذلك إذا علم أنه غلبه النوم قهرا، و شك في أنه كان في أثناء الصلاة، أو بعدها، كما إذا رأى نفسه في السجود و شك في أنه سجود الصلاة، أو سجود الشكر.

(مسألة 697): لا يجوز قطع الفريضة اختيارا على الأحوط، و يجوز

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 198

لضرورة دينية، أو دنيوية، كحفظ المال، و أخذ العبد من الاباق، و الغريم من الفرار، و الدابة من الشراد، و نحو ذلك، بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينيا كان، أو دنيويا، و إن لم يلزم من فواته ضرر، فإذا صلى في المسجد و في الأثناء علم أنّ فيه نجاسة، جاز القطع و إزالة النجاسة، و يجوز قطع النافلة مطلقا، و إن كانت منذورة، لكن الأحوط استحبابا الترك، بل الأحوط استحبابا ترك قطع النافلة في غير مورد جواز قطع الفريضة.

(مسألة 698): إذا وجب القطع فتركه، و اشتغل بالصلاة أثم، و صحت صلاته.

(مسألة 699): يكره

في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا و بالعين و العبث باليد، و اللحية و الرأس، و الأصابع، و القران بين السورتين، و نفخ موضع السجود، و البصاق، و فرقعة الأصابع، و التمطي و التثاؤب، و مدافعة البول و الغائط و الريح، و التكاسل و التناعس، و التثاقل و الامتخاط، و وصل إحدى القدمين بالأخرى بلا فصل بينهما، و تشبيك الأصابع، و لبس الخف، أو الجورب الضيق، و حديث النفس، و النظر إلى نقش الخاتم و المصحف و الكتاب، و وضع اليد على الورك متعمدا، و غير ذلك مما ذكر في المفصلات.

[استحباب الصلاة على النبي ص]

ختام: تستحب الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله لمن ذكره أو ذكر عنده، و لو كان في الصلاة، من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف، أو لقبه، أو كنيته، أو بالضمير.

(مسألة 700): إذا ذكر اسمه مكررا استحب تكرارها، و إن كان في أثناء التشهد لم يكتف بالصلاة التي هي جزء منه.

(مسألة 701): الظاهر كون الاستحباب على الفور، و لا يعتبر فيها كيفية خاصة، نعم لا بد من ضم آله عليهم السلام إليه في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 199

المقصد السادس صلاة الآيات

اشارة

و فيه مباحث

المبحث الأول [وجوب صلاة الآيات]

تجب هذه الصلاة على كل مكلف- عدا الحائض و النفساء- عند كسوف الشمس، و خسوف القمر، و لو بعضهما، و كذا عند الزلزلة، و كل مخوف سماوي، كالريح السوداء، و الحمراء، و الصفراء، و الظلمة الشديدة، و الصاعقة، و الصيحة، و النار التي تظهر في السماء، بل عند كل مخوف أرضي أيضا على الأحوط، كالهدة، و الخسف، و غير ذلك من المخاوف.

(مسألة 702): لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف و الخسوف و كذا الزلزلة على الأقوى، و يعتبر في وجوبها للمخوف حصول الخوف لغالب الناس، فلا عبرة بغير المخوف، و لا بالخوف النادر.

المبحث الثاني: وقت صلاة الكسوفين

وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء و الأحوط استحبابا إتيانها قبل الشروع في الانجلاء، و إذا لم يدرك المصلي من الوقت إلا مقدار ركعة صلاها أداء، و إن أدرك أقل من ذلك صلاها من دون تعرض للأداء و القضاء، هذا فيما إذا كان الوقت في نفسه واسعا و أما إذا كان زمان الكسوف، أو الخسوف قليلا في نفسه، و لا يسع مقدار الصلاة، ففي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 200

وجوب صلاة الآيات حينئذ إشكال، و الاحتياط لا يترك، و أما سائر الآيات فثبوت الوقت فيها محل إشكال، فتجب المبادرة إلى الصلاة بمجرد حصولها، و إن عصى فبعده إلى آخر العمر، على الأحوط.

(مسألة 703): إذا لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء، و لم يكن القرص محترقا كله لم يجب القضاء، و أما إذا كان عالما به و أهمل و لو نسيانا أو كان القرص محترقا كله وجب القضاء، و كذا إذا صلى صلاة فاسدة.

(مسألة 704): غير الكسوفين من الآيات إذا تعمد تأخير الصلاة له عصى، و

وجب الإتيان بها ما دام العمر على الأحوط، و كذا إذا علم و نسي، و إذا لم يعلم حتى مضى الوقت، أو الزمان المتصل بالآية فالأحوط الوجوب أيضا.

(مسألة 705): يختص الوجوب بمن في بلد الآية، و ما يلحق به مما يشترك معه في رواية الآية نوعا، و لا يضر الفصل بالنهر كدجلة و الفرات، نعم إذا كان البلد عظيما جدا بنحو لا يحصل الرؤية لطرف منه عند وقوع الآية في الطرف الآخر اختص الحكم بطرف الآية.

(مسألة 706): إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية و اتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء، و إن ضاق وقت إحداهما دون الأخرى قدمها، و إن ضاق وقتهما قدم اليومية، و إن شرع في إحداهما فتبين ضيق وقت الأخرى على وجه يخاف فوتها على تقدير إتمامها، قطعها و صلى الأخرى، لكن إذا كان قد شرع في صلاة الآية فتبين ضيق اليومية فبعد القطع و أداء اليومية يعود إلى صلاة الآية من محل القطع، إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.

(مسألة 707): يجوز قطع صلاة الآية و فعل اليومية إذا خاف فوت فضيلتها ثمّ يعود إلى صلاة الآية من محل القطع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 201

المبحث الثالث [كيفية صلاة الآيات]
اشارة

صلاة الآيات ركعتان، في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها، و سجدتان بعد الانتصاب من الركوع الخامس، و يتشهد بعدهما ثمّ يسلم، و تفصيل ذلك أن يحرم مقارنا للنية كما في سائر الصلوات. ثمّ يقرأ الحمد و سورة. ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه منتصبا فيقرأ الحمد و سورة، ثمّ يركع، و هكذا حتى يتم خمسة ركوعات، ثمّ ينتصب بعد الركوع الخامس، و يهوي إلى السجود، فيسجد سجدتين ثمّ يقوم

و يصنع كما صنع أولا، ثمّ يتشهد و يسلم.

(مسألة 708): يجوز أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة، فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الأول، بعضا من سورة، آية كان أو أقل من آية، أو أكثر، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع أولا، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع ثمّ يركع.

و هكذا يصنع في القيام الرابع و الخامس حتى يتم سورة، ثمّ يسجد السجدتين، ثمّ يقوم و يصنع كما صنع في الركعة الأولى، فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة، و سورة تامة موزعة على الركوعات الخمسة، و يجوز أن يأتي بالركعة الأولى على النحو الأول و بالثانية على النحو الثاني و يجوز العكس، كما أنه يجوز تفريق السورة على أقل من خمسة ركوعات، لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء بالفاتحة و قراءة سورة تامة أو بعض سورة، و إذا لم يتم السورة في القيام السابق، لم تشرع له الفاتحة في اللاحق، بل يقتصر على القراءة من حيث قطع، نعم إذا لم يتم السورة في القيام الخامس فركع فيه عن بعض سورة و جبت عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية.

(مسألة 709): حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 202

في عدد الركعات، و إذا شك في عدد الركوعات بنى على الأقل، إلا أن يرجع إلى الشك في الركعات، كما إذا شك في أنه الخامس أو السادس فتبطل.

(مسألة 710): ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها، و نقصها عمدا، و سهوا كاليومية، و يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء و شرائط، و

أذكار، واجبة، و مندوبة و غير ذلك. كما يجري فيها أحكام السهو، و الشك في المحل و بعد التجاوز.

[مستحبات صلاة الآيات]

(مسألة 711): يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج، و يجوز الاقتصار على قنوتين في الخامس و العاشر، و يجوز الاقتصار على الأخير منهما، و يستحب التكبير عند الهوي إلى الركوع و عند الرفع عنه، إلا في الخامس و العاشر فيقول: «سمع اللّه لمن حمده» بعد الرفع من الركوع.

(مسألة 712): يستحب إتيانها بالجماعة أداء كان، أو قضاء مع احتراق القرص، و عدمه، و يتحمل الإمام فيها القراءة، لا غيرها كاليومية و تدرك بإدراك الإمام قبل الركوع الأول، أو فيه من كل ركعة، أما إذا أدركه في غيره ففيه إشكال.

(مسألة 713): يستحب التطويل في صلاة الكسوف إلى تمام الانجلاء فإن فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء، أو يعيد الصلاة، نعم إذا كان إمام يشق على من خلفه التطويل خفف، و يستحب قراءة السور الطوال كياسين، و النور، و الكهف، و الحجر، و إكمال السورة في كل قيام، و أن يكون كل من الركوع، و السجود بقدر القراءة في التطويل و الجهر بالقراءة ليلا، أو نهارا، حتى في كسوف الشمس على الأصح، و كونها تحت السماء، و كونها في المسجد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 203

(مسألة 714): يثبت الكسوف و غيره من الآيات بالعلم، و بشهادة العدلين، بل بشهادة الثقة الواحد أيضا على الأظهر، و لا يثبت بإخبار الرصدي إذا لم يوجب العلم أو الاطمينان.

(مسألة 715): إذا تعدد السبب تعدد الواجب، و الأحوط استحبابا التعيين مع اختلاف السبب نوعا، كالكسوف و الزلزلة.

المقصد السابع صلاة القضاء

يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمدا، أو سهوا، أو جهلا، أو لأجل النوم المستوعب للوقت، أو لغير ذلك، و كذا إذا أتى بها فاسدة لفقد جزء أو

شرط يوجب فقده البطلان، و لا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه، أو الصبي في حال صباه، أو المغمى عليه إذا لم يكن بفعله، أو الكافر الأصلي في حال كفره، و كذا ما تركته الحائض أو النفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت، أما المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته، و تصح منه و إن كان عن فطرة على الأقوى و الأحوط وجوبا القضاء على المغمى عليه إذا كان بفعله.

(مسألة 716): إذا بلغ الصبي، و أفاق المجنون، و المغمى عليه، في أثناء الوقت وجب عليهم الأداء إذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط فإذا تركوا وجب القضاء، و أما الحائض، أو النفساء إذا طهرت في أثناء الوقت فإن تمكنت من الصلاة و الطهارة المائية وجب عليها الأداء، فإن فاتها وجب القضاء، و كذلك إن لم تتمكن من الطهارة المائية لمرض، أو لعذر آخر و تمكنت من الطهارة الترابية، و أما إذا لم تتمكن من الطهارة المائية لضيق

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 204

الوقت فالأحوط أن تأتي بالصلاة مع التيمم، لكنها إذا لم تصلّ لم يجب القضاء.

(مسألة 717): إذا طرأ الجنون، أو الإغماء بعد ما مضى من الوقت مقدار يسع الصلاة وجب القضاء فيما إذا كان متمكنا من تحصيل الشرائط بعد الوقت أو كانت الشرائط حاصلة عند دخوله أو كان متمكنا من الصلاة مع الطهارة المائية أو الترابية فقط و علم أو احتمل بأنه لو لم يصلّ طرأ العذر و كذا الحال فيما إذا طرأ الحيض أو النفاس.

(مسألة 718): المخالف إذا استبصر يقضي ما فاته أيام خلافه أو أتى به على نحو كان يراه فاسدا في مذهبه، و إلا فليس عليه

قضاؤه و الأحوط استحبابا الإعادة مع بقاء الوقت، و لا فرق بين المخالف الأصلي و غيره.

(مسألة 719): يجب القضاء على السكران، من دون فرق بين الاختياري، و غيره، و الحلال و الحرام.

(مسألة 720): يجب قضاء غير اليومية من الفرائض، عدا العيدين حتى النافلة المنذورة في وقت معين، على الأظهر.

(مسألة 721): يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار، و في الحضر و السفر، نعم يقضي ما فاته قصرا قصرا و لو في الحضر، و ما فاته تماما تماما و لو في السفر، و إذا كان في بعض الوقت حاضرا، و في بعضه مسافرا قضى ما وجب عليه في آخر الوقت.

(مسألة 722): إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضى قصرا، و لو لم يخرج من ذلك المكان، فضلا عما إذا خرج و رجع، أو خرج و لم يرجع، و إذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر و التمام احتياطا، فالقضاء كذلك.

(مسألة 723): يستحب قضاء النوافل الرواتب بل غيرها، و لا يتأكد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 205

قضاء ما فات منها حال المرض، و إذا عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد، و إن لم يتمكن فمد لصلاة الليل، و مد لصلاة النهار.

(مسألة 724): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة إلى اليومية، و أما الفوائت اليومية فيجب الترتيب بينها إذا كانت مترتبة بالأصل كالظهرين، أو العشاءين، من يوم واحد، أما إذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء على نحو الترتيب في الفوات، بأن يقضي الأول فواتا فالأول محل إشكال، و الأظهر عدم الاعتبار، من دون فرق بين

العلم به و الجهل.

(مسألة 725): إذا علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح، و مغرب، و رباعية بقصد ما في الذمة، مرددة بين الظهر، و العصر، و العشاء. و إذا كان مسافرا يكفيه مغرب، و ثنائية بقصد ما في الذمة مرددة بين الأربع، و إن لم يعلم أنه كان مسافرا، أو حاضرا، يأتي بثنائية مرددة بين الأربع، و رباعية مرددة بين الثلاث، و مغرب، و يتخير في المرددة في جميع الفروض بين الجهر و الاخفات.

(مسألة 726): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس، مرددتين في الخمس من يوم وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح، ثمّ رباعية مرددة بين الظهر، و العصر، ثمّ مغرب، ثمّ رباعية مرددة بين العصر و العشاء. و إن كان مسافرا، يكفيه ثلاث صلوات ثنائية، مرددة بين الصبح و الظهر، و العصر، و مغرب، ثمّ ثنائية مرددة بين الظهر و العصر، و العشاء، و إن لم يعلم أنه كان مسافرا، أو حاضرا، أتى بخمس صلوات، فيأتي بثنائية مرددة بين الصبح، و الظهر، و العصر، ثمّ رباعية مرددة بين الظهر، و العصر، ثمّ بمغرب، ثمّ بثنائية مرددة بين الظهر و العصر، و العشاء، ثمّ برباعية مرددة بين العصر، و العشاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 206

(مسألة 727): إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس، وجب عليه الإتيان بالخمس، و إن كان الفوت في السفر، يكفيه أربع صلوات ثنائية، مرددة بين الصبح، و الظهر، و ثنائية أخرى، مرددة بين الظهر، و العصر، ثمّ مغرب، ثمّ ثنائية، مرددة بين العصر، و العشاء، و إذا علم بفوات أربع منها، أتى بالخمس تماما، إذا كان في الحضر، و قصرا إذا كان في السفر، و يعلم

حال بقية الفروض مما ذكرنا، و المدار في الجمع على حصول العلم بإتيان ما اشتغلت به الذمة و لو على وجه الترديد.

(مسألة 728): إذا شك في فوات فريضة، أو فرائض لم يجب القضاء، و إذا علم بالفوات و تردد بين الأقل و الأكثر جاز له الاقتصار على الأقل، و إن كان الأحوط استحبابا التكرار حتى يحصل العلم بالفراغ.

(مسألة 729): لا يجب الفور في القضاء، فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة.

(مسألة 730): لا يجب تقديم القضاء على الحاضرة، فيجوز الإتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء و لو كان ليومه، بل يستحب ذلك إذا خاف فوت فضيلة الحاضرة، و إلا استحب تقديم الفائتة، و إن كان الأحوط تقديم الفائتة، خصوصا في فائتة ذلك اليوم، بل يستحب العدول إليها من الحاضرة إذا غفل و شرع فيها.

(مسألة 731): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى.

(مسألة 732): يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء أ كان الإمام قاضيا- أيضا- أم مؤديا، بل يستحب ذلك، و لا يجب اتحاد صلاة الإمام و المأموم.

(مسألة 733): يجب لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 207

العذر، فيما إذا علم بارتفاع العذر بعد ذلك، و يجوز البدار، إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر، بل إذا احتمل بقاء العذر و عدم ارتفاعه أيضا، لكن إذا قضى و ارتفع العذر و جبت الإعادة، فيما إذا كان الخلل في الأركان، و لا تجب الإعادة إذا كان الخلل في غيرها.

(مسألة 734): إذا كان عليه فوائت و أراد أن يقضيها في دور واحد أذّن و أقام للأولى، و اقتصر على الاقامة في البواقي، و الظاهر أن السقوط رخصة.

(مسألة 735): يستحب تمرين الطفل

على أداء الفرائض، و النوافل و قضائها، بل على كل عبادة، و الأقوى مشرعية عباداته كصلاته و صومه و نحوها، فإذا بلغ في أثناء الوقت و قد صلى أجزأت.

(مسألة 736): يجب على الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه خطر على نفسه، و عن كل ما علم من الشرع كراهة وجوده و لو من الصبي كالزنا، و اللواط، و شرب الخمر، و النميمة و نحوها، و في وجوب الحفظ عن أكل النجاسات، و المتنجسات، و شربها، إذا لم تكن مضرة، إشكال لا يترك الاحتياط فيما إذا خيف تعوّده على ذلك بحيث يتهاون بعد بلوغه في أكلها و شربها، و يجوز إلباسهم الحرير و الذهب.

(مسألة 737): يجب على ولي الميت و هو الولد الذكر الأكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية و غيرها، لعذر من مرض و نحوه، و لا يبعد اختصاص وجوب القضاء بما إذا تمكن أبوه من قضائه و لم يقضه، و الأحوط استحبابا إلحاق الأكبر الذكر في جميع طبقات المواريث على الترتيب في الإرث بالابن، و الأحوط احتياطا لا يترك إلحاق ما فاته عمدا، أو أتى به فاسدا بما فاته من عذر، ما لم يستلزم الحرج و الاختلال في نظام معاش الولد، و الأولى إلحاق الأم بالأب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 208

(مسألة 738): إذا كان الولي حال الموت صبيا، أو مجنونا وجب عليه القضاء إذا بلغ، أو عقل.

(مسألة 739): إذا تساوى الذكران في السن وجب عليهما على نحو التوزيع مع إمكانه كما إذا تعدد الفائت، و على نحو الوجوب الكفائي مع عدم إمكانه كما إذا اتحد أو كان وترا.

(مسألة 740): إذا اشتبه الأكبر بين شخصين، أو أشخاص فالأحوط

الأولى العمل على نحو الوجوب الكفائي.

(مسألة 741): لا يجب على الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه أداؤه عن غيره باجارة، أو غيرها.

(مسألة 742): قيل يجب القضاء على الولي و لو كان ممنوعا عن الإرث بقتل، أو رق، أو كفر و لكن لا يبعد اختصاص الوجوب بغيره.

(مسألة 743): إذا مات الأكبر بعد موت أبيه، لا يجب القضاء على غيره، من اخوته الأكبر فالأكبر، و لا يجب إخراجه من تركته.

(مسألة 744): إذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي و كذا إذا استأجره الولي، أو الوصي عن الميت بالاستئجار من ماله و قد عمل الأجير، أما إذا لم يعمل لم يسقط.

(مسألة 745): إذا شك في فوات شي ء من الميت لم يجب القضاء و إذا شك في مقداره جاز له الاقتصار على الأقل.

(مسألة 746): إذا لم يكن للميت ولي، أو فاته ما لا يجب على الولي قضاؤه، فالأقوى عدم وجوب القضاء عنه من صلب المال و إن كان القضاء أحوط استحبابا بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.

(مسألة 747): المراد من الأكبر من لا يوجد أكبر منه سنا و إن وجد من هو أسبق منه بلوغا، أو أسبق انعقادا للنطفة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 209

(مسألة 748): لا يجب الفور في القضاء عن الميت ما لم يبلغ حد الإهمال.

(مسألة 749): إذا علم أن على الميت فوائت، و لكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض، أو نحوه، أو لا لعذر، فالأحوط لزوما القضاء.

(مسألة 750): في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا، أو تقليدا، و كذا في أجزاء الصلاة و شرائطها.

(مسألة 751): إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن

يصلي، وجب على الولي قضاؤها على الأحوط الأولى.

المقصد الثامن صلاة الاستئجار

لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات و لو مع عجزهم عنها، إلا في الحج إذا كان مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة، فيجب أن يستنيب من يحج عنه، و تجوز النيابة عنهم في مثل الحج المندوب و زيارة قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و قبور الأئمة عليهم السّلام، بل تجوز النيابة في جميع المستحبات رجاء، كما تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات و المستحبات، و يجوز إهداء ثواب العمل إلى الأحياء و الأموات في الواجبات و المستحبات، كما ورد في بعض الروايات، و حكي فعله عن بعض أجلاء أصحاب الأئمة عليهم السّلام بأن يطلب من اللّه سبحانه أن يعطي ثواب عمله لآخر حي أو ميت.

(مسألة 752): يجوز الاستئجار للصلاة و لسائر العبادات عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 210

الأموات، و تفرغ ذمتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصيا، أو وليا، أو وارثا، أو أجنبيا.

(مسألة 753): يعتبر في الأجير العقل، و الإيمان، و البلوغ، و يعتبر أن يكون عارفا بأحكام القضاء على وجه يصح منه الفعل، و يجب أن ينوي بعمله الإتيان بما في ذمة الميت على وجه قربي، و الأولى أن يكتفي في قصد القربة بإتيان العمل امتثالا للأمر المتوجه إلى النائب نفسه بالنيابة الذي كان استحبابيا قبل الاجارة و صار وجوبيا بعدها، و لا يبعد حصول القربة بغير ذلك أيضا.

(مسألة 754): يجوز استئجار كل من الرجل و المرأة عن الرجل و المرأة، و في الجهر و الاخفات يراعى حال الأجير، فالرجل يجهر بالجهرية و إن كان نائبا عن المرأة، و المرأة لا جهر عليها و إن نابت عن الرجل.

(مسألة

755): لا يجوز استئجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية، أو ذي الجبيرة، أو المسلوس، أو المتيمم إلا إذا تعذر غيرهم، بل الأظهر عدم صحة تبرعهم عن غيرهم، و إن تجدد للأجير العجز انتظر زمان القدرة.

(مسألة 756): إذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل بأحكامهما بمقتضى تقليده أو اجتهاده، و لا يجب عليه إعادة الصلاة، هذا مع إطلاق الإجارة و إلا لزم العمل على مقتضى الاجارة، فإذا استأجره على أن يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك، و كذا الحكم في سائر أحكام الصلاة، فمع إطلاق الاجارة يعمل الأجير على مقتضى اجتهاده أو تقليده، و مع تقييد الاجارة يعمل على ما يقتضيه التقييد.

(مسألة 757): إذا كانت الاجارة على نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل، و لا لغيره أن يتبرع عنه فيه، أما إذا كانت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 211

مطلقة جاز له أن يستأجر غيره، و لكن لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة في إجارة نفسه إلا إذا أتى ببعض العمل، أو يستأجره بغير جنس الأجرة.

(مسألة 758): إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها لم يجز الإتيان به بعدها إلا بإذن من المستأجر و إذا أتى به بعدها بدون إذنه لم يستحق الاجرة و إن برئت ذمة المنوب عنه بذلك.

(مسألة 759): إذا تبين بطلان الاجارة بعد العمل استحق الأجير أجرة المثل، و كذا إذا فسخت لغبن أو غيره.

(مسألة 760): إذا لم تعين كيفية العمل من حيث الاشتمال على المستحبات يجب الإتيان به على النحو المتعارف.

(مسألة 761): إذا نسي الأجير بعض المستحبات و كان مأخوذا في متعلق الاجارة نقص من الاجرة بنسبته

على إشكال و الأحوط المصالحة.

(مسألة 762): إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل و الأكثر جاز الاقتصار على الأقل، و إذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.

(مسألة 763): يجب تعيين المنوب عنه و لو إجمالا، مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.

(مسألة 764): إذا وقعت الاجارة على تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغت ذمته انفسخت الاجارة إن لم يمض زمان يتمكن الأجير فيه من الإتيان بالعمل، و إلا كان على الأجير أجرة المثل على الأحوط، أما إذا كانت الاجارة على نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما إذا كان العمل مشروعا بعد فراغ ذمته، فيجب على الأجير العمل على طبق الاجارة.

(مسألة 765): يجوز الإتيان بصلاة الاستئجار جماعة إماما كان الأجير أو مأموما، لكن يعتبر في صحة الجماعة، إذا كان الإمام أجيرا العلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة، فإذا كانت احتياطية كانت الجماعة باطلة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 212

(مسألة 766): إذا مات الأجير قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه و اشترطت المباشرة فإن لم يمض زمان يتمكن الأجير من الإتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة، و وجب على الوارث رد الأجرة المسماة من تركته و إلا كان عليه أداء أجرة مثل العمل من تركته و إن كانت أكثر من الأجرة المسماة، و إن لم تشترط المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته، كما في سائر الديون المالية، و إذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شي ء و يبقى الميت مشغول الذمة بالعمل أو بالمال.

(مسألة 767): يجب على من عليه واجب من الصلاة و الصيام أن يبادر إلى القضاء إذا ظهرت أمارات الموت بل إذا لم يطمئن بالتمكن من الامتثال

إذا لم يبادر فإن عجز وجب عليه الوصية به على الأحوط، و يخرج من ثلثه كسائر الوصايا، و إذا كان عليه دين مالي للناس و لو كان مثل الزكاة و الخمس ورد المظالم وجب عليه المبادرة إلى وفائه، و لا يجوز التأخير و إن علم ببقائه حيا. و إذا عجز عن الوفاء و كانت له تركة وجب عليه الوصية بها إلى ثقة مأمون ليؤديها بعد موته، و هذه تخرج من أصل المال و إن لم يوص بها.

(مسألة 768): إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا و شك بعد ذلك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع، و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شك في أنها الصبح أو الظهر مثلا وجب الإتيان بهما.

(مسألة 769): إذا علم أن على الميت فوائت و لم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا استؤجر عنه.

(مسألة 770): إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين إلى الغروب فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات و لم يصل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 213

عصر ذلك اليوم وجب الإتيان بصلاة العصر، و للمستأجر حينئذ فسخ الاجارة و المطالبة بالأجرة المسماة، و له أن لا يفسخها و يطالب بأجرة المثل، و إن زادت على الأجرة المسماة.

(مسألة 771): الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الاخبار بأنه أدى ما استؤجر عليه، و إن كان الظاهر كفاية كونه ثقة في تصديقه إذا أخبر بالتأدية.

المقصد التاسع الجماعة

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول [استحباب صلاة الجماعة]

تستحب الجماعة في جميع الفرائض غير صلاة الطواف، فإن الأحوط لزوما عدم الاكتفاء فيها بالإتيان بها جماعة مؤتما، و يتأكد الاستحباب في اليومية خصوصا في الأدائية، و خصوصا في الصبح و العشاءين و لها ثواب عظيم، و قد ورد في الحث عليها و الذم على تركها أخبار كثيرة، و مضامين عالية، لم يرد مثلها في أكثر المستحبات.

(مسألة 772): تجب الجماعة في الجمعة و العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب و هي حينئذ شرط في صحتها، و لا تجب بالأصل في غير ذلك، نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه، أو لضيق الوقت عن إدراك ركعة إلا بالائتمام، أو لعدم تعلمه القراءة مع قدرته عليها أو لغير ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 214

(مسألة 773): لا تشرع الجماعة لشي ء من النوافل الأصلية و إن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه، حتى صلاة الغدير على الأقوى، إلا في صلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، و صلاة الاستسقاء.

(مسألة 774): يجوز اقتداء من يصلي إحدى الصلوات اليومية بمن يصلي الأخرى، و إن اختلفا بالجهر و الاخفات، و الأداء و القضاء، و القصر و التمام و كذا مصلي الآية بمصلي الآية و إن اختلفت الآيتان، و لا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين، أو الآيات، أو صلاة الأموات، بل صلاة الطواف على الأحوط وجوبا، و كذا الحكم في العكس، كما لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط و كذا في الصلوات الاحتياطية كما في موارد العلم الإجمالي بوجوب القصر أو الإتمام إلا إذا اتحدت الجهة الموجبة للاحتياط، كأن يعلم الشخصان إجمالا لجهة واحدة بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة قصرا أو تماما.

(مسألة 775): أقل عدد تنعقد به الجماعة

في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام و لو كان المأموم امرأة أو صبيا على الأقوى، و أما في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلا بخمسة أحدهم الإمام.

(مسألة 776): تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام و لو كان الإمام جاهلا بذلك غير ناو للإمامة فإذا لم ينو المأموم لم تنعقد، نعم في صلاة الجمعة و العيدين مع حصول شرط الوجوب لا بد من نية الإمام للإمامة بأن ينوي الصلاة التي يجعله المأموم فيها إماما، و كذا إذا كانت صلاة الإمام معادة جماعة.

(مسألة 777): لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر، و لا بشخصين و لو اقترنا في الأقوال و الأفعال، و لا بأحد شخصين على الترديد، و لا تنعقد الجماعة إن فعل ذلك، و يكفي التعيين الإجمالي مثل أن ينوي الائتمام بإمام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 215

هذه الجماعة، أو بمن يسمع صوته، و إن تردد ذلك المعين بين شخصين.

(مسألة 778): إذا شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم و أتم منفردا، إلا إذا علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة و ظهرت عليه أحوال الائتمام من الانصات و نحوه، و احتمل أنه لم ينو الائتمام غفلة فإنه لا يبعد حينئذ جواز الاتمام جماعة.

(مسألة 779): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان عمروا فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته، بل صلاته إذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا، و إلا صحت، و إن كان عمرو عادلا صحت جماعته و صلاته.

(مسألة 780): إذا صلى اثنان و علم بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما، و إذا علم أن نية كل منهما كانت الائتمام بالآخر استأنف

كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد و الأحوط كذلك لو كانت المخالفة بترك القراءة فقط.

(مسألة 781): لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلى آخر اختيارا إلا أن يعرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت، أو جنون، أو إغماء، أو حدث، أو تذكر حدث سابق على الصلاة، فيجوز للمأمومين تقديم إمام آخر و إتمام صلاتهم معه، و الأقوى اعتبار أن يكون الإمام الآخر منهم.

(مسألة 782): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.

(مسألة 783): يجوز العدول عن الائتمام إلى الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة على الأقوى، إذا لم يكن ذلك من نيته في أول الصلاة و إلا فصحة الجماعة لا تخلو من إشكال.

(مسألة 784): إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 216

الركوع لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها و إن كان الأحوط استئنافها و كذا لو حدث للإمام حدث و قدّموا من المأمومين إماما فعليه أن يقرأ من موضع القطع و لو كان الحدث بعد القراءة و قبل الركوع يركع مع الإمام الثاني و لا يقرأ.

(مسألة 785): إذا نوى الانفراد صار منفردا و لا يجوز له الرجوع إلى الائتمام، و إذا تردد في الانفراد و عدمه ثمّ عزم على عدمه ففي جواز بقائه على الائتمام إشكال.

(مسألة 786): إذا شك في أنه عدل إلى الانفراد أو لا بنى على العدم.

(مسألة 787): لا يعتبر في الجماعة قصد القربة، لا بالنسبة إلى الإمام و لا بالنسبة إلى المأموم، فإذا كان قصد الإمام أو المأموم غرضا دنيويا مباحا مثل الفرار من الشك، أو تعب

القراءة، أو غير ذلك صحت و ترتبت عليها أحكام الجماعة و لكن لا يترتب عليها ثواب الجماعة.

(مسألة 788): إذا نوى الاقتداء سهوا أو جهلا بمنى يصلي صلاة لا اقتداء فيها، كما إذا كانت نافلة فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد و صحت صلاته، و كذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ و لم يحصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمدا أو سهوا و إلا بطلت.

(مسألة 789): تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة إلى منتهى ركوعه، فإذا دخل مع الإمام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها، أو بعدها قبل الركوع، أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة، و لا يتوقف إدراكها على الاجتماع معه في الركوع، فإذا أدركه قبل الركوع وفاته الركوع معه فقد أدرك الركعة و وجبت عليه المتابعة في غيره، و يعتبر في إدراكه في الركوع أن يصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع الإمام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 217

رأسه و لو كان بعد فراغه من الذكر، بل لا يبعد تحقق الإدراك للركعة بوصوله إلى حد الركوع، و الإمام لم يخرج عن حده و إن كان هو مشغولا بالهوي و الإمام مشغولا بالرفع، لكنه لا يخلو من إشكال ضعيف.

(مسألة 790): إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا فتبين عدم إدراكه بطلت صلاته، و كذا إذا شك في ذلك.

(مسألة 791): الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال إدراك الإمام راكعا، فإن أدركه صحت الجماعة و الصلاة، و إلا بطلت الصلاة.

(مسألة 792): إذا نوى و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل إلى الركوع تخير بين المضي منفردا و العدول إلى النافلة، ثمّ الرجوع

إلى الائتمام بعد إتمامها.

(مسألة 793): إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الأخير يجوز له أن يكبر للإحرام و يجلس معه و يتشهد بنية القربة المطلقة على الأحوط وجوبا، فإذا سلم الإمام قام لصلاته من غير حاجة إلى استئناف التكبير و يحصل له بذلك فضل الجماعة و إن لم تحصل له ركعة، و كذا إذا أدركه في السجدة الثانية من الركعة الأخيرة، فإنه يكبر للإحرام و يسجد معه السجدة و يتشهد بنية القربة المطلقة على الأحوط وجوبا، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام فيكبر مرددا بين تكبيرة الإحرام و الذكر المطلق على الأحوط و يدرك بذلك فضل الجماعة و تصح صلاته.

(مسألة 794): إذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأى الإمام راكعا و خاف أن الإمام يرفع رأسه إن التحق بالصف، كبّر للإحرام في مكانه و ركع، ثمّ مشى في ركوعه أو بعده، أو في سجوده، أو بين السجدتين أو بعدهما، أو حال القيام للثانية و التحق بالصف، سواء أ كان المشي إلى الامام أم إلى الخلف، أم إلى أحد الجانبين، بشرط أن لا ينحرف عن القبلة، و أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 218

لا يكون مانع آخر غير البعد من حائل و غيره و إن كان الأحوط استحبابا انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضا، و يجب ترك الاشتغال بالقراءة و غيرها مما يعتبر فيه الطمأنينة حال المشي، و الأولى جر الرجلين حاله.

الفصل الثاني [ما يعتبر في انعقاد الجماعة]

يعتبر في انعقاد الجماعة أمور:

الأول: أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل، و كذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في الاتصال بالإمام، و لا فرق بين كون الحائل ستارا أو جدارا أو شجرة أو غير ذلك، و لو كان

شخص إنسان واقفا، نعم لا بأس باليسير كمقدار شبر و نحوه، هذا إذا كان المأموم رجلا، أما إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو المأمومين إذا كان الإمام رجلا، أما إذا كان الإمام امرأة فالحكم كما في الرجل.

(مسألة 795): الأحوط استحبابا المنع في الحيلولة بمثل الزجاج و الشبابيك و الجدران المخرمة، و نحوها مما لا يمنع من الرؤية، و لا بأس بالنهر و الطريق إذا لم يكن فيهما البعد المانع كما سيأتي، و لا بالظلمة و الغبار.

الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم علوا دفعيا كالأبنية و نحوها، بل تسريحيا قريبا من التسنيم كسفح الجبل و نحوه، نعم لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الأرض منبسطة، كما لا بأس بالدفعي اليسير إذا كان دون الشبر، و لا بأس أيضا بعلو موقف المأموم من موقف الإمام بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفا.

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطى بأن لا يكون بين موقف الإمام و مسجد المأموم المقدار المذكور و كذا بين موقف المتقدم و مسجد المتأخر، و بين أهل الصف الواحد بعضهم مع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 219

بعض، و الأفضل بل الأحوط عدم الفصل بين موقف السابق و مسجد اللاحق.

(مسألة 796): البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم إذا كان البعد متحققا في تمام الجهات، فبعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته إذا كان متصلا بالمأمومين من جهة أخرى، فإذا كان الصف الثاني أطول من الأول فطرفه و إن كان بعيدا عن الصف الأول إلا أنه لا يقدح في صحة ائتمامه، لاتصاله بمن على يمينه أو على يساره

من أهل صفّه، و كذا إذا تباعد أهل الصف الثاني بعضهم عن بعض فإنه لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم بأهل الصف المتقدم، نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الأول فإن البعيد منهم عن المأموم الذي هو في جهة الإمام لما لم يتصل من الجهة الأخرى بواحد من المأمومين تبطل جماعته.

الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، بل الأحوط وجوبا أن لا يساويه، و أن لا يتقدم عليه في مكان سجوده و ركوعه و جلوسه بل الأحوط وجوبا وقوف المأموم خلف الإمام إذا كان متعددا هذا في جماعة الرجال، و أما في جماعة النساء فالأحوط أن تقف الإمام في وسطهن و لا تتقدمهن.

(مسألة 797): الشروط المذكورة شروط في الابتداء و الاستدامة فإذا حدث الحائل أو البعد أو علو الإمام أو تقدم المأموم في الأثناء بطلت الجماعة، و إذا شك في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بنى على العدم على الأحوط و مع عدم سبق العلم بالعدم لم يجز الدخول إلا مع إحراز العدم و كذا إذا حدث شك بعد الدخول غفلة، و إن شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فإن علم بوقوع ما يبطل الفرادى أعادها، إن علم أنه قد دخل في الجماعة غفلة و إلا بنى على الصحة، و إن لم يعلم بوقوع ما يبطل الفرادى بنى على الصحة و الأحوط- استحبابا- الإعادة في الصورتين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 220

(مسألة 798): لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم و إن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين للصلاة.

(مسألة 799): إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته كما لو كانت صلاته قصرا فقد انفرد من

يتصل به إلا إذا عاد إلى الجماعة بلا فصل.

(مسألة 800): لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان و نحوه، نعم إذا اتصلت المارة بطلت الجماعة.

(مسألة 801): إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا، أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله، فالأقوى، عدم انعقاد الجماعة، فلا يجوز الائتمام.

(مسألة 802): إذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل و كان جاهلا به لعمى أو نحوه لم تصح الجماعة، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد و لو سهوا أتم منفردا و صحت صلاته، و كذلك تصح لو كان قد فعل ما لا ينافيها إلا عمدا كترك القراءة.

(مسألة 803): الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه.

(مسألة 804): لو تجدد البعد في الأثناء بطلت الجماعة و صار منفردا، فإذا لم يلتفت إلى ذلك و بقي على نية الاقتداء فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهوا و عمدا بطلت صلاته، و إن لم يأت بذلك أو أتى بما لا ينافي إلا في صورة العمد صحت صلاته كما تقدم في (مسألة 802).

(مسألة 805): لا يضر الفصل بالصبي المميز إذا كان مأموما فيما إذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده.

(مسألة 806): إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 221

لا يجوز ائتمام من على يمينه و يساره لوجود الحائل، أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعا و كذا الصفوف المتأخرة و كذا إذا انتهى المأمومون إلى باب فإنه تصح صلاة تمام الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن هو

يصلي في الباب، و إن كان الأحوط استحبابا الاقتصار في الصحة على من هو بحيال الباب دون من على يمينه و يساره من أهل صفّه.

الفصل الثالث [ما يشترط في إمام الجماعة]

يشترط في إمام الجماعة مضافا إلى الإيمان و العقل و طهارة المولد، أمور:

الأول: الرجولة إذا كان المأموم رجلا، فلا تصح إمامة المرأة إلا للمرأة، و في صحة إمامة الصبي لمثله إشكال، و لكن لا يبعد جوازها.

الثاني: العدالة، فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق، و لا بد من إحرازها بحسن الظاهر أو بغيره مما يثبت به سائر الموضوعات و يدخل فيه الوثوق الحاصل من أيّ سبب كان، نعم لا بأس بالاقتداء بمجهول الحال- في نفسه- إذا احتمل تحقق الشرائط فيه و لكن لا يجتزى بها.

الثالث: أن يكون الإمام صحيح القراءة، إذا كان الائتمام في الأوليين و كان المأموم صحيح القراءة، بل مطلقا على الأحوط لزوما، نعم لا بأس بالاقتداء بعد دخول الإمام في الركوع من الركعة الثانية.

الرابع: أن لا يكون أعرابيا- أي من سكان البوادي- و لا ممن جرى عليه الحد الشرعي على الأحوط.

(مسألة 807): لا بأس في أن يأتم الأفصح بالفصيح، و الفصيح بغيره، إذا كان يؤدي القدر الواجب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 222

(مسألة 808): لا تجوز إمامة القاعد للقائم، و لا المضطجع للقاعد و تجوز إمامة القائم لهما، كما تجوز إمامة القاعد لمثله، و في جواز إمامة القاعد أو المضطجع للمضطجع إشكال، و تجوز إمامة المتيمم للمتوضئ و ذي الجبيرة لغيره، و المسلوس و المبطون و المستحاضة لغيرهم، و المضطر إلى الصلاة في النجاسة لغيره.

(مسألة 809): إذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة أن الإمام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الإمامة صحت صلاته، إذا لم يقع فيها ما

يبطل الفرادى و إلا أعادها، و إن تبين في الأثناء أتمها في الفرض الأول و أعادها في الثاني.

(مسألة 810): إذا اختلف المأموم و الإمام في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا، فإن علم المأموم بطلان صلاة الإمام واقعا و لو بطريق معتبر لم يجز له الائتمام به، و إلا جاز و كذا إذا كان الاختلاف بينهما في الأمور الخارجية، بأن يعتقد الإمام طهارة ماء فتوضأ به و المأموم يعتقد نجاسته، أو يعتقد الإمام طهارة الثوب فيصلي به، و يعتقد المأموم نجاسته فإنه لا يجوز الائتمام في الفرض الأول، و يجوز في الفرض الثاني، و لا فرق فيما ذكرنا بين الابتداء و الاستدامة، و المدار على علم المأموم بصحة صلاة الإمام في حق الإمام، هذا في غير ما يتحمله الإمام عن المأموم، و أما فيما يتحمله كالقراءة ففيه تفصيل، فإن من يعتقد وجوب السورة- مثلا- فالأحوط أن لا يأتم قبل الركوع بمن لا يأتي بها لاعتقاده عدم وجوبها، نعم إذا ركع الإمام جاز الائتمام به.

الفصل الرابع في أحكام الجماعة:

(مسألة 811): لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 223

و أقوالها غير القراءة في الأوليين إذا ائتم به فيهما فتجزيه قراءته، و يجب عليه متابعته في القيام، و لا تجب عليه الطمأنينة حاله حتى في حال قراءة الإمام.

(مسألة 812): الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية، إذا كانت القراءة بقصد الجزئية، و الأفضل له أن يشتغل بالذكر و الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و أما في الأوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط الأولى الإنصات لقراءته، و إن لم

يسمع حتى الهمهمة جازت له القراءة بقصد القربة، و بقصد الجزئية و الأحوط استحبابا الأول، و إذا شك في أن ما يسمعه صوت الإمام أو غيره فالأقوى الجواز، و لا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما.

(مسألة 813): إذا أدرك الإمام في الأخيرتين وجب عليه قراءة الحمد و السورة، و إن لزم من قراءة السورة فوات المتابعة في الركوع اقتصر على الحمد، و إن لزم ذلك في إتمام الحمد، فالأحوط- لزوما- الانفراد، بل الأحوط استحبابا له إذا لم يحرز التمكن من إتمام الفاتحة قبل ركوع الإمام عدم الدخول في الجماعة حتى يركع الإمام، و لا قراءة عليه.

(مسألة 814): يجب على المأموم الاخفات في القراءة سواء أ كانت واجبة- كما في المسبوق بركعة أو ركعتين- أم غير واجبة كما في غيره حيث تشرع له القراءة، و إن جهر نسيانا أو جهلا صحت صلاته، و إن كانت عمدا بطلت.

(مسألة 815): يجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدم عليه و لا يتأخر عنه تأخرا فاحشا، و الأحوط الأولى عدم المقارنة، و أما الأقوال فالظاهر عدم وجوبها فيها فيجوز التقدم فيها و المقارنة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 224

عدا تكبيرة الإحرام، و إن تقدم فيها كانت الصلاة فرادى، بل الأحوط وجوبا عدم المقارنة فيها، كما أنّ الأحوط المتابعة في الأقوال خصوصا مع السماع و في التسليم.

(مسألة 816): إذا ترك المتابعة عمدا لم يقدح ذلك في صلاته و لكن تبطل جماعته فيتمها فرادى، نعم إذا كان ركع قبل الإمام في حال قراءة الإمام بطلت صلاته، إذا لم يكن قرأ لنفسه، بل الحكم كذلك إذا ركع بعد قراءة الإمام على الأحوط

الأولى.

(مسألة 817): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا انفرد في صلاته و لا يجوز له أن يتابع الإمام فيأتي بالركوع أو السجود ثانيا للمتابعة، و إذا انفرد اجتزأ بما وقع منه من الركوع و السجود و أتم، و إذا ركع أو سجد قبل الإمام سهوا فالأحوط له المتابعة بالعودة إلى الإمام بعد الإتيان بالذكر و لا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الإمام، و إذا لم يتابع عمدا صحت صلاته، و بطلت جماعته على الأحوط.

(مسألة 818): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام عمدا، فإن كان قبل الذكر بطلت صلاته إن كان متعمدا في تركه، و إلا صحت صلاته و بطلت جماعته، و إن كان بعد الذكر صحت صلاته و أتمها منفردا، و لا يجوز له أن يرجع إلى الجماعة فيتابع الإمام بالركوع أو السجود ثانيا، و إن رفع رأسه من الركوع أو السجود سهوا رجع إليهما و إذا لم يرجع عمدا انفرد و بطلت جماعته، و إن لم يرجع سهوا صحت صلاته و جماعته و إن رجع و ركع للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع بطلت صلاته.

(مسألة 819): إذا رفع رأسه من السجود فرأى الإمام ساجدا فتخيل أنه في الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية اجتزأ بها و إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 225

تخيل الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فتبين أنها الأولى حسبت للمتابعة.

(مسألة 820): إذا زاد الإمام سجدة أو تشهدا أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا لم تجب على المأموم متابعته، و إن نقص شيئا لا يقدح نقصه سهوا، فعله المأموم.

(مسألة 821): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع

و السجود أزيد من الإمام، و كذلك إذا ترك بعض الأذكار المستحبة، مثل تكبير الركوع و السجود أن يأتي بها، و إذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبي أن يتركها، و كذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة مع كون المأموم مقلدا لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار على المرة، و هكذا الحكم في غير ما ذكر.

(مسألة 822): إذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر أن الإمام في الأوليين أو الأخيرتين جاز أن يقرأ الحمد و السورة بقصد القربة، فإن تبين كونه في الأخيرتين وقعت في محلها، و إن تبين كونه في الأوليين لا يضره.

(مسألة 823): إذا أدرك المأموم ثانية الإمام تحمل عنه القراءة فيها و كانت أولى صلاته و يتابعه في القنوت و كذلك في الجلوس للتشهد متجافيا على الأحوط وجوبا، و يستحب له التشهد فإذا كان في ثالثة الإمام تخلف عنه في القيام فيجلس للتشهد ثمّ يلحق الإمام، و كذا في كل واجب عليه دون الإمام، و الأفضل له أن يتابعه في الجلوس للتشهد إلى أن يسلم ثمّ يقوم إلى الرابعة، و يجوز له أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته، و ينفرد إذا لم يكن قصد الانفراد من أول صلاته.

(مسألة 824): يجوز لمن صلى منفردا أن يعيد صلاته جماعة إماما كان أم مأموما، و كذا إذا كان قد صلى جماعة إماما أو مأموما فإن له أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 226

يعيدها في جماعة أخرى إماما، و يشكل صحة ذلك، فيما إذا صلى كل من الإمام و المأموم منفردا، و أراد إعادتها جماعة من

دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته، و مع ذلك فلا بأس بالإعادة رجاء.

(مسألة 825): إذا ظهر بعد الإعادة أن الصلاة الأولى كانت باطلة اجتزأ بالمعادة.

(مسألة 826): لا تشرع الإعادة منفردا، إلا إذا احتمل وقوع خلل في الأولى، و إن كانت صحيحة ظاهرا.

(مسألة 827): إذا دخل الإمام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت و المأموم لا يعتقد ذلك لا يجوز الدخول معه، و إذا دخل الوقت في أثناء صلاة الإمام فالأحوط لزوما أن لا يدخل معه.

(مسألة 828): إذا كان في نافلة فأقيمت الجماعة و خاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة و لو بعدم إدراك التكبير مع الإمام استحب له قطعها بل لا يبعد استحبابه بمجرد شروع المقيم في الإقامة، و إذا كان في فريضة عدل استحبابا إلى النافلة و أتمها ركعتين ثمّ دخل في الجماعة، هذا إذا لم يتجاوز محل العدول، و إذا خاف بعد العدول من إتمامها ركعتين فوت الجماعة جاز له قطعها و إن خاف ذلك قبل العدول لم يجز العدول بنية القطع بل يعدل بنية الإتمام، لكن إذا بدا له أن يقطع قطع.

(مسألة 829): إذا لم يحرز الإمام من نفسه العدالة فجواز ترتيبه آثار الجماعة لا يخلو من إشكال، بل الأقوى عدم الجواز، و في كونه آثما بذلك إشكال، و الأظهر العدم.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 1، ص: 226

(مسألة 830): إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان بأخرى إذا لم يتجاوز المحل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 227

(مسألة 831): إذا

رأى الإمام يصلي و لم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل أو علم أنها يومية و لكن احتمل أنها احتياطا بالإعادة أو القضاء لا يصح الاقتداء به، و كذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصبح اقتداء اليومية بها، و أما إن علم أنها من اليومية لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس، أو أنها قضاء أو أداء، أو أنها قصر أو تمام فلا بأس بالاقتداء به فيها.

(مسألة 832): الصلاة إماما أفضل من الصلاة مأموما.

(مسألة 833): قد ذكروا أنه يستحب للإمام أن يقف محاذيا لوسط الصف الأول، و أن يصلي بصلاة أضعف المأمومين فلا يطيل إلا مع رغبة المأمومين بذلك، و أن يسمع من خلفه القراءة و الأذكار فيما لا يجب الاخفات فيه، و أن يطيل الركوع إذا أحس بداخل بمقدار مثلي ركوعه المعتاد، و أن لا يقوم من مقامه إذا أتم صلاته حتى يتم من خلفه صلاته.

(مسألة 834): الأحوط لزوما للمأموم أن يقف عن يمين الإمام متأخرا عنه قليلا إن كان رجلا واحدا، و يقف خلفه إن كان امراة، و إذا كان رجل و امرأة وقف الرجل خلف الإمام و المرأة خلفه، و إن كانوا أكثر اصطفوا خلفه و تقدم الرجال على النساء، و يستحب أن يقف أهل الفضل في الصف الأول، و أفضلهم في يمين الصف، و ميامن الصفوف أفضل من مياسرها، و الأقرب إلى الإمام أفضل، و في صلاة الأموات الصف الأخير أفضل، و يستحب تسوية الصفوف، و سد الفرج، و المحاذاة بين المناكب، و اتصال مساجد الصف اللاحق بمواقف السابق، و القيام عند قول المؤذن: «قد قامت الصلاة» قائلا: «اللهم أقمها و أدمها و اجعلني من خير صالحي

أهلها»، و أن يقول عند فراغ الإمام من الفاتحة: «الحمد للّه رب العالمين».

(مسألة 835): يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 228

موضعا في الصفوف، و التنفل بعد الشروع في الإقامة، و تشتد الكراهة عند قول المقيم: «قد قامت الصلاة» و التكلم بعدها إلا إذا كان لإقامة الجماعة كتقديم إمام و نحو ذلك، و إسماع الإمام ما يقوله من أذكار، و ائتمام الحاضر بالمسافر و العكس في الصلوات الرباعية، و الكراهة في مثل الأخير بمعنى قلة الثواب لا رجحان ترك الجماعة.

المقصد العاشر الخلل [الواقع في الصلاة]

اشارة

من أخل بشي ء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر، و كذا من زاد فيها جزءا عمدا قولا أو فعلا، من غير فرق في ذلك كله بين الركن و غيره، و لا بين كونه موافقا لأجزاء الصلاة أو مخالفا، و لا بين أن يكون ناويا ذلك في الابتداء أو في الأثناء.

(مسألة 836): لا تتحقق الزيادة في غير الركوع و السجود إلا بقصد الجزئية للصلاة، فإن فعل شيئا لا بقصدها مثل حركة اليد و حكّ الجسد و نحو ذلك مما يفعله المصلي لا بقصد الصلاة لم يقدح فيها، إلا أن يكون ماحيا لصورتها.

(مسألة 837): من زاد جزءا سهوا فإن كان ركوعا أو سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته و إلا لم تبطل.

(مسألة 838): من نقص جزءا سهوا فإن التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده، و إن كان بعد فوات محله فإن كان ركنا بطلت صلاته و إلا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 229

صحت، و عليه قضاؤه بعد الصلاة إذا كان المنسي سجدة واحدة و كذلك

إذا كان المنسي تشهدا على الأحوط كما سيأتي.

و يتحقق فوات محل الجزء المنسي بأمور:

الأول: الدخول في الركن اللاحق، كمن نسي قراءة الحمد أو السورة أو بعضا منهما، أو الترتيب بينهما، و التفت بعد الوصول إلى حد الركوع فإنه يمضي في صلاته، أما إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع فإنه يرجع و يتدارك الجزء و ما بعده على الترتيب، و إن كان المنسي ركنا كمن نسي السجدتين حتى ركع بطلت صلاته، و إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع تداركهما، إذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا أو بعضه أو الترتيب بينهما حتى ركع صحت صلاته و مضى، و إن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع تدارك المنسي و ما بعده على الترتيب، و تجب عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو، كما سيأتي تفصيله.

الثاني: الخروج من الصلاة، فمن نسي السجدتين حتى سلم و أتى بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا بطلت صلاته، و إذا ذكر قبل الاتيان به رجع و أتى بهما و تشهد و سلم ثمّ سجد سجدتي السهو للسلام الزائد، و كذلك من نسي إحداهما أو التشهد أو بعضه حتى سلم و لم يأت بالمنافي فإنه يرجع و يتدارك المنسي و يتم صلاته و يسجد سجدتي السهو، و إذا ذكر ذلك بعد الاتيان بالمنافي صحت صلاته و مضى، و عليه قضاء المنسي و الاتيان بسجدتي السهو على ما يأتي.

الثالث: الخروج من الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسي، كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتى رفع رأسه فإنه يمضي، و كذا إذا نسي وضع بعض المساجد الستة في محله، نعم إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح وجب أن يتداركهما

قائما إذا ذكر قبل الركوع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 230

(مسألة 839): من نسي الانتصاب بعد الركوع حتى سجد أو هوى إلى السجود مضى في صلاته، و الأحوط- استحبابا- الرجوع إلى القيام ثمّ الهوي إلى السجود إذا كان التذكر قبل السجود، و إعادة الصلاة إذا كان التذكر بعده، و أما إذا كان التذكر بعد الدخول في السجدة الثانية مضى في صلاته و لا شي ء عليه، و إذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتى جاء بالثانية مضى في صلاته، و إذا ذكره حال الهوي إليها رجع و تداركه و إذا سجد على المحل المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس و ذكر بعد رفع الرأس من السجود فيمضي كمن نسى الذكر في السجود حتى رفع رأسه.

(مسألة 840): إذا نسي الركوع حتى سجد السجدتين أعاد الصلاة، و إن ذكر قبل الدخول في الثانية فلا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع و الاتمام و إن كان الأحوط- استحبابا- الاعادة أيضا.

(مسألة 841): إذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين، فإن كان الالتفات إلى ذلك بعد الدخول في الركن لم يبعد الاجتزاء بقضاء سجدتين، و إن كان قبل الدخول في الركن، فإن احتمل أن كلتيهما من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك السجدتين و الاتمام و إن علم أنهما إما من السابقة أو إحداهما منها و الأخرى من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك سجدة و قضاء أخرى، و الأحوط استحبابا الاعادة في الصور الثلاث.

(مسألة 842): إذا علم أنه فاتته سجدتان من ركعتين- من كل ركعة سجدة- قضاهما و إن كانتا من الأوليين.

(مسألة 843): من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته، و إن كان

بعده صحت صلاته، و الأحوط استحبابا الاعادة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 231

(مسألة 844): إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتى بها، و كذا إذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي، و إذا ذكرها بعده بطلت صلاته.

(مسألة 845): إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح، أو في التشهد سهوا مضى، و لكن لا يترك الاحتياط الاستحبابي بتدارك القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة، و إذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه أعاد الذكر على الأظهر.

(مسألة 846): إذا نسي الجهر و الاخفات و ذكر لم يلتفت و مضى سواء أ كان الذكر في أثناء القراءة، أم التسبيح، أم بعدهما، و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك.

فصل
في الشك [و أحكامه]:

(مسألة 847): من شك و لم يدر أنه صلى أم لا، فإن كان في الوقت صلى، و إن كان بعد خروج الوقت لم يلتفت، و الظن بفعل الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور، و إذا شك في بقاء الوقت بنى على بقائه، و حكم كثير الشك في الاتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل المذكور من الاعادة في الوقت و عدمها بعد خروجه، و أما الوسواسي فيبني على الاتيان و إن كان في الوقت. و إذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بنى على وقوع الظهر و أتى بالعصر، و إذا شك و قد بقي من الوقت مقدار أداء ركعة أتى بالصلاة، و إذا كان أقل لم يلتفت، و إذا شك في فعل الظهر و هو في العصر عدل بنيته إلى الظهر و أتمها ظهرا.

[الشك بعد تجاوز المحل]

(مسألة 848): إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 232

لم يلتفت، و إذا شك في التسليم فإن كان شكه في صحته لم يلتفت و كذا إن كان شكه في وجوده و قد أتى بالمنافي حتى مع السهو، و أما إذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشك.

(مسألة 849): كثير الشك لا يعتني بشكه، سواء أ كان الشك في عدد الركعات، أم في الأفعال، أم في الشرائط، فيبني على وقوع المشكوك فيه إلا إذا كان وجوده مفسدا فيبني على عدمه، كما لو شك بين الأربع و الخمس، أو شك في أنه أتى بركوع أو ركوعين مثلا فإن البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه.

(مسألة 850): إذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل

أو زمان أو مكان اختص عدم الاعتناء به، و لا يتعدى إلى غيره.

(مسألة 851): المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف، نعم إذا كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة فهو كثير الشك، و يعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس.

(مسألة 852): إذا لم يعتن بشكه ثمّ ظهر وجود الخلل جرى عليه حكم وجوده، فإن كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد، و إن كان موجبا للتدارك تدارك، و إن كان مما يجب قضاؤه قضاه، و هكذا.

(مسألة 853): لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصى أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك.

(مسألة 854): لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فإذا جاء بالمشكوك فيه بطلت و لكن لا بأس في القراءة و الذكر بتكرارهما بقصد القربة.

(مسألة 855): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بنى على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 233

العدم، كما أنه إذا صار كثير الشك ثمّ شك في زوال هذه الحالة بنى على بقائها.

(مسألة 856): إذا شك إمام الجماعة في عدد الركعات رجع إلى المأموم الحافظ، عادلا كان أو فاسقا، ذكرا أو أنثى، و كذلك إذا شك المأموم فإنه يرجع إلى الإمام الحافظ، و الظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك إليه، و إن اختلف المأمومون لم يرجع إلى بعضهم، و إذا كان بعضهم شاكا و بعضهم حافظا رجع الإمام إلى الحافظ، و في جواز رجوع الشاك منهم إليه إذا لم يحصل له الظن إشكال، ثمّ إنّ ما ذكر من جواز رجوع الإمام إلى المأموم و بالعكس لا إشكال فيه إذا كان الشك في الركعات

و أما في جواز رجوع أحدهما إلى الآخر في الشك في الأفعال- كالشك في عدد السجدتين مثلا- ففيه إشكال، نعم إذا كان رجوع كلّ من الإمام أو المأموم إلى الآخر موجبا لوثوق الراجع فلا بأس به.

(مسألة 857): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقل و البناء على الأكثر، إلا أن يكون الأكثر مفسدا فيبنى على الأقل.

(مسألة 858): من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أدائية كانت الفريضة أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات، و قد دخل في الجزء الذي بعده مضى و لم يلتفت، كمن شك في تكبيرة الاحرام و هو في القراءة أو في الفاتحة و هو في السورة، أو في الآية السابقة و هو في اللاحقة، أو في أول الآية و هو في آخرها، أو في القراءة و هو في الركوع أو في الركوع و هو في السجود، أو شك في السجود و هو في التشهد أو في القيام لم يلتفت، و كذا إذا شك في التشهد و هو في القيام أو في التسليم، فإنه لا يلتفت إلى الشك في جميع هذه الفروض، و إذا كان الشك قبل أن يدخل في الجزء الذي بعده وجب الإتيان به، كمن شك في التكبير قبل أن يقرأ أو في القراءة قبل أن يركع، أو في الركوع قبل السجود، و إن كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 234

الشك حال الهوي إليه، أو في السجود أو في التشهد و هو جالس، أو حال النهوض إلى القيام، و كذلك إذا شك في التسليم و هو في التعقيب قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا.

(مسألة 859): يعتبر في الجزء الذي

يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة فإذا شك في القراءة و هو في القنوت لزمه الالتفات و التدارك.

(مسألة 860): إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت و إن لم يدخل في الجزء الذي بعده، كما إذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحتها فإنه لا يلتفت، و كذا إذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الآية.

(مسألة 861): إذا أتى بالمشكوك في المحل ثمّ تبين أنه قد فعله أولا لم تبطل صلاته إلا إذا كان ركنا، و إذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الاتيان به فإن أمكن التدارك فعله، و إلا صحت صلاته إلا أن يكون ركنا.

(مسألة 862): إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت، و كذا لو شك في أنه هل سها أم لا و قد جاز محل ذلك الشي ء الذي شك في أنه سها عنه أو لا، نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه، أتى به على الأصح.

(مسألة 863): إذا شك المصلي في عدد الركعات فالأحوط له استحبابا التروي يسيرا فإن استقر الشك و كان في الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من الرباعية بطلت، و إن كان في غيرها و قد أحرز الأوليين بأن أتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية و إن لم يرفع رأسه فهنا صور:

منها: ما لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 235

[صور علاج الشك]

و منها: ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع صور:

الأولى منها: الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة

الأخيرة فإنه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة و يتم صلاته ثمّ يحتاط بركعة قائما على الأحوط وجوبا، و إن كانت وظيفته الجلوس في الصلاة احتاط بركعة جالسا.

الثانية: الشك بين الثلاث و الأربع في أي موضع كان، فيبني على الأربع و يتم صلاته، ثمّ يحتاط بركعة قائما أو ركعتين جالسا و الأحوط استحبابا اختيار الركعتين جالسا، و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا.

الثالثة: الشك بين الاثنتين و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من قيام، و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس.

الرابعة: الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثمّ يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس، و الأقوى تأخير الركعتين من جلوس، و إن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس ثمّ بركعة جالسا.

الخامسة: الشك بين الأربع و الخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع و يتم صلاته ثمّ يسجد سجدتي السهو.

السادسة: الشك بين الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الأربع، فيتم صلاته ثمّ يحتاط، كما سبق في الصورة الثانية.

السابعة: الشك بين الثلاث و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 236

الثامنة: الشك بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.

التاسعة: الشك بين الخمس و الست حال القيام، فإنه

يهدم و حكمه حكم الشك بين الأربع و الخمس، و يتم صلاته و يسجد للسهو، و الأحوط في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضا.

(مسألة 864): إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثمّ ضم إليها ركعة و سلم و شك في أن بناءه على الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملا بالشك، فعليه صلاة الاحتياط، و إذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين و شك بعد التسليم أنه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشك صحت صلاته و لا شي ء عليه.

(مسألة 865): الظن بالركعات كاليقين، أما الظن بالأفعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك فإذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الاتيان به و إذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضى و ليس له أن يرجع و يتداركه و الأحوط استحبابا إعادة الصلاة في الصورتين.

(مسألة 866): في الشكوك المعتبر فيها إكمال الذكر في السجدة الثانية كالشك بين الاثنتين و الثلاث، و الشك بين الاثنتين و الأربع و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع: إذا شك مع ذلك في الاتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت صلاته، لأنه محكوم بعدم الاتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكه قبل إكمال الذكر، و إن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل.

(مسألة 867): إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيرا لبعض الناس كان ذلك شكا، و كذا لو حصلت له حالة في أثناء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 237

الصلاة و بعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه

كان شكا أو ظنا يبني على أنه كان شكا إن كان فعلا شاكا، و ظنا إن كان فعلا ظانا، و يجري على ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي، و كذا لو شك في شي ء ثمّ انقلب شكه إلى الظن، أو ظن به ثمّ انقلب ظنه إلى الشك، فإنه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها، فلو شك بين الثلاث و الأربع مثلا فبنى على الأربع، ثمّ انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه و أتى بالرابعة، و إذا ظن بالثلاث ثمّ تبدل ظنه إلى الشك بينها و بين الأربع بنى على الأربع ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط.

[صلاة الاحتياط]

(مسألة 868): صلاة الاحتياط واجبة لا يجوز أن يدعها و يعيد الصلاة على الأحوط، و لا تصح الاعادة إلا إذا أبطل الصلاة بفعل المنافي.

(مسألة 869): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط فلا بد فيها من النية، و التكبير للاحرام، و قراءة الفاتحة اخفاتا حتى في البسملة على الأحوط الأولى، و الركوع و السجود و التشهد و التسليم و لا تجب فيها سورة، و إذا تخلل المنافي بينها و بين الصلاة بطلت الصلاة و لزم الاستئناف.

(مسألة 870): إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها، و إن كان في الأثناء جاز تركها و إتمامها نافلة ركعتين.

(مسألة 871): إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها جرى عليه حكم من سلم على النقص من وجوب ضم الناقص و الاتمام مع الإمكان و إلا فيحكم بالبطلان كما إذا شك بين الاثنتين و الأربع و تبين له بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط نقص الصلاة بركعة واحدة، و إذا تبين ذلك

بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولا، أما إذا تبين غيره ففيه تفصيل: فإن النقص المتبين إذا كان أكثر من صلاة الاحتياط و أمكن تداركه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 238

لزم التدارك و صحت صلاته و في غير ذلك يحكم بالبطلان و لزوم إعادة أصل الصلاة، مثلا إذا شك بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعة واحدة قائما للاحتياط، ثمّ تبين له قبل الاتيان بالمنافي أن النقص كان ركعتين فإنّ عليه حينئذ إتمام الصلاة بركعة أخرى و سجود السهو مرتين لزيادة السلام في أصل الصلاة و زيادته في صلاة الاحتياط.

(مسألة 872): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة، و الشك في المحل، أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك، و إذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلا أن يكون مفسدا.

(مسألة 873): إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلا إذا كان بعد خروج الوقت، أو بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا.

(مسألة 874): إذا نسي من صلاة الاحتياط ركنا و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة، و كذلك إذا زاد ركوعا أو سجدتين في ركعة.

فصل في قضاء الأجزاء المنسية:

(مسألة 875): إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة و بعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه، و كذا يقضي التشهد إذا نسيه و لم يذكره إلا بعد الركوع على الأحوط وجوبا، و يجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الأخيرة و لم يذكر إلا بعد التسليم و الاتيان بما ينافي الصلاة

عمدا و سهوا، و أما إذا ذكره بعد التسليم و قبل الاتيان بالمنافي فاللازم تدارك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 239

المنسي و الاتيان بالتشهد و التسليم ثمّ الاتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوبا، و لا يقضي غير السجدة و التشهد من الأجزاء و يجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط كما يجب فيه نية البدلية، و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة، و إذا فصل أعاد الصلاة، و الأولى أن يقضي الفائت قبل الاعادة.

(مسألة 876): إذا شك في فعله بنى على العدم، إلا أن يكون الشك بعد الاتيان بالمنافي عمدا و سهوا و إذا شك في موجبه بنى على العدم.

فصل في سجود السهو:

(مسألة 877): يجب سجود السهو للكلام ساهيا، و للسلام في غير محله، و للشك بين الأربع و الخمس كما تقدم، و لنسيان التشهد، و الأحوط وجوبا سجود السهو لنسيان السجدة و للقيام في موضع الجلوس، أو الجلوس في موضع القيام، كما أن الأحوط استحبابا سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة.

(مسألة 878): يتعدد السجود بتعدد موجبه، و لا يتعدد بتعدد الكلام إلا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثمّ يسهو، أما إذا تكلم كثيرا و كان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير.

(مسألة 879): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب.

(مسألة 880): يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط، و كذا عن الأجزاء المقضية، و الأحوط عدم تأخيره عن الصلاة، و عدم الفصل بينهما بالمنافي، و إذا أخره عنها أو فصله بالمنافي لم تبطل صلاته و لم يسقط وجوبه بل لا تسقط فوريته أيضا على الأحوط، و إذا نسيه فذكر و هو في أثناء صلاة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 240

أخرى أتم صلاته و أتى به بعدها.

(مسألة 881): سجود السهو سجدتان متواليتان و تجب فيه نية القربة و لا يجب فيه تكبير، و يعتبر فيه وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه و وضع سائر المساجد، و الأحوط استحبابا أن يكون واجدا لجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال، و الستر و غير ذلك، و الأقوى وجوب الذكر في كل واحد منهما، و الأحوط في صورته:

«بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته» و يجب فيه التشهد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، ثمّ التسليم و الأحوط اختيار التشهد المتعارف.

(مسألة 882): إذا شك في موجبه لم يلتفت، و إذا شك في عدد الموجب بنى على الأقل، و إذا شك في اتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به و إذا اعتقد تحقق الموجب- و بعد السلام شك فيه- لم يلتفت، كما أنه إذا شك في الموجب، و بعد ذلك علم به أتى به، و إذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقل، إلا إذا دخل في التشهد، و إذا شك بعد رفع الرأس في تحقق الذكر مضى، و إذا علم بعدمه أعاد السجدة و إذا زاد سجدة لم تقدح، على إشكال ضعيف.

(مسألة 883): تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الاتيان به، و إذا شك بعد تجاوز المحل لا يعتني به، و في أنه إذا نسي جزءا لزم تداركه إذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده، و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقل و الأكثر- كما تقدم-

و أنه لا سجود للسهو فيها، و أنه لا قضاء للجزء المنسي فيها- إذا كان يقضى في الفريضة- و أن زيادة الركن سهوا غير قادحة و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 241

المقصد الحادي عشر صلاة المسافر و فيه فصول

الفصل الأول شرائط القصر
اشارة

تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط:

الأول: قصد قطع المسافة، و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة إيابا، سواء اتصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة، ما لم تحصل منه الاقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية.

(مسألة 884): الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، و هو من المرفق إلى طرف الأصابع، فتكون المسافة أربعا و أربعين كيلومترا تقريبا.

(مسألة 885): إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيرا بقي على التمام، و كذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور، أو ظن بذلك.

(مسألة 886): تثبت المسافة بالعلم، و بالبينة الشرعية، و لا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد بل بإخبار مطلق الثقة و إن لم يكن عادلا، و إذا تعارضت البينتان أو الخبران تساقطتا و وجب التمام، و لا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج، بل مطلقا، و إذا شك العامي في مقدار المسافة- شرعا- وجب عليه إما الرجوع إلى المجتهد و العمل على فتواه، أو الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام، و إذا اقتصر على أحدهما و انكشف مطابقته للواقع أجزأه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 242

(مسألة 887): إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد، و أما إذا اعتقد عدم

كونه مسافة فأتم ثمّ ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه.

(مسألة 888): إذا شك في كونه مسافة، أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر، و إن لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 889): إذا كان للبلد طريقان، و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصر، و إن سلك الأقرب أتم، و لا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره.

(مسألة 890): لا يبعد كفاية التلفيق في تحقق المسافة فإذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة قصّر و كذا في جميع صور التلفيق إذا كان الذهاب و الاياب بمجموعهما ثمانية فراسخ و إن كان الأحوط الجمع بين القصر و التمام في جميع صور التلفيق إلا إذا كان الذهاب أربعة فما زاد و الاياب كذلك.

(مسألة 891): مبدأ حساب المسافة من سور البلد، و منتهى بيوته فيما لا سور له.

(مسألة 892): لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة- و لو في أيام كثيرة- ما لم يخرج عن قصد السفر عرفا.

(مسألة 893): يجب القصر في المسافة المستديرة، و يكون الذهاب فيها إلى منتصف الدائرة و الاياب منه إلى البلد، و لا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد، أو كانت مستديرة على البلد.

(مسألة 894): لا بد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضا، و هكذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 243

وجب التمام و إن قطع مسافات، نعم إذا شرع في الاياب إلى البلد و كانت

المسافة ثمانية قصر، و إلا بقي على التمام، فطالب الضالة أو الغريم أو الآبق و نحوهم يتمون، إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة على ما مر.

(مسألة 895): إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة- إن تيسروا سافر معهم و إلا رجع- أتم، و كذا إذا كان سفره مشروطا بأمر آخر غير معلوم الحصول، نعم إذا كان مطمئنا بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر.

(مسألة 896): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلا، فإذا كان تابعا لغيره كالزوجة و العبد و الخادم و الأسير وجب التقصير، إذا كان قاصدا تبعا لقصد المتبوع، و إذا شك في قصد المتبوع بقي على التمام و الأحوط- استحبابا- الاستخبار من المتبوع، و لكن لا يجب عليه الاخبار، و إذا علم في الأثناء قصد المتبوع، فإن كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر، و إلا بقي على التمام.

(مسألة 897): إذا كان التابع عازما على مفارقة المتبوع- قبل بلوغ المسافة- أو مترددا في ذلك بقي على التمام، و كذا إذا كان عازما على المفارقة، على تقدير حصول أمر محتمل الحصول- سواء أ كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق أو العتق، أم كان مانعا عن السفر مع تحقق المقتضي له و شرطه- فإذا قصد المسافة و احتمل احتمالا عقلائيا حدوث مانع عن سفره أتم صلاته، و إن انكشف بعد ذلك عدم المانع.

(مسألة 898): الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما إذا ألقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة، و هو يعلم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 244

ببلوغه المسافة.

الثاني: استمرار القصد، فإذا عدل- قبل بلوغه

الأربعة- إلى قصد الرجوع، أو تردد في ذلك وجب التمام، و الأحوط- لزوما- إعادة ما صلاه قصرا إذا كان العدول قبل خروج الوقت بل القضاء خارج الوقت و الامساك في بقية النهار، و إن كان قد أفطر قبل ذلك، و إذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة- و كان عازما على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر و استمر على الافطار.

(مسألة 899): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر و إن عدل عن الشخص الخاص، كما إذا قصد السفر إلى مكان، و في الأثناء عدل إلى غيره، إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر على الأصح، و كذا إذا كان من أول الأمر قاصدا السفر إلى أحد البلدين، من دون تعيين أحدهما، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ المسافة.

(مسألة 900): إذا تردد في الأثناء ثمّ عاد إلى الجزم فإما أن يكون قبل قطع شي ء من الطريق أو بعده، ففي الصورة الأولى لا يترك الاحتياط بالجمع، نعم إذا كان ما بقي مسافة و لو ملفقة قصر بعد شروعه في السير، و أما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة و لو ملفقة يقصر بعد شروعه في السير جازما و إلا فيتم صلاته، و إذا كان تردده بعد بلوغ أربعة فراسخ و كان عازما على الرجوع قبل العشرة قصر.

الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة، أو يكون مترددا في ذلك، و إلا أتم من أول السفر، و كذا إذا كان ناويا المرور بوطنه أو مقره أو مترددا في ذلك، فإذا كان قاصدا السفر المستمر، لكن احتمل عروض ما يوجب تبدل قصده

على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة، أو المرور بالوطن، أتم صلاته، و إن لم يعرض ما احتمل عروضه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 245

الرابع: أن يكون السفر مباحا، فإذا كان حراما لم يقصر سواء أ كان حراما لنفسه، كإباق العبد، أم لغايته، كالسفر لقتل النفس المحترمة، أم للسرقة أم للزنا، أم لإعانة الظالم، و نحو ذلك، و يلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب، كما إذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الدائن، و إمكان الأداء في الحضر دون السفر، فإنه يجب فيه التمام، إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب، أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثناءه، كالغيبة و شرب الخمر و ترك الصلاة و نحو ذلك، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر.

(مسألة 901): إذا كان السفر مباحا، و لكن ركب دابة مغصوبة أو مضى في أرض مغصوبة، ففي وجوب التمام أو القصر وجهان، أظهرهما القصر. نعم إذا سافر على دابة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتم.

(مسألة 902): إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة، فإذا كان ابتداء سفره مباحا- و في الأثناء قصد المعصية- أتم حينئذ، و أما ما صلاه قصرا سابقا فلا تجب إعادته إذا كان قد قطع مسافة، و إلا فالأحوط- وجوبا- الإعادة في الوقت و خارجه، و إذا رجع إلى قصد الطاعة، فإن كان ما بقي مسافة- و لو ملفقة- و شرع في السير قصر، و إلا أتم صلاته، نعم إذا شرع في الاياب- و كان مسافة- قصر على ما يأتي.

[سفر المعصية]

(مسألة 903): إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح، فإن

كان الباقي مسافة- و لو ملفقة- قصر و إلا أتم.

(مسألة 904): الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان الرجوع مسافة و كان تائبا أو كان رجوعه مع الفصل بحيث لم يعدّ الرجوع عرفا جزءا من سفره الأول كما إذا لم يكن قاصدا لهذا الرجوع من الأول.

(مسألة 905): إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة و المعصية أتم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 246

صلاته، إلا إذا كانت المعصية تابعة غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر فإنه يقصر.

(مسألة 906): إذا سافر للصيد- لهوا- كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه، بل في إيابه أيضا إذا عدّ الرجوع جزءا من سفره الأول، أما إذا كان الصيد لقوته و قوت عياله قصر، و كذلك إذا كان للتجارة، على الأظهر، و لا فرق في ذلك بين صيد البر و البحر.

(مسألة 907): التابع للجائر، إذا كان مكرها، أو بقصد غرض صحيح، كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر، و إلا فإن كان على وجه يعد من أتباعه و أعوانه في جوره يتم، و إن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر.

(مسألة 908): إذا شك في كون السفر معصية أو لا، مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة فيقصر، إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة، أو كان هناك أصل موضوعي يحرز به الحرمة فلا يقصر.

(مسألة 909): إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثمّ عدل في الأثناء إلى الطاعة، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الافطار إذا كان الباقي مسافة و قد شرع فيه، و لا يفطر بمجرد العدول من دون الشروع في قطع الباقي مما هو مسافة، و إن كان العدول بعد الزوال، و كان في شهر

رمضان فالأحوط- وجوبا- أن يتمه، ثمّ يقضيه، و لو انعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء، و عدل إلى المعصية في الأثناء و كان العدول بعد المسافة فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال فالأحوط- وجوبا- أن يصوم ثمّ يقضيه و إن كان قبل المسافة فعليه أن يتم صومه و إن كان بعد الزوال ثمّ يقضيه على الأحوط، نعم لو كان ذلك بعد فعل المفطر وجب عليه الإتمام و القضاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 247

الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له، كالمكاري، و الملاح، و الساعي، و الراعي، و التاجر الذي يدور في تجارته، و غيرهم ممن عمله السفر إلى المسافة فما زاد، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم، و إن استعملوه لأنفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر، و كما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة، كذلك العامل الذي يدور في عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود، و البناء الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات و إصلاحها، و النقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى، و أمثالهم، من العمال الذين يدورون في البلاد و القرى و الرساتيق للاشتغال و الأعمال، مع صدق الدوران في حقهم، لكون مدة الاقامة للعمل قليلة، و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها إلى البلد، فإنهم يتمون الصلاة، و يلحق بمن عمله السفر أو يدور في عمله من كان عمله في مكان يسافر إليه في بعض أيامه سواء كانت متواصلة أو متفرقة بأن يسافر إليه في كل اسبوع يوما أو أكثر كمن كانت إقامته في مكان و تجارته أو

طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر على إشكال في مثل الدراسة فلا يترك الاحتياط، و الحاصل أن العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملا أو كون عمله في السفر و كان السفر مقدمة له.

[من كان عمله السفر]

(مسألة 910): إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصر إن اتفق له السفر إلى المسافة، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معينة كالمكاري من النجف إلى كربلاء، فاتفق له كري دوابه إلى غيرها فإنه يتم حينئذ.

(مسألة 911): لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات بل يكفي كون السفر عملا له و لو في المرة الأولى.

(مسألة 912): إذا سافر من عمله السفر سفرا ليس من عمله كما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 248

إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج وجب عليه القصر، و مثله ما إذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع إلى أهله فإنه يقصر في سفر الرجوع إذا لم يعدّ رجوعه من توابع عمله، و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع إلى أهله، نعم إذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة، فإنه يتم في رجوعه فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله، أو تابع لعمله.

(مسألة 913): إذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من السنة أو فصل معيّن منها، كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف جرى عليه الحكم، و أتم الصلاة، في سفره في المدة المذكورة، أما في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتفق له السفر.

(مسألة 914): الحملدارية الذين يسافرون إلى

مكة في أيام الحج في كل سنة، و يقيمون في بلادهم بقية أيام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم، فالأحوط لزوما لهم الجمع بين القصر و التمام، بل لا يبعد وجوب القصر عليهم، فيما إذا كان زمان سفرهم قليلا، كما هو الغالب في من يسافر جوا في عصرنا الحاضر.

(مسألة 915): الظاهر أنّ كون السفر عملا يتوقف على العزم على المزاولة له مرّة بعد أخرى، و المعيار أن يعدّ السفر المفروض عملا له و يكفي في ذلك أن يسافر يوما في الاسبوع كمن يسافر من النجف إلى بغداد لبيع الأجناس التجارية أو شرائها في الأسبوع مرّة و إذا كان يسافر في كلّ عشرة أيام يوما فالأحوط لزوما الجمع بين القصر و التمام.

(مسألة 916): إذا لم يتخذ السفر عملا و حرفة، و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة- مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 249

لعلاج مرض، أو لزيارة إمام، أو نحو ذلك، مما لا يكون فيه السفر عملا له، و لا مقدمة لعمله يجب فيه القصر.

(مسألة 917): إذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الأولى دون الثانية فضلا عن الثالثة، و كذا إذا أقام في غير بلده عشرة منوية، و أما غير المكاري ففي إلحاقه بالمكاري إشكال و إن كان الأظهر جواز اقتصاره على التمام.

السادس: أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معين من الأرض، بل يتبعون العشب و الماء أينما كانا و معهم بيوتهم، فإن هؤلاء يتمون صلاتهم و تكون بيوتهم بمنزلة الوطن، نعم إذا سافر أحدهم من

بيته لمقصد آخر كحج أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر، و كذا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب و الماء، أما إذا سافر لهذه الغاية و معه بيته أتم.

(مسألة 918): السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم و كذا إذا كان له وطن و خرج معرضا عنه و لم يتخذ وطنا آخر إذا لم يكن بانيا على اتخاذ الوطن، و إلا وجب عليه القصر.

[حد الترخص]

السابع: أن يصل إلى حد الترخيص، و هو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أهل البيوت، و علامة ذلك أنه لا يرى أهل بلده، أو المكان الذي يخفى فيه صوت الأذان بحيث لا يسمع، و يكفي أحدهما مع الجهل بحصول الآخر بل مع العلم بعدم الآخر أيضا و إن كان الأحوط فيه الجمع بين القصر و التمام، و لا يلحق محل الاقامة و المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوما مترددا بالوطن، فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر، و إن كان الأحوط فيهما- استحبابا- الجمع بين القصر و التمام فيما بين البلد و حدّ الترخّص.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 250

(مسألة 919): المدار في السماع على المتعارف من حيث أذن السامع، و الصوت المسموع و موانع السمع، و الخارج عن المتعارف يرجع إليه، و كذلك الحال في الرؤية.

(مسألة 920): كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد إلى حدّ الترخّص في ابتداء السفر، كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع إلى البلد، فإنه إذا تجاوز حدّ الترخص إلى البلد وجب عليه التمام.

(مسألة 921): إذا شك في الوصول إلى الحد بنى على عدمه، فيبقى على التمام في الذهاب، و على القصر في

الاياب.

(مسألة 922): يعتبر كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر إذا كان البلد كبيرا، كما أنه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلو.

(مسألة 923): إذا اعتقد الوصول إلى الحدّ فصلى قصرا، ثمّ بان أنه لم يصل بطلت و وجبت الاعادة قبل الوصول إليه تماما، و بعده قصرا فإن لم يعد وجب عليه القضاء، و كذا في العود إذا صلى تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة قبل الوصول إليه قصرا و بعده تماما فإن لم يعد مع انكشاف الخلاف في الوقت وجب القضاء.

الفصل الثاني [قواطع السفر]
اشارة

في قواطع السفر، و هي أمور:

[الوطن و المقر]

الأول: الوطن، و المراد به المكان الذي يتخذه الإنسان مقرا له على الدوام لو خلي و نفسه، بحيث إذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم يخرج، سواء أ كان مسقط رأسه أم استجدّه، و لا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك، و لا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 251

(مسألة 924): يجوز أن يكون للإنسان وطنان، بأن يكون له منزلان في مكانين كل واحد منهما على الوصف المتقدم، فيقيم في كل سنة بعضا منها في هذا، و بعضها الآخر في الآخر، و كذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين.

(مسألة 925): الأظهر أنه يكفي في ترتيب أحكام الوطن أن يقيم في بلد و نحوه بقصد التوطن فيه فإنه يصدق عند العارف بحاله أنه اتخذه وطنا.

(مسألة 926): ذهب المشهور إلى نحو آخر من الوطن يسمّى بالوطن الشرعي و يقصدون بذلك المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلا قد استوطنه ستة أشهر متصلة عن قصد و نية فيتم صلاته فيه إذا سافر إليه بعد إعراضه إلا أن يزول ملكه و لكن الأظهر عدم ثبوت الوطن الشرعي.

(مسألة 927): يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعا، كما في الزوجة و العبد و الأولاد.

(مسألة 928): إذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما اتخذه وطنا أصليا كان أو مستجدا، ففي بقاء الحكم إشكال، و الأظهر البقاء.

(مسألة 929): الظاهر أنه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبدا، فلو قصد الاقامة في مكان مدة طويلة و جعله مقرا له- كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف، أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين

الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم- لم يكن ذلك المكان وطنا له، نعم هو بحكم الوطن يتم الصلاة فيه، فإذا رجع إليه من سفر الزيارة- مثلا- أتم و إن لم يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منه إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 252

امتدادية أو تلفيقية، فلو كانت أقل وجب التمام، و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر.

تنبيه: قد يقال: إذا كان الإنسان وطنه النجف مثلا، و كان له محل عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلا، فإنه لا يصدق عليه عرفا- و هو في محله- أنه مسافر، فإذا خرج من النجف قاصدا محل العمل و بعد الظهر- مثلا- يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حدّ الترخص منه يقصر، و إذا رجع من بغداد إلى النجف و وصل إلى محل عمله أتم، و كذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عمل في بغداد و خرجوا منها إليه لعملهم ثمّ السفر إلى كربلاء مثلا، فإنهم يتمون فيه الصلاة ذهابا و إيابا، إذا مروا به. و لكن ما ذكر يختص بما إذا كان مقر العمل محلا لسكناه و إلا فلا أثر للمرور بمقرّ العمل إذا قصد المسافة من الأول، و كذا في الرجوع إذا رجع إلى مقر العمل لمجرد المرور به.

[الإقامة و أحكامها]

الثاني: العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه و إن لم يكن باختياره، و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الأولى و الأخيرة، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من

يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أول يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام، و الظاهر أن مبدأ اليوم طلوع الشمس، فإذا نوى الاقامة من طلوع الشمس فيكفي في وجوب التمام نيتها إلى غروب اليوم العاشر.

(مسألة 930): يشترط وحدة محل الاقامة، فإذا قصد الإقامة عشرة أيام في النجف الأشرف و مسجد الكوفة مثلا بقي على القصر، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه و مزارعه و مقبرته و مائه و نحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 253

لم يقدح في صدق الإقامة فيها، نعم يشكل الخروج إلى حد الترخص، فضلا عما زاد عليه إلى ما دون المسافة، كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة، فالأحوط الجمع- حينئذ- مع الإمكان، و إن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام و عدم منافاة الخروج المذكور للإقامة، إذا كان زمان الخروج قليلا.

(مسألة 931): إذا قصد الاقامة إلى ورود المسافرين، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك، وجب القصر و ان اتفق حصوله بعد عشرة أيام و إذا نوى الاقامة إلى يوم الجمعة الثانية- مثلا- و كان عشرة أيام كفى في صدق الإقامة و وجوب التمام، و كذا في كل مقام يكون فيه الزمان محدودا بحد معلوم، و إن لم يعلم أنه يبلغ عشرة أيام لتردد زمان النية بين سابق و لاحق، و أما إذا كان التردد لأجل الجهل بالآخر كما إذا نوى المسافر الاقامة من اليوم الواحد و العشرين إلى آخر

الشهر، و تردد الشهر بين الناقص و التام وجب فيه القصر، و إن انكشف كمال الشهر بعد ذلك.

(مسألة 932): تجوز الاقامة في البرية، و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة، إلا إذا كان زمان الخروج قليلا، كما تقدم.

(مسألة 933): إذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الاقامة، فإن كان قد صلى فريضة تماما بقي على الاتمام إلى أن يسافر، و إلا رجع إلى القصر، سواء لم يصل أصلا أم صلى مثل الصبح و المغرب، أو شرع في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة، و سواء أفعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل و الصوم، أو لم يفعل.

(مسألة 934): إذا صلى بعد نية الاقامة فريضة تماما نسيانا أو لشرف البقعة غافلا عن نيته كفى في البقاء على التمام، و لكن إذا فاتته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 254

الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها خارج الوقت تماما، ثمّ عدل عنها رجع إلى القصر.

(مسألة 935): إذا تمت مدة الاقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر، و إن لم يصل في مدة الاقامة فريضة تماما.

(مسألة 936): لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا، فلو نوى الاقامة و هو غير بالغ ثمّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام و قبل البلوغ أيضا يصلي تماما، و إذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكنا، أو نواها حال الافاقة ثمّ جنّ يصلي تماما بعد الافاقة في بقية العشرة، و كذا إذا كانت حائضا حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الطهر

من العشرة تماما، بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفرا.

(مسألة 937): إذا صلى تماما، ثمّ عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر، و إذا صلى الظهر قصرا ثمّ نوى الإقامة فصلى العصر تماما ثمّ تبين له بطلان إحدى الصلاتين فإنه يرجع إلى القصر، و يرتفع حكم الاقامة، و إذا صلى بنية التمام، و بعد السلام شك في أنك سلم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة، و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام، إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب، و قبل فعل المستحب منه، أو قبل الاتيان بسجود السهو، و لا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسية.

(مسألة 938): إذا استقرت الاقامة و لو بالصلاة تماما، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة، فإن كان ناويا للإقامة في المقصد، أو في محل الاقامة، أو في غيرهما بقي على التمام، حتى يسافر من محل الاقامة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 255

الثانية، و إن كان ناويا الرجوع إلى محل الاقامة و السفر منه قبل العشرة أتم في الذهاب و المقصد، و أما في الاياب و محل الاقامة فالأحوط وجوبا الجمع بين القصر و التمام فيهما إن كان جازما بعدم بقائه في محل الاقامة عشرة أيام و إلا تعين عليه التمام إلى أن يسافر من محل الاقامة.

(مسألة 939): إذا دخل في الصلاة بنية القصر، فنوى الاقامة في الأثناء أكملها تماما، و إذا نوى الاقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصرا، و

إن كان بعده بطلت.

(مسألة 940): إذا عدل عن نية الاقامة، و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما ليبقى على التمام أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر.

(مسألة 941): إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، و عدل عند الزوال قبل أن يصلي تماما فالأحوط البقاء على صومه ثمّ القضاء و إن كان لا يبعد عدم وجوب القضاء، و أما الصلاة فيجب فيها القصر، كما سبق.

[الإقامة ثلاثين يوما مترددا]

الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما من دون عزم على الإقامة عشرة أيام، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقل أم بقي مترددا فإنه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين، و بعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفرا جديدا.

(مسألة 942): المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر، و إن بلغت المدة ثلاثين يوما.

(مسألة 943): إذا خرج المقيم المتردد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج إليه، فيجري فيه ما ذكرناه فيه.

(مسألة 944): إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما، ثمّ انتقل إلى مكان آخر، و أقام فيه- مترددا- تسعة و عشرين، و هكذا بقي على القصر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 256

في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوما مترددا.

(مسألة 945): يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا، كما تقدم في الإقامة.

(مسألة 946): و الأظهر كفاية الشهر الهلالي في غير مورد التلفيق إذا كان ناقصا عن ثلاثين يوما و مع التلفيق يعتبر إكمال الثلاثين يوما.

الفصل الثالث في أحكام المسافر:
اشارة

(مسألة 947): تسقط النوافل النهارية في السفر، و في سقوط الوتيرة إشكال، و لا بأس بالاتيان بها برجاء المطلوبية، و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منهما فيما عدا الأماكن الأربعة، كما سيأتي، و إذا صلاها تماما، فإن كان عالما بالحكم بطلت، و وجبت الاعادة أو القضاء، و إن كان جاهلا بالحكم من أصله- بأن لم يعلم وجوب القصر على المسافر- لم تجب الاعادة، فضلا عن القضاء، و إن كان عالما بأصل الحكم، و جاهلا ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر، مثل انقطاع عملية السفر بإقامة عشرة في البلد، و مثل

أن العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة و نحو ذلك، أو كان جاهلا بالموضوع، بأن لا يعلم أن ما قصده مسافة- مثلا- فأتم فتبين له أنه مسافة، أو كان ناسيا للسفر أو ناسيا أن حكم المسافر القصر فأتم، فإن علم أو تذكر في الوقت أعاد، و إن علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه.

(مسألة 948): الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 257

و يصح مع الجهل، سواء أ كان لجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيات أم كان بالموضوع.

(مسألة 949): إذا قصّر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد، إلا في المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلا بأن حكمه التمام، فإن الأظهر فيه الصحة.

(مسألة 950): إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماما و لم يصلّ، ثمّ سافر حتى تجاوز حد الترخص و الوقت باق، صلى قصرا و إذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكن من الصلاة قصرا و لم يصل حتى وصل إلى وطنه، أو محل إقامته صلى تماما، فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب.

(مسألة 951): إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماما و لو في السفر، و إذا فاتته في السفر قضى قصرا و لو في الحضر، و إذا كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت، فيقضي في الأول قصرا، و في العكس تماما.

[أماكن التخيير]

(مسألة 952): يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة، و هي المسجد الحرام، و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله، و

مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السّلام، و التمام أفضل، و القصر أحوط، و الظاهر إلحاق تمام بلدتي مكة و المدينة القديمتين، بالمسجدين دون الكوفة و كربلاء، و في تحديد الحرم الشريف إشكال، و الظاهر جواز الاتمام في تمام الروضة المقدسة دون الرواق و الصحن.

(مسألة 953): لا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها، كبيت الطشت في مسجد الكوفة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 258

(مسألة 954): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور، فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.

(مسألة 955): التخيير المذكور استمراري، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الاتمام، و بالعكس.

(مسألة 956): لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة.

(مسألة 957): يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر».

(مسألة 958): يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء.

خاتمة في بعض الصلوات المستحبة:

[صلاة العيدين]

(منها): صلاة العيدين، و هي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط، و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادى، و لا يعتبر فيها العدد و لا تباعد الجماعتين، و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة، و كيفيتها:

ركعتان يقرأ في كل منهما الحمد و سورة، و الأفضل أن يقرأ في الأولى «و الشمس» و في الثانية «الغاشية» أو في الأولى «الأعلى» و في الثانية «و الشمس» ثمّ يكبّر في الأولى خمس تكبيرات، و يقنت عقيب كل تكبيرة، و في الثانية بكبر بعد القراءة أربعا، و يقنت بعد كل واحدة على الأحوط في التكبيرات و القنوتات، و يجزي في القنوت

ما يجزي في قنوت سائر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 259

الصلوات، و الأفضل أن يدعو بالمأثور، فيقول في كل واحد منها: «اللهم أهل الكبرياء و العظمة، و أهل الجود و الجبروت، و أهل العفو و الرحمة، و أهل التقوى و المغفرة، أسألك بحقّ هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم ذخرا و مزيدا، أن تصلّي على محمد و آل محمد، كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، و صلّ على ملائكتك و رسلك، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، اللهم إنّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون، و أعوذ بك من شرّ ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون»، و يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة، و لا يجب الحضور عندهما، و لا الاصغاء و يجوز تركهما في زمان الغيبة و إن كان الصلاة جماعة.

(مسألة 959): لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة.

(مسألة 960): إذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال، و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها، و لزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت، و الأولى سجود السهو عند تحقق موجبه.

(مسألة 961): إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتى به، و إن كان بعد تجاوز المحل مضى.

(مسألة 962): ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة، بل يستحب أن يقول المؤذن: الصلاة- ثلاثا-.

(مسألة 963): وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، و الأظهر سقوط قضائها لو فاتت، نعم إن ثبت بعد الزوال أن اليوم يوم عيد الفطر تؤخّر الصلاة إلى الغد قبل الزوال، و يستحب الغسل قبلها، و الجهر

فيها بالقراءة، إماما كان أو منفردا، و رفع اليدين حال التكبيرات، و السجود على الأرض و الاصحار بها إلا في مكة المعظمة فإن الاتيان بها في المسجد الحرام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 260

أفضل و أن يخرج إليها راجلا حافيا لابسا عمامة بيضاء مشمرا ثوبه إلى ساقه و أن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر، و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به إن كان.

[صلاة ليلة الدفن]

و (منها): صلاة ليلة الدفن، و تسمى صلاة الوحشة، و هي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي و الأحوط قراءتها إلى: «هم فيها خالدون» و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، و بعد السلام يقول: «اللهم صلّ على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان» و يسمي الميت، و في رواية بعد الحمد في الأولى التوحيد مرتين، و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشرا، ثمّ الدعاء المذكور، و الجمع بين الكيفيتين أولى و أفضل.

(مسألة 964): لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إن كان الأولى ترك الاستئجار و دفع المال إلى المصلي، على نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه، إلا إذا صلى.

(مسألة 965): إذا صلى و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف فهي لا تجزي عن صلاة ليلة الدفن و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصليا إذا لم تكن الصلاة تامة.

(مسألة 966): وقتها الليلة الأولى من الدفن فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن، و يجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل، و إن كان التعجيل أولى.

(مسألة 967): إذا أخذ المال

ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه، فإن لم يعرفه و لم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك، و إذا علم من القرائن أنه لو استأذن المالك لأذن له في التصرف في المال لم يكف ذلك في جواز التصرف فيه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 261

بمثل البيع و الهبة و نحوهما، و إن جاز بمثل أداء الدين و الأكل و الشرب و نحوهما.

[صلاة أول الشهر]

و (منها): صلاة أول يوم من كل شهر، و هي: ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة، و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة ثمّ يتصدق بما تيسر، يشتري بذلك سلامة الشهر، و يستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا، وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهٰا وَ مُسْتَوْدَعَهٰا كُلٌّ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلٰا كٰاشِفَ لَهُ إِلّٰا هُوَ، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ سَيَجْعَلُ اللّٰهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً، مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لٰا قُوَّةَ إِلّٰا بِاللّٰهِ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ، وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ، لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ، رَبِّ إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، رَبِّ لٰا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوٰارِثِينَ.

(مسألة 968): يجوز إتيان هذه الصلاة في تمام النهار.

[صلاة الغفيلة]

و (منها): صلاة الغفيلة، و هي: ركعتان بين المغرب و العشاء، يقرأ في الأولى بعد الحمد وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ، سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ، وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ و في الثانية بعد الحمد: وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ، وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا، وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ ثمّ يرفع يديه و يقول: «اللهم إني

أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و يذكر حاجته، ثمّ يقول: «اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما (و في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 262

نسخة إلا) قضيتها لي» ثمّ يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء اللّه تعالى، و قد ورد أنها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة.

(مسألة 969): قيل بجواز الاتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة فيكون ذلك من تداخل المستحبين و لكن لا يخلو عن إشكال، نعم يجوز الاتيان بركعتين بنية الأعم من النافلة و الغفيلة بمعنى أن تكونا من نافلة المغرب إن لم تثبت الغفيلة.

و (منها): الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة، و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور، و الأولى الاتيان بها على هذا الترتيب: الفلق- أولا- ثمّ الناس، ثمّ التوحيد، ثمّ الكافرون، ثمّ النصر، ثمّ الأعلى، ثمّ القدر.

و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلبا للاختصار و الحمد للّه ربّنا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 263

كتاب الصوم

اشارة

و فيه فصول

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 265

الفصل الأول في النية

(مسألة 970): يشترط في صحة الصوم النية على وجه القربة، لا بمعنى وقوعه عن النية كغيره من العبادات الفعلية، بل يكفي وقوعه للعجز عن المفطرات، أو لوجود الصارف النفساني عنها، إذا كان عازما على تركها لو لا ذلك، فلو نوى الصوم ليلا ثمّ غلبه النوم قبل الفجر أو نام اختيارا حتى دخل الليل صح صومه، و يكفي ذلك في سائر التروك العبادية أيضا و لا يلحق بالنوم السكر و الاغماء على الأحوط وجوبا.

(مسألة 971): لا يجب قصد الوجوب و الندب، و لا الأداء و القضاء و لا غير ذلك من صفات الأمر و المأمور به، بل يكفي القصد إلى المأمور به عن أمره، كما تقدم في كتاب الصلاة.

(مسألة 972): يكفي في القضاء عن غيره قصد امتثال الأمر المتوجه إليه بإتيان ما على عهدة الغير نظير أداء دين الغير كما أن فعله عن نفسه يتوقف على امتثال الأمر المتوجه إليه بالصوم عن نفسه، و يكفي في المقامين القصد الاجمالي.

(مسألة 973): لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فإذا قصد الصوم عن المفطرات- إجمالا- كفى.

(مسألة 974): لا يقع في شهر رمضان صوم غيره- على إشكال- فإن نوى غيره بطل، إلا أن يكون جاهلا به أو ناسيا له، فيجزي عن رمضان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 266

- حينئذ- لا عن ما نواه.

(مسألة 975): يكفي في صحة صوم رمضان القصد إليه و لو إجمالا فإذا نوى الصوم المشروع في غد و كان من رمضان أجزأ عنه، أما إذا قصد صوم غد دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز، و كذا الحكم في سائر أنواع الصوم من النذر أو الكفارة أو

القضاء، فما لم يقصد المعين لا يصح، نعم إذا قصد ما في ذمته و كان واحدا أجزأ عنه، و يكفي في صحة الصوم المندوب المطلق نية صوم غد قربة إلى اللّه تعالى إذا لم يكن عليه صوم واجب، و لو كان غد من أيام البيض مثلا، فإن قصد الطبيعة الخاصة صح المندوب الخاص و إلا صح مندوبا مطلقا.

(مسألة 976): وقت النية في الواجب المعين- و لو بالعارض- إلى طلوع الفجر الصادق بحيث يحدث الصوم مقارنا له و في الواجب غير المعين يمتد وقتها إلى الزوال و إن تضيق وقته، فإذا أصبح ناويا للافطار و بدا له قبل الزوال أن يصوم واجبا فنوى الصوم أجزأه، و إن كان ذلك بعد الزوال لم يجز، و في المندوب يمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يمكن فيه تجديد النية.

(مسألة 977): يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر و الظاهر كفاية ذلك في غيره أيضا كصوم الكفارة و نحوها.

(مسألة 978): إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع، أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطرا ففي الاجتزاء بتجديد نيته إذا تذكر أو علم قبل الزوال إشكال، و الاحتياط بتجديد النية و القضاء لا يترك.

(مسألة 979): إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذرا أجزأ عن شهر رمضان إن كان، و إذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية، و إن صامه بنية رمضان بطل، و أما إن صامه بنية الأمر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 267

الواقعي المتوجه إليه- إمّا الوجوبي أو الندبي- فالظاهر الصحة و إن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندبا، و

إن كان من رمضان كان وجوبا فالظاهر البطلان، و إذا أصبح فيه ناويا للافطار فتبين أنه من رمضان قبل تناول المفطر فإن كان قبل الزوال فالأحوط تجديد النية ثمّ القضاء، و إن كان بعده أمسك وجوبا و عليه قضاؤه.

(مسألة 980): تجب استدامة النية إلى آخر النهار، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل، و كذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته، و إذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة، هذا في الواجب المعين، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شي ء من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال.

(مسألة 981): لا يصح العدول من صوم إلى صوم إذا فات وقت نية المعدول إليه و إلا صحّ، على إشكال إلا إذا كان المنوي أولا محكوما بالبطلان كما إذا قصد التطوع من عليه قضاء شهر رمضان فعدل إلى نية القضاء قبل الزوال فيصح قضاء.

الفصل الثاني المفطرات

اشارة

و هي أمور:

(الأول، و الثاني): الأكل و الشرب مطلقا، و لو كانا قليلين، أو غير معتادين.

(الثالث): الجماع قبلا أو دبرا، فاعلا أو مفعولا، حيا و ميتا، حتى البهيمة على الأحوط وجوبا، و لو قصد الجماع و شك في الدخول أو بلوغ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 268

مقدار الحشفة بطل صومه، و لكن لم تجب الكفارة عليه. و لا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ- مثلا- فدخل في أحد الفرجين من غير قصد.

(الرابع): الكذب على اللّه تعالى، أو على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو على الأئمة عليهم السّلام، بل الأحوط إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام بهم، من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي، و إذا قصد

الصدق فكان كذبا فلا بأس، و إن قصد الكذب فكان صدقا كان من قصد المفطر، و قد تقدم البطلان به مع العلم بمفطريته.

(مسألة 982): إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجها له إلى من لا يفهم ففي بطلان صومه إشكال، و الاحتياط لا يترك.

(الخامس): رمس تمام الرأس في الماء، من دون فرق بين الدفعة و التدريج، و لا يقدح رمس أجزائه على التعاقب و إن استغرقه، و كذا إذا ارتمس و قد أدخل رأسه في زجاجة و نحوها كما يصنعه الغواصون.

(مسألة 983): في إلحاق المضاف بالماء إشكال، و الأظهر عدم الالحاق.

(مسألة 984): إذا ارتمس الصائم عمدا ناويا للاغتسال فإن كان ناسيا لصومه صح صومه و غسله، و أما إذا كان ذاكرا فإن كان في شهر رمضان بطل غسله و صومه و كذلك الحكم في قضاء شهر رمضان بعد الزوال على الأحوط، و أما في الواجب المعين غير شهر رمضان فيبطل صومه بنية الارتماس و الظاهر صحة غسله إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه، و أما في غير ذلك من الصوم الواجب أو المستحب فلا ينبغي الإشكال في صحة غسله و إن بطل صومه.

(السادس): إيصال الغبار الغليظ منه و غير الغليظ إلى جوفه عمدا على الأحوط، نعم ما يتعسر التحرز عنه فلا بأس به، و الأحوط إلحاق الدخان بالغبار.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 269

(السابع): تعمد البقاء على الجناية حتى يطلع الفجر، و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه، أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك.

(مسألة 985): الأقوى عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان و غيره من الصوم الواجب المعين، إلا قضاء رمضان، فإنه

إن علم بجنابته في الليل فلا يصح منه صوم قضاء رمضان و إن تضيّق وقته و إن علم بها بعد طلوع الفجر فيصح حتى مع سعة الوقت.

(مسألة 986): لا يبطل الصوم- واجبا أو مندوبا، معينا أو غيره- بالاحتلام في أثناء النهار، كما لا يبطل البقاء على حدث مس الميت- عمدا- حتى يطلع الفجر.

(مسألة 987): إذا أجنب- عمدا ليلا- في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتا إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم و الصوم، و الأحوط، استحبابا قضاؤه و إن ترك التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة.

(مسألة 988): إذا نسي غسل الجنابة- ليلا- حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه، و عليه القضاء، دون غيره من الواجب المعين و غيره، و إن كان أحوط استحبابا، و الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة، و إن كان الالحاق أحوط استحبابا.

(مسألة 989): إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر، فإن تركه بطل صومه، و إن تيمم وجب عليه أن يبقى مستيقظا إلى أن يطلع الفجر، على الأحوط.

(مسألة 990): إذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب، فبان الخلاف فلا شي ء عليه مع مراعاة نظره إلى الفجر، أما بدونها فالأحوط القضاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 270

(مسألة 991): حدث الحيض و النفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان دون غيره، و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها.

(مسألة 992): المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة

الصبح، و كذا للظهرين و لليلة الماضية، على الأحوط، فإذا تركت أحدها بطل صومها، و لا يجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي لصلاة الصبح إلا مع وصلها به، و إذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجتزئ به للصبح، و لو مع عدم الفصل المعتد به، على الأحوط.

(مسألة 993): إذا أجنب في شهر رمضان- ليلا- و نام حتى أصبح فإن نام ناويا لترك الغسل، أو مترددا فيه لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة، و إن نام ناويا للغسل، فإن كان في النومة الأولى صح صومه و إن كان في النومة الثانية- بأن نام بعد العلم بالجنابة ثمّ أفاق و نام ثانيا حتى أصبح- وجب عليه القضاء، دون الكفارة، على الأقوى، و إذا كان بعد النومة الثالثة، فالأحوط- استحبابا- الكفارة أيضا و كذلك في النومين الأولين إذا لم يكن معتاد الانتباه. و إذا نام عن ذهول و غفلة فالأظهر وجوب القضاء مطلقا و الأحوط الأولى الكفارة أيضا في الثالث.

(مسألة 994): يجوز لناوي الغسل النوم الأول و الثاني مع احتمال الاستيقاظ و كونه معتاد الانتباه، و الأحوط- استحبابا- تركه إذا لم يكن معتاد الانتباه، و أما النوم الثالث فالأولى تركه مطلقا.

(مسألة 995): إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه، و يجوز له الاستبراء بالبول و إن علم ببقاء شي ء من المني في المجرى، و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط تأخيره إلى ما بعد المغرب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 271

(مسألة 996): لا يعدّ النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الأول بل إذا أفاق ثمّ نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الأول.

(مسألة 997): الظاهر إلحاق النوم الرابع و

الخامس بالثالث.

(مسألة 998): الأقوى عدم إلحاق الحائض و النفساء بالجنب، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و إن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث.

(الثامن): إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله، و أما إذا كان واثقا بالعدم فنزل اتفاقا، أو سبقه المني بلا فعل شي ء لم يبطل صومه.

(التاسع): الاحتقان بالمائع، و لا بأس بالجامد، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلا أو شربا، كما إذا صب دواء في جرحه أو اذنه أو في احليله أو عينه فوصل إلى جوفه و كذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه و غير ذلك، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى المعدة من غير طريق الحلق، فلا يبعد صدق الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف، و أما إذا وصل إلى غير المعدة من الجوف ففيه إشكال و الأحوط وجوبا الترك كما في المصل المغذي المتعارف في زماننا، و أما إدخال الدواء بالإبرة في اليد أو الفخذ أو نحوهما من الأعضاء فلا بأس به، و كذا تقطير الدواء في العين أو الاذن.

(مسألة 999): لا يجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم، على الأحوط، أما إذا لم يصل إلى فضاء الفم فلا بأس بهما.

(مسألة 1000): لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 272

كثيرا و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلا.

(العاشر): تعمد القي ء و إن كان لضرورة من علاج مرض

و نحوه، و لا بأس بما كان بلا اختيار.

(مسألة 1001): إذا خرج بالتجشؤ شي ء ثمّ نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا، و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه- اختيارا- بطل صومه و عليه الكفارة، على الأحوط.

(مسألة 1002): إذا ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار بطل صومه إذا أراد القي ء نهارا، و إلا فلا يبطل صومه على الأظهر من غير فرق في ذلك بين الواجب المعين و غير المعين، كما أنه لا فرق بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه بالقي ء و عدم الانحصار به.

(مسألة 1003): ليس من المفطرات مص الخاتم، و مضغ الطعام للصبي، و ذوق المرق و نحوها مما لا يتعدّى الحلق، أو تعدّى من غير قصد، أو نسيانا للصوم، أما ما يتعدى- عمدا- فمبطل و إن قلّ، و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار- على ما قيل- و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له طعما في ريقه، ما لم يكن لتفتت أجزائه، و لا بمصّ لسان الزوج و الزوجة، و الأحوط الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة.

[ما يكره للصائم]

(مسألة 1004): يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها إذا كان واثقا من نفسه بعدم الإنزال، و إن قصد الإنزال كان من قصد المفطر، و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك، و كذا دخول الحمام إذا خشي الضعف، و إخراج الدم المضعف، و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، و شم كل نبت طيب الريح، و بلّ الثوب على الجسد، و جلوس المرأة في الماء، و الحقنة بالجامد، و قلع الضرس بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)،

ج 1، ص: 273

مطلق إدماء الفم، و السواك بالعود الطلب، و المضمضة عبثا، و إنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة عليهم السّلام و مدائحهم. و في الخبر: «إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا، و لا تحاسدوا و لا تغتابوا، و لا تماروا، و لا تكذبوا، و لا تباشروا تكاشروا، و لا تخالفوا، و لا تغصبوا، و لا تسابوا، و لا تشاتموا، و لا تنابزوا، و لا تجادلوا، و لا تباذوا، و لا تظلموا، و لا تسافهوا، و لا تزاجروا، و لا تغفلوا عن ذكر اللّه تعالى» الحديث طويل.

تتميم:

المفطرات المذكورة إنّما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد، و لا فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به، و الظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر و المقصر، بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتى مع الاعتقاد بأنه حلال و ليس بمفطر، نعم إذا وقعت على غير وجه العمد كما إذا اعتقد أن المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين أنه ماء، أو أخبر عن اللّه ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه لم يبطل صومه. و كذلك لا يبطل الصوم إذا كان ناسيا للصوم فاستعمل المفطر، أو دخل في جوفه شي ء قهرا بدون اختياره.

(مسألة 1005): إذا أفطر مكرها بطل صومه، و كذا إذا كان لتقية سواء كانت التقية في ترك الصوم، كما إذا أفطر في عيدهم تقية، أم كانت في أداء الصوم، كالافطار قبل الغروب، و الارتماس في نهار الصوم فإنه يجب الافطار- حينئذ- و لكن يجب القضاء.

(مسألة 1006): إذا غلب على الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه، أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة، و يفسد بذلك صومه،

و يجب عليه الامساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الأظهر، و أما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 274

الفصل الثالث كفارة الصوم

اشارة

تجب الكفارة بتعمد شي ء من المفطرات إذا كان الصوم مما تجب فيه الكفارة كشهر رمضان و قضائه بعد الزوال، و الصوم المنذور المعين و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا. و أما إذا كان جاهلا به فلا تجب الكفارة، حتى إذا كان مقصرا و لم يكن معذورا لجهله، نعم إذا كان عالما بحرمة ما يرتكبه، كالكذب على اللّه سبحانه وجبت الكفارة أيضا، و إن كان جاهلا بمفطريته.

(مسألة 1007): كفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة، و صوم شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مدّ و هو يساوي ثلاثة أربعا الكيلو تقريبا، و كفارة إفطار قضاء شهر رمضان- بعد الزوال- إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مدّ، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام، و كفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين، و هي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، لكل واحد مد، أو كسوة عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

(مسألة 1008): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين، لا في يوم واحد إلا في الجماع و الاستمناء، فإنها تتكرر بتكررهما على الأحوط و من عجز عن الخصال الثلاث فالأحوط أن يتصدق بما يطيق و يضمّ إليه الاستغفار و يلزم التكفير عند التمكن، على الأحوط وجوبا.

(مسألة 1009): يجب في الافطار على الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المقدمة، على الأحوط.

(مسألة 1010): إذا أكره زوجته على الجماع في صوم شهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 275

رمضان فالأحوط

أن عليه كفارتين و تعزيرتين، خمسين سوطا، فيتحمل عنها الكفارة و التعزير، و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة، و لا تلحق بها الأمة، كما لا تلحق بالزوج الزوجة إذا أكرهت زوجها على ذلك.

(مسألة 1011): إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم، و تردد بين ما يوجب القضاء فقط، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه، و إذا علم أنه أفطر أياما و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم و إذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه إحدى الخصال، و إذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة، و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكينا.

(مسألة 1012): إذا أفطر عمدا ثمّ سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة.

(مسألة 1013): إذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة، و إن كان آثما بذلك، و لا تجب الكفارة عليها.

(مسألة 1014): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره، و في جوازه عن الحي إشكال. نعم لا يبعد الجواز في غير الصوم إذا كان التبرع باستدعاء من عليه الكفارة أو اذنه.

(مسألة 1015): وجوب الكفارة موسع، و لكن لا يجوز التأخير إلى حد يعد توانيا و تسامحا في أداء الواجب.

(مسألة 1016): مصرف كفارة الاطعام الفقراء إمّا بإشباعهم، و إما بالتسليم إليهم، كل واحد مدّ، و الأحوط مدان، و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمى طعاما، نعم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 276

الأحوط في

كفارة اليمين الاقتصار على الحنطة و دقيقها و خبزها.

(مسألة 1017): لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر، أو إعطاؤه مدين أو أكثر، بل لا بد من ستين نفسا.

(مسألة 1018): إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان وليا عليهم، أو وكيلا عنهم في القبض، فإذا قبض شيئا من ذلك كان ملكا لهم، و لا يجوز التصرف فيه إلا باذنهم إذا كانوا كبارا، و إن كانوا صغارا صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.

(مسألة 1019): زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلا لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة، و لا يجوز إعطاؤها من الكفارة إلا إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه.

(مسألة 1020): تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين، و لا تتوقف البراءة على أكله الطعام، فيجوز له بيعه عليه و على غيره.

(مسألة 1021): تجزي حقة النجف- التي هي ثلاث حقق إسلامبول و ثلث- عن ستة أمداد.

(مسألة 1022): في التكفير بنحو التمليك يعطى الصغير و الكبير سواء، كل واحد مد.

[موارد القضاء دون الكفارة]

(مسألة 1023): يجب القضاء دون الكفارة في موارد:

(الأول): نوم الجنب حتى يصبح على تفصيل قد مر.

(الثاني): إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر.

(الثالث): إذا نسي غسل الجنابة يوما أو أكثر.

(الرابع): من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة و لا حجة على طلوعه، أما إذا قامت حجة على طلوعه وجب القضاء و الكفارة و إذا كان مع المراعاة بأن ينظر إلى الافق و لم ير الفجر فلا قضاء سواء اعتقد بقاء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 277

الليل أم شك فيه، و أما المراعاة بغير النظر فلا أثر لها فيجب القضاء مع انكشاف أن التناول

قد وقع بعد الطلوع. هذا إذا كان صوم رمضان، و أما غيره من الواجب المعين أو غير المعين أو المندوب فالأقوى فيه البطلان مطلقا.

(الخامس): الافطار قبل دخول الليل، لظلمة ظن منها دخوله و لم يكن في السماء غيم، بل الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب الكفارة، نعم إذا كان غيم فلا قضاء و لا كفارة، و أما العلة التي تكون في السماء غير الغيم ففي إلحاقها بالغيم في ذلك إشكال، و الأحوط وجوبا عدمه.

(مسألة 1024): إذا شك في دخول الليل لم يجز له الافطار، و إذا أفطر أثم و كان عليه القضاء و الكفارة، إلا أن يتبين أنه كان بعد دخول الليل، و كذا الحكم إذا قامت حجة على عدم دخوله فأفطر، أما إذا قامت حجة على دخوله أو قطع بدخوله أو اطمأن به فأفطر فلا إثم و لا كفارة، نعم يجب عليه القضاء إذا تبين عدم دخوله، و إذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ظاهرا، و إذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه.

(السادس): إدخال الماء إلى الفم بمضمضة و غيرها، فيسبق و يدخل الجوف، فإنه يوجب القضاء دون الكفارة و إن نسي فابتلعه فلا قضاء، و كذا إذا كان في مضمضة وضوء الفريضة، و التعدي إلى النافلة مشكل.

(مسألة 1025): الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره.

(السابع): سبق المني بالملاعبة و نحوها، إذا لم يكن قاصدا، و لا من عادته، فإنه يجب فيه القضاء دون الكفارة، هذا إذا كان يحتمل ذلك احتمالا معتدا به، و أما إذا كان واثقا من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقا، فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 278

الفصل الرابع شرائط صحة الصوم

اشارة

و هي أمور:

الإيمان،

و العقل، و الخلو من الحيض و النفاس، فلا يصح من غير المؤمن و لا من المجنون و لا من الحائض و النفساء، فإذا أسلم أو عقل أثناء النهار لم يجب عليه الامساك بقية النهار، و كذا إذا طهرت الحائض و النفساء، نعم إذا استبصر المخالف أثناء النهار- و لو بعد الزوال- أتم صومه و أجزأه و إذا حدث الكفر أو الخلاف أو الجنون أو الحيض أو النفاس- قبل الغروب- بطل الصوم.

و منها: عدم الاصباح جنبا، أو على حدث الحيض أو النفاس كما تقدم.

و منها: أن لا يكون مسافرا يوجب قصر الصلاة، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلا في ثلاثة مواضع:

(أحدها): الثلاثة أياما، و هي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.

(ثانيها): صوم الثمانية عشر يوما، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.

(ثالثها): الصوم المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه و من الحضر.

(مسألة 1026): الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة و الأحوط أن يكون ذلك في الأربعاء و الخميس و الجمعة، و لا بأس بذلك في غيرها بقصد الرجاء.

(مسألة 1027): يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 279

الموضوع، و إن علم في الأثناء بطل، و لا يصح من الناسي.

[مواضع جواز الصوم للمسافر]

(مسألة 1028): يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام، كناوي الاقامة و المسافر سفر معصية و نحوهما.

(مسألة 1029): لا يصح الصوم من المريض، و منه الأرمد، إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته، أو طول برئه، أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به، و لا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال

الموجب لصدق الخوف، و كذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض، فضلا عما إذا علم ذلك، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه.

(مسألة 1030): لا يكفي الضعف في جواز الافطار، و لو كان مفرطا إلا أن يكون حرجا فيجوز الافطار، و يجب القضاء بعد ذلك، و كذا إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش، مع عدم التمكن من غيره، أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش و الأحوط فيهم الاقتصار في الأكل و الشرب على مقدار الضرورة و الامساك عن الزائد.

(مسألة 1031): إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه إشكال و إن لم يكن الضرر بحد الحرام و إذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل، إلا إذا كان قد تمشى منه قصد القربة، فإنه لا يبعد الحكم بالصحة، إذا بان عدم الضرر بعد ذلك.

(مسألة 1032): قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الافطار، و كذلك إذا كان حاذقا و ثقة إذا لم يكن المكلف مطمئنا بخطئه، و لا يجوز الافطار بقوله في غير هاتين الصورتين و إذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم و كان المكلف خائفا لم يجب عليه الصوم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 280

(مسألة 1033): إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر و جدّد النية لم يصح صومه، و إن لم يكن عاصيا بإمساكه، و الأحوط- استحبابا- أن يمسك بقية النهار.

(مسألة 1034): يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات.

(مسألة 1035): لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان أو غيره، و إذا نسي أن عليه

صوما واجبا فصام تطوعا فذكر بعد الفراغ صح صومه، و الظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب استيجاري، كما أنه يجوز إيجار نفسه للصوم عن غيره، إذا كان عليه صوم واجب.

(مسألة 1036): يشترط في وجوب الصوم البلوغ و العقل و الحضر و عدم الاغماء و عدم المرض و الخلو من الحيض و النفاس.

(مسألة 1037): لو صام الصبي تطوعا و بلغ في الأثناء- و لو بعد الزوال- لم بجب عليه الاتمام، و الأحوط استحبابا الإتمام.

(مسألة 1038): إذا سافر قبل الزوال، و كان ناويا للسفر من الليل وجب عليه الافطار، و إلا فالأحوط الاتمام و القضاء و إن كان لا يبعد عدم الحاجة إلى القضاء، و إن كان السفر بعده وجب إتمام الصيام، و إذا كان مسافرا فدخل بلده أو بلدا نوى فيه الاقامة، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصيام، و إن كان بعد الزوال، أو تناول المفطر في السفر بقي على الافطار، نعم يستحب له الامساك إلى الغروب.

(مسألة 1039): الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده، و كذا في الرجوع منه هو البلد لأحد الترخص، نعم لا يجوز الافطار للمسافر إلا بعد الوصول إلى حد الترخص فلو أفطر- قبله- عالما بالحكم وجبت الكفارة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 281

(مسألة 1040): يجوز السفر في شهر رمضان- اختيارا- و لو للفرار من الصوم، و لكنه مكروه، إلا في حج أو عمرة، أو غزو في سبيل اللّه، أو مال يخاف تلفه، أو إنسان يخاف هلاكه، أو يكون بعد مضي ثلاث و عشرين ليلة، و إذا كان على المكلف صوم واجب معين جاز له السفر و إن فات الواجب، و إن

كان في السفر لم تجب عليه الاقامة لأدائه.

(مسألة 1041): يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع في النهار على كراهة في الجميع، و الأحوط- استحبابا- الترك و لا سيما في الجماع.

الفصل الخامس ترخيص الإفطار

وردت الرخص في إفطار شهر رمضان لأشخاص: منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش، إذا تعذر عليهم الصوم، و كذلك إذا كان حرجا و مشقة و لكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمدّ من الطعام، و الأفضل كونها من الحنطة، بل كونها مدين، بل هو أحوط استحبابا، و الظاهر عدم وجوب القضاء على الشيخ و الشيخة، إذا تمكنا من القضاء، و الأحوط- وجوبا- لذي العطاش القضاء مع التمكن، و منهم الحامل المقرب التي يضر بها الصوم أو يضر حملها، و المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بها الصوم أو أضرّ بالولد، و عليهما القضاء بعد ذلك. كما أن عليهما الفدية- أيضا- فيما إذا كان الضرر على الحمل أو الولد، و لا يجزي الاشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها. ثمّ أن الترخيص في هذه الموارد ليس بمعنى تخيير المكلف بين الصيام و الافطار، بل بمعنى عدم وجوب الصيام فيها و إن كان اللازم عليهم الافطار، هذا في غير الشيخ و الشيخة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 282

و أمّا فيهما فالأظهر صحّة صومهما مع عدم الضرر.

(مسألة 1042): لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها، و أن يكون لغيرها، و الأقوى الاقتصار على صورة عدم التمكن من إرضاع غيرها للولد.

الفصل السادس ثبوت الهلال

يثبت الهلال بالعلم الحاصل من الرؤية أو التواتر، أو غيرهما، و بالاطمئنان الحاصل من الشياع أو غيره، أو بمضي ثلاثين يوما من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان، أو ثلاثين يوما من شهر رمضان فيثبت هلال شوال، و بشهادة عدلين و لا يبعد ثبوته بحكم الحاكم إذا لم يعلم خطأه و لا خطأ مستنده، و لا يثبت بشهادة النساء، و لا

بشهادة العدل الواحد و لو مع اليمين، و لا بقول المنجمين، و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل على أنه لليلة السابقة، و لا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، و لا يبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال، فيكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق، و كذا بتطوق الهلال، فيدل على أنه لليلة السابقة.

(مسألة 1043): لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم، بل كل من علم بشهادتها عول عليها.

(مسألة 1044): إذا رؤي الهلال في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الأفق، بحيث إذا رؤي في أحدهما رؤي في الآخر، بل الظاهر كفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد المشتركة معه في الليل و إن كان أول الليل في أحدهما آخره في الآخر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 283

بيان ذلك أن «1» البلدان الواقعة على سطح الأرض تنقسم إلى قسمين:

أحدهما: ما تتفق مشارقه و مغاربه، أو تتقارب.

ثانيهما: ما تختلف مشارقه و مغاربه اختلافا كبيرا.

أما القسم الأول: فقد اتفق علماء الإمامية على أن روية الهلال في بعض هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها، فإن عدم رؤيته فيه إنما يستند- لا محالة- إلى مانع يمنع من ذلك، كالجبال، أو الغابات، أو الغيوم، أو ما شاكل ذلك.

و أما القسم الثاني (ذات الآفاق المختلفة): فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين، نعم حكي القول باعتبار اتحاد الافق عن الشيخ الطوسي في (المبسوط)، فاذن: المسألة مسكوت عنها في كلمات أكثر المتقدمين، و إنما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين: المعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الأفق، و لكن قد خالفهم فيه جماعة من العلماء و المحققين فاختاروا القول بعدم اعتبار الاتحاد و قالوا بكفاية الرؤية في بلد واحد

لثبوته في غيره من البلاد و لو مع اختلاف الأفق بينها.

فقد نقل العلامة في (التذكرة) هذا القول عن بعض علمائنا و اختاره صريحا في (المنتهى) و احتمله الشهيد الأول في (الدروس) و اختاره- صريحا- المحدث الكاشاني في (الوافي) و صاحب الحدائق في حدائقه، و مال إليه صاحب الجواهر في جواهره و النراقي في (المستند)، و السيد أبو تراب الخونساري في شرح (نجاة العباد) و السيد الحكيم في مستمسكه في الجملة.

و هذا القول- أي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر مع

______________________________

(1) نقل من رسالة «المسائل المنتخبة» للإمام الخوئي، و هي مطبوعة في آخرها تحت عنوان:

«تفاصيل ثبوت الهلال».

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 284

اشتراكهما في كون ليلة واحدة ليلة لهما معا و إن كان أول ليلة لأحدهما آخر ليلة للآخر، و لو مع اختلاف افقهما- هو الأظهر، و يدلنا على ذلك أمران:

(الأول): أن الشهور القمرية إنما تبدأ على أساس وضع سير القمر و اتخاذه موضعا خاصا من الشمس في دورته الطبيعية، و في نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس، و في هذه الحالة (حالة المحاق) لا يمكن رؤيته في أية بقعة من بقاع الأرض، و بعد خروجه عن حالة المحاق و التمكن من رؤيته ينتهي شهر قمري، و يبدأ شهر قمري جديد.

و من الواضح، أن خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها و مغاربها، لا لبقعة دون أخرى، و إن كان القمر مرئيا في بعضها دون الآخر، و ذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس، أو حيلولة بقاع الأرض أو ما شاكل ذلك، فإنه لا يرتبط بعدم خروجه من المحاق، ضرورة أنه ليس لخروجه منه

أفراد عديدة بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع، و هذا بخلاف طلوع الشمس فإنه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها.

و على ضوء هذا البيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس و غروبها قياس مع الفارق، و ذلك لأن الأرض بمقتضى كرويتها يكون- بطبيعة الحال- لكل بقعة منها مشرق خاص و مغرب كذلك، فلا يمكن أن يكون للأرض كلها مشرق واحد و لا مغرب كذلك و هذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية- أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس- فإنه لعدم ارتباطه ببقاع الأرض و عدم صلته بها لا يمكن أن يتعدد بتعددها.

و نتيجة ذلك: أن رؤية الهلال في بلد ما أمارة قطعية على خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته و أنه بداية لشهر قمري جديد لأهل الأرض جميعا لا لخصوص البلد الذي يرى فيه و ما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 285

يتفق معه في الأفق.

و من هنا يظهر: أن ذهاب المشهور إلى اعتبار اتحاد البلدان في الأفق مبني على تخيل أن ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الأرض كارتباط طلوع الشمس و غروبها بها، إلا أنه لا صلة- كما عرفت- لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون أخرى فإن حاله مع وجود الكرة الأرضية و عدمها سواء.

(الثاني): النصوص الدالة على ذلك، و نذكر جملة منها:

1- صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال فيمن صام تسعة و عشرين قال: «إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوما».

فإن هذه الصحيحة بإطلاقها تدلنا- بوضوح- على أن

الشهر إذا كان ثلاثين يوما في مصر كان كذلك في بقية الأمصار بدون فرق بين كون هذه الأمصار متفقة في آفاقها أو مختلفة إذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الأفق لكان على الإمام عليه السّلام أن يبين ذلك، فعدم بيانه مع كونه عليه السّلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.

2- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال: «لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، و قال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلا أن يقضي أهل الأمصار فإن فعلوا فصمه».

الشاهد في هذه الصحيحة جملتان: (الأولى) قوله عليه السّلام «لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة» (الخ) فإنه يدل- بوضوح- على أن رأس الشهر القمري واحد بالاضافة إلى جميع أهل الصلاة على اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها و لا يتعدد بتعددها، (الثانية) قوله عليه السّلام:

«لا تصم ذلك اليوم إلا أن يقضي أهل الأمصار» فإنه كسابقه واضح الدلالة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 286

على أن الشهر القمري لا يختلف باختلاف الأمصار في آفاقها فيكون واحدا بالاضافة إلى جميع أهل البقاع و الأمصار، و إن شئت فقل: إن هذه الجملة تدل على أن رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الأمصار من دون فرق في ذلك بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها فيكون مردّه إلى أن الحكم المترتب على ثبوت الهلال- أي خروج القمر عن المحاق- حكم تمام أهل الأرض لا لبقعة خاصة.

3- صحيحة اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: «و لا تصمه إلا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه».

فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة بإطلاقها على أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الأفق أو مختلفة و إلا فلا بد من التقييد بمقتضى ورودها في مقام البيان.

4- صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: «لا تصم إلا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» فهذه الصحيحة كسابقتها في الدلالة على ما ذكرناه.

و قد يستشهد لذلك بما ورد في عدة روايات في كيفية صلاة عيدي الأضحى و الفطر و ما يقال فيها من التكبير من قوله عليه السّلام في جملة تلك التكبيرات: «أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا».

فإنّ الظاهر أن المشار إليه في قوله عليه السّلام في هذا اليوم هو يوم معين خاص جعله اللّه تعالى عيدا للمسلمين لا أنه كل يوم ينطبق عليه أنه يوم فطر أو أضحى على اختلاف الأمصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها، هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أنه تعالى جعل هذا اليوم عيدا للمسلمين كلهم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 287

لا لخصوص أهل بلد تقام فيه صلاة العيد.

فالنتيجة على ضوئهما أن يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع و الأمصار على اختلافها في الآفاق و المطالع.

و يستدل أيضا على ما ذكر بالآية الكريمة الظاهرة في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الأرض على اختلاف بلدانهم في آفاقهم

ضرورة أن القرآن نزل في ليلة واحدة و هذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر و هي خير من ألف شهر و فيها يفرق كل أمر حكيم.

و من المعلوم أن تفريق كل أمر حكيم فيها لا يخص بقعة معينة من بقاع الأرض بل يعم أهل البقاع أجمع، هذا من ناحية، و من ناحية أخرى قد ورد في عدة من الروايات أن في ليلة القدر يكتب المنايا و البلايا و الأرزاق و فيها يفرق كل أمر حكيم، و من الواضح أن كتابة الأرزاق و البلايا و المنايا في هذه الليلة إنما تكون لجميع أهل العالم لا لأهل بقعة خاصة. فالنتيجة على ضوئهما أن ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الأرض جميعا، لا أن لكلّ بقعة ليلة خاصة. و لكن في كون ما ذكر شاهدا و دليلا عليه تأمّل.

و لم يرد في الروايات حتى في رواية ضعيفة ما يدل على اعتبار اتحاد الافق في هذه المسألة و إنما ذهب المشهور إلى ذلك، لا لأجل الروايات بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس و غروبها و قد عرفت أنه قياس مع الفارق.

الفصل السابع أحكام قضاء شهر رمضان

(مسألة 1045): لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا، أو الجنون أو الإغماء أو الكفر الأصلي، و يجب قضاء ما فات في غير ذلك من ارتداد أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 288

حيض، أو نفاس، أو نوم، أو سكر، أو مرض، أو خلاف للحق، نعم إذا صام المخالف على وفق مذهبه لم يجب عليه القضاء.

(مسألة 1046): إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بنى على الأداء، و إذا شك في عدد الفائت بنى على الأقل.

(مسألة 1047): لا يجب الفور في القضاء،

و إن كان الأحوط- استحبابا- عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني، و إن فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين، و لا الترتيب، نعم إذا عيّن يتعيّن، و إذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لاحق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب، فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق، و يجوز العكس إلا أنه إذا تضيق وقت اللاحق بمجي ء رمضان الثالث فالأحوط قضاء اللاحق، و إن نوى السابق حينئذ صح صومه، و وجبت عليه الفدية.

(مسألة 1048): لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر، فله تقديم أيهما شاء.

(مسألة 1049): إذا فاتته أيام من شهر رمضان بمرض، و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه، و كذا إذا فات بحيض أو نفاس ماتت فيه أو بعد ما طهرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه.

(مسألة 1050): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه بمرض، و استمر به المرض إلى رمضان الثاني سقط قضاؤه، و تصدق عن كل يوم بمد و لا يجزي القضاء عن التصدق، أما إذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء و تجب الفدية أيضا على الأحوط، و كذا إذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر، و كذا العكس.

(مسألة 1051): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه لعذر أو عمد و أخّر القضاء إلى رمضان الثاني، مع تمكنه منه، عازما على التأخير أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 289

متسامحا و متهاونا وجب القضاء و الفدية معا، و إن كان عازما على القضاء- قبل مجي ء رمضان الثاني- فاتفق طرو العذر وجب القضاء، بل الفدية أيضا، على الأحوط، إن لم يكن أقوى،

و لا فرق بين المرض و غيره من الأعذار، و يجب إذا كان الافطار عمدا- مضافا إلى الفدية- كفارة الافطار.

(مسألة 1052): إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني، و هكذا إن استمر إلى أربعة رمضانات، فتجب مرة ثالثة للثالث، و هكذا و لا تتكرر الكفارة للشهر الواحد.

(مسألة 1053): يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور إلى شخص واحد.

(مسألة 1054): لا تجب فدية العبد على سيده، و لا فدية الزوجة على زوجها، و لا فدية العيال على المعيل، و لا فدية واجب النفقة على المنفق.

(مسألة 1055): لا تجزي القيمة في الفدية، بل لا بد من دفع العين و هو الطعام، و كذا الحكم في الكفارات.

(مسألة 1056): يجوز الافطار في الصوم المندوب إلى الغروب، و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال، إذا كان القضاء عن نفسه بل تقدم أن عليه الكفارة، أما قبل الزوال فيجوز، و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الافطار فيه مطلقا، و إن كان الأحوط ترك الافطار بعد الزوال.

(مسألة 1057): لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في الحرمة و الكفارة و إن كان الأحوط- استحبابا- الالحاق.

(مسألة 1058): يجب على ولي الميت- و هو الولد الذكر الأكبر-

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 290

حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضاؤه و الأحوط- استحبابا- إلحاق الأكبر الذكر في جميع طبقات المواريث- على الترتيب في الأرث- بالابن، و الأقوى عدمه، و في إلحاق ما فاته عمدا أو أتى به فاسدا بما فات عن عذر إشكال و الأحوط الإلحاق إذا لم يستلزم الحرج و

الاختلال في نظام معاش الولد، بل الأحوط إلحاق الأم بالأب و إن كان الأقوى خلافه، و إن فاته ما لا يجب عليه قضاؤه كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء، و قد تقدم في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام، لأن المقامين من باب واحد.

(مسألة 1059): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير، و يكفي في حصوله صوم الشهر الأول، و يوم من الشهر الثاني متتابعا.

(مسألة 1060): كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه بنى على ما مضى عند ارتفاعه، و إن كان العذر بفعل المكلف إذا كان مضطرا إليه، أما إذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستئناف، و من العذر ما إذا نسي النية إلى ما بعد الزوال، أو نسي فنوى صوما آخر و لم يتذكر إلا بعد الزوال، و منه ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس، فإن تخلله في الأثناء لا يضر في التتابع بل يحسب من الكفارة أيضا إذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس على الاطلاق، و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال.

(مسألة 1061): إذا نذر صوم شهرين متتابعين جرى عليه الحكم المذكور، إلا أن يقصد تتابع جميع أيامها.

(مسألة 1062): إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه، إلا في كفارة القتل في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 291

الأشهر الحرم فإنه يجب على القاتل صوم شهرين من الأشهر الحرم، و لا يضره تخلل العيد على الأظهر، نعم إذا لم يعلم فلا بأس إذا كان غافلا، فاتفق ذلك، أما إذا كان شاكا فالظاهر البطلان، و

يستثنى من ذلك الثلاثة بدل الهدي، إذا شرع فيها يوم التروية و عرفة، فإن له أن يأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل، أو بعد أيام التشريق، لمن كان بمنى، أما إذا شرع يوم عرفة وجب الاستئناف.

(مسألة 1063): إذا نذر أن يصوم شهرا أو أياما معدودة لم يجب التتابع، إلا مع اشتراط التتابع، أو الانصراف إليه على وجه يرجع إلى التقييد.

(مسألة 1064): إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط الأولى التتابع في قضائه.

[الصوم المستحب]

(مسألة 1065): الصوم من المستحبات المؤكدة، و قد ورد أنه جنة من النار، و زكاة الأبدان، و به يدخل العبد الجنة، و أن نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح، و عمله متقبل، و دعاءه مستجاب، و خلوق فمه عند اللّه تعالى أطيب من رائحة المسك، و تدعو له الملائكة حتى يفطر و له فرحتان فرحة عند الافطار، و فرحة حين يلقى اللّه تعالى. و أفراده كثيرة و المؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر، و الأفضل في كيفيتها أول خميس من الشهر، و آخر خميس منه، و أول أربعاء من العشر الأواسط و يوم الغدير، فإنه يعدل مائة حجة و مائة عمرة مبرورات متقبلات و يوم مولد النبي صلى اللّه عليه و آله و يوم بعثته، و يوم دحو الأرض، هو الخامس و العشرون من ذي القعدة، و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال، و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة و تمام رجب، و تمام شعبان و بعض كل منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل، و يوم النوروز،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 292

و أول يوم محرم

و ثالثه و سابعه، و كل خميس و كل جمعة إذا لم يصادفا عيدا.

(مسألة 1066): يكره الصوم في موارد: منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء، و الصوم فيه مع الشك في الهلال، بحيث يحتمل كونه عيد أضحى، و صوم الضيف نافلة بدون اذن مضيفه، و الولد من غير إذن والده.

(مسألة 1067): يحرم (يعني لا يشرع) صوم العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا كان أو لا، و يوم الشك على أنه من شهر رمضان، و نذر المعصية بأن ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكرا، أما زجرا فلا بأس به، و صوم الوصال. و لا بأس بتأخير الافطار و لو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نية الصوم، و الأحوط اجتنابه، كما أن الأحوط عدم صوم الزوجة و المملوك- تطوعا- بدون اذن الزوج و السيد و إن كان الأقوى الجواز في الزوجة إذا لم يمنع عن حقه، و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه. و الحمد للّه رب العالمين.

الخاتمة في الاعتكاف و أحكامه

اشارة

و هو اللبث في المسجد، و الأحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما، و إن كان الأقوى عدم اعتباره، و يصح في كل وقت يصح فيه الصوم، و الأفضل شهر رمضان، و أفضله العشر الأواخر.

(مسألة 1068): يشترط في صحته مضافا إلى العقل و الإيمان أمور:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 293

(الأول): نية القربة، كما في غيره من العبادات، و تجب مقارنتها لأوله بمعنى وجوب إيقاعه من أوله إلى آخره عن النية، و قد يستشكل في الاكتفاء بتبييت النية، إذا قصد الشروع فيه في أول اليوم، لكن الأظهر جواز الاكتفاء بتبييت النية

كالصوم و ذلك لأنّ المعتبر في العبادة وقوعه من أوله إلى آخره بقصد التقرب و لو كان قصد الامتثال سابقا على المنوي إذا لم ينو خلافه، نعم لو قصد الشروع في الاعتكاف وقت النية في أول الليل كفى بلا إشكال.

(مسألة 1069): لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر كأن يعدل المعتكف عن النيابة عن ميّت إلى النيابة عن ميّت آخر، و كالعدول عن الاعتكاف نيابة عن غيره إلى الاعتكاف عن نفسه و بالعكس، و أما العدول من قصد الوجوب إلى قصد الاستحباب فلا بأس فإن الوجوب و الندب في الاعتكاف مصحّح لقصد القربة و لا يوجبان تعدّده فيجوز إتيان الاعتكاف الواجب بالنذر بقصد الندب في نفسه أو يأتي بعض أيامه بقصد الوجوب و بعضه الآخر بقصد الندب.

(الثاني): الصوم، فلا يصح بدونه فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر أو غيره لم يصح منه الاعتكاف.

(الثالث): العدد، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام، و يصح الأزيد منها و إن كان يوما أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، و يدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى و الرابعة، و إن جاز إدخالهما بالنية، فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة، و لو نذره أقل لم ينعقد إلا أن لم يقيد الأقل بعدم الزيادة فصح نذره حينئذ و يجب عليه ضم الباقي و إكماله ثلاثة أيام و كذا لو نذره ثلاثة معينة، فاتفق أن الثالث عيد لم ينعقد، و لو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها بشرط لا، من جهة الزيادة و النقصان بطل، و إن نواها بشرط لا، من جهة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 294

الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة

أيام و إن نواها بشرط لا، من جهة النقيصة، و لا بشرط من جهة الزيادة ضم إليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما إلى الثلاثة.

(الرابع): أن يكون في أحد المساجد الأربعة مسجد الحرام، و مسجد المدينة، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، أو في المسجد الجامع في البلد و هو ما يصلّي فيه الجماعة من عامة أهل البلد فلا يكفي غيره كمسجد المحلة و السوق، و الأحوط استحبابا- مع الامكان- الاقتصار على الأربعة.

(مسألة 1070): لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل، و لم يجز اللبث في مسجد آخر، و عليه قضاؤه على الأحوط- إن كان واجبا- في مسجد آخر، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.

(مسألة 1071): سطح المسجد و سردابه و محرابه منه ما لم يعلم خروجها و كذا ملحقاته إذا جعلت جزءا منه كما لو وسّع فيه.

(مسألة 1072): إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده.

(الخامس): إذن من يعتبر إذنه في جوازه، كالسيد بالنسبة إلى مملوكه و الزوج بالنسبة إلى زوجته، إذا كان منافيا لحقه بل مطلقا على الأحوط، و الوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان موجبا لإيذائهما شفقة عليه.

(السادس): استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه، فإذا خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل، و لا يبعد البطلان في الخروج نسيانا أيضا، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لا بد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 295

أو استحاضة، أو مس ميت، و إن كان السبب باختياره. و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها، و الصلاة عليها، و دفنها، و

تغسيلها، و تكفينها، و لعيادة المريض، أما تشييع المؤمن و إقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الأمور الراجحة ففي جوازها إشكال، و الأظهر الجواز فيما إذا عدّ من الضرورات عرفا و الأحوط- استحبابا- مراعاة أقرب الطرق و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة، و أما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل، و إن كان عن إكراه أو اضطرار، و الأحوط وجوبا ترك الجلوس في الخارج، و لو اضطر إليه اجتنب الظلال مع الإمكان.

(مسألة 1073): إذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله، إذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت.

فصل [في أنواع الاعتكاف]

الاعتكاف في نفسه مندوب، و يجب بالعارض من نذر و شبهه، فإن كان واجبا معينا فلا إشكال في وجوبه- قبل الشروع- فضلا عما بعده و إن كان واجبا مطلقا أو مندوبا فالأقوى عدم وجوبه بالشروع، و إن كان في الأول أحوط استحبابا، نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث، إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض، فاتفق حصوله بعد يومين، فله الرجوع عنه- حينئذ- إن شاء، و لا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارنا للنية، سواء أ كان قبلها أم بعد الشروع فيه.

(مسألة 1074): الظاهر أنه يجوز اشتراط الرجوع متى شاء، و إن لم يكن عارض.

(مسألة 1075): إذا شرط الرجوع حال النية، ثمّ بعد ذلك أسقط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 296

شرطه، فالظاهر عدم سقوط حكمه.

(مسألة 1076): إذا نذر الاعتكاف، و شرط في نذره الرجوع فيه ففي جواز الرجوع إذا لم يشترطه في نية الاعتكاف إشكال، و الأظهر جوازه إذا كان اعتكافه بعنوان الوفاء بالنذر.

(مسألة 1077): إذا جلس في المسجد

على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف، و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه، و جلس فيه ففي البطلان تأمل.

فصل في أحكام الاعتكاف

(مسألة 1078): لا بد للمعتكف من ترك أمور:

(منها): مباشرة النساء بالجماع، و الأحوط استحبابا إلحاق اللمس و التقبيل بشهوة به، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.

و (منها): الاستمناء على الأحوط وجوبا.

و (منها): شم الطيب و الريحان مع التلذذ بل مع عدم التلذذ على الأحوط و لا أثر له إذا كان فاقدا لحاسة الشم.

و (منها): البيع و الشراء مباشرة إذا لم يدخل في عنوان التجارة و إلا فلا يجوز مطلقا على الأحوط، و لا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات، حتى الخياطة و النساجة و نحوهما، و إن كان الأحوط- استحبابا- الاجتناب، و إذا اضطر إلى البيع و الشراء لأجل الأكل أو الشرب. مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و لا النقل بغيرهما فعله.

و (منها): المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة و إظهار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 297

الفضيلة، لا بداعي إظهار الحق و ردّ الخصم عن الخطأ، فإنه من أفضل العبادات، و المدار على القصد.

(مسألة 1079): الأحوط- استحبابا- للمعتكف الاجتناب عما يحرم على المحرم، و إن كان الأقوى خلافه، و لا سيما في لبس المخيط و إزالة الشعر، و أكل الصيد، و عقد النكاح، فإن جميعها جائز له.

(مسألة 1080): الظاهر أن محرمات الاعتكاف غير مفسدة له كمحرمات الاحرام غير المفسدة للاحرام. نعم الجماع مفسد للاعتكاف من دون فرق بين وقوعه ليلا أو نهارا و في حرمتها تكليفا إذا لم يكن واجبا معينا و لو لأجل انقضاء يومين منه إشكال،

و إن كان أحوط وجوبا.

(مسألة 1081): إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة- سهوا- ففي عدم قدحه إشكال، و لا سيما في الجماع.

(مسألة 1082): إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات، فإن كان واجبا معينا وجب قضاؤه- على الأحوط- و إن كان غير معين وجب استئنافه و كذا يجب القضاء- على الأحوط- إذا كان مندوبا، و كان الافساد بعد يومين، أما إذا كان قبلهما فلا شي ء عليه، و لا يجب الفور في القضاء.

(مسألة 1083): إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه، و إن ارتكب حراما على ما تقدّم.

(مسألة 1084): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة، و الأقوى عدم وجوبها في غير الجماع، و إن كان أحوط استحبابا، و كفارته ككفارة صوم شهر رمضان و إن كان الأحوط أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار، و إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهارا وجبت كفارتان، إحداهما لإفطار شهر رمضان و الأخرى لإفساد الاعتكاف، و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، و إن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 298

كان الاعتكاف المذكور منذورا وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر، و إذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها على الأحوط.

و الحمد للّه رب العالمين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 299

كتاب الزكاة

اشاره

و فيه مقاصد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 301

و هي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، و وجوبها من ضروريات الدين و منكرها مع العلم بها كافر، بل في جملة من الأخبار إن مانع الزكاة كافر.

المقصد الأول شرائط وجوب الزكاة

(الأول): البلوغ.

(الثاني): العقل.

(الثالث): الحرية.

فلا تجب في مال من كان صبيا أو مجنونا أو عبدا في زمان التعلق أو في أثناء الحول إذا كان مما يعتبر فيه الحول، بل لا بد من استئناف الحول من حين البلوغ و العقل و الحرية.

(مسألة 1085): لا فرق في الجنون المانع عن الزكاة بين الإطباقي و الأدواري.

(الرابع): الملك.

في زمان التعلق، أو في تمام الحول كما تقدم، فلا زكاة على المال الموهوب و المقروض قبل قبضه، و المال الموصى به قبل وفاة الموصي.

(الخامس): التمكن من التصرف.

و اعتباره على نحو ما سبق، و المراد به القدرة على التصرف فيه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 302

بالاتلاف و نحوه، فلا زكاة في المسروق، و المجحود، و المدفون في مكان منسي و المرهون و الموقوف، و الغائب الذي لم يصل إليه و لا إلى وكيله و لا في الدين و إن تمكن من استيفائه، و أما المنذور التصدق به فلا يبعد ثبوت الزكاة فيه.

(مسألة 1086): لا تجب الزكاة في نماء الوقف، إذا كان مجعولا على نحو المصرف، و تجب إذا كان مجعولا على نحو الملك، من دون فرق بين العام و الخاص، فإذا جعل بستانه وقفا على أن يصرف نمائها على ذريته، أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه، و إذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للأشخاص، كالوقف على الذرية- مثلا- و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم،

و إذا جعلها وقفا- على أن يكون نماؤها ملكا للعنوان- كالوقف على الفقراء أو العلماء- لم تجب الزكاة و إن بلغت حصة من يصل إليه النماء مقدار النصاب.

(مسألة 1087): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة على بعضهم بلوغ حصته النصاب، و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1088): قيل إن ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف، بخلاف سائر الخيارات، و لكنه لا يبعد ثبوت الزكاة فيه كالمنذور التصدّق به.

(مسألة 1089): الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة.

(مسألة 1090): إذا عرض عدم التمكن من التصرف، بعد تعلق الزكاة، أو مضى الحول متمكنا فقد استقر الوجوب، فيجب الأداء، إذا تمكن بعد ذلك، فإن كان مقصرا كان ضامنا، و إلا فلا.

(مسألة 1091): زكاة القرض على المقترض بعد قبضه، لا على المقرض فلو اقترض نصابا من الأعيان الزكوية، و بقي عنده سنة وجبت عليه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 303

الزكاة، و إن كان قد اشترط في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم إذا أدّى المقرض عنه صح، و سقطت الزكاة عن المقترض و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي، و الأحوط وجوبا في الأجنبي أن يكون التبرع باستئذانه ممن عليه الزكاة أو بطلب منه و لا ينبغي ترك الاحتياط في المقرض أيضا.

(مسألة 1092): يستحب لولي الصبي و المجنون إخراج زكاة مال التجارة إذا اتّجر بمالهما لهما.

(مسألة 1093): إذا علم البلوغ و التعلق و لم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة، سواء علم تاريخ التعلق و جهل تاريخ

البلوغ، أم علم تاريخ البلوغ و جهل تاريخ التعلق، أم جهل التاريخان، و كذا الحكم في المجنون إذا كان جنونه سابقا و طرأ العقل، أما إذا كان عقله سابقا و طرأ الجنون وجبت الزكاة، سواء علم تاريخ التعلق و جهل تاريخ الجنون أو علم تاريخ الجنون و جهل تاريخ التعلق أو جهل التاريخان معا.

(مسألة 1094): إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة، إذا كان تعلقها قبل تعلق الحج، و لم يجب الحج، و إن كان بعده وجب الحج و يجب عليه- حينئذ- حفظ استطاعته، و لو بتبديل المال بغيره، نعم إذا لم يبدّل حتى مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضا.

المقصد الثاني ما تجب فيه الزكاة

اشارة

تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة: الإبل و البقر و الغنم، و الغلات الأربع: الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و في النقدين: الذهب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 304

و الفضة، و لا تجب فيما عدا ذلك، نعم تستحب في غيرها، من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم، و الأرز، و الدخن، و الحمص، و العدس، و الماش، و الذرة، و غيرها، و لا تستحب في الخضروات مثل البقل، و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها، و تستحب أيضا في مال التجارة، و في الخيل الإناث، دون الذكور و دون الحمير، و البغال.

و الكلام في التسعة الأول يقع في مباحث:

المبحث الأول [شرائط وجوب زكاة الأنعام]

الأنعام الثلاثة و شرائط وجوبها- مضافا إلى الشرائط العامة المتقدمة- أربعة:

الشرط الأول؛ النصاب:

في الإبل اثني عشر نصابا، الأول: خمس، و فيها: شاة، ثمّ عشر و فيها: شاتان، ثمّ خمس عشرة و فيها: ثلاث شياه، ثمّ عشرون و فيها:

أربع شياه، ثمّ خمس و عشرون و فيها: خمس شياه، ثمّ ست و عشرون فيها بنت مخاض، و هي الداخلة في السنة الثانية، ثمّ ست و ثلاثون و فيها: بنت لبون، و هي الداخلة في السنة الثالثة، ثمّ ست و أربعون و فيها: حقة، و هي الداخلة في السنة الرابعة، ثمّ إحدى و ستون و فيها: جذعة، و هي الداخلة في السنة الخامسة، ثمّ ست و سبعون و فيها: بنتا لبون، ثمّ إحدى و تسعون، و فيها: حقتان، ثمّ مائة و إحدى و عشرون فصاعدا و فيها: في كل خمسين حقة، و في كل أربعين: بنت لبون، فإن كان العدد مطابقا للأربعين- بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة- عمل على الأربعين كالمائة

و الستين، و إذا كان مطابقا للخمسين- بالمعنى المتقدم- عمل على خمسين، كالمائة و الخمسين، و إن كان مطابقا لكل منهما- كالمائتين- تخير المالك بين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 305

العد بالأربعين و الخمسين، و إن كان مطابقا لهما- معا- كالمائتين و الستين عمل عليهما معا، فيحسب خمسينين و أربع أربعينات، و على هذا لا عفو إلا فيما دون العشرة.

(مسألة 1095): إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون و إذا لم يكن عنده تخير في شراء أيهما شاء.

(مسألة 1096): في البقر نصابان، الأول ثلاثون، و فيها: تبيع و لا تجزى التبيعة على الأحوط، و هو ما دخل في السنة الثانية، ثمّ أربعون، و فيها: مسنة و هي الداخلة في السنة الثالثة، و فيما زاد على هذا الحساب، و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه، فإن طابق الثلاثين- لا غير- كالستين عدّ بها، و إن طابق الأربعين- لا غير- كالثمانين عدّ بها، و إن طابقهما- كالسبعين- عدّ بهما معا، و إن طابق كلا منهما- كالمائة و العشرين- يتخير بين العدّ بالثلاثين و الأربعين، و ما بين الأربعين و الستين عفو، و كذا ما دون الثلاثين، و ما زاد على النصاب من الآحاد إلى التسعة.

(مسألة 1097): في الغنم خمسة نصب، أربعون، و فيها: شاة، ثمّ مائة و إحدى و عشرون، و فيها: شاتان، ثمّ مائتان و واحدة، و فيها:

ثلاث شياه، ثمّ ثلاثمائة و واحد، و فيها: أربع شياه، ثمّ أربعمائة، ففي كل مائة: شاة بالغا ما بلغ، و لا شي ء فيما نقص عن النصاب الأول و لا فيما بين نصابين.

(مسألة 1098): الجاموس و البقر جنس واحد، و لا فرق في الإبل بين

العراب و البخاتي، و لا في الغنم بين المعز و الضأن، و لا بين الذكر و الأنثى في الجميع.

(مسألة 1099): المال المشترك- إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب- وجبت الزكاة على كل منهم، و إن بلغ نصيب بعضهم النصاب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 306

دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة، و إن بلغ المجموع النصاب.

(مسألة 1100): إذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة، و لا يلاحظ كل واحد على حدة.

(مسألة 1101): الأحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن تكمل لها سنة، و تدخل في الثانية، إن كانت من الضأن، أو تكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة، إن كانت من المعز، و يتخير المالك بين دفعها من النصاب و غيره، و لو كانت من بلد آخر، كما يجوز دفع القيمة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية و إن كان دفع العين أفضل و أحوط.

(مسألة 1102): المدار على القيمة وقت الدفع لا وقت الوجوب و لا يبعد كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع حيث يجوز فيه دفع الشاة من ذلك البلد كما تقدم، فيدفع القيمة بنية كونها بدلا عن تلك الشاة.

(مسألة 1103): إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد- كأربعين شاة مثلا- فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه- حينئذ- عن النصاب، و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه- حينئذ- عنه، و لو كان عنده أزيد من النصاب- كأن كان

عنده خمسون شاة- و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين، إلى أن ينقص عن النصاب.

(مسألة 1104): إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزي دفع الذكر عن الأنثى، و بالعكس، و إذا كان كله من الضأن يجزي دفع المعز عن الضأن، و بالعكس، و كذا الحال في البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي.

(مسألة 1105): لا فرق بين الصحيح و المريض، و السليم و المعيب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 307

و الشاب و الهرم، في العد من النصاب، نعم إذا كانت كلها صحيحة لا يجوز دفع المريض، و كذا إذا كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب و إذا كانت كلها شابة لا يجوز دفع الهرم، و كذا إذا كان النصاب ملفقا من الصنفين على الأحوط، إن لم يكن أقوى، نعم إذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز الاخراج منها.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 1، ص: 307

الشرط الثاني؛ السوم طول الحول:

فإذا كانت معلوفة، و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها، نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم و اليومين و الثلاثة إشكال، و الأحوط إن لم يكن أقوى عدم الانقطاع.

(مسألة 1106): لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار، و أن تكون من مال المالك و غيره بإذنه أو لا، كما أن الظاهر أنه لا فرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح فإن رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الأرض

المملوكة في أيام الربيع أو عند نضوب الماء وجبت فيها الزكاة، نعم إذا كان المرعى مزروعا ففي صدق السوم إشكال، و الأظهر عدم الصدق، و إذا جزّ العلف المباح فأطعمها إياه كانت معلوفة، و لم تجب الزكاة فيها.

الشرط الثالث؛ أن لا تكون عوامل:

و لو في بعض الحول، و إلا لم تجب الزكاة فيها، و في قدح العمل- يوما أو يومين أو ثلاثة- إشكال، و الأحوط- إن لم يكن أقوى- عدم القدح، كما تقدم في السوم.

الشرط الرابع؛ أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط:

و يكفي فيه الدخول في الشهر الثاني عشر، و الأقوى استقرار الوجوب بذلك، فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه، نعم الشهر الثاني عشر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 308

محسوب من الحول الأول، و ابتداء الحول الثاني بعد إتمامه.

(مسألة 1107): إذا اختل بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول، كما إذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها بجنسها، أو بغير جنسها و لو كان زكويا، و لا فرق بين أن يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة، و عدمه.

(مسألة 1108): إذا حصل لمالك النصاب- في أثناء الحول- ملك جديد بنتاج، أو شراء، أو نحوهما، فإما أن يكون الجديد بمقدار العفو كما إذا كان عنده أربعون من الغنم، و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شي ء عليه، إلا ما وجب في الأول، و هو شاة في الفرض، و إمّا أن يكون نصابا مستقلا، كما إذا كان عنده خمس من الإبل، فولدت في أثناء الحول خمسا أخرى، كان لكل منهما حول بانفراده، و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله، و كذلك الحكم- على الأحوط- إذا كان نصابا مستقلا،

و مكملا للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل و في أثناء حولها ولدت ستة، و أما إذا لم يكن نصابا مستقلا، و لكن كان مكملا للنصاب اللاحق، كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر، و في أثناء الحول ولدت إحدى عشرة وجب عند انتهاء حول الأول استئناف حول جديد لهما معا.

(مسألة 1109): ابتداء حول السخال من حين النتاج، إذا كانت أمها سائمة، و كذا إذا كانت معلوفة- على الأحوط- إن لم يكن أقوى.

المبحث الثاني زكاة النقدين
[شرائط وجوب زكاة النقدين]

(مسألة 1110): يشترط في زكاة النقدين- مضافا إلى الشرائط العامة- أمور:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 309

(الأول): النصاب، و هو في الذهب عشرون دينارا، و فيه نصف دينار، و الدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، و لا زكاة فيما دون العشرين و لا فيما زاد عليها حتى يبلغ أربعة دنانير، و هي ثلاثة مثاقيل صيرفية و فيها أيضا ربع عشرها، و هكذا كلما زاد أربعة دنانير وجب ربع عشرها أما الفضة فنصابها مائتا درهم، و فيها خمسة دراهم، ثمّ أربعون درهما و فيها درهم واحد، و هكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم، و ما دون المائتين عفو، و كذا ما بين المائتين و الأربعين، و وزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية و ربع، فالدرهم نصف مثقال صيرفي و ربع عشره، و الضابط في زكاة النقدين من الذهب و الفضة: ربع العشر، لكنه يزيد على القدر الواجب قليلا في بعض الصور.

(الثاني): أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة، بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة و بغيرها، بقيت السكة أو مسحت بالعارض، أما الممسوح بالأصل فالأحوط وجوب الزكاة فيه إذا عومل به، و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثمّ هجرت، فالأحوط الزكاة فيه،

و إن كان الأظهر العدم، و إذا اتخذ للزينة فإن كانت المعاملة به باقية وجبت فيه على الأحوط، و إلا فالأظهر عدم الوجوب، و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة.

(الثالث): الحول، على نحو ما تقدم في الأنعام، كما تقدم أيضا حكم اختلال بعض الشرائط و غير ذلك، و المقامان من باب واحد.

(مسألة 1111): لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردي ء و لا يجوز الاعطاء من الردي ء، إذا كان تمام النصاب من الجيد.

(مسألة 1112): تجب الزكاة في الدراهم و الدنانير المغشوشة و إن لم يبلغ خالصهما النصاب، و إذا كان الغش كثيرا بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 310

(مسألة 1113): إذا شكّ في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة، و في وجوب الاختبار إشكال أظهره العدم، و الاختبار أحوط.

(مسألة 1114): إذا كان عنده أموال زكوية، من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها، و لا يضم بعضها إلى بعض، فإذا كان عنده تسعة عشر دينارا و مائة و تسعون درهما لم تجب الزكاة في أحدهما، و إذا كان من جنس واحد- كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب انجليزية- ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، و كذا إذا كان عنده روبية انجليزية و قران إيراني.

المبحث الثالث زكاة الغلات الأربع
اشارة

(مسألة 1115): يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران:

(الأول): بلوغ النصاب، و هو بوزن النجف- في زماننا هذا- ثمان و زنات و خمس حقق و نصف إلا ثمانية و خمسين مثقالا و ثلث مثقال، و الوزنة أربع و عشرون حقة، و

الحقة ثلاث حقق اسلامبول و ثلث، و بوزن الاسلامبول سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا صيرفيا، و الوزنة أربع و عشرون حقة، و الحقة مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا و بوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلوا تقريبا.

(الثاني): الملك في وقت تعلق الوجوب، سواء أ كان بالزرع، أم بالشراء، أم بالإرث، أم بغيرها من أسباب الملك.

(مسألة 1116): المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير، و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل، و عند

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 311

انعقاده حصرما في ثمر الكرم، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

(مسألة 1117): المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات فإذا بلغ النصاب و هو عنب، و لكنه إذا صار زبيبا نقص عنه لم تجب الزكاة.

[أحكام زكاة الغلات]

(مسألة 1118): وقت وجوب الاخراج حين تصفية الغلة، و اجتذاذ التمر، و اقتطاف الزبيب على النحو المتعارف، فإذا أخّر المالك الدفع عنه- بغير عذر- ضمن مع وجود المستحق، و لا يجوز للساعي المطالبة قبله، نعم يجوز الاخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب، و يجب على الساعي القبول.

(مسألة 1119): لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثمّ بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها زكاة و هكذا غيرها.

(مسألة 1120): المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات، العشر إذا سقي سيحا، أو بماء السماء، أو بمص عروقه من الأرض، و نصف العشر إذا سقي بالدلاء و الماكينة، و الناعور، و نحو ذلك من العلاجات، و إذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه

و لا يعتد بالآخر، فالعمل على الغالب، و إن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفا و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر، يوزع الواجب فيعطي من نصف العشر، و من نصفه الآخر نصف العشر، و إذا شك في صدق الاشتراك و الغلبة كفى الأقل، و الأحوط- استحبابا- الأكثر.

(مسألة 1121): المدار في التفصيل المتقدم على الثمر، لا على الشجر، فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر، و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 312

(مسألة 1122): الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، إلا إذا كثرت بحيث يستغني عن الدوالي، فيجب حينئذ العشر، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي، فيجب التوزيع.

(مسألة 1123): إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا، أو لغرض فسقى به آخر زرعه فالأحوط وجوب العشر، و كذا إذا أخرجه هو عبثا أو لغرض آخر ثمّ بدا له فسقى به زرعه، و أما إذا أخرجه لزرع فبدا له فسقى به زرعا آخر، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر.

(مسألة 1124): ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة- و هو الحصة من نفس الزرع- لا يجب إخراج زكاته.

(مسألة 1125): المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليه الزرع و الثمر من أجرة الفلاح، و الحارث، و الساقي، و العوامل التي استأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو غصبا، و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع، أو الثمر، و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج، و لكن الأحوط- في الجميع- عدم الاستثناء، نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد

تعلق الزكاة يمكن احتسابها على الزكاة بالنسبة مع الاذن من الحاكم الشرعي.

(مسألة 1126): يضم النخل بعض إلى بعض، و إن كانت في أمكنة متباعدة و تفاوتت في الإدراك، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد، و إن كان بينهما شهر أو أكثر، و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة، و إن لم يبلغه كل واحد منها، و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوبا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 313

(مسألة 1127): يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية.

(مسألة 1128): إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة، أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه، و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر وجبت على من بلغ نصيبه دون الآخر، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم، و كذا الحكم، فيما إذا كان الانتقال بغير الارث كالشراء أو الهبة.

(مسألة 1129): إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود و الردي ء عن الردي ء، و في جواز دفع الردي ء عن الجيد إشكال و الأحوط- وجوبا- العدم.

(مسألة 1130): الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين لا على وجه الاشاعة في العين و لا على نحو الكلي في المعين في نفس العين، و لا على نحو حق الرهانة و لا على نحو حق الجناية، بل على نحو الشركة في المالية في الغلات، و على نحو الكلي في المعين بلحاظ المالية في

غيرها، ففي غير الغلات يجوز للمالك التصرف في المال المتعلق به الزكاة في غير مقدارها مشاعا أو غير مشاع، نعم لا يجوز له التصرف في مقدار النصاب، و أما في الغلات فلا يجوز للمالك التصرف لا في مقدار النصاب و لا في بعضه المعين إلا بعد عزل الزكاة، فإذا باع تمام النصاب في الغلات أو في غيرها أو باع بعضه المعين في الغلات قبل العزل لم يصح البيع في حصة الزكاة إلى أن يدفعها البائع فيصح بلا حاجة إلى اجازة الحاكم أو يدفعها المشتري فيصح أيضا و يرجع بها على البائع و إن أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع أو المشتري صح البيع و كان الثمن زكاة فيرجع الحاكم به إلى المشتري إن لم يدفعه إلى البائع و إلا فله الرجوع إلى أيهما شاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 314

(مسألة 1131): لا يجوز التأخير في دفع الزكاة، من دون عذر، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه- لم يضمن، و إن أخّره- مع العلم بوجود المستحق- ضمن، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر، مع عدم المستحق، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة، و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط، أو مع التأخير مع وجود المستحق، من دون غرض صحيح. و في ثبوت الضمان معه- كما إذا أخره لانتظار من يريده اعطاءه أو للايصال إلى المستحق تدريجا في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة- إشكال، و نماء الزكاة تابع لها في المصرف، و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.

(مسألة 1132): إذا باع الزرع أو الثمر، و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة

حتى تكون عليه، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شي ء، حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع على الأظهر.

و إن كان الشاك هو المشتري، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها، و كذا إذا احتمل أدائه فإن معه لا يعلم الزكاة في المبيع كما هو مقتضى أصالة الصحة في فعل البائع لإحراز ولايته على بيع تمام النصاب و لو بإخراجها من غيره أو بالقيمة و إلا وجب عليه إخراج الزكاة.

(مسألة 1133): يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم على المالك، و فائدته جواز الاعتماد عليه، بلا حاجة إلى الكيل و الوزن، و كذا جواز تصرّف المالك في العين الزكوي كيف يشاء، و الظاهر جواز الخرص للمالك، إما لكونه بنفسه من أهل الخبرة، أو لرجوعه إليهم، و يجوز للمالك التصرف في العين الزكوي كيف يشاء إذا كان الخرص الموجب للضمان من الحاكم الشرعي أو وكيله.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 315

المقصد الثالث أصناف المستحقين و أوصافهم

اشارة

و فيه مبحثان

المبحث الأول أصنافهم

و هم ثمانية:

(الأول): الفقير.

(الثاني): المسكين.

و كلاهما من لا يملك مئونة سنته اللائقة بحاله له و لعياله، و الثاني أسوأ حالا من الأول، و الغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلا- نقدا أو جنسا- و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمئونته و مئونة عياله، أو قوة: بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة و إذا كان قادرا على الاكتساب و تركه تكاسلا، فالظاهر عدم جواز أخذه، نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ.

(مسألة 1134): إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمئونة السنة جاز له أخذ الزكاة، و كذا إذا كان صاحب صنعة تكفي آلاتها لمئونته، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمئونته، و لكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له ابقاؤها و أخذ المؤنة من الزكاة.

(مسألة 1135): دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله، و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من أخذ الزكاة، و كذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 316

ما يحتاج إليه من الثياب، و الألبسة الصيفية، الشتوية، و الكتب العلمية، و أثاث البيت من الظروف، و الفرش، و الأواني، و سائر ما يحتاج إليه. نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة و ما هو المتعارف عند أوساط الناس و كانت كافية لمئونته لم يجز له الأخذ، و إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة، و كان التفاوت بينهما يكفيه لمئونته لا يبعد أن يجوز له أخذ الزكاة فالدار المزبورة لا تكون مانعة عن جواز الأخذ.

(مسألة 1136): إذا كان قادرا على التكسب، لكنه ينافي

شأنه جاز له الأخذ، و كذا إذا كان قادرا على الصنعة، لكنه كان فاقدا لآلاتها.

(مسألة 1137): إذا كان قادرا على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز، و لا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق، إذا كان الوقت بعيدا، بل إذا كان الوقت قريبا- مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك- جاز له الأخذ ما لم يتعلم.

(مسألة 1138): طالب العلم الذي لا يملك فعلا ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة إذا كان طلب العلم واجبا عليه، و إلّا فإن كان قادرا على الاكتساب، و كان يليق بشأنه لم يجز له أخذ الزكاة، و أما إن لم يكن قادرا على الاكتساب لفقد رأس المال، أو غيره من المعدات للكسب، أو كان لا يليق بشأنه كما هو الغالب في هذا الزمان جاز له الأخذ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء، و أما من سهم سبيل اللّه تعالى فيجوز له الأخذ منه إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة محبوبة للّه تعالى، و إن لم يكن المشتغل ناويا للقربة، نعم إذا كان ناويا للحرام كالرئاسة المحرّمة لم يجز له الأخذ.

(مسألة 1139): المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عوامل به و إن جهل ذلك جاز إعطاؤه إلا إذا علم غناه سابقا، فلا بد في جواز الاعطاء- حينئذ- من الوثوق بفقره.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 317

(مسألة 1140): إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة حيا كان أم ميتا، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و إلا لم يجز، إلا إذا تلف المال على نحو لا يكون مضمونا، و إذا امتنع

الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال، و إن كان أظهر، و كذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.

(مسألة 1141): لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة، بل يجوز الاعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية، و يجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدّم إليه تمر الصدقة فأكله.

(مسألة 1142): إذا دفع الزكاة- باعتقاد الفقر- فبان كون المدفوع إليه غنيا فإن كانت متعينة بالعزل وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية، و إن كانت تالفة فإن كان الدفع اعتمادا على حجة فليس عليه ضمانها و إلا ضمنها، و يجوز له أن يرجع إلى القابض، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة، و إن لم يعلم بحرمتها على الغني، و إلا فليس للدافع الرجوع إليه، و كذا الحكم إذا تبين كون المدفوع إليه ليس مصرفا للزكاة من غير جهة الغنى، مثل أن يكون ممن تجب نفقته، أو هاشميا إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.

(الثالث): العاملون عليها.

و هم المنصوبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و إيصالها إلى الإمام أو نائبه، أو إلى مستحقها.

(الرابع): المؤلفة قلوبهم.

و هم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 318

(الخامس): الرقاب.

و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن أداء الكتابة مطلقة أو مشروطة فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال، و العبيد الذين هم تحت الشدة، فيشترون و يعتقون، بل مطلق عتق العبد إذا لم

يوجد المستحق للزكاة بل مطلقا على الأظهر.

(السادس): الغارمون.

و هم: الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها، و إن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا يكون الدين مصروفا في المعصية، و لو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له ثمّ يأخذه وفاء عما عليه من الدين، و لو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها، و لو بدون اطلاع الغارم، و لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته.

(السابع): سبيل اللّه تعالى.

و هو جميع سبل الخير كبناء القناطر، و المدارس و المساجد، و إصلاح ذات البين، و رفع الفساد، و نحوها من الجهات العامة، و في جواز دفع هذا السهم في كل طاعة، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بدونه أو مع تمكنه إذا لم يكن مقدما عليه إلا به، إشكال بل منع.

(الثامن): ابن السبيل.

الذي نفدت نفقته، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده، فيدفع له ما يكفيه لذلك، بشرط أن لا يكون سفره في معصية، بل عدم تمكنه من الاستدانة، أو بيع ماله الذي هو في بلده، على الأحوط وجوبا.

(مسألة 1143): إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها، ثمّ بان العدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 319

جاز له استرجاعها، و إن كانت تالفة استرجع البدل، إذا كان الفقير عالما بالحال، و إلا لم يجز الاسترجاع.

(مسألة 1144): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيرا آخر أجزأ، و لا يجوز استردادها، و

إن كانت العين باقية، و إذا أعطاها غيره- متعمدا- فالظاهر الإجزاء و لا يجوز استرجاعها أيضا، و لكن كان آثما بمخالفة نذره، و وجبت عليه الكفارة.

المبحث الثاني
في أوصاف المستحقين

و هي أمور:

(الأول): الإيمان.

فلا تعطى الكافر، و كذا المخالف من سهم الفقراء، و تعطى أطفال المؤمنين و مجانينهم، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم، و إن كان بنحو الصرف- مباشرة أو بتوسط أمين- فلا يحتاج إلى قبول الولي و إن كان أحوط استحبابا.

(مسألة 1145): إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته، ثمّ استبصر أعادها، و إن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.

(الثاني): أن لا يكون من أهل المعاصي.

بحيث يصرف الزكاة في المعاصي، و يكون الدفع إليه إعانة على الإثم، و الأحوط عدم إعطاء الزكاة لتارك الصلاة، أو شارب الخمر، أو المتجاهر بالفسق.

(الثالث): أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 320

كالأبوين و إن علوا، و الأولاد و إن سفلوا من الذكور أو الاناث و الزوجة الدائمة- إذا لم تسقط نفقتها- و المملوك، فلا يجوز إعطاؤهم منها للانفاق، و يجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة أو مملوك، أو كان عليه دين يجب وفاؤه، أو عمل يجب أداؤه باجارة و كان موقوفا على المال، و أما إعطاؤهم للتوسعة زائدا على الأمور اللازمة فالأحوط- إن لم يكن أقوى- عدم جوازه، إذا كان عنده ما يوسع به عليهم.

(مسألة 1146): يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه، إذا لم يكن قادرا على الانفاق، أو لم يكن باذلا بل و كذا إذا كان باذلا مع المنة غير القابلة للتحمل عادة، و الأقوى عدم وجوب الانفاق عليه،

مع بذل الزكاة، و لا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة، مع بذل الزوج للنفقة، بل مع إمكان إجباره، إذا كان ممتنعا.

(مسألة 1147): يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها، سواء كان الدافع الزوج أم غيره، و كذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال، و الأظهر العدم.

(مسألة 1148): يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج، و لو كان للانفاق عليها.

(مسألة 1149): إذا عال بأحد تبرعا جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه، من غير فرق بين القريب و الأجنبي.

(مسألة 1150): يجوز لمن وجب الانفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته، إذا كان عاجزا عن الانفاق عليه، و إن كان الأحوط- استحبابا- الترك.

(الرابع): أن لا يكون هاشميا.

إذا كانت الزكاة من غير هاشمي، و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 321

سائر السهام، حتى سهم العاملين، و سبيل اللّه، نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة، مثل المساجد، و منازل الزوار و المدارس، و الكتب و نحوها.

(مسألة 1151): يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضا، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي، مع الاضطرار و في تحديد الاضطرار إشكال، و قد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية، و هو أيضا مشكل، و الأحوط تحديده بعدم كفاية الخمس، و سائر الوجوه يوما فيوما، مع الإمكان.

(مسألة 1152): الهاشمي هو المنتسب- شرعا- إلى هاشم بالأب دون الأم، و أما إذا كان منتسبا إليه بالزنا فيشكل إعطاؤه من زكاة غير الهاشمي، و كذا الخمس فيقتصر فيه على زكاة الهاشمي.

(مسألة 1153): المحرم

من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة. أما الصدقات المندوبة فليست محرمة، بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات، ورد المظالم، و مجهول المالك، و اللقطة، و منذور الصدقة، و الموصى به للفقراء.

(مسألة 1154): يثبت كونه هاشميا بالعلم، بل الاطمينان، و بالبينة، و الشياع بأن اشتهر كونه هاشميا بين قوم يحسب هذا من أهل قريتهم أو محلّتهم من زمان آبائهم، و لا يكفي مجرد الدعوى و في براءة ذمة المالك غير الهاشمي- إذا دفع الزكاة إليه حينئذ- إشكال و الأظهر عدم البراءة.

فصل في بقية أحكام الزكاة

(مسألة 1155): لا يجب البسط على الأصناف الثمانية على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 322

الأقوى و لا على أفراد صنف واحد، و لا مراعاة أقل الجمع فيجوز إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

(مسألة 1156): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره، لكن إذا كان المستحق موجودا في البلد كانت مئونة النقل عليه، و إن تلفت بالنقل يضمن و لا ضمان مع التلف بغير تفريط، إذا لم يكن في البلد مستحق، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه، فقبضها ثمّ نقلها بأمره، و أجرة النقل حينئذ على الزكاة.

(مسألة 1157): إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده، و لو مع وجود المستحق فيه، و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة، إذا كان فقيرا و لا إشكال في شي ء من ذلك.

(مسألة 1158): إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك، و إن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه، أو دفعها إلى غير المستحق.

(مسألة 1159): لا يجوز تقديم الزكاة قبل

تعلق الوجوب، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضا قبل وقت الوجوب، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره، و يبقى ما في ذمة الفقير قرضا، و إذا أعطاه قرضا فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك و كذلك النقص عليه إذا نقص.

(مسألة 1160): إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن، و للحاكم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 323

الرجوع على أيهما شاء، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف، و إن رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك.

(مسألة 1161): دفع الزكاة من العبادات، فلا يصح إلا مع نية القربة و التعيين و غيرهما مما يعتبر في صحة العبادة، و إن دفعها بلا نية القربة بطل الدفع و بقيت على ملك المالك، و تجوز النية ما دامت العين موجودة فإن تلفت بلا ضمان القابض وجب الدفع ثانيا، و إن تلفت مع الضمان أمكن احتساب ما في الذمة زكاة، و يجوز ابقاؤه دينا له و الدفع إلى ذلك الفقير.

(مسألة 1162): يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز التوكيل في الايصال إلى الفقير، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل و الأحوط استمرارها إلى حين الدفع إلى الفقير.

(مسألة 1163): يجوز للفقير أن يوكل شخصا في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقا، و تبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل، و إن تلفت في يده.

(مسألة 1164): الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في

زمن الغيبة، و إن كان أحوط و أفضل، نعم إذا طلبها على وجه الإيجاب، بأن كان هناك ما يقتضي وجوب صرفها فيه وجب على مقلديه الدفع إليه، بل على غيرهم أيضا، على الأحوط، إذا كان طلبه على نحو الحكم دون الفتوى، و إلا لم يجب إلا على مقلديه.

(مسألة 1165): تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة، إذا أدركته الوفاة، و كذا الخمس، و سائر الحقوق الواجبة، و إذا كان الوارث مستحقا جاز للوصي احتسابها عليه، و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.

(مسألة 1166): الأحوط عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة، و هو خمسة دراهم،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 324

و عما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب، و هو نصف دينار، و إن كان الأقوى الجواز.

(مسألة 1167): يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، سواء كان الآخذ الفقيه أو العامل أم الفقير، بل الأحوط- استحبابا- في الفقيه الذي يأخذه بالولاية.

(مسألة 1168): يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم، و من لا يسأل على من يسأل، و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل، و هذه مرجحات قد يزاحمها مرجحات أهم و أرجح.

(مسألة 1169): يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به و لا كراهة، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري، من ميراث و غيره.

المقصد الرابع زكاة الفطرة

اشارة

و يشترط في وجوبها التكليف، و الحرية في غير المكاتب، و أما فيه فالأحوط عدم الاشتراط، و يشترط فيه الغنى فلا تجب

على الصبي و المملوك و المجنون، و الفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلا أو قوة، كما تقدم في زكاة الأموال، و في اشتراط الوجوب بعدم الاغماء إشكال، و الأحوط عدم الاشتراط. و المشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آنا ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، أو مقارنا للغروب لم تجب و كذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب لكن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 325

الأحوط وجوبا إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب بل بعده في الليل أيضا.

(مسألة 1170): يستحب للفقير إخراجها أيضا، و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثمّ هو على آخر يديرونها بينهم و الأحوط عند انتهاء الدور التصدق على الأجنبي، كما أن الأحوط إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه.

(مسألة 1171): إذا أسلم الكافر بعد الهلال لم تجب الزكاة عليه و لا تسقط عن المخالف إذا استبصر، و تجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادات.

(مسألة 1172): يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به، واجب النفقة كان أم غيره، قريبا أم بعيدا مسلما أم كافرا صغيرا أم كبيرا، بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضما إلى عياله و لو في وقت يسير، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل عنده، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط، أما إذا دعا شخصا إلى الافطار ليلة العيد لم يكن من العيال، و لم تجب فطرته على من دعاه.

(مسألة 1173): إذا بذل لغيره ما لا يكفيه في نفقته

لم يكف ذلك في صدق كونه عياله، فيعتبر في العيال نوع من التابعية.

(مسألة 1174): من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، و إن كان الأحوط- استحبابا- عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه غفلة أو نسيانا و نحو ذلك مما يسقط معه التكليف واقعا، و إذا كان المعيل فقيرا وجبت على العيال، إذا اجتمعت شرائط الوجوب.

(مسألة 1175): إذا ولد له ولد بعد الغروب، لم تجب عليه فطرته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 326

و أما إذا ولد له قبل الغروب، أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة، فإن كانوا عيالا وجبت عليه فطرتهم، و إلا فعلى من عال بهم، و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط و لم تجب على المولود و المملوك.

(مسألة 1176): إذا كان شخص عيالا لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع، و مع فقر أحدهما تسقط عنه، و الأظهر عدم سقوط حصة الآخر، و مع فقرهما تسقط عنهما، فتجب على العيال إن جمع الشرائط.

(مسألة 1177): الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتا في الجملة كالحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و الأرز، و الذرة، و الأقط، و اللبن و نحوها. و الأحوط الاقتصار على الأربعة الأولى إذا كانت من القوت الغالب، و الأفضل إخراج التمر ثمّ الزبيب، و الأحوط أن يكون صحيحا، و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان، و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب، و بلد الاخراج لا بلد المكلف.

[الواجب دفعه من الفطرة]

(مسألة 1178): المقدار الواجب صاع و هو ستمائة و أربعة عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال، و بحسب حقة النجف يكون نصف حقة و نصف و قية

و واحدا و ثلاثين مثقالا إلا مقدار حمصتين، و إن دفع ثلثي حقة زاد مقدار مثاقيل، و بحسب حقة الاسلامبول حقتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقالان إلا ربع مثقال، و بحسب المن الشاهي و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا نصف منّ إلا خمسة و عشرين مثقالا و ثلاثة أرباع المثقال و مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات تقريبا. و لا يجزي ما دون الصاع من الجيد و إن كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد، كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين، و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه، مع ما يخرجه عن عياله، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم، مع ما يخرجه عن البعض الآخر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 327

فصل [وقت إخراج زكاة الفطرة]

وقت إخراجها طلوع الفجر من يوم العيد، و الأحوط إخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد، و إن لم يصلها امتد الوقت إلى الزوال، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي، كما مر في زكاة الأموال، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط- استحبابا- الاتيان بها بقصد القربة المطلقة.

(مسألة 1179): الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان، و إن كان الأحوط التقديم بعنوان القرض.

(مسألة 1180): يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس أو من النقود بقيمتها، و الظاهر عدم جواز عزلها في ماله على نحو الاشاعة و كذا عزلها في المال المشترك بينه و بين غيره على نحو الاشاعة، على الأحوط وجوبا.

(مسألة 1181): إذا عزلها تعينت، فلا يجوز تبديلها، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكانا لدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال.

(مسألة 1182): يجوز

نقلها إلى غير بلد التكليف، مع عدم المستحق، أما مع وجوده فالأحوط وجوبا تركه، و إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر.

فصل [مصرف زكاة الفطرة]

مصرفها مصرف الزكاة من الأصناف الثمانية على الشرائط المتقدمة.

(مسألة 1183): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، و تحل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 328

فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره، و العبرة على المعيل دون العيال، فلو كان العيال هاشميا دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي، و إذا كان المعيل هاشميا و العيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي.

(مسألة 1184): يجوز إعطاؤها إلى المستضعف من أهل الخلاف عند عدم القدرة على المؤمن.

(مسألة 1185): يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه و الأحوط و الأفضل دفعها إلى الفقيه.

(مسألة 1186): الأحوط- استحبابا- أن لا يدفع للفقير أقل من صاع إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم، و يجوز أن يعطى الواحد أصواعا.

(مسألة 1187): يستحب تقديم الأرحام، ثمّ الجيران، و ينبغي الترجيح بالعلم، و الدين، و الفضل.

و اللّه سبحانه أعلم و الحمد للّه رب العالمين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 329

كتاب الخمس

اشارة

و فيه مبحثان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 331

المبحث الأول فيما يجب فيه

اشارة

و هي أمور:

(الأول): الغنائم.

المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم، يجب فيه الخمس، إذا كان القتال باذن الإمام عليه السّلام، بل الحكم كذلك إذا لم يكن باذنه، سواء كان القتال بنحو الغزو للدعاء إلى الإسلام أم لغيره، أو كان دفاعا لهم عند هجومهم على المسلمين.

(مسألة 1188): ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة، أو سرقة، أو ربا، أو دعوى باطلة، فليس فيه خمس الغنيمة، بل خمس الفائدة كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

[وجوب الخمس في الغنائم]

(مسألة 1189): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصح، نعم يعتبر أن لا تكون غصبا من مسلم، أو غيره ممن هو محترم المال، و إلا وجب ردها على مالكها، أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب، أو الأمانة، أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم.

(مسألة 1190): يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد، و الأحوط- وجوبا- وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة، لا من باب الفائدة.

[وجوب الخمس في المعدن]

(الثاني): المعدن.

كالذهب، و الفضة، و الرصاص، و النحاس، و العقيق، و الفيروزج،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 332

و الياقوت، و الكحل، و الملح، و القير، و النفط، و الكبريت، و نحوها.

و الأحوط إلحاق مثل الجص و النورة، و حجر الرحى، و طين الغسل و نحوها مما يصدق عليه اسم الأرض، و كان له خصوصية في الانتفاع به، و إن كان الأظهر وجوب الخمس فيها من جهة الفائدة، و لا فرق في المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة.

(مسألة 1191): يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب، و هو قيمة عشرين دينارا (ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك) سواء أ كان المعدن ذهبا، أم فضة، أو غيرهما، و الأحوط- إن لم يكن أقوى- كفاية بلوغ المقدار المذكور، و لو قبل استثناء مئونة الاخراج و التصفية فإذا بلغ ذلك أخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤنة.

(مسألة 1192): يعتبر في بلوغ النصاب وحدة الاخراج عرفا، فإذا أخرج دفعات لم يكف بلوغ المجموع النصاب، نعم إن أعرض في الأثناء ثمّ رجع، على نحو لم يتعدد الاخراج عرفا كفى بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1193): إذا اشترك جماعة كفى بلوغ مجموع الحصص النصاب على الأحوط و أن كان

لا يبعد اعتبار بلوغ حصته كل واحد.

(مسألة 1194): المعدن في الأرض المملوكة، إذا كان من توابعها ملك لمالكها و إن أخرجه غيره بدون إذنه فهو لمالك الأرض، و عليه الخمس، و إذا كان في الأرض المفتوحة عنوة التي هي ملك المسلمين ملكه المخرج، إذا أخرجه بإذن ولي المسلمين، على الأحوط وجوبا، و فيه الخمس و ما كان في الأرض الموات حال الفتح يملكه المخرج و فيه الخمس.

(مسألة 1195): إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط- استحبابا- الاختبار مع الامكان، و مع عدمه لا يجب عليه شي ء، و كذا إذا اختبره فلم يتبين له شي ء. نعم إذا علم إجمالا أو اطمأن كذلك بوقوعه في مخالفة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 333

الواقع في بعض الدفعات يجب عليه الاحتياط.

[وجوب الخمس في الكنز]

(الثالث): الكنز.

و هو المال المذخور في موضع، أرضا كان، أم جدارا، أم غيرهما فإنه لواجده، و عليه الخمس، هذا فيما إذا كان المال المدّخر ذهبا أو فضة مسكوكين، و كذا في غيرهما على الأحوط لو لم يكن أظهر. و يعتبر في جواز تملك الكنز أن لا يعلم أنه لمسلم سواء وجده في دار الحرب أم في دار الإسلام، مواتا كان حال الفتح أم عامرة، أم في خربة باد أهلها، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن، و يشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب، و هو أقل نصابي الذهب و الفضة مالية في وجوب الزكاة، و لا فرق بين الاخراج دفعة و دفعات و يجري هنا أيضا استثناء المؤنة، و حكم بلوغ النصاب قبل استثنائها و حكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب، كما تقدم في المعدن، و إن علم أنه لمسلم، فإن كان موجودا و عرفه

دفعه إليه، و إن جهله وجب عليه التعريف على الأحوط، فإن لم يعرف المالك أو كان المال مما لا يمكن تعريفه تصدق به عنه على الأحوط وجوبا، و إذا كان المسلم قديما فالأظهر أن الواجد يملكه، و فيه الخمس، و الأحوط- استحبابا- إجراء حكم ميراث من لا وراث له عليه.

(مسألة 1196): إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له، فإن ملكها بالاحياء كان الكنز له، و عليه الخمس، إلا أن يعلم أنه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الأحكام المتقدمة، و إن ملكها بالشراء و نحوه فالأحوط أن يعرفه المالك السابق واحدا أم متعددا، فإن عرفه دفعه إليه و إلا عرفه السابق، مع العلم بوجوده في ملكه، و هكذا فإن لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إذا لم يعلم أيضا أنه لمسلم موجود أو قديم، و إلا جرت عليه الأحكام المتقدمة، و كذا إذا وجده في ملك غيره، إذا كان تحت يده باجارة و نحوها، فإنه يعرفه المالك، فإن عرفه دفعه إليه، و إلا فالأحوط- وجوبا-

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 334

أن يعرفه السابق، مع العلم بوجوده في ملكه، و هكذا فإن لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إلا أن يعلم أنه لمسلم موجود أو قديم فيجري عليه ما تقدم.

(مسألة 1197): إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالا عرّفه البائع فإن لم يعرفه كان له، و كذا الحكم في الحيوان غير الدابة، مما كان تحت يد البائع، و أما إذا اشترى سمكة و وجد في جوفها مالا، فهو له من دون تعريف، و لا يجب في جميع ذلك الخمس بعنوان الكنز، بل يجري عليه حكم الفائدة و الربح.

[وجوب الخمس في الغوص]

(الرابع): ما أخرج من البحر بالغوص.

من الجوهر و غيره، لا

مثل السمك و نحوه من الحيوان.

(مسألة 1198): الأحوط وجوب الخمس فيه و إن لم تبلغ قيمته دينارا.

(مسألة 1199): إذا أخرج بآلة من دون غوص فالأحوط- وجوبا- جريان حكم الغوص عليه.

(مسألة 1200): الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.

(مسألة 1201): لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن أخرج بالغوص، و إن أخذ من وجه الماء أو الساحل، فالأظهر دخوله في أرباح المكاسب.

[وجوب الخمس في الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم]

(الخامس): الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم.

فإنه يجب فيها الخمس على الأقوى، و لا فرق بين الأرض الخالية و أرض الزرع، و أرض الدار، و غيرها، و لا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الأرض، بل إذا وقع على مثل الدار أو الحمام، أو الدكان وجب الخمس في الأرض، كما أنه لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 335

المعاوضات أو الانتقال المجاني.

(مسألة 1202): إذا اشترى الأرض ثمّ أسلم لم يسقط الخمس، و كذا إذا باعها من مسلم، فإذا اشتراها منه- ثانيا- وجب خمس آخر، فإن كان الخمس الأول دفعه من العين كان الخمس الثاني خمس الأربعة أخماس الباقية، و إن كان دفعه من غير العين كان الخمس الثاني خمس تمام العين على الأحوط، نعم إذا كان المشتري من الشيعة جاز له التصرف فيها، من دون إخراج الخمس.

(مسألة 1203): يتعلق الخمس برقبة الأرض المشتراة، و يتخير الذمي بين دفع خمس العين و دفع قيمته، فلو دفع أحدهما وجب القبول، و إذا كانت الأرض مشغولة بشجرة أو بناء، فإن اشتراها على أن تبقى مشغولة بما فيها بأجرة أو مجانا قوم خمسها كذلك، و إن اشتراها على أن يقلع ما فيها قوم أيضا

كذلك.

(مسألة 1204): إذا اشترى الذمي الأرض، و شرط على المسلم البائع أن يكون الخمس عليه، أو أن لا يكون فيها الخمس بطل الشرط و إن اشترط أن يدفع الخمس عنه صح الشرط، و لكن لا يسقط الخمس إلا بالدفع.

[حكم المال المختلط بالحرام]

(السادس): المال المخلوط بالحرام.

إذا لم يتميز، و لم يعرف مقداره، و لا صاحبه فإنه يحل بإخراج خمسه، و الأحوط صرفه بقصد الأعم من المظالم و الخمس، فإن علم المقدار و لم يعلم المالك تصدق به عنه سواء كان الحرام بمقدار الخمس، أم كان أقل منه، أم كان أكثر منه و الأحوط- وجوبا- أن يكون باذن الحاكم الشرعي و إن علم المالك و جهل المقدار تراضيا بالصلح، و إن لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه إن رضي بالتعيين و إلا تعين الرجوع إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 336

الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، و حينئذ إن رضي بالتعيين فهو، و إلا أجبره الحاكم عليه، و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه، و يكون التعيين بالتراضي بينهما.

(مسألة 1205): إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه بل علمه في عدد محصور، فالأحوط التخلص من الجميع باسترضائهم، فإن لم يمكن ففي المسألة وجوه، أقربها العمل بالقرعة في تعيين المالك، و كذا الحكم إذا لم يعلم قدر المال، و علم صاحبه في عدد محصور.

(مسألة 1206): إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس فإن علم جنسه و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه، و إن لم يعرفه، فإن كان في عدد محصور، فالأحوط- وجوبا- استرضاء الجميع، و إن لم يمكن عمل بالقرعة، و إن كان في عدد غير محصور تصدق

به عنه، و الأحوط- وجوبا- أن يكون بإذن الحاكم الشرعي، و إن علم جنسه و جهل مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل، فإن عرف المالك رده إليه و إلا فإن كان في عدد محصور، فالأحوط- وجوبا- استرضاء الجميع فإن لم يمكن رجع إلى القرعة، و إلا تصدق به على المالك، و الأحوط- وجوبا- أن يكون بإذن الحاكم، و إن لم يعرف جنسه و كان قيميا فالحكم كما لو عرف جنسه، و إن لم يعرف جنسه و كان مثليا، فإن أمكن المصالحة مع المالك تعين ذلك، و إلا فلا يبعد العمل بالقرعة بين الأجناس.

(مسألة 1207): إذا تبين المالك بعد دفع الخمس فالظاهر عدم الضمان له.

(مسألة 1208): إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس فالأحوط دفع الزائد أيضا، و إذا علم أنه انقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام على الأحوط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 337

(مسألة 1209): إذا كان الحرام المختلط من الخمس، أو الزكاة أو الوقف العام، أو الخاص لا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة، أو الوقف على أحد الوجوه السابقة.

(مسألة 1210): إذا كان الحلال الذي اختلط به الحرام قد تعلق به الخمس، قيل وجب عليه بعد إخراج خمس التحليل خمس الباقي فإذا كان عنده خمسة و سبعون دينارا وجب تخميسه ثمّ تخميس الباقي فيبقى له من مجموع المال ثمانية و أربعون دينارا، و لكن الظاهر كفاية استثناء خمس المال الحلال المتيقن أولا، ثمّ تخميس الباقي فإذا فرضنا في المثال أن خمسين دينارا من المال المخلوط حلال جزما، و قد تعلق به الخمس و مقدار

الحرام مردد بين أن يكون أقل من الخمس أو أكثر منه، فيجزيه أن يستثني عشرة دنانير خمس الخمسين، ثمّ يخمس الباقي فيبقى له اثنان و خمسون دينارا.

هذا فيما إذا أخرج خمس المال الحلال المتيقن من مال آخر لا من نفس المال المختلط و إلا تعين تخميس التحليل أولا ثمّ تخميس الباقي.

(مسألة 1211): إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه بالاتلاف، فالأظهر حينئذ اشتغال ذمته بنفس المال الحرام و يجري عليه ما ذكرناه في مسألة 1206، و إن تردد بين الأقل و الأكثر جاز له الاقتصار على الأقل و الأحوط دفع الأكثر.

[ما يفضل عن المؤنة]

(السابع): ما يفضل عن مئونة سنته.

له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات، و التجارات، و الاجارات، و حيازة المباحات، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالمال الموصى به، و نماء الوقف الخاص أو العام و الميراث الذي لا يحتسب، و الصدقة لو اتخذ شي ء منها كسبا كالسائل بالصدقات، و الظاهر عدم وجوبه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 338

في المهر، و في عوض الخلع، و في الجائزة إذا عدّت عرفا شيئا يسيرا.

(مسألة 1212): الأحوط- إن لم يكن أقوى- إخراج خمس ما زاد عن مئونته مما ملكه بالخمس، أو الزكاة، أو الكفارات، أو رد المظالم أو نحوها.

(مسألة 1213): إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها، و قد أداه فنمت، و زادت زيادة منفصلة، كالولد، و الثمر، و اللبن، و الصوف، و نحوها، مما كان منفصلا، أو بحكم المنفصل- عرفا- فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة أيضا، كنمو الشجر و سمن الشاة إذا كانت للزيادة مالية عرفا و أما إذا

ارتفعت قيمتها السوقية- بلا زيادة عينية- فإن كان الأصل قد اشتراه و أعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور، و إن لم يكن قد اشتراه لم يجب الخمس في الارتفاع، و إذا باعه بالسعر الزائد لم يجب الخمس في الزائد من الثمن، كما إذا ورث من أبيه بستانا قيمته مائة دينار فزادت قيمته، و باعه بمائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة و إن كان قد اشتراه بمائة دينار، و لم يعده للتجارة فزادت قيمته، و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة، نعم إذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة، و تكون من أرباح سنة البيع.

[أقسام ما زادت قيمته]

فأقسام ما زاد قيمته ثلاثة:

(الأول): ما يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن لم يبعه، و هو ما اشتراه للتجارة.

(الثاني): ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالارث و نحوه، مما لم يتعلق به الخمس بما له من المالية، و إن أعده للتجارة. و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة فيما إذا لم يكن متعلقا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 339

للخمس من الأول أو كان متعلقا للخمس و قد أداه سواء كان الأداء من نفس المال أو من مال آخر من النقود فإنه حينئذ أداء الخمس لا عوضه.

(الثالث): ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، و هو ما ملكه بالشراء، أو نحو ذلك، بقصد الاقتناء أو المؤنة لا التجارة.

(مسألة 1214): الذين يملكون الغنم يجب عليهم- في آخر السنة- إخراج خمس الباقي، بعد مئونتهم من نماء الغنم من الصوف، و السمن، و اللبن، و السخال المتولدة منها، و إذا بيع شي ء

من ذلك في أثناء السنة و بقي شي ء من ثمنه وجب إخراج خمسه أيضا، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات، فإنه يجب تخميس ما يتولد منها، إذا كان باقيا في آخر السنة بنفسه أو ثمنه.

(مسألة 1215): إذا عمر بستانا و غرس فيه نخلا و شجرا للانتفاع بثمره لم يجب إخراج خمسه، إذا صرف عليه مالا لم يتعلق به الخمس كالموروث، أو مالا قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو مالا فيه الخمس، كأرباح السنة السابقة و لم يخرج خمسه، نعم يجب عليه إخراج خمس المال نفسه، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة- قبل تمام السنة- وجب إخراج خمس نفس تعمير البستان، بعد استثناء مئونة السنة، و وجب أيضا الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، و السعف، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضا على ما عرفت، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديدا في السنة الثانية، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه، مثل: (التال) الذي ينبت فيقلعه و يغرسه، و كذا إذا نبت جديدا لا بفعله، كالفسيل و غيره، إذا كان له مالية، و بالجملة كل ما يحدث جديدا من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مئونة سنته، و لا يجب الخمس في ارتفاع القيمة في هذه الصورة، نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل، و أجرة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 340

الفلاح، و غير ذلك وجب الخمس في الزائد، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع، و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في

آخر السنة، و إن لم يبعه كما عرفت.

(مسألة 1216): إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها في أثناء السنة، و لم يبعها غفلة، أو طلبا للزيادة، أو لغرض آخر ثمّ رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة بل إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة، و لم يبعها من دون عذر و بعدها نقصت قيمتها لم يضمن النقص، نعم يجب عليه أداء الخمس من الباقي بالنسبة.

[استثناء المؤنة من الأرباح]

(مسألة 1217): المؤنة المستثناة من الأرباح، و التي لا يجب فيها الخمس فيها أمران مئونة تحصيل الربح، و مئونة سنته، و المراد من مئونة التحصيل كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجرة الحمال، و الدلال، و الكاتب، و الحارس، و الدكان، و كذا في ضرائب السلطان إذا أخذت قبل أداء الخمس، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح، ثمّ يخمس الباقي، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلا إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين، و المائتان الباقيتان من المؤنة. و المراد من مئونة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته، في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله، أم في صدقاته و زياراته، و هداياه و جوائزه المناسبة له، أم في ضيافة أضيافه، أم وفاء بالحقوق

اللازمة له بنذر أو كفارة، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ، أو فيما يحتاج إليه من دابة و جارية، و كتب و أثاث، أو في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك، فالمئونة كل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 341

مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه، على نحو الوجوب، أم الاستحباب أم الاباحة، أم الكراهة، نعم لا بد في المؤنة المستثناة من الصرف فعلا فإذا قتر على نفسه لم يحسب له، كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المؤنة، و أيضا لا بد أن يكون الصرف على النحو المتعارف، فإذا زاد عليه وجب خمس التفاوت، و إذا كان المصرف سفها و تبذيرا لا يستثنى المقدار المصروف، بل يجب فيه الخمس، و الأحوط التخميس فيما إذا كان المصرف راجحا شرعا، و كان غير متعارف من مثل المالك مثل عمارة المساجد، و الانفاق على الضيوف ممن هو قليل الربح.

[المراد من رأس السنة]

(مسألة 1218): رأس سنة المؤنة وقت ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب، و إن لكل ربح سنة تخصه، و من الجائز أن يجعل الإنسان لنفسه رأس سنة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة، و إن كانت من أنواع مختلفة، كالتجارة، و الاجارة، و الزراعة، و غيرها، و يخمس ما زاد على مئونته، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مئونته في آخر تلك السنة.

[اتخاذ رأس المال من الأرباح]

(مسألة 1219): إن من كان بحاجة إلى رأس مال، لإعاشة نفسه و عياله فحصل على مال لا يزيد على مئونة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، فالظاهر أنه من المؤنة، فيجوز اتخاذه رأس مال، و الاتجار به لإعاشة نفسه و عائلته من أرباحها، فإن زاد الربح على المؤنة خمّس الزائد و إن لم يزد عليها لم يجب عليه شي ء، و إن كان قد حصل على ما يزيد على مئونة سنته جاز له أن يتخذ مقدار مئونته من ذلك المال رأس مال له، يتجر به لإعاشة نفسه و عائلته، و لا يجب الخمس في ذلك المقدار حينئذ، و إنما يجب في الباقي، و فيما يزيد على مئونته من أرباح ذلك المال. نعم لو توقف تحصيل مئونة السنة على التجارة بمجموع المال الزائد على مئونة سنته ففي وجوب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 342

خمس الزائد مع اشتغاله بالتجارة و ضرورته عليها كما هو الفرض تأمل و لكنه أحوط.

و أما من لم يكن بحاجة إلى اتخاذ رأس مال للتجارة، لإعاشة نفسه و عياله كمن كان عنده رأس مال بمقدار الكفاية، أو لم يكن محتاجا في إعاشته و عائلته إلى التجارة لم يجز له أن

يتخذ من أرباحه رأس مال للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه إخراج خمسه أولا ثمّ اتخاذه رأس مال له، و في حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من آلات الصناعة، و الزارع من آلات الزراعة فقد يجب إخراج خمس ثمنها و قد لا يجب، فإن وجب إخراج خمس ثمنها و نقصت آخر السنة تلاحظ القيمة آخر السنة.

(مسألة 1220): كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالا في سبيل إخراج معدن استثنى ذلك من المخرج و لو كان الاخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالا في سبيل حصول الربح، و من ذلك النقص الوارد على المصانع، و السيارات، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

(مسألة 1221): لا فرق في مئونة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول و المشروب، و ما ينتفع به- مع بقاء عينه- مثل الدار، و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها، فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح، و إن بقيت للسنين الآتية، نعم إذا كان عنده شي ء منها قبل الاكتساب، لا يجوز استثناء قيمته، بل حاله حال من لم يكن محتاجا إليها.

(مسألة 1222): يجوز إخراج المؤنة من الربح، و إن كان له مال غير مال التجارة فلا يجب إخراجها من ذلك المال، و لا التوزيع عليهما.

(مسألة 1223): إذا زاد ما اشتراه للمئونة من الحنطة، و الشعير،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 343

و السمن، و السكر، و غيرها وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها-

مع بقاء عينها- إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، سواء كان الاستغناء عنها بعد السنة، كما في حليّ النساء الذي يستغنى عنه في عصر الشيب، أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، بلا فرق بين ما كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة، و ما لم تكن كذلك.

(مسألة 1224): إذا كانت الأعيان المصروفة في مئونة السنة قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها- حين الاستهلاك في أثناء السنة- لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك، بل يستثنى قيمة الشراء.

(مسألة 1225): ما يدخره من المؤن، كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شي ء إلى السنة الثانية- و كان أصله مخمسا- لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح.

(مسألة 1226): إذا اشترى بعين الربح في سنته شيئا، فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه، و الأحوط- استحبابا- مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال، و كذا إذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة، و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة بنمائهما، فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها، بل قيمتها و إن كانت أقل منه، و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة، ثمّ وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة، و إن كان الأحوط- استحبابا- في الجميع ملاحظة الثمن.

[مصارف الحج من المؤنة]

(مسألة 1227): من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج- و لو عصيانا- وجب خمس ذلك المقدار

من الربح و لم يستثن له، و إذا حصلت الاستطاعة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 344

من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا، أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه، نعم إذا لم يحج- و لو عصيانا- وجب إخراج خمسه.

(مسألة 1228): إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، و في الثانية خشبا و حديدا، و في الثالثة آجرا مثلا، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لأنه مئونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى، فعليه خمس تلك الأعيان.

(مسألة 1229): إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الاجارة من أرباحها، و ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين، و أما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع، و وجب فيه الخمس بعد المؤنة، و بعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة، مثلا: إذا كان له بستان يسوي ألف دينار، فباع ثمرته عشر سنين بأربعمائة دينار، و صرف منها في مئونته مائة دينار فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار لم يجب الخمس في تمامه، بل لا بد من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين، فإذا فرضنا أنه لا يسوي كذلك بأزيد من ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في مائة دينار فقط، و بذلك يظهر الحال فيما إذا آجر داره- مثلا- سنين متعددة.

(مسألة

1230): إذا دفع من السهمين أو أحدهما، ثمّ بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فإن كان ما دفعه من أرباح هذه السنة حسب المدفوع من الأرباح و وجب إخراج خمس الجميع و لو بوضع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 345

مقدار خمس ربح السنة الماضية من رأس ماله الموجود في أول سنته.

[أداء الدين من المؤنة]

(مسألة 1231): أداء الدين من المؤنة سواء أ كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها، تمكن من أدائه قبل ذلك أم لا، نعم إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمئونة السنة و بعد ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه، و لا فرق فيما ذكرنا بين الدين العرفي و الشرعي، كالخمس، و الزكاة، و النذر، و الكفارات، و كذا في مثل أروش الجنايات و قيم المتلفات و شروط المعاملات فإنه إن أداها من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه، و إن كان حدوثها في السنة السابقة، و إلا وجب الخمس، و إن كان عاصيا بعدم أدائها.

(مسألة 1232): إذا اشترى ما ليس من المؤنة بالذمة، أو استدان شيئا لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجودا، و لم يكن من المؤنة لم يجز له أداء دينه من أرباح سنته، بل يجب عليه التخميس و أداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس.

[جبر الخسارة من الربح]

(مسألة 1233): إذا اتجر برأس ماله- مرارا متعددة في السنة- فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت، و ربح في آخر، فإن كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له يجبر الخسران بالربح، فإن تساوى الخسران و الربح فلا خمس، و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة، و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة. و أما إذا كان الربح بعد الخسران فالأظهر الجبر فيما كان شراء

ما خسر في بيعه بعد شراء ما ربح في بيعه أو مقارنا له و إلا فالأحوط عدم الجبر، و يجري الحكم المذكور فيما إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة، كما إذا اشترى ببعضه حنطة، و ببعضه سمنا، فخسر في أحدهما و ربح في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 346

الآخر، و كذا الحكم فيما إذا تلف بعض رأس المال، أو صرفه في نفقاته، بل إذا أنفق من ماله غير مال التجارة في مئونته بعد حصول الربح جاز له أن يجبر ذلك من ربحه، و ليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، و إنما عليه خمس الزائد لا غير، و كذلك حال أهل المواشي، فإنه إذا باع بعضها لمئونته، أو مات بعضها أو سرق فإنه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك، ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد على الأمهات بقيمة السخال المتولدة، فإنه يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة، من الصوف و السمن و اللبن و غير ذلك، فيجبر النقص، و يخمس ما زاد على الجبر، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال- مع أرباحه الأخرى- لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

(مسألة 1234): إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في أحدهما و خسر في الآخر، ففي جبر الخسارة بالربح إشكال و لا يبعد ذلك و إن كان الأحوط عدم الجبر.

(مسألة 1235): إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب، و لا من مئونته ففي الجبر- حينئذ- إشكال، و الأظهر عدم الجبر.

(مسألة 1236): إذا انهدمت دار سكناه، أو تلف بعض أمواله- مما هو من مئونته- كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و

نحو ذلك، ففي الجبر من الربح إشكال، و الأظهر عدم الجبر، نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، و يكون ذلك من الصرف في المؤنة المستثناة من الخمس.

(مسألة 1237): لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما، فاستقاله البائع فأقاله، لم يسقط الخمس إلا إذا كان من شأنه أن يقيله كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 347

(مسألة 1238): إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف الخمس و رجع عليه الحاكم و كذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاء لدين أو هبة، أو عوضا لمعاملة، فإنه ضامن للخمس، و يرجع الحاكم عليه، و لا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمنا، و إذا كان ربحه حبا فبذره فصار زرعا وجب خمس الحب لا خمس الزرع، و إذا كان بيضا فصار دجاجا وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج، و إذا كان ربحه أغصانا فغرسها فصارت شجرا وجب عليه خمس الشجر، لا خمس الغصن، فالتحول إذا كان من قبيل التولد وجب خمس الأول، و إذا كان من قبيل النمو وجب خمس الثاني.

(مسألة 1239): إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثمّ انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية، نعم يجوز له أن يرجع به على الفقير، مع بقاء عينه، و كذا مع تلفها إذا كان عالما بالحال.

(مسألة 1240): إذا جاء رأس الحول، و كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، و يخمس بعد إخراج

المؤن، و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم إذا كان له أصل موجود له قيمة أخرج خمسه في آخر السنة و الفرع يكون من أرباح السنة اللاحقة، مثلا في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل، و بعضه قصيل لا سنبل له وجب إخراج خمس الجميع، و إذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها، لا من أرباح السنة السابقة.

(مسألة 1241): إذا كان الغوص و إخراج المعدن مكسبا كفاه إخراج خمسهما، و لا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب.

(مسألة 1242): المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس إذا عال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 348

بها الزوج و كذا إذا لم يعل بها الزوج و زادت فوائدها على مئونتها، بل و كذا الحكم إذا لم تكسب، و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال، و بالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها، قليلا كان أم كثيرا، و يخرج خمسه، كاسبا كان أم غير كاسب.

[اشتراط الخمس بالتكليف]

(مسألة 1243): الظاهر اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز، و الغوص، و المعدن، و الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، فلا يجب الخمس في مال الصبي و المجنون على الولي، و لا عليهما بعد البلوغ و الافاقة. غير الحلال المختلط بالحرام فإنه يجب على الولي إخراج الخمس و إن لم يخرج فيجب عليهما الاخراج بعد البلوغ و الافاقة.

(مسألة 1244): إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤنة،

فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عينا أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح، و أما إذا اشترى شيئا بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضا عينا أو قيمة، و أما إذا كان الشراء في الذمة، كما هو الغالب، و كان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته ما لم يبعه، و إذا علم أنه أدى الثمن من ربح لم يخمسه، و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب الخمس في ارتفاع القيمة أيضا، أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا بمقدار الثمن فقط، فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي.

[حكم من لا يحاسب نفسه]

(مسألة 1245): إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 349

و قد ربح فيها و استفاد أموالا، و اشترى منها أعيانا و أثاثا، و عمر ديارا ثمّ التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس، من هذه الفوائد فالواجب عليه إخراج الخمس، من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه، مما لم يكن معدودا من المؤنة، مثل الدار التي لم يتخذها دار سكنى و الأثاث الذي لا يحتاج إليه أمثاله، و كذا الحيوان و الفرس و غيرها على تفصيل مرّ في المسألة السابقة أما ما يكون معدودا من المؤنة مثل دار السكنى و الفراش و الأواني اللازمة له و نحوها، فإن كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد اشتراه فيها لم يجب إخراج الخمس منه، و إن كان قد اشتراه من ربح السنة السابقة، بأن كان لم يربح في

سنة الشراء، أو كان ربحه لا يزيد على مصارفه اليومية وجب عليه إخراج خمسه، على التفصيل المتقدم و إن كان ربحه يزيد على مصارفه اليومية، لكن الزيادة أقل من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه إخراج خمس مقدار التفاوت، مثلا إذا عمر دارا لسكناه بألف دينار و كان ربحه في سنة التعمير يزيد على مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب إخراج خمس ثمانمائة دينار، و كذا إذا اشترى أثاثا بمائة دينار، و كان قد ربح زائدا على مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة، و الأثاث الذي اشتراه محتاج إليه وجب تخميس تسعين دينارا و إذا لم يعلم أن الأعيان التي اشتراها، و كان يحتاج إليها يساوي ثمنها ربحه في سنة الشراء أو أقل منه، أو أنه لم يربح في سنة الشراء زائدا على مصارفه اليومية فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي، و إذا علم أنه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه و أنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة وجب إخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة.

(مسألة 1246): قد عرفت أن رأس السنة أول ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف رأس سنة للأرباح الآتية، و يجوز جعل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 350

السنة عربية و رومية، و فارسية، و غيرها.

(مسألة 1247): يجب على كل مكلف- في آخر السنة- أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مئونته، مما ادخره في بيته لذلك، من الأرز، و الدقيق، و الحنطة، و الشعير، و السكر، و الشاي، و النفط، و الحطب، و الفحم، و السمن، و الحلوى،

و غير ذلك من أمتعة البيت، مما أعد للمئونة فيخرج خمس ما زاد من ذلك. نعم إذا كان عليه دين استدانه لمئونة السنة و كان مساويا للزائد لم يجب الخمس في الزائد، و كذا إذا كان أكثر، أما إذا كان الدين أقل أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير، و إذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية، فوفى الدين في أثنائها قيل صارت معدودة من أرباح السنة الثانية، فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مئونة تلك السنة، و كذا الحكم إذا اشترى أعيانا لغير المؤنة- كبستان- و كان عليه دين للمئونة يساويها لم يجب إخراج خمسها، فإذا وفى الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها، و وجب إخراج خمسها آخر السنة، و إذا اشترى بستانا- مثلا- بثمن في الذمة مؤجلا فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس البستان، فإذا وفى تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية و وجب إخراج خمسها، فإذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة، و وجب إخراج خمس النصف، فإذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة، و هكذا كلما وفى جزءا من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة و لكنه إنّما يصح في الصورة الأخيرة و أما في غير الصورة الأخيرة و كذلك فيما إذا استقرض مالا و اشترى به البستان ثمّ وفى الدين من أرباح السنين اللاحقة فالأظهر فيها عدم وجوب الخمس في نفس الأعيان و البستان، و إنما يجب تخميس ما يؤديه وفاء لدينه. هذا إذا كان ذاك الشي ء موجودا، أما إذا تلف فلا خمس

فيما يؤديه لوفاء الدين، و كذا إذا ربح في سنة مائة دينار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 351

- مثلا- فلم يدفع خمسها العشرين دينارا حتى جاء السنة الثانية، فدفع من أرباحها عشرين دينارا وجب عليه خمس العشرين دينارا التي هي الخمس، مع بقائها، لا مع تلفها، و إذا فرض أنه اشترى دارا للسكنى فسكنها، ثمّ وفى في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار، و كذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار، و يجري هذا الحكم في كل ما اشترى من المؤن بالدين.

(مسألة 1248): إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية- مثلا- في وجه من وجوه البر وجب عليه الوفاء بنذره فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه، و إن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه، بعد إكمال مئونته.

(مسألة 1249): إذا كان رأس ماله مائة دينار مثلا فاستأجر دكانا بعشرة دنانير، و اشترى آلات للدكان بعشرة، و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الآلات فقط، و لا يجب إخراج خمس أجرة الدكان، لأنها من مئونة التجارة، و كذا أجرة الحارس، و الحمال، و الضرائب، التي يدفعها إلى السلطان على ما تقدم، و السرقفلية، فإن هذه المؤن مستثناة من الربح، و الخمس إنما يجب فيما زاد عليها، كما عرفت، نعم إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقا في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة، و إخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على

مقدار ما دفعه من السرقفلية، و ربما تنقص، و ربما تساوي.

(مسألة 1250): إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثمّ دفعه تدريجا من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن، بل يجب فيه الخمس، و كذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة فإن وفاءه من أرباح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 352

السنة الثانية لا يكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس إذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة، و إذا كان عوضا عن خمس عين أو أعيان تالفة فوفاؤه يحسب من المؤن، و لا خمس فيه.

(مسألة 1251): إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها دينا في ذمة الناس، فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه، و إن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة، فإذا استوفاه أخرج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة، لا من أرباح سنة الاستيفاء، و بين أن يقدر مالية الديون فعلا فيدفع خمسها، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء على الأحوط.

(مسألة 1252): يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة- احتياطا- للمئونة، فإذا أتلفه ضمن الخمس، و كذا إذا أسرف في صرفه، أو وهبه، أو اشترى أو باع على نحو المحاباة، إذا كانت الهبة، أو الشراء، أو البيع غير لائقة بشأنه و إذا علم أنه ليس عليه مئونة في باقي السنة، فالأحوط- استحبابا- أن يبادر إلى دفع الخمس، و لا يؤخره إلى نهاية السنة.

(مسألة 1253): إذا مات المكتسب- أثناء السنة بعد حصول الربح- فالمستثنى هو المؤنة إلى حين الموت، لا تمام السنة.

(مسألة 1254): إذا علم الوارث

أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه على الأحوط، و إذا علم أنه أتلف مالا له قد تعلق به الخمس وجب إخراج خمسه من تركته، كغيره من الديون.

(مسألة 1255): إذا اعتقد أنه ربح، فدفع الخمس فتبين عدمه، انكشف أنه لم يكن خمس في ماله، فيرجع به على المعطى له مع بقاء عينه، و كذا مع تلفها إذا كان عالما بالحال، و أما إذا ربح في أول السنة فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مئونة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مئونة لم تكن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 353

محتسبة، لم يجز له الرجوع إلى المعطى له، مع تلف عينه بل مع بقائها على الأحوط استحبابا.

(مسألة 1256): الخمس بجميع أقسامه و إن كان يتعلق بالعين، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين و دفع قيمتها، و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه بل الأحوط- وجوبا- عدم التصرف في بعضها أيضا، و إن كان مقدار الخمس باقيا في البقية و إذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي صح، و يسقط الحق من العين، فيجوز التصرف فيها.

(مسألة 1257): لا بأس بالشركة مع من لا يخمس، إما لاعتقاده لتقصير أو قصور بعدم وجوبه، أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين، و لا يلحقه و زر من قبل شريكه. و يجزيه أن يخرج خمسه من حصته في الربح.

(مسألة 1258): يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس، لكنه إذا اتجر بها عصيانا أو لغير ذلك فالظاهر صحة المعاملة، إذا كان طرفها مؤمنا و ينتقل الخمس إلى البدل، كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة، و ينتقل الخمس إلى ذمة الواهب، و

على الجملة كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجانا يملكه فيجوز له التصرف فيه، و قد أحل الائمة- سلام اللّه عليهم- ذلك لشيعتهم تفضلا منهم عليهم، و كذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء، فيما إذا أباحوها لهم، من دون تمليك، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن و الوزر على مانع الخمس، إذا كان مقصرا.

المبحث الثاني مستحق الخمس و مصرفه

اشارة

(مسألة 1259): يقسم الخمس في زماننا- زمان الغيبة- نصفين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 354

نصف لإمام العصر الحجة المنتظر- عجل اللّه تعالى فرجه و جعل أرواحنا فداه- و نصف لبني هاشم: أيتامهم، و مساكينهم، و أبناء سبيلهم، و يشترط في هذه الأصناف جميعا الإيمان، كما يعتبر الفقر في الأيتام، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم، و لو كان غنيا في بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض و نحوه على ما عرفت في الزكاة. و الأحوط وجوبا اعتبار أن لا يكون سفره معصية، و لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده، و الأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم.

(مسألة 1260): الأحوط- إن لم يكن أقوى- أن لا يعطى الفقير أكثر من مئونة سنته، و يجوز البسط و الاقتصار على إعطاء صنف واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف.

(مسألة 1261): المراد من بني هاشم من انتسب إليه بالأب، أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة، و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي و إن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي.

(مسألة 1262): لا يصدق من ادعى النسب إلا بالبينة، و يكفي في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده

كما يكفي كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان به.

(مسألة 1263): لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي على الأحوط. نعم إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك.

(مسألة 1264): يجوز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور و الأحوط استحبابا الدفع إلى الحاكم الشرعي أو استئذانه في الدفع إلى المستحق.

[النصف الراجع للإمام]

(مسألة 1265): النصف الراجع للإمام عليه و على آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى الفقيه المأمون العارف بمصارفه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 355

إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه، و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السّلام بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم اللّه تعالى شرفا و غيرهم، و الأحوط استحبابا نية التصدق به عنه عليه السّلام و اللازم مراعاة الأهم فالأهم، و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدين و رفع أعلامه، و ترويج الشرع المقدس، و نشر قواعده و أحكامه و مئونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين، و إرشاد الضالين، و نصح المؤمنين و وعظهم، و إصلاح ذات بينهم، و نحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم و تكميل نفوسهم، و علو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه و تقدست أسماؤه، و الأحوط لزوما مراجعة المرجع الأعلم أو المحتمل الأعلمية المطلع على الجهات العامة.

(مسألة 1266): يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلا و تسامحا في أداء الخمس و يجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير و إن كان هو في البلد الآخر كما يجوز دفعه إلى

وكيل الحاكم الشرعي، و كذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثمّ ينقله إليه.

(مسألة 1267): إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فاللازم عدم التساهل و التسامح في أداء الخمس و الأحوط تحري أقرب الأزمنة في الدفع، سواء أ كان بلد المالك، أم المال أم غيرهما.

(مسألة 1268): في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال، و عليه فإذا نقله إلى بلد لعدم وجود المستحق فتلف بلا تفريط يشكل فراغ ذمة المالك، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته، و لو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 356

(مسألة 1269): إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس إشكال، فالأحوط وجوبا الاستئذان من الحاكم الشرعي في الاحتساب المذكور، نعم إذا كان له دين من النقود في ذمّة المستحق لسهم السادة فلا يبعد جواز الاحتساب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 357

كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 359

من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال اللّه تعالى: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، و فسق شبابكم، و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: نعم. فقال: «كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، و نهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يكون ذلك؟ فقال: نعم، و شر

من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا؟».

و قد ورد عنهم عليهم السّلام أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و تمنع المظالم، و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم، و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف، و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء.

(مسألة 1270): يجب الأمر بالمعروف الواجب، و النهي عن المنكر وجوبا كفائيا، إن قام به واحد سقط عن غيره، إلا إذا احتمل الغير أنه لا يأتمر و لا ينتهي بمن قام بهما و أنه لو أمر أو نهى احتمل تأثير أمره و نهيه في ائتماره و انتهائه، و إذا لم يقم به واحد أثم الجميع و استحقوا العقاب.

(مسألة 1271): إذا كان المعروف مستحبا كان الأمر به مستحبا، فإذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 360

أمر به كان مستحقا للثواب، و إن لم يأمر به لم يكن عليه إثم و لا عقاب.

[شروط الأمر بالمعروف]

يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب، و النهي عن المنكر أمور:

الأول: معرفة المعروف و المنكر و لو إجمالا، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف و المنكر.

الثاني: احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فإذا لم يحتمل ذلك، و علم أن الشخص الفاعل لا يبالي بأمره أو نهيه، و لا يكترث بهما لا يجب عليه شي ء.

الثالث: أن يكون الفاعل مصرّا على ترك المعروف، و ارتكاب المنكر فإذا كانت امارة على الاقلاع، و ترك الاصرار لم يجب شي ء، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن

ترك واجبا، أو فعل حراما و لم يعلم أنه مصر على ترك الواجب، أو فعل الحرام ثانيا، أو أنه منصرف عن ذلك أو نادم عليه لم يجب عليه شي ء، هذا بالنسبة إلى من ترك المعروف، أو ارتكب المنكر خارجا. و أما من يريد ترك المعروف، أو ارتكاب المنكر فيجب أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر، و إن لم يكن قاصدا إلا المخالفة مرة واحدة.

الرابع: أن يكون المعروف و المنكر منجزا في حق الفاعل، فإن كان معذورا في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتقاد أن ما فعله مباح و ليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، و كان معذورا في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهادا، أو تقليدا لم يجب شي ء. نعم قد يجب إرشاد الجاهل بالموضوع في موارد يحرز اهتمام الشارع فيها بحيث لا ترخيص للجاهل في الارتكاب بل يجب عليه الاحتياط و إن كان الغافل فيها معذورا و هذا غير داخل في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

الخامس: أن لا يلزم من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ضرر في النفس، أو في العرض، أو في المال، على الآمر، أو على غيره من المسلمين،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 361

فإذا لزم الضرر عليه، أو على غيره من المسلمين لم يجب شي ء و الظاهر أنه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر و الظن به و الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف، هذا فيما إذا لم يحرز تأثير الأمر أو النهي و أما إذا أحرز ذلك فلا بد من رعاية الأهمية، فقد يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضا، فضلا عن الظن به أو احتماله.

(مسألة 1272): لا

يختص وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء و غيرهم، و العدول و الفساق، و السلطان و الرعية، و الأغنياء و الفقراء، إن قام به واحد سقط الوجوب عن غيره إلا في بعض الموارد على ما تقدم، و إن لم يقم به أحد أثم الجميع، و استحقوا العقاب.

[مراتب الإنكار]

للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب:

الأولى: الإنكار باللسان و القول بأن يعظه و ينصحه و يذكر له ما أعدّ اللّه سبحانه للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم أو يذكر له ما أعدّه اللّه تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم.

الثانية: الإنكار بالقلب بمعنى إظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف إمّا بإظهار الانزعاج من الفاعل أو الاعراض و الصدّ عنه أو ترك الكلام معه أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.

الثالثة: الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد، و المشهور الترتيب بين هذه المراتب مع تقديم المرتبة الثانية على الأولى، فإن كان إظهار الانكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، و إلا أنكر باللسان، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده، و لكن الظاهر تقديم الانكار باللسان على الانكار القلبي كما تقدم، و قد يلزم الجمع بينهما. و أما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 362

الأولين، بل الأحوط في هذا القسم بجميع مراتبه الاستيذان من الحاكم الشرعي و إلا ففي كونه من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إشكال.

(مسألة 1273): إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع

الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح و القتل وجهان، بل قولان أقواهما العدم، و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فإن الأقوى عدم جواز ذلك، و إذا أدى الضرب إلى ذلك- خطأ أو عمدا- فالأقوى الضمان.

فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، إن كان عمدا، و الخطائية إن كان خطأ. نعم يجوز للإمام و الحاكم الشرعي ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله، و حينئذ لا ضمان عليه.

(مسألة 1274): يتأكد وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلى أهله، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات، كالصلاة و أجزائها و شرائطها، بأن لا يأتوا بها على وجهها، لعدم صحة القراءة و الاذكار الواجبة، أو لا يتوضئوا وضوءا صحيحا أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم، حتى يأتوا بها على وجهها، و كذا الحال في بقية الواجبات، و كذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة، و العدوان من بعضهم على بعض، أو على غيرهم، أو غير ذلك من المحرمات، فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية و تجري المرتبة الثالثة هنا بلا حاجة إلى الاستيذان من الحاكم الشرعي.

(مسألة 1275): إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق، و علم أنه غير مصر عليها فلا يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إن لم يتب، نعم إذا كان جاهلا بلزوم التوبة و كونها مكفّرة للذنب وجب الارشاد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 363

فائدة:

قال بعض الأكابر (قدس سره):

إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعلاها و أتقنها و أشدها، خصوصا بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه، و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه، و يستكمل نفسه بالأخلاق الكريمة، و ينزهها عن الأخلاق الذميمة، فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف، و نزعهم المنكر خصوصا إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة فإن لكل مقام مقالا، و لكل داء دواء، و طب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة، و حينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ختام و فيه مطلبان:

المطلب الأول: في ذكر أمور هي من المعروف:

منها: الاعتصام باللّه تعالى، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّٰهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «أوحى اللّه عز و جل إلى داود ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثمّ تكيده السماوات و الأرض و من فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن».

و منها: التوكل على اللّه سبحانه، الرءوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحه و القادر على قضاء حوائجهم. و إذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل أعلى نفسه، أم على غيره مع عجزه و جهله؟ قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الغنى و العز يجولان، فإذا ظفرا بموضع من التوكل أوطنا».

و منها: حسن الظن باللّه تعالى، قال أمير المؤمنين عليه السّلام فيما قال:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 364

«و الذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن باللّه إلا كان اللّه عند ظن عبده المؤمن، لأن اللّه كريم بيده

الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن، ثمّ يخلف ظنه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظن و ارغبوا إليه».

و منها: الصبر عند البلاء، و الصبر عن محارم اللّه، قال اللّه تعالى:

إِنَّمٰا يُوَفَّى الصّٰابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حديث: «فاصبر فإنّ في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، و اعلم أن النصر مع الصبر، و أن الفرج مع الكرب، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا»، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «لا يعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان»، و قال عليه السّلام: «الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل، و أحسن من ذلك الصبر عمّا حرم اللّه تعالى عليك».

و منها: العفة، قال أبو جعفر عليه السّلام: «ما عبادة أفضل عند اللّه من عفة بطن و فرج»، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّما شيعة جعفر عليه السّلام من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر» عليه السّلام.

و منها: الحلم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ما أعزّ اللّه بجهل قط، و لا أذل بحلم قط»، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل»، و قال الرضا عليه السّلام: «لا يكون الرجل عابدا حتى يكون حليما».

و منها: التواضع، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من تواضع للّه رفعه اللّه، و من تكبر خفضه اللّه، و من اقتصد في معيشته رزقه اللّه، و من بذّر حرمه اللّه، و من أكثر ذكر الموت أحبّه اللّه تعالى».

و

منها: إنصاف الناس، و لو من النفس، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك، و مواساة الأخ في اللّه تعالى على كل حال».

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 365

و منها: اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب الناس، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«طوبى لمن شغله خوف اللّه عز و جل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين» و قال صلّى اللّه عليه و آله: «إن أسرع الخير ثوابا البر، و إن أسرع الشر عقابا البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه».

و منها: إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

«من أصلح سريرته أصلح اللّه تعالى علانيته، و من عمل لدينه كفاه اللّه دنياه، و من أحسن فيما بينه و بين اللّه أصلح اللّه ما بينه و بين الناس».

و منها: الزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه، و أطلق بها لسانه، و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها، و أخرجه منها سالما إلى دار السلام»، و قال رجل قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «إني لا ألقاك إلا في السنين فاوصني بشي ء حتى آخذ به؟ فقال عليه السّلام: أوصيك بتقوى اللّه، و الورع و الاجتهاد، و إياك أن تطمع إلى من فوقك، و كفى بما قال اللّه عز و جل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَ لٰا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلىٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ

أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و قال تعالى: فَلٰا تُعْجِبْكَ أَمْوٰالُهُمْ وَ لٰا أَوْلٰادُهُمْ فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنما كان قوته من الشعير، و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده، و إذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط».

المطلب الثاني: في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر:

منها: الغضب. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل»، و قال أبو عبد اللّه: «الغضب مفتاح كل شر» و قال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 366

أبو جعفر عليه السّلام: «إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قومه و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان، و أيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت».

و منها: الحسد، قال أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب»، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم لأصحابه:

«إنه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم، و هو الحسد ليس بحالق الشعر، و لكنه حالق الدين، و ينجي فيه أن يكف الإنسان يده، و يخزن لسانه، و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن».

و منها: الظلم، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده»، و قال عليه السّلام: «ما ظفر بخير من ظفر بالظلم، أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال

المظلوم».

و منها: كون الإنسان ممن يتقى شره، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «شر الناس عند اللّه يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم»، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «و من خاف الناس لسانه فهو في النار». و قال عليه السّلام: «إن أبغض خلق اللّه عبد اتقى الناس لسانه»، و لنكتف بهذا المقدار.

و الحمد للّه أولا و آخرا، و هو حسبنا و نعم الوكيل ...

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 367

كتاب الجهاد و فيه فصول

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 369

[تعريف الجهاد]

الجهاد مأخوذ من الجهد- بالفتح- بمعنى التعب و المشقّة أو من الجهد- بالضم- بمعنى الطاقة، و المراد به هنا القتال لإعلاء كلمة الإسلام و إقامة شعائر الإيمان.

الفصل الأول فيمن يجب قتاله، و هم طوائف ثلاث

الطائفة الأولى: الكفّار المشركون غير أهل الكتاب، فإنه يجب دعوتهم إلى كلمة التوحيد و الإسلام، فإن قبلوا و إلا وجب قتالهم و جهادهم إلى أن يسلموا أو يقتلوا و تطهّر الأرض من لوث وجودهم.

و لا خلاف في ذلك بين المسلمين قاطبة، و يدلّ على ذلك غير واحد من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى: فَلْيُقٰاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا بِالْآخِرَةِ «1» و قوله تعالى: وَ قٰاتِلُوهُمْ حَتّٰى لٰا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ «2» و قوله تعالى: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتٰالِ «3» و قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ «4» و قوله تعالى:

______________________________

(1) سورة النساء: الآية 74.

(2) سورة الأنفال: الآية 39.

(3) سورة الأنفال: الآية 65.

(4) سورة التوبة، الآية 5.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 370

وَ قٰاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمٰا يُقٰاتِلُونَكُمْ كَافَّةً «1» و غيرها من الآيات.

و الروايات المأثورة في الحثّ على الجهاد- و أنه ممّا بني عليه السلام و من أهم الواجبات الإلهية- كثيرة، و القدر المتيقّن من مواردها هو الجهاد مع المشركين «2».

الطائفة الثانية: أهل الكتاب من الكفّار، و هم اليهود و النصارى، و يلحق بهم المجوس و الصابئة، فإنه يجب مقاتلتهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون، و يدل عليه الكتاب و السنّة.

قال اللّه تعالى: قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ لٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لٰا يُحَرِّمُونَ مٰا حَرَّمَ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ لٰا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ

وَ هُمْ صٰاغِرُونَ «3» و الروايات الواردة في اختصاص أهل الكتاب بجواز أخذ الجزية منهم كثيرة و سيجي ء البحث عنه.

الطائفة الثالثة: البغاة، و هم طائفتان:

إحداهما: الباغية على الإمام عليه السّلام، فإنه يجب على المؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر اللّه و إطاعة الإمام عليه السّلام، و لا خلاف في ذلك بين المسلمين و سيجي ء البحث عن ذلك.

و الأخرى: الطائفة الباغية على الطائفة الأخرى من المسلمين، فإنه يجب على سائر المسلمين أن يقوموا بالإصلاح بينهما، فإن ظلّت الباغية على بغيها قاتلوها حتى تفي ء إلى أمر اللّه. قال اللّه تعالى: وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا عَلَى الْأُخْرىٰ فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّٰى تَفِي ءَ إِلىٰ أَمْرِ اللّٰهِ «4».

______________________________

(1) سورة التوبة، الآية 36.

(2) الوسائل: ج 11، باب 1 من أبواب جهاد العدو و غيره.

(3) سورة التوبة: الآية 29.

(4) سورة الحجرات: الآية 9.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 371

الفصل الثاني في الشرائط

اشارة

يشترط في وجوب الجهاد أمور:

الأول: التكليف، فلا يجب على المجنون و لا على الصبيّ.

الثاني: الذكورة، فلا يجب على المرأة اتفاقا، و تدلّ عليه- مضافا إلى سيرة النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله- معتبرة الأصبغ، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

«كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء، فجهاد الرجل أن يبذل ماله و نفسه حتى يقتل في سبيل اللّه، و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها» «1».

الثالث: الحرّية على المشهور، و دليله غير ظاهر، و الإجماع المدّعى على ذلك غير ثابت.

نعم، إنّ هنا روايتين: إحداهما رواية يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ معنا مماليك لنا و قد تمتعوا، علينا أن نذبح عنهم؟

قال: فقال: «إنّ المملوك لا

حجّ له و لا عمرة و لا شي ء» «2».

و الأخرى رواية آدم بن علي، عن أبي الحسن عليه السّلام، قال: «ليس على المملوك حجّ و لا جهاد» الحديث «3» و لا يمكن الاستدلال بشي ء منهما على اعتبار الحرّية.

أما الرواية الأولى فهي ضعيفة سندا و دلالة.

أمّا سندا، فلأنّ الموجود في التهذيب و إن كان هو رواية الشيخ بسنده عن العباس عن سعد بن سعد، إلا أن الظاهر وقوع التحريف فيه،

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 4 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 8، باب 15 من وجوب الحج، الحديث 3 و 4.

(3) الوسائل: ج 8، باب 15 من وجوب الحج، الحديث 3 و 4.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 372

و الصحيح: عبّاد، عن سعد بن سعد، و هو عباد بن سليمان، حيث إنه راو لكتاب سعد بن سعد و قد أكثر الرواية عنه، و طريق الشيخ إلى عبّاد مجهول، فالنتيجة أن الرواية ضعيفة سندا.

و أما دلالة، فلأنّه لا يمكن الأخذ بإطلاقها لاستلزامه تخصيص الأكثر المستهجن لدى العرف.

هذا مضافا إلى أنه لا يبعد أن يكون المراد من الشي ء في نفسه ما هو راجع إلى الحج.

و أما الرواية الثانية فهي و إن كانت تامّة دلالة، إلا أنها ضعيفة سندا، فإنّ آدم ابن علي لم يرد فيه توثيق و لا مدح.

الرابع: القدرة، فلا يجب على الأعمى و الأعرج و المقعد و الشيخ الهمّ و الزمن و المريض و الفقير الذي يعجز عن نفقة الطريق و العيال و السلاح و نحو ذلك، و يدلّ عليه قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمىٰ حَرَجٌ وَ لٰا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ «1» و قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفٰاءِ وَ لٰا عَلَى الْمَرْضىٰ وَ لٰا

عَلَى الَّذِينَ لٰا يَجِدُونَ مٰا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ «2».

(مسألة 1): الجهاد واجب كفائي، فلا يتعين على أحد من المسلمين إلا أن يعينه الإمام عليه السّلام لمصلحة تدعو إلى ذلك، أو فيما لم يكن من به الكفاية موجودا إلا بضمّه، كما أنه يتعين بالنذر و شبهه.

(مسألة 2): إن الجهاد مع الكفار من أحد أركان الدين الإسلامي و قد تقوّى الإسلام و انتشر أمره في العالم بالجهاد مع الدعوة إلى التوحيد في ظلّ راية النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، و من هنا قد اهتم القرآن الكريم به في ضمن نصوصه التشريعية، حيث قد ورد في الآيات الكثيرة وجوب القتال و الجهاد

______________________________

(1) سورة الفتح: الآية 17.

(2) سورة التوبة: الآية 91.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 373

على المسلمين مع الكفار المشركين حتى يسلموا أو يقتلوا، و مع أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون، و من الطبيعي أن تخصيص هذا الحكم بزمان موقّت و هو زمان الحضور لا ينسجم مع اهتمام القرآن و أمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة، ثمّ إن الكلام يقع في مقامين:

المقام الأول: هل يعتبر إذن الإمام عليه السّلام أو نائبه الخاص في مشروعية أصل الجهاد في الشريعة المقدسة؟ فيه وجهان:

المشهور بين الأصحاب هو الوجه الأول، و قد استدل عليه بوجهين:

- الوجه الأول: دعوى الإجماع على ذلك.

و فيه: إن الإجماع لم يثبت، إذ لم يتعرض جماعة من الأصحاب للمسألة، و لذا استشكل السبزواري في الكفاية في الحكم بقوله:

و يشترط في وجوب الجهاد وجود الإمام عليه السّلام أو من نصبه على المشهور بين الأصحاب، و لعلّ مستنده أخبار لم تبلغ درجة الصحة مع معارضتها بعموم الآيات، ففي

الحكم به إشكال «1».

ثمّ على تقدير ثبوته فهو لا يكون كاشفا عن قول المعصوم عليه السّلام، لاحتمال أن يكون مدركه الروايات الآتية فلا يكون تعبديا.

نعم، الجهاد في عصر الحضور يعتبر فيه إذن ولي الأمر، النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام عليه السّلام بعده.

- الوجه الثاني: الروايات التي استدلّ بها على اعتبار إذن الإمام عليه السّلام في مشروعية الجهاد، و العمدة منها روايتان:

الأولى: رواية سويد القلاء، عن بشير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:

______________________________

(1) كفاية الأحكام: ص 74.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 374

قلت له: إنّي رأيت في المنام أني قلت لك: إنّ القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «هو كذلك، هو كذلك» «1».

و فيه: إنّ هذه الرواية مضافا إلى إمكان المناقشة في سندها على أساس أنه لا يمكن لنا إثبات أن المراد من (بشير) الواقع في سندها هو بشير الدهّان، و رواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لا تدلّ على أن المراد من بشير هنا هو بشير الدهّان، مع أن المسمّى ب (بشير) متعدد في هذه الطبقة و لا يكون منحصرا ب (بشير) الدهّان.

نعم، روى في الكافي هذه الرواية مرسلا عن بشير الدهّان «2» و هي لا تكون حجة من جهة الإرسال و قابلة للمناقشة دلالة، فإن الظاهر منها بمناسبة الحكم و الموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته و بمتابعته فيه، و لا تدلّ على حرمة القتال على المسلمين مع الكفار إذا رأى المسلمون من ذوي الآراء و الخبرة فيه مصلحة عامة للإسلام و إعلاء كلمة التوحيد

بدون إذن الإمام عليه السّلام كزماننا هذا.

الثانية: رواية عبد اللّه بن مغيرة، قال محمد بن عبد اللّه للرضا عليه السّلام و أنا أسمع: حدّثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: إن في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، و عدوا يقال له الديلم، فهل من جهاد؟ أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد عليه الحديث، فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته و ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بدرا، و إن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات اللّه عليه، الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 12 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 11، باب 12 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

(3) الوسائل: ج 11، باب 12 من أبواب جهاد العدو، الحديث 5.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 375

و لكن الظاهر أنها في مقام بيان الحكم الموقّت لا الحكم الدائم بمعنى أنه لم يكن في الجهاد أو الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، و يشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنه لا شبهة في عدم توقّفه على إذن الإمام عليه السّلام و ثبوته في زمان الغيبة، و مما يؤكد ذلك أنه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب إذا قبلوا ذلك، مع أن أخذ الجزية إنما هو في مقابل ترك القتال معهم، فلو لم يكن القتال معهم في هذا العصر مشروعا لم يجز أخذ الجزية منهم أيضا.

و قد تحصّل من ذلك أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة

و ثبوته في كافة الأعصار لدى توفّر شرائطه، و هو في زمن الغيبة منوط بتشخيص المسلمين من ذوي الخبرة في الموضوع أن في الجهاد معهم مصلحة للإسلام على أساس أن لديهم قوة كافية من حيث العدد و العدة لدحرهم بشكل لا يحتمل عادة أن يخسروا في المعركة، فإذا توفرت هذه الشرائط عندهم وجب عليهم الجهاد و المقاتلة معهم.

و أما ما ورد في عدة من الروايات من حرمة الخروج بالسيف على الحكّام و خلفاء الجور قبل قيام قائمنا صلوات اللّه عليه فهو أجنبي عن مسألتنا هذه و هي الجهاد مع الكفار رأسا، و لا يرتبط بها نهائيا.

المقام الثاني: أنّا لو قلنا بمشروعية أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أو لا؟ يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة.

و هذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، و هو أن على الفقيه أن يشاور في هذا الأمر المهم أهل الخبرة و البصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأنّ لدى المسلمين من العدّة و العدد ما يكفي للغلبة على الكفار الحربيين، و بما أن عملية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة إلى قائد و آمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محالة يتعين ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فإنه يتصدّى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 376

لتنفيذ هذا الأمر المهم من باب الحسبة على أساس أنّ تصدي غيره لذلك يوجب الهرج و المرج و يؤدي إلى عدم تنفيذه بشكل مطلوب و كامل.

(مسألة 3): إذا كان الجهاد واجبا على شخص عينا على أساس عدم وجود من به الكفاية، لم يكن الدين الثابت على ذمته مانعا عن وجوب الخروج إليه،

بلا فرق بين كون الدّين حالّا أو مؤجلا، و بلا فرق بين إذن الغريم فيه و عدم إذنه، نعم لو تمكن- و الحالة هذه- من التحفظ على حق الغريم بإيصاء أو نحوه وجب ذلك.

و أما إذا كان من به الكفاية موجودا لم يجب عليه الخروج إلى الجهاد مطلقا و إن كان دينه مؤجّلا أو كان حالا و لكن لم يكن موسرا، بل لا يجوز إذا كان موجبا لتوفيت حق الغير.

(مسألة 4): إذا منع الأبوان ولدهما عن الخروج إلى الجهاد فإن كان عينيا وجب عليه الخروج و لا أثر لمنعهما، و إن لم يكن عينيا- لوجود من به الكفاية- لم يجز له الخروج إليه إذا كان موجبا لإيذائهما لا مطلقا.

و في اعتبار كون الأبوين حرّين إشكال بل منع لعدم الدليل عليه.

(مسألة 5): إذا طرأ العذر على المقاتل المسلم أثناء الحرب فإن كان مما يعتبر عدمه في وجوب الجهاد شرعا كالعمى و المرض و نحوهما سقط الوجوب عنه، و أما إذا كان العذر مما لا يعتبر عدمه فيه، و إنما كان اعتباره لأجل المزاحمة مع واجب آخر كمنع الأبوين أو مطالبة الغريم أو نحو ذلك فالظاهر عدم السقوط، و ذلك لأن الخروج إلى الجهاد و إن لم يكن واجبا عليه إلا أنه إذا خرج و دخل فيه لم يجز تركه و الفرار عنه، لأنه يدخل في الفرار من الزحف و الدبر عنه و هو محرّم.

(مسألة 6): إذا بذل للمعسر ما يحتاج إليه في الحرب، فإن كان من به الكفاية موجودا لم يجب عليه القبول مجانا فضلا عما إذا كان بنحو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 377

الإجارة، و إن لم يكن موجودا وجب عليه القبول، بل الظاهر

وجوب الإجارة عليه على أساس أن المعتبر في وجوب الجهاد على المكلف هو التمكن، و الفرض أنه متمكن و لو بالإجارة.

(مسألة 7): الأظهر أنه لا يجب، عينا و لا كفاية، على العاجز عن الجهاد بنفسه لمرض أو نحوه أن يجهّز غيره مكانه، حيث إن ذلك بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، نعم لا شبهة في استحباب ذلك شرعا على أساس أن ذلك سبيل من سبل اللّه. هذا فيما إذا لم يكن الجهاد الواجب متوقفا على إقامة غيره مكانه، و إلا وجب عليه ذلك جزما.

(مسألة 8): الجهاد مع الكفار يقوم على أساس أمرين:

الأول: الجهاد بالنفس.

الثاني: الجهاد بالمال.

و يترتب على ذلك وجوب الجهاد بالنفس و المال معا على من تمكن من ذلك كفاية إن كان من به الكفاية موجودا، و عينا إن لم يكن موجودا، و بالنفس فقط على من تمكّن من الجهاد بها كفاية أو عينا، و بالمال فقط على من تمكن من الجهاد به كذلك. و تدلّ على ذلك عدة من الآيات:

منها قوله تعالى: انْفِرُوا خِفٰافاً وَ ثِقٰالًا وَ جٰاهِدُوا بِأَمْوٰالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «1».

و منها قوله تعالى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلٰافَ رَسُولِ اللّٰهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجٰاهِدُوا بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ «2».

و منها قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلىٰ تِجٰارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ بِأَمْوٰالِكُمْ

______________________________

(1) سورة التوبة: الآية 41.

(2) سورة التوبة: الآية 81.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 378

وَ أَنْفُسِكُمْ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «1».

و تدل على ذلك ايضا معتبرة الأصبغ المتقدمة في الشرط الثاني من شرائط وجوب الجهاد.

ثمّ

إنّ كثيرا من الأصحاب لم يتعرضوا لهذه المسألة، و لا يبعد أن يكون ذلك لوضوح الحكم، فلا يصغى إلى ما قيل من عدم وجدان قائل بوجوب الجهاد بالنفس و المال معا على شخص واحد.

حرمة الجهاد في الأشهر الحرم

(مسألة 9): يحرم القتال في الأشهر الحرم- و هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و محرّم- بالكتاب و السنة، نعم إذا بدأ الكفار في القتال في تلك الأشهر جاز قتالهم فيها على أساس أنه دفع في الحقيقة، و لا شبهة في جوازه فيها، و كذا يجوز قتالهم في تلك الأشهر قصاصا، و ذلك كما إذا كان الكفار بادئين في القتال في شهر من تلك الأشهر جاز للمسلمين أن يبدءوا فيه في شهر آخر من هذه الأشهر في هذه السنة أو في السنة القادمة، و يدل على ذلك قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرٰامُ بِالشَّهْرِ الْحَرٰامِ وَ الْحُرُمٰاتُ قِصٰاصٌ فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ «2».

(مسألة 10): المشهور أن من لا يرى للأشهر الحرم حرمة جاز قتالهم في تلك الأشهر ابتداء و لكن دليله غير ظاهر عندنا.

(مسألة 11): يجوز قتال الطائفة الباغية في الأشهر الحرم، و هم الذين قاتلوا الطائفة الأخرى و لم يقبلوا الإصلاح و ظلّوا على بغيهم على تلك الطائفة و قتالهم، فإن الآية الدالة على حرمة القتال في الأشهر الحرم

______________________________

(1) سورة الصف: الآيتان 10- 11.

(2) سورة البقرة: الآية 194.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 379

تنصرف عن القتال المذكور حيث إنه لدفع البغي و ليس من القتال الابتدائي كي يكون مشمولا للآية.

(مسألة 12): يحرم قتال الكفار في الحرم إلا أن يبدأ الكفار بالقتال فيه فعندئذ يجوز قتالهم فيه، و يدل عليه قوله تعالى: وَ لٰا تُقٰاتِلُوهُمْ

عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ حَتّٰى يُقٰاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قٰاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ «1».

(مسألة 13): لا يجوز البدء بقتال الكفار إلا بعد دعوتهم إلى الإسلام، فإذا قام المسلمون بدعوتهم إليه و لم يقبلوا وجب قتالهم.

و أما إذا بدءوا بالقتال قبل الدعوة و قتلوهم، فإنهم و إن كانوا آثمين إلا أنه لا ضمان عليهم، على أساس أنه لا حرمة لهم نفسا و لا مالا.

نعم، لو كانوا مسبوقين بالدعوة أو عارفين بها لم يجب عليهم دعوتهم مرة ثانية، بل يجوز البدء بالقتال معهم، حيث إن احتمال الموضوعية في وجوب الدعوة غير محتمل.

(مسألة 14): إذا كان الكفار المحاربون على ضعف من المسلمين، بأن يكون واحد منهم في مقابل اثنين من هؤلاء الكفار وجب عليهم أن يقاتلوهم، و ذلك لقوله تعالى: يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتٰالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صٰابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ- إلى قوله سبحانه- الْآنَ خَفَّفَ اللّٰهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صٰابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ مَعَ الصّٰابِرِينَ «2» فإنه يدل على أن كل فرد من المسلمين في مقابل اثنين منهم و يدل عليه موثقة مسعدة بن صدقة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إن اللّه عز و جل فرض على المؤمن- إلى أن قال- ثمّ حوّلهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 191.

(2) سورة الأنفال: الآيتان 65- 66.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 380

أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من اللّه عز و جل فنسخ الرجلان العشرة» «1».

نعم، إذا حصل العلم بالشهادة لفرد من المسلمين المقاتلين إذا ظلّ على القتال مع الاثنين منهم، جاز

له الفرار إذا لم تترتّب فائدة عامة على شهادته، لانصراف الآية المزبورة عن هذا الفرض.

و أما إذا كان الكفار أكثر من الضعف فلا يجب عليهم الثبات في القتال معهم إلا إذا كانوا مطمئنين بالغلبة عليهم، و إذا ظنوا بالغلبة لم يجب عليهم الثبات أو البدء في القتال معهم، و لكن لا شبهة في مشروعية الجهاد في هذا الفرض في الشريعة المقدسة، و ذلك لإطلاق الآيات المتضمنة لترغيب المسلمين فيه.

و أما إذا ظنّوا بغلبة الكفار عليهم، فهل الجهاد مشروع في هذا الفرض؟ قيل بعدم المشروعية و وجوب الانصراف، و قيل بالمشروعية و مرغوبية الجهاد، و الظاهر هو الثاني لإطلاق الآيات.

(مسألة 15): لا يجوز الفرار من الزحف إلا لتحرّف في القتال أو تحيّز إلى فئة و إن ظنوا بالشهادة في ساحة المعركة و ذلك لإطلاق الآية الكريمة يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلٰا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبٰارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّٰا مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ «2».

(مسألة 16): يجوز قتال الكفار المحاربين بكلّ وسيلة ممكنة من الوسائل و الأدوات الحربية في كل عصر حسب متطلبات ذلك العصر، و لا يختص الجهاد معهم بالأدوات القتالية المخصوصة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 27 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.

(2) سورة الأنفال: الآيتان 15- 16.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 381

(مسألة 17): قد استثني من الكفار الشيخ الفاني و المرأة و الصبيان، فإنه لا يجوز قتلهم، و كذا الأسارى من المسلمين الذين أسروا بيد الكفار، نعم لو تترّس الأعداء بهم جاز قتلهم إذا كانت المقاتلة معهم أو الغلبة عليهم متوقّفة عليه.

و هل تجب الدية على

قتل المسلم من هؤلاء الأسارى و كذا الكفارة؟

الظاهر عدم الوجوب، أما الدية فمضافا إلى عدم الخلاف فيه تدل عليه معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «من اقتصّ منه فهو قتيل القرآن» «1» و ذلك فإنّ المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع هو أن كلما كان القتل بأمر إلهي فلا شي ء فيه من القصاص و الدية، و القتيل بالقصاص من صغريات تلك الكبرى، و تؤيد ذلك رواية حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد اللّه عن مدينة من مدائن الحرب، هل يجوز أن يرسل عليها الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمنجنيق حتى يقتلوا و منهم النساء و الصبيان و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجار؟ فقال: «يفعل ذلك بهم، و لا يمسك عنهم لهؤلاء، و لا دية عليهم للمسلمين و لا كفارة» الحديث «2».

و أما الكفارة فهل تجب أو لا؟ فيه وجهان: المشهور بين الأصحاب وجوبها، و قد يستدل على الوجوب بقوله تعالى: فَإِنْ كٰانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ «3».

بدعوى أن الآية تدل على الوجوب في المقام: بالأولوية، و فيه أنه لا أولوية، فإن القتل في مورد الآية قتل خطئي و لا يكون بمأمور به، و القتل في المقام يكون مأمورا به، على أنه لو تم الاستدلال بالآية في المقام فظاهرها

______________________________

(1) الوسائل: ج 19، باب 24 من قصاص النفس، الحديث 2.

(2) الوسائل: ج 11، باب 16 من جهاد العدو، الحديث 2.

(3) سورة النساء: الآية 92.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 382

هو وجوب الكفارة على القاتل كما نص على ذلك غير واحد من الأصحاب و هو على خلاف مصلحة الجهاد، فإنه يوجب التخاذل

فيه كما صرح به الشهيد الثاني (قدس سره) فالصحيح هو عدم وجوب الكفارة في المقام المؤيد برواية حفص المتقدمة.

(مسألة 18): المشهور كراهة طلب المبارز في الحرب بغير إذن الإمام عليه السّلام، و قيل: يحرم و فيه إشكال، و الأظهر جواز طلبه إذا كان أصل الجهاد مشروعا.

(مسألة 19): إذا طلب الكافر مبارزا من المسلمين و لم يشترط عدم الإعانة بغيره جاز إعانته، و المشهور على أنه لا يجوز ذلك إذا اشترط عدم الإعانة بغيره، حيث إنه نحو أمان من قبل غيره فلا يجوز نقضه، و لكنه محل إشكال بل منع.

(مسألة 20): لا يجوز القتال مع الكفار بعد الأمان و العهد، حيث إنه نقض لهما و هو غير جائز.

و يدل عليه غير واحدة من الروايات، منها صحيحة جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يبعث سريّة دعاهم فأجلسهم صلّى اللّه عليه و آله بين يديه ثمّ يقول- إلى أن قال- و أيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام اللّه، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، و إن أبى فأبلغوه مأمنه و استعينوا باللّه» «1».

و منها معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: قلت له: ما معنى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله (يسعى بذمتهم أدناهم)؟ قال: «لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل فقال: أعطوني الأمان حتى ألقى

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 15 من جهاد العدو، ذيل الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 383

صاحبكم و أناظره، فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به» «1».

نعم، تجوز الخدعة

في الحرب ليتمكّنوا بها من الغلبة عليهم، و تدل عليه معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السّلام كان يقول:

«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم الخندق: (الحرب خدعة) و يقول: تكلّموا بما أردتم» «2».

(مسألة 21): لا يجوز الغلول من الكفار بعد الأمان، فإنه خيانة، و قد ورد في صحيحة جميل المتقدمة آنفا، و في معتبرة مسعدة بن صدقة نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن الغلول «3» و كذا لا تجوز السرقة من الغنيمة على أساس أنها ملك عام لجميع المقاتلين.

(مسألة 22): لا يجوز التمثيل بالمقتولين من الكفار، لورود النهي عنه في صحيحة جميل و معتبرة مسعدة المتقدمتين آنفا، و كذا لا يجوز إلقاء السمّ في بلاد المشركين لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله في معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يلقى السم في بلاد المشركين» «4».

نعم، إذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي ذلك كما إذا توقف الجهاد أو الفتح عليه جاز و أما إلقاؤه في جبهة القتال فقط من جهة قتل المحاربين من الكفار فلا بأس به.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 20 من جهاد العدو، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 11، باب 53 من جهاد العدو، الحديث 1.

(3) الوسائل: ج 11، باب 15 من جهاد العدو، الحديث 3.

(4) الوسائل: ج 11، باب 16 من جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 384

الفصل الثالث في أحكام الأسارى

اشارة

(مسألة 23): إذا كان المسلمون قد أسروا من الكفار المحاربين في أثناء الحرب، فإن كانوا إناثا لم يجز قتلهنّ كما مرّ. نعم، يملكوهنّ بالسبي

و الاستيلاء عليهنّ، و كذلك الحال في الذراري غير البالغين، و الشيوخ و غيرهم ممن لا يقتل، و تدل على ذلك- مضافا إلى السيرة القطعية الجارية في تقسيم غنائم الحرب بين المقاتلين المسلمين- الروايات المتعددة الدالة على جواز الاسترقاق حتى في حال غير الحرب، منها معتبرة رفاعة النخاس، قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إن الروم يغيرون على الصقالبة فيسرقون أولادهم من الجواري و الغلمان، فيعمدون على الغلمان فيخصونهم ثمّ يبعثون بهم إلى بغداد إلى التجار، فما ترى في شرائهم و نحن نعلم أنهم قد سرقوا و إنما أغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال: «لا بأس بشرائهم، إنما أخرجوهم من الشرك إلى دار الإسلام» «1».

و أما إذا كانوا ذكورا بالغين فيتعين قتلهم إلا إذا أسلموا، فإنّ القتل حينئذ يسقط عنهم.

و هل عليهم بعد الإسلام منّ أو فداء أو الاسترقاق؟ الظاهر هو العدم، حيث إن كل ذلك بحاجة إلى دليل، و لا دليل عليه.

و أما إذا كان الأسر بعد الإثخان و الغلبة عليهم فلا يجوز قتل الأسير منهم و إن كانوا ذكورا، و حينئذ كان الحكم الثابت عليهم أحد أمور: إما المنّ أو الفداء أو الاسترقاق.

و هل تسقط عنهم هذه الأحكام الثالثة إذا اختاروا الإسلام؟ الظاهر

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، باب 1 و 2 و 3 من أبواب بيع الحيوان.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 385

عدم سقوطها بذلك، و يدلّ عليه قوله تعالى: فَإِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقٰابِ حَتّٰى إِذٰا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثٰاقَ فَإِمّٰا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّٰا فِدٰاءً حَتّٰى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا «1» بضميمة معتبرة طلحة بن زيد الآتية الواردة في هذا الموضوع.

و من الغريب أن الشيخ الطوسي (قدس سره) في تفسيره

(التبيان) نسب إلى الأصحاب أنهم رووا تخيير الإمام عليه السّلام في الأسير إذا انفضت الحرب بين القتل و بين المنّ و الفداء و الاسترقاق، و تبعه في ذلك الشيخ الطبرسي (قدس سره) في تفسيره، مع أن الشيخ (قدس سره) قد صرح هو في كتابه (المبسوط) بعدم جواز قتله في هذه الصورة.

وجه الغرابة- مضافا إلى دعوى الإجماع في كلمات غير واحد على عدم جواز القتل في هذا الفرض- أنه مخالف لظاهر الآية المشار إليها، و لنصّ معتبرة طلحة بن زيد، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «كان أبي يقول: إن للحرب حكمين:

إذا كانت الحرب قائمة و لم يثخن أهلها فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فإن الإمام عليه السّلام فيه بالخيار، إن شاء ضرب عنقه، و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم، ثمّ يتركه يتشحط في دمه حتى يموت و هو قوله اللّه عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ- إلى أن قال-:

و الحكم الآخر إذا وضعت الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا و أثخن أهلها فكلّ أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء منّ عليهم فأرسلهم، و إن شاء فاداهم أنفسهم و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا» «2».

______________________________

(1) سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله: الآية 4.

(2) الوسائل: ج 11، باب 23 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 386

(مسألة 24): من لم يتمكّن في دار الحرب أو في غيرها من أداء وظائفه الدينية وجبت المهاجرة عليه إلا من لا يتمكن منها كالمستضعفين من

الرجال و النساء و الولدان لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّٰاهُمُ الْمَلٰائِكَةُ ظٰالِمِي أَنْفُسِهِمْ قٰالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قٰالُوا كُنّٰا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قٰالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِيهٰا فَأُولٰئِكَ مَأْوٰاهُمْ جَهَنَّمُ وَ سٰاءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجٰالِ وَ النِّسٰاءِ وَ الْوِلْدٰانِ لٰا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لٰا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولٰئِكَ عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كٰانَ اللّٰهُ عَفُوًّا غَفُوراً «1».

(المرابطة)

و هي الإرصاد لحفظ الحدود و ثغور بلاد المسلمين من هجمة الكفار.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 1، ص: 386

(مسألة 25): تجب المرابطة لدى وقوع البلاد الإسلامية في معرض الخطر من قبل الكفار، و أما إذا لم تكن في معرض ذلك فلا تجب و إن كانت في نفسها أمرا مرغوبا فيه في الشريعة المقدسة.

(مسألة 26): إذا نذر شخص الخروج للمرابطة فإن كانت لحفظ بيضة الإسلام و حدود بلاده وجب عليه الوفاء به، و إن لم تكن لذلك و كانت غير مشروعة لم يجب الوفاء به.

و كذا الحال فيما إذا نذر أن يصرف مالا للمرابطين، و من ذلك يظهر حال الإجارة على المرابطة.

(الأمان)

(مسألة 27): يجوز جعل الأمان للكافر الحربي على نفسه أو ماله أو عرضه برجاء أن يقبل الإسلام، فإن قبل فهو، و إلا رد إلى مأمنه،

______________________________

(1) سورة النساء: الآيتان 97- 98.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 387

و لا فرق في ذلك بين أن يكون من قبل وليّ الأمر أو من قبل آحاد سائر المسلمين، و يدل عليه قوله تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجٰارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلٰامَ اللّٰهِ «1» و كذا صحيحة جميل و معتبرة السكوني المتقدّمتين في المسألة 20.

و هل يعتبر أن يكون الأمان بعد المطالبة فلا يصح ابتداء؟ فيه وجهان:

لا يبعد دعوى عدم اعتبار المطالبة في نفوذه، و الآية الكريمة و إن كان لها ظهور في اعتبار المطالبة في نفوذه بقطع النظر عما في ذيلها و هو قوله تعالى: حَتّٰى يَسْمَعَ كَلٰامَ اللّٰهِ إلا أنه مع ملاحظته لا ظهور لها

في ذلك، حيث إن الذيل قرينة على أن الغرض من إجارة الكافر المحارب هو أن يسمع كلام اللّه، فإن احتمل سماعه جازت اجارته و كانت نافذة و إن لم تكن مسبوقة بالطلب، ثمّ إنّ المعروف بين الأصحاب أن حق الأمان الثابت لآحاد من المسلمين محدود إلى عشرة رءوس من الكفار و ما دونهم، فلا يحق لهم أن يعطوا الأمان لأكثر من هذا العدد. و لكن لا دليل على هذا التحديد، فالظاهر أن لواحد من المسلمين أن يعطي الأمان لأكثر من العدد المزبور لأجل المناظرة في طلب الحق، و قد ورد في معتبرة مسعدة بن صدقة أنه يجوز لواحد من المسلمين إعطاء الأمان لحصن من حصونهم «2».

(مسألة 28): لو طلب الكفار الأمان من آحاد المسلمين، و هم لم يقبلوه، و لكنهم ظنوا أنهم قبلوا ذلك، فنزلوا عليهم، كانوا آمنين فلا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يسترقّوهم، بل يردّونهم إلى مأمنهم، و قد دلت على ذلك معتبرة محمد بن الحكيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان فقالوا: لا، فظنوا أنهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم كانوا آمنين» «3».

______________________________

(1) سورة التوبة: الآية 6.

(2) الوسائل: ج 11، باب 20 من جهاد العدو، الحديث 2.

(3) الوسائل: ج 11، باب 20، من جهاد العدو، الحديث 4.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 388

و كذا الحال إذا دخل المشرك دار الإسلام بتخيّل الأمان بجهة من الجهات.

(مسألة 29): لا يكون أمان المجنون و المكره و السكران و ما شاكلهم نافذا، و أما أمان الصبي المراهق فهل يكون نافذا، فيه وجهان: الظاهر عدم نفوذه، لا لأجل عدم صدق المؤمن و المسلم عليه، حيث لا شبهة في صدق ذلك،

بل لأجل ما ورد في الصحيحة من عدم نفوذ أمر الغلام ما لم يحتلم «1».

(مسألة 30): لا يعتبر في صحة عقد الأمان من قبل آحاد المسلمين الحرية بل يصح من العبد أيضا إذ مضافا إلى ما في معتبرة مسعدة «2» من التصريح بصحة عقد الأمان من العبد أنه لا خصوصية للحر فيه على أساس أن الحق المزبور الثابت له إنما هو بعنوان أنه مسلم، و من هنا لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة أيضا.

(مسألة 31): لا يعتبر في صحة عقد الأمان صيغة خاصة، بل يتحقق بكل ما دل عليه من لفظ أو غيره.

(مسألة 32): وقت الأمان إنما هو قبل الاستيلاء على الكفار المحاربين و أسرهم، و أما بعد الأسر فلا موضوع له.

(مسألة 33): إذا كان أحد من المسلمين أقر بالأمان لمشرك، فإن كان الإقرار في وقت يكون أمانه في ذلك الوقت نافذا صح، لأن إقراره به في الوقت المزبور أمان له و إن لم يصدر أمان منه قبل ذلك، و عليه فلا حاجة فيه إلى التمسك بقاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به.

(مسألة 34): لو ادّعى الحربي الأمان من غير من جاء به لم تسمع،

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، باب 2 من أحكام الحجر، الحديث 5.

(2) الوسائل: ج 11، باب 20 من جهاد العدو، الحديث 2.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 389

و إن أقر ذلك الغير بالأمان له، على أساس أنّ الإقرار بالأمان إنما يسمع إذا كان في وقت كان الأمان منه في ذلك الوقت نافذا كما إذا كان قبل الاستيلاء و الأسر، و إمّا إذا كان في وقت لا يكون الأمان منه في ذلك الوقت نافذا فلا يكون مسموعا كما إذا كان بعد

الأسر و الاستيلاء عليه، و في المقام بما أنّ إقرار ذلك الغير بالأمان له بعد الأسر فلا يكون مسموعا.

نعم، لو ادّعى الحربي على من جاء به أنه عالم بالحال فحينئذ إن اعترف الجائي بذلك ثبت الأمان له و إن أنكره قبل قوله، و لا يبعد توجّه اليمين عليه على أساس أنّ إنكاره يوجب تضييع حقّه.

و أما إذا ادعى الحربي الأمان على من جاء به فإن أقرّ بذلك فهو مسموع، حيث أنه تحت يده و استيلائه، و يترتب على إقراره به وجوب حفظه عليه، و إن أنكر ذلك قدّم قوله مع اليمين على الأظهر كما عرفت.

(مسألة 35): لو ادّعى الحربي على الذي جاء به الأمان له، و لكن حال مانع من الموانع كالموت أو الإغماء أو نحو ذلك بين دعوى الحربي ذلك و بين جوابا لمسلم، لم تسمع ما لم تثبت دعواه بالبينة أو نحوه، و حينئذ يكون حكمه حكم الأسير، و قال المحقق في الشرائع: إنه يرد إلى مأمنه ثمّ هو حرب، و وجهه غير ظاهر «1».

(الغنائم)

(مسألة 36): إن ما استولى عليه المسلمون المقاتلون من الكفار بالجهاد المسلّح يكون على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: ما يكون منقولا كالذهب و الفضة و الفرش و الأواني و الحيوانات و ما شاكل ذلك.

______________________________

(1) شرائع الإسلام: ص 139.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 390

النوع الثاني: ما يسبى كالأطفال و النساء.

النوع الثالث: ما لا يكون منقولا كالأراضي و العقارات.

أما النوع الأول: فيخرج منه الخمس و صفايا الأموال و قطائع الملوك إذا كانت، ثمّ يقسم الباقي بين المقاتلين على تفصيل يأتي في ضمن الأبحاث الآتية.

نعم، لولي الأمر حقّ التصرف فيه كيفما يشاء حسب ما يرى فيه من المصلحة قبل التقسيم فإنّ

ذاك مقتضى ولايته المطلقة على تلك الأموال، و يؤكده قول زرارة في الصحيح: «الإمام يجري و ينقل و يعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام، و قد قاتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقوم لم يجعل لهم في الفي ء نصيبا، و إن شاء قسّم ذلك بينهم» «1».

و يؤيد ذلك مرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح في حديث قال: «و للإمام صفو المال- إلى أن قال- و له أن يسدّ بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلّفة قلوبهم و غير ذلك» الحديث «2».

و أما رواية حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قلت: فهل يجوز للإمام أن ينفل؟ فقال له: «أن ينفل قبل القتال، و أما بعد القتال و الغنيمة فلا يجوز ذلك، لأنّ الغنيمة قد أحرزت» «3» فلا يمكن الأخذ بها لضعف الرواية سندا.

(مسألة 37): لا يجوز للمقاتلين الذين استولوا عليه أن يتصرفوا فيه قبل القسمة وضعا و لا تكليفا.

______________________________

(1) الوسائل: ج 1، باب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 2.

(2) الوسائل: ج 6، باب 1 من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، الحديث 4.

(3) الوسائل: ج 11، باب 38 من جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 391

نعم، يجوز التصرف فيما جرت السيرة بين المسلمين على التصرف فيه أثناء الحرب كالمأكولات و المشروبات و علف الدواب و ما شاكل ذلك بمقدار ما عليه السيرة عليه دون الزائد.

(مسألة 38): إذا كان المأخوذ من الكفار مما لا يصح تملكه شرعا كالخمر و الخنزير و كتب الضلال أو ما شابه ذلك لم يدخل في الغنيمة جزما، و لا يصح تقسيمه بين المقاتلين، بل لا بد من

إعدامه و إفنائه. نعم، يجوز أخذ الخمر للتخليل و يكون للآخذ.

(مسألة 39): الأشياء التي كانت في بلاد الكفار و لم تكن مملوكة لأحد كالمباحات الأصلية مثل الصيود و الأحجار الكريمة و نحو ذلك لا تدخل في الغنيمة، بل تظلّ على إباحتها فيجوز لكل واحد من المسلمين تملّكها بالحيازة. نعم، إذا كان عليها أثر الملك دخلت في الغنيمة.

(مسألة 40): إذا وجد شي ء في دار الحرب كالخيمة و السلاح و نحوهما، و دار أمره بين أن يكون للمسلمين أو من الغنيمة، ففي مثل ذلك المرجع هو القرعة، حيث إنه ليس لنا طريق آخر لتعيين ذلك غيرها، فحينئذ إن أصابت القرعة على كونه من الغنيمة دخل في الغنائم و تجري عليه أحكامها، و إن أصابت على كونه للمسلمين فحكمه حكم المال المجهول مالكه.

و أما النوع الثاني و هو ما يسبى كالأطفال و النساء، فإنه بعد السبي و الاسترقاق يدخل في الغنائم المنقول، و يكون حكمه حكمها، و أما حكمه قبل السبي و الاسترقاق فقد تقدم.

(مسألة 41): إذا كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين، فذهب جماعة إلى أنه ينعتق عليه بمقدار نصيبه منه، و هذا القول مبني على أساس أن الغانم يملك الغنيمة بمجرد الاغتنام و الاستيلاء، و هو لا يخلو عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 392

إشكال بل منع، فالأقوى عدم الانعتاق، لعدم الدليل على أنه يملك بمجرد الاغتنام، بل يظهر من قول زرارة في الصحيحة المتقدمة آنفا عدم الملك بمجرد ذلك.

و أما النوع الثالث و هو ما لا ينقل كالأراضي أو العقارات، فإن كانت الأرض مفتوحة عنوة و كانت محياة حال الفتح من قبل الناس، فهي ملك لعامة المسلمين بلا خلاف بين الأصحاب، و

تدل عليه صحيحة الحلبي الآتية و غيرها، و إن كانت مواتا أو كانت محياة طبيعية و لا رب لها، فهي من الأنفال.

(الأرض المفتوحة عنوة و شرائطها و أحكامها)

(مسألة 42): المشهور بين الأصحاب في كون الأرض المفتوحة عنوة ملكا عاما للأمة باعتبار كون الفتح بإذن الإمام عليه السّلام، و إلا فتدخل في نطاق ملكية الإمام عليه السّلام لا ملكية المسلمين، و لكن اعتباره في ذلك لا يخلو عن إشكال بل منع، فإن ما دل على اعتبار إذن الإمام عليه السّلام كصحيحة معاوية بن وهب و رواية العباس الوراق «1» مورده الغنائم المنقولة التي تقسّم على المقاتلين مع الإذن، و تكون للإمام عليه السّلام بدونه، على أن رواية العباس ضعيفة.

(مسألة 43): الأرض المفتوحة عنوة التي هي ملك عام للمسلمين أمرها بيد ولي الأمر في تقبيلها بالذي يرى، و وضع الخراج عليها حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّا و كيفا.

(مسألة 44): لا يجوز بيع رقبتها و لا شراؤها على أساس ما عرفت من أنها ملك عام للأمة. نعم، يجوز شراء الحق المتعلق بها من صاحبه،

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، باب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 4 و 16.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 393

و قد دلت على كلا الحكمين- مضافا إلى أنهما على القاعدة- عدّة من الروايات، منها صحيحة الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن السواد ما منزلته؟ فقال: «هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد» فقلت: الشراء من الدهاقين؟ قال: «لا يصلح إلا أن تشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين، فإذا شاء ولي الأمر أن يأخذها أخذها» قلت: فإن أخذها منه؟ قال: «يردّ عليه رأس ماله، و له

ما أكل من غلّتها بما عمل» «1».

و لذلك لا يصح وقفها و لا هبتها و غير ذلك من التصرفات المتوقفة على الملك إلا إذا كان بإذن ولي الأمر.

(مسألة 45): يصرف ولي الأمر الخراج المأخوذ من الأراضي في مصالح المسلمين العامة كسدّ الثغور للوطن الإسلامي و بناء القناطر و ما شاكل ذلك.

(مسألة 46): يملك المحيي الأرض بعملية الإحياء سواء كانت الأرض مواتا بالأصالة أم كانت محياة ثمّ عرض عليها الموت لإطلاق النصوص الدالة على تملك المحيي الأرض بالإحياء، منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام، قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحيا أرضا مواتا فهي له» «2» فإذا ماتت الأرض المفتوحة عنوة و قام فرد بإحيائها ملكها على أساس أن ملكية الأرض المزبورة للأمة متقومة بالحياة فلا إطلاق لما دلّ على ملكيتها لهم لحال ما إذا ماتت و خربت.

و على تقدير الاطلاق فلا يمكن أن يعارض ما دل على أن كل أرض خربة للإمام عليه السّلام «3» حيث إن دلالته عليها بالاطلاق و مقدمات الحكمة،

______________________________

(1) الوسائل: ج 12، باب 21 من أبواب عقد البيع، الحديث 4.

(2) الوسائل: ج 17، باب 1 من إحياء الموات، الحديث 1.

(3) الوسائل: ج 6، باب 1 من أبواب الأنفال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 394

و هو لا يمكن أن يعارض ما دل عليها بالعموم وضعا، عليه فتدخل الأرض التي عرض عليها الموت في عموم ما دل على أن من أحيا أرضا مواتا فهي له.

ثمّ إنه إذا افترض أن الأرض التي هي بيد شخص فعلا كانت محياة حال الفتح، و شك في بقائها على هذه الحالة، فاستصحاب بقائها حية و إن كان جاريا

في نفسه إلا أنه لا يمكن أن يعارض قاعدة اليد التي تجري في المقام و تحكم بأنها ملك للمتصرف فيها فعلا، على أساس أن احتمال خروجها عن ملك المسلمين بالشراء أو نحوه أو عروض الموت عليها و قيام هذا الشخص بإحيائها موجود و هو يحقق موضوع قاعدة اليد فتكون محكمة في المقام، و مقتضاها كون الأرض المزبورة ملكا له فعلا.

ثمّ إن اقسام أرض الموات و أحكامها و شرائطها مذكورة في كتاب إحياء الموات من المنهاج.

(أرض الصلح)

(مسألة 47): أرض الصلح تابعة في كيفية الملكية لمقتضى عقد الصلح و بنوده، فإن كان مقتضاه صيرورتها ملكا عاما للمسلمين كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة، و تجري عليها ما تجري على الأرض من الأحكام و الآثار.

و إن كان مقتضاه صيرورتها ملكا للإمام عليه السّلام كان حكمها حكم الأرض التي لا رب لها من هذه الجهة.

و إن كان مقتضاه بقاؤها في ملك أصحابها ظلّت في ملكهم كما كانت، غاية الأمر أن وليّ الأمر يضع عليها الطسق و الخراج من النصف أو الثلث أو أكثر أو أقل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 395

(الأرض التي أسلم أهلها بالدعوة)

(مسألة 48): الأرض التي أسلم عليها أهلها تركت في أيديهم إذا كانت عامرة، و عليهم الزكاة من حاصلها، العشر أو نصف العشر، و أما إذا لم تكن عامرة فيأخذها الإمام عليه السّلام و يقبلها لمن يعمرها و تكون للمسلمين، و تدل على ذلك صحيحة البزنطي، قال: ذكرت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام و ما سار به أهل بيته، فقال: «العشر و نصف العشر على من أسلم طوعا، تركت أرض في يده، و أخذ منه العشر و نصف العشر فيما عمر منها، و ما لم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمر» الحديث «1».

(قسمة الغنائم المنقولة)

(مسألة 49): يخرج من هذه الغنائم قبل تقسيمها بين المقاتلين ما جعله الإمام عليه السّلام جعلا لفرد على حسب ما يراه من المصلحة، و يستحق ذاك الفرد الجعل بنفس الفعل الذي كان الجعل بإزائه، و هو في الكمّ و الكيف يتبع العقد الواقع عليه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الفرد المزبور (المجعول له) مسلما أو كافرا، و كذا لا فرق بين كونه من ذوي السهام أو لا، فإنّ الأمر بيد الإمام عليه السّلام و هو يتصرف فيها حسب ما يرى فيه من المصلحة، يؤكد ذلك- مضافا إلى هذا- قول زرارة في الصحيحة المتقدمة في المسألة الحادية و الأربعين، و يدخل فيه السلب أيضا.

(مسألة 50): و يخرج منها أيضا قبل القسمة ما تكون الغنيمة بحاجة إليها في بقائها من المؤن كأجرة النقل و الحفظ و الرعي و ما شاكل ذلك.

(مسألة 51): المرأة التي حضرت ساحة القتال و المعركة لتداوي المجروحين أو ما شابه ذلك بإذن الإمام عليه السّلام لا تشرك مع الرجال المقاتلين في

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 72

من جهاد العدو، الحديث 2.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 396

السهام من الغنائم المأخوذة من الكفار بالقهر و الغلبة.

نعم، يعطي الإمام عليه السّلام منها لها مقدار ما يرى فيه مصلحة، و تدل على ذلك معتبرة سماعة عن أحدهما عليه السّلام، قال: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى و لم يقسم لهنّ من الفي ء شيئا لكنه نفلهن» «1».

و أما العبيد و الكفار الذين يشتركون في القتال بإذن الإمام عليه السّلام فالمشهور بين الأصحاب، بل ادّعي عليه الإجماع، أنه لا سهم لهم في الغنائم، و لكن دليله غير ظاهر.

(مسألة 52): يخرج من الغنائم قبل القسمة- كما مر- صفو المال أيضا و قطائع الملوك و الجارية الفارهة و السيف القاطع و ما شاكل ذلك على أساس أنها ملك طلق للإمام عليه السّلام بمقتضى عدّة من الروايات، منها معتبرة داود بن فرقد، قال، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «قطائع الملوك كلها للإمام عليه السّلام، و ليس للناس فيها شي ء».

و منها معتبرة أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن صفو المال؟ قال: «الإمام يأخذ الجارية الروقة و المركب الفارة و السيف القاطع و الدرع قبل أن تقسم الغنيمة، فهذا صفو المال» «2».

(مسألة 53): يخرج من الغنائم خمسها أيضا قبل تقسيمها بين المسلمين المقاتلين، و لا يجوز تقسيم الخمس بينهم، حيث إن اللّه تعالى قد جعل له موارد خاصة و مصارف مخصوصة، قال عز من قائل: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «3» و الروايات الدالة على ذلك كثيرة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب

41 من جهاد العدو، الحديث 6.

(2) الوسائل: ج 6، باب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 6 و 15.

(3) سورة الأنفال: الآية 41.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 397

(مسألة 54): تقسم الغنائم بعد إخراج المذكورات على المقاتلين و من حضر ساحة القتال و لو لم يقاتل، فإنه لا يعتبر في تقسيم الغنيمة على جيش المسلمين دخول الجميع في القتال مع الكفار، فلو قاتل بعض منهم و غنم، و كان الآخر حاضرا في ساحة القتال و المعركة و متهيّئا للقتال معهم إذا اقتضى الأمر ذلك، كانت الغنيمة مشتركة بين الجميع، و لا اختصاص بها للمقاتلين فقط، و هذا بخلاف ما إذا أرسل فرقة إلى جهة و فرقة أخرى إلى جهة أخرى، فلا تشارك إحداهما الأخرى في الغنيمة.

و في حكم المقاتلين الطفل إذا ولد في أرض الحرب، و تدل عليه معتبرة مسعدة ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه أن عليا عليه السّلام قال:

«إذا ولد المولود في أرض الحرب قسم له مما أفاء اللّه عليهم» «1».

و المشهور أنه تشترك مع المقاتلين في الغنائم فئة حضروا أرض الحرب للقتال و قد وضعت الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا بغلبة المسلمين على الكفار و أخذهم الغنائم منهم قبل خروجهم إلى دار الإسلام، فإنّ الغنيمة حينئذ تقسّم بين الجميع رغم عدم اشتراك تلك الفئة معهم في القتال، و مدركهم في ذلك رواية حفص بن غياث، قال: كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مسائل من السيرة، فسألته و كتبت بها إليه، فكان فيما سألت: اخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثمّ لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام، و لم يلقوا عدوا حتى خرجوا

إلى دار الإسلام، هل يشاركونهم فيها؟ قال: «نعم» «2».

و لكن بما أن الرواية ضعيفة باعتبار أن القاسم بن محمد الواقع في سندها مردد بين الثقة و غيرها فالحكم لا يخلو عن إشكال بل منع، و قد

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 41 من أبواب جهاد العدو، الحديث 8.

(2) الوسائل: ج 11، باب 37 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 398

يستدل على ذلك بمعتبرة طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السّلام، في الرجل يأتي القوم و قد غنموا و لم يكن ممن شهد القتال قال: فقال:

«هؤلاء المحرومون، فأمر أن يقسم لهم» «1».

بتقريب أن المراد المحرومون من ثواب القتال لا أنهم محرومون من الغنيمة، و فيه:

أولا: أنه لا يمكن أن تكون كلمة (هؤلاء) إشارة إلى الرجل الذي يأتي القوم بعد أخذهم الغنيمة من الكفار.

و ثانيا: أن تحريمهم من الثواب لا يدل على أنّ لهم نصيبا في الغنيمة، فإن ضمير (لهم) في قوله عليه السّلام (فأمر أن يقسم لهم) ظاهر في رجوعه إلى القوم، و كيف كان فالرواية مجملة، فلا دلالة لها على المقصود أصلا.

ثمّ إنه بناء على الاشتراك إذا حضروا دار الحرب قبل القسمة، فهل هم مشتركون فيها معهم أيضا إذا حضروها بعدها؟ المشهور عدم الاشتراك، و هو الظاهر، لانصراف الرواية عن هذه الصورة و ظهورها بمناسبة الحكم و الموضوع في حضورهم دار الحرب قبل القسمة.

(مسألة 55): المشهور بين الأصحاب أنه يعطى من الغنيمة للراجل سهم، و للفارس سهمان، بل ادّعي عدم الخلاف في المسألة، و اعتمدوا في ذلك على رواية حفص بن غياث، و لكن قد عرفت آنفا أن الرواية ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها، فحينئذ إن

ثبت الإجماع في المسألة فهو المدرك و إلا فما نسب إلى ابن جنيد من أنه يعطى للراجل سهم و للفارس ثلاثة أسهم هو القوي، و ذلك لإطلاق معتبرة إسحاق ابن عمّار، عن جعفر، عن أبيه أن عليا عليه السّلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم و للراجل سهما «2»

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 37 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.

(2) الوسائل: ج 11، باب 42 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 399

و صحيحة مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجعل للفارس ثلاثة أسهم و للراجل سهما» «1» و عدم المقيّد لهما.

و عليه فلا فرق في ذلك بين أن يكون المقاتل صاحب فرس واحد أو أكثر فما عن المشهور من أن لصاحب فرس واحد سهمين و للأكثر ثلاثة أسهم فلا يمكن إتمامه بدليل، و لا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون المقاتلة مع الكفار في البر أو البحر.

(مسألة 56): لا يملك الكافر الحربي أموال المسلمين بالاستغنام، فلو أخذها المسلم منه سرقة أو هبة أو شراء أو نحو ذلك فلا إشكال في لزوم عودها إلى أصحابها من دون غرامة شي ء، و إن كان الآخذ جاهلا بالحال حيث إن الحكم- مضافا إلى أنه على القاعدة- قد دلّ عليه قوله عليه السّلام في صحيحة هشام: «المسلم أحقّ بماله أينما وجده» «2».

و أما إذا أخذ تلك الأموال منه بالجهاد و القوة، فإن كان الأخذ قبل القسمة رجعت إلى أربابها أيضا بلا إشكال و لا خلاف.

و أما إذا كان بعد القسمة، فنسب إلى العلّامة في النهاية أنها تدخل في الغنيمة و

لكنّ المشهور بين الأصحاب أنها ترد إلى أربابها و هو الصحيح، إذ يكفي في ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة هشام الآنفة الذكر المؤيدة بخبر طربال، و الدليل على الخلاف غير موجود في المسألة.

و أما صحيحة الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل لقيه العدو و أصاب منه مالا أو متاعا، ثمّ إن المسلمين أصابوا ذلك، كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال: «إذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل ردّ عليه،

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 38 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.

(2) الوسائل: ج 11، باب 35 من أبواب جهاد العدو، الحديث 3.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 400

و إن كانوا أصابوه بعد ما حازوا فهو في ء للمسلمين، فهو أحق بالشفعة» «1» فهي يظاهرها، و هو التفصيل بين ما قبل الحيازة و ما بعدها، فعلى الأول ترد إلى أربابها، و على الثاني تدخل في الغنيمة مقطوعة البطلان، فإنه لا إشكال كما لا خلاف في وجوب الرد قبل القسمة فلا تدخل في الغنيمة بالحيازة، و حمل الحيازة على القسمة بحاجة إلى قرينة و هي غير موجودة.

و عليه فالقسمة باطلة، فمع وجود الغانمين تقسّم ثانيا عليهم بعد إخراج أموال المسلمين، و مع تفرّقهم يرجع من وقعت تلك الأموال في حصته إلى الإمام عليه السّلام.

الدفاع

(مسألة 57): يجب على كل مسلم الدفاع عن الدين الإسلامي إذا كان في معرض الخطر، و لا يعتبر فيه إذن الإمام عليه السّلام بلا إشكال و لا خلاف في المسألة.

و لا فرق في ذلك بين أن يكون في زمن الحضور أو الغيبة، و إذا قتل فيه جرى عليه حكم الشهيد في ساحة الجهاد مع الكفار، على أساس أنه قتل

في سبيل اللّه الذي قد جعل في صحيحة أبان موضوعا للحكم المزبور، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه و لا يغسّل إلا أن يدركه المسلمون و به رمق ثمّ يموت» الحديث، و قريب منها صحيحته الثانية «2».

(مسألة 58): تجري على الأموال المأخوذة من الكفار في الدفاع عن بيضة الإسلام أحكام الغنيمة، فإن كانت منقولة تقسّم بين المقاتلين بعد

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 35 من أبواب جهاد العدو، الحديث 2.

(2) الوسائل: ج 2، باب 14 من أبواب غسل الميت، الحديث 7 و 9.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 401

إخراج الخمس، و إن كانت غير منقولة فهي ملك للأمّة على تفصيل تقدّم، و تدل على ذلك إطلاقات الأدلة من الآية و الرواية.

فما عليه المحقق القمي (قدس سره) من عدم جريان أحكام الغنيمة عليها و أنها لآخذها خاصة بدون حق الآخرين فيها لا يمكن المساعدة عليه.

قتال أهل البغي

و هم الخوارج على الإمام المعصوم عليه السّلام الواجب إطاعته شرعا، فإنه لا إشكال في وجوب مقاتلتهم إذا أمر الإمام عليه السّلام بها، و لا يجوز لأحد المخالفة، و لا يجوز الفرار لأنه كالفرار عن الزحف في حرب المشركين، و الحاصل أنه تجب مقاتلتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.

و تجري على من قتل فيها أحكام الشهيد لأنه قتل في سبيل اللّه.

(مسألة 59): المشهور- بل ادّعي عليه الإجماع- أنه لا يجوز قتل أسرائهم، و لا الإجهاز على جريحهم، و لا يتبع مدبرهم إذا لم تبق منهم فئة يرجعون إليها، و أما إذا كانت لهم فئة كذلك فيقتل أسراؤهم و يجهز على جريحهم، و يتبع مدبرهم، و لكن إتمام ذلك بالدليل مشكل، فإنّ رواية

حفص بن غياث التي هي نص في هذا التفصيل ضعيفة سندا كما مر، قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطائفتين من المؤمنين، إحداهما باغية و الأخرى عادلة، فهزمت العادلة الباغية، قال عليه السّلام: «ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا، و لا يقتلوا أسيرا، و لا يجهزوا على جريح، و هذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد و لم يكن فئة يرجعون إليها» الحديث «1».

و عليه فلا يمكن الاعتماد عليها.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 24 من جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 402

و أما معتبرة أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السّلام: إن عليا عليه السّلام سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أهل الشرك! قال: فغضب ثمّ جلس ثمّ قال: «سار و اللّه فيهم بسيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الفتح، إن عليا كتب إلى مالك و هو على مقدّمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، و لا يقتل مدبرا، و لا يجهز على جريح، و من أغلق بابه فهو آمن» الحديث «1». فهي قضية في واقعة، فلا يستفاد منها الحكم الكلي كما يظهر من روايته الأخرى، قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السّلام: بما سار علي بن أبي طالب عليه السّلام؟ فقال: «إنّ أبا اليقظان كان رجلا حادا فقال:

يا أمير المؤمنين: بم تسير في هؤلاء غدا؟ فقال: بالمنّ كما سار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أهل مكة» «2» فحينئذ إن تمّ الإجماع في المسألة فهو، و إلا فالأمر كما ذكرناه، فإذن القضية في كل واقعة راجعة إلى الإمام عليه السّلام

نفيا و إثباتا حسب ما يراه من المصلحة.

(مسألة 60): لا تسبى ذراري البغاة و إن كانوا متولدين بعد البغي، و لا تملك نساؤهم و كذا لا يجوز أخذ أموالهم التي لم يحوها العسكر كالسلاح و الدواب و نحوهما.

و هل يجوز أخذ ما حواه العسكر من الأموال المنقولة؟ فيه قولان: عن جماعة القول الأول، و عن جماعة أخرى القول الثاني، بل نسب ذلك إلى المشهور، و هذا القول هو الصحيح، و يدل على كلا الحكمين عدّة من الروايات، منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لو لا أن عليا عليه السّلام سار في أهل حربه بالكفّ عن السبي و الغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما» ثمّ قال: «و اللّه لسيرته كانت خيرا لكم مما طلعت عليه الشمس» «3».

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 24 من جهاد العدو، الحديث 2.

(2) التهذيب: ج 6، ص 154، الحديث 272.

(3) الوسائل: ج 11، باب 25 من جهاد العدو، الحديث 8.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 403

(مسألة 61): يجوز قتل سابّ النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمة الأطهار عليهم السّلام لكل من سمع ذلك، و كذا الحال في سابّ فاطمة الزهراء عليها السّلام، على تفصيل ذكرناه في مباني تكلمة المنهاج.

أحكام أهل الذمة

(مسألة 62): تؤخذ الجزية من أهل الكتاب و بذلك يرتفع عنهم القتال و الاستعباد، و يقرّون على دينهم، و يسمح لهم بالسكنى في دار الإسلام آمنين على أنفسهم و أموالهم، و هم اليهود و النصارى و المجوس بلا إشكال و لا خلاف، بل الصابئة أيضا على الأظهر، لأنهم من أهل الكتاب على ما تدل عليه الآية الكريمة و هي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ

الَّذِينَ هٰادُوا وَ النَّصٰارىٰ وَ الصّٰابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صٰالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لٰا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لٰا هُمْ يَحْزَنُونَ «1».

و الجزية توضع عليهم من قبل النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله أو الإمام عليه السّلام حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّا و كيفا، و لا تقبل من غيرهم كسائر الكفار بلا خلاف، فإنّ عليهم أن يقبلوا الدعوة الإسلامية أو يقتلوا، و تدلّ عليه غير واحدة من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى: فَإِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقٰابِ «2»، و منها قوله تعالى: قٰاتِلُوهُمْ حَتّٰى لٰا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ «3»، و غيرهما من الآيات، و بعموم هذه الآيات يرفع اليد عن إطلاق معتبرة مسعدة بن صدقة الدالة بإطلاقها على عدم اختصاص أخذ الجزية بأهل الكتاب، فقد روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «إن النبي صلّى اللّه عليه و آله إذا بعث أميرا له على سريّة أمره بتقوى اللّه عز و جل في خاصة

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 62.

(2) سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله: الآية 4.

(3) سورة الأنفال: الآية 39.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 404

نفسه ثمّ في أصحابه العامة- إلى أن قال:- و إذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منه و كفّوا عنه، و ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم و كفّوا عنهم، و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم و كفّوا عنهم- إلى أن قال- فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد و هم صاغرون» الحديث «1».

(مسألة 63): الظاهر أنه لا فرق في

مشروعية أخذ الجزية من أهل الكتاب بين أن يكون في زمن الحضور أو في زمن الغيبة لإطلاق الأدلة و عدم الدليل على التقييد، و وضعها عليهم في هذا الزمان إنما هو بيد الحاكم الشرعي كمّا و كيفا حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للأمة الإسلامية.

(مسألة 64): إذا التزم أهل الكتاب بشرائط الذمة يعاملون معاملة المسلمين في ترتيب أحكامهم عليهم كحقن دمائهم و أموالهم و أعراضهم، و إذا أخلّوا بها خرجوا عن الذمة على تفصيل يأتي في المسائل القادمة.

(مسألة 65): إذا ادّعى الكفّار أنهم من أهل الكتاب و لم تكن قرينة على الخلاف سمعت في ترتيب أحكام أهل الذمة عليهم و عدم الحاجة فيه إلى إقامة البينة على ذلك. نعم، إذا علم بعد ذلك خلافها كشف عن بطلان عقد الذمة.

(مسألة 66): الأقوى أن الجزية لا تؤخذ من الصبيان و المجانين و النساء، و ذلك لمعتبرة حفص بن غياث التي تدل على كبرى كلّية، و هي أن أي فرد لم يكن قتله في الجهاد جائزا لم توضع عليه الجزية، فقد سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النساء كيف سقطت الجزية عنهنّ و رفعت عنهن؟ قال:

فقال: «لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 15 من جهاد العدو، حديث 3.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 405

- إلى أن قال- و لو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها- إلى أن قال- و كذلك المقعد من أهل الذمة و الأعمى و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية» «1».

و تدل

على ذلك في خصوص المجانين معتبرة طلحة بن زيد الآتية.

و أما المملوك سواء كان مملوكا لمسلم أم كان لذمي فالمشهور أنه لا تؤخذ الجزية منه، و قد علل ذلك في بعض الكلمات بأنه داخل في الكبرى المشار إليها آنفا، و هي أن من لم يجز قتله لم توضع عليه الجزية، و لكن الأظهر أنّ الجزية توضع عليه، و ذلك لمعتبرة أبي الورد، فقد روى الشيخ الصدوق بسنده المعتبر عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي الورد، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟

قال: «نعم، إنما هو مالكه يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه» «2»، و روى قريبا منه بإسناده عن أبي الورد نفسه «3» إلا أن في بعض النسخ في الرواية الثانية (أبا الدرداء) بدل (أبي الورد) و الظاهر أنه من غلط النسّاخ.

و نسب هذا القول إلى الصدوق في المقنع و إلى العلامة في التحرير.

و أما الشيخ الهمّ و المقعد و الأعمى فالمشهور بين الأصحاب أنه تؤخذ الجزية منهم لعموم أدلة الجزية و ضعف رواية حفص، و لكنّ الأقوى عدم جواز أخذها منهم، فإنّ رواية حفص و إن كانت ضعيفة في بعض طرقها إلا أنها معتبرة في بعض طرقها الأخر و هو طريق الشيخ الصدوق إليه، و عليه فلا مانع من الاعتماد عليها في الحكم المزبور.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 18 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.

(2) الفقيه: ج 3، باب نوادر العتق، الحديث 9.

(3) الوسائل: ج 11، باب 49 من جهاد العدو، الحديث 6.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 406

(مسألة 67): إذا حاصر المسلمون حصنا من حصون أهل الكتاب فقتل الرجال منهم و بقيت النساء،

فعندئذ إن تمكّن المسلمون من فتح الحصن فهو، و إن لم يتمكنوا منه فلهم أن يتوسلوا إلى فتحه بأية وسيلة ممكنة، و لو كانت تلك الوسيلة بالصلح معهن إذا رأى ولي الأمر مصلحة فيه، و بعد عقد الصلح لا يجوز سبيهنّ لعموم الوفاء بالعقد، فما قيل من جواز إظهار عقد الصلح معهنّ صورة و بعد العقد المزبور يجوز سبيهنّ فلا دليل عليه، بل هو غير جائز، لأنه داخل في الغدر.

و أما إذا فتحه المسلمون بأيديهم فيكون أمرهنّ بيد ولي الأمر، فإن رأى مصلحة في إعطاء الأمان لهنّ و أعطاه لم يجز حينئذ استرقاقهنّ، و إن رأى مصلحة في الاسترقاق و الاستعباد تعيّن ذلك.

(مسألة 68): إذا كان الذمي عبدا فاعتق و حينئذ إن قبل الجزية ظل في دار الإسلام، و إن لم يقبل منع من الإقامة فيها و أجبر على الخروج إلى مأمنه، و لا يجوز قتله و لا استعباده على أساس أنه دخل دار الإسلام آمنا.

(مسألة 69): تقدم عدم وجوب الجزية على المجنون مطبقا، و أما إذا كان أدواريا فهل تجب عليه أو لا؟ أو فيه تفصيل؟ وجوه، و عن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (قدس سره) اختيار التفصيل بدعوى أنه يعمل في هذا الفرض بالأغلب، فإن كانت الافاقة أكثر و أغلب من عدمها وجبت الجزية عليه، و إن كان العكس فبالعكس.

و لكن هذا التفصيل بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه، فالعبرة حينئذ إنما هي بالصدق العرفي، فإن كان لدى العرف معتوها لم تجب الجزية عليه و إلا وجبت. ففي معتبرة طلحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، و لا من المغلوب عليه عقله» «1».

______________________________

(1) الوسائل:

ج 11، باب 18 من جهاد العدو، الحديث 3.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 407

نعم، لو أفاق حولا كاملا وجبت الجزية عليه في هذا الحول على كل حال.

(مسألة 70): إذا بلغ صبيان أهل الذمة عرض عليهم الإسلام، فإن قبلوا فهو، و إلا وضعت الجزية عليهم، و إن امتنعوا منها أيضا ردّوا إلى مأمنهم و لا يجوز قتلهم و لا استعبادهم باعتبار أنهم دخلوا في دار الإسلام آمنين.

(مسألة 71): المشهور بين الأصحاب قديما و حديثا هو أنه لا حدّ للجزية، بل أمرها إلى الإمام عليه السّلام كمّا و كيفا حسب ما يراه فيه من المصلحة، و يدل على ذلك- مضافا إلى عدم تحديدها في الروايات- ما في صحيحة زرارة: أن أمر الجزية إلى الإمام عليه السّلام، يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق «1».

(مسألة 72): إذا وضع ولي الأمر الجزية على رءوسهم لم يجز وضعها على أراضيهم، حيث إن المشروع في الشريعة المقدسة وضع جزية واحدة حسب إمكاناتهم و طاقاتهم المالية التي بها حقنت دماؤهم و أموالهم، فإذا وضعت على رءوسهم انتفى موضوع وضعها على الأراضي و بالعكس.

و صحيحتا محمد بن مسلم ناظرتان إلى هذه الصورة فقد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أ رأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس- إلى أن قال- و ليس للإمام أكثر من الجزية إن شاء الإمام وضع على رءوسهم و ليس على أموالهم شي ء، و إن شاء فعلى أموالهم و ليس على رءوسهم شي ء، الحديث.

و قال: سألته عن أهل الذمة ما ذا عليهم مما يحقنون به دماءهم و أموالهم؟ قال: «الخراج، و إن أخذ من رءوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، و إن أخذ

من أرضهم فلا سبيل على رءوسهم» «2».

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 68 من جهاد العدو، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 11، باب 68 من جهاد العدو، الحديث 2، 3.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 408

و أما إذا وضع ولي الأمر قسطا من الجزية على الرءوس و قسطا منها على الأراضي فلا مانع منه، على أساس أن أمر وضع الجزية بيد ولي الأمر من حيث الكم و الكيف، و الصحيحتان المزبورتان لا تشملان هذه الصورة فإنهما ناظرتان إلى أن وضع الجزية كملا إذا كان على الرءوس انتفى موضوع وضعها على الأراضي و بالعكس، و أما تبعيض تلك الجزية ابتداء عليهما معا فلا مانع منه.

(مسألة 73): لولي الأمر أن يشترط عليهم- زائدا على الجزية- ضيافة المارة عليهم من العساكر أو غيرهم من المسلمين حسب ما يراه فيه مصلحة، من حيث الكم و الكيف، على قدر طاقاتهم و إمكاناتهم المالية، و ما قيل من أنه لا بد من تعيين نوع الضيافة كما و كيفا بحسب القوت و الادام و نوع علف الدواب و عدد الأيام فلا دليل عليه، بل هو راجع إلى ولي الأمر.

(مسألة 74): ظاهر فتوى الأصحاب في كلماتهم أن الجزية تؤخذ سنة بعد سنة و تتكرر بتكرر الحول و لكن إثبات ذلك بالنصوص مشكل جدا، فالصحيح أن أمرها بيد الإمام عليه السّلام، و له أن يضع الجزية في كل سنة و له أن يضعها في أكثر من سنة مرة واحدة حسب ما فيه من المصلحة.

(مسألة 75): إذا أسلم الذمي قبل تمامية الحول أو بعد تماميته و قبل الأداء سقطت عنه بسقوط موضوعها، فإن موضوعها حسب ما في الآية الكريمة و غيرها هو الكافر، فإذا أصبح مسلما و

لو بعدا لحول سقطت الجزية عنه و لا تجب عليه تأديتها، و لا فرق في ذلك بين أن يكون هو الداعي لقبوله الإسلام أو يكون الداعي له أمرا آخر.

(مسألة 76): المشهور بين الأصحاب أنه لو مات الذمي و هو ذمي بعد الحول لم تسقط الجزية عنه و أخذت من تركته كالدّين، و لكن ذلك مبني

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 409

على أن يكون جعل الجزية من قبيل الوضع كجعل الزكاة و الخمس على الأموال، و لازم ذلك هو أن الذمي لو مات في أثناء الحول مثلا لأخذت الجزية من تركته بالنسبة، و هذا و إن كان مذكورا في كلام بعضهم إلا أنه غير منصوص عليه في كلمات المشهور، و من هنا لا يبعد أن يقال إنها ليست كالدّين الثابت على ذمته حتى تخرج من تركته بعد موته مطلقا، بل المستفاد من الدليل هو أن الواجب عليه إنّما هو الإعطاء عن يد و هو صاغر، فإذا مات انتفى بانتفاء موضوعه، و بذلك يظهر حال ما إذا مات في أثناء الحول، بل هو أولى بالسقوط.

(مسألة 77): يجوز أخذ الجزية من ثمن الخمور و الخنازير و الميتة من الذمي حيث أنّ وزره عليه لا على غيره، و تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صدقات أهل الذمة و ما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم و خنازيرهم و ميتتهم؟ قال: «عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو خمر، فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال، يأخذونه في جزيتهم» «1».

(مسألة 78): لا تتداخل جزية سنين متعددة إذا اجتمعت على الذمي بل عليه

أن يعطي الجميع إلا إذا رأى ولي الأمر مصلحة في عدم الأخذ.

(شرائط الذمة)

(مسألة 79): من شرائط الذمة أن يقبل أهل الكتاب إعطاء الجزية لولي الأمر على الكيفية المذكورة، فإنه مضافا إلى التسالم بين الأصحاب يدل عليه الكتاب و السنة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 70 من جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 410

و منها: أن لا يرتكبوا ما ينافي الأمان، كالعزم على حرب المسلمين و إمداد المشركين في الحرب و ما شاكل ذلك، و هذا الشرط ليس من الشروط الخارجية بل هو داخل في مفهوم الذمة فلا يحتاج إثباته إلى دليل آخر.

(مسألة 80): المشهور بين الأصحاب أن التجاهر بالمنكرات كشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و الربا و النكاح بالأخوات و بنات الأخ و بنات الأخت و غيرها من المحرمات كالزنا و اللواط و نحوهما يوجب نقض عقد الذمة.

و من هذا القبيل عدم إحداث الكنائس و البيع و ضرب الناقوس و ما شاكل ذلك إذا كان يوجب إعلان أديانهم و ترويجها بين المسلمين.

هذا فيما إذا اشترط عدم التجاهر بتلك المحرمات و المنكرات في ضمن عقد الذمة واضح.

و أما إذا لم يشترط عدم التجاهر بها في ضمن العقد المزبور فهل التجاهر بها يوجب النقض؟ فيه وجهان، فعن العلّامة في التذكرة و التحرير و المنتهى الوجه الثاني، و لكنّ الأظهر هو الوجه الأول، و ذلك لصحيحة زرارة، فقد روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، و لا يأكلوا لحم الخنزير، و لا ينكحوا الأخوات و لا بنات الأخ و لا بنات الأخت، فمن فعل ذلك منهم برئت

منه ذمة اللّه و ذمة رسوله صلّى اللّه عليه و آله» قال: «و ليست لهم اليوم ذمة» «1».

فإن مقتضى ذيل الصحيحة و هو قوله عليه السّلام: «ليست لهم اليوم ذمة» هو أن التجاهر بها يوجب نقض الذمة و انتهاءها و أنها لا تنسجم معه، و بما أن أهل الكتاب كانوا في زمان الخلفاء متجاهرين بالمنكرات المزبورة فلأجل ذلك نفى عنهم الذمة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 48 من جهاد العدو، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 411

و أما غير ذلك كارتفاع جدرانهم على جدران المسلمين و عدم تميزهم في اللباس و الشعر و الركوب و الكنى و الألقاب و نحو ذلك مما لا ينافي مصلحة عامة للإسلام أو المسلمين فلا دليل على أنه يوجب نقض الذمة.

نعم لولي الأمر اشتراط ذلك في ضمن العقد إذا رأى فيه مصلحة.

(مسألة 81): يشترط على أهل الذمة أن لا يربّوا أولادهم على الاعتناق بأديانهم- كاليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو نحوها- بأن يمنعوا من الحضور في مجالس المسلمين و مراكز تبليغاتهم و الاختلاط مع أولادهم، بل عليهم تخلية سبيلهم في اختيار الطريقة، و بطبيعة الحال أنهم يختارون الطريقة الموافقة للفطرة و هي الطريقة الإسلامية، و قد دلت على ذلك صحيحة فضيل بن عثمان الأعور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: «ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه اللذان يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه، و إنما أعطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذمة و قبل الجزية عن رءوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهوّدوا أولادهم و لا ينصّروا، و أما أولاد أهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم» «1».

(مسألة 82): إذا أخلّ أهل الكتاب بشرائط الذمة بعد

قبولها خرجوا منها، و عندئذ هل على ولي الأمر ردهم إلى مأمنهم أو له قتلهم أو استرقاقهم؟ فيه قولان: الأقوى هو الثاني حيث إنه لا أمان لهم بعد خروجهم عن الذمة، و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة آنفا:

«فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة اللّه و ذمة رسوله صلّى اللّه عليه و آله» فإن ظاهر البراءة هو أنه لا أمان له، و من الظاهر أن لزوم الرد إلى مأمنه نوع أمان له.

فإذن، على ولي الأمر أن يدعوهم إلى الاعتناق بالإسلام فإن قبلوا فهو، و إلا فالوظيفة التخيير بين قتلهم و سبي نسائهم و ذراريهم، و بين استرقاقهم أيضا.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، باب 48 من جهاد العدو، الحديث 3.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 412

(مسألة 83): إذا أسلم الذمي بعد إخلاله بشرط من شرائط الذمة سقط عنه القتل و الاسترقاق و نحوهما مما هو ثابت حال كفره، نعم لا يسقط عنه القود و الحد و نحوهما مما ثبت على ذمته، حيث لا يختص ثبوته بكونه كافرا، و كذا لا ترتفع رقّيته بالإسلام إذا أسلم بعد الاسترقاق.

(مسألة 84): يكره الابتداء بالسلام على الذمي، و هو مقتضى الجمع بين صحيحة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام لا تبدءوا أهل الكتاب بالتسليم، و إذا سلّموا عليكم فقولوا:

و عليكم» «1»، و صحيحة ابن الحجّاج، قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام:

أ رأيت إن احتجت إلى طبيب و هو نصراني أسلّم عليه و أدعو له؟ قال:

«نعم، إنه لا ينفعه دعاؤك» «2»، فإنّ مورد الصحيحة الثانية و إن كان فرض الحاجة إلا أن الحاجة إنما هي في المراجعة

إلى الطبيب النصراني لا في السلام عليه، إذ يمكن التحية له بغير لفظ السلام مما هو متعارف عنده، على أن التعليل في ذيل الصحيحة شاهد على أنه لا مانع منه مطلقا حيث أن الدعاء لا يفيده.

و أما إذا ابتدأ الذمي بالسلام على المسلم فالأحوط وجوب الرد عليه بصيغة عليك أو عليكم أو بصيغة «سلام» فقط.

(مسألة 85): لا يجوز لأهل الذمة إحداث الكنائس و البيع و الصوامع و بيوت النيران في بلاد الإسلام، و إذا أحدثوها خرجوا عن الذمة فلا أمان لهم بعد ذلك.

هذا إذا اشترط عدم إحداثها في ضمن العقد، و أما إذا لم يشترط لم يخرجوا منها، و لكن لولي الأمر هدمها إذا رأى فيه مصلحة ملزمة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 8، باب 49 من أحكام العشرة، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 8، باب 53 من أحكام العشرة، الحديث 1.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 413

و أما إذا كانت هذه الأمور موجودة قبل الفتح فحينئذ إن كان إبقاؤها منافيا لمظاهر الإسلام و شوكته فعلى ولي الأمر هدمها و إزالتها، و إلا فلا مانع من إقرارهم عليها، كما أن عليهم هدمها إذا اشترط في ضمن العقد.

(مسألة 86): المشهور أنه لا يجوز للذمي أن يعلو بما استجدّه من المساكن على المسلمين، و عن المسالك أنه موضع وفاق بين المسلمين، و لكن دليله غير ظاهر فإن تم الإجماع فهو، و إلا فالأمر راجع إلى ولي الأمر.

نعم، إذا كان في ذلك مذلة للمسلمين و عزّة للذمي لم يجز.

(مسألة 87): المعروف بين الأصحاب عدم جواز دخول الكفار أجمع في المساجد كلها، و لكن إتمام ذلك بالدليل مشكل، إلا إذا أوجب دخولهم الهتك فيها أو تلوّثها بالنجاسة.

نعم، لا يجوز دخول المشركين خاصة في

المسجد الحرام جزما.

(مسألة 88): المشهور بين الفقهاء أن على المسلمين أن يخرجوا الكفار من الحجاز و لا يسكنوهم فيه و لكنّ إتمامه بالدليل مشكل.

(المهادنة)

(مسألة 89): يجوز المهادنة مع الكفار المحاربين إذا اقتضتها المصلحة للإسلام أو المسلمين، و لا فرق في ذلك بين أن تكون مع العوض أو بدونه، بل لا بأس بها مع إعطاء ولي الأمر العوض لهم إذا كانت فيه مصلحة عامة.

نعم إذا كان المسلمون في مكان القوة و الكفار في مكان الضعف بحيث يعلم الغلبة عليهم لم تجز المهادنة.

(مسألة 90): عقد الهدنة بيد ولي الأمر حسب ما يراه فيه من المصلحة، و على هذا فبطبيعة الحال يكون مدّته من حيث القلة و الكثرة بيده

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 414

حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.

و لا فرق في ذلك بين أن تكون مدته أربعة أشهر أو أقلّ أو أكثر، بل يجوز جعلها أكثر من سنة إذا كانت فيه مصلحة، و أما ما هو المشهور بين الفقهاء من أنه لا يجوز جعل المدة أكثر من سنة فلا يمكن إتمامه بدليل.

(مسألة 91): يجوز لولي الأمر أن يشترط مع الكفار في ضمن العقد أمرا سائغا و مشروعا كإرجاع أسارى المسلمين و ما شاكل ذلك، و لا يجوز اشتراط أمر غير سائغ كإرجاع النساء المسلمات إلى دار الكفر و ما شابه ذلك.

(مسألة 92): إذا هاجرت النساء إلى دار الإسلام في زمان الهدنة و تحقق إسلامهنّ لم يجز إرجاعهنّ إلى دار الكفر بلا فرق بين أن يكون إسلامهن قبل الهجرة أو بعدها.

نعم، يجب إعطاء أزواجهن ما أنفقوا من المهور عليهنّ.

(مسألة 93): لو ارتدّت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام لم ترجع إلى دار

الكفر و يجري عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الإسلام ابتداء من الحبس و الضرب في أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت.

(مسألة 94): إذا ماتت المرأة المسلمة المهاجرة بعد مطالبة زوجها المهر منها وجب ردّه إليه إن كان حيّا و إلى ورثته إن كان ميتا.

و أما إذا كانت المطالبة بعد موت الزوجة فالظاهر عدم وجوب رده إليه، لأن ظاهر الآية الكريمة هو أن ردّ المهر إنما هو عوض رد الزوجة بعد مطالبة الزوج إياها، و إذا ماتت انتفى الموضوع.

كما أنه لو طلّقها بائنا بعد الهجرة لم يستحق المطالبة، على أساس أن ظاهر الآية هو أنه لا يجوز إرجاع المرأة المزبورة بعد المطالبة و إنما يجب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 415

إرجاع المهر إليه بدلا عن ردّها، فإذا طلقها بائنا فقد انقطعت علاقته عنها نهائيا فليس له حق المطالبة بإرجاعها حينئذ.

و هذا بخلاف ما إذا طلقها رجعيا حيث أن له حق المطالبة بإرجاعها في العدّة باعتبار أنها زوجة له، فإذا طالب فيها وجب ردّ مهرها إليه.

(مسألة 95): إذا أسلمت زوجة الكافر بانت منه، و وجبت عليها العدة إذا كانت مدخولا بها، فإذا أسلم الزوج و هي في العدة كان أحق بها، و تدل على ذلك عدة من الروايات، منها معتبرة السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليه السّلام أن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها، قال عليّ عليه السّلام: «أ تسلم؟» قال: لا، ففرق بينهما، ثمّ قال: «إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، و إن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثمّ أسلمت فأنت خاطب من الخطّاب» «1».

و في حكمها ما إذا أسلمت في عدتها من الطلاق الرجعي، فإذا أسلم الزوج بعد إسلام

زوجته المهاجرة في عدتها من طلاقها طلاقا رجعيا كان أحق بها و وجب عليه رد مهرها إن كان قد أخذه.

و أما إذا أسلم بعد انقضاء العدة فليس له حق الرجوع بها فإنه- مضافا إلى أنه مقتضى القاعدة- تدل عليه ردّ معتبرة السكوني و غيرها.

(مسألة 96): إذا هاجر الرجال إلى دار الإسلام و أسلموا في زمان الهدنة لم يجز إرجاعهم إلى دار الكفر، لأن عقد الهدنة لا يقتضي أزيد من الأمان على أنفسهم و أعراضهم و أموالهم ما داموا على كفرهم في دار الإسلام ثمّ يرجعوهم إلى مأمنهم.

و أما إذا أسلموا فيصبحون محقوني الدم و المال بسبب اعتناقهم بالإسلام، و حينئذ خرجوا عن موضوع عقد الهدنة فلا يجوز إرجاعهم إلى

______________________________

(1) التهذيب: ج 7، ص 301، الحديث 1257.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 416

موطنهم بمقتضى العقد المذكور.

هذا إذا لم يشترط في ضمن العقد إعادة الرجال، و أما إذا اشترط ذلك في ضمن العقد فحينئذ إن كانوا متمكّنين بعد إعادتهم إلى موطنهم من إقامة شعائر الإسلام و العمل بوظائفهم الدينية بدون خوف فيجب الوفاء بالشرط المذكور و إلا فالشرط باطل.

(مسألة 97): إذا هاجرت نساء الحربيّين من دار الكفر إلى دار الإسلام و أسلمت لم يجب إرجاع مهورهن إلى أزواجهن، لاختصاص الآية الكريمة الدالة على هذا الحكم بنساء الكفّار المعاهدين بقرينة قوله تعالى:

وَ سْئَلُوا مٰا أَنْفَقْتُمْ وَ لْيَسْئَلُوا مٰا أَنْفَقُوا «1» باعتبار أن السؤال لا يمكن عادة إلا من هؤلاء الكفار على أن الحكم على القاعدة.

و الحمد للّه أولا و آخرا.

______________________________

(1) سورة الممتحنة: الآية 10.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 417

مستحدثات المسائل

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 419

المصارف و البنوك

اشارة

و هي ثلاثة أصناف:

(1) أهلي: و هو ما يتكوّن رأس ماله من شخص واحد أو أشخاص مشتركين.

(2) حكومي: و هو الذي تقوم الدولة بتمويله.

(3) مشترك: و تموّله الدولة و أفراد الشعب.

1- البنك الأهلي الإسلامي:

(مسألة 1): لا يجوز الاقتراض منه بشرط الفائض و الزيادة، لأنّه ربا محرّم و للتخلص من ذلك الطريق الآتي و هو:

أن يشتري المقترض من صاحب البنك أو من وكيله المفوض بضاعة بأكثر من قيمتها الواقعية 10% أو 20% مثلا على أن يقرضه مبلغا معينا من النقد، أو يبيعه متاعا بأقلّ من قيمته السوقية، و يشترط عليه في ضمن المعاملة أن يقرضه مبلغا معينا لمدة معلومة يتفقان عليها. و عندئذ يجوز الاقتراض و لا ربا فيه. و مثل البيع الهبة بشرط القرض.

و لا يمكن التخلص من الربا ببيع مبلغ معيّن مع الضميمة بمبلغ أكثر، كأن يبيع مائة دينار بضميمة كبريت بمائة و عشرة دنانير لمدة شهرين مثلا، فإنّه قرض ربوي حقيقة، و إن كان بيعا صورة.

(مسألة 2): لا يجوز إقراض البنك بشرط الحصول على الفائض

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 420

المسمّى في عرف اليوم بالإيداع، بلا فرق بين الإيداع الثابت الذي له أمد خاص بمعنى أنّ البنك غير ملزم بوضعه تحت الطلب، و بين الإيداع المتحرّك المسمّى بالحساب الجاري أي أن البنك ملزم بوضعه تحت الطلب. نعم إذا لم يكن الإيداع بهذا الشرط فلا بأس به.

2- البنك الحكومي:

(مسألة 3): لا يجوز التصرف في المال المقبوض منه بدون إذن من الحاكم الشرعي أو وكيله.

(مسألة 4): لا يجوز الاقتراض منه بشرط الزيادة؛ لأنه غير قابل للاذن و الاجازة من الحاكم الشرعي بلا فرق بين كون الإقراض مع الرهن أو بدونه. نعم يجوز قبض المال منه بعنوان مجهول المالك لا القرض بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله، و لا يضرّه العلم بأنّ البنك يستوفي الزيادة منه قهرا، فلو طالبه البنك جاز له دفعها حيث لا يسعه التخلّف.

(مسألة 5): لا يجوز

إيداع المال فيه بعنوان التوفير بشرط الحصول على الربح و الفائدة لأنّه ربا، و يمكن التخلص منه بإيداع المال بدون شرط الزيادة، بمعنى أنّه يبني في نفسه على أنّ البنك لو لم يدفع له الفائدة لم يطالبها منه. فلو دفع البنك له فائدة جاز له أخذها بعنوان مجهول المالك بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله.

و من هنا يظهر حال البنك المشترك، فإنّ الأموال الموجودة فيه داخلة في مجهول المالك، و حكمه حكم البنك الحكومي.

هذا في البنوك الإسلامية، و أمّا البنوك غير الإسلامية- أهلية كانت أم غيرها- فلا مانع من قبض المال منها لا بقصد الاقتراض بلا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي، و أمّا الإيداع فيها فحكمه حكم الإيداع في البنوك الإسلامية.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 421

الاعتمادات

1- اعتماد الاستيراد:

و هو أن يريد استيراد بضاعة أجنبية لا بدّ له من فتح اعتماد لدى البنك و هو يتعهد له بتسديد الثمن إلى الجهة المصدرة بعد تمامية المعاملة بين المستورد و المصدّر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد و يسجل البضاعة باسمه و يرسل القوائم المحدّدة لنوعية البضاعة كمّا و كيفا حسب الشروط المتفق عليها، و عند ذلك يقوم المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة إلى البنك ليقوم بدوره بتسلم مستندات البضاعة من الجهة المصدّرة.

2- اعتماد التصدير:

و هو أنّ من يريد تصدير بضاعة إلى الخارج أيضا لا بدّ له من فتح اعتماد لدى البنك ليقوم بدوره- بموجب تعهده- بتسليم البضاعة إلى الجهة المستوردة و قبض ثمنها وفق الأصول المتبعة عندهم، فالنتيجة أن القسمين لا يختلفان في الواقع، فالاعتماد سواء أ كان للاستيراد أو التصدير يقوم على أساس تعهد البنك بأداء الثمن و قبض البضاعة.

نعم هنا قسم آخر من الاعتماد و هو أن المستورد أو المصدّر يقوم بإرسال قوائم البضاعة كمّا و كيفا إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة مع الجهة المقابلة، و البنك بدوره يعرض تلك القوائم على الجهة المقابلة، فإن قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها، ثمّ يقوم بدور الوسيط إلى أن يتم تسليم البضاعة و قبض الثمن.

(مسألة 6): لا بأس بفتح الاعتماد لدى البنك كما لا بأس بقيامه بذلك.

(مسألة 7): هل يجوز للبنك أخذ الفائدة من صاحب الاعتماد إزاء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 422

قيامه بالعمل المذكور؟ الظاهر الجواز، و يمكن تفسيره من وجهة النظر الفقهية بأحد أمرين:

الأوّل: أنّ ذلك داخل في عقد الإجارة، نظرا إلى أنّ صاحب الاعتماد يستأجر البنك للقيام بهذا الدور لقاء أجرة معينة، مع

إجازة الحاكم الشرعي أو وكيله فيما إذا كان البنك غير أهلي، و كذا الحال في المسائل الآتية.

الثاني: أنه داخل في عقد الجعالة، و يمكن تفسيره بالبيع، حيث أن البنك يدفع ثمن البضاعة بالعملة الأجنبية إلى المصدّر، فيمكن قيامه ببيع مقدار من العملة الأجنبية في ذمة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة الفائدة إليه، و بما أن الثمن و المثمن يمتاز أحدهما عن الآخر فلا بأس به.

(مسألة 8): يأخذ البنك فائدة نسبية من فاتح الاعتماد إذا كان قيامه بتسديد الثمن من ماله الخاص لقاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدة معلومة، فهل يجوز هذا؟ الظاهر جوازه. و ذلك لأنّ البنك في هذا الفرض لا يقوم بعملية إقراض لفاتح الاعتماد و لا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض ليكون ربا، بل يقوم بذلك بموجب طلب فاتح الاعتماد و أمره.

و عليه فيكون ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الاتلاف، لا ضمان قرض.

نعم لو قام البنك بعملية إقراض لفاتح الاعتماد بشرط الفائدة، و قد قبض المبلغ وكالة عنه، ثمّ دفعه إلى الجهة المقابلة لم يجز له أخذها. حتى إذا جعلها عوض عمل يعمله له، فإنّه من الشرط على المقترض. نعم إذا كان العمل قبل عملية القرض ليكون القرض شرطا في المعاملة على ذلك العمل فلا بأس بها. و كذلك الحال فيما إذا كان القائم بالعمل المذكور غير البنك كالتاجر إذا كان معتمدا لدى الجهة المقابلة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 423

خزن البضائع

قد يقوم البنك بخزن البضاعة على حساب المستورد كما إذا تم العقد بينه و بين المصدّر، و قام البنك بتسديد ثمنها له، فعند وصول البضاعة يقوم البنك بتسليم مستنداتها للمستورد و إخباره بوصولها، فإن

تأخّر المستورد عن تسلمها في الموعد المقرّر، قام البنك بخزنها و حفظها على حساب المستورد إزاء أجر معين، و قد يقوم بحفظها على حساب المصدّر، كما إذا أرسل البضاعة إلى البنك دون عقد و اتفاق مسبق، فعندئذ يقوم البنك بعرض قوائم البضاعة على تجار البلد فإن لم يقبلوها حفظها على حساب المصدّر لقاء أجر معيّن.

(مسألة 9): في كلتا الحالتين يجوز للبنك أخذ الأجرة لقاء العمل المذكور إذا اشترط ذلك في ضمن عقد، و إن كان الشرط ضمنيا و ارتكازيا، أو ان قيامه بذلك بطلب منه، و إلا فلا يستحق شيئا.

و هنا حالة أخرى، و هي: أن البنك قد يقوم ببيع البضاعة عند تخلّف أصحابها عن تسلمها بعد إعلان البنك و إنذاره، و يقوم بذلك لاستيفاء حقه من ثمنها، فهل يجوز للبنك القيام ببيعها، و هل يجوز لآخر شراؤها؟

الظاهر الجواز، و ذلك لأنّ البنك- في هذه الحالة- يكون وكيلا من قبل أصحابها بمقتضى الشرط الضمني الموجود في أمثال هذه الموارد، فإذا جاز بيعها جاز شراؤها أيضا.

الكفالة عند البنوك

اشارة

يقوم البنك بكفالة و تعهد مالي من قبل المتعهد للمتعهد له من جهة حكومية أو غيرها حينما يتولى المتعهد مشروعا كتأسيس مدرسة أو مستشفى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 424

أو ما شاكل ذلك للمتعهد له و قد تم الاتفاق بينهما على ذلك، و حينئذ قد يشترط المتعهد له على المتعهد مبلغا معينا من المال في حالة عدم إنجاز المشروع و إتمامه عوضا عن الخسائر التي قد تصيبه، و لكي يطمئن المتعهد له بذلك يطالبه بكفيل على هذا، و في هذه الحالة يرجع المتعهد و المقاول إلى البنك ليصدر له مستند ضمان يتعهد البنك فيه للمتعهد له بالمبلغ المذكور عند

تخلفه (المتعهد) عن القيام بإنجاز مشروع لقاء أجر معيّن.

مسائل

الأولى: تصح هذه الكفالة بإيجاب من الكفيل بكلّ ما يدلّ على تعهده و التزامه من قول أو كتابة أو فعل، و بقبول من المتعهد له بكلّ ما يدلّ على رضاه بذلك. و لا فرق في صحة الكفالة بين أن يتعهد الكفيل للدائن بوفاء المدين دينه، و أن يتعهد لصاحب الحق بوفاء المقاول و المتعهد بشرطه.

الثانية: يجب على المتعهد الوفاء بالشرط المذكور إذا كان في ضمن عقد عند تخلفه عن القيام بإنجاز المشروع، و إذا امتنع عن الوفاء به رجع المتعهد له (صاحب الحق) إلى البنك للوفاء به، و بما أن تعهد البنك و ضمانه كان بطلب من المتعهد و المقاول فهو ضامن لما يخسره البنك بمقتضى تعهده، فيحق للبنك أن يرجع إليه و يطالبه به.

الثالثة: هل يجوز للبنك أن يأخذ عمولة معينة من المقاول و المتعهد لإنجاز العمل لقاء كفالته و تعهده؟ الظاهر أنه لا بأس به، نظرا إلى أنّ كفالته عمل محترم فيجوز له ذلك.

ثمّ إن ذلك داخل- على الظاهر- في عقد الجعالة فتكون جعلا على القيام بالعمل المذكور و هو الكفالة و التعهد، و يمكن أن يكون على نحو الإجارة أيضا و لا يكون صلحا و لا عقدا مستقلا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 425

بيع السهام

قد تطالب الشركات المساهمة وساطة البنك في بيع الأسهم و السندات التي تمتلكها، و يقوم البنك بدور الوسيط في عملية بيعها و تصريفها لقاء عمولة معينة بعد الاتفاق بينه و بين الشركة.

(مسألة 10): تجوز هذه المعاملة مع البنك، فإنّها- في الحقيقة- لا تخلو من دخولها إما في الإجارة بمعنى أنّ الشركة تستأجر البنك للقيام بهذا الدور لقاء أجرة معينة، و إمّا في الجعالة على ذلك، و على كلا

التقديرين فالمعاملة صحيحة و يستحق البنك الأجرة لقاء قيامه بالعمل المذكور.

(مسألة 11): يصح بيع هذه الأسهم و السندات و كذا شراؤها فيما كان المبيع- و لو بالبيع الخياري- نفس سهام المال المشترك مع معلوميته، لا سهام منافعه المترقبة، و إلا فتدخل بيع سهام المنافع في القرض الربوي كما لا يخفى على المتأمل. نعم إذا كانت معاملات الشركة المساهمة ربوية فلا يجوز شراؤها بغرض الدخول في تلك المعاملات، فإنّه غير جائز و إن كان بنحو الشركة.

التحويل الداخلي و الخارجي

و هنا مسائل:
(الأولى):

أن يصدر البنك صكا لعميله بتسلم المبلغ من وكيله في الداخل أو الخارج على حسابه إذا كان له رصيد مالي في البنك. و عندئذ يأخذ البنك منه عمولة معينة لقاء قيامه بهذا الدور، فيقع الكلام- حينئذ- في جواز أخذه هذه العمولة و يمكن تصحيحه بأنه حيث أن للبنك حق

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 426

لامتناع عن قبول وفاء دينه في غير مكان القرض فيجوز له أخذ عمولة لقاء تنازله عن هذا الحق و قبول وفاء دينه في ذلك المكان.

(الثانية):

أن يصدر البنك صكا لعميله بتسلم المبلغ من وكيله في الداخل أو الخارج بعنوان إقراضه، نظرا لعدم وجود رصيد مالي له عنده.

و مرد ذلك إلى توكيل هذا الشخص بتسلم المبلغ بعنوان القرض، و عند ذلك يأخذ البنك منه عمولة معينة لقاء قيامه بهذا العمل فيقع الكلام في جواز أخذه هذه العمولة لقاء ذلك.

و يمكن تصحيحه بأن للبنك المحيل أن يأخذ العمولة لقاء تمكين المقترض من أخذ المبلغ عن البنك المحال عليه حيث إن هذا خدمة له فيجوز أخذ شي ء لقاء هذه الخدمة.

ثمّ إنّ التحويل إن كان بعملة أجنبية فيحدث للبنك حق، و هو أنّ المدين حيث اشتغلت ذمته بالعملة المذكورة فله إلزامه بالوفاء بنفس العملة، فلو تنازل عن حقه هذا و قبل الوفاء بالعملة المحلية جاز له أخذ شي ء منه لقاء هذا التنازل كما أنّ له تبديلها بالعملة المحلية مع تلك الزيادة.

(الثالثة):

أن يدفع الشخص مبلغا معينا من المال إلى البنك في النجف الأشرف- مثلا- و يأخذ تحويلا بالمبلغ أو بما يعادله على البنك في الداخل- كبغداد مثلا- أو في الخارج كلبنان أو دمشق مثلا، و يأخذ البنك لقاء قيامه بعملية التحويل عمولة منه. و لا إشكال في صحة هذا التحويل و جوازه، و هل في أخذ العمولة عليه إشكال، الظاهر عدمه.

أوّلا: بتفسيره بالبيع بمعنى أن البنك يبيع مبلغا معينا من العملة الأجنبية بمبلغ من العملة المحلية و حينئذ فلا إشكال في أخذ العمولة.

ثانيا: أن الربا المحرّم في القرض إنما هو الزيادة التي يأخذها الدائن من المدين، و أمّا الزيادة التي يأخذها المدين من الدائن فهي غير محرّمة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 427

و لا يدخل مثل هذا القرض في القرض الربوي.

(الرابعة):

أن يقبض الشخص مبلغا معينا من البنك في النجف الأشرف مثلا، و يحوّله على بنك آخر في الداخل أو الخارج، و يأخذ البنك لقاء قبوله الحوالة عمولة معينة منه، فهل يجوز أخذه هذه العمولة؟ نعم يجوز بأحد طريقين:

الأول: أن ينزل هذا التحويل على البيع إذا كان بعملة أجنبية بمعنى أن البنك يشتري من المحول مبلغا من العملة الأجنبية و الزيادة بمبلغ من العملة المحلية، و عندئذ لا بأس بأخذ العمولة.

الثاني: أن يكون أخذها لقاء تنازل البنك عن حقه، حيث إنه يحق له الامتناع عن قبول ما ألزمه المدين من تعيين التسديد في بلد غير بلد القرض، فعندئذ لا بأس به.

ثمّ إنّ ما ذكرناه من أقسام الحوالة و تخريجها الفقهي يجري بعينه في الحوالة على الأشخاص كمن يدفع مبلغا من المال لشخص ليحوّله بنفس المبلغ أو بما يعادله على شخص آخر في بلده أو بلد آخر،

و يأخذ بإزاء ذلك عمولة معينة. أو يأخذ من شخص و يحوله على شخص آخر و يأخذ المحول له لقاء ذلك عمولة معينة.

(مسألة 12): لا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون الحوالة على المدين أو على البري ء، و الأول كما إذا كان للمحول عند المحول عليه رصيد مالي، و الثاني ما لم يكن كذلك.

جوائز البنك

قد يقوم البنك بعملية القرعة بين عملائه بغرض الترغيب على وضع أموالهم لديه، و يدفع لمن أصابته القرعة مبلغا من المال بعنوان الجائزة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 428

(مسألة 13): هل يجوز للبنك القيام بهذه العملية؟ فيه تفصيل، فإن كان قيامه بها لا باشتراط عملائه، بل بقصد تشويقهم و ترغيبهم على تكثير رصيدهم لديه و ترغيب الآخرين على فتح الحساب عنده جاز ذلك، كما يجوز عندئذ لمن أصابته القرعة أن يقبض الجائزة بعنوان مجهول المالك بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله إن كان البنك حكوميا أو مشتركا. و إلا جاز بلا حاجة إلى إذن الحاكم، و أمّا إن كان بعنوان الوفاء بشرطهم في ضمن عقد كعقد القرض أو نحوه فلا يجوز، كما لا يجوز لمن أصابته القرعة أخذها بعنوان الوفاء بذلك الشرط و يجوز بدونه. و إذا كان البنك أهليا و دفع الجائزة بعنوان الوفاء بالشرط لم يجز أخذها و إن لم يكن من ناحية المقرض في نفسه شرط.

تحصيل الكمبيالات

من الخدمات التي يقوم بها البنك تحصيل قيمة الكمبيالة لحساب عميله، بأنّه قبل تاريخ استحقاقها يخطر المدين (موقّع الكمبيالة) و يشرح في إخطاره قيمتها و رقمها و تاريخ استحقاقها ليكون على علم و يتهيأ للدفع، و بعد التحصيل يقيد القيمة في حساب العميل، أو يدفعها إليه نقدا، و يأخذ منه عمولة لقاء هذه الخدمة، و من هذا القبيل قيام البنك بتحصيل قيمة الصك لحامله من بلده أو من بلد آخر، كما إذا لم يرغب الحامل تسلم القيمة بنفسه من الجهة المحال عليها، فيأخذ البنك منه عمولة لقاء قيامه بهذا العمل.

(مسألة 14): تجوز هذه الخدمة و أخذ العمولة لقاءها شرعا بشرط أن يقتصر البنك على تحصيل قيمة الكمبيالة

فقط. و أما إذا قام بتحصيل فوائدها الربوية، فإنّه غير جائز، و يمكن تفسير العمولة من الوجهة الفقهية بأنها جعالة من الدائن للبنك على تحصيل دينه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 429

(مسألة 15): إذا كان لموقّع الكمبيالة رصيد مالي لدى البنك فتارة يشير فيها بتقديمها إلى البنك عند الاستحقاق ليقوم البنك بخصم قيمتها من حسابه الجاري و قيدها في حساب المستفيد (الدائن) أو دفعها له نقدا، فمرد ذلك إلى أن الموقّع أحال دائنه على البنك، و بما أن البنك مدين له، فالحوالة نافذة من دون حاجة إلى قبوله، و عليه فلا يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قيامه بتسديد دينه بالدفع نقدا، و لا يبعد أخذ العمولة إذا طلب المستفيد قيده في حسابه.

و أخرى يقدم المستفيد كمبيالة إلى البنك غير محولة عليه، و يطلب من البنك تحصيل قيمتها، فعندئذ يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قيامه بهذا العمل كما عرفت.

و هنا حالة ثالثة و هي ما إذا كانت الكمبيالة محولة على البنك و لكنه لم يكن مدينا لموقّعها، فحينئذ يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قبوله هذه الحوالة.

بيع العملات الأجنبية و شراؤها

من خدمات البنك القيام بعملية شراء العملات الأجنبية و بيعها لغرضين:

الأول: توفير القدر الكافي منها حسب حاجات الناس و متطلبات الوقت اليومية.

الثاني: الحصول على الربح منه.

(مسألة 16): يصح بيع العملات الأجنبية و شراؤها مع الزيادة، كما إذا باعها بأكثر من سعر الشراء أو بالتساوي، بلا فرق في ذلك بين كون البيع أو الشراء حالا أو مؤجلا، فإنّ البنك كما يقوم بعملية العقود الحالة يقوم بعملية العقود المؤجلة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 430

الحساب الجاري

كل من له رصيد لدى البنك (العميل) يحق له سحب أي مبلغ لا يزيد عن رصيده، نعم قد يسمح البنك له بسحب مبلغ معين بدون رصيد نظرا لثقته به، و يسمى ذلك بالسحب (على المكشوف) و يحسب البنك لهذا المبلغ فائدة.

(مسألة 17): هل يجوز للبنك أخذ تلك الفائدة؟ الظاهر بل المقطوع به عدم الجواز، لأنها فائدة على القرض. نعم بناء على ما ذكرناه في أول مسائل البنوك من طريق تصحيح أخذ مثل هذه الفائدة شرعا لا بأس به بعد التنزيل على ذلك الطريق.

الكمبيالات

تتحقق مالية الشي ء بأحد أمرين:

(الأول): أن تكون للشي ء منافع و خواص توجب رغبة العقلاء فيه و ذلك كالمأكولات و المشروبات و الملبوسات و ما شاكلها.

(الثاني): اعتبارها من قبل من بيده الاعتبار. كالحكومات التي تعتبر المالية فيما تصدره من الأوراق النقدية و الطوابع و أمثالها.

(مسألة 18): يمتاز البيع عن القرض من جهات:

(الأولى): أن البيع تمليك عين بعوض لا مجانا، و القرض تمليك للمال بالضمان في الذمة بالمثل إذا كان مثليا و بالقيمة إذا كان قيميا.

(الثانية): اعتبار وجود فارق بين العوض و المعوض في البيع، و بدونه لا يتحقق البيع، و عدم اعتبار ذلك في القرض. مثلا لو باع مائة بيضة بمائة و عشرة فلا بد من وجود مائز بين العوض و المعوض كأن تكون المائة من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 431

الحجم الكبير في الذمة و عوضها من المتوسط، و إلا فهو قرض بصورة البيع و يكون محرما لتحقق الربا فيه.

(الثالثة): ان البيع يختلف عن القرض في الربا فكل زيادة في القرض إذا اشترطت تكون ربا و محرمة، دون البيع، فإن المحرم فيه لا يكون إلا في المكيل أو الموزون من العوضين

المتحدين جنسا، فلو اختلفا في الجنس أو لم يكونا من المكيل أو الموزون فالزيادة لا تكون ربا. مثلا لو أقرض مائة بيضة لمدة شهرين إزاء مائة و عشر كان ذلك ربا و محرما، دون ما إذا باعها بها إلى الأجل المذكور مع مراعاة وجود المائز بين العوضين.

(الرابعة): أن البيع الربوي باطل من أصله، إلّا إذا كانت الزيادة في أحد العوضين من شرط الفعل فيبطل الشرط دون البيع، بخلاف القرض الربوي فإنه باطل بحسب الزيادة فقط، و أما أصل القرض فهو صحيح.

(مسألة 19): الأوراق النقدية بما أنها ليست من المكيل أو الموزون.

فإنه يجوز للدائن أن يبيع دينه منها بأقل منه نقدا، كأن يبيع العشرة بتسعة أو المائة بتسعين مثلا و هكذا.

(مسألة 20): الكمبيالات المتداولة بين التجار في الأسواق لم تعتبر لها مالية كالأوراق النقدية، بل هى مجرد وثيقة سند لإثبات أن المبلغ الذي تتضمنه دين في ذمة موقعها لمن كتبت باسمه، فالمشتري عند ما يدفع كمبيالة للبائع لم يدفع ثمن البضاعة، و لذا اذا ضاعت الكمبيالة أو تلفت عند البائع لم يتلف منه مال و لم تفرغ ذمة المشتري، بخلاف ما إذا دفع له ورقة نقدية و تلفت عنده أو ضاعت.

(مسألة 21): الكمبيالات على نوعين:

(الأول): ما يعبر عن وجود قرض واقعي.

(الثاني): ما يعبر عن وجود قرض صوري لا واقع له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 432

(أما الأول): فيجوز للدائن أن يبيع دينه المؤجل الثابت في ذمة المدين بأقل منه حالا، كما لو كان دينه مائة دينار فباعه بثمانية و تسعين دينارا نقدا. نعم لا يجوز على الأحوط لزوما بيعه مؤجلا، لأنه من بيع الدين بالدين، و بعد ذلك يقوم البنك أو غيره بمطالبة المدين (موقّع الكمبيالة)

بقيمتها عند الاستحقاق.

(و أما الثاني): فلا يجوز للدائن (الصوري) بيع ما تتضمنه الكمبيالة، لانتفاء الدين واقعا و عدم اشتغال ذمة الموقع للموقّع له (المستفيد) بل إنما كتبت لتمكين المستفيد من خصمها فحسب و لذا سميت (كمبيالة مجاملة) و واضح أن عملية خصم قيمتها في الواقع إقراض من البنك للمستفيد، و تحويل المستفيد البنك الدائن على موقعها. و هذا من الحوالة على البري ء و على هذا الأساس فاقتطاع البنك شيئا من قيمة الكمبيالة لقاء المدة الباقية محرم لأنه ربا.

و يمكن التخلص من هذا الربا إما بتنزيل الخصم على البيع دون القرض، بيانه: أن يوكل موقع الكمبيالة المستفيد في بيع قيمتها في ذمته بأقل منها مراعيا التمييز بين العوضين، كأن تكون قيمتها خمسين دينارا عراقيا و الثمن ألف تومان إيراني مثلا، و بعد هذه المعاملة تصبح ذمة موقع الكمبيالة مشغولا بخمسين دينارا عراقيا لقاء ألف تومان إيراني، و يوكل الموقع أيضا المستفيد في بيع الثمن و هو ألف تومان في ذمته بما يعادل المثمن و هو خمسون دينارا عراقيا، و بذلك تصبح ذمة المستفيد مدينة للموقع بمبلغ يساوي ما كانت ذمة الموقع مدينة به للبنك. و لكن هذا الطريق قليل الفائدة.

حيث انه إنما يفيد فيما إذا كان الخصم بعملة أجنبية. و أما إذا كان بعملة محلية فلا أثر له، إذ لا يمكن تنزيله على البيع عندئذ.

و إمّا بتنزيل ما يقتطعه البنك من قيمة الكمبيالة على أنه لقاء قيام البنك بالخدمة له كتسجيل الدين و تحصيله و نحوهما و عندئذ لا بأس به، و أما رجوع موقع الكمبيالة إلى المستفيد و أخذ قيمتها تماما فلا ربا فيه، و ذلك لأن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 433

المستفيد حيث

أحال البنك على الموقع بقيمتها أصبحت ذمته مدينة له بما يساوي ذلك المبلغ.

أعمال البنوك

تصنف أعمال البنوك صنفين:

(أحدهما): محرّم و هو عبارة عن المعاملات الربوية فلا يجوز الدخول فيها و لا الاشتراك، و العامل لا يستحق الاجرة لقاء تلك الأعمال.

(ثانيهما): سائغ، و هو عبارة عن الأمور التي لا صلة لها بالمعاملات الربوية، فيجوز الدخول فيها و أخذ الأجرة عليها.

(مسألة 22): لا فرق في حرمة المعاملات الربوية بين بنوك الدول الإسلامية و غيرها. نعم تفترقان في أن الأموال الموجودة في الأولى مجهولة المالك لا يجوز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله. و أما أموال بنوك الدول غير الإسلامية فلا تترتب عليها أحكام الأموال مجهولة المالك، فيجوز أخذها استنقاذا بلا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي أو وكيله. كما عرفت.

الحوالات المصرفية

للشخص المدين أن يحيل دائنه على البنك بإصدار صك لأمره، أو يصدر أمرا تحريريا إلى البنك بتحويل مبلغ من المال إلى بلد الدائن، و ذلك كما إذا استورد التاجر العراقي بضاعة من الخارج و أصبح مدينا للمصدر، فعندئذ يراجع البنك ليقوم بعملية تحويل ما يعادل دينه لأمر المصدر على مراسله أو فرعه في بلد المصدر و يدفع قيمة التحويل للبنك بنقد بلده، أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 434

يخصم البنك من رصيده لدينه. و مرد ذلك قد يكون إلى حوالتين:

(إحداهما): حوالة المدين دائنه على البنك و بذلك يصبح البنك مدينا لدائنه.

(ثانيهما): حوالة البنك دائنه على مراسله أو فرعه في الخارج أو على بنك آخر و كلتا الحوالتين صحيحة شرعا.

(مسألة 23): هل يجوز للبنك أن يتقاضى لقاء قيامه بعملية التحويل عمولة معينة من المحيل؟ الظاهر أنه لا بأس به و ذلك لأن للبنك حق الامتناع عن القيام بهذه العملية، فيجوز له أخذ شي ء لقاء تنازله عن هذا الحق، نعم إذا

لم يكن البنك مأمورا بالتحويل المذكور، و أراد أخذ عمولة لقاء قيامه بعملية الوفاء و التسديد لم يجز له ذلك إذ ليس للمدين أن يأخذ شيئا إزاء وفاء دينه في محله، نعم إذا لم يكن للمحيل رصيد لدى البنك و كانت حوالته عليه حوالة على البري ء، جاز للبنك أخذ عمولة لقاء قبول الحوالة، حيث أن القبول غير واجب على البري ء و له الامتناع عنه. و حينئذ لا بأس بأخذ شي ء مقابل التنازل عن حقه هذا.

(مسألة 24): لا فرق فيما ذكرناه من المسائل و الفروع التي هي ذات طابع خاص بين البنوك و المصارف الأهلية و الحكومية و المشتركة، فإنها تدور مدار ذلك الطابع الخاص في أي مورد كان و أي حالة تحققت.

عقد التأمين

و هو اتفاق بين المؤمّن (الشركة أو الدولة)، و بين المؤمّن له (شخص، أو أشخاص) على أن يدفع المؤمّن له للمؤمّن مبلغا معينا شهريا أو سنويا نصّ عليه في الوثيقة (المسمى قسط التأمين) لقاء قيام المؤمّن بتدارك الخسارة التي تحدث في المؤمّن عليه على تقدير حدوثها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 435

(مسألة 25): التأمين على أنواع: على الحياة، على المال، على الحريق، على الغرق، على السيارة، على الطائرة، على السفينة و ما شاكلها. و هناك أنواع أخر لا تختلف في الحكم الشرعي مع ما ذكر فلا داعي إلى إطالة الكلام بذكرها.

(مسألة 26): يشتمل عقد التأمين على أركان:

1- الإيجاب من المؤمن له.

2- القبول من المؤمن.

3- المؤمن عليه: الحياة، الأموال، الحوادث، و غيرها.

4- قسط التأمين الشهري و السنوي.

(مسألة 27): يعتبر في التأمين تعيين المؤمن عليه و ما يحدث له من خطر، كالغرق و الحرق و السرقة و المرض و الموت، و نحوها، و كذا يعتبر

فيه تعيين قسط التأمين، و تعيين المدة بداية و نهاية.

(مسألة 28): يجوز تنزيل عقد التأمين- بشتى أنواعه- منزلة الهبة المعوّضة فإن المؤمن له يهب مبلغا معينا من المال في كل قسط إلى المؤمن، و يشترط عليه ضمن العقد تعهّده أنه على تقدير حدوث حادثة معينة نص عليها في الاتفاقية أن يقوم بتدارك الخسارة الناجمة له، و يجب على المؤمن الوفاء بهذا الشرط. و على هذا فالتأمين بجميع أقسامه عقد صحيح شرعا.

(مسألة 29): إذا تخلف المؤمن عن القيام بالشرط ثبت الخيار للمؤمن له و له- عندئذ- فسخ العقد و استرجاع قسط التأمين.

(مسألة 30): إذا لم يقم المؤمن له بتسديد (قسط التأمين) كما و كيفا فلا يجب على المؤمن القيام بتدارك الخسارات الناجمة له، كما لا يحق للمؤمن له استرجاع ما سدده من أقساط التأمين.

(مسألة 31): لا تعتبر في صحة عقد التأمين مدة خاصة، بل هي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 436

تابعة لما اتفق عليه الطرفان (المؤمن و المؤمن له).

(مسألة 32): إذا اتفق جماعة على تأسيس شركة يتكون رأس مالها من أموالهم على نحو الاشتراك و اشترط كل منهم على الآخر في ضمن عقد الشركة أنه على تقدير حدوث حادثة (حدد نوعها) في ضمن الشرط على ماله أو حياته أو داره أو سيارته أو نحو ذلك أن تقوم الشركة بتدارك خسارته في تلك الحادثة من أرباحها وجب على الشركة القيام بذلك.

السرقفلية- الخلو

من المعاملات الشائعة بين التجار و الكسبة ما يسمى السرقفلية، و هي إنما تكون في محلات الكسب و التجارة، و الضابط في جواز أخذها و عدمه هو أنه في كل مورد كان للمؤجر حق الزيادة في بدل الإيجار أو تخلية المحل بعد انتهاء مدة الايجار،

و لم يكن للمستأجر الامتناع عن دفع الزيادة أو التخلية لم يجز أخذها، و التصرف في المحل بدون رضا مالكه حرام. و أما إذا لم يكن للمالك حق زيادة بدل الايجار بغير الصورة المتعارفة في أمثاله و تخلية المحل و كان للمستأجر حق تخليته لغيره بدون إذن المالك جاز له- عندئذ- أخذ السرقفلية شرعا. و يتضح الحال في المسائل الآتية.

(مسألة 33): قبل صدور قانون منع المالك عن إجبار المستأجر على التخلية أو عن الزيادة في بدل الايجار، كان للمالك الحق في ذلك، فإن كانت الاجارة قد وقعت قبل صدور القانون المذكور، و لم يكن هناك شرط متفق عليه بين الطرفين بخصوص الزيادة أو التخلية إلا أن المستأجر استغل صدور القانون فامتنع عن دفع الزيادة أو التخلية، و قد زاد بدل إيجار أمثال المحل إلى حد كبير بحيث أن المحل تدفع السرقفلية على تخليته، فإنه لا يجوز للمستأجر- حينئذ- أخذ السرقفلية و يكون تصرفه في المحل بدون رضا المالك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 437

غصبا و حراما.

(مسألة 34): المحلات المستأجرة بعد صدور القانون المذكور، قد يكون بدل إيجارها السنوي مائة دينار مثلا، إلا أن المالك- لغرض ما- يؤجرها برضى منه و رغبة بأقل من ذلك، و لكنه يقبض من المستأجر مبلغا كخمسمائة دينار مثلا و يشترط على نفسه في ضمن العقد- أن يجدد الإيجار لهذا المستأجر أو لمن يتنازل له المستأجر سنويا بدون زيادة و نقيصة، و إذا أراد المستأجر التنازل عن المحل لثالث أن يعامله نفس معاملة المستأجر، فحينئذ يجوز للمستأجر أن يأخذ لقاء تنازله عن حقه مبلغا يساوي ما دفعه إلى المالك نقدا أو أكثر أو أقل، و ليس للمالك مخالفته حسب الشرط

المقرر.

(مسألة 35): المحلات التي تؤجر بلا سرقفلية، إلا أنه يشترط في عقد الايجار ما يأتي:

(1) ليس للمالك إجبار المستأجر على التخلية و للمستأجر حق البقاء في المحل.

(2) للمستأجر حق تجديد عقد الإجارة سنويا بالصورة التي وقع عليها في السنة الأولى أو بالصورة المتعارفة في أمثاله.

فإذا اتفق أن شخصا دفع مبلغا للمستأجر إزاء تنازله عن المحل و تخليته فقط حيث لم يكن له إلا حق البقاء، مع أن للمالك- بعد التخلية- الحرية في إيجار المحل، و الثالث يستأجر المحل من المالك، فعندئذ يجوز للمستأجر أخذ المبلغ المذكور و تكون السرقفلية لقاء التخلية فحسب لا بإزاء انتقال حق التصرف منه إلى ثالث.

فروع قاعدة الإلزام

(الأول): يعتبر الاشهاد في صحة النكاح عند العامة، و لا يعتبر عند

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 438

الإمامية و عليه فلو عقد رجل من العامة على امرأة بدون اشهاد بطل عقده، و عندئذ يجوز للشيعي أن يتزوجها بقاعدة الإلزام.

(الثاني): الجمع بين العمة أو الخالة و بين بنت أخيها أو اختها في النكاح باطل عند العامة، و صحيح على مذهب الشيعة، غاية الأمر تتوقف صحة العقد على بنت الأخ أو الاخت مع لحوق عقدها على اجازة العمة أو الخالة، و عليه فلو جمع سنّي بين العمة أو الخالة و بين بنت أخيها أو اختها في النكاح بطل، فيجوز للشيعي أن يعقد على كلّ منهما بقاعدة الإلزام.

(الثالث): تجب العدة على المطلقة اليائسة أو الصغيرة بعد الدخول بهما على مذهب العامة، و لا تجب على مذهب الخاصة، و على ذلك فهم ملزمون بترتيب أحكام العدة عليها بمقتضى القاعدة المذكورة. و عليه فلو تشيعت المطلقة اليائسة أو الصغيرة خرجت عن موضوع تلك القاعدة، فيجوز لها مطالبة نفقة أيام

العدة إذا كانت مدخولا بها و كان الطلاق رجعيا و إن تزوجت من شخص آخر. و كذلك الحال لو تشيع زوجها فإنه يجوز له أن يتزوج باختها أو نحو ذلك، و لا يلزم بترتيب أحكام العدة عليها.

(الرابع): لو طلق السنّي زوجته من دون حضور شاهدين صح الطلاق على مذهبه كما أنه لو طلق جزء من زوجته كإصبع منها مثلا وقع الطلاق على الجميع على مذهبه، و أما عند الإمامية فالطلاق في كلا الموردين باطل و عليه فيجوز للشيعي أن يتزوج تلك المطلقة بقاعدة الإلزام بعد انقضاء عدتها.

(الخامس): لو طلق السنّي زوجته حال الحيض أو في طهر المواقعة صح الطلاق على مذهبه، و يجوز للشيعي أن يتزوجها بقاعدة الإلزام بعد انقضاء عدتها.

(السادس): يصح طلاق المكره عند أبي حنيفة دون غيره، و عليه فيجوز للشيعي أن يتزوج المرأة الحنفية المطلقة بإكراه بمقتضى قاعدة الإلزام.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 439

(السابع): لو حلف السني على عدم فعل شي ء و إن فعله فامرأته طالق، و اتفق أنه فعل ذلك الشي ء، فعندئذ تصبح امرأته طالقا على مذهبه.

فيجوز للشيعي أن يتزوجها بمقتضى قاعدة الإلزام، و من هذا القبيل طلاق المرأة بالكتابة، فإنه صحيح عندهم و فاسد عندنا و بمقتضى تلك القاعدة يجوز للشيعي ترتيب آثار الطلاق عليه واقعا.

(الثامن): يثبت خيار الرؤية على مذهب الشافعي لمن اشترى شيئا بالوصف ثمّ رآه، و إن كان المبيع حاويا للوصف المذكور، و على هذا فلو اشترى شيعي من شافعي شيئا بالوصف ثمّ رآه ثبت له الخيار بقاعدة الإلزام و إن كان المبيع مشتملا على الوصف المذكور.

(التاسع): لا يثبت خيار الغبن للمغبون عند الشافعي، و عليه فلو اشترى شيعي من شافعي شيئا، ثمّ انكشف أن البائع

الشافعي مغبون فللشيعي إلزامه بعدم حق الفسخ له.

(العاشر): يشترط عند الحنفية في صحة عقد السلم أن يكون المسلم فيه موجودا و لا يشترط ذلك عند الشيعة و عليه فلو اشترى شيعي من حنفي شيئا سلما و لم يكن المسلم فيه موجودا، جاز له إلزامه ببطلان العقد، و كذلك لو تشيع المشتري بعد ذلك.

(الحادي عشر): لو ترك الميت بنتا سنّية و أخا و افترضنا أن الأخ كان شيعيا أو تشيع بعد موته، جاز له أخذ ما فضل من التركة تعصيبا بقاعدة الإلزام، و إن كان التعصيب باطلا على المذهب الجعفري. و من هذا القبيل ما إذا مات و ترك أختا و عما أبويا، فإن العم إذا كان شيعيا أو تشيع بعد ذلك جاز له أخذ ما يصله بالتعصيب بقاعدة الإلزام، و هكذا الحال في غير ذلك من موارد التعصيب.

(الثاني عشر): ترث الزوجة على مذهب العامة من جميع تركة الميت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 440

من المنقول و غيره و الأراضي و غيرها و لا ترث على المذهب الجعفري من الأرض لا عينا و لا قيمة، و ترث من الأبنية و الأشجار قيمة لا عينا، و على ذلك فلو كان الوارث سنيا و كانت الزوجة شيعية جاز لها أخذ ما يصل إليها ميراثا من الأراضي و أعيان الأبنية و الأشجار بقانون إلزامهم بما يدينون به.

هذه هي أم الفروع التي ترتكز على قاعدة الإلزام و بها يظهر الحال في غيرها من الفروع، و الضابط هو أن لكل شيعي أن يلزم غيره من أهل سائر المذاهب بما يدينون به و يلزمون به أنفسهم.

أحكام التشريح

(مسألة 36): لا يجوز تشريح بدن الميت المسلم فلو فعل لزمته الدية على تفصيل ذكرناه

في كتاب الديات.

(مسألة 37): يجوز تشريح بدن الميت الكافر بأقسامه. و كذا إذا كان إسلامه مشكوكا فيه بلا فرق في ذلك بين البلاد الإسلامية و غيرها.

(مسألة 38): لو توقف حفظ حياة مسلم على تشريح بدن ميت مسلم، و لم يمكن تشريح بدن غير المسلم و لا مشكوك الإسلام، و لم يكن هناك طريق آخر لحفظه ففي جوازه إشكال.

أحكام الترقيع

(مسألة 39): لا يجوز قطع عضو من أعضاء الميت المسلم كعينه أو نحو ذلك لإلحاقه ببدن الحي، و في جوازه فيما لو توقف حفظ حياة مسلم عليه أو أوصى الميت بذلك إشكال، و كذا في جواز ترقيعه بعد القطع و ترتّب أحكام بدن الحي عليه و الأظهر ثبوت الدية على القاطع في جميع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 441

الفروض، و لا بأس بقطع شي ء من عضو إنسان للترقيع بعضوه الآخر.

(مسألة 40): هل يجوز قطع عضو من أعضاء إنسان حي للترقيع إذا رضي به؟ فيه تفصيل: فإن كان من الأعضاء التي كالعين و اليد و الرجل و ما شاكلها مما يحسب قطعه ظلما و جناية على النفس لم يجز. و أما إذا كان من قبيل قطعة جلد أو لحم فلا بأس به. و هل يجوز له أخذ مال لقاء ذلك؟

الظاهر الجواز.

(مسألة 41): يجوز التبرع بالدم للمرضى المحتاجين إليه، كما يجوز أخذ العوض عليه.

(مسألة 42): يجوز قطع عضو من بدن ميت كافر للترقيع بباطن بدن المسلم، كما أنّه لا بأس بالترقيع كذلك بعضو من أعضاء بدن حيوان نجس العين كالكلب أو غيره.

التلقيح الصناعي

(مسألة 43): لا يجوز تلقيح المرأة بماء الرجل الأجنبي، سواء أ كان التلقيح بواسطة رجل أجنبي أو بواسطة زوجها، و لو فعل ذلك و حملت المرأة ثمّ ولدت فالولد ملحق بصاحب الماء و يثبت بينهما جميع أحكام النسب و يرث كل منهما الآخر، لأن المستثنى من الإرث هو الولد عن زنا، و هذا ليس كذلك، و إن كان العمل الموجب لانعقاد نطفته محرما كما أن المرأة أمّ له، و يثبت بينهما جميع أحكام النسب و نحوها. و لا فرق بينه و بين سائر أولادهما

أصلا، و من هذا القبيل ما لو ألقت المرأة نطفة زوجها في فرج امرأة أخرى بالمساحقة أو نحوها، فحملت المرأة ثمّ ولدت، فإنه يلحق بصاحب النطفة.

(مسألة 44): يجوز أخذ نطفة رجل و وضعها في رحم صناعية

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 442

و تربيتها لغرض التوليد حتى يصبح ولدا، و بعد ذلك هل يلحق بصاحب النطفة؟ الظاهر أنه ملحق به و يثبت بينهما جميع أحكام الابوة و البنوة حتى الإرث، غاية الأمر أنه ولد بغير أم.

(مسألة 45): يجوز تلقيح الزوجة بنطفة زوجها نعم لا يجوز أن يكون المباشر غير الزوج إذا كان ذلك موجبا للنظر إلى العورة أو مسها.

و حكم الولد منه حكم سائر أولادهما بلا فرق أصلا.

أحكام الشوارع المفتوحة من قبل الدولة

(مسألة 46): ما حكم العبور من الشوارع المستحدثة الواقعة على الدور و الأملاك الشخصية للناس التي تستملكها الدولة جبرا و تجعلها طرقا و شوارع؟ الظاهر جوازه لأنها تصير من الأراضي الوسيعة، و أما الفضلات الباقية منها فهي لا تخرج عن ملك أصحابها، و عليه فلا يجوز التصرف فيها بدون إذنهم و لا شراؤها من الدولة إذا استملكتها غصبا إلا بإرضاء أصحابها.

(مسألة 47): المساجد الواقعة في الشوارع المستحدثة الظاهر أنها تخرج عن عنوان المسجدية. و على هذا فلا بد من التفصيل بين الأحكام المترتبة على عنوان المسجد الدائرة مداره وجودا و عدما، و بين الأحكام المترتبة على عنوان وقفيته. و من الأحكام الأولى حرمة تنجيس المسجد و وجوب إزالة النجاسة عنه و عدم جواز دخول الجنب و الحائض فيه و ما شاكل ذلك، فإنها أحكام مترتبة على عنوان المسجدية، فإذا زال انتفت هذه الأحكام و إن كان الأحوط ترتيب آثار المسجد عليه. و من الأحكام الثانية عدم جواز

التصرف في موادها و فضلاتها كأحجارها و أخشابها و أرضها و نحو ذلك، و عدم جواز بيعها و شرائها، و يجوز في هذه الحالة صرف نفس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 443

تلك المواد في تعمير مسجد آخر، و من ذلك يظهر حال المدارس الواقعة في تلك الشوارع و كذا الحسينيتات فإن أنقاضها كالأحجار و الأخشاب و الأراضي و غيرها لا تخرج عن الوقفية بالخراب و الغصب، فلا يجوز بيعها و شراؤها. نعم يجوز ذلك بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله و صرف ثمنها في مدرسة أو حسينية أخرى مع مراعاة الأقرب فالأقرب، أو صرف نفس تلك الانقاض فيها.

(مسألة 48): يجوز العبور و المرور من أراضي المساجد الواقعة في الشوارع، و كذلك الحكم في أراضي المدارس و الحسينيات.

(مسألة 49): ما بقي من المساجد إن كان قابلا للانتفاع منه للصلاة و نحوه من العبادات ترتب عليه جميع أحكام المسجد، و إذا جعله الظالم دكانا أو محلا أو دارا بحيث لا يمكن الانتفاع به كمسجد، فهل يجوز الانتفاع به كما جعل أي دكانا أو نحوه فيه تفصيل، فإن كان الانتفاع غير مناف لجهة المسجد كالأكل و الشرب و النوم و نحو ذلك فلا شبهة في جوازه، و ذلك لأن المانع من الانتفاع بجهة المسجدية إنما هو عمل الغاصب. و بعد تحقق المانع و عدم إمكان الانتفاع بتلك الجهة لا مانع من الانتفاع به من جهات أخرى، نظير المسجد الواقع في طريق متروك التردد، فإنه لا بأس بجعله مكانا للزراعة أو دكانا. نعم لا يجوز جعله مكانا للأعمال المنافية لعنوان المسجد كجعله ملعبا أو ملهى و ما شاكل ذلك، فلو جعله الظالم مكانا لما ينافي العنوان لم يجز الانتفاع

به بذلك العنوان.

(مسألة 50): مقابر المسلمين الواقعة في الشوارع إن كانت ملكا لأحد فحكمها حكم الأملاك المتقدمة، و إن كانت وقفا فحكمها حكم الأوقاف كما عرفت. هذا إذا لم يكن العبور و المرور عليها هتكا لموتى المسلمين و إلا فلا يجوز. و أما إذا لم تكن ملكا و لا وقفا، فلا بأس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 444

بالتصرف فيها إذا لم يكن هتكا. و من ذلك يظهر حال الفضلات الباقية منها، فإنها على الفرض الأول لا يجوز التصرف فيها و شراؤها إلا بإذن مالكها، و على الفرض الثاني لا يجوز ذلك إلا بإذن المتولي و صرف ثمنها في مقابر أخرى للمسلمين مع مراعاة الأقرب فالأقرب، و على الفرض الثالث يجوز ذلك من دون حاجة إلى إذن أحد.

مسائل الصلاة و الصيام

(مسألة 51): لو سافر الصائم جوا بعد الغروب و الافطار في بلده في شهر رمضان إلى جهة الغرب فوصل إلى مكان لم تغرب الشمس فيه بعد، فهل يجب عليه الإمساك إلى الغروب؟ الظاهر عدم الوجوب، حيث إنه قد أتم الصوم إلى الغروب في بلده، و معه لا مقتضي له كما هو مقتضى الآية الكريمة: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ ....

(مسألة 52): لو صلى المكلف صلاة الصبح في بلده، ثمّ سافر إلى جهة الغرب فوصل إلى بلد لم يطلع فيه الفجر بعد ثمّ طلع، أو صلى صلاة الظهر في بلده ثمّ سافر جوا فوصل إلى بلد لم تزل الشمس فيه بعد ثمّ زالت، أو صلى صلاة المغرب فيه ثمّ سافر فوصل إلى بلد لم تغرب الشمس فيه ثمّ غربت فهل تجب عليه إعادة الصلاة في جميع هذه الفروض؟

وجهان: الأحوط استحبابا الإتيان بها مرة ثانية.

(مسألة 53): لو خرج وقت

الصلاة في بلده: كأن طلعت الشمس أو غربت و لم يصل الصبح أو الظهرين ثمّ سافر جوا فوصل إلى بلد لم تطلع الشمس فيه أو لم تغرب بعد فهل عليه الصلاة أداء أو قضاء أو بقصد ما في الذمة؟ فيه وجوه، الأحوط هو الاتيان بها بقصد ما في الذمة أي الأعم من الأداء و القضاء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 445

(مسألة 54): إذا سافر جوا و أراد الصلاة فيها، فإن تمكّن من الاتيان بها إلى القبلة واجدة لسائر الشرائط صحت، و إلا لم تصح إذا كان في سعة الوقت بحيث يتمكن من الاتيان بها إلى القبلة بعد النزول من الطائرة و أما إذا ضاق الوقت وجب عليه الإتيان بها فيها، و عندئذ إن علم بكون القبلة في جهة خاصة صلى نحوها، و إن لم يعلم صلى إلى الجهة المظنون كونها قبلة، و إلا صلى إلى أي جهة شاء، و إن كان الأحوط الإتيان بها إلى أربع جهات. هذا فيما إذا تمكن من الاستقبال، و إلّا سقط عنه.

(مسألة 55): لو ركب طائرة كانت سرعتها سرعة حركة الأرض و كانت متجهة من الشرق إلى الغرب و دارت حول الأرض مدة من الزمن، فالأحوط الاتيان بالصلوات الخمس في كل أربع و عشرين ساعة. و أما الصيام فالظاهر عدم وجوبه عليه. و ذلك لأن السفر المذكور إن كان في الليل فواضح و إن كان النهار فلعدم الدليل على الوجوب في مثل هذا الفرض.

و أما إذا كانت سرعتها ضعف سرعة الأرض، فعندئذ- بطبيعة الحال- تتم الدورة في كل اثنتي عشر ساعة و في هذه الحالة هل يجب عليه الاتيان بصلاة الصبح عند كل فجر و بالظهرين عند كل زوال و

بالعشاءين عند كل غروب؟ فيه وجهان الأحوط بل الأظهر الوجوب. نعم لو دارت حول الأرض بسرعة فائقة بحيث تتم كل دورة في ثلاث ساعات مثلا أو أقل، فعندئذ إثبات وجوب الصلاة عليه عند كل فجر و زوال و غروب بدليل مشكل جدا، فالأحوط الاتيان بها في كل أربع و عشرين ساعة، و من هنا يظهر حال ما إذا كانت حركتها من الغرب إلى الشرق و كانت سرعتها مساوية لسرعة حركة الأرض. و في هذه الحالة الأظهر وجوب الاتيان بالصلوات في أوقاتها و كذا الحال فيما إذا كانت سرعتها أقل من سرعة الأرض. و أما إذا كانت سرعتها أكثر من سرعة الأرض بكثير بحيث تتم الدورة في ثلاث ساعات مثلا أو أقل، فيظهر حكمه مما تقدم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 446

(مسألة 56): من كانت وظيفته الصيام في السفر و طلع عليه الفجر في بلده، ثمّ سافر جوا ناويا للصوم و وصل إلى بلد آخر لم يطلع الفجر فيه بعد، فهل يجوز له الأكل و الشرب و نحوهما الظاهر جوازه بل لا شبهة فيه، لعدم مشروعية الصوم في الليل.

(مسألة 57): من سافر في شهر رمضان من بلده بعد الزوال، و وصل إلى بلد لم تزل فيه الشمس بعد، فهل يجب عليه الإمساك و إتمام الصوم؟ الظاهر وجوبه، حيث أنه مقتضى اطلاق ما دل على أن وظيفة من سافر من بلده بعد الزوال هو إتمام الصوم إلى الليل.

(مسألة 58): إذا فرض كون المكلف في مكان نهاره ستة أشهر و ليله ستة أشهر مثلا و تمكن من الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من الصلاة و الصيام وجبت عليه. و إلا فالأحوط هو الاتيان بالصلوات الخمس في كل أربع

و عشرين ساعة.

أوراق اليانصيب

و هي أوراق تبيعها شركة بمبلغ معين، و تتعهد بأن تقرع بين المشترين فمن أصابته القرعة تدفع له مبلغا بعنوان الجائزة، فما هو موقف الشريعة من هذه العملية و تخريجها الفقهي، و هو يختلف باختلاف وجوه هذه العملية.

(الأول): أن يكون شراء البطاقة بغرض احتمال إصابة القرعة باسمه و الحصول على الجائزة، فهذه المعاملة محرّمة و باطلة بلا إشكال. فلو ارتكب المحرّم و أصابت القرعة باسمه، فإن كانت الشركة حكومية، فالمبلغ المأخوذ منها مجهول المالك، و جواز التصرف فيه متوقف على إذن الحاكم الشرعي أو وكيله، و إن كانت أهلية لم يجز التصرف فيه، إذ الشركة قد دفعته إليه بما أنه صار ملكه بالقرعة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 1، ص: 447

(الثاني): أن يكون إعطاء المال مجانا و بقصد الاشتراك في مشروع خيري لا بقصد الحصول على الربح و الجائزة، فعندئذ لا بأس به، ثمّ إنه إذا أصابت القرعة باسمه، و دفعت الشركة له مبلغا فلا مانع من أخذه بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله إن كانت الشركة حكومية، و إلا فلا حاجة إلى الاذن.

(الثالث): أن يكون دفع المال بعنوان إقراض الشركة بحيث تكون ماليتها له محفوظة لديها، و له الرجوع إليها في قبضه بعد عملية الاقتراع، و لكن الدفع المذكور مشروط بأخذ بطاقة اليانصيب على أن تدفع الشركة له جائزة عند إصابة القرعة باسمه، فهذه المعاملة محرّمة لأنها من القرض الربوي.

و الحمد للّه أولا و آخرا.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

الجزء الثاني

اشارة

منهاج الصالحين «المعاملات» فتاوى سماحة المرجع الديني آية اللّٰه العظمى الميرزا جواد التبريزي (دام ظله)

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 2

منهاج الصالحين- ج 2

المؤلف: سماحة آية اللّٰه العظمى الشيخ جواد التبريزي (دام ظله)

الناشر: دار الصدّيقة الشهيدة (سلام اللّٰه عليها)

الطبعة و تاريخ النشر: الأولى- 1382 ه. ش

المطبعة: شريعت

عدد المطبوع: 1000 مجلد

شابك الدورة: 1-/ 3-/ 94850-/ 964

شابك المجلد الثاني: 5-/ 00-/ 8438-/ 964

ايران- قم المقدسة- تقاطع شهداء- شارع معلم

رقم الفرع 25- فرع آملك- تليفون 7744286- فاكس 7743743

عنوان السايت: GRO. IZIRBAT. WWW

عنوان البريد: moc. liamtoh@ T IZIRBAT

مركز التوزيع: قم- شارع معلم- انتشارات دار التفسير

تليفون: 7744212- فاكس: 7741621

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

الحمد للّٰه رب العالمين، و الصلاة على محمّد و أهل بيته الطيبين الطاهرين، و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدِّين.

و بعد، تعتبر الرسالة العملية المسمّاة ب «منهاج الصالحين» التي هي فتاوى آية اللّٰه العظمى السيد الحكيم «طاب ثراه» ذات النفع العامّ بما تحويه من كثرة المسائل المبتلى بها و وضوح العبارة و حسن التبويب، و قد أدرج سيدنا الاستاذ آية اللّٰه العظمى السيد الخوئي «طاب ثراه» فتاواه فيها، فرأينا أن ندرج فتاوانا فيها حفظاً لمقام العلمين الشامخ، و أن نؤدّي بعض ما لهما علينا من الحقّ.

راجين من اللّٰه أن يجعلها لنا ذخراً في الآخرة يوم لا ينفع مال و لا بنون، و أن ينتفع بها أهل العلم و سائر المؤمنين، إنّه خير مجيب.

و العمل بها مجزئ و مبرئ للذمة إن شاء اللّٰه تعالى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 5

كتاب التجارة و فيه مقدمة و فصول:

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 7

مقدمة

اشارة

التجارة في الجملة من المستحبات الأكيدة في نفسها، و قد ينطبق عليها عنوان ثانوي مرغوب إليه أو منهي عنه فتكون التجارة و التكسب مطلوبة أو منهياً عنها بذلك العنوان.

[مسائل]
(مسألة 1): تحرم و لا تصح التجارة بالخمر

، و باقي المسكرات و الميتة، و الكلب غير الصيود، و الخنزير، و لا فرق في الحرمة بين بيعها و شرائها، و جعلها اجرة في الإجارة، و عوضاً عن العمل في الجعالة، و مهراً في النكاح، و عوضاً في الطلاق الخلعي، و أما سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد و الدم للتزريق، و كذلك تجوز هبتها و الاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.

(مسألة 2): الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها

، فلو صار خلّه خمراً، أو ماتت دابته، أو اصطاد كلباً غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شي ء من ذلك قهراً عليه، و كذا الحكم في بقية الموارد، و تجوز المعاوضة على الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله، و يحل ذلك المال له، بمعنى أنه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة- مثلًا- مالًا ليرفع يده عنها، و يوكل أمرها إلى الباذل.

(مسألة 3): الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك و الجراد لا يجوز بيعها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 8

و المعاوضة عليها، و إن كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بإزائها. نعم، يجوز بذل المال بإزاء رفع اليد عنها كالأعيان النجسة.

(مسألة 4): يجوز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة محللة

معتد بها.

(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرمة

مثل التسميد بالعذرات، و الإشعال، و الطلي بدهن الميتة النجسة، و الصبغ بالدم. و غير ذلك.

(مسألة 6): يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة

معتد بها- كما هي كذلك اليوم- و كذلك الأبوال الطاهرة.

(مسألة 7): الأعيان المتنجسة كالدبس، و العسل، و الدهن و السكنجبين و غيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها

و المعاوضة عليها، إن كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف، و يجب إعلام المشتري بنجاستها، و لو لم تكن لها منفعة محللة لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها على الأحوط.

(مسألة 8): لا تجوز التجارة بما يكون آلة للحرام

، بحيث يكون المقصود منه غالباً الحرام: كالمزامير و الأصنام و الصلبان و الطبول و آلات القمار، كالشطرنج و نحوه و لا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية (الاسطوانات) لصندوق حبس الصوت، و كذلك الأشرطة المسجل عليها الغناء، و أما الصندوق نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة، فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منهما الأخبار و القرآن و التعزية و نحوها مما يباح استماعه، أما التلفزيون، فإن عُدّ عرفاً من آلات اللهو فلا يجوز بيعه و لا استعماله، و أما مشاهدة أفلامه فلا بأس بها إذا لم تكن مثيرة للشهوة، بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس، و إذا اتفق أن صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفاً جاز بيعه و استعماله، و يكون كالراديو و تختص الحرمة- حينئذ باستعماله في جهات اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية، و أما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 9

المسجلات فلا بأس ببيعها و استعمالها.

(مسألة 9): كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها

، و أخذ الاجرة عليها، بل يجب إعدامها على الأحوط و لو بتغيير هيئتها، و يجوز بيع مادتها من الخشب و النحاس و الحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله، لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري، إلّا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها، أما مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع و إن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أما إذا كانت لها فائدة و لو قليلة لم يجب تغييرها.

(مسألة 10): تحرم و لا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة لأجل غش الناس

، فلا يجوز جعلها عوضاً أو معوضاً عنه في المعاملة مع جهل من تدفع إليه، أما مع علمه ففيه إشكال، و الأظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، و في وجوب كسرها إشكال، و الأظهر عدمه.

(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهر و الأسد و الذئب و نحوها

إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها، و كذا يجوز بيع الحشرات و المسوخات- إذا كانت كذلك كالعلق الذي يمص الدم ودود القز و نحل العسل و الفيل، أما إذا لم تكن لها منفعة محللة، فلا يجوز بيعها و لا يصح على الأظهر.

(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحللة المجوزة للبيع الفائدة المحللة المحتاج إليها حاجة كثيرة غالباً

الباعثة على تنافس العقلاء على اقتناء العين سواء أ كانت الحاجة إليها في حال الاختيار أم في حال الاضطرار كالأدوية و العقاقير المحتاج إليها للتداوي.

(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع أواني الذهب و الفضة للتزيين أو لمجرد الاقتناء

، و الأقوى الجواز، و إنما يحرم استعمالها كما مر.

(مسألة 14): يحرم و لا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر

على الأحوط،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 10

و كذا يحرم تمكينه منه إلّا إذا كان تمكينه لإرشاده و هدايته أو لغاية صحيحة اخرى فلا بأس به حينئذ، و الأحوط استحباباً الاجتناب عن بيعه على المسلم فإذا اريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف و نحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، و أما الكتب المشتملة على الآيات و الأدعية و أسماء اللّٰه تعالى فالظاهر جواز بيعها على الكافر، فضلًا عن المسلم، و كذا كتب أحاديث المعصومين عليهم السلام كما يجوز تمكينه منها.

(مسألة 15): يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمراً

، أو الخشب- مثلًا ليعمل صنماً، أو آلة لهو، أو نحو ذلك سواء أ كان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه، و إذا باع و اشترط الحرام صح البيع و فسد الشرط، و كذا تحرم و لا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شي ء من المحرمات، و كذا تحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، و الثمن و الاجرة في ذلك محرمان هذا إذا كان متعلق الإجارة هي المنفعة المحرّمة و أمّا إذا كان المتعلق نفس المنفعة و لكن شرط على المستأجر استيفاؤها بإحراز الخمر و نحوه فالباطل هو الشرط دون الإجارة و أما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمراً، أو إجارة السكن ممن يعلم أنه يحرز فيه الخمر، أو يعمل بها شيئاً من المحرمات من دون تواطئهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله، فقيل إنه حرام، و هو أحوط، و الأظهر الجواز.

(مسألة 16): يحرم على الأحوط تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان

إذا كانت مجسمة، و يحرم أخذ الاجرة عليه، أما تصوير غير المجسم أو غير ذوات الأرواح، كالشجر و غيره فلا بأس به، و يجوز أخذ الاجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، و مثله تصوير بعض البدن كالرأس و الرجل و نحوهما، مما لا يعد تصويراً ناقصاً، أما إذا كان كذلك، مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أما لو كان تصويراً له على هيئة خاصة مثل: تصويره جالسا أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 11

واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعد تصويراً تامّاً فالظاهر هو الحرمة بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة، و لكن النقص لا

يكون دخيلًا في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل، و يجوز- على كراهة اقتناء الصور و بيعها و إن كانت مجسمة و ذوات أرواح.

(مسألة 17): الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو و الباطل

، بمعنى أن تكون الكيفية كيفية لهوية، و العبرة في ذلك بالصدق العرفي، و كذا استماعه و لا فرق على الأحوط في حرمته بين وقوعه في قراءة و دعاء و رثاء و غيرها و يستثنى منه غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل و التكلم بالباطل، و دخول الرجال على النساء و سماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة، و إلّا حرم ذلك.

(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، حرام بل في كل محرّم على الأحوط

إذا لم يعدّ من أعوانهم أما معونتهم في غير المحرمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها، إلّا أن يعدّ الشخص من أعوانهم و المنسوبين إليهم فتحرم.

(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي و غيرها مما اعد لذلك حرام مع الرهن

، و يحرم أخذ الرهن أيضاً، و لا يملكه الغالب. و يحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن أيضاً، و يحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، و يحرم أخذ الرهن، و أما إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز. و إذا جعل للفائز جائزة من غير اللاعبين فإنه لا بأس باللعب و لا بأخذ الجائزة.

(مسألة 20): عمل السحر حرام، و كذا تعليمه و تعلّمه و التكسب به

، و المراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما، و في كون تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان من السحر إشكال و الأظهر تحريم ما كان مضراً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 12

بمن يحرم الإضرار به دون غيره.

(مسألة 21): القيافة- و هي إلحاق الناس بعضهم ببعض استنادا إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الالحاق- حرام

إذا كانت قولًا بغير علم أو انطبق عليها عنوان محرّم آخر و لا اعتبار بقول القائف.

(مسألة 22): الشعبذة و هي إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام

، إذا ترتب عليها عنوان محرم كالإضرار بمؤمن و نحوه.

(مسألة 23): الكهانة حرام على ما تقدّم في القيافة

و هي: الإخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها بعض الجان، أما إذا كان اعتماداً على بعض الأمارات الخفية فالظاهر أنه لا بأس به إذا اعتقد صحته أو اطمأن به.

(مسألة 24): النجش حرام

إذا انطبق عليه عنوان غش المسلم و إلّا فحرمته مبنية على الاحتياط و هو: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، و هو لا يريد شراءها، بل لأن يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواء أ كان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

(مسألة 25): التنجيم حرام

على ما تقدم في القيافة و هو: الإخبار عن الحوادث، مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و نحوها، استناداً إلى الحركات الفلكية و الطوارئ الطارئة على الكواكب، من الاتصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، على وجه ينافي الاعتقاد بالدين.

(مسألة 26): الغش حرام

. قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «من غش أخاه المسلم نزع اللّٰه بركة رزقه، وسد عليه معيشته و وكله إلى نفسه» و يكون الغش بامور منها إخفاء الأدنى في الأعلى، كمزج الجيد بالردي ء و بإخفاء غير المراد في المراد، كمزج الماء باللبن، و بإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعاً، مثل رش الماء على بعض الخضراوات ليتوهم أنها جديدة و بإظهار الشي ء على خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أو ذهب و قد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب و عدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 13

خفائه، كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع بالعيب- مع اعتماد المشتري عليه- غش له.

(مسألة 27): الغش و إن حرم لا تفسد المعاملة به

، لكن يثبت الخيار للمغشوش، إذا كان البيع مبنياً على عدم الغش و ثبوت الخيار في غير هذا المورد محل تأمل، نعم في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، يبطل البيع، و يحرم الثمن على البائع، و كذا أمثاله مما كان الغش فيه موجباً لاختلاف الجنس.

(مسألة 28): لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع

إلّا أن يأتي بها الأجير عن نفسه مجاناً، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية، فلو استأجر شخصاً على فعل الفرائض اليومية، أو نوافلها أو صوم شهر رمضان، أو حجة الاسلام، أو تغسيل الأموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم، أو غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة لم تصح الإجارة، إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير عن نفسه. نعم لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت مما تشرع فيه النيابة جاز، و كذا لو استأجره على الواجب- غير العبادي- كوصف الدواء للمريض، أو العلاج له، أو نحو ذلك فإنه يصح، و كذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة و الصناعة و الطب، و لو استأجره لتعليم الحلال و الحرام فيما هو محل الابتلاء فالأحوط وجوباً البطلان و حرمة الاجرة. بل الصحة و الجواز فيما لا يكون محلًا للابتلاء لا يخلو من إشكال أيضاً.

(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل

، يعني الكذب، و لا بأس بالنوح بالحق.

(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن

، و يجوز هجاء المخالف، و كذا الفاسق المبتدع، لئلا يؤخذ ببدعته.

(مسألة 31): يحرم الفحش من القول

، و منه ما يستقبح التصريح به إذا كان في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 14

الكلام مع الناس، غير الزوجة و الامة، أما معهما فلا بأس به.

(مسألة 32): تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل

. و أما الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، و إن حرم على الظالم أخذها.

(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال

مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم جاز و كذا يحرم بيعها و نشرها، و منها: الكتب الرائجة من التوراة و الإنجيل و غيرها هذا مع احتمال التضليل بها.

(مسألة 34): يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به

و نحوه، و أما التزين به من غير لبس كتلبيس مقدم الأسنان به فالظاهر جوازه.

(مسألة 35): يحرم الكذب: و هو الإخبار بما ليس بواقع

، و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجد و ما يكون في مقام الهزل، نعم إذا تكلم بصورة الخبر- هزلًا بلا قصد الحكاية و الإخبار فلا بأس به و مثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى له واقع، و لكنه خلاف الظاهر كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذ، و يجوز الكذب أيضاً للإصلاح بين المؤمنين، و الأحوط- استحباباً الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية، و أما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة. نعم لو كان حال الوعد بانياً على الخلف فيحرم إذا انطبق عليه عنوان الكذب و لا فرق في ذلك بين وعد أهله بشي ء و هو لا يريد أن يفي به و غيره.

(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر

، إلّا مع القيام بمصالح المؤمنين، و عدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، و يجوز- أيضاً مع الاكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية، و يتوعده على تركها، بما يوجب الضرر بدنياً أو مالياً عليه، أو على من يتعلق به، بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضراراً بالمكره عرفاً، كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 15

(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب

المجعولة على الأراضي و الأشجار و النخيل يجوز شراؤه و أخذه منه مجاناً، بلا فرق بين الخراج و هو: ضريبة النقد، و المقاسمة و هي: ضريبة السهم من النصف و العشر و نحوهما، و كذا المأخوذ بعنوان الزكاة و الظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه، بل الظاهر أنه لو لم تأخذه الحكومة و حولت شخصاً على المالك في أخذه منه، جاز للمحول أخذه، و برئت ذمة المحول عليه. و في جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لا يدعي الخلافة العامة، أو الكافر إشكال.

(مسألة 38): إذا دفع إنسان مالًا له إلى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس

، و كان المدفوع إليه منهم، فإن فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن، و إن لم يفهم الإذن لم يجز الأخذ منه أصلًا، و إن دفع له شيئاً مما له مصرف خاص، كالزكاة ليصرفه في مصارفه، فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضاً من مصارفه، و لا يتوقف الجواز فيه على إحراز الإذن من الدافع.

(مسألة 39): جوائز الظالم حلال

، و إن علم إجمالًا أن في ماله حراماً، و كذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه و تملكه و التصرف فيه بإذنه، إلّا أن يعلم أنه غصب، فلو أخذ منه- حينئذ- وجب رده إلى مالكه، إن عرف بعينه، فإن جهل و تردد بين جماعة محصورة، فإن أمكن استرضاؤهم وجب، و إلّا رجع في تعيين مالكه إلى القرعة، و إن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه، مع الإذن من الحاكم الشرعي على الأحوط إن كان يائساً عن معرفته، و إلّا وجب الفحص عنه و إيصاله إليه.

(مسألة 40): يكره بيع الصرف

، و بيع الأكفان. و بيع الطعام و بيع العبيد، كما يكره أن يكون الإنسان جزاراً أو حجّاماً، و لا سيما مع الشرط بأن يشترط اجرة، و يكره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 16

أيضاً التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.

(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب

، فإذا كان الإعطاء بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، و أما إذا كان الإعطاء مجانا و بقصد الاشتراك في مشروع خيري فلا بأس به، و على كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه.

(مسألة 42): يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه

. كما يجوز أخذ العوض في مقابله على ما تقدم.

(مسألة 43): يحرم حلق اللحية على الأحوط

، و يحرم أخذ الاجرة عليه كذلك، إلّا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية و مهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء، فيجوز حينئذ.

آداب التجارة
(مسألة 44): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع و فاسده

و يسلم من الربا، و مع الشك في الصحة و الفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه الاحتياط، و يستحب أن يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس و غيره بزيادة السعر في الأول أو بنقصه، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم و التقوى و نحوهما، فالظاهر أنه لا بأس به، و يستحب أن يقيل النادم و يشهد الشهادتين عند العقد، و يكبر اللّٰه تعالى عنده، و يأخذ الناقص و يعطى الراجح.

(مسألة 45): يكره مدح البائع سلعته

، و ذم المشتري لها، و كتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش، و إلّا حرم كما تقدم، و الحلف على البيع، و البيع في المكان المظلم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 17

الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك، و الربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، و على الموعود بالإحسان، و السوم ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس، و أن يدخل السوق قبل غيره و مبايعة الأدنين و ذوي العاهات و النقص في أبدانهم، و المحارفين، و طلب تنقيص الثمن بعد العقد، و الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، و التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ، و الدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه. و المراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما، فلو انصرف أحدهما عنه، أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، و كذا لو كان البيع مبنياً على المزايدة، و أن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحباباً تركه،

و تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة، و حدّه إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، و كذا لو اتفق ذلك بلا قصد. و الظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح و الإجارة و نحوهما.

(مسألة 46): يحرم الاحتكار

و هو: حبس السلعة و الامتناع من بيعها، لانتظار زيادة القيمة، مع حاجة المسلمين إليها، و عدم وجود الباذل لها، و الظاهر اختصاص الحكم بالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت لا غير، و إن كان الأحوط- استحبابا- إلحاق الملح بها بل كل ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس و المساكن و المراكب و غيرها بل يحرم الاحتكار في غير موارد اختصاص الحكم بها إذا كان موجباً لاختلال النظام، و يجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم، من دون أن يعين له السعر، نعم إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامة اجبر على الأقل منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 18

الفصل الأول شروط العقد

اشارة

البيع كما يقال هو: نقل المال بعوض بما أن العوض مال، لا لخصوصية فيه و الاشتراء هو إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة، فمن يبيع السكر مثلًا يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري إنما يطلب السكر لحاجته فيه، فإذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمراً واحداً كمبادلة كتاب بكتاب- مثلا لم يكن هذا بيعاً، بل هو معاملة مستقلة. و لا يبعد أن يكون البيع هو تمليك المال بعوض و التمليك أمر إنشائي فكل من أنشأه فهو البائع، كما أن الشراء هو التملك بعوض فكل من أنشأ التملك أو الرضا بالتملّك فهو المشتري سواء كان الإنشاء بالقول أو الفعل.

(مسألة 47): يعتبر في البيع الإيجاب و القبول

، و يقع بكل لفظ دال على المقصود و إن لم يكن صريحاً فيه مثل: بعت و ملكت، و بادلت و نحوها في الإيجاب، و مثل: قبلت و رضيت و تملكت و اشتريت و نحوها في القبول، و لا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة و يجوز إنشاء الإيجاب بمثل: اشتريت، و ابتعت، و تملكت و إنشاء القبول بمثل: شريت و بعت و ملكت.

(مسألة 48): إذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار

، فقال المخاطب: بعتك فرسي بهذا الدينار، ففي صحته و ترتب الأثر عليه بلا أن ينضم إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال، و كذلك الحكم في الولي عن الطرفين أو الوكيل عنهما فإنه لا يكتفى فيه بالإيجاب بدون القبول.

(مسألة 49): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب و القبول

فلو قال البائع: بعت، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد، و لم يترتب عليه الأثر. أما إذا لم ينصرف و كان ينتظر القبول، حتى قبل صح،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 19

كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب و قبل الآخر صح. أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال، و الأظهر الصحة، إن لم ينصرف البائع عن بيعه و كان ينتظر القبول.

(مسألة 50): الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب و القبول

في الثمن و المثمن و سائر التوابع، فلو قال: بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أن تخيط قميصي، فقال المشتري: اشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار، أو بشرط أن أخيط عباءتك، أو بلا شرط شي ء أو بشرط أن تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف دينار، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد، لو قال: بعتك هذا الفرس بدينار، فقال:

اشتريت كل نصف منه بنصف دينار ففي تحقق التطابق إشكال؛ لتعدد الشراء في القبول، و وحدة البيع في الإيجاب، و يختلف حكمهما كتعدد خيار المجلس مع تعدد البيع و عدم تعدده مع وحدته.

(مسألة 51): إذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه قامت الإشارة مقامه

و إن تمكن من التوكيل، و كذا الكتابة مع العجز عن الإشارة. أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان، و الأظهر الجواز بكل منهما، بل بالكتابة مع التمكن من اللفظ أيضاً. نعم، في كفاية الإشارة مع التمكن منه إشكال.

(مسألة 52): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة

، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري، و ينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع، و لا فرق في صحتها بين المال الخطير و الحقير، و قد تحصل بإعطاء البائع المبيع و أخذ المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلياً في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن و أخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلياً في الذمة.

(مسألة 53): الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع

العقدي من شرائط العقد و العوضين و المتعاقدين، كما أن الظاهر ثبوت الخيارات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 20

- الآتية إن شاء اللّٰه تعالى- على نحو ثبوتها في البيع العقدي.

(مسألة 54): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات

بل الإيقاعات إلّا في موارد خاصة، كالنكاح و الطلاق و العتق و التحليل و النذر و اليمين، و الظاهر جريانها في الرهن و الوقف أيضاً.

(مسألة 55): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة أم شرط فعل، أم غيرهما: إشكال

، و إن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع، و قال أحدهما في حال التعاطي: جعلت لي الخيار إلى سنة مثلًا و قبل الآخر صح شرط الخيار، و كان البيع خيارياً.

(مسألة 56): لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد

سواء أعلم حصوله بعد ذلك، كما إذا قال: بعتك إذا هل الهلال، أم جهل حصوله، كما لو قال:

بعتك إذا ولد لي ولد ذكر، و لا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال:

بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه به فالوجه الجواز.

(مسألة 57): إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه

و إلّا وجب عليه رده إلى البائع، و إذا تلف- و لو من دون تفريط وجب عليه رد مثله إن كان مثلياً و قيمته إن كان قيمياً، و كذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، و إذا كان المالك مجهولًا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه، و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به، و لو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضولياً و توقفت صحته على إجازة المالك و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّٰه تعالى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 21

الفصل الثاني شروط المتعاقدين

(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين امور:
الأول: البلوغ

، فلا يصح عقد الصبي في ماله، و إن كان مميزاً، إذا لم يكن بإذن الولي، بل و إن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلًا في التصرف، و أما إذا كانت المعاملة من الولي و كان الصبي وكيلًا عنه في إنشاء الصيغة فالصحة لا تخلو من وجه وجيه، و كذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك، و إن لم يكن بإذن الولي.

الثاني: العقل

، فلا يصح عقد المجنون، و إن كان قاصداً إنشاء البيع.

الثالث: الاختيار
اشارة

، فلا يصح بيع المكره، و هو من يأمره غيره بالبيع المكروه له، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين، و لو لم يكن البيع مكروها و قد أمره الظالم بالبيع فباع صح، و كذا لو أمره بشي ء غير البيع و كان ذلك الشي ء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال و لم يمكنه إلّا ببيع داره فباعها، فإنه يصح بيعها.

(مسألة 59): إذا اكره أحد الشخصين على بيع داره

، كما لو قال الظالم: فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلّا إذا علم إقدام الآخر على البيع.

(مسألة 60): لو اكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل

، و لو باع الآخر بعد ذلك صح، و لو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً.

(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة

، و صح بيع الولد.

(مسألة 62): لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية

، فلو أكرهه على بيع داره فباعها- مع قدرته على التورية- لم يصح البيع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 22

(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه، على تقدير عدم الاتيان بما اكره عليه ما يعم الضرر الواقع

على نفسه و ماله و شأنه، و على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذ- صح البيع.

البيع الفضولي:

الرابع: من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرف بكونه مالكاً أو وكيلًا عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه
اشارة

، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرف لم يصح البيع، بل توقفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف، مالكاً كان، أو وكيلًا عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه، فإن أجاز صح، و إن رد بطل و هذا هو المسمى بعقد الفضولي. و المشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها، و لكنه لا يخلو عن إشكال، بل لا يبعد نفوذها. و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزماً.

(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإن أجازه المالك صح

، و لا أثر للمنع السابق في البطلان.

(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح

و توقفت صحته على الإجازة.

(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك

، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صح البيع و يرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة 67): لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني

، بل لا بد من الدلالة عليه بالقول مثل: رضيت، و أجزت، و نحو هما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن، أو بيعه، أو الإذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه

كشفاً حكمياً، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، و نماء المبيع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 23

ملك للمشتري هذا على تقدير كون المجيز هو المالك حال العقد و إلّا فالنقل و الانتقال من حين ملك المجيز.

(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلًا فتبين خلافه

فإن أجازه المالك صح و إن رد بطل، و لو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبين كونه ولياً أو وكيلًا صح، و لم يحتج إلى الإجازة، و لو تبين كونه مالكاً ففي صحة البيع- من دون حاجة إلى إجازته- إشكال و الأظهر هو الصحة.

(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولًا، ثمّ ملكه قبل إجازة المالك

ففي صحته بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأساً وجوه أقواها أوسطها.

(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولًا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك

، و يصح بيع الفضولي أيضاً إن أجازه المشتري.

(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك

، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال، و إن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، و إن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع و المشتري، و إن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها، إن كانت مثلية، و بقيمتها إن كانت قيمية.

(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة

، و للمالك الرجوع بها على من استوفاها، و كذا الزيادات العينية، مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها مما كانت له مالية، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال، و الضمان أظهر.

(مسألة 74): المثلي: ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها

الرغبات، و القيمي: ما لا يكون كذلك، فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، و الجواهر الأصلية من الياقوت و الزمرد و الألماس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 24

و الفيروزج و نحوها من القيمي.

(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض

لا زمان التلف، و لا زمان الأداء.

(مسألة 76): إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن

المسمى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى. و يرجع في الزائد عليه إذا كان مغروراً، و إذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن، و لا يرجع في الزائد عليه إذا كان غاراً و إذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف و اللبن و نحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع، بأن كان جاهلًا بأن البائع فضولي، و كان البائع عالماً فأخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، و إن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالما بالحال، أو كان البائع أيضاً جاهلًا لم يرجع عليه بشي ء من الخسارات المذكورة، و إذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع لم يرجع البائع على المشتري، و إن لم يكن مغروراً من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك و كذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه، و إلّا لم يرجع على اللاحق، و إن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق، إلّا مع كونه مغروراً منه، و كذا الحكم في المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة، و مال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معينة أو غير معينة،

أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده، و كذا مع تلفه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 25

على النهج المذكور.

(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة صح البيع

فيما يملك، و توقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، و إلّا فلا، و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن: أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية

، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة، و الثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، و يبقى للبائع اثنان.

و هما ثلثا الثمن، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها، أما لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثمّ تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلًا إذا باع الجارية و ابنتها بخمسة، و كانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، و في حال الانضمام أربعة، و قيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين، و هما اثنان من الثمن، و بقي للبائع ثلاثة أخماس، و إن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، و هو ثلاثة و بقي للبائع اثنان.

(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار

، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين عمل على القرينة، و إن لم تقم القرينة على شي ء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير.

(مسألة 80): يجوز للأب و الجد للأب و إن علا التصرف في مال الصغير بالبيع

و الشراء و الإجارة و غيرها، و كل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الإذن من الآخر،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 26

كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما، و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما، بل يكفي عدم المفسدة فيه، إلّا أن يكون التصرف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير، و أمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل، و كذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل، و زيادة درهمين، لاختلاف الأماكن أو الدلالين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل، و إن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلًا عرفاً في مال الصغير، و المدار في كون التصرف مشتملًا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف، و لو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

(مسألة 81): يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير بإجارته

لعمل ما أو جعله عاملًا في المعامل، و كذلك في سائر شئونه مثل تزويجه نعم ليس لهما طلاق زوجته، و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ، وهبة المدة في عقد المتعة: وجهان و الثبوت أقرب.

(مسألة 82): إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته

على القاصرين نفذت الوصية، و صار الموصى إليه ولياً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته. و يشترط فيه الرشد و الأمانة، و لا تشترط فيه العدالة على الأقوى. كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد، و لا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، و لو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده، ففي صحتها إشكال.

(مسألة 83): ليس لغير الأب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية على الصغير

، و لو كان عماً أو اماً أو جداً للُام أو أخا كبيراً، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 27

الصغير، أو في نفسه، أو سائر شئونه لم يصح، و توقف على إجازة الولي.

(مسألة 84): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي

، مع فقد الأب و الجد و الوصي لأحدهما، و مع تعذر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرف، كما لو خيف على ماله التلف مثلًا فيبيعه العادل، لئلا يتلف، و لا يعتبر حينئذ أن تكون في التصرف فيه غبطة و فائدة، بل لو تعذر وجود العادل حينئذ لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين، و لو اتفق احتياج المكلف إلى دخول دار الأيتام و الجلوس على فراشهم، و الأكل من طعامهم، و تعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، إذا عوضهم عن ذلك بمالٍ آخر، و لم يكن فيه ضرر عليهم و إن كان الأحوط تركه، و إذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض. و اللّٰه سبحانه العالم.

الفصل الثالث شروط العوضين

اشارة

يشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أ كان موجوداً في الخارج أم في الذمة، و سواء أ كانت الذمة ذمة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة، كمنفعة الدار، و لا بيع العمل كخياطة الثوب، و أما الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملًا.

(مسألة 85): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع و الثمن ما لا يتنافس فيه العقلاء

، فكل ما لا يكون مالًا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه، و لا جعله ثمناً، و هو الأظهر.

(مسألة 86): الحقوق مطلقاً من قبيل الأحكام

، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمناً، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلق الحق بما هو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 28

كذلك ثمناً و يجوز جعل شي ء بإزاء رفع اليد عن الحق، فيما إذا كان قابلًا للإسقاط فقط.

(مسألة 87): يشترط في البيع أن لا يكون غررياً

و تكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة، و لا تكفي في غير ذلك، بل لا بد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن، أو عد، أو مساحة معلوماً، و لا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن، و بالعكس إذا لم يكن البيع غررياً، و إذا كان الشي ء مما يباع في حال بالمشاهدة، و في حال اخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة و في المخازن بالوزن، و الحطب محمولًا على الدابة بالمشاهدة و في المخزن بالوزن، و اللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة و في المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف.

(مسألة 88): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر

، كيلًا أو وزناً، أو عدّاً، و لا فرق بين عدالة البائع و فسقه، و الأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، و لو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ و الإمضاء بتمام الثمن و لو تبينت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ و الإمضاء بتمام المبيع، و قيل: يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول، و تكون الزيادة للبائع في الثاني و هو ضعيف.

(مسألة 89): لا بد في مثل القماش و الأرض و نحوهما- مما يكون تقديره بالمساحة دخيلًا في زيادة القيمة- معرفة مقداره

، و لا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلّا إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور و الفرش و نحوهما.

(مسألة 90): إذا اختلفت البلدان في تقدير شي ء، بأن كان موزوناً في بلد، و معدوداً في آخر

، و مكيلًا في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة.

و لكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضاً إذا لم يكن فيه غرر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 29

(مسألة 91): قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود

، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس، بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبين أن وزنها تسعمائة، لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه و نحو ذلك، مما كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كما للمبيع لا مقوماً له، و الحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري، لتخلف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، و الزيادة للمشتري على كل حال.

(مسألة 92): يشترط معرفة جنس العوضين و صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها

، كالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلك، مما يوجب اختلاف القيمة، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، و إن كان مرغوباً عند قوم، و غير مرغوب عند آخرين، و المعرفة إما بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة هذا في بيع السلف و الكلي، و أما إذا كان العوضان شخصيين ففي اعتبار معرفة الصفات التي لا تكون مقومة لعنوانهما عرفاً تأمّل.

(مسألة 93): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً

، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة و شرائه العلف لها، و عليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك: مثل بيع السمك في الماء و الطير في الهواء، و شجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز.

(مسألة 94): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن

، و كذلك لو أجازه بعد وقوعه، و الأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضاً إلّا أنه يثبت الخيار حينئذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 30

للمشتري إذا كان جاهلًا بالحال حين البيع.

(مسألة 95): لا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد

: منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح، و الجذع البالي، و الحصير المخرق.

و منها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً. و منها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلك.

و منها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس و الأموال. و منها، ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة، مثل كونها بستاناً، أو حماماً فيزول ذلك العنوان، فإنه يجوز البيع- حينئذ و إن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر. و منها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفاً، و اللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

(مسألة 96): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد

، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال. نعم، يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، و كتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

(مسألة 97): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي

كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم، و إلّا فإن كان له متول خاص فاللازم مراجعته، و يكون البيع بإذنه، و إلّا فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعي، و الاستئذان منه في البيع، كما أن الأحوط أن يشتري بثمنه ملكاً، و يوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض و صرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر، أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. و إذا خرب الوقف و لم يمكن الانتفاع به و أمكن بيع بعضه و تعمير

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 31

الباقي بثمنه فالأحوط الاقتصار على بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه.

(مسألة 98): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيدها

، و لو كان حملًا غير مولود، و كذا لا يجوز نقلها بسائر النوافل، و إذا مات ولدها جاز بيعها، كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، و في هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها.

(مسألة 99): لا يجوز بيع الأرض الخراجية

. و هي: الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح، فإنها ملك للمسلمين من وجد و من يوجد، و لا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، و أن لا تكون. بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها إلّا بإذن الحاكم الشرعي، إلّا أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي- حينئذ إشكال، و لو ماتت الأرض العامرة- حين الفتح فلا يبعد أنها تملك بالإحياء.

أما الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام، و إذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً، و ليس عليه دفع العوض، و إذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، و لكنه إذا ترك زرعها و أهملها و لم ينتفع بها بوجه، جاز لغيره زرعها، و هو أحق بها منه و إن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها، إلّا إذا كان المالك قد أعرض عنها، و إذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

(مسألة 100): في تعيين أرض الخراج إشكال

، و قد ذكر العلماء و المؤرخون مواضع كثيرة منها. و إذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة- حين الفتح تحمل على أنها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها و تملكها إن كانت حية، كما يجوز بيعها و غيره من التصرفات الموقوفة على الملك.

(مسألة 101): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 32

فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، و لا فرق بين العلم بالحال و الجهل بها، و لو باع العين المغصوبة و كان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صح، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضاً، و إن كان البائع لا يقدر على أخذها منه، ثمّ دفعها إليه، و إذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح، و إن لم يقدر على تسليمه.

(مسألة 102): لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل

، و لو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

(مسألة 103): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه

، لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدة يسيرة صح، و إذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها و كذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري، و إن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

(مسألة 104): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته

، و إن كان وكيلًا في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، و إن كان وكيلًا في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.

(مسألة 105): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة

، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

الفصل الرابع الخيارات

اشارة

الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه و هو أقسام:

الأول: خيار المجلس:
اشارة

أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 33

و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا، فإذا افترقا عرفاً لزم البيع و انتفى الخيار و لو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط، و ليس له الفسخ عن المالك، و لو كان وكيلًا في تمام المعاملة و شئونها كان له الفسخ عن المالك، و المدار على اجتماع المباشرين و افتراقهما لا المالكين، و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا، و لو كان الموجب و القابل واحداً وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما، ففي ثبوت الخيار إشكال، بل الأظهر العدم. نعم، إذا كان وكيلًا عن مالكين مجتمعين في مجلس العقد فيثبت الخيار لكل منهما و يسقط مع افتراقهما.

(مسألة 106): هذا الخيار يختص بالبيع

و لا يجري في غيره من المعاوضات.

(مسألة 107): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد

، كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

الثاني: خيار الحيوان:
اشارة

كل من اشترى حيواناً- إنسانا كان أو غيره- ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد، و إذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع، و الليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، و كذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر، و إذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان، و بقي خيار المجلس.

(مسألة 108): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد

، كما يسقط بإسقاطه بعده، و بالتصرف في الحيوان تصرفاً يدل على إمضاء العقد و اختيار عدم الفسخ أو تصرفاً حكم الشرع بكونه رضاً ببقاء العقد كالنظر إلى بدن الأمة المشتراة أو لمسه بما يحرم لغير مالكها.

(مسألة 109): يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً

، إذا كان الثمن حيواناً.

(مسألة 110): يختص هذا الخيار أيضا بالبيع

، و لا يثبت في غيره من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 34

المعاوضات.

(مسألة 111): إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار

كان تلفه من مال البائع، و رجع المشتري عليه بالثمن إذا كان دفعه إليه.

(مسألة 112): إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد

، و إن كان بتفريط منه سقط خياره.

الثالث: خيار الشرط:
اشارة

و المراد به: الخيار المجعول باشتراطه في العقد، إما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه، أو لأجنبي.

(مسألة 113): لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة

، بل يجوز اشتراطه في أي مدة كانت قصيرة أو طويلة، متصلة أو منفصلة عن العقد، نعم لا بد من تعيين مبدئها و تقديرها بقدر معين، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، و لا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة و النقيصة و موجبة للغرر، و إلّا بطل العقد و في جواز اشتراط الخيار ما دام العمر في البيع تأمّل نعم يجوز ذلك في مثل الصلح و الهبة المعوضة و نحوهما مما لا بأس فيه بالغرر.

(مسألة 114): إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد

و كذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الاسبوع أو نحوهما، و إذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فإن مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور، هذا إذا كانت الشهور محدودة من حيث المنتهى و إلّا كان كشرط الخيار ما دام العمر و قد تقدم الإشكال فيه.

(مسألة 115): لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات

، كالطلاق و العتق، و لا في العقود الجائزة، كالوديعة و العارية، و يجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح، و في جواز اشتراطه في الصدقة و في الهبة اللازمة و في الضمان إشكال، و إن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير و الجواز في الثاني.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 35

(مسألة 116): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد

، أو منفصلة عنه، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، و يسمى بيع الخيار فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ، و إذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ، و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلّا في المدة المعينة، في حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه، ثمّ إن الفسخ إما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد، مثل فسخت و نحوه، أو يكون بنفس الرد، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل و هو الرد، لا بقوله: فسخت، و نحوه.

(مسألة 117): المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري، و تمكينه منه

، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ و إن امتنع المشتري من قبضه.

(مسألة 118): الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن

، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

(مسألة 119): إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة

، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه، و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.

(مسألة 120): نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري

، كما أن نماء الثمن للبائع.

(مسألة 121): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة هذا الخيار التصرف الناقل للعين

من هبة أو بيع أو نحو هما، و لو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري، و لا يسقط بذلك خيار البائع، إلّا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها نفسها إلى البائع، لكن الغالب الأول.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 36

(مسألة 122): إذا كان الثمن المشروط رده دَيناً في ذمة البائع

كما إذا كان للمشتري دَين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، و اشترط الخيار مشروطاً برده كفي في رده إعطاء فرد منه، و إذا كان الثمن عيناً من النقود في يد البائع فيكفي في ثبوت الخيار دفع مثلها للمشتري. و إذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ.

(مسألة 123): لو اشترى الولي شيئا للمولّى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره

قبل انقضاء المدة- كان الفسخ مشروطاً برد الثمن إليه، و لا يكفي الرد إلى وليه، و لو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد، إلّا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

(مسألة 124): إذا مات البائع قبل إعمال الخيار انتقل الخيار إلى ورثته

، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري، و يشتركون في المبيع على حساب سهامهم، و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ، لا في تمام المبيع و لا في بعضه، و لو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.

(مسألة 125): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع

، و الظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلّا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف، كما يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

(مسألة 126): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين

، بلا فرق بين رد الثمن ورد المثمن، و في جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال، و إن كان الأظهر أيضاً العدم و يجري فيه أيضاً ما تقدم في المسألة 122.

(مسألة 127): يسقط هذا الخيار، بانقضاء المدة المجعولة له

، مع عدم الرد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 37

و بإسقاطه بعد العقد.

الرابع: خيار الغبن:
اشارة

إذا باع بأقل من قيمة المثل، ثبت له الخيار، و كذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل، و لا يثبت هذا الخيار للمغبون، إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 128): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن

عرفاً، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار، و حدّه بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس، و لا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر بل الأقل، و أما المعاملات العادية فلا يكفي فيها ذلك و المدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.

(مسألة 129): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد

لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً.

(مسألة 130): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت

و ترك الفسخ و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله و إمضائه بتمام الثمن المسمى، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار و وجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

يسقط الخيار المذكور بامور:

أولها: إسقاطه بعد العقد و إن كان قبل ظهور الغبن و لو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظاً قيداً بطل الإسقاط و إن كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب صح و كذا الحال لو صالحه عليه بمال.

ثانيها: اشتراط سقوطه في متن العقد و إذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 38

ثالثها: تصرف المغبون بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به و لا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به لو كان دالّا على الالتزام بالعقد لا يخلو من وجه، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به و لو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كالاستيلاد.

(مسألة 131): إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع

فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه، و إن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثلياً، و بقيمته إن كان قيمياً، و إن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب، و إن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع و الهبة المعوضة أو لذي

الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة و ليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ و إرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون. نعم، لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه و أولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق و أن يكون بعقد جديد، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة، و إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين و أرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 39

(مسألة 132): إذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع

تصرفاً مغيراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره، فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة، و إن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب، و إما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، و إما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان و نمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة و البناء و الغرس و الزرع. فإن كانت صفة محضة أو صفة

مشوبة بالعين، فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع و لا شي ء للمشتري، و كذا إن كانت لها مالية و لم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصا عوجاء فاعتدلت أو خلّاً قليل الحموضة فزادت حموضته، و إن كانت لها مالية و كانت بفعل المشتري، فلكون الصفة للمشتري و شركته مع الفاسخ بالقيمة وجه، لكنه ضعيف و الأظهر أنه لا شي ء للمشتري، و إن كانت الزيادة عيناً فإن كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجرة فلا شي ء للمشتري أيضاً، و إن كانت قابلة للانفصال كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع كانت الزيادة للمشتري، و حينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن و الثمر، بل له ذلك و إن لزم الضرر على المشتري من فصلها، و إذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، و إذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه، فعليه طم الحفر و تسوية الأرض و نحو ذلك، و إن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكاً عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم لم يعد مستهلكاً بل عد موجوداً على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلًا. و المفروض أنه لا وجود له و إنما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 40

بالمثل أو القيمة و إن كان خلطه

بجنسه و كان مماثلًا له في الرداءة و الجودة ففي الضمان بالمثل إشكال لإمكان ردّ بعض المبيع بعينه بل الأظهر ثبوت الشركة بحسب كمية العينين، و إن كان خلطه بالأجود أو الأردأ فيجري الإشكال أيضاً بناءً على ضمان المثلي بمطلق المثل كما عليه ظاهر بعض الأصحاب و لكنه ضعيف.

(مسألة 133): إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع

تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين و اخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج. و تأتي فيه الصور المتقدمة و تجري عليه أحكامها، و هكذا لو فسخ المشتري المغبون و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفاً غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و حكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد.

(مسألة 134): الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور

فلو أخّر إنشاء الفسخ عالماً عامداً لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه و نحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلًا عما لو أخّره جاهلًا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلًا عنه أو ناسياً له فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.

(مسألة 135): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة

صلحاً كانت أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 136): إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين

كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبوناً في شراء الفرس جاز له الفسخ و يكون للبائع الخيار في بيع العبد.

(مسألة 137): إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي

و كان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثاني، و لو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشي ء، و لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 41

كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول، و يرجع الغابن على الأجنبي، و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشي ء، و إن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ، و رجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

الخامس: خيار التأخير:
اشارة

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه اجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً، و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة، و يختص البيع بخيار و هو المسمى بخيار التأخير، و يتحقق فيما إذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتى يجي ء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و إلّا فللبائع فسخ البيع، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أ كان التلف في الثلاثة أم بعدها، حال ثبوت الخيار و بعد سقوطه.

(مسألة 138): الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض

، و كذا قبض بعض المبيع.

(مسألة 139): المراد بالثلاثة أيام: الأيام البيض

و يدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما و يجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

(مسألة 140): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين

و إلّا فلا خيار.

(مسألة 141): لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً

، و في ثبوته إذا كان كلياً في الذمة قولان، فالأحوط وجوباً عدم الفسخ بعد الثلاثة إلّا برضى الطرفين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 42

(مسألة 142): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر

و البقول و اللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء، و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

(مسألة 143): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة

، و في سقوطه بإسقاطه قبلها، و باشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال، و الأظهر السقوط و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة و يكفي ظهور الفعل في ذلك و لو بواسطة بعض القرائن، بل وقوع المعاملة قبل ذلك و أخذه للثمن ظاهره أن الأخذ بعنوان الوفاء بالمعاملة و الإغماض عن التأخير.

(مسألة 144): في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان

: أقواهما الثاني.

السادس: خيار الرؤية:
اشارة

و يتحقق فيما لو رأى شيئاً ثمّ اشتراه فوجده على خلاف ما رآه أو اشترى موصوفاً غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف فإن للمشتري الخيار بين الفسخ و الإمضاء.

(مسألة 145): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار

بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به، سواء أ كان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد اميا لا كاتباً و لا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم و مرغوباً عنه عند قوم آخرين، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

(مسألة 146): الخيار هنا بين الفسخ و الرد

، و بين ترك الفسخ و إمساك العين مجاناً، و ليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش و لا بإبدال العين بعين اخرى واجدة للوصف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 43

(مسألة 147): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع

عند تخلف الوصف إذا كان قد رأى المبيع سابقاً فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

(مسألة 148): المشهور أن هذا الخيار على الفور

و لكن الأقرب عدمه.

(مسألة 149): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها

، و بالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالّا على الالتزام بالعقد و كذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان: أقواهما ذلك فيسقط به.

(مسألة 150): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية

و لا يجري في بيع الكلي فلو باع كلياً موصوفاً و دفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار و إنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف، نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

السابع: خيار العيب:
اشارة

و هو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيبا فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب و إمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك و المطالبة بالأرش و لا فرق في ذلك بين المشتري و البائع، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

(مسألة 151): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد

، بمعنى اختيار عدم الفسخ، و منه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ.

موارد جواز طلب الأرش:
اشارة

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد و إنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها:

الأول: تلف العين.

الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 44

الثالث: التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين، مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها.

الرابع: التصرف الاعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين و رهنها.

الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده. نعم، يثبت له الأرش إن طالبه. نعم، إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلًا جاز رده.

(مسألة 152): يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً

في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل، و إذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما، قيل: لا أرش حذراً من الربا، لكن الأقوى جواز أخذ الأرش.

يسقط الرد و الأرش بأمرين:

الاول: العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني: تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش.

(مسألة 153): الأقوى أن هذا الخيار أيضا ليس على الفور
(مسألة 154): المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية

سواء أ كان نقصاً، مثل العور و العمى و الصمم و الخرس و العرج و نحوها، أم زيادة مثل الإصبع الزائد و اليد الزائدة، أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه كان عيباً عرفاً مثل كون الأرض موردا لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال و إن كان الثبوت هو الأظهر.

(مسألة 155): إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 45

في الإماء، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

(مسألة 156): لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية

. نعم، لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

(مسألة 157): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد

كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به. و في جواز أخذ الأرش به قولان أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري و إلّا فلا أثر له.

(مسألة 158): يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن

إذا حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.

(مسألة 159): كيفية أخذ الأرش أن يقوَّم المبيع صحيحاً

ثمّ يقوم معيباً و تلاحظ النسبة بينهما ثمّ ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة فإذا قوم صحيحاً بثمانية و معيباً بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا، و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب إلى أهل الخبرة و تعتبر فيهم الأمانة و الوثاقة.

(مسألة 160): إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب

فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب على تقويم بعضهم مع قيمتهما على تقويم البعض الآخر فلا إشكال، كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن، و إذا اختلفت النسبة كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة ففيه وجوه و أقوال، و الذي تقتضيه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة و الأحوط التصالح.

(مسألة 161): إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة

، فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده، فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح، و كذا إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 46

اشترى شيئين بثمن واحد لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معاً على تقدير الفسخ.

(مسألة 162): إذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيباً

جاز لأحدهما الفسخ في حصته و يثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

(مسألة 163): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار

، فيجوز له الرد مع إمكانه، و إلّا طالب بالأرش.

تذنيب في أحكام الشرط
اشارة

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه فرساً بثمن معين و اشترط عليه أن يخيط له ثوبه فإن البائع يستحق على المشتري الخياطة بالشرط، فتجب عليه خياطة ثوب البائع. و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط امور:

منها: أن لا يكون مخالفاً للكتاب و السنة و يتحقق هذا في موردين: الأول: أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر أو يبيعه شيئاً بشرط أن يرتكب محرماً من المحرمات الإلهية.

الثاني: أن يكون الشرط بنفسه مخالفاً لحكم شرعي كما إذا زوّجه أمته بشرط أن يكون ولدها رقاً أو باعه أو وهبه مالًا بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك، فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل.

و منها: أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن، أو آجره الدار بشرط أن لا تكون لها اجرة هذا مع تعيين الثمن أو الاجرة و إلّا فيكون من هبة العين أو المنفعة كما في قوله «بعته بلا ثمن أو آجرتك العين سنة بلا اجرة» فإذا قبض العين الطرف الآخر فتكون من هبة العين أو تمليك المنفعة مجاناً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 47

و منها: أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه و مقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء

به.

و منها: أن يكون مقدوراً عليه بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الالتزام به.

(مسألة 164): لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط على المشتري بيعه منه ثانياً

و لو بعد حين، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما اشتراه أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

(مسألة 165) لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزاً

بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره و شرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضاً إلّا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غررياً فيفسد البيع حينئذ.

(مسألة 166): الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه

فيصح العقد و يلغو الشرط.

(مسألة 167): إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه

، و الظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره، بل له الخيار عند مخالفته و عدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار.

(مسألة 168): إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار

في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب و في الجميع له الخيار لا غير.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 48

الفصل الخامس أحكام الخيار

اشارة

الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه و يُحرم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق و يحجب عنه ما يحجب عن إرث المال، و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر و الأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار و عدمه أقوال: أقربها عدم حرمانه و الخيار لجميع الورثة، فلو باع الميت أرضاً و كان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً و كان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

(مسألة 169): إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم

بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته إلّا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 170): إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري

و إن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

(مسألة 171): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلى وارثه

، و كذلك إذا كان الخيار المشروط مقيداً بالفسخ مباشرة أو ما دام حيّاً فإنه لا يورث لعدم كونه مما تركه الميت من مال أو حق.

(مسألة 172): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع

و كذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 49

الفصل السادس ما يدخل في المبيع

اشارة

من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض و الشجر و النخل و الطوف و البئر و الناعور و الحضيرة و نحوها مما هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر و النخل الموجودان و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و لا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلًا فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع، و إن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري و يختص هذا الحكم ببيع النخل أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً و إن لم يكن مؤبراً، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك و إن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها و كان جميع ذلك للمشتري.

(مسألة 173): إذا باع الشجر و بقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه

و احتاج الشجر إلى السقي جاز للبائع سقيه و ليس للمشتري منعه، و إذا لم يحتج إلى السقي لم يجب على البائع سقيه و إن أمره المشتري بذلك، و لو تضرر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان: أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء و إلّا فالأرجح الثاني.

(مسألة 174): إذا باع بستاناً و استثنى نخلة

مثلًا فله الممر إليها و المخرج منها و مدى جرائدها و عروقها من الأرض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك.

(مسألة 175): إذا باع داراً دخل فيها الأرض

و البناء الأعلى و الأسفل إلّا أن يكون الأعلى مستقلًا من حيث المدخل و المخرج فيكون ذلك قرينة على عدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 50

دخوله، و كذا يدخل في بيع الدار السراديب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة في البناء و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و أسلاك كهربائية و أنابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلّا مع الشرط.

(مسألة 176): الأحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها

إذا كانت تابعة للأرض عرفاً و أما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد و يملكها من يخرجها و كذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها و الكنوز المودعة فيها و نحوها.

الفصل السابع التسليم و القبض

اشارة

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير و لا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلّا برضى الآخر فإن امتنعا اجبرا، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع و لو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ.

(مسألة 177): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة

أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 178): التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية

برفع المانع عنه و الإذن لصاحبه في التصرف.

(مسألة 179): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع

و كان تلفه من مال البائع و رجع الثمن إلى المشتري و كذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 51

(مسألة 180): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية

بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، و أما في المنقولات فلا بد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم و الدينار و اللباس و أخذ لجام الفرس أو ركوبه.

(مسألة 181): في حكم التلف تعذر الوصول إليه

كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك.

(مسألة 182): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين

فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، و كذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه، و لا فرق بين تعيين المرسل معه و عدمه.

(مسألة 183): إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه

في تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد، و للمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة و هل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم إشكال و الأظهر ذلك.

(مسألة 184): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري

كان النماء للمشتري.

(مسألة 185): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد

، كما تقدم.

(مسألة 186): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع

بالنسبة إلى التالف و رجع إليه ما يخصه من الثمن و كان له الخيار في الباقي.

(مسألة 187): يجب على البائع تفريغ المبيع عما فيه

من متاع أو غيره حتى أنه لو كان مشغولًا بزرع لم يأت وقت حصاده وجبت إزالته منه، نعم إذا اشترط بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد لكن عليه الاجرة إن لم يشترط الإبقاء مجاناً و لو أزال المالك الزرع و بقيت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض أو كانت في الأرض حجارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 52

مدفونة وجب إزالتها و تسوية الأرض هذا فيما إذا كانت الإزالة أو التسوية متعارفة في بيعها أو اشترطت في العقد و إلّا فلا تجب، و لو كان شي ء لا يمكن فراغ المبيع منه إلّا بتخريب شي ء من الأبنية وجب إصلاحه و تعمير البناء.

(مسألة 188): من اشترى شيئاً و لم يقبضه فإن كان مما لا يكال و لا يوزن

جاز له بيعه قبل قبضه، و كذا إذا كان مما يكال أو يوزن و كان البيع برأس المال أما لو كان بربح ففيه قولان: أظهرهما المنع.

الفصل الثامن النقد و النسيئة

اشارة

من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالًا فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري و ليس له الامتناع من أخذه.

[مسائل]
(مسألة 189): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه

قبل الأجل و إن طالبه به البائع و لكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلّا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً.

(مسألة 190): يجب أن يكون الأجل معيناً

لا يتردد فيه بين الزيادة و النقصان فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

(مسألة 191): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب

مثل أول الحمل أو الميزان فقيل بالبطلان و فيه تأمّل و لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان فالظاهر الصحة.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 52

(مسألة 192): لو باع شيئاً بثمن نقداً و بأكثر منه مؤجلًا

بأن قال: بعتك الفرس بعشرة نقداً و بعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان و هو الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 53

(مسألة 193): لا يجوز تأجيل الثمن الحال

بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره إلى أجل و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل و يجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً في غير المكيل و الموزون.

(مسألة 194): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال

في غير ما يكال و يوزن و أما فيهما فلا يجوز لأنه ربا، و لا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل، نعم لو انعكس الأمر و نقد المدين بعض الدين قبل حلول الأجل بشرط أن يزيد الدائن في الأجل جاز ذلك.

(مسألة 195): إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه

قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالًّا كان البيع الثاني أو مؤجلًا. نعم، إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر مما اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان و هو الأظهر.

إلحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية
اشارة

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة، و اخرى لا يكون كذلك، و الثاني يسمى مساومة و هذا هو الغالب المتعارف، و الأول تارة يكون بزيادة على رأس المال و الاخرى بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة، و الأول يسمى مرابحة، و الثاني مواضعة، و الثالث يسمى تولية.

(مسألة 196): لا بد في جميع الأقسام الثلاثة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلًا

فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها و زيادة درهم أو بنقيصة درهم أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 54

بلا زيادة و لا نقيصة لم يصح حتى يقول: بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به و هو مائة درهم بزيادة درهم مثلًا أو نقيصته أو بلا زيادة و لا نقيصة.

(مسألة 197): إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم

و ربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة و عشرة دراهم صح البيع بل الظاهر الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع و عرفه بعد الحساب، و كذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال: بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.

(مسألة 198): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل

و في وجوب الإخبار في البيع تولية أو مواضعة وجه و لكنه لا يخلو عن تأمل و النص الوارد في وجوب الإخبار في البيع مرابحةً ليس مدلوله تخيير المشتري بين الرد و الإمساك مع الإخفاء بل مدلوله لزوم العقد بنفس الثمن مؤجلًا بمثل أجل شراء البائع و هذا هو الأظهر.

(مسألة 199): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها

مرابحة بالتقويم إلّا بعد الإعلام.

(مسألة 200): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال

كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة.

(مسألة 201): إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة درهم

و لم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها و جاز له الإخبار بذلك، أما إذا عمل في السلعة عملًا فإن كان بأُجرة جاز ضم الاجرة إلى رأس المال فإذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا.

(مسألة 202): إن باشر العمل بنفسه و كانت له اجرة لم يجز له

أن يضم الاجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة و عملي يساوي كذا و بعتكها بما ذكر و ربح كذا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 55

(مسألة 203): إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش

و لو أسقط البائع بعض الثمن تفضلًا منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع الربا

اشارة

و هو قسمان:

الأول: ما يكون في المعاملة.

الثاني: ما يكون في القرض و يأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء اللّٰه تعالى.

أما الأول: فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة و عشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة و دينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة، و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان، و الأحوط جريانه فيما كانت المعاوضة فيه بين العينين، مثل أن يقول: صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، نعم لا بأس بالمصالحة فيهما مع احتمال الزيادة أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول: صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة و أهب لك هذه الخمسة، أو يقول: برأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي و نحوهما فالظاهر الصحة.

يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران:

الأول: اتحاد الجنس و الذات عرفاً و إن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة و خمسين كيلو من الرديئة و لا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردي ء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 56

فلا بأس كبيع مائة و خمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز.

الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا مما يباع

بالعد كالبيض و الجوز فلا بأس فيجوز بيع بيضة ببيضتين و جوزة بجوزتين.

(مسألة 204): المعاملة الربوية باطلة مطلقاً

من دون بين العالم و الجاهل سواء أ كان الجهل جهلًا بالحكم أم كان جهلًا بالموضوع و عليه فيجب على كل من المتعاملين رد ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في المسألة (57) نعم لو كانت المعاملة ربويةً بشرط لا يرجع إلى خصوصية في العوضين أو أدائهما كما لو باع عشرين كيلو من الحنطة الجيدة بعشرين كيلو من الحنطة الرديئة بشرط خياطة المشتري لثوب البائع و قبل المشتري فالبيع حينئذٍ صحيح و الشرط فاسد.

(مسألة 205): الحنطة و الشعير في الربا جنس واحد

فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير و إن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 206): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة

، و السلت ليس من جنس الشعير.

(مسألة 207): اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان

فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر و كذا الحكم في لبن الغنم و لبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.

(مسألة 208): التمر بأنواعه جنس واحد

و الحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة و الأرز و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد جنس. و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه.

(مسألة 209): الضأن و المعز جنس واحد

و البقر و الجاموس جنس واحد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 57

و الإبل العراب و البخاتي جنس واحد، و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان و السمك جنس واحد على قول و أجناس على قول آخر و هو أقوى.

(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي

فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، و كذا الحمار الأهلي و الوحشي، و الغنم الأهلي و الوحشي.

(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد

و كذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز، و كالحليب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن، و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس.

(مسألة 212): إذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع أصله

بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون و الثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل و كذلك القطن و الكتان و الثياب المنسوجة منهما.

(مسألة 213): إذا كان الشي ء في حال موزوناً أو مكيلًا

و في حال اخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلًا في الحال الاولى و جاز في الحال الثانية.

(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حي من غير جنسه

كبيع لحم الغنم ببقر، و الأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه كبيع لحم الغنم بغنم و إن كان الأظهر الجواز فيه أيضاً.

(مسألة 215): إذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف

كالرطب يصير تمراً و العنب يصير زبيباً و الخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه جافاً بجاف منه و رطباً برطب منه متماثلًا و لا يجوز متفاضلًا، و أما بيع الرطب منه بالجاف متماثلًا ففيه إشكال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 58

و الأظهر الجواز على كراهة و لا يجوز بيعه متفاضلًا حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

(مسألة 216): إذا كان الشي ء يباع جزافاً في بلد و مكيلًا أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه

و جاز بيعه متفاضلًا في الأول و لا يجوز في الثاني و أما إذا كان مكيلًا أو موزوناً في غالب البلاد فالأحوط لزوماً أن لا يباع متفاضلًا مطلقاً.

(مسألة 217): يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص

بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة و درهماً بمائتي كيلو من الحنطة، و بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين و مائتي كيلو من الحنطة بدرهم و مائة كيلو منها.

(مسألة 218): المشهور على أنه لا ربا بين الوالد و ولده

فيجوز لكل منهما بيع الآخر مع التفاضل و كذا بين الرجل و زوجته و بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الزيادة و لكنه مشكل و الأحوط وجوباً تركه نعم يجوز أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.

(مسألة 219): الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي

و لكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الإلزام.

(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون

لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الإيراني مثلًا، و لا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة، نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية

من دون أن يكون في ذمته شي ء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 59

فالظاهر عدم جواز ذلك نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.

الفصل العاشر بيع الصرف

اشارة

و هو بيع الذهب أو الفضة، بالذهب أو الفضة و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره.

(مسألة 222): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق

فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع و لو تقابضا في بعض المبيع صح فيه و بطل في غيره.

(مسألة 223): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة

و لم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد و بطل في النقد.

(مسألة 224): لو فارقا المجلس مصطحبين

و تقابضا قبل الافتراق صح البيع.

(مسألة 225): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين

بل تختص شرطيته بالبيع.

(مسألة 226): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية

كالدينار العراقي و النوط الهندي و التومان الإيراني و الدولار و الباون و نحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض و إن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 227): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين

فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع و لا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 228): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد و قبضه من عمرو

و وكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 60

لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد و يعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 229): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد

ثمّ باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول فإن أجاز البيع الثاني و أقبضه صح البيع الثاني أيضاً و إذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول و الثاني.

(مسألة 230): إذا كان له دراهم في ذمة غيره

فقال له حوّلها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك و تحول ما في الذمة إلى دنانير و إن لم يتقابضا، و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حوّلها دراهم و قبل المديون فإنه يصح و تتحول الدنانير إلى دراهم، و كذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

(مسألة 231): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع

أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه و لو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 232): الدراهم و الدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها

و إنفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها مجهولًا أم معلوماً، و سواء أ كان مقدار الغش معلوماً أم مجهولًا و إن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها إلّا بعد إظهار حالها.

(مسألة 233): يجوز صرف المسكوكات من النحاس و أمثاله إلى أبعاضها

و لو مع التفاضل بين الأصل و أبعاضه كما هو الغالب نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية و الفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلّا مع الضميمة. نعم، قد يكون صرف بعض المسكوكات من الفضة المغشوشة باعتبار سكتها من غير نظر إلى وزنها فيجري عليها ما تقدم في المسكوكات النحاسية.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 61

(مسألة 234): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين

إذا كان الغش غير مستهلك و كانت له قيمة في حال كونه غشاً و لا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل، و إذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص و لا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.

(مسألة 235): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب

إذا كان أكثر من الذهب المحلّى به و إلّا لم يجز، نعم لو بيع السيف بالسيف و كان كل منهما محلّى جاز مطلقاً و إن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر.

(مسألة 236): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة

إذا كانت أكثر منه وزناً أو مساوية له و المصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزناً أو مساوياً له.

(مسألة 237): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التفرق

فوجدها جنساً آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع و ليس له المطالبة بالإبدال، و لو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه و صح في الباقي و له حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة، و إن وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد و المطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره، و كون أخذ الأرش قبل التفرق و بعده.

(مسألة 238): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب و بعد القبض وجدها جنساً آخر

رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع، و إن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع، و لا يكفي الإبدال في صحته، و إذا وجدها فضة معيبة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض و إبداله و الرضا به من دون أرش، و ليس له فسخ العقد من أصله،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 62

و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره و لا بين كون ظهور العيب قبل التفرق و بعده.

(مسألة 239): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه

مع زيادة بملاحظة اجرة الصياغة بل إما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا.

(مسألة 240): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية و أخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالروبيات

فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان فإذا كان الدين خمس ليرات و أخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات و في الثاني عشراً، و في الثالث عشراً و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، و في الثاني اثنتي عشرة روبية، و في الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول و خمسة أسداسها في الثاني و ليرة تامة في الثالث، و إن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد و بقي دين زيد عليه و في جواز احتساب أحدهما دينه وفاءً عن الآخر إشكال، إلّا في صورة امتناع الآخر عن أداء دينه الحال، و تجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه مما له عليه.

(مسألة 241): إذا أقرض زيداً نقداً معيناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك

أو جعله ثمناً في الذمة مؤجلًا أو حالًا فتغير السعر لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

(مسألة 242): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلًا

، و يجوز أن يقول له: صغ لي هذا الخاتم و أبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلًا لصياغة الخاتم كما يجوز أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

(مسألة 243): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلّا عشرين فلساً صح

بشرط أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 63

يعلما على الأحوط مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

(مسألة 244): المصوغ من الذهب و الفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة

، بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 245): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ

- و قد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها- ملك للصائغ نفسه و الأحوط- استحبابا- أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به و الاستيذان منه مع معرفته، و يطرد الحكم المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد و لا يضمنون شيئاً من ذلك و إن كانت له مالية عند العرف إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

الفصل الحادي عشر في السلف

اشارة

و يقال له السلم أيضاً و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال، عكس النسيئة و يقال للمشتري المسلِّم (بكسر اللام) و للبائع المسلَّم إليه، و للثمن المسلم و للمبيع المسلَّم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

(مسألة 246): يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين

مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين و الآخر من غير هما ثمناً كان أو مثمناً و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا هذا في النقود من الذهب و الفضة، و أما في النقود المتعارفة في زماننا فلا بأس بالسلف فيها مع الاختلاف في النوع كبيع الدينار العراقي بالريال الإيراني سلماً و مع الاتحاد فلا يجوز السلف فيها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 64

فإنه يدخل في القرض الربوي.

يشترط في السلف امور:

الأول: أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها كالخضر و الفواكه و الحبوب و الجوز و اللوز و البيض و الملابس و الأشربة و الأدوية و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخياطة، و غيرها من الأعمال و الحيوان و الإنسان و غير ذلك، فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر و اللآلي و البساتين و غيرها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلّا بالمشاهدة.

الثاني: ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة.

الثالث: قبض الثمن قبل التفرق و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي، و لو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالًا، لا مؤجلًا.

الرابع: تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره.

الخامس:

تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها، و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع و يجوز فيه أن يكون قليلًا كيوم و نحوه و أن يكون كثيراً كعشرين سنة.

السادس: أن لا يكون المتاع في نفسه نادر الوجود بحيث لا يمكن للبائع تسليمه وقت حلول الأجل.

(مسألة 247): إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد

إلّا أن تقوم قرينة على الإطلاق أو على تعيين غيره فيعمل على طبقها و الأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إلّا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها و لزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غرراً فيجب تعيينه حينئذ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 65

(مسألة 248): إذا جعل الأجل شهراً قمرياً أو شمسياً أو شهرين

فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر، و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول و هكذا.

(مسألة 249): إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة

وحل بأول جزء من ليلة الهلال، و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

(مسألة 250): إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بايعه

قبل حلول الأجل و بعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة نعم إذا كان الثمن من الأوراق النقدية ففي اشتراط عدم الزيادة إشكال و لا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الأجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي.

هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم.

(مسألة 251): إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري القبول

، و لو رضي بذلك صح، و كذلك إذا دفع أقل من المقدار، و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي و إذا دفعه على الصفة و المقدار وجب عليه القبول و إذا دفع فوق الصفة، فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً، و إن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول، و لو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

(مسألة 252): إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري

بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة و بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر، و لو تمكن من دفع بعضه و عجز عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 66

الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار، و في جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال، و الأظهر الجواز، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

(مسألة 253): لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه

فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز و إلّا فإن أمكن و تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله و إلّا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ و الانتظار.

الفصل الثاني عشر بيع الثمار و الخضر و الزرع

اشارة

لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة و يجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى، و أما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال أما مع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز و الأحوط العدم.

(مسألة 254): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلًا للأكل في العادة

و إن كان أول أوان أكله.

(مسألة 255): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً

، و يعتبر كونها مملوكة للمالك، و كون الثمن لها و للمنضم إليه على الإشاعة و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة.

(مسألة 256): يكتفى في الضميمة في ثمر النخل

مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان.

(مسألة 257): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها

مع اصولها جاز بلا إشكال.

(مسألة 258): إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد

في تلك السنة معه و إن لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر، على الأقوى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 67

(مسألة 259): إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين

ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال، أظهره الجريان.

(مسألة 260): إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثمّ باع اصولها على شخص آخر لم يبطل

بيع الثمرة بل تنتقل الاصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة و له الخيار في الفسخ مع الجهل.

(مسألة 261): لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها

بل تنتقل الاصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة، و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.

(مسألة 262): إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد

و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض و تقدم أيضا إلحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.

(مسألة 263): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها

و أن يستثني حصة مشاعة كالربع و الخمس و أن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى و المستثنى منه على النسبة ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و أما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلًا فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و إن كان الربع يسقط الربع و هكذا.

(مسألة 264): يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في اصولها

بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الأعمال و غيرها، كغيره من أفراد البيع.

(مسألة 265): لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل

- تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها بالتمر من ذلك النخل و أما بيعها بثمرة غيره سواء كان في الذمة أم كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 68

معيناً في الخارج فالظاهر جوازه و إن كان الترك أحوط.

(مسألة 266): الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل

فلا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً و أما بيعه بغير ثمره فلا إشكال فيه أصلًا.

(مسألة 267): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد

على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده.

(مسألة 268): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط

، و يجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع اصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله، و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء أو بإذن من صاحب الأرض، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل و عليه اجرة الارض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً، و إن قصله قبل أن يسنبل فنمت الاصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً و لا تجب عليه اجرة الأرض و إن كان الوجوب أحوط.

(مسألة 269): يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلًا

إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلًا أو قبل ذلك فإن قطعه و نمت الاصول حتى صارت سنبلًا كان السنبل للبائع و إن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه و له إبقاؤه و المطالبة بالاجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل كان السنبل للمشتري و ليس لصاحب الأرض إلّا مطالبة الاجرة، و كذا الحال لو اشترى نخلًا.

(مسألة 270): لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه

و نما كان النماء للمشتري.

(مسألة 271): يجوز بيع الزرع محصوداً

و لا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.

(مسألة 272): لا تجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه

، و كذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه بل و كذا بيع سنبل غير الحنطة و الشعير من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 69

الحبوب بحب منه.

(مسألة 273): الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها

على الأحوط، و يجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات، و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

(مسألة 274): لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم و الجزر و نحوهما

فالظاهر جواز بيعها أيضاً.

(مسألة 275): إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها

بعد ظهورها جزة و جزات و لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط و المرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات.

(مسألة 276): إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه

بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلًا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

(مسألة 277): الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر

و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه، و الظاهر أنه صلح على تعيين المقدار المشترك فيه في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل، و يكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

(مسألة 278): إذا مر الانسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز له أن يأكل

مع الضرورة العرفية من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 70

(مسألة 279): الظاهر جواز الأكل للمار

و إن كان قاصداً له من أول الأمر و لا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر و إذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل و إذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك ففي جواز الأكل إشكال.

(مسألة 280): لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره

فيبيع ثمرتها مع خرصها بالتمر سواء كان تمراً خارجياً أم على العهدة و في بيعها بالتمر من تلك الشجرة إشكال.

الفصل الثالث عشر في بيع الحيوان

اشارة

يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصماً بعهد أو ذمام سواء أ كان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام و سواء أ كان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة و يسري الرق في أعقابه و إن كان قد أسلم.

(مسألة 281): المرتد الفطري و الملّي لا يجوز استرقاقهما

على الأقوى.

(مسألة 282): لو قهر حربي حربياً آخر فباعه ملكه المشتري

و إن كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه و امه، و في كونه بيعاً حقيقة و تجري عليه أحكامه إشكال و إن كان أقرب.

(مسألة 283): يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب و الام و الجد و إن علا

لأب كان أو لُام، و الولد- و إن نزل ذكراً كان أو انثى و المحارم من النساء و هي الاخت و العمة و الخالة و إن علون، و بنات الأخ و بنات الاخت و إن نزلن، و لا فرق في المذكور بين النسبيين و الرضاعيين.

(مسألة 284): إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختيارياً

كان السبب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 71

كالشراء أو قهرياً كالإرث انعتق قهراً.

(مسألة 285): لو ملك أحد الزوجين صاحبه و لو بعضاً منه استقر الملك

و بطل النكاح.

(مسألة 286): يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته

كالأخ و العم و الخال و أولادهم.

(مسألة 287): تملك المرأة كل أحد غير الأب و الام و الجد و الجدة و الولد

و إن نزل ذكراً كان أو انثى نسبيين كانوا أو رضاعيين.

(مسألة 288): الكافر لا يملك المسلم ابتداءً

و لو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم و اعطي ثمنه.

(مسألة 289): كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها

مع الشك إذا كان عاقلًا بالغاً مختاراً.

(مسألة 290): لو اشترى عبداً فادعى الحرية لم يقبل

قوله إلّا بالبينة.

(مسألة 291): يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها و قد وطأها أن يستبرئها

قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوماً من حين الوطء إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض.

(مسألة 292): لو باعها بدون الاستبراء صح البيع

و وجب على المشتري استبراؤها فلا يطؤها إلّا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.

(مسألة 293): إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها وجب عليه

الاحتياط في استبرائها، و إذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها، و كذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أميناً.

(مسألة 294): لا يجب الاستبراء في أمة المرأة

إلّا أن يعلم أنها موطوءة وطئاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 72

محترماً و لا في الصغيرة و لا في اليائسة و لا في الحائض حال البيع، نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض.

(مسألة 295): لا استبراء في الحامل

، نعم لا يجوز وطؤها في القبل إلّا بعد مضي أربعة أشهر و عشرة أيام من زمان حملها، فإن وطأها و قد استبان حملها عزل استحباباً، فإن لم يعزل فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه و جعل شي ء له من ماله يعيش به.

(مسألة 296): يثبت وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع

لكل مالك يريد نقلها الى غيره و لو بسبب غير البيع و كذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب و إن كان إرثاً أو استرقاقاً أو نحوهما فلا يجوز له وطؤها إلّا بعد الاستبراء.

(مسألة 297): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه

و ربعه و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.

(مسألة 298): لو كان الحيوان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه

، لكن لو لم يذبح لمانع كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة قيمة الجزء حين الشراء، و كذا لو باع الحيوان و استثنى الرأس و الجلد، و أما إذا اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد فإنه يكون شريكاً بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد.

(مسألة 299): لو قال شخص لآخر: اشتر حيواناً بشركتي صح

و يثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق و يكون على كل واحد منهما نصف الثمن، و لو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.

(مسألة 300): لو دفع المأمور عن الأمر بالشراء شركة

ما عليه من جزء الثمن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 73

فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و إلّا كان متبرعا و ليس له الرجوع عليه به.

(مسألة 301): لو اشترى أمة فوطأها فظهر أنها ملك لغير البائع

كان للمالك انتزاعها منه و له على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكراً و نصف العشر إن كانت ثيباً، و لو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيّاً و يرجع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك إن كان جاهلًا.

(مسألة 302): الأقوى أن العبد يملك

فلو ملّكه مولاه شيئاً ملكه، و كذا لو ملّكه غيره أو حاز لنفسه شيئاً إذا كان بإذن المولى، و لا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن مولاه.

(مسألة 303): إذا اشترى كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه

فإن اقترن العقدان و كان شراؤهما لأنفسهما بطلا و إن كان شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة، و إن ترتبا صح السابق، و أما اللاحق فهو باطل إن كان الشراء لنفسه و إن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء مطلقا و أما إذا كان مقيداً بعبديته فصحته تتوقف على إجازته.

(مسألة 304): لو وطأ الشريك جارية الشركة حُدَّ بنصيب غيره

فإن حملت قُوّمت عليه و انعقد الولد حراً و عليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حيّاً، بل يحتمل تقويمهم لها عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

(مسألة 305): يستحب لمن اشترى مملوكاً تغيير اسمه

و إطعامه شيئاً من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا يريه ثمنه في الميزان.

(مسألة 306): الأحوط عدم التفرقة بين الام و الولد قبل الاستغناء عن الام

، أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 74

خاتمة: في الإقالة

اشارة

و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة غير النكاح و الضمان، و في جريانها في الهبة اللازمة و الصدقة إشكال، و تقع بكل لفظ يدل على المراد و إن لم يكن عربياً بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً و إقالة و وجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

(مسألة 307): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان

فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين على ملك مالكه.

(مسألة 308): إذا جعل له مالًا في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له: أقلني

و لك هذا المال، أو أقلني و لك علي كذا- نظير الجعالة فالأظهر الصحة.

(مسألة 309): لو أقال بشرط مال عين أو عمل

كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.

(مسألة 310): لا يجري في الإقالة فسخ

أو إقالة.

(مسألة 311): في قيام وراث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة إشكال

و الظاهر العدم نعم تجوز الاستقالة من الوارث و الإقالة من الطرف الآخر.

(مسألة 312): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد

و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، و إذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلى حصته و لا يشترط رضى الآخر.

(مسألة 313): تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة

فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإن كان موجوداً أخذه، و إن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً و بقيمته يوم الفسخ إن كان قيمياً.

(مسألة 314): الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف

، و تلف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 75

البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

(مسألة 315): العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة

، و الحمد للّٰه رب العالمين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 77

كتاب الشفعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 79

إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمى هذا الحق بالشفعة.

فصل في ما تثبت فيه الشفعة

(مسألة 316): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين

و الدور و البساتين بلا إشكال و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان و فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ قولان: أقواهما الأول فيما عدا السفينة و النهر و الطريق و الحمام و الرحى فإنه لا تثبت فيها الشفعة.

(مسألة 317): لا تثبت الشفعة بالجوار

فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.

(مسألة 318): إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص

و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخرى سواء أ كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 80

(مسألة 319): يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد

مع الاشتراك في الطريق فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة

للباقين.

(مسألة 320): إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت

الشفعة للشريك في الطريق.

(مسألة 321): إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك

هذا إذا كان قابلًا للقسمة كالساحة كما في الحديث و إلّا فلا تثبت الشفعة فيه كسائر الطرق.

(مسألة 322): هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك

المفروزة المشتركة في الطريق؟ وجهان، و المشهور هو الثاني و لكنه لا يخلو من إشكال.

(مسألة 323): ألحق جماعة بالطريق النهر، و الساقية، و البئر

فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخرى الشفعة في الدار أيضاً و فيه إشكال بل منع.

(مسألة 324): إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة

كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه و ليس له الأخذ في المقسوم.

(مسألة 325): تختص الشفعة في غير المساكن و الأرضين بالبيع

فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك و أما المساكن و الأرضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.

(مسألة 326): إذا كانت العين بعضها ملكاً و بعضها وقفاً

فبيع الملك لم يكن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 81

للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى و إن كان الموقوف عليه واحداً.

(مسألة 327): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان

أقربهما ذلك.

(مسألة 328): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين

فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. و إذا باعوا جميعاً إلّا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.

(مسألة 329): إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته

ثبتت الشفعة للآخر.

فصل في الشفيع

(مسألة 330): يعتبر في الشفيع الإسلام

إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشترى من كافر و تثبت للمسلم على الكافر و للكافر على مثله.

(مسألة 331): يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن

فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلّا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام و إذا ادعى أن الثمن في بلد آخر اجل بمقدار وصول المال إليه و زيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى الأجل فلا شفعة و يكفي في الثلاثة أيام التلفيق كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.

(مسألة 332): إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الآخر

حيث يدعي وجوده فيه زائداً على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.

(مسألة 333): إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 82

بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبيع و إن كانت الغيبة طويلة.

(مسألة 334): إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز

لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.

(مسألة 335): تثبت الشفعة للشريك و إن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً

فيأخذ لهم الولي بها بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح و كذا الصبي على احتمال قوي.

(مسألة 336): تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته

أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.

(مسألة 337): إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة

بها بعد البلوغ و الرشد و العقل. و كذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد.

(مسألة 338): إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي و المولى عليه فباع الولي عنه

جاز له أن يأخذ بالشفعة على الأقوى.

(مسألة 339): إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة

للمولى عليه و كذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

فصل في الأخذ بالشفعة

(مسألة 340): الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع

و يكون بالقول مثل أن يقول: أخذت المبيع المذكور بثمنه، و بالفعل مثل أن يدفع الثمن و يستقل بالمبيع.

(مسألة 341): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه

بل إما أن يأخذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 83

الجميع أو يدع الجميع.

(مسألة 342): الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثلياً

لا بأكثر منه و لا بأقل سواء أ كانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة.

(مسألة 343): في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان

أقواهما العدم.

(مسألة 344): إذا غرم المشتري شيئاً من اجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع

من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

(مسألة 345): إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري

لم يكن للشفيع تنقيصه.

(مسألة 346): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة

فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر و لا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلًا، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهباً فبان فضة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه، و كذا أمثال ذلك من الأعذار.

(مسألة 347): المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة

على النحو المتعارف الذي جرت به العادة فإذا كان مشغولًا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

(مسألة 348): إذا كان مشغولًا بأكل أو شرب لم يجب قطعه

و لا يجب عليه الإسراع في المشي.

(مسألة 349): يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة

إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره، و قضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع و هو في الحمام، و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 84

عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداء و الأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

(مسألة 350): إذا كان غائباً عن بلد البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ

بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

(مسألة 351): لا بد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن

و لا يكفي قول الشفيع أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه فإذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

(مسألة 352): إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط

بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني و تجزي الإجازة منه في صحته له، و له الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.

(مسألة 353): إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق

و يصح مع اجازته، و إن أخذ باللاحق صح السابق، و إن أخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده و يصح مع إجازته.

(مسألة 354): إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة

أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.

(مسألة 355): الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط

و يجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها و بإزاء عدم الأخذ بها لكن على الأول لا يسقط إلّا بالإسقاط فإذا لم يسقطه و أخذ بالشفعة صح و كان آثماً و معطى العوض مخير بين الفسخ و مطالبة العوض و أن يطالبه بأُجرة المثل للإسقاط و الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. و يصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 85

(مسألة 356): الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال

إلى غير الشفيع.

(مسألة 357): إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة

فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

(مسألة 358): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة

فإذا أخذ بها و كان جاهلًا به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

(مسألة 359): إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ

بالشفعة سقطت.

(مسألة 360): إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط

و جاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

(مسألة 361): إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة

فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

(مسألة 362): إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري

أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الإقباض.

(مسألة 363): في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال

و على تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

(مسألة 364): إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط

، و كذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بذلك بعد البيع.

(مسألة 365): إذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث

فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه، و هل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع؟ إشكال، و إن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب و صدق فهو، و إن أنكر كان القول قوله بيمينه فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع و كان له عليه الاجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقاً فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 86

دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.

(مسألة 366): إذا كان الثمن مؤجلًا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة

بالثمن المؤجل و الظاهر جواز إلزامه بالكفيل، و يجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالًا إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

(مسألة 367): الشفعة لا تسقط بالإقالة

فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك.

(مسألة 368): إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به

لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضاً و مع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.

(مسألة 369): إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له

و لا أرش فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شي ء له و إن كان جاهلًا كان له الخيار في الرد و ليس له اختيار الأرش، و إذا كان المشتري جاهلًا كان له الأرش و لا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري بالأرش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.

(مسألة 370): إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش

و عليه دفعه إلى الشفيع، و إذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش و لا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 87

كتاب الإجارة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 89

و هي تمليك المنفعة بعوض عملًا كانت أو غيره، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة، و الثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة 371): لا بد فيها من الإيجاب و القبول

، فالإيجاب مثل قول الخياط:

آجرتك نفسي، و قول صاحب الدار: أجرتك داري، و القبول مثل قول المستأجر:

قبلت، و يجوز وقوع الإيجاب من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي و استأجرت دارك، فيقول المؤجر: قبلت و تجري فيها المعاطاة أيضاً.

(مسألة 372): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرف

لصغر أو سفه أو تفليس أو رقّ، كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرهاً على التصرف إلّا أن يكون الإكراه بحق.

يشترط في كل من العوضين امور:

الأول: أن يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر
اشارة

على الأحوط بل على الأظهر، فالاجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد، و ما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

(مسألة 373): لا يعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به

كما في إجارة السيارة مثلا إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فإن المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السير. و في غير ذلك لا بد من العلم بالمقدار و هو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً، أو المسافة مثل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 90

ركوب الدابة فرسخاً أو فرسخين، و إما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه ورقته و غلظته و لا بد من تعيين الزمان في الأولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة و الدابة للركوب فرسخاً من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة إلّا أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

(مسألة 374): الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الإجارة

على مثل الخياطة غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر.

الثاني: أن يكون مقدوراً على تسليمه

فلا تصح إجارة العبد الآبق، و إن ضمت إليه ضميمة على الأقوى.

الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة

فلا تصح إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.

الرابع: أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها

فلا تصح إجارة الخبز للأكل.

الخامس: أن تكون المنفعة محللة

فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرمات، و لا إجارة الجارية للغناء.

السادس: تمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة
اشارة

فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.

(مسألة 375): إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك

و إذا آجر مال نفسه و كان محجوراً عليه لسفه أو رقّ توقفت صحتها على إجازة الولي و إذا كان مكرهاً توقفت على الرضا لا بداعي الإكراه.

(مسألة 376): إذا آجر السفيه نفسه لعمل ففي الصحّة إشكال

و الأحوط الاستيذان من الولي.

(مسألة 377): إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل

، و إذا استأجر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 91

دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، و إذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض فلا بد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في المالية لم يجب التعيين.

(مسألة 378): إذا قال: آجرتك الدار شهراً أو شهرين بطلت الإجارة

، و إذا قال:

آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول و بطل في غيره و كذا إذا قال آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهماً أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهماً فلا بأس.

(مسألة 379): إذا قال: إن خِطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و إن خطته بدرزين فلك درهمان

، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح و إن قصد الإجارة بطل، و كذا إن قال: إن خطته هذا اليوم فلك درهم و إن خطته غدا فلك نصف درهم. و الفرق بين الإجارة و الجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد، و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض و لأجل ذلك صارت عقداً و ليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً. و لأجل ذلك صارت إيقاعاً.

(مسألة 380): إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة

أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و بين مطالبة الأجير بأُجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه اجرة المثل و إن أمكن العمل ثانياً وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

(مسألة 381): إذا استأجره على عمل بشرط

، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 92

فخاط الثوب و لم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة و عليه حينئذ اجرة المثل و له إمضاؤه و دفع الاجرة المسماة و الفرق بين القيد و الشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص، و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطاً.

(مسألة 382): إذا استأجر دابة إلى «كربلاء» مثلًا بدرهم

و اشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

(مسألة 383): لو استأجر دابة مثلا إلى مسافة بدرهمين

و اشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

(مسألة 384): إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين

أو ليلًا بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردداً بينهما فالإجارة باطلة.

(مسألة 385): إذا استأجره على أن يوصله إلى «كربلاء» و كان من نيته زيارة ليلة

النصف من شعبان و لكن لم يذكر ذلك في العقد و لم تكن قرينة على التعيين استحق الاجرة و إن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

فصل و فيه مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

(مسألة 386): الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها

إلّا بالتراضي بينهما أو يكون للفاسخ الخيار و الأظهر أن الإجارة المعاطاتية أيضاً لازمة.

(مسألة 387): إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ

الإجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة و إذا كان المشتري جاهلًا بالإجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع و ليس له المطالبة بالأرش، و إذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 93

(مسألة 388): لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع

بين أن يكون البيع على المستأجر و غيره.

(مسألة 389): إذا باع المالك العين على شخص و آجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر

و اقترن البيع و الإجارة زماناً بطلت الإجارة و صح البيع مسلوب المنفعة مدة الإجارة و يثبت الخيار حينئذ للمشتري.

(مسألة 390): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر

و لا بموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات.

(مسألة 391): إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان

يتمكن فيه من العمل بطلت الإجارة.

(مسألة 392): إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة

فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت و إذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

(مسألة 393): إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته

إذا كان متمكناً منه و لو بالتسبيب و يجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة 394): إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح

و إذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال حتى إذا قضت ضرورة الصبي بذلك.

(مسألة 395): إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة

و إن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

(مسألة 396): إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على إجازة الزوج

فيما ينافي حقه و نفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

(مسألة 397): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة

لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 94

تبطل الإجارة و تكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة و إن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية.

(مسألة 398): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً

فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له و إن كان جاهلًا به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة و رجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة و له فسخ العقد من أصله هذا إذا لم يكن الخراب قابلًا للانتفاع أصلًا أو كان قابلًا للانتفاع إلّا أنّه قد استوجر للمنفعة الخاصّة و لو في ضمن المجموع و إلّا لم يكن له إلّا خيار العيب و إن كان العيب موجباً لعيب في المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ و ليس له مطالبة الأرش، و إن لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار أيضاً، و إن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار، هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كان كلياً و كان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح و لا خيار في الفسخ، و إذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

(مسألة 399): إذا وجد المؤجر عيباً في الاجرة و كان جاهلًا به كان له الفسخ

و ليس له المطالبة بالأرش و إذا كانت الاجرة كلياً فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.

(مسألة 400): يجري في الإجارة خيار الغبن و خيار الشرط- حتى للأجنبي

و خيار العيب، و خيار تخلف الشرط و تبعض الصفقة، و تعذر التسليم و التفليس و التدليس و الشركة، و خيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن و لا يجري فيها خيار المجلس، و لا خيار الحيوان.

(مسألة 401): إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال

و إذا حصل أثناء المدة فالاقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 95

فصل و فيه مسائل في أحكام التسليم في الإجارة

اشارة

إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، و كذا المؤجر و الأجير يملكان الاجرة بنفس العقد لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة و العمل إلّا في حال تسليم الاجرة و ليس للأجير و المؤجر المطالبة بالاجرة إلّا في حال تسليم المنفعة و يجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه إلا إذا كان الآخر ممتنعاً عنه و تسليم المنفعة يكون بتسليم العين و تسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين باتمامه و فيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعنى التخلية بينها و بين المالك مع إتمام العمل فيها و ليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل إلّا إذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحاً أو كانت العادة جارية على ذلك، و كذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة إلّا إذا كان قد شرط ذلك و إن كان لأجل جريان العادة عليه، و إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة إذا كان قد دفعها و له إبقاء الاجارة و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة، و كذا إذا دفع المؤجر العين ثمّ أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة و مع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما مضى و كذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم

الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة 402): إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 95

، فتلفت العين، بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط استحق الأجير المطالبة بالاجرة فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة و قبل دفعه إلى المستأجر استحق الأجير مطالبة الاجرة فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير استحق

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 96

عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً و إلا لم يستحق عليه شيئاً.

(مسألة 403): يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الاجرة

و إذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 404): إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة

فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئاً، و إن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الاجرة المسماة و عليه للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية، و إن لم يفسخ قسطت الاجرة على النسبة و كان للمالك حصة من الاجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها، و أما إذا تلف بعضها و لم يمكن الانتفاع به تبطل الإجارة بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة و يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضاً.

(مسألة 405): إذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الإجارة

كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها و لم يحمل متاع عليها أو استأجر داراً و قبضها و لم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الاجرة، و كذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة، و كذا الحكم في الإجارة على الأعمال فإنه إذا بذل الأجير نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استيفائه كما إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الأجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الاجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الأقوى في الإجارة الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت و أن تكون كلية كما إذا آجره دابة كلية فسلم فرداً منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة فإنه يستحق تمام الاجرة على المستأجر،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 97

كما

لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت و عدمه إذا كان قد قبض فرداً من الكلي بعنوان الجري على الإجارة فإن الاجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك و إن لم يستوف المنفعة هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره، أما إذا كان لعذر فإن كان عاماً مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الإجارة و ليس على المستأجر شي ء من الاجرة، و إن كان العذر خاصاً بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة بل الأقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضاً إلّا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الإجارة إذا كان حاصلًا قبل العقد فإذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم و كان القلع حينئذ محرماً بطلت الإجارة.

(مسألة 406): إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام

المذكورة بعينها و جرت عليه أحكامها.

(مسألة 407): إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة

فإن كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالاجرة إن كان قد دفعها إليه و الرجوع على الغاصب بأُجرة المثل هذا فيما إذا أمكن الرجوع إلى الغاصب و إلّا يكون من تلف المنفعة قبل القبض الموجب لبطلان الإجارة على الأظهر و إن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني. نعم، إذا كانت العين المستأجرة في معرض الغصب بحيث تعدّ معيبة و لم يكن المستأجر عالماً بها حال العقد فيخير أيضاً بين الفسخ و الرجوع و كذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة إلّا أن يكون المنع لأجل خصوصية في العين بحيث يعدّ عيباً على ما تقدّم.

(مسألة 408): إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها

و استيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 98

(مسألة 409): إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ و الرجوع عليه

بالاجرة و بين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.

(مسألة 410): إذا أتلفها الأجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة

و إن كان قبل القبض تخير بين الفسخ و الرجوع إلى المؤجر بالاجرة و بين الإمضاء و الرجوع إلى المتلف بالقيمة هذا فيما إذا أمكن الرجوع إلى المتلف و إلّا تبطل الإجارة.

(مسألة 411): إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها

فالأقوى أنه إن كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ و لا انفساخ و إن كانت معتداً بها رجع المستأجر بما يقابلها من الاجرة و كان له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما قبل الانهدام. و إذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد.

(مسألة 412): المواضع التي تبطل فيها الإجارة و تثبت للمالك اجرة المثل

لا فرق بين أن يكون المالك عالماً بالبطلان و جاهلًا به.

(مسألة 413): تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين

لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر إلّا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

(مسألة 414): يجوز أن يستأجر اثنان داراً أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة

فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

(مسألة 415): يجور أن يستأجر شخصين لعمل شي ء معين كحمل متاع

أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الاجرة و عليهما معاً القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه و يستحقّ كل منهما من الاجرة المسمّاة بنسبة اجرة

المثل لعمله بالإضافة إلى اجرة المثل لعمل الآخر إلّا مع التراضي بغيره في عقد الإجارة أو بعدها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 99

(مسألة 416): لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى

فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلًا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر و لا بد من تعيين مبدأ المدة، و إذا كانت المدة محدودة و اطلقت الإجارة و لم يذكر البدء انصرف إلى الاتصال.

(مسألة 417): إذا آجره دابة كلية و دفع فرداً منها فتلف

كان على المؤجر دفع فرد آخر.

فصل و فيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة 418): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها

إذا تلفت أو تعيبت إلّا بالتعدي أو التفريط، و إذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، و أما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيبت.

(مسألة 419): العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها

كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلّا بالتعدي أو التفريط.

(مسألة 420): إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير

بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح الشرط.

(مسألة 421): إذا تلف محل العمل في الإجارة أو أتلفه الأجنبي قبل العمل

أو في الأثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة و رجعت الاجرة كلًا أو بعضاً إلى المستأجر.

(مسألة 422): إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه

فيستحق الأجير عليه تمام الاجرة.

(مسألة 423): إذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيراً بين فسخ العقد و إمضائه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 100

فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.

(مسألة 424): المدار في القيمة

على زمان الضمان.

(مسألة 425): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن

كالحجام إذا جنى في حجامته. و الختان في ختانه، و هكذا الخياط و النجار و الحداد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال و إن كان الأظهر العدم، و كذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، و أما إذا كان واصفاً فالأظهر عدم الضمان.

(مسألة 426): إذا تبرأ الطبيب من الضمان و قبل المريض أو وليه بذلك

و لم يقصر في الاجتهاد فإنه يبرأ من الضمان بالتلف و إن كان مباشراً للعلاج.

(مسألة 427): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره

فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه و لا يضمنه مع عدمه و لكنه يضمن إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره.

(مسألة 428): إذا قال للخياط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه

فقطعه فلم يكفه ضمن، و أما إذا قال له: هل يكفيني قميصاً فقال: نعم، فقال: اقطعه، فقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده.

(مسألة 429): إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالأقوى كون الضمان في كسبه

فإن لم يفِ فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، و إلّا تعلق برقبته و للمولى فداؤه بأقل الأمرين من الأرش و القيمة إن كانت خطأً، و إن كانت عمداً تخير ولي المجني عليه بين قتله و استرقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة 430): إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان

على صاحبها إلّا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب أو حمل الأجير المتاع زائداً على استعداد دابته مع جهل المستأجر بالحال و إذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 101

(مسألة 431): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن

صاحبها و لو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم.

(مسألة 432): إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط

أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك و عليه اجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاجرة المسماة، و كذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.

(مسألة 433): إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس

كفت الاجرة المسماة فيما كان استعمالها في المنفعة الاخرى أقل اجرة أو مساوياً لها و يلزمه أكثر الاجرتين في غيره، و كذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار و الدابة، و الإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

(مسألة 434): إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر

عمداً أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئاً.

(مسألة 435): إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق

اجرة لا على زيد و لا على عمرو.

(مسألة 436): إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين

فركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الاجرة المسماة للُاولى و اجرة المثل للثانية، و إذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته اجرة المثل لها مضافة إلى الاجرة المسماة لدابة زيد.

(مسألة 437): إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمراً

مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالًا.

(مسألة 438): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 102

باللجام على النحو المتعارف إلّا مع منع المالك، و إذا تعدى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، و في صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.

(مسألة 439): صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت

إلّا إذا جعلت عنده وديعة و قد تعدى أو فرط.

(مسألة 440): إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن

إلّا مع التقصير في الحفظ و الظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به. و لم يستحق اجرة في الصورتين.

(مسألة 441): إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها

كما في إجارة آلات النساجة و النجارة و الخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك و إلّا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة 442): يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة

و إن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره و إن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه و إن لم يأذن له المالك، و إذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة و السيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلّا إذا اشترط عليه ذلك. و لا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه و إن اشترط عليه بل الشرط يكون فاسداً، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلّا إذا كان المستأجر منه أميناً فإذا لم يكن أميناً و سلمها إليه كان ضامناً، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني و كان عالماً بالفساد كان آثماً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 103

و يضمن للمالك اجرة المثل للمنفعة المستوفاة هذا فيما إذا فسخ المالك إجارته مع المستأجر الأوّل لتخلّف الشرط بدفعه للعين إلى الآخر أو استيفائه للمنفعة و ذلك لرجوع التقييد في أمثال المقام إلى الاشتراط و أمّا مع عدم الفسخ فيضمن المستوفي للمستأجر الأول أقل الأمرين من اجرة المثل و الاجرة المسماة في الإجارة الفاسدة.

و لكنه مع الجهل و علم المؤجر بالحال يرجع

إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة 443): إذا آجر الدابة للركوب و اشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه

أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً على ما تقدم.

(مسألة 444): إذا استأجر الدكان مثلًا مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه

إلى المالك و لا يجوز له إيجاره من ثالث إلّا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلّا إذا رضي المالك به. و إذا مات المستأجر و الحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلّا إذا رضي المالك به فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلّا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

(مسألة 445): إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم

أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه و وجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، و إذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره و إن لم يرض المالك به كان ذلك من أرباح التجارة وجب إخراج خمسه بقيمته و ربما زادت القيمة و ربما نقصت و ربما ساوت ما دفعه.

(مسألة 446): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة

و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي، و كذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 104

المذكورين عدا البيت و الدار و الدكان و الاجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، و الأحوط إلحاق السفينة بها بل الأحوط إلحاق الرحى و الأرض أيضاً و إن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة 447): لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بل السفينة أيضاً على الأحوط

بأكثر من الاجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها و آجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلّا أن يحدث فيها حدثاً، و أما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال و الأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.

(مسألة 448): إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة

و لا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاجرة أو الأكثر و لا يجوز بالأقل إلّا إذا أتى ببعض العمل و لو قليلًا كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً و لو قليلًا فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط و الإبرة.

(مسألة 449): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين

إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة 450): إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير

من العمل بطلت الإجارة و لم يستحق العامل و لا الأجير الاجرة، و كذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرع عنه و أما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداء للعمل المستأجر عليه و استحق الأجير الاجرة.

(مسألة 451): إجارة الأجير على قسمين:

(الأول): أن تكون الإجارة واقعة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 105

على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشي ء نظير إجارة الدابة و الدار و نحوهما من الأعيان المملوكة. (الثاني): أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، و حينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعاً و لا بإجارة و لا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة و لا تشملها و لا تكون منافية لما شملته كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلًا فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلّا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة و بين إمضاء الإجارة و مطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، و كذا إذا عمل لغيره تبرعاً، نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين امور ثلاثة و لا يخلو من وجه، و أما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله

الخيار بين الأمرين المذكورين أولًا و بين إمضاء الإجارة أو الجعالة و أخذ الاجرة أو الجعل المسمى فيها و يحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين امور أربعة ثمّ إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الاولى في جميع الصور المذكورة و رجع بالاجرة المسماة فيها و كان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه اجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعاً و لا بإجارة و لا بجعالة فإذا خالف و عمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، و إن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الامور الثلاثة و إن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الامور الأربعة كما في الصورة السابقة و في هذه الصورة لا مانع من أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 106

يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافيا له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة و له الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و المطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر، و إذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، و تارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة و لا يجوز له

ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، و إذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، و إذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه. فإن لم يجز بطلت و استحق الأجير على من عمل له اجرة المثل، كما أن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الاولى و المطالبة بقيمة العمل الفائت و إن أجاز صحت الإجارة الثانية و استحق الأجير على كل من المستأجر الأول و الثاني الاجرة المسماة في الإجارتين و برئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولًا، و إن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه بل يسقط شرط المباشرة و يجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة و العمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 107

فصل و فيه مسائل متفرقة

(مسألة 452): لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير

مقداراً معينا كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً و تجوز إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة و لو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلًا عن إجارتها بغير الحنطة و الشعير من الحبوب و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة 453): تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة

كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.

(مسألة 454): لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجداً

و لا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع و لا تترتب عليها أحكام المسجد.

(مسألة 455): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه

كربط الدواب و نشر الثياب، و يجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.

(مسألة 456): يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء

و نحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة و إن قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، و إن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً و إن لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له و كان للمستأجر الفسخ و الرجوع بالاجرة المسماة، و الإمضاء و الرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة 457): يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً

بمعنى ارتضاع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 108

اللبن و إن لم يكن بفعل منها أصلًا مدة معينة، و لا بد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه و لو بالوصف على نحو يرتفع الغرر كما لا بد من معرفة المرضعة كذلك كما لا بد أيضاً من معرفة مكان الرضاع و زمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة 458): لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها

الذي يتكون فيها بعد الإيجار و كذلك استيجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء و في جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلًا من اللبن و الثمر و الماء إشكال بل المنع أظهر نعم إذا قصد الموجر تمليك الأعيان المزبورة أي اللبن و الثمر و الماء بعوض تكون المعاملة بيعاً و تصح في الثمر و الماء و في اللبن مع ضميمة لبن آخر إذا لم يعلم وجود مقدار معتد به في الضرع.

(مسألة 459): تجوز الإجارة لكنس المسجد

، و المشهد، و نحوهما و إشعال سراجهما و نحو ذلك.

(مسألة 460): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة

إلّا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة و كذلك في بعض أعمال الحج و العمرة و تجوز في المستحبات و لكنّ في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة و الصيام إشكالًا، و لا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

(مسألة 461): تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات و المستحبات

و تجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه و يهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة 462): إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور

فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق اجرة و إن كان من قصد الآمر دفع الاجرة، و إن قصد الاجرة استحقها، و إن كان من قصد الآمر التبرع إلّا أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأُجرة أو نحو ذلك مما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 109

يوجب ظهور الطلب في المجانية.

(مسألة 463): إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة

يكون المداد و الخيوط على الأجير، و كذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلّا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة 464): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له

و يتعارف قيامه به و الأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلّا مع الشرط أو قيام القرينة و لو كانت هي العادة.

(مسألة 465): يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين اجرة

و لكنه مكروه، و يكون عليه اجرة المثل لاستيفاء عمل العامل و ليس من باب الإجارة.

(مسألة 466): إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة

فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، و كذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس و ليس له الإبقاء بدون رضا المالك و إن بذل الاجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، و كذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ على الأظهر.

(مسألة 467): خراج الأرض المستأجرة- إذا كانت خراجية على المالك

نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.

(مسألة 468): لا بأس بأخذ الاجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام

و فضائل أهل البيت عليهم السلام و الخطب المشتملة على المواعظ و نحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة 469): يجوز الاستئجار للنيابة عن الأحياء و الأموات في العبادات

التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة و الصيام عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 110

الأحياء، و تجوز عن الأموات. و لا تجوز الإجارة على تعليم الحلال و الحرام و تعليم الواجبات مثل الصلاة و الصيام و غيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً. و لا يجوز أخذ الاجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم. نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الاجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله و عرضه و عمقه. أما أخذ الاجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز و لا تصح الإجارة عليه.

(مسألة 470): إذا بقيت اصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت

فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض و غيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلّا بإذنه. و إن لم يعرض عنها فهي له.

(مسألة 471): إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن

، و كذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة 472): إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين مثلًا لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه

فيه و حينئذ يستحق الأجير الاجرة المسماة لا العامل و إذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة و إلّا ثبت الخيار لكل منهما. هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية و إلّا فالظاهر أن الأجير يستحق الاجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط. و أما الخائط فيستحق على المالك اجرة المثل إن خاط بأمره، و أما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل: إن الإجارة الثانية باطلة و يكون للخائط اجرة المثل و لكن الأظهر صحتها و استحقاق الأجير الاجرة المسماة. و إن خاط بغير أمره و لا إجازته لم يستحق عليه شيئاً و إن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة 473): إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة

فسافر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 111

بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً، و إن كان مجموع السفر و إيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.

(مسألة 474): إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط

أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شي ء له، و إن كان بعد تمام العمل كان له اجرة المثل و إن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من اجرة المثل إلّا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شي ء، و كذا إذا كان الخيار للمستأجر، و يحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من اجرة المثل.

(مسألة 475): إذا استأجر عيناً مدة معينة ثمّ اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية

على صحتها و إذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة 476): تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً

بكري الأنهار، و تنقية الآبار، و غرس الأشجار، و نحو ذلك و لا بد من تعيين مقدار التعمير كماً و كيفاً.

(مسألة 477): تجوز الإجارة على الطبابة و معالجة المرضى

سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير و تضميد القروح و الجروح و نحو ذلك.

(مسألة 478): تجوز المقاطعة على العلاج بشرط البرء

بمعنى أن يسقط الاجرة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 112

عن ذمته مع عدمه سواء كانت العادة تقتضي ذلك أم لا.

(مسألة 479): إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط

و بقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة 480): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت

إلى (النجف) مثلًا و آخر من (النجف) إلى (المدينة) و ثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة 481): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً

، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الاجرة و كذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة و كان النقص على النحو المتعارف و إن كان على خلاف المتعارف نقص من الاجرة بمقداره.

(مسألة 482): إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور

و الظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور و كلماتها و إذا قرأ بعض الكلمات غلطاً و التفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاجرة شي ء، و إن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً إشكال، و الأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة 483): إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه و صلّى عن (عمرو)

فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد و استحق الاجرة، و إن كان على نحو آخر لم يستحق الاجرة و لم يصح عن زيد.

(مسألة 484): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات

المستحبة يجوز فيها أيضاً استيجار الصبي و اللّٰه سبحانه العالم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 113

كتاب المزارعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 115

المزارعة هي المعاملة على الأرض بالزراعة بحصة من حاصلها.

يعتبر في المزارعة امور:

الأول: الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة، و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلًا: سلمت إليك الأرض لتزرعها، فيقول الزارع: قبلت أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع و قبول الزارع لها من دون كلام و لا يعتبر فيها العربية و الماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول و لا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس.

الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغاً و عاقلًا و مختاراً و أن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس و كذلك العامل إذا استلزم تصرفاً مالياً.

الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض فلو جعل لأحدهما أول الحاصل و للآخر آخره بطلت المزارعة، و كذا الحال لو جعل الكل لأحدهما.

الرابع: أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة كالنصف و الثلث و نحوهما فلو قال للزارع ازرع و اعطني ما شئت لم تصح المزارعة و كذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان.

الخامس: تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه، و عليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أوّلها كفى في الصحة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 116

السادس: أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح و أما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها

بطلت المزارعة.

السابع: تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و إلّا لم يلزم التعيين.

الثامن: تعيين الأرض و حدودها و مقدارها فلو لم يعينها بطلت و كذا إذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كلياً موصوفاً على وجه لا يكون فيه غرر كمقدار جريب من هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها صحت.

التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل على أحدهما أو كليهما و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.

(مسألة 485): يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة

مع غيره هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلّا لزم أن يزرع بنفسه.

(مسألة 486): لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما

بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا؟ وجهان و الأظهر أنه لا يكون من المزارعة ما لم يتعهد العامل بالزرع و الإذن المذكور على أن يكون الحاصل بينهما بالمناصفة و نحوها بنحو شرط النتيجة لا يخلو عن إشكال، و كذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع و إن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول: لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه.

(مسألة 487): يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما

بنسبة معينة إذا علما ببقاء شي ء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض.

(مسألة 488): إذا عين المالك نوعا خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير

أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع فلا يجوز له التعدي عنه و لكن لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 117

تعدى إلى غيره و زرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الإمضاء فإن فسخ رجع على العامل بأُجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض. و أما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له و إن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً و على تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك بأُجرة العمل مطلقاً. هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل، و أما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و إلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجاناً إن كان البذر له و أما إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً و مع بذله يكون الزرع للعامل. هذا إذا كان على نحو الاشتراط بأن صرّحا في عقد المزارعة بالمشاركة في الحاصل من أيّ زرع كان و مع ذلك على الزارع أن يزرع الحنطة مثلًا، و أما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت المزارعة، و حكمه ما تقدم في فرض الفسخ.

(مسألة 489): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر للمالك كان الزرع له

و عليه للزارع ما صرفه من الأموال، و كذا اجرة عمله و اجرة الآلات التي استعملها في الأرض و إن كان البذر للزارع فالزرع له و عليه للمالك اجرة الأرض و ما صرفه المالك و اجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع. ثمّ إن رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الأرض بالاجرة أو مجاناً فهو، و إن لم يرض المالك بذلك جاز له إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل و

تضرر بذلك و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو بأُجرة كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجاناً. و كذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة و لم يدرك الحاصل.

(مسألة 490): يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته

من ذهب أو فضة أو نحوهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 491): المزارعة عقد لازم لا ينفسخ

إلّا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 118

أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه و لا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه. نعم، ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.

(مسألة 492): إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة

فإن كانت الأرض في تصرفه و كان تركه بلا عذر و لم يمكنه إرجاعها إلى المالك ضمن اجرة المثل للمالك و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال و أن يكون غير عالم و إن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع، و إن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه.

(مسألة 493): يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه

بمقدار معين منه بشرط رضا الآخر به، و عليه فيكون الزرع للآخر و له المقدار المعين و لو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معاً.

(مسألة 494): إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة

و إذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الإمضاء.

(مسألة 495): الأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين

بأن تكون الأرض من واحد، و البذر من آخر، و العمل من ثالث، و العوامل من رابع، و كذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور.

(مسألة 496): لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معاً

، و لكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين و جعل في ضمن العقد إلّا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق. و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما و كذا الحال في سائر التصرفات و الآلات، كما يجوز أن يكون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 119

البذر من شخص و الأرض و العمل من شخص آخر. و الضابط أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد.

(مسألة 497): إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و إدراكه كما إذا انقطع الماء عنه

و لم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء و لم يمكن قطعه أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن كان البذر للمالك فعليه اجرة مثل عمل العامل و ان كان للعامل فعليه اجرة مثل أرضه.

(مسألة 498): إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة

و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع فإن أجاز المالك عقد المزارعة وقع له و إلّا كان الزرع للزارع و عليه اجرة المثل لمالك الأرض و إذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع و إدراكه كان المالك مخيراً أيضاً بين الإجازة و الرد فإن ردّ فله الأمر بالازالة أو الرضا ببقائه و لو بأُجرة و على الزارع اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

(مسألة 499): تجب على كل من المالك و الزارع الزكاة

إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب و تجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك. هذا إذا كان الزرع مشتركاً بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم. و أما إذا اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد و التصفية فالزكاة على صاحب البذر سواء أ كان هو المالك أم العامل.

(مسألة 500): الباقي في الأرض من اصول الزرع بعد الحصاد و انقضاء المدة

إذا نبت في السنة الجديدة و أدرك فحاصله لمالك الأرض إن لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الاصول.

(مسألة 501): إذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعى أحدهما الزيادة و الآخر القلة

فالقول قول منكر الزيادة و لو اختلفا في الحصة قلة و كثرة فالقول قول

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 120

صاحب البذر المدعي للقلة. و أما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما فالمرجع التحالف و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.

(مسألة 502): الزارع إذا قصر في تربية الأرض فقلّ الحاصل لم يبعد ضمانه

التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك. و أما إذا كان للعامل و كان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان و كذا إذا كان التقصير بعد ظهوره و كان الشرط المشاركة في الحاصل لا من حين ظهور الزرع و لكن للمالك حينئذ الفسخ و المطالبة بأُجرة المثل للأرض.

(مسألة 503): لو ادعى المالك على الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة

من بعض الأعمال أو ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك و أنكره الزارع فالقول قوله. و كذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئاً و أنكره الآخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعا.

(مسألة 504): إذا أوقع المتولي للوقف عقد المزارعة على الأرض الموقوفة

على البطون إلى مدة حسب ما يراه صالحا لهم لزم و لا يبطل بالموت، و أما إذا أوقعه البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثمّ مات في الأثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك الحين إلّا إذا أجاز البطن اللاحق.

(مسألة 505): يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته

بمقدار معين على نحو الكلي في الذمة أو في المعين الآخر من جنسه أو غير جنسه فإنّ الحاصل قبل الحصاد ليس من المكيل أو الموزون و أمّا إذا عُيّنت الحصّة بمقدار معيّن من الحاصل و لو بنحو الكلّي في المعين فيحتاج إلى التخمين بحسب المتعارف في الخارج كما يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة.

(مسألة 506): لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع

من حين العقد و في السنة الاولى بل يصح العقد على أرض بائرة و خربة لا تصلح للزرع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 121

إلّا بعد إصلاحها و تعميرها سنة أو أكثر. و عليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة وقفاً عاماً أو خاصاً التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر حسب ما يراه صالحاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 123

كتاب المساقاة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 125

المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة و إصلاح شئونها إلى مدة معينة بحصة من أثمارها و يشترط فيها امور:

الأول: الإيجاب و القبول و يكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو فعل أو نحوهما و لا تعتبر فيها العربية و لا الماضوية.

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار و أما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل محضاً.

الثالث: أن تكون اصول الأشجار مملوكة عيناً و منفعة أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية.

الرابع: أن تكون معلومة و معينة عندهما.

الخامس: تعيين مدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقى عليها، و إما بالأشهر أو السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالباً فلو كانت أقل من المقدار بطلت المساقاة.

السادس: تعيين الحصة و كونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره. نعم، يجوز اشتراط مقدار معين كطن من الثمرة مثلًا بالاضافة إلى الحصة المشاعة لأحدهما إذا علم وجود ثمرة غيرها.

السابع: تعيين ما على المالك من الامور و ما على العامل من الأعمال و يكفي الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 126

الثامن: أن

تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا كان محتاجاً إلى السقي و نحوه، و أما إذا لم يحتج إلى ذلك فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ محل إشكال و لكن لا بأس باستيجار الغير على القطف و الحفظ بحصّة من الثمرة لكون الثمرة على الشجرة تعيّن بالمشاهدة و كذا فيما إذا كان بنحو الجعالة.

التاسع: أن تكون الأشجار مثمرة فلا تصح المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالصفصاف و الغَرَب و نحوهما بل صحتها على الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء و نحوه لا تخلو عن إشكال، و لا يبعد وقوع المساقاة على اصول غير ثابتة كالبطيخ و الباذنجان و نحوهما خصوصاً مع الضميمة إلى ما هو أصله ثابت.

(مسألة 507): يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر

أو بمص رطوبة الأرض إذ احتاجت إلى أعمال اخرى.

(مسألة 508): يجوز اشتراط شي ء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك

زائداً على الحصة من الثمرة، و هل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة؟ قولان بل أقوال أظهرها العدم و ذلك لعدم صحّة المساقاة مع عدم ظهور الثمرة فلا موجب لوجوب الوفاء بالشرط سواء كان الشرط للمالك أو عليه و يلحق بذلك ما إذا كان عدم ظهور الثمرة في قسم من الأشجار فإنه تبطل المساقاة بالإضافة إليها و مع بطلانها بالإضافة إليها لا يحصل الموضوع للاشتراط حيث إن الشرط ظاهره تمام المساقاة في الكل إلّا مع القرينة على خلاف ذلك.

(مسألة 509): يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملًا واحداً

، و يجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلًا و النصف الآخر لهما و يجوز تعددهما معاً.

(مسألة 510): خراج الأرض على المالك و كذا بناء الجدران

و عمل الناضح و نحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة و إنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 127

(مسألة 511): يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة من حين ظهور الثمرة

و إذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد.

(مسألة 512): الظاهر أن عقد المغارسة باطل

و هي أن يدفع شخص أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية أو بالتفاضل على حسب القرار الواقع بينهما. فإذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه فإن كان هو مالك الأرض استحق العامل عليه اجرة مثل عمله و إن كان هو العامل استحق عليه مالك الأرض اجرة مثل أرضه و لكن ليس له إجبار مالك الأرض على إبقائها و لو بأُجرة بل وجب عليه قلعها إن لم يرض المالك ببقائها، كما أن عليه طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك و ليس على المالك نقص الأشجار بالقلع نعم لو قلعها المالك فنقصت و عابت ضمن تفاوت القيمة.

(مسألة 513): يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك

و مع ذلك يكون تمام الحاصل و الثمرة له و ليس للعامل مطالبته بالاجرة حيث إنه أقدم على العمل في هذه الصورة مجاناً، و أما إذا كان بطلان المساقاة من جهة اخرى وجب على المالك أن يدفع للعامل اجرة مثل ما عمله حسب المتعارف.

(مسألة 514): عقد المساقاة لازم لا يبطل

و لا ينفسخ إلّا بالتقايل و التراضي أو الفسخ ممن له الخيار و لو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.

(مسألة 515): إذا مات المالك قام وارثه مقامه

و لا تنفسخ المساقاة و إذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً فإن لم يقم الوارث بالعمل و لا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت مَنْ يقوم بالعمل و يقسم الحاصل بين المالك و الوارث. و أما إذا اخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 128

(مسألة 516): مقتضى إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار و سقيها عليها

و الآلات مشتركة بين المالك و العامل بمعنى أنهما عليهما لا على خصوص واحد منهما. نعم، إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شي ء على العامل أو المالك فهو المتبع.

و الضابط أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الانصراف من الإطلاق و إلّا فهو عليهما معاً.

(مسألة 517): إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره على العمل

المزبور كما أن له حق الفسخ و إن فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط و ليس له أن لا يفسخ و يطالبه بأُجرة العمل بالإضافة إلى حصته على الأظهر الأقوى.

(مسألة 518): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشراً للعمل بنفسه

إن لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصاً في بعض أعمالها أو في تمامها و عليه الاجرة، كما أنه يجوز أن يشترط كون اجرة بعض الأعمال على المالك.

(مسألة 519): إذا كان البستان مشتملًا على أنواع من الأشجار كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من أنواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الأنواع

تفصيلًا في صحة المساقاة عليها بل يكفي العلم الإجمالي بها على نحو يرتفع معه الغرر بل و إن لم يرتفع معه الغرر أيضاً.

(مسألة 520): لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون على المجموع بالنصف أو الثلث أو نحوهما

و بين أن تكون على كل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع آخر كأن تجعل في النخل النصف مثلًا، و في الكرم الثلث، و في الرمان الربع و هكذا.

(مسألة 521): قيل تصح المساقاة مردداً مثلًا بالنصف

إن كان السقي بالناضح،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 129

و بالثلث إن كان السقي بالسيح، و لا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها و لكن الأظهر عدم الصحة كما في الإجارة.

(مسألة 522): إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما

بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا وجهان الأقوى الثاني.

(مسألة 523): إذا ظهر بطريق شرعي أن الاصول في عقد المساقاة مغصوبة

فعندئذ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه و بين العامل و إلّا بطلت و كان تمام الثمرة للمالك و للعامل اجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.

(مسألة 524): إذا كان ظهور غصب الاصول بعد تقسيم الثمرة و تلفها

فعندئذ للمالك أن يرجع إلى الغاصب فقط بتمام عوضها و له أن يرجع إلى كل منهما بمقدار حصته و ليس له أن يرجع إلى العامل بتمام العوض.

(مسألة 525): تجب الزكاة على كل من المالك و العامل

إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب و إلّا فالزكاة على المالك فقط.

(مسألة 526): إذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء على أحدهما و عدمه

فالقول قول منكره.

(مسألة 527): لو اختلف المالك و العامل في صحة العقد و فساده

قدم قول مدعي الصحة.

(مسألة 528): لو اختلف المالك و العامل في مقدار حصة العامل

فالقول قول المالك المنكر للزيادة و كذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة. و أما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة و نقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل و لا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة أو الاتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعاً بعد ما كان المفروض أن العامل كان أميناً له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 131

كتاب الجعالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 133

الجعالة من الإيقاعات لا بد فيها من الإيجاب عاماً مثل: من رد عبدي الآبق أو بنى جداري فله كذا، أو خاصاً مثل إن خطت ثوبي فلك كذا. و لا يحتاج إلى القبول لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى يحتاج إلى قبول بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها. و تصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء. و يجوز أن يكون مجهولًا كما يجوز في العوض أن يكون مجهولًا إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع مثل:

من ردّ عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب. و إذا كان العوض مجهولًا محضاً مثل من رد عبدي فله شي ء بطلت و كان للعامل اجرة المثل.

(مسألة 529): إذا تبرع العامل بالعمل فلا اجرة له

، سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.

(مسألة 530): يجوز أن يكون الجعل من غير المالك

كما إذا قال: من خاط ثوب زيد فله درهم فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

(مسألة 531): يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم

أما إذا كان المجعول عليه غيره كما إذا قال: من أوصل عبدي إلى البلد كان له درهم استحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد و إن لم يسلمه إلى أحد، و إذا قال: من خاط هذا الثوب فله درهم، استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.

(مسألة 532): الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها

قبل العمل و في جواز الرجوع في أثنائه إشكال فإن صح رجوعه فيها فلا إشكال في أن للعامل اجرة المقدار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 134

الذي عمله.

(مسألة 533): إذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم

ثمّ قال: من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل على الثاني فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم. و لو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، و إذا لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

(مسألة 534): إذا جعل جعلًا لفعل فصدر جميعه من جماعة

من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله، و لو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام.

(مسألة 535): إذا جعل جعلًا رده من مسافة معينة فرده من بعضها

كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

(مسألة 536): إذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه

أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل كان القول قول المالك.

(مسألة 537): إذا تنازع العامل و المالك في تعيين الجعل ففيه إشكال

. و الأظهر أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل، و مع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل و تجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل و بينه.

(مسألة 538): عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» صحيح

بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية و قيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما أو وضع محافظ على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة فيكون نوعاً من المعاوضة و أخذ المال من الطرفين حلال و إلّا فالعقد باطل و أخذ المال حرام. نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقداراً من المال هبة و يشترط على المتهب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 135

كتاب السبق و الرماية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 137

(مسألة 539): لا بد فيهما من إيجاب و قبول

، و إنما يصحان في السهام، و الحراب، و السيوف، و الإبل، و الفيلة، و الخيل، و البغال، و الحمير و لا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.

(مسألة 540): يجوز أن يكون العوض عيناً و ديناً

، و أن يبذله أجنبي أو أحدهما أو من بيت المال، و يجوز جعله للسابق و للمحلل و ليس المحلل شرطاً.

(مسألة 541): لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجباً للنزاع

فلا بد من تقدير المسافة، و العوض و تعيين الدابة، و لا بد في الرماية من تقدير عدد الرمي و عدد الإصابة وصفتها، و قدر المسافة، و الغرض، و العوض، و نحو ذلك.

(مسألة 542): إذا قالا بعد أن أخرج كل منهما سبقاً من نفسه و أدخلا محللًا

: من سبق منا و من المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له فإن سبقا فلكل ماله، و إن سبق أحدهما و المحلل فللسابق ماله و نصف الآخر و الباقي للمحلل.

(مسألة 543): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضاً

بل يجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط و إن لم يسبق لم يغرم شيئاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 138

(مسألة 544): إذا فسد العقد فلا اجرة للغالب

و يضمن العوض إذا ظهر مستحقاً للغير مع عدم إجازته و عدم كون الباذل غاراً، و يحصل السبق بتقدم العنق أو الكتد و هو العظم الناتئ بين الظهر و أصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 139

كتاب الشركة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 141

(مسألة 545): الشركة عقد جائز فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه

فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه و ينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشريكين و يكره مشاركة الذمي.

(مسألة 546): تصح الشركة في الأموال و لا تصح في الأعمال

بأن يتعاقدا على أن تكون اجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فإذا تعاقدا على ذلك بطل و كان لكل منهما اجرة عمله. نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح و كان عمل كل منهما مشتركاً بينهما.

(مسألة 547): لو تصالح العاملان في ضمن عقد آخر لازم على أن يعطي كل منهما نصف اجرته للآخر صح

ذلك و وجب العمل بالشرط.

(مسألة 548): لا تصح الشركة في الوجوه

بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالًا بثمن في ذمته إلى أجل ثمّ يبيعانه و يكون ربحه بينهما و الخسران عليهما.

(مسألة 549): لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما

من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما و ما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معاً.

(مسألة 550): لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر

كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 142

لكل منهما ربحه و عليه خسارته، نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم على أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه و إن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين.

(مسألة 551): تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد

مالًا واحداً عيناً كان أو ديناً بإرث أو وصية أو بفعلهما معاً كما إذا حفرا بئراً، أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية و غيرها. و قد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة و الماء بالماء و اختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و دهن اللوز بدهن الجوز.

(مسألة 552): يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله

فإن تساويا في الحصة كان الربح و الخسران بينهما بالسوية و إن اختلفا فبالنسبة.

(مسألة 553): إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص

أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح إذا كان للمشروط له عمل و إلّا لم يصح الشرط.

(مسألة 554): لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه

و إذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر. نعم إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر و الطريق غير النافذ و الدهليز و نحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف و إن لم يأذن الشريك.

(مسألة 555): إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين

كما لو كانا مشتركين في طعام فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.

(مسألة 556): إذا كانا شريكين في دار مثلًا فتعاسرا

، و امتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرفات بحيث أدى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 143

(مسألة 557): إذا طلب أحد الشريكين القسمة

فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته و إلّا وجبت الإجابة و يجبر عليها لو امتنع.

(مسألة 558): إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن فإنه تجب الإجابة

أو شراء حصته و يجبر الشريك عليها لو امتنع هذا إذا كان بقاء الشركة تعطيلًا للمال المشترك و إلّا ففي وجوب الإجابة تأمل.

(مسألة 559): إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه

لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.

(مسألة 560): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثمّ القرعة

و في الاكتفاء بمجرد التراضي وجه لكن الأحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 561): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق و لا تصح قسمة الوقف

في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف و إلّا صحت.

(مسألة 562): الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلّا بالتعدي أو التفريط

. و إذا ادعى التلف قبل قوله مع يمينه، و كذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 145

كتاب المضاربة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 147

المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالًا إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو ثلث أو نحو ذلك و يعتبر فيها امور:

الأول: الإيجاب و القبول، و يكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا يعتبر فيهما العربية و لا الماضوية.

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل. و أما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.

الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلّا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.

الرابع: أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلّا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.

الخامس: أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح. هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، و أما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط. و أما إذا لم يكن لا هذا و لا ذاك و كان العامل عاجزاً عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة. و لا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول و طروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 148

(مسألة 563): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين

بسكة المعاملة من الأوراق النقدية و نحوها و لا تصحّ المضاربة في الدين و العروض و المنفعة.

(مسألة 564): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل

فلو كان بيد المالك و تصدى العامل للمعاملة صحت.

(مسألة 565): مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح

و يكون لكل من العامل و المالك ما جعل له من الحصة نصفاً أو ثلثاً أو نحو ذلك و إذا وقع فاسداً كان للعامل أقل الأمرين من اجرة المثل و حصّته و للمالك تمام الربح.

(مسألة 566): يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه

فلا يجوز التعدي عنه فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين فلا يجوز التعدي عنه، و لو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه و توقف على إجازة المالك نعم لا يبعد عدم التوقف فيما إذا كان غرض المالك في تقييد إذنه و شرطه التحفّظ على مال المضاربة و استرباحها فيضمن العامل رأس المال و لكن لو ربح فالربح بينهما على ما عيّناه.

(مسألة 567): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوماً قدراً و وصفاً

كما لا يعتبر أن يكون معيناً فلو أحضر المالك مالين و قال قارضتك بأحدهما صحت و إن كان الأحوط أن يكون معلوماً كذلك و معيناً.

(مسألة 568): لا خسران على العامل من دون تفريط

و إذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح و لا بأس به.

(مسألة 569): إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح

.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 149

(مسألة 570): إذا كان المال في يده غصباً أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان

فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان، الأقوى هو الأول.

و ذلك لأن عقد المضاربة في نفسه و إن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل إلّا أن عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرفه فيه.

نعم، إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.

(مسألة 571): عقد المضاربة جائز من الطرفين

فيجوز لكل منهما فسخه سواء أ كان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص.

(مسألة 572): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره

إلّا مع إذن المالك عموماً أو خصوصاً و عليه فلو خلط بدون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال، و لكن هذا لا يضر بصحة المضاربة بل هي باقية على حالها و الربح بينهما على النسبة.

(مسألة 573): يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة

من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس. نعم، لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك إلّا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن. و كذا الحال في كل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة.

(مسألة 574): مع إطلاق العقد يجوز البيع حالًّا و نسيئة

إذا كان البيع نسيئة أمراً متعارفاً في الخارج يشمله الإطلاق و أما إذا لم يكن أمراً متعارفاً فلا يجوز بدون الإذن الخاص.

(مسألة 575): لو خالف العامل المضارب و باع نسيئة بدون إذنه

فعندئذ إن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 150

استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو، و كذلك إن أطّلع المالك قبل الاستيفاء و كانت المعاملة مربحةً كما إذا كان الثمن في ذمة المشتري يمكن بيعه على الآخرين و تحويله الى النقد فعلًا و لو بأقل منه و أمّا إذا لم تكن كذلك فصحتها تتوقف على إجازة المالك.

(مسألة 576): إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد

بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضاً، نعم لو كان الجنس من الاجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلًا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.

(مسألة 577): يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه

، و عليه أن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلال و الحمال و الوزان و الكيال و المحل و ما شاكل ذلك. و من هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالاجرة من ماله لا من الوسط كما أنه لو تولى ما يتعارف الاستئجار جاز له أن يأخذ الاجرة إن لم يتصد له مجاناً.

(مسألة 578): نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن

و اجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك و لم يشترط نفقته عليه. و كذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في طريق التجارة. نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه.

و المراد من النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه، نعم لو قتر على نفسه أو حلّ ضيفاً عند شخص لا يحسب له.

(مسألة 579): إذا كان شخص عاملًا لاثنين أو أكثر أو عاملًا لنفسه و لغيره توزعت النفقة

على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.

(مسألة 580): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح

بل ينفق من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 151

أصل المال نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه و يعطى المالك تمام رأس ماله ثمّ يقسم الربح بينهما.

(مسألة 581): إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة

نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض و أما إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة.

(مسألة 582): إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ

فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.

(مسألة 583): إذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض

و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدّعي القرض ليكون الربح له و المالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل و يكون الربح له ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك و بعده يحكم بكون الربح للمالك و ثبوت اجرة المثل للعامل. و قد يكون من جهة أن المالك يدّعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشي ء و العامل يدّعي المضاربة الفاسدة فالأظهر أنّه إذا كانت تجارة العامل لا خاسرة و لا رابحة لا تسمع لا دعواه و لا دعوى المالك بناءً على ما هو الأظهر من عدم استحقاق العامل للُاجرة مع فساد المضاربة إذا لم تكن تجارته رابحة لإقدامه على التبرّع بعمله في هذا الفرض، و أما إذا كانت المعاملة خاسرة فيحلف العامل على عدم القرض لبراءة ذمته عن الخسران و المفروض أنّه لا يدعى على المالك شيئاً. و في تقديم قول المالك وجه أيضاً لورود النص في تقديم قول المالك المدّعي لكون المال وديعة فالأحوط التصالح.

هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضاً و أما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماماً للمالك بعد حلف المالك و لا يكون للعامل اجرة المثل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 152

(مسألة 584): يجوز أن يكون المالك واحداً و العامل متعددا

سواء أ كان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً، و سواء أ كان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين. و كذا يجوز أن يكون المالك متعدداً و العامل واحداً.

(مسألة 585): إذا كان المال مشتركاً بين شخصين و قارضاً واحداً و اشترطا له النصف

و تفاضلا في النصف الآخر بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.

نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلا جعل أحدهما له ثلث ربح حصته و جعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.

(مسألة 586): تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل

أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة. و أما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.

(مسألة 587): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلًا في عمله

أو يستأجر شخصاً إلّا بأذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره إلّا بأذنه فلو فعل ذلك بدون إذنه و تلف ضمن.

نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.

(مسألة 588): يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالًا

أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك و يجب الوفاء بهذا الشرط إلّا مع انفساخ المضاربة أو فسخها سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق. و سواء أ كان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 153

أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.

(مسألة 589): مقتضى عقد المضاربة خارجاً ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح

و لا تتوقف على الانضاض أو القسمة. نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل. و هل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح و المال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجاً أو لا يكفي؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي. و عليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح.

(مسألة 590): إذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته

فإن رضي الآخر فلا مانع منها، و إن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها ما دام عقد المضاربة باقياً و إن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها.

(مسألة 591): إن اقتسما الربح ثمّ عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به

إذا كان بمقداره أو أكثر، و أما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من مقدار الخسران و ما أخذه من الربح.

(مسألة 592): إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثمّ طرأت الخسارة على مال المضاربة

وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران. و لا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف.

(مسألة 593): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق

ما دام عقد المضاربة باقياً بل الأظهر الجبر و إن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر. هذا في تلف البعض، و أما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة. هذا في التلف السماوي، و أما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 154

(مسألة 594): فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل

، و اخرى بعده و قبل ظهور الربح و على كلا التقديرين لا شي ء للمالك و لا عليه و كذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.

(مسألة 595): لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك

و صرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.

(مسألة 596): إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح

فإن رضي كل من المالك و العامل بالقسمة فلا كلام و إن لم يرضَ أحدهما اجبر عليها.

(مسألة 597): إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها

بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟ وجهان، و الوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.

(مسألة 598): لا يجب على العامل بعد الفسخ إلّا التخلية بين المالك و بين ماله

و أما الإيصال إليه فلا يجب إلّا إذا أرسله إلى بلد آخر فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.

(مسألة 599): إذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل

بأن ادعى المالك الزيادة و أنكرها العامل قدم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها. و لا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل.

(مسألة 600): إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل

و العامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.

(مسألة 601): إذا ادعى المالك على العامل الخيانة و التفريط

فالقول قول العامل.

(مسألة 602): لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بأن لا يشتري

الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك و العامل ينكره فالقول قول المالك فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 155

الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أم لا؟ فالأصل عدمه.

(مسألة 603): لو ادعى العامل التلف و أنكره المالك قدم قول العامل

، و كذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في المعاملات النسيئة.

(مسألة 604): لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده

بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.

(مسألة 605): إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة فإن كان معلوماً بعينه فلا كلام

، و إن علم بوجوده في التركة الموجودة في يد الورثة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها و لو بالتصالح مع الورثة أو القرعة و لا يكون المالك شريكاً مع الورثة بالنسبة على الأظهر الأقوى، و أما إذا علم ببقاء مال المضاربة في يد الميت إلى ما بعد موته و لم يعلم أنه في تركته الموجودة في يد الورثة بأن احتمل أنّ الميّت كان قد دفنه في مكان غير معلوم أو أودعه عند شخص آخر لا يعرفونه و نحو ذلك فالأظهر أنه لا يجب على الورثة إعطاء المقدار مما بأيديهم حيث إن قاعدة يد الميت بالنسبة إلى ما انتقل إلى الورثة مقتضاها كونه بتمامه للميت فينتقل إليهم بالإرث.

و دعوى أنه لا يجوز للورثة التصرّف فيما بأيديهم حتى يتخلصوا من مال المضاربة للعلم الإجمالي بكون بعض ما كان في يد الميّت إلى موته، مال الغير و هذا العلم قد أسقط اعتبارها في جميع أطرافه بالإضافة إلى القدر المعلوم. لا يمكن المساعدة عليها فإن هذا العلم الإجمالي بالإضافة إلى قبل موت المورّث لا أثر له لعدم جواز تصرّف الوارث في شي ء ممّا بيده لعدم الإذن كان ملكه أو ملك غيره فلا مورد لجريان القاعدة و بعد موته لا تجري القاعدة فيما هو خارج عن يد الورثة إمّا لعدم وجوده أو لكونه مال الغير يعني مال المضاربة فتجرى فيما بأيديهم بلا معارضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 156

و دعوى ضمان الميّت بالإضافة إلى ذلك المال فيجب على الورثة أداء ضمانه تختص بصورة إحراز التفريط و لو بترك الوصية و لا تعمّ صورة الموت فجأة

أو صورة نسيانه عند موته أنّ عنده مال المضاربة.

(مسألة 606): إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً ثمّ فسخ

أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.

(مسألة 607): إذا أخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجر به إلى مدة قليلة أو كثيرة

لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، و إن كان عاصياً في تعطيل مال الغير.

(مسألة 608): إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً

للخسران المتقدم على الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 157

كتاب الوديعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 159

و هي من العقود الجائزة و مفادها الائتمان في الحفظ.

(مسألة 609): يجب على الودعي حفظ الوديعة

بمجرى العادة و إذا عين المالك محرزاً تعين، فلو خالف ضمن إلّا مع الخوف إذا لم ينص المالك على الخوف و إلّا ضمن حتى مع الخوف.

(مسألة 610): يضمن الودعي الوديعة لو تصرف فيها

تصرفاً منافياً للاستئمان و موجباً لصدق الخيانة كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو أودعه كيساً مختوماً ففتح ختمه أو أودعه طعاماً فأكل بعضه أو دراهم فاستقرض بعضها.

(مسألة 611): إذا أودعه كيسين

فتصرف في أحدهما ضمنه دون الآخر.

(مسألة 612): إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة

كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه نقشاً أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة و إن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه و لم يحرز رضا المالك.

(مسألة 613): يجب على الودعي علف الدابة

و سقيها و يرجع به على المالك.

(مسألة 614): إذا فرط الودعي ضمن

و لا يزول الضمان إلّا بالرد إلى المالك أو الإبراء منه.

(مسألة 615): يجب على الودعي أن يحلف للظالم

و يورِّي إن أمكن و لو أقر له ضمن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 160

(مسألة 616): يجب رد الوديعة إلى المودع أو وارثه بعد موته

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 160

و إن كان كافراً إلّا إذا كان المودع غاصباً فلا يجوز ردها إليه بل يجب ردها إلى مالكها فإن ردها إلى المودع ضمن. و لو جهل المالك عرف بها سنة على الأظهر فإن لم يعرفه تصدق بها عنه. فإن وجد و لم يرض بذلك فللمالك أن يغرمه و لو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يكن الضمان مستقراً عليه.

(مسألة 617): إذا أودعه الكافر الحربي فالأحوط أنه تحرم عليه الخيانة

و لم يصح له تملك المال و لا بيعه.

(مسألة 618): إذا اختلف المالك و الودعي في التفريط أو قيمة العين

كان القول قول الودعي مع يمينه و كذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهماً بل لا يبعد تقديم قول الودعي و إن كان متهماً فيكون عليه الحلف.

(مسألة 619): إذا اختلفا في الرد فالأظهر أن القول قول المالك

مع يمينه و كذلك إذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.

(مسألة 620): لا يصح إيداع الصبي و المجنون

فإن لم يكن مميزاً لم يضمن الوديعة حتى إذا أتلف و كذلك المجنون.

(مسألة 621): إذا كان الودعي صبياً مميزاً ضمن بالإتلاف

. و لا يضمن بمجرد القبض. و لا سيما إذا كان بإذن الولي. و في ضمانه بالتفريط و الإهمال إشكال و الأظهر الضمان.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 161

كتاب العارية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 163

و هي التسليط على العين للانتفاع بها مجاناً.

(مسألة 622): كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها

، و تجوز إعارة ما تملك منفعته و إن لم تملك عينه.

(مسألة 623): ينتفع المستعير على العادة الجارية

و لا يجوز له التعدي عن ذلك فإن تعدى ضمن و لا يضمن مع عدمه إلّا أن يشترط عليه الضمان أو تكون العين من الذهب أو الفضة و إن لم يكونا مسكوكين على إشكال ضعيف، و لو اشترط عدم الضمان فيهما صح.

(مسألة 624): إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن

، و إذا استعار من الغاصب ضمن فإن كان جاهلًا رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرَّه.

(مسألة 625): إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلى غيره

و إن كان معتاداً.

(مسألة 626): تصح الإعارة للرهن و للمالك المطالبة بالفك

بعد المدة، بل قيل له المطالبة قبلها أيضاً و لا يبطل الرهن.

(مسألة 627): إذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين

فإن كان الرهن عارية ضمن المستعير العين بما بيعت به إلّا أن تباع بأقل من قيمة المثل. و في ضمان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 164

الراهن العين لو تلفت قبل الفك إشكال، و الظاهر عدم الضمان إلّا مع اشتراطه، و أما لو تلفت بعد فكه للعين من الرهن فلا إشكال في عدم ضمان الراهن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 165

كتاب اللقطة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 167

و هي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه، المجهول مالكه.

(مسألة 628): الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال

: و الأول: يسمى لقيطاً.

و الثاني: يسمى ضالة.

و الثالث: يسمى لقطة بالمعنى الأخص.

(مسألة 629): لقيط دار الإسلام محكوم بحريته

و كذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه و وارثه الإمام إذا لم يكن له وارث و كذلك الإمام عاقلته، و إذا بلغ رشيداً فأقر برقيته قبل منه.

(مسألة 630): لقيط دار الكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه

يجوز استرقاقه.

(مسألة 631): أخذ اللقيط واجب على الكفاية

إذا توقف عليه حفظه. نعم، في وجوبه فيما إذا كان اللقيط محكوماً بالكفر تأمل فإذا أخذه كان أحق بتربيته و حضانته من غيره إلّا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره فيجب دفعه إليه حينئذ و لا يجري عليه حكم الالتقاط.

(مسألة 632): ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه

نعم لو كان اللقيط غير مميز فيشكل الحكم بأن المال ملكه و إن كان الأظهر أنه لا يجري عليه حكم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 168

المال الذي لا يد لأحدٍ عليه ليكون ملكاً لمن ادّعاه.

(مسألة 633): يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل و الحرية

فلا اعتبار بالتقاط الصبي و المجنون و العبد إلّا بإذن مولاه بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه، فلو التقط الكافر صبياً في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط و لا يكون أحق بحضانته.

(مسألة 634): اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه

و إلّا فإن كان له مال أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه و إلّا أنفق الملتقط من ماله عليه و رجع بها عليه إن لم يكن قد تبرع بها و إلّا لم يرجع.

(مسألة 635): يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف

أما مع العلم بالتلف فلا كراهة.

(مسألة 636): إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الآجام

و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان فإن كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم يجز أخذه سواء أ كان في كلأ و ماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما. فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثماً و ضامناً له و تجب عليه نفقته و لا يرجع بها على المالك. و إذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه و صوفه كان عليه مثله أو قيمته. و إذا ركبه أو حمله حملًا كان عليه اجرته و لا يبرأ من ضمانه إلّا بدفعه إلى مالكه.

نعم إذا يئس من الوصول إليه و معرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 637): إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه كالشاة

و أطفال الإبل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها. فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط و الأحوط أن يعرّفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها و التصرف فيها بالأكل و البيع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 169

و المشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك فإذا جاء صاحبها و طلبها وجب عليه دفع القيمة، و جاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلى أن يعرف صاحبها و لا ضمان عليه حينئذ.

(مسألة 638): إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فإن كان قد أعرض عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية

و لا ضمان على الآخذ، و إذا تركه عن جهد و كلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده و لا يقدر أن يأخذه معه فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء و لا كلأ و لا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه و تملكه. و أما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لأحد أخذه و لا تملكه فمن أخذه كان ضامناً له. و كذا إذا تركه عن جهد و كان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه و كذا فيما كان رجوعه إليه قبل الخطر محتملًا.

(مسألة 639): إذا وجد الحيوان في العمران و هو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأمونا

كالبلاد و القرى و ما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه، و من أخذه ضمنه و يجب عليه التعريف و يبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي. نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف و من ضمانه له كما سبق.

(مسألة 640): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له أخذها

و يجوز إخراجها من الدار و ليس عليه شي ء إذا لم يكن قد أخذها، أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال و الأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها ثمّ يتصدق بها، و لا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر.

(مسألة 641): إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها

و إلّا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 170

أنفق عليها من ماله و رجع بها على المالك.

(مسألة 642): إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ

يكون ذلك بدل ما أنفقه عليها و لكن بحسب القيمة على الأحوط.

(مسألة 643): كل ما ليس حيواناً و لا إنساناً إذا كان ضائعاً و مجهول المالك

و هو المسمى: لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة و لا فرق بين ما يوجد في الحرم و غيره و إن كانت كراهة الأخذ في الأول أشد و آكد.

(مسألة 644): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه

و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.

(مسألة 645): اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها

بمجرد الأخذ و لا يجب فيها التعريف و لا الفحص عن مالكها. ثمّ إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردها إليه و إن كانت تالفة لم يكن عليه البدل.

(مسألة 646): إذا كانت قيمة اللقطة درهماً فما زاد وجب على الملتقط

التعريف بها و الفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالأحوط أن يتصدق بها عن مالكها و ليس له تملكها، و إن التقطها في غير الحرم تخير بين امور ثلاثة: تملكها مع الضمان، و التصدق بها مع الضمان، و إبقاءها أمانة في يده بلا ضمان.

(مسألة 647): المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الأمكنة

و الأزمنة.

(مسألة 648): المراد من الدرهم ما يساوي (6، 12) حمصة من الفضة المسكوكة

فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع مثقال.

(مسألة 649): إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه

إما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة أو لأن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 171

مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها أو لأن الملتقط يخاف من الخطر و التهمة إن عرف به أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف و الأحوط التصدق به عنه، و جواز التملك لا يخلو من إشكال، و إن كان الأظهر جوازه فيما لا علامة له بل الأظهر جواز التملك فيما له علامة إذا لم يمكن الوصول إلى صاحبه و كان المال من النقود.

(مسألة 650): تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على وجه التوالي

فإن لم يبادر إليه كان عاصيا و لكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك. و كذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط و لكن تركه بعد ستة أشهر مثلًا حتى تمت السنة. فإذا تم التعريف تخير بين التصدق و الإبقاء للمالك.

(مسألة 651): إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط

لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم فيتخير بين التصدق و الإبقاء للمالك غير أنه لا يكون عاصياً.

(مسألة 652): لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا اجرة

أو بأُجرة، و الأقوى كون الاجرة عليه لا على المالك و إن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك.

(مسألة 653): إذا عرّفها سنة كاملة، فقد عرفت أنه يتخير بين التصدق و غيره

من الامور المتقدمة، و لا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك.

(مسألة 654): إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة

فالأحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ و عدم جواز التملك أو التصدق.

(مسألة 655): إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر و الفواكه

و اللحم و نحوها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 172

جاز أن يقومها الملتقط على نفسه و يتصرف فيها بما شاء من أكل و نحوه و يبقى الثمن في ذمته للمالك. كما يجوز له أيضاً بيعها على غيره و يحفظ ثمنها للمالك و الأحوط أن يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي و لا يسقط التعريف عنه على الأحوط بل يحفظ صفاتها و يعرّف بها سنة فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته، و إلّا لم يبعد جريان التخيير المتقدم.

(مسألة 656): إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف

بها سنة فإن وجد المالك دفعها إليه و إن لم يجده و وجد الملتقط الأول فإن أحرز أنه قد أكمل تعريف السنة تعيّن دفعها إليه و إلّا جاز دفع اللقطة إليه إذا كان واثقاً بأنه يعمل بوظيفته و عليه إكمال التعريف سنة و لو بضميمة تعريف الملتقط الثاني فإن لم يجد أحدهما أو وجد الملتقط الأول و لم يدفعها إليه حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التملك و التصدق و الإبقاء للمالك.

(مسألة 657): قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة

فقال بعضهم يتحقق التتابع بأن لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه و يظهر أنه تكرار لما سبق و نسب إلى المشهور أنه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الأول كل يوم مرة، و في بقية الشهر الأول كل اسبوع مرة، و في بقية الشهور كل شهر مرة. و كلا القولين مشكل و اللازم الرجوع إلى العرف فيه و لا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام نعم لو كان تعارف في بعض البلاد بالإضافة إلى زمان الإعلان و مكانه كالإعلان يوم الجمعة أو في المسجد الجامع يجوز الاكتفاء به.

(مسألة 658): يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط

و لا يجزئ في غيره.

(مسألة 659): إذا كان الالتقاط في طريق عام أو في السوق أو ميدان البلد

و نحو ذلك وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق و محل إقامة الجماعات و المجالس العامة و نحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 173

(مسألة 660): إذا كان الالتقاط في القفار و البراري فإن كان فيها نزّال عرّفهم

و إن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.

(مسألة 661): إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر

و استنابة شخص أمين في الحفظ و ثقة في التعريف و لا يجوز السفر بها إلى بلده.

(مسألة 662): إذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها

و التعريف بها في بلد المسافرين.

(مسألة 663): إذا التقط في بلده جاز له السفر مع الاستنابة

كما مرّ.

(مسألة 664): اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلى تنبيه السامع

لتفقد المال الضائع و ذكر صفاته للملتقط. فلا يكفي أن يقول من ضاع له شي ء أو مال بل لا بد أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب أو نحو ذلك مع الاحتفاظ ببقاء إبهام للّقطة فلا يذكر جمع صفاتها. و بالجملة يتحرى ما هو أقرب إلى الوصول إلى المالك فلا يجدي المبهم المحض و لا المتعين المحض بل أمر بين الأمرين.

(مسألة 665): إذا وجد مقداراً من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها

بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص و الزمان الخاص و المكان الخاص وجب التعريف و لا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه.

(مسألة 666): إذا التقط الصبي أو المجنون فإن كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما

و إن كانت درهماً فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة و بعد التعريف سواء أ كان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم.

(مسألة 667): إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فإن كانت العين موجودة دفعها إليه

و ليس للمالك المطالبة بالبدل، و إن كانت تالفة أو منتقلة منه إلى غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل و هو المثل في المثلي،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 174

و القيمة في القيمي.

(مسألة 668): إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة

و ليس له الرجوع بالعين إن كانت موجودة و لا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة. هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة و إلّا فلا رجوع له على أحد و كان له أجر التصدق.

(مسألة 669): اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها

إلّا بالتعدي عليها أو التفريط بها و لا فرق بين مدة التعريف و ما بعدها. نعم إذا تملكها أو تصدق بها ضمنها على ما عرفت.

(مسألة 670): المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلى الحاكم

فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط و فيه إشكال. و كذا الإشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها.

(مسألة 671): إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه

و سقط التعريف سواء أ كان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده. نعم، إذا كان بعد التملك فقد عرفت أنه إذا كانت موجودة عنده دفعها إليه، و إن كانت تالفة أو بمنزلة التالفة دفع إليه البدل و كذا إذا تصدق بها و لم يرض المالك بالصدقة.

(مسألة 672): إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة

بأن لم يكن تعد أو تفريط سقط التعريف و لو عرف صاحبها بعد ذلك فلا ضمان عليه و إذا كانت مضمونة لم يسقط. و كذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الاولى يسقط التعريف، و في الصورة الثانية يجب إكماله فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.

(مسألة 673): إذا ادعى اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها إليه

و كذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه و لا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 175

(مسألة 674): إذا عرف المالك و قد حصل للّقطة نماء متصل دفع إليه العين و النماء

سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده.

(مسألة 675): إذا حصل للقطة نماء منفصل فإن حصل قبل التملك كان للمالك،

و إن حصل بعده كان للملتقط.

(مسألة 676): إذا لم يعرف المالك و قد حصل للقطة نماء فإن كان متصلًا ملكه الملتقط

تبعا لتملك اللقطة، و أما إذا كان منفصلًا ففي جواز تملكه إشكال و الأحوط التصدق به.

(مسألة 677): لو عرف المالك و لكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه

و لا إلى وكيله فإن أمكن الاستيذان منه في التصرف فيها و لو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلى أقاربه أو نحو ذلك تعين و إلّا تعين التصدق بها عنه.

(مسألة 678): إذا مات الملتقط فإن كان بعد التعريف و التملك انتقلت إلى وارثه

كسائر أملاكه. و إن كان بعد التعريف و قبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الامور الثلاثة أو الأمرين. و إن كان قبل التعريف قام الوارث مقامه فيه، و إن كان في أثنائه قام مقامه في إتمامه. فإذا تم التعريف تخير الوارث بين الامور الثلاثة أو الاثنين و الأحوط إجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به إلى أن يحصل اليأس من الوصول إلى مالكه ثمّ يتصدق به عنه.

(مسألة 679): إذا وجد مالًا في صندوقه و لم يعلم أنه له أو لغيره

فإن كان لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له. و إن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه إياه فإن عرفه دفعه إليه و إن أنكره فهو له و إن جهله لم يبعد الرجوع إلى القرعة كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين. هذا إذا كان الغير محصوراً، أما إذا لم يكن فلا يبعد الرجوع إلى القرعة فإن خرجت باسم غيره فحص عن المالك و بعد اليأس منه تصدق به عنه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 176

(مسألة 680): إذا وجد مالًا في داره و لم يعلم أنه له أو لغيره

فإن لم يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل فهو له و إن كان يدخلها كثير كما في المضائف و نحوها جرى عليه حكم اللقطة.

(مسألة 681): إذا تبدلت عباءة إنسان بعباءة غيره أو حذاؤه بحذاء غيره

فإن علم أن الذي بدله قد تعمد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة، فإن كانت قيمته أكثر من ماله تصدق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك. نعم، إذا علم بالقرائن أن مالك البدل أعرض عنه. أو وضعه مكانه بالمعاوضة العدوانية فله تملك البدل و لو بإجازة تلك المعاوضة بلا حاجة إلى التصدق بالزائد أو إيصاله إلى المالك. و إن لم يعلم أنه قد تعمد ذلك فإن علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه و إلّا جرى عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك فإن يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عما أخذه إشكال، و الأحوط التصدق به بإذن الحاكم الشرعي، و أحوط منه أخذه وفاءً ان لم يعرض عن المأخوذ منه ثمّ التصدق به عن صاحبه كل ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 177

كتاب الغصب

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 179

و هو حرام عقلًا و شرعاً و يتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلماً و إن كان عقاراً و يضمن تمامه بالاستقلال، و لو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة و لو اختلفت فبتلك النسبة و يضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، و كذا إذا فاتت تحت يده، و لو غصب الحامل ضمن الحمل.

(مسألة 682): لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت

أو من القعود على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الإتلاف إليه و إلّا فيضمن.

(مسألة 683): لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء

فإن رجع على الاول رجع الاول على الثاني و إن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.

(مسألة 684): إذا استولى على حر فتلف عنده فلا ضمان على المستولي

و إن كان الحر صغيراً إلّا أن يكون تلفه مستنداً إليه.

(مسألة 685): إذا منع حراً عن عمله لم يضمن إلّا إذا كان أجيراً خاصاً

لغيره فيضمن لمن استأجره و لو كان أجيراً له لزمته الاجرة و لو استعمل الحر فعليه اجرة عمله.

(مسألة 686): لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما

و كذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه إما بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 180

(مسألة 687): لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما فصاحب الدار ضامن

إذا كان عالماً بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه و تركه حتى انهدم فأصاب عينا فاتلفها. و كذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه، و ضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً و بجهل مالكه إن كان من الأموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

(مسألة 688): ضمان الإنسان يتعلق بذمته

في ماله لا على عاقلته.

(مسألة 689): لو فتح باباً فسرق غيره

المتاع ضمن السارق.

(مسألة 690): لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه

، و إذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.

(مسألة 691): يضمن المسلم للذمي الخمر و الخنزير بقيمتهما عندهم

مع الاستتار و قيل: يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح، و فيه تأمل بل منع فإنّ الخمر القابل للتخليل ملك للمسلم و لكن لا مالية لها شرعاً ليضمن.

(مسألة 692): يجب رد المغصوب فإن تعيب ضمن الأرش

فإن تعذر الرد ضمن مثله و لو لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الغصب، و الأحوط التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى أدائه.

(مسألة 693): لو اعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء

(مسألة 694): لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها

، و لو زادت الصفة فنقصت ضمنها فعليه رد العين و قيمة تلك الزيادة، و لو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 181

(مسألة 695): لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية الجناية

، و لو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك و إن كانت مستندة إلى فعل الغاصب نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها و عليه أرش النقصان لو نقصت العين و ليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.

(مسألة 696): لو غصب عبداً و جنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة

على قول و فيه تأمل.

(مسألة 697): لو امتزج المغصوب بجنسه فإن كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته

و إن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته و له أن يطالب الغاصب ببدل ماله و كذا لو كان المزج بغير جنسه و لم يتميز كامتزاج الخل بالعسل و نحو ذلك.

(مسألة 698): لو اشترى شيئاً جاهلًا بالغصب رجع بالثمن على الغاصب

و بما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع، و لو كان عالماً فلا رجوع بشي ء مما غرم للمالك.

(مسألة 699): لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له

و عليه الاجرة للمالك و القول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين و تعذر البينة.

(مسألة 700): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهراً

و إذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك و لا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

(مسألة 701): إذا كان له دين على آخر و امتنع من أدائه و صرف مالًا في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين

إلّا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 182

(مسألة 702): إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة

و لا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.

(مسألة 703): لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب و غيره

كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده و غيره.

(مسألة 704): إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله

و كان بها استيفاء حقه و لا يبعد جواز بيعها أجمع و استيفاء دينه من الثمن، و الأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي و يرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

(مسألة 705): لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب

لم تجز المقاصة منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 183

كتاب إحياء الموات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 185

المراد بالموات: الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها إما لعدم المقتضي لإحيائها، و إما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.

(مسألة 706): الموات على نوعين:

1- الموات بالأصل و هو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه كأكثر البراري و المفاوز و البوادي و سفوح الجبال و نحو ذلك.

2- الموات بالعارض و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران.

(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل

، و الظاهر أن يملك به من دون فرق بين كون المحيي مسلماً أو كافراً.

(مسألة 708): الموات بالعارض على أقسام:

الأول: ما لا يكون له مالك و ذلك كالأراضي الدارسة المتروكة و القرى أو البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للُامم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل و لا اسم و لا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.

الثاني: ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.

الثالث: ما يكون له مالك معلوم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 186

أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل و لا يجري عليه حكم مجهول المالك.

و أما القسم الثاني ففي جواز إحيائه و القيام بعمارته و عدمه وجهان: المشهور هو الأول و لكن الأحوط الأولى فيه الفحص عن صاحبه و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون و يصرف ثمنه على الفقراء، و إما أن يستأجره منه بأُجرة معينة أو يقدر ما هو اجرة مثله و يتصدق بها على الفقراء هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، و أما إذا علم به جاز إحياؤه و تملكه بلا حاجة إلى الإذن أصلًا.

و أما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه و إن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتاً للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه و أنعامه أو أنه كان عازماً على إحيائه و إنما أخّر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الآلات و الأسباب المتوقف عليها الإحياء و نحو ذلك فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد و التصرف فيه بدون إذن مالكه.

و

أما إذا علم أن إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به و أنه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء و ليس له على الأحوط انتزاعه من يد المحيي كما أنّ الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه إليه و لا يتصرف فيه بدون إذنه. و أما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره و التصرف فيه بدون إذنه و لو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه اجرته لمالكه على الأحوط.

(مسألة 709): كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها

و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 187

(مسألة 710): الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب على أقسام:

1- ما لا يعلم كيفية وقفها أصلًا و أنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات.

2- ما علم أنها وقف على قوم و لم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.

3- ما علم أنها وقف على جهة من الجهات و لكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.

4- ما علم أنها وقف على أشخاص و لكنهم غير معلومين بأشخاصهم و أعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلًا.

5- ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.

6- ما علم إجمالًا بأن مالكها قد وقفها و لكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم و لم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.

أما القسم الأول و الثاني الظاهر أنه لا إشكال في جواز إحيائهما لكل أحد و يملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.

و أما القسم الثالث فالمشهور جواز إحيائه و لكنه لا يخلو من إشكال فالأحوط لمن يقوم بإحيائه و عمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله و يدفع اجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر و له أن يشتريه منه أو يستأجره بأُجرة معينة و كذلك الحال في القسم الرابع.

و أما القسم الخامس فيجب على من أحياه و عمره اجرة مثله و يصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها،

و يدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 188

الوقف عليهم، و يجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.

و أما السادس فيجب على من يقوم بعمارته و إحيائه اجرة مثله و يجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم و من المتولي لتلك الجهة إن كان و إلّا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله و إذا لم تُجز الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.

(مسألة 711): من أحيا أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء

و حريم كل شي ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

(مسألة 712): حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها و الخروج منها

في الجهة التي يفتح إليها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصب مائها و ثلوجها و ما شاكل ذلك.

(مسألة 713): حريم حائط البستان و نحوه مقدار مطرح ترابه و الآلات و الطين

و الجص إذا احتاج إلى الترميم و البناء.

(مسألة 714): حريم النهر مقدار مطرح ترابه و طينه إذا احتاج إلى الإصلاح

و التنقية و المجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

(مسألة 715): حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد

و موضع تردد البهيمة و الدولاب و الموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه و مصبه و مطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة و نحو ذلك.

(مسألة 716): حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها

على نحو ما مر في غيرها.

(مسألة 717): حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها

و مصالح أهلها من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 189

مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع أهاليها لمصالحهم و مسيل مائها و الطرق المسلوكة منها و إليها و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و ما شاكل ذلك كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق و حرج و هي تختلف باختلاف سعة القرية و ضيقها و كثرة أهليها و قلتهم و كثرة مواشيها و دوابها و قلتها و هكذا و ليس لذلك ضابط غير ذلك و ليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

(مسألة 718): حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها

و يكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها و الخروج منها و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلك.

(مسألة 719): الأراضي المنسوبة إلى قرى طوائف العرب و العجم و غيرهم

أو بلادهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية على إباحتها الأصلية فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها و لا يجوز لهم أخذ الاجرة ممن ينتفع بها و إذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر و النزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة. نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم و لا يجوز لغيرهم مزاحمتهم و تعطيل حوائجهم.

(مسألة 720): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر اخرى

بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الاولى من جذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

(مسألة 721): للعين و القناة أيضاً حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين عين و عين اخرى

و قناة و قناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع و في الأرض الرخوة ألف ذراع. و لكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث إن الغالب يندفع الضرر بهذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 190

المقدار من البعد و ليس تعبدياً. و عليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالاولى و ينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز إحداثها و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الاولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة اخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الاولى. و لا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات و بين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالاولى فكذلك في الثاني و أما حفر البئر في ملكه فلا بأس بذلك فيما إذا كان أمراً متعارفاً كما هو الحال في حفر الآبار في الأراضي الزراعية. كما أن الأمر كذلك في الآبار و الأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اخرى كذلك. و كذلك إحداث نهر قرب آخر و ليس لمالك الأول منعه إلّا إذا استلزم ضرراً فعندئذ يجوز منعه.

(مسألة 722): يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات و الآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها

فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر اخرى فقط.

(مسألة 723): إذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه على النحو المتقدم

جاز إحياؤها لكل أحد و إن كانت بقرب العامر و لا تختص بمن يملك العامر و لا أولوية له.

(مسألة 724): الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم

سواء أ كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك و إنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

(مسألة 725): لا حريم للأملاك المتجاورة

مثلًا لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين و كذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 191

حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

(مسألة 726): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضرراً

على جاره و إلّا فالظاهر عدم جوازه كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللًا في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها، و أما حفر بئرٍ بقرب بئر جاره توجب نقصان مائها فقد تقدم أنه لا بأس به فيما إذا كان أمراً متعارفاً. و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الاولى و أن يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الاولى. نعم، لا مانع من تعلية البناء و إن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.

(مسألة 727): إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره

و لم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه و لو تصرف وجب عليه رفعه. هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، و أما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك. كما أن الأحوط إن لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستنداً إليه عرفاً مثلًا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمّها إلّا إذا كان فيه ضرر على المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه إشكال و الاحتياط لا يترك. نعم، الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة.

(مسألة 728): قيل: من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها

و لا يتحقق السبق إليها إلّا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من إمكان استيلاء غيره عليها و لكن حصول الملك في مثل الغابات محل تأمل بل منع. و إنما الثابت تملك الموات بالإحياء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 192

(مسألة 729): قد حُثَّ في الروايات الكثيرة على رعاية الجار و حسن المعاشرة

مع الجيران و كف الأذى عنهم و حرمة إيذائهم، و قد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس و أن حرمته كحرمة امه، و في بعضها الآخر أن حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمر الديار و يزيد في الأعمار، و في الثالث: من كف أذاه عن جاره أقال اللّٰه عثرته يوم القيامة، و في الرابع: ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره، و غيرها مما قد أكد الوصية بالجار و تشديد الأمر فيه.

(مسألة 730): يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة

و لو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه و كذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع بل لا يبعد الجواز مع الإضرار ايضاً نعم لو كان الإذن في ضمن إنشاء الصلح و لو بلا عوض فلا يجوز له الرجوع مطلقاً.

(مسألة 731): لو تداعيا جداراً لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما

مع نكول الآخر و لو حلفا أو نكلا فهو لهما و لو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.

(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل

في جدران البيت و قول مالك العلو في جدران الغرفة و الدرجة و في اختصاص أصل السقف من البيت بمالك العلو تأمل خصوصاً فيما كان بنحو الأرج و لا يبعد أن يكون قولهما فيه من قبيل دعوى كل من الشخصين في مال بيدهما و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل.

(مسألة 733): يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه

فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي، هذا فيما إذا ادّعى أن له الحق في تدلّي الأغصان و إلّا فالأظهر جواز قطع الجار مع عدم إمكان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 193

عطفها و امتناع المالك عن قطعها كما هو الفرض لعدم احترامها للجار.

(مسألة 734): راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها

و المراد بالأولى اعتباره منكراً في مقام المنازعة و مالكاً في غيره فيجوز شراؤها منه و مالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البينة.

(مسألة 735): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير

من غيره و لو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها و يتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

(مسألة 736): لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة

و بالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها و ليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

(مسألة 737): الأظهر أنّ حق التحجير كحق السرقفلية نوع حق قابل للنقل

إلى الغير و يتعلّق بالأرض المحجرة.

(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن المحجر من القيام بعمارته

و إحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه، هذا فيما عدّ ترك عمارة الأرض تعطيلًا لها من استثمارها كالأراضي الصالحة للزراعة و غرس الأشجار و أما لو لم تكن الأرض صالحة إلّا لبناء المسكن فالتحجير و لو لاحتمال تمكّنه من إحيائها مستقبلًا لسكناه كافٍ في ثبوت الحق له على الأظهر.

(مسألة 739): لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه

لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 194

(مسألة 740): لو حجر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها

ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.

(مسألة 741): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة

بل يجوز أن يكون بالتوكيل و الاستيجار و عليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل و المستأجر لا للوكيل و الأجير.

(مسألة 742): إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثمّ أجاز النيابة

فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.

(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه

و جاز لغيره إحياؤه و إذا لم يكن من جهة إهماله و تسامحه و كان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف و نحوه فلا يبطل حقه.

(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة و الإحياء عقيب التحجير

فلو أهمل و ترك الإحياء و طالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه. نعم، إذا أبدى عذراً مقبولًا يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و إلّا بطل حقه و جاز لغيره إحياؤه، و إذا لم يكن الحاكم موجوداً فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد عرفاً تعطيلًا له و الأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك

بل يكفي قصد الإحياء و الانتفاع به بنفسه أومن هو بمنزلته فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها و لكن إذا ارتحل و أعرض عنها فهي مباحة للجميع.

(مسألة 746): لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة

كالدار و البستان و المزرعة و الحظيرة و البئر و القناة و النهر و ما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 195

شاكل ذلك و لذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان و المزرعة و نحوهما غير ما معتبر في إحياء الدار و ما شاكلها، و عليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين و يدور مداره وجوداً و عدماً و عند الشك في حصوله يحكم بعدمه.

(مسألة 747): الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته

، نعم إذا سبق إليه من تملكه ملكه و إلّا فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه، و لا يجوز التصرف فيه إلّا باذنه أو إعراضه عنه هذا في المنقولات، و أما غيرها كالآبار و الأراضي و البساتين فلا يدخل بعد إعراض المالك في ملك أحدٍ بالسبق إليه و إنما يكون للسابق حق السبق فلا يجوز مزاحمته نعم إذا صارت الأرض مواتاً فيملكها من أحياها كسائر الأراضي الموات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 197

كتاب المشتركات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 199

المراد بالمشتركات: الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.

(مسألة 748): الطرق على قسمين نافذ و غير نافذ

، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء، و لا يجوز التصرف لأحد فيه بإحياء أو نحوه، و لا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك، و إن لم يكن مضراً بالمارة. و أما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه فلا إشكال في جوازه، لكونها من مصالحه و مرافقه. و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه و سقفه. كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك. و الضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضراً بالمارة جائز.

(مسألة 749): لو أحدث جناحاً على الشارع العام ثمّ انهدم أو هدم

فإن كان من قصده تجديده ثانياً، فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء، و إن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.

(مسألة 750): الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة

، و هو المسمى بالسكة المرفوعة و الدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط داره إليه، و هو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، و حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 200

واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول.

(مسألة 751): لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها للاستطراق

إلّا بإذن أربابها. نعم له فتح ثقبة و شباك إليها، و أما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة، فلا يخلو عن إشكال.

(مسألة 752): يجوز لكل من أصحاب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق

و التردد منها إلى داره بنفسه و عائلته و دوابه، و كل ما يتعلق بشئونه من دون إذن باقي الشركاء، و إن كان فيهم القصر، و من دون رعاية المساواة معهم.

(مسألة 753): يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس

أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك، ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين، و ليس لأحد منعه عن ذلك و إزعاجه، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين و نحو ذلك.

(مسألة 754): إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثمّ قام عنه

، فإن كان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقه، و إن كان لحرفة و نحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود بطل حقه أيضاً فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه.

و إن كان قيامه قبل استيفاء غرضه و كان ناوياً للعود فعندئذ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه. و إن لم يبق منه شي ء فبقاء حقه لا يخلو عن إشكال و الاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد، و أما إذا كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا إشكال في أن الثاني أحق به من الأول.

(مسألة 755): يتحقق الشارع العام بامور:

الأول: كثرة الاستطراق و التردد و مرور القوافل في الأرض الموات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 201

الثاني: جعل الإنسان ملكه شارعاً و تسبيله تسبيلًا دائمياً لسلوك عامة الناس، فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقاً و ليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث: إحياء جماعة أرضاً مواتاً و تركهم طريقاً نافذاً بين الدور و المساكن.

(مسألة 756): لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له

، كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر، و استطرقها الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها و إن تضيقت على المارة. و كذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس.

(مسألة 757): إذا كان الشارع العام واقعاً بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه

فقيل لا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع، بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع و عليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه. نعم لو أحيا شخص من أحد طرفيه، ثمّ أحيا آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول، و لكن هذا التحديد ظاهره التحديد بلحاظ حاجة الناس بحسب الغالب في ذلك الزمان فالمعيار لحاظ حاجة المارّة و لو لم يكن هذا المقدار كافياً كما في مثل عصرنا الحاضر فاللازم رعايتها و تعيين ذلك موكول إلى أهل الخبرة.

(مسألة 758): إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع،

زال حكمه، بل ارتفع موضوعه و عنوانه، و عليه فيجوز لكل أحد إحياؤه.

(مسألة 759): إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلًا فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها و تملكه

. و أما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً للحاجة لكثرة المارة، فلا يجوز ذلك أيضاً، و إلّا فلا مانع منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 202

(مسألة 760): يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد

، و جميع المسلمين فيه شرع سواء، و لا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقاً عليه، لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه و لو كان سابقاً عليه كما إذا كان جالساً فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. و لا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلي هذا المكان اقتراحاً منه، فلو اختار المصلي مكاناً مشغولًا بغير الصلاة و لو اقتراحاً، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقاً عليه هذا إذا كان لذلك الموضع خصوصية و لو بحسب الفضاء و إلّا فلا مزاحمة في البين.

(مسألة 761): من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه

و إزعاجه، و إن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، و لا يكون منّاعاً للخير.

(مسألة 762): إذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه

، و لو عاد إليه و قد أخذه غيره، فليس له منعه و إزعاجه. و أما إذا كان ناوياً للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال و إن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال فالأحوط مراعاة حقه، و لا سيما إذا كان خروجه لضرورة، كتجديد الطهارة أو نحوه.

(مسألة 763): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال

و الاحتياط لا يترك. هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان، و إلّا فإذا كان الرحل ممّا يُصلّى عليه فالظاهر جواز الصلاة عليه بل رفعه في الفرض لا يخلو عن الإشكال.

و هل يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان، إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 203

(مسألة 764): المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الأحكام

، و لكن في تقدّم الصلاة على الزيارة و نحوها تأمّل.

(مسألة 765): جواز السكنى في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف

، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلًا، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها. و أما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة و سكنها فهو أحق بها، و لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و إن طالت المدة، إلّا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلًا، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة.

(مسألة 766): إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة، كأن لا يكون معيلًا

، أو يكون مشغولًا بالتدريس أو بالتحصيل، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها. و الضابط أن حق السكنى- حدوثاً و بقاءً تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءً.

(مسألة 767): لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية

من المأكول و المشروب و الملبس و ما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر و كذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، كالسفر إلى الحج أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود و بقاء رحله و متاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف. نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه.

(مسألة 768): إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة

أو في جميع الليالي لم يجز لمن يبيت في غيرها أن يسكنها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 204

(مسألة 769): لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته

إلّا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدة لسكنى طالب واحد.

(مسألة 770): الرُّبُطُ و هي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس

في جميع ما ذكر.

(مسألة 771): مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات. و ما شاكلهما

، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات و غير ذلك من المشتركات.

(مسألة 772): كل ما جرى بنفسه أو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية

فمن حازه بإناء أو غيره ملكه من دون فرق بين المسلم و الكافر في ذلك.

(مسألة 773): مياه الآبار و العيون و القنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها

، ملك للحافر، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها.

(مسألة 774): إذا شق نهراً من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له

أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء.

(مسألة 775): إذا كان النهر لأشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته

من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية و إن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة، و لا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه.

(مسألة 776): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال

المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين. و عليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت و زمان و بأي مقدار شاء، جاز له ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 205

(مسألة 777): إذا وقع بين الشركاء تعاسر و تشاجر فإن تراضوا بالتناوب

و المهاياة بالأيام أو الساعات فهو، و إلّا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلًا ذات ثقوب متعددة متساوية و يجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته. فإن كانت حصة أحدهم سدساً و الآخر ثلثاً و الثالث نصفاً، فلصاحب السدس ثقب واحد، و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة.

(مسألة 778): القسمة بحسب الأجزاء لازمة

. و الظاهر أنها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء أجبر الممتنع منهم عليها. و أما القسمة بالمهاياة و التناوب، فهي ليست بلازمة، فيجوز لكل منهم الرجوع عنها، نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.

(مسألة 779): إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك،

كان للجميع حق السقي منه، و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين. و عندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، و إلّا قدم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان و علم السابق، و إلّا قدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، و كذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع، و إلّا قدم الأسبق فالأسبق أي: من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر. و هكذا إن كان هناك سابق و لاحق و إلّا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه، ثمّ ما يليه و هكذا.

(مسألة 780): تنقية النهر المشترك و إصلاحه و نحوهما على الجميع بنسبة ملكهم

إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم و أما إذا لم يقدم عليها إلّا البعض لم يجبر الممتنع. كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلّا إذا كان إقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 206

(مسألة 781): إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر و غيره

، و كان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه، أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الإحياء و التعمير و بذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته.

(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل

، و في الزرع إلى الشرك، ثمّ كذلك لمن هو دونه، و ليس لصاحب النهر تحويله على الأحوط إلّا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه، و كذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه و غيرها و ليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلّا أن يكون المرعى ملكاً له أو كان من حريم ضيعته أو مزرعته و كان بمقدار حاجته فيجوز له أن يحميه حينئذ.

(مسألة 783): المعادن على نوعين:

الأول: المعادن الظاهرة، و هي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مئونة عمل خارجي، و ذلك كالملح و القير و الكبريت و المومياء و الفيروزج و ما شاكل ذلك.

الثاني: المعادن الباطنة و هي التي يتوقف استخراجها على الحفر و العمل، و ذلك كالذهب و الفضة.

أما الاولى فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئاً ملك قليلًا كان أو كثيراً، و بقي الباقي على الاشتراك، نعم إذا سبق على غيره ببعض العمل اللازم قبل الحيازة ككنس التراب عن وجه الملح ففي جواز تملك الغير بالحيازة إشكال.

و أما الثانية فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها و ظهورها، و أما إذا حفر، و لم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

(مسألة 784): إذا شرع في إحياء معدن ثمّ أهمله و عطله، أجبره الحاكم

أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 207

وكيله على إتمام العمل أو رفع يده عنه. و لو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثمّ يلزمه على أحد الأمرين.

(مسألة 785): المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفاً

من توابع الأرض و ملحقاتها، و أما إذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها أو ما شاكلها، فلا تتبع الأرض و لا تملك بإحيائها و أمّا المقدار المستخرج فإنه يملكه.

(مسألة 786): لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن

فإن كان بعنوان الإجارة بطل، و في صحته بعنوان الجعالة إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 209

كتاب الدين و القرض

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 211

(مسألة 787): لا تعتبر الصيغة في القرض

، فلو دفع مالًا إلى أحد بقصد القرض و أخذه المدفوع له بهذا القصد صح القرض.

(مسألة 788): يكره الدين مع القدرة

، و لو استدان، وجبت نية القضاء و لو مع عدم التمكن فينوي الأداء لو اتّفق، و الإقراض أفضل من الصدقة.

(مسألة 789): يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً

، فلو كان ديناً أو منفعة لم يصح القرض. نعم يصح إقراض الكلي في المعين، كإقراض درهم من درهمين خارجيين و كذا الكلي في الذمّة بأن يوقع العقد عليه و إن كان إقباضه لا يكون إلّا بدفع عين شخصية.

(مسألة 790): يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه

، فلا يصح إقراض الخمر و الخنزير و لا يعتبر فيه تعيين مقداره و أوصافه و خصوصياته التي تختلف المالية باختلافها، سواء أ كان مثلياً أم قيمياً. نعم على المقترض تحصيل العلم بمقداره و أوصافه مقدمة لأدائه و هذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض هذا في قرض العين الشخصية أو الكلي في المعيّن و أمّا في الكلي في الذمة فلا بُدّ من تعيين مقداره و أوصافه الدخيلة في المالية.

(مسألة 791): يعتبر في القرض القبض

، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلّا بعد قبضه.

(مسألة 792): إذا كان المال المقترض مثلياً كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 212

و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، و عليه أداء المثل سواء أبقي على سعره وقت الأداء أو زاد أو تنزل، و ليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة، نعم يجوز الأداء بها مع التراضي. و العبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء كما أنّه إذا أعوز المثل كان عليه قيمته يوم الأداء. و إذا كان قيمياً ثبتت في ذمته قيمته وقت القرض و لو اختلفت القيمة في القيمي.

(مسألة 793): إذا أقرض إنسان عيناً، و قبضها المقترض، فرجع المقرض

و طالب بالعين لا تجب إعادة العين على المقترض.

(مسألة 794): لا يتأجل الدين الحال إلّا باشتراطه في ضمن عقد لازم

، و يصح تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه، و لا يصح تأجيل الحال بإضافة شي ء.

(مسألة 795): ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين

في أي وقت كان إذا كان الدين حالًّا، و أما إذا كان مؤجّلًا فكذلك بعد حلوله. و أما قبل حلوله فهل للدائن حق الامتناع من قبوله؟ فيه وجهان: الظاهر أنه ليس له ذلك إلّا إذا علم من الخارج أن التأجيل حق للدائن أيضاً بأن تكون عند الاقتراض قرينة على أن شرط الأجل حقّ للدائن على المدين أيضاً.

(مسألة 796): يحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض

، لكن الظاهر أن القرض لا يبطل بذلك، بل يبطل الشرط فقط، و يحرم أخذ الزيادة، فلو أخذ الحنطة مثلًا بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله، و كذا الحال فيما إذا أخذ مالًا بالقرض الربوي، ثمّ اشترى به ثوباً. نعم لو اشترى شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرف فيه.

(مسألة 797): لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض و غيره

، فلو قال: أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً، أو تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يصح، و كذا إذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو نحو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 213

ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه يحرم، و يجوز قبولها مطلقاً من غير شرط كما يجوز اشتراط ما هو واجب على المقترض، مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالًا لازم الأداء، و كذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال، مثل أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أنت أو تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غيرهما، فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتاً بغير القرض، فيجوز شرط غير ذلك، و لو شرط موضع التسليم لزم و كذا إذا اشترط الرهن، و لو شرط تأجيله في عقد لازم صح و لزم الأجل، بل الظاهر جواز اشتراط الأجل في عقد القرض نفسه، فلا يحق للدائن حينئذ المطالبة قبله.

(مسألة 798): لو أقرضه شيئاً و شرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته

أو يؤجره بأقل من اجرته دخل في شرط الزيادة، فلا يجوز. و أما إذا باع المقترض المقرض شيئاً بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئاً بأكثر من قيمته و شرط عليه أن يقرضه مبلغاً من المال جاز، و لم يدخل في القرض الربوي.

(مسألة 799): يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض في قرض المثلي أن يؤديه من غير جنسه

، بأن يؤدي بدل الدراهم دنانير و بالعكس و يلزم عليه هذا الشرط إذا كانا متساويين في القيمة، أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه.

(مسألة 800): إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض

، و أما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له.

(مسألة 801): يجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن

إن قدر عليه و لو ببيع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه أو إجارة أملاكه. و أما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله و الأداء منه؟ الأحوط ذلك. نعم، يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 214

المحتاج إليها و لو للتجمّل و خادمه و نحو ذلك، مما يحتاج إليه و لو بحسب حاله و شئونه. و الضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله و شرفه، و كان بحيث لولاه لوقع في عسر و شدة أو حزازة و منقصة. و لا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد و المتعدد، فلو كانت عنده دور متعددة و احتاج إلى كل منها لسكناه و لو بحسب حاله و شرفه لم يبع شيئاً منها، و كذلك الحال في الخادم و نحوه. نعم إذا لم يحتج إلى بعضها وجب عليه بيع الزائد و كذلك على الأحوط لو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه. ثمّ إن المقصود من كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبر على بيعها لأدائه و لا يجب عليه ذلك. و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه و إن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.

(مسألة 802): لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلًا، و لكنها كافية لسكناه

، و له دار مملوكة، فإن لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة أية حزازة و منقصة، فالأحوط أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه نعم لو كان قد سكن الدار الموقوفة قبل حلول الدين وجب عليه بيع داره المملوكة.

(مسألة 803): لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين

و لكنها لا تباع إلّا بأقل من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه. نعم، إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة و لا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.

(مسألة 804): يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواء أ كان حيا أم كان ميتاً

و تبرأ ذمته به، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه بل و إن منعه المدين عن ذلك.

(مسألة 805): لا يتعين الدين فيما عينه المدين

، و إنما يتعين بقبض الدائن و لو لم يعلم كونه أداءً لدينه فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، و تبقى ذمته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 215

مشغولة به.

(مسألة 806): إذا مات المدين حلّ الأجل

، و يخرج الدين من أصل ماله و إذا مات الدائن بقي الأجل على حاله، و ليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل. و على هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلًا، و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته.

و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل، و هل يلحق بموت الزوج طلاقه؟ فيه وجهان، الأظهر عدم الإلحاق حيث إن الحلول على خلاف القاعدة فيقتصر بمورد قيام الدليل عليه و دعوى انصراف اشتراط الأجل في المهر إلى صورة بقاء الزوجية شبيهة بدعوى انصراف اشتراطه إلى صورة عدم إفلاس المدين.

(مسألة 807): لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس

، فلو كانت عليه ديون حالة و مؤجلة، قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة و لا يشاركهم أرباب الديون المؤجلة.

(مسألة 808): لو غاب الدائن و انقطع خبره، وجب على المستدين نية القضاء

و الوصية به عند الوفاة، فإن جهل خبره و مضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه إلى ورثته، و مع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم يتصدق به عنهم.

و يجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين، و إن لم يقطع بموته، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته إذا فحص عنه في هذه المدة.

(مسألة 809): لا تجوز قسمة الدين

، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص متعددة، كما إذا افترضنا أنهما باعا مالًا مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما ديناً على أشخاص ثمّ قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما، و ما في ذمة الباقي لآخر لم تصح، و يبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما. نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز لأحدهما أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 216

يستوفي حصته منه و يتعين الباقي في حصة الآخر و هذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شي ء.

(مسألة 810): تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً

بل عليه الصبر و النظرة إلى الميسرة.

(مسألة 811): إذا اقترض دنانير مثلًا، ثمّ اسقطتها الحكومة عن الاعتبار

و جاءت بدنانير اخرى غيرها، كانت عليه الدنانير الاولى. نعم إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب (اسكناس) ثمّ اسقطت عن الاعتبار، لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الإسقاط يعني أداء ما يجعل بدلًا عنها من النقد الجديد.

(مسألة 812): يصح بيع الدين بمال موجود و إن كان أقل منه إذا كان من غير جنسه

أو لم يكن ربوياً، و لا يصح بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل العقد و لا فرق في المنع بين كونهما حالين بحلول الأجل أو بالأصل على الأحوط لو لم يكن أقوى أو مؤجلين أو مختلفين. و لو صار ديناً بالعقد بطل في المؤجلين على الأحوط و صح في غيرهما، و لو كان أحدهما ديناً قبل العقد و الآخر ديناً بعد العقد صح إلّا في بيع المسلم فيه قبل حلوله، فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم.

(مسألة 813): يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات

و لو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن و ليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فإن فعل ضمن العين فيرد ما أخذ و لو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته، و لو أذن المولى له لزمه دون المملوك و إن اعتق، و غريم المملوك أحد غرماء المولى، و لو أذن له في التجارة فاستدان لها الزم المولى مع إطلاق الإذن و إن تبع به بعد العتق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 217

(مسألة 814): يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر

إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد و لم يكن مما يكال أو يوزن بلا فرق بين أن يكون التحويل بأقل مما دفعه أو أكثر.

(مسألة 815): ما أخذه بالربا في القرض و كان جاهلًا

، سواء أ كان جهله بالحكم أو بالموضوع، ثمّ علم بالحال، فإن تاب، فما أخذه له و عليه أن يترك فيما بعد.

(مسألة 816): إذا ورث مالًا فيه الربا، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شي ء

، و إن كان معلوماً و معروفاً و عرف صاحبه ردّه إليه و إن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.

خاتمة

إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة منهم لما فيه من قضاء حاجة المؤمن و كشف كربته و عن النبي صلى الله عليه و آله: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف اللّٰه عنه كربه يوم القيامة و عنه صلى الله عليه و آله من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، و عنه صلى الله عليه و آله من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات و إن رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب و من شكا إليه أخوه المسلم و لم يقرضه حرم اللّٰه عزّ و جل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين، و عن أبي عبد اللّه عليه السلام ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه اللّٰه إلّا حسب اللّٰه له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه، و عنه عليه السلام أيضاً: مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة و القرض بثمانية عشر، إلى غير ذلك من الروايات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 219

كتاب الرهن

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 221

و لا بد فيه من الإيجاب و القبول من أهله و لا يعتبر في الإيجاب و القبول التلفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً و في اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.

(مسألة 817): يشترط في الرهن أن يكون المرهون عيناً مملوكة يمكن قبضها

و يصح بيعها نعم في بطلان الرهن بالكلّي الثابت على عهدة الغير مع حصول القبض كما هو مقتضى اشتراطه في الرهن و كذا في بطلان رهن المنفعة كما لو استدان من مستأجر داره و جعل منفعتها غير المملوكة للمستأجر رهناً للدين المأخوذ منه تأمّل.

و أن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عيناً كان أو منفعة.

(مسألة 818): يتوقف رهن غير المملوك للراهن على إجازة مالكه

، و لو ضم مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه و توقف في الضميمة على إجازة مالكها.

(مسألة 819): يلزم الرهن من جهة الراهن، و للمرتهن رفع اليد عن حق الرهانة

مع بقاء الدين.

(مسألة 820): رهن الحامل ليس رهناً للحمل

و إن تجدد.

(مسألة 821): فوائد الرهن للمالك و الرهن على أحد الدينين ليس رهناً على الآخر

، و لو استدان من الدائن ديناً آخر و جعل الرهن على الأول رهناً عليهما صح.

(مسألة 822): يجوز للولي أن يرهن مال المولى عليه

مع مصلحته.

(مسألة 823): المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن

و لا بأس بتصرف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 222

الراهن في المرهون تصرفاً لا ينافي حق الرهانة و لا يجوز له التصرف المنافي من دون إذن المرتهن و تقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري و جهله في شروط العوضين.

(مسألة 824): لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً

فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل الدين صح و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالاجرة مدة و إذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة و إن برئت ذمة الراهن من الدين.

(مسألة 825): لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل

ما دام حيّاً.

(مسألة 826): لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة

و يستوفي حقه منها لزمت الوصية و ليس للوارث إلزامه برد العين و استيفاء دينه من مال آخر.

(مسألة 827): حق الرهانة موروث

فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.

(مسألة 828): المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي

و يضمن معه لمثله إن كان مثلياً و إلّا فلقيمته يوم التعدي، و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التفريط و قول الراهن في قدر الدين.

(مسألة 829): المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء

إذا صار الراهن مفلساً، و لو فضل من الدين شي ء شاركهم في الفاضل، و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه و في جريان الحكم على ما إذا مات الراهن و قصرت تركته عن ديونه تأمّل فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 830): لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن

و عليه الاجرة.

(مسألة 831): لو أذن الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن

إلّا بإذن الراهن حتى بعد الأجل و إذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 223

الاستيفاء بلا إذن، كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ و امتنع من وفاء الدين جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا إذن و الأحوط استحباباً مراجعة الحاكم الشرعي و لكن لو ادعى الراهن حينئذ عدم كونه ممتنعاً من أداء دينه فعلى المرتهن إثباته.

(مسألة 832): لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يفسد قبل الأجل كالأثمار

فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن، و إلّا لزم بيعه و يجعل ثمنه رهناً، فإن باعه الراهن أو وكيله فهو، و إن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله، و مع فقده باعه المرتهن.

(مسألة 833): لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن

و لا بينة له جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.

(مسألة 834): إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 223

و ادعاء الآخر الرهن هذا إذا لم يكن الدين ثابتاً و إلّا فالقول قول مدعي الرهن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 225

كتاب الحجر

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 227

و أسبابه امور:

الأول: الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ و يعلم بنبت الشعر الخشن على العانة أو الاحتلام أو إكمال خمس عشرة سنة قمرية في الذكر و تسع في الانثى، و الصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته فلا يصح منه البيع و الشراء في الذمة و لا الاقتراض و إن صادف مدة الأداء من البلوغ و كذا لا ينفذ منه التزويج و الطلاق و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملًا في المضاربة و المزارعة و نحو ذلك.

الثاني: الجنون، فلا يصح تصرفه إلّا في أوقات إفاقته.

الثالث: السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته و يختص الحجر بأمواله على المشهور و هو الأظهر و يُعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات و تقع أفعاله على الوجه الملائم و لا يزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن في السن، و يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، و في النساء بشهادة الرجال و كذلك بشهادتين على إشكال.

الرابع: الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه و لو ملكه مولاه شيئاً ملكه على الأصح، و كذا غيره إذا كان بإذن المولى.

الخامس: الفلس، و يحجر على المفلس بشروط أربعة: ثبوت ديونه عند الحاكم، و حلولها، و قصور أمواله عنها، و مطالبة أربابها

الحجر و إذا حجر عليه الحاكم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 228

بطل تصرفه في ماله مع عدم إجازة الديان ما دام الحجر باقياً.

(مسألة 835): لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض

و البائع الغرماء و لو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء، و كذا لو أقر بدين سابق أو بعين.

(مسألة 836): للمفلس إجازة البيع في جميع الموارد

و في جواز فسخه إشكال.

(مسألة 837): من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها

المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها مما لا يصلح للانفصال تبعها و ما يصلح لذلك كالصوف و الثمرة و نحوهما ففيه إشكال، و الأظهر عدم التبعية.

(مسألة 838): من وجد عين ماله و قد خلطها المفلس بجنسها فله عين ماله مطلقاً

، و إن كان بالأجود و كذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(مسألة 839): لا يختص الدائن بعين ماله

إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.

(مسألة 840): يخرج الحب و البيض بالزرع و الاستفراخ عن الاختصاص.

(مسألة 841): للشفيع أخذ الشقص و يضرب البائع مع الغرماء

، و إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون و كذلك الخمس، و إذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

(مسألة 842): لو أفلس بثمن ام الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد

و أما قبله ففيه إشكال و الجواز أظهر.

(مسألة 843): لا يحل مطالبة المعسر

و لا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 229

و كان عسراً عليه و لا بيع دار سكناه اللائقة بحاله بل الأحوط عدم إلزامه ببيع داره مطلقاً و لا عبد خدمته و لا غيره مما يعسر عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.

(مسألة 844): لا يحل بالحجر الدين المؤجل

و لو مات من عليه الدين حلّ و لا يحل بموت صاحبه.

(مسألة 845): المشهور أنّه ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة

و على عياله و لكن في التحديد إشكال فلا يترك الاحتياط و لو مات قدم الكفن و غيره من واجبات التجهيز.

(مسألة 846): يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط

و لو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت و شاركهم، و مع إحراز أمواله و ضبطها يطلق و إن لم تقسّم و يزول الحجر بالأداء.

(مسألة 847): الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه إذا بلغا كذلك للأب و الجد له

، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصياً في ذلك فإن فقد فللحاكم و في مال السفيه و المجنون اللذين عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية للحاكم خاصه و فيه إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 231

كتاب الضمان

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 233

الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.

(مسألة 848): يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن، و القبول من المضمون له

بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين، و رضا الثاني بذلك.

(مسألة 849): الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان

، فالتعليق لا يخلو عن إشكال. نعم لا يبعد صحة ضمان الدين على نحو ضمان العين الخارجية بمعنى تعهد ما في ذمة الغير كالتعهد في الأعيان المضمونة الراجع إلى قضية تعليقية و أثره اشتغال الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون كما أن أثره في ضمان العين الخارجية ذلك على تقدير تلفها فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المدين. و هذا ما يسمّى بالضمان العقلاني أو ضمان الأداء مقابل الضمان المصطلح المسمى بالضمان الشرعي.

(مسألة 850): يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه، و عدم التفليس أيضاً

في خصوص المضمون له و أما في المديون فلا يعتبر شي ء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

(مسألة 851): إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون عنه

إذا كان الضمان بطلبه و إلّا لم يرجع.

(مسألة 852): إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته،

و لا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، و إذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه، و لا يرجع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 234

إلى المضمون عنه بذلك المقدار. و إذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلّا بذلك المقدار دون الزائد، و كذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له.

و الضابط أن الضامن لا يطالب المضمون عنه إلّا بما خسر دون الزائد و منه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

(مسألة 853): عقد الضمان لازم

، فلا يجوز للضامن فسخه و لا للمضمون له.

(مسألة 854): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط أو بغيره

بل الأظهر عدمه نعم لا يبعد ثبوت الخيار للمضمون له إذا ظهر فقر الضامن حين عقد الضمان.

(مسألة 855): إذا كان الدين حالًا و ضمنه الضامن مؤجلًا، فيكون الأجل للضمان لا للدين

، فلو أسقط الضامن الأجل و أدى الدين حالًا، فله مطالبة المضمون عنه كذلك، و كذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.

(مسألة 856): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه شخص كذلك، ثمّ أسقط الأجل و أدى الدين حالًا

، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل. و كذلك الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالًّا و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

(مسألة 857): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه شخص حالًّا بإذن المضمون عنه، و أدى الدين،

فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين، لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

(مسألة 858): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه بأقل من أجله

، كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلًا، و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدة، و قبل حلول الأجل، فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، و هو أجل الدين و إذا ضمنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 235

بأكثر من أجله، ثمّ أسقط الزائد و أداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، و كذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين و قبل انقضاء المدة الزائدة.

(مسألة 859): إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمساً بإجازة من الحاكم الشرعي أو زكاة، أو صدقة

، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، و كذا الحال إذا أخذه منه ثمّ رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها، و هكذا إذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته.

(مسألة 860): يجوز الضمان بشرط الرهانة

من المضمون عنه.

(مسألة 861): إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن

فهو ينفك بالضمان.

(مسألة 862): إذا ضمن شخصان مثلًا عن واحد

، فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما، و على الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامناً على نحو تعاقب الأيدي.

و عليه فإذا أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الآخر و فيه إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 863): إذا كان مديوناً لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين

، و لا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين و كذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح، و إن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.

(مسألة 864): إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء

من الخمس أو الزكاة أو المظالم. و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا.

(مسألة 865): إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاة

صح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 236

أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

(مسألة 866): إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان

، و يخرج المال المضمون من أصل تركته، سواء أ كان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.

(مسألة 867): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية

. و أما ضمانه لنفقاتها الآتية، ففي صحته إشكال. و أما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا إشكال.

(مسألة 868): يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة الضامن فعلًا

، و أثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها. و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اخرى. و الضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.

(مسألة 869): في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء

أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال.

(مسألة 870): إذا قال شخص لآخر الق متاعك في البحر و عليَّ ضمانه

، فألقاه ضمنه، سواء أ كان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة اخرى من خفتها أو نحوها، و هكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلًا لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

(مسألة 871): إذا اختلف الدائن و المدين في أصل الضمان

، كما إذا ادعى المديون الضمان و أنكره الدائن، فالقول قول الدائن، و هكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين، و أنكره المضمون له في بعضه.

(مسألة 872): إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر

و لكن لا يجوز للدائن حينئذ المراجعة إلى المدين لاعترافه ببراءة ذمته من دينه و إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 237

اعترف بالضمان و اختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلًا، فالقول قول الضامن، و إذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالًا، أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

(مسألة 873): إذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه

أو في وفاء الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شي ء على المضمون عنه، قدم قول المضمون عنه.

(مسألة 874): إذا أنكر المدعى عليه الضمان، و لكن استوفى المضمون له الحق منه بإقامة بينة

، فليس له مطالبة المضمون عنه، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

(مسألة 875): إذا ادعى الضامن الوفاء. و أنكر المضمون له و حلف

، فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك.

(مسألة 876): يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو

، و يضمن بكر عن زيد و هكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير و تشتغل ذمته للدائن فإذا أدّاه رجع به إلى سابقه و هو إلى سابقه و هكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول هذا إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه و إلّا فلا رجوع عليه فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو و كان ضمان بكر بإذن زيد و أدى بكر الدين رجع به إلى زيد و لا يرجع زيد إلى عمرو.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 239

كتاب الحوالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 241

الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه.

(مسألة 877): يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول من المحال

بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.

(مسألة 878): يشترط في المحيل و المحال البلوغ و العقل و الرشد

، كما يعتبر فيهما عدم التفليس إلّا في الحوالة على البري ء، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً أو سفيهاً، و يعتبر في المحيل و المحال الاختيار، و في اعتباره في المحال عليه إشكال.

و الأظهر عدم الاعتبار إلّا في الحوالة على البري ء أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه و اختياره.

(مسألة 879): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل

فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه.

(مسألة 880): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معيناً

، فإذا كان شخص مديناً لآخر بمن من الحنطة و دينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 881): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعاً

، و إن لم يعلم المحيل و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة فإذا كان الدين مسجلًا في الدفتر، فحوله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه، و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 242

الحوالة.

(مسألة 882): للمحال أن لا يقبل الحوالة و إن لم يكن المحال عليه فقيراً

و لا مماطلًا في أداء الحوالة.

(مسألة 883): لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل

قبل أدائه إلى المحال، و إذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن يأخذ من المحيل إلّا الأقل.

(مسألة 884): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل

، أو منفعة أو عملًا لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب و نحوها، بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزيارة و القراءة و غير ذلك، و لا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البري ء أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.

(مسألة 885): الحوالة عقد لازم

، فليس للمحيل و المحال فسخه. نعم لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة، و كان المحال جاهلًا به، جاز له الفسخ بعد علمه بالحال و إن صار غنياً فعلًا. و أما إذا كان حين الحوالة موسراً أو كان المحال عالماً بإعساره، فليس له الفسخ.

(مسألة 886): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه

(مسألة 887): لو أدى المحيل نفسه الدين

، فإذا كان بطلب من المحال عليه و كان مديناً، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. و أما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مديناً له، فليس له ذلك نعم له حينئذٍ الرجوع إلى المحال إن أدّاه بقصد أداء ما عليه.

(مسألة 888): إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته

، و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.

(مسألة 889): إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه

، و ادعى المحيل أن له

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 243

عليه مالًا و أنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة، فيحلف على براءته.

(مسألة 890): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على مكاتبه

، سواء أ كانت قبل حلول النجم أو بعده، و بها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه، و تشتغل ذمته للمحال، و لا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه مدين لمولاه.

(مسألة 891): إذا كان للمكاتب دين على أجنبي. فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة

، فقبلها صحت الحوالة. و ينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.

(مسألة 892): إذا اختلف الدائن و المدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة

. فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة. سواء أ كان هو الدائن أم المدين.

(مسألة 893): إذا كان له على زيد دنانير و عليه لعمرو دراهم فأحال عمراً على زيد بالدنانير

فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا عمرو به ثمّ إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، و إن كان المراد إحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول الحوالة كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب القبول بل هو من قبيل الحوالة على البري ء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 245

كتاب الكفالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 247

الكفالة هي التعهد بإحضار المدين و تسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.

(مسألة 894): تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده

و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.

(مسألة 895): يعتبر في الكفيل العقل و البلوغ و الاختيار، و عدم السفه، و القدرة على إحضار المدين

و لا يبعد كفاية احتمال قدرته على إحضاره مع تمكنه من أداء ما على ذمّة المكفول و لا يشترط في الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختيار، فتصح الكفالة للصبي و السفيه و المجنون إذا قبلها الولي.

(مسألة 896): تصح الكفالة باحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي

، و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال و كذا لا يبعد صحّة كفالة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الحكم بأن تكون عليه دعوى مسموعة و إن لم تقم البيّنة عليه بالحق و لا تصحّ كفالة من عليه عقوبة من حدّ أو تعزيرٍ.

(مسألة 897): إذا كان المال ثابتاً في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة

. و أما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلًا، و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال، و الصحة أقرب.

(مسألة 898): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلّا بالاقالة

، أو بجعل الخيار له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 248

(مسألة 899): إذا لم يحضر الكفيل المكفول

، فأخذ المكفول له المال من الكفيل فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة و لا في الأداء، فليس للكفيل الرجوع عليه و المطالبة بما أداه. و إذا أذن في الكفالة و الأداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن يرجع عليه، و إن أذن له في الكفالة دون الأداء، فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. نعم إذا أخذ المكفول له المال من الكفيل و كان غير متمكن من إحضار المكفول عند طلب المكفول له فلا يبعد الضمان مع كون الكفالة بإذنه.

(مسألة 900): يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول

إذا لم يؤدّ دين المكفول سواء كان الأداء مع الضمان كما لو أذن المكفول أو بدونه فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، و لم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به.

(مسألة 901): إذا كان المكفول غائباً احتاج حمله إلى مئونة

، فالظاهر أنها على الكفيل، إلّا إذا كان صرفها بإذن من المكفول.

(مسألة 902): إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره

ببيع أو صلح أو حوالة، أو هبة و لو قبل قبض المتهب، انتهت الكفالة.

(مسألة 903) إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو حيلة

بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، و إلّا فيضمن عنه دينه، و يجب عليه تأديته له.

(مسألة 904): ينحل عقد الكفالة بامور:

الأول: أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.

الثاني: أن يؤدي دينه.

الثالث: ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين.

الرابع: ما إذا مات المدين.

الخامس: ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 249

كتاب الصلح

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 251

الصلح هو التسالم بين شخصين على تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجاناً، أو بعوض.

(مسألة 905): الصلح عقد مستقل و لا يرجع إلى سائر العقود

و إن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض، و فائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض و فائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، و فائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين.

(مسألة 906): إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح

، سواء أ كان مع العوض أو بدونه. و كذا إذا تعلق بدين على غير المتصالح أو حق قابل للانتقال، كحقي التحجير و الاختصاص، و إذا تعلق بدين على المتصالح. أفاد سقوطه. و كذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال، كحق الشفعة و نحوه.

و أما ما لا يقبل الانتقال و لا الإسقاط، فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 907): يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين

، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر و المخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه، أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، و غير ذلك. و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 252

(مسألة 908): يجري الفضولي في الصلح

، كما يجري في البيع و نحوه.

(مسألة 909): لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به

فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين و لا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً و ما إذا لم يكن متعذراً.

(مسألة 910): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعى به أو بشي ء آخر،

حتى مع إنكار المدعى عليه، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى، و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، و لكن هذا قطع للنزاع ظاهراً، و لا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، و ذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثمّ تصالحا على النصف، فهذا الصلح و إن أثر في سقوط الدعوى، و لكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه، و يبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر، إلّا أنه إذا كان المنكر معذوراً في اعتقاده لم يكن عليه إثم. نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.

(مسألة 911): لو قال المدعى عليه للمدعي صالحني: لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق

، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار و الإنكار. و أما لو قال بعني أو ملكني، كان إقراراً إذا لم تكن قرينة على الخلاف.

(مسألة 912): يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه

أو غيره.

(مسألة 913): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك،

و لا تعتبر فيه صيغة خاصة.

(مسألة 914): لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلًا،

و يتصرف في لبنها و يعطي مقداراً معيناً من الدهن مثلًا صحت المصالحة، بل لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 253

آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الإجارة.

(مسألة 915): لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول

. و أما المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.

(مسألة 916): لو علم المديون بمقدار الدين، و لم يعلم به الدائن

و صالحه بأقل منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن ينشأ عقد التراضي على الإبراء على كل تقدير.

(مسألة 917): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما يكال أو يوزن

. مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط و لا بأس بها مع احتمال الزيادة.

(مسألة 918): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين

فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. و أما إذا كانا من المكيل أو الموزون و من جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.

(مسألة 919): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين

و أخذ الباقي منه نقداً، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون و أما في غير ذلك، فيجوز البيع و الصلح بالأقل من المديون و غيره. و عليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر؛ لأن الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

(مسألة 920): عقد الصلح لازم في نفسه

حتى فيما إذا كان بلا عوض و كانت فائدته فائدة الهبة و لا ينفسخ إلّا بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 254

(مسألة 921): لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التأخير في الصلح

. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة. و أما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.

(مسألة 922): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ

. و أما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب ففيه إشكال.

(مسألة 923): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره

أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح، و لزم الوفاء بالشرط و ربما يعالج بهذا الاشتراط في عقد الصلح الفرار عن الوقف على النفس حيث إن القابل بعد انتقال المصالح به إليه يكون وقفه على المصالح من الوقف على الغير.

(مسألة 924): الأثمار و الخضر و الزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها

في عام واحد من دون ضميمة و إن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.

(مسألة 925): إذا كان لأحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهماً مثلًا

و للآخر سلعة تسوى بثلاثين و اشتبهتا و لم تتميز إحداهما عن الاخرى فإن تصالحا على أن يختار أحدهما فلا إشكال و إن تشاجرا بيعت السلعتان و قسم الثمن بينهما بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان و للآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان المقصود لكل من المالكين المالية و أما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته و ماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 255

كتاب الاقرار

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 257

و هو إخبار عن ثبوت حق على المخبر أو نفي حق له على غيره، و لا يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفاً و لو لم يكن صريحاً و كذا تكفي الإشارة المعلومة.

(مسألة 926): لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداءً

و استفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الالتزامية كان نافذاً أيضاً فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد كان ذلك إقرار منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً و هو يدعي انتقالها منه إليه، و من هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: بعنيه، فإن ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له إذا لم تكن قرينة على الخلاف كما تقدّم.

(مسألة 927): يعتبر في المقرّ به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه

و مطالبته به و ذلك بأن يكون المقر به مالًا في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملًا أو حقاً كحق الخيار و الشفعة و حق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره أو نصب الميزاب على سطح داره و ما شاكل ذلك و أما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً من ثمن خمر أو قمار و نحو ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 928): إذا أقر بشي ء ثمّ عقبه بما يضاده و ينافيه فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره

و لا أثر لرجوعه، فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً ثمّ قال: لا بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 258

عشرة دنانير الزم بالعشرين، و أما إذا لم يكن رجوعاً بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلّا بما يستفاد من مجموع الكلام فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً إلّا خمسة دنانير كان هذا إقراراً على خمسة عشر ديناراً فقط و لا ينفذ إقراره إلّا بهذا المقدار.

(مسألة 929): يشترط في المقر التكليف و الحرية فلا ينفذ إقرار الصبي و المجنون

و لا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقاً و لو كان مما يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً. و أما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالًا كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه و ينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر إلّا إذا كان متهماً و كان اعترافه للغير بالدين أو العين.

(مسألة 930): يشترط في المقرّ له أهلية التملك

و لو أقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر.

(مسألة 931): لو قال: له عليَّ مال، الزم به

فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.

(مسألة 932): لو قال: هذا لفلان بل لفلان كان للأول و غرم القيمة للثاني

، و إذا اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد و مع التعدد إلى تفسيره.

(مسألة 933): لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف

و لو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل و لم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل، و لو أقر بالمردد بين الاقل و الأكثر ثبت الأقل.

(مسألة 934): لو أبهم المقر له فإن عين قبل، و لو ادعاه الآخر كان هو

و المقرّ له خصمين و للآخر على المقر اليمين على عدم العلم إن ادعى عليه العلم.

(مسألة 935): لو أبهم المقر به ثمّ عين أو عينه من الأول و أنكره المقر له

فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار و لا يطالب المقر بشي ء و إن كان عيناً خارجية، قيل: إن للحاكم انتزاعها من يده و لكن الأظهر عدمه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 259

(مسألة 936): لو ادعى البائع المواطاة على الإشهاد

و أنه لم يقبض الثمن كان عليه إقامة البينة عليها أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.

(مسألة 937): إذا أقر بولد أو أخ أو اخت أو غير ذلك، نفذ إقراره

مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث و نحو ذلك، و أما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع إذا كان الولد صغيراً و كان تحت يده، و لا يشترط فيه تصديق الصغير و لا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات. و أما في غير الولد الصغير لا أثر للإقرار إلّا مع تصديق الآخر، فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب و إن صدقه و لا وارث غيرهما توارثا، و في ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، و الاحتياط لا يترك و كذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما و لا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره، ثمّ نفاه بعد ذلك و كذا فيما كان في البين ناف غير منازع.

(مسألة 938): لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه

و لو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل و لو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار و لكن تبقى الدعوى قائمة بينهما، و لو أقر بأولى منه في الميراث ثمّ أقر بأولى من المقر له أولًا كما إذا أقر العم بالأخ ثمّ أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولًا دفع إلى الثاني و إلّا فإلى الأول و يغرم للثاني.

(مسألة 939): لو أقر الولد بآخر ثمّ أقر بثالث و أنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف و للثاني السدس

، و لو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره و كذلك الحكم إذا كان للميت ولدان و أقر أحدهما له بثالث و أنكره الآخر فإن نصف التركة حينئذ للمنكر و ثلثها للمقر و للمقر له السدس. و إذا كانت للميت زوجة و إخوة مثلًا و أقرت الزوجة بولد له فإن صدقها الإخوة كان ثمن التركة للزوجة و الباقي للولد و إن لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 260

يصدقها أخذ الإخوة ثلاثة أرباع التركة و أخذت الزوجة ثمنها و الباقي و هو الثمن للمقر له.

(مسألة 940): يثبت النسب بشهادة عدلين و لا يثبت بشهادة رجل و امرأتين

و لا بشهادة رجل و يمين، و لو شهد الأخوان بابن للميت و كانا عدلين كان أولى و ثبت النسب، و لو كانا فاسقين لم يثبت النسب و يثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث و إلّا كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 261

كتاب الوكالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 263

و لا بد فيها من الإيجاب و القبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل و لا يعتبر فيها اتصال القبول بالإيجاب كما لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة و يصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.

(مسألة 941): الوكالة جائزة من الطرفين

و لكن يعتبر في عزل الموكل له إعلامه به فلو تصرف قبل علمه به أو بلوغ خبر عزله بوجه معتبر صح تصرفه.

(مسألة 942): تبطل الوكالة بالموت و تلف متعلقها

و فعل الموكل نفسه كما أنها تبطل بجنون الموكل و بإغمائه حال جنونه و إغمائه، و في بطلانها مطلقاً حتى بعد رجوع العقل و الإفاقة إشكال.

(مسألة 943): تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه مباشرة

و يعلم ذلك ببناء العرف و المتشرعة عليه.

(مسألة 944): الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي

حتى في تخصيص السوق إلّا إذا علم أنه ذكره من باب أحد الأفراد.

(مسألة 945): لو عمم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقاً

إلّا في الإقرار نعم إذا قال أنت وكيلي في أن تقر عليَّ بكذا لزيد مثلًا كان هذا إقراراً منه لزيد به بلا فرق بين أن يقر الوكيل به أم لا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 264

(مسألة 946): الإطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالًّا بثمن المثل

بنقد البلد و ابتياع الصحيح و تسليم المبيع و تسليم الثمن بالشراء و الرد بالعيب.

(مسألة 947): وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض

و كذلك العكس.

(مسألة 948): يشترط أهلية التصرف في الوكيل و الموكل

، فيصح توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشراً، و يجوز أن يكون الصغير وكيلًا و لو بدون إذن وليه.

(مسألة 949): لو وكل العبد بإذن مولاه صح

(مسألة 950): ليس للوكيل أن يوكل غيره بغير إذن الموكل

(مسألة 951): للحاكم التوكيل عن السفهاء و البُلْه

(مسألة 952): يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم

(مسألة 953): لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور

و لكن الأظهر الجواز.

(مسألة 954): لا يضمن الوكيل إلّا بتعد أو تفريط

، و لا تبطل وكالته به.

(مسألة 955): القول قول الوكيل مع اليمين

و عدم البينة في عدم التعدي و التفريط. و كذلك في العزل و العلم به و التصرف، و في قبول قوله في الرد إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 956): لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله

إلّا إذا كان متهماً فيطالب بالبينة.

(مسألة 957): القول قول منكر الوكالة

، و قول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في البيع بثمن معيّن بل و كذا لو ادعى الوكيل الإذن في البيع مطلقاً و قال المالك: أذنتُ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 265

في البيع بثمن معيّن فإن وجدت العين استُعيدت، و إن فقدت أو تعذرت فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثلياً.

(مسألة 958): لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف

و على الوكيل نصف المهر لها و على الموكل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجية طلاقها و لو لم يفعل و قد علمت الزوجة بكذبه فعليها إرضاؤه بالطلاق و لو على نحو التعليق أي على تقدير كونها زوجة، و في جواز تصدي الحاكم لطلاقها بعد أمره الزوج بالإنفاق عليها و امتناعه إشكال.

(مسألة 959): لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف

إلّا إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.

(مسألة 960): لا تثبت الوكالة عند الاختلاف

إلّا بشاهدين عدلين.

(مسألة 961): لو أخّر الوكيل التسليم مع القدرة و المطالبة ضمن

(مسألة 962): الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع

بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن و ترد عليه العين بالفسخ بعيب و نحوه و يؤخذ منه العوض.

(مسألة 963): يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلًا شرعاً

إذا كان تابعاً لما يتمكن منه كما إذا وكله في شراء دار له و بيعها أو وكله في شراء عبد و عتقه أو في تزويج امرأة و طلاقها و نحو ذلك و أما التوكيل فيه استقلالًا بأن يوكله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها أو في طلاق امرأة يتزوجها بعد حين و نحو ذلك ففي صحته إشكال و الأقرب الصحة. و يجوز التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما كما في القرض و الرهن و بيع الصرف و في موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد و وكل عمراً في قبض الثمن فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل و لا يعتبر في صحة التوكيل حينئذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 266

قدرة الموكل على القبض خارجاً فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.

(مسألة 964): تصح الوكالة في حيازة المباحات

فإذا وكل أحداً في حيازتها و قد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكاً للموكل دون الوكيل.

(مسألة 965): إذا وكل شخصاً لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته

و المرافعة معه لإثبات الحق عليه إلّا إذا كان وكيلًا في ذلك أيضاً.

(مسألة 966): لا بأس بجعل جعل للوكيل

و لكنه إنما يستحق الجعل بالإتيان بالعمل الموكل فيه فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلًا لم يكن للوكيل أن يطالب به إلّا بعد إتمام العمل، نعم له المطالبة به قبل حصول القبض و الإقباض.

(مسألة 967): لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل الأداء بطلت الوكالة

و ليس للوكيل مطالبة الورثة، نعم إذا كانت الوكالة عامة و شاملة لأخذ الدين و لو من الورثة لم تبطل الوكالة و كان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 267

كتاب الهبة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 269

و هي تمليك عين مجاناً من دون عوض، و كذا تمليك منفعة أو حق قابل للنقل الاختياري كالتحجير، و هي عقد يحتاج إلى إيجاب و قبول و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة و لا تعتبر فيه صيغة خاصة و لا العربية و يكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو نحو ذلك.

(مسألة 968): يعتبر في الواهب البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر عليه

بسفه أو فلس أو ملك و لا يعتبر في الموهوب له البلوغ و لا عدم الحجر لسفه أو فلس فتصح الهبة للصغير و القبول منه نعم يعتبر في تمامها أخذ وليّه المال الموهوب.

(مسألة 969): تصح الهبة من المريض في مرض الموت

و إن زاد عن الثلث كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 970): تصح الهبة في الأعيان المملوكة و إن كانت مشاعة

، و لا تبعد أيضاً صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه و لو وهبه ما في ذمته كان إبراءً.

(مسألة 971): يشترط في صحة الهبة القبض

و لا بد فيه من إذن الواهب إلّا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد و لا تعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، و متى تحقق القبض صحت الهبة من حينه فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 270

كان للواهب دون الموهوب له و إذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 972): للأب و الجد ولاية القبول و القبض و عن الصغير و المجنون إذا بلغ مجنوناً

. أما لو جن بعد البلوغ فولاية القبول و القبض للحاكم على المشهور و فيه إشكال، و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 973): يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية و رفع الواهب يده عن الموهوب

و جعله تحت استيلاء الموهوب له و سلطانه، و يتحقق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 974): ليس للواهب الرجوع بعد الإقباض

إن كانت لذي رحم أو بعد التلف أو مع التعويض و في جواز الرجوع مع التصرف خلاف، و الأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، و له الرجوع في غير ذلك فإن عاب فلا أرش و إن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له و إن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها فهي تتبع الموهوب و إن كانت قابلة للانفصال كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعية إشكال و الأظهر عدمها، و إن الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً.

(مسألة 975): الأحوط إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم

في لزوم الهبة.

(مسألة 976): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة

و انتقل الموهوب إلى ورثة الواهب أو يبقى في ملكه.

(مسألة 977): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة

فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 271

الموهوب له.

(مسألة 978): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب

فيصح الرجوع مع جهله أيضاً.

(مسألة 979): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط

فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 980): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى

لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة و لم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 981): لو بذل المتهب العوض و لم يقبل الواهب

لم يكن تعويضاً.

(مسألة 982): العوض المشروط إن كان معيناً تعين

، و إن كان مطلقاً أجزأ اليسير إلّا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.

(مسألة 983): لا يشترط في العوض أن يكون عيناً

بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شي ء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 273

كتاب الوصية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 275

و هي قسمان:

1- تمليكية:

بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلًا بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.

2- عهدية:
اشارة

بأن يأمر بالتصرف بشي ء يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحداً أو يستناب عنه في الصوم و الصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك، فإن وجه أمره إلى شخص معين فقد جعله وصياً عنه و جعل له ولاية التصرف، و إن لم يوجه أمره إلى شخص معين و لم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل له وصياً معيناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي. نعم، لا يبعد أن يكون إطلاق كلام الموصي و عدم تعيينه منصرفاً في الغالب إلى تعيين الورثة لتنفيذ أمره.

(مسألة 984): الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول

سواء جعل له وصياً أم لم يجعل.

و أما الوصية التمليكية فكما إذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه. نعم، للموصى له ردّ المال فيرجع إلى تركة الموصي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 276

(مسألة 985): تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال

مع التأخير كقضاء الصلاة و الصيام و أداء الكفارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنية و غيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.

و إذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء و الإعلام بالواجبات التي لا يعتبر فيها المباشرة، على الأقوى إلّا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به، و كذا وجب الإيصاء بالصلاة و الصوم مما تعتبر فيه المباشرة على الأحوط. و أما أموال الناس من الوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلّا إذا خاف عدم أداء الوارث. و يجب الإيصاء به و الإشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء و إلّا لم يجب، و مثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها و إن لم يخف الموت.

(مسألة 986): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح

أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار و عدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، و إذا قيل له هل أوصيت؟ فقال: لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البينة و لم يعتد بخبره. نعم، إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه. و كذا الحكم لو قال: نعم، و قامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة و إن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء و تحققت الوصية.

(مسألة 987): المشهور أن رد الموصى له الوصية التمليكية مبطل لها

إذا كان الرد بعد الموت و لم يسبق بقبوله و هو الأظهر أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له و كذا الرد حال الحياة.

(مسألة 988): لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما و رد الآخر صحت

فيما قبل و بطلت فيما رد على إشكال، و كذا لو أوصى له بشي ء واحد فقبل في بعضه ورد في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 277

البعض الآخر.

(مسألة 989): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين

من الرد و القبول و ليس لهم إجباره على الاختيار معجلًا.

(مسألة 990): إذا مات الموصى له قبل رده قام وارثه مقامه في ذلك

فله الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته هذا إذا مات في حياة الموصي و إلّا فالمال من تركة الموصى له فتجري عليه أحكام التركة.

(مسألة 991): الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له

إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه و وصاياه، و لا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً و ترث قيمته إن كان نخلًا أو بناءً، و أما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له و في كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي. و أما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال، و الانتقال أظهر.

(مسألة 992): إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلًا

فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه؟ إشكال و الجريان أظهر.

(مسألة 993): يشترط في الموصي امور:

الأول: البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلّا إذا بلغ عشراً و كان قد عقل و كانت وصيته في وجوه الخير و المعروف لأرحامه و كذا إذا كانت راجعة إلى تجهيزه و الحج عنه و نحوهما. و في نفوذ وصيته لغير أرحامه من الغرباء إشكال.

الثاني: العقل، فلا تصح وصية المجنون و المغمى عليه و السكران حال جنونه و إغمائه و سكره، و إذا أوصى حال عقله ثمّ جن أو سكر أو اغمي عليه لم تبطل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 278

وصيته. و في اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.

الثالث: الاختيار، فلا تصح وصية المكره.

الرابع: الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلّا أن يجيز مولاه و لا فرق بين أن تكون في ماله و أن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، و إذا أوصى ثمّ انعتق و أجازها صحت و إن لم يُجِزها المولى.

الخامس: أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت، و كذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل اللّٰه، و كذا إذا عُوفي ثمّ أوصى، بل الظاهر الصحة أيضا إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثمّ عُوفي ثمّ مات.

(مسألة 994): إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثمّ أحدت فيها صحت وصيته

و إن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

(مسألة 995): تصح الوصية من كل من الأب و الجد بالولاية على الطفل

مع فقد الآخر و لا تصح مع وجوده.

(مسألة 996): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته

، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.

(مسألة 997): لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال

و لكنه جعل أمره إلى غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب و الجد مع وجود أحدهما و للحاكم مع فقدهما. نعم، لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إياه صح. و كذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 279

(مسألة 998): يجوز أن يجعل الأب و الجد الولاية و القيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر

كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره و تصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.

(مسألة 999): إذا قال الموصي لشخص: أنت ولي و قيم على أولادي القاصرين

و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ أموالهم و الإنفاق عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.

(مسألة 1000): إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن

و دون غيره من الجهات و كان المرجع في الجهات الاخرى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1001): يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ اجرة مثل عمله

إذا كانت له اجرة و كان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال و الأحوط الترك.

فصل في الموصى به

(مسألة 1002): يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به

سواء أ كان عيناً موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير و نحوه لا مثل حق القذف و نحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.

(مسألة 1003): إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها

في غير الشرب أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 280

(مسألة 1004): يشترط في الموصى به أن لا يكون زائداً على الثلث

فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلّا مع إجازة الوارث. و إذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر، و إذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه و بطل في غيره، هذا فيما إذا كان له وارث و أما مع عدم الوارث فتنفذ وصيته بجميع ماله في المعروف و وجوه البر على الأظهر.

(مسألة 1005): لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة

و في الاجتزاء بها حال الحياة قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1006): ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي

و لا بعد وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الإجازة.

(مسألة 1007): لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي و حال صحته

، و لا بين كون الوارث غنياً و فقيراً.

(مسألة 1008): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث

الذي جعله الشارع له فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك و كانت بقدره أو أقل صح.

(مسألة 1009): إذا أوصى بثلث ما تركه ثمّ أوصى بشي ء و قصد كونه من ثلثي الورثة

فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً و إلّا بطلت.

(مسألة 1010): إذا أوصى بعين و قصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها

و توقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال: فرسي لزيد، و ثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو، و أما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة و إلّا صحت في ثلث الفرس و كان الثلثان للورثة.

(مسألة 1011): إذا أوصى بعين و لم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت

، و إن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

(مسألة 1012): إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار

،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 281

يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية و صارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.

(مسألة 1013): إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر

من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد إلّا إذا أجاز الورثة.

(مسألة 1014): إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه

، و كذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة. أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال و إن كان الأقوى الأول إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير فإذا تبدلت أعيانها لم يجب إخراج شي ء أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، و إن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد. و كذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذ على القدر المتيقن و هو الأقل.

(مسألة 1015): يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ

و كذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت و كما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شي ء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.

(مسألة 1016): إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته

و بضم الدية و نحوها تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.

(مسألة 1017): إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 282

المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.

(مسألة 1018): إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه

بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة و كان بمنزلة عدمه.

(مسألة 1019): لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث

من إمضاء الوصية و تنفيذها و لا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.

(مسألة 1020): إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين

و إذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث.

و إذا لم يحصل منه شي ء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة و لا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلّا مع رضا الورثة.

(مسألة 1021): الواجبات المالية تخرج من الأصل و إن لم يوصِ بها الموصي

و هي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه و المبيع الذي باعه سلفاً و ثمن ما اشتراه نسيئة و عوض المضمونات و اروش الجنايات و نحوها و منها الخمس و الزكاة و المظالم، و أما الكفارات و النذور و نحوها فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.

(مسألة 1022): إذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي

و إن استوعبه و كذا إذا غصب بعض التركة.

(مسألة 1023): إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه

. ثمّ إذا وفّى غيره تمام الدين فإن كان بإذن الحاكم الشرعي رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته و إذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال و إن كان الأظهر الجواز هذا إذا أدّى الدين من غير ما بيده من التركة و إلّا فلا إشكال في جواز رجوعه فيما أدّاه من الدين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 283

(مسألة 1024): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل

و أما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.

(مسألة 1025): إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية

و تكون ناسخة للُاولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو اعطيت لعمرو، و كذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى به لعمرو.

(مسألة 1026): إذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى بنصف ثلثه لعمرو

كان الثلث بينهما على السوية.

(مسألة 1027): إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثمّ أوصى بنصفها لعمرو

كانت الثانية ناسخة للُاولى بمقدارها.

(مسألة 1028): إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة

و كانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل و إن زادت على الثلث.

(مسألة 1029): إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل

كالواجبات البدنية و الكفارات و النذور أخرجت من الثلث فإن زادت على الثلث و أجاز الورثة اخرجت جميعها و إن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة سواء أ كانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد اخرى كما إذا قال: اعطوا عني صوم عشرين شهراً و صلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي و صومي.

فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع و إن لم يُجِز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث و من وصية الصوم الثلث. و كذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث و أجاز الورثة وجب إخراج الجميع و إن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.

(مسألة 1030): إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب

يخرج من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 284

الأصل و بعضها واجب لا يخرج من الأصل كما إذا قال: أعطوا عني ستين ديناراً:

عشرين ديناراً زكاة و عشرين ديناراً صلاة و عشرين ديناراً صوماً، فإن وسعها الثلث اخرج الجميع و كذلك إن لم يسعها و أجاز الورثة. أما إذا لم يسعها و لم يُجِز الورثة فيقسم الثلث على الجميع و ما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.

فإن كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثمّ يخرج ثلثه ثلاثون ديناراً فيوزع على الزكاة و الصلاة و الصوم. و كذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجباً يخرج من الأصل و بعضها تبرعية. نعم إذا لم يكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.

(مسألة 1031): إذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل

و بعضها تبرعية و لم يف الثلث بالجميع و لم يُجِزها الورثة ففي تقديم الواجب على غيره إشكال و كلام. و الأظهر هو التقديم.

(مسألة 1032): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجباً عليه

في حياته سواء أ كانت تمليكية كما إذا قال: فرسي لزيد بعد وفاتي، أم عهدية كما إذا قال:

تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.

(مسألة 1033): إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية

يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان فإن تلف من التركة شي ء كان التلف على الجميع و إن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.

(مسألة 1034): إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات و قربات يكون الثلث باقياً على ملكه

فإن تلف من التركة شي ء كان التلف موزعاً عليه و على بقية الورثة و إن حصل النماء كان له منه الثلث.

(مسألة 1035): إذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت

فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده، و إن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به و لم يشاركه فيه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 285

بقية الورثة.

(مسألة 1036): إذا أوصى بثلثه مشاعاً ثمّ أوصى بشي ء آخر معيناً

كما إذا قال:

أنفقوا عليَّ ثلثي و أعطوا فرسي لزيد وجب إخراج ثلثه من غير الفرس و تصح وصيته بثلث الفرس لزيد. و أما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يُجيزوا بطلت كما تقدم. و إذا كان الشي ء الآخر غير معين كما إذا قال: أنفقوا علي ثلثي و أعطوا زيداً مائة دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة فإن أجازوها في الكل صحت في تمامها، و إن أجازوها في البعض صحت في بعضها و إن لم يُجيزوا منها شيئاً بطلت في جميعها، و نحوه إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد و أعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فإنه تصح وصيته لزيد و لا تصح وصيته لعمرو إلّا بإجازة الورثة. أما إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد ثمّ قال: أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للُاولى كما عرفت، و المدار على ما يفهم من الكلام.

(مسألة 1037): لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم

أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس و البيع و نشر كتب الضلال بطلت الوصية.

(مسألة 1038): إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي

كذلك لم يَجُز للوصي تنفيذ الوصية، و إذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.

(مسألة 1039): إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يُجِز ذلك البعض لم يصح

. نعم، إذا لم يكن قد أوصى بالثلث و أوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره فإذا كان له ولدان و كانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي زيد اثنين و اعطي الآخر أربعة. و إذا أوصى بسدس ماله لأخيه و أوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي أخوه السدس، و اعطي زيد الثلث، و اعطي ولده الآخر النصف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 286

(مسألة 1040): إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح

و إن أجازها زيد، و إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.

(مسألة 1041): قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة

و وجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم و المتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1042): إذا دفع إنسان إلى آخر مالًا و قال له إذا مت فأنفقه عني

و لم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساوٍ له أو علم أنه أكثر و احتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل له كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال و لا سيما في الفرضين الأخيرين.

(مسألة 1043): إذا أوصى بشي ء لزيد و تردد بين الأقل و الأكثر اقتصر على الأقل

و إذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة.

فصل في الموصى له

(مسألة 1044): الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل

مثل أن يوصي بإعطاء شي ء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية و لا حين موت الموصي فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فإن ولدوا بعد ذلك اعطي لهم، و إلّا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي، و إن لم يعلم نظره ردّ إلى التركة نظير الوصية لحملٍ لم يولد حيّاً.

(مسألة 1045): الوصية التمليكية لا تصح

للمعدوم إلى زمان موت الموصي.

(مسألة 1046): لو أوصى لحمل فإن ولد حيّاً ملك الموصى به

و إلّا بطلت الوصية و رجع المال إلى ورثة الموصي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 287

(مسألة 1047): تصح الوصية للذمي و للحربي

و لمملوكه و ام ولده و مدبره و مكاتبه.

(مسألة 1048): لا تصح الوصية لمملوك غيره قِنّاً كان أو غيره

و إن أجاز مولاه إلّا إذا كان مكاتباً مطلقاً و قد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه.

(مسألة 1049): إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته اعتق

و لا شي ء له.

و إذا كان أكثر من قيمته اعتق و اعطي الزائد، و إن كان أقل منها اعتق و استسعى في الزائد سواء أ كان ما أوصى له به بقدر نصف قيمته أم أكثر أم أقل.

(مسألة 1050): إذا أوصى لجماعة ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً بمال اشتركوا فيه

على السوية إلّا أن تكون قرينة على التفضيل.

(مسألة 1051): إذا أوصى لأبنائه و بناته أو لأعمامه و عمّاته أو أخواله و خالاته

أو أعمامه و أخواله فإن الحكم في الجميع التسوية إلّا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة.

فصل في الوصي

(مسألة 1052): يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه

، و يقال له:

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 287

الوصي، و يشترط فيه امور:

الأول: البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلًا، و لكنه لا يخلو عن إشكال. نعم الأحوط أن يكون تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي. أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي. فالأظهر صحة الوصية و تجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلّا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي لكن في الصورة الاولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه و نحوه يتولى ذلك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 288

الحاكم الشرعي.

الثاني: العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أ كان مطبقاً أم ادوارياً و إذا أوصى إليه في حال العقل ثمّ جن بطلت الوصاية إليه، و إذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر، و أما إذا نص الموصي على عودها فلا إشكال.

الثالث: الاسلام، إذا كان الموصي مسلماً على المشهور و فيه إشكال.

(مسألة 1053): الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي

بل يكفي فيه الوثوق و الأمانة.

هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة و التصرف في مال الأيتام و نحو ذلك. أما ما يرجع إلى نفسه كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات و القربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال.

(مسألة 1054): إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء على اعتبار الإسلام في الوصي

و لا تعود إليه إذا أسلم إلّا إذا نص الموصي على عودها.

(مسألة 1055): إذا أوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية

، و إن لم يظهر من القرينة التقييد بالعدالة لم تبطل، و كذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.

(مسألة 1056): لا تجوز الوصية إلى المملوك إلّا بإذن سيده

أو معلقة على حريته.

(مسألة 1057): تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة

و الأعمى و الوارث.

(مسألة 1058): إذا أوصى إلى صبي و بالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً

ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم إليه آخر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 289

(مسألة 1059): يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام

و على نحو الاستقلال. فإن نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به و لا في بعضه. و إذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت و نحوه ضم الحاكم آخر إلى الآخر، و إن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال و أيهما سبق نفذ تصرفه، و إن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد و الآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً و لهما أن يقتسما الثلث بالسوية و بغير السوية. و إذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الآخر و لم يضم إليه الحاكم آخر.

و إذا أطلق الوصاية إليهما و لم ينص على الانضمام و الاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلّا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال: وصيي فلان و فلان فإذا ماتا كان الوصي فلاناً فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي و لم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر، و كذا الحكم في ولاية الوقف.

(مسألة 1060): إذا قال زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي، صح

و يكونان وصيين مترتبين، و كذا يصح إذا قال وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.

(مسألة 1061): يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر

و يجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.

(مسألة 1062): إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما

فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك، و إن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه، و إن كان لكل منهما مانع انضم الحاكم إلى أحدهما و نفذ تصرفه دون الآخر هذا فيما إذا أمكن للحاكم الانضمام و إلّا استقلّ.

(مسألة 1063): إذا قال أوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلاناً

إن استمر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 290

على طلب العلم مثلًا، صح و كان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم فإن انصرف عنه بطلت وصايته و تولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.

(مسألة 1064): إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده

، و إذا ظهرت منه الخيانة ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله و نصب غيره.

(مسألة 1065): إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما اوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه

. و كذا إذا مات في حياة الموصي و لم يعلم هو بذلك أو علم و لم ينصب غيره و لم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.

(مسألة 1066): ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما اوصي إليه به

إلّا أن يكون مأذونا من الموصي في الايصاء إلى غيره.

(مسألة 1067): الوصي أمين لا يضمن إلّا بالتعدي أو التفريط

و يكفي في الضمان حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الاخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1068): إذا عين الموصي للوصي عملًا خاصاً أو قدراً خاصاً أو كيفية خاصة

وجب الاقتصار على ما عين و لم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً، و إذا أطلق له التصرف بأن قال له: أخرج ثلثي و أنفقه. عمل بنظره و لا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء و إن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف و يختلف ذلك باختلاف الأموات، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، و ربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية و ربما يكون الأصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، و ربما يكون الأصلح فعل القربات و الصدقات و كسوة العراة و مداواة المرضى و نحو ذلك. هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 291

بعينه و إلّا كان عليه العمل.

(مسألة 1069): إذا قال أنت وصيي و لم يعين شيئاً و لم يعرف المراد منه

و إنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شئون اخرى كان لغواً إلّا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصي في إخراج الثلث و صرفه في مصلحة الموصي و أداء الحقوق التي عليه و أخذ الحقوق التي له ورد الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها. نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال و الأحوط أن لا يتصدى لُامورهم إلّا بعد مراجعة الحاكم الشرعي و عدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلّا بإذن منه.

(مسألة 1070): يجوز للموصى إليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي

بلا فرق بين قبولها قبل ذلك و عدمه بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضاً و لا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها.

(مسألة 1071): الرد السابق على الوصية لا أثر له

، فلو قال زيد لعمرو: لا أقبل أن توصي إليَّ، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلّا أن يردها بعد ذلك.

(مسألة 1072): لو أوصى إلى أحد فرد الوصية فأوصى إليه ثانياً و لم يردها ثانياً

لجهله بها ففي لزومها له قول، و لكنه لا يخلو من إشكال بل الأظهر خلافه.

(مسألة 1073): إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الامور الموصى بها

أصلح للميت جاز له تفويض الأمر إليه كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات و يفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها و يفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء و كيفية القسمة عليهم و هكذا. و ربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها. و قد لا يكون الموصي قد أوصى بامور معينة بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 292

أوصى بصرف ثلثه في مصالحه و أوكل تعيين المصرف كماً و كيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف و كيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه و يفوض إليه تعيين الجهات كماً و كيفاً كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف و لو بواسطة التفويض إلى الغير. فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.

(مسألة 1074): لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره

بمعنى عزل نفسه عن الوصاية و جعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت. بجعل منه.

(مسألة 1075): إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه

أو تولى الصرف بنفسه و كذا إذا أوصى و لم يعين وصياً أصلًا.

(مسألة 1076): إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به و عجز عن معرفته صرفه في وجوه البر

التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به، هذا إذا كان التردد بين غير المحصور أما إذا تردد بين محصور ففيه إشكال و لا يبعد الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1077): يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي

مشرفاً و مطلعاً على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلّا بإطلاع الناظر و إشرافه عليه فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي و خيانة له، و إذا عمل باطّلاعه كان مأذوناً فيه و أداء لوظيفته و لا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه و نظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيداً و كان الناظر يريد استنابة عمرو و يراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد و ليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك. نعم لو جعله ناظراً على الوصي بمعنى أن يكون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 293

عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد و تجب استنابة عمرو لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.

و الظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر بما هو ناظر مدافعته في كلتا الصورتين فلو لم يدافع لم يكن ضامناً، و في كلتا الصورتين إذا مات الناظر أو امتنع عن الإشراف أو الرأي لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1078): الوصية جائزة من طرف الموصي

فإذا أوصى بشي ء جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1079): إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره
(مسألة 1080): إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها

و عن بعضها كما يجوز له تبديل جميعها و تبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل و الاختيار و غيرهما.

(مسألة 1081): إذا أوصى إلى شخص ثمّ أوصى إلى آخر و لم يخبر الوصي الأول

بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ثمّ علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثمّ يخرج الثلث للوصي الثاني. هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر أما إذا كان لسبب ظاهر كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه و بين الوصي عداوة و مقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه.

(مسألة 1082): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول

مثل أن يقول: رجعت عن وصيتي إلى زيد، و بالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثمّ يوصي بوقفه و مثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثمّ يبيعها أو يهبها.

(مسألة 1083): لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة

فإذا أوصى ثمّ مات بلا فصل وجب العمل بها، و كذا إذا مات بعد مرور سنين، نعم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 294

يعتبر عدم الرجوع عنها، و إذا شك في الرجوع بنى على عدمه.

(مسألة 1084): إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا

و كذا، فإذا لم يمت في ذلك السفر و مات في غيره لم يجب العمل بوصيته و لم يكن له وصي.

(مسألة 1085): إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته

و إن لم يمت في ذلك السفر، و لأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج و مثلهم زوار الرضا عليه السلام و المسافرون أسفاراً بعيدة فإن الظاهر أن هؤلاء و أمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر و إنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.

(مسألة 1086): يجوز للوصي أن يأخذ اجرة مثل عمله إذا كانت له اجرة

إلّا إذا كان اوصي إليه بأن يعمل مجاناً كما لو صرح الموصي بذلك أو كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الاجرة حينئذ و يجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال و الأقرب العدم. هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع و الشراء و أداء الديون و نحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته.

أما لو أوصى بأعمال اخرى مثل أن يوصي إلى زيد أن يحج عنه أو يصلي عنه أو نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي و لو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجاناً مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته.

(مسألة 1087): إذا جعل له اجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار

كان إجارة و وجب العمل بها و له الاجرة إذا كان قد قبل في حياته و إلّا لم يجب. و لو كان بأُجرة غير معينة عندهما بأن قال له: حج عني بأُجرة المثل و لم تكن الاجرة معلومة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 295

عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضاً عدم وجوب العمل و جريان حكم الإجارة الفاسدة. و لو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الاجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.

(مسألة 1088): تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين

و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له و بشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوى المالية.

(مسألة 1089): تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات

فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة، و نصفها بشهادة مسلمتين عادلتين، و ثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات، و تمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن.

(مسألة 1090): الوصية العهدية و هي الوصاية بالولاية لا تثبت إلّا بشهادة مسلمين عادلين.
(مسألة 1091): تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة كتابيين عدلين

في دينهما عند عدم عدول المسلمين و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.

(مسألة 1092): تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم

إذا كانوا عقلاء بالغين و إن لم يكونوا عدولًا. و إذا أقر بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر. نعم، إذا أقر منهم اثنان و كانا عدلين ثبتت الوصية بتمامها، و إذا كان عدلًا واحداً تثبت أيضاً مع يمين الموصى له.

(مسألة 1093): تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم

، و إذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر و ينقص من حقه. نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 296

فصل في منجزات المريض

(مسألة 1094): إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفاً منجزاً

فإن لم يكن مشتملًا على المحاباة كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأُجرة المثل فلا إشكال في صحته و لزوم العمل به. و إذا كان مشتملًا على نوع من المحاباة و العطاء المجاني كما إذا اعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من اجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، و القول بأنه يخرج من الثلث فإذا زاد عليه لم ينفذ إلّا بإجازة الوارث ضعيف.

(مسألة 1095): إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فإن كان المقر مأموناً و مصدقاً

في نفسه نفذ الإقرار من الأصل و إن كان متهماً نفذ من الثلث. هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت. أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض الموت أخرج من الأصل و إن كان متهماً.

(مسألة 1096): إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك

مما يتضمن تعليق الإيقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح و إن أجاز الورثة.

(مسألة 1097): الإنشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين:

1- إنشاء الملك و هي الوصية التمليكية أو إنشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية.

2- إنشاء العتق و هو التدبير، و لا يصح في غيرهما من أنواع الإنشاء.

(مسألة 1098): إذا قال: بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل،

و لا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف مثلًا، بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته إلّا إذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة و وجب العمل بها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 297

(مسألة 1099): إذا قال للمدين أبرأت ذمتك بعد وفاتي

، و أجازه الوارث بعد موته برئت ذمة المدين، فإن إجازة الإبراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم و إبراء لذمة المدين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 299

كتاب الوقف

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 301

و هو تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة.

[مسائل]

(مسألة 1100): لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية

بل لا بد من إنشاء ذلك بمثل: وقفت، و حبست و نحوهما مما يدل على المقصود.

(مسألة 1101): الظاهر وقوعه بالمعاطاة

مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك. بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته.

(مسألة 1102): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه

و تارة لا يكون كذلك، و الثاني كوقف المسجد فإن الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة و إنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجدية و هذا القسم لا يكون له موقوف عليه.

(مسألة 1103): إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة

فقال: وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً و لم تجر عليه أحكام المسجد و إنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف و يكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه و هو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة و هو على أقسام:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 302

الأول: أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال: هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع و الثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم تجوز المعاوضة منهم عليها و يرثها وارثهم و تضمن لهم عند طروء سبب الضمان و تجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.

الثاني: أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته، و لا تجب فيها الزكاة و إن بلغت النصاب و لا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه و لكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان و هذا القسم على نوعين:

1- أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما إذا قال:

هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها و في مثله لا يجوز للولي تبديلها و المعاوضة عليها بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.

2- أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ

الأعم منها و من بدلها كما إذا قال: هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أ كان بتبديلها إلى عين اخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم.

القسم الثالث: أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين و الرباطات و المدارس و كتب العلم و الأدعية و نحوها. و هذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم و لا من الولي لا توارث فيه و الظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة. نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 303

(مسألة 1104): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه

و إن كان الاعتبار أحوط و لا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أ كان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصاً مثل الوقف على أولاده فيقبل في الأول الحاكم الشرعي و في الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الاولى.

(مسألة 1105): الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف

و لا سيما في مثل الوقف على الذرية.

(مسألة 1106): يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه

أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل، و لا يعتبر في القبض الفورية، و في اعتبار إذن الواقف في القبض إشكال.

(مسألة 1107): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية

مثلا قبض الطبقة الاولى.

(مسألة 1108): إذا وقف على أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده

كفى ذلك في تحقق القبض و لم يحتج إلى قبض آخر و إذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.

(مسألة 1109): إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها

و لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 1110): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه

و استيلاء الموقوف عليهم عليه.

(مسألة 1111): في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال

و لا يترك الاحتياط و يكفى قبض المتولي و إن كان الأحوط حينئذٍ الاستيذان من الحاكم الشرعي و تعيّن قبض الحاكم مع عدم المتولي الشرعي.

(مسألة 1112): بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة

فالظاهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 304

عدم الحاجة إلى قبض المتولّي أو الحاكم فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها، و إذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، و إذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها. و كذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين و الدار على سكنى العلماء و الفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.

(مسألة 1113): إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد

و كذا في مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.

(مسألة 1114): إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره عامر

فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض، و إذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت.

(مسألة 1115): إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض

في حصته و لم يصح في حصة الباقين.

(مسألة 1116): الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يوقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة)

أي يذبح و يؤكل، و الانثى (منيحة) أي تبقى و ينتفع بصوفها و لبنها و إذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) و إذا ولدت انثى كانت (منيحة) و هكذا، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة. و إذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضاً؛ لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة؛ لأن وقف المعدوم باطل و إن خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن يكون صوفها و لبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته.

(مسألة 1117): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة

فإذا قال: داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل، و الظاهر عدم صحته حبساً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 305

(مسألة 1118): إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده

و أولاد أولاده صح وقفاً فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لا حين الانقراض. فإذا مات الواقف عن ولدين و مات أحدهما قبل الانقراض و ترك ولداً ثمّ انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم و ابن أخيه.

(مسألة 1119): لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف و رجوعه إلى ورثة الواقف

بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً و بين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه. نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن أن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين و كونه على نحو خاص فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق فإذا قامت القرينة على ذلك و انقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته بل تبقى العين وقفاً و تصرف منافعها في جهة اخرى الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1120): إذا وقف عينا على غيره و شرط عودها إليه عند الحاجة

ففي صحّة الوقف قولان و الأظهر البطلان.

(مسألة 1121): يشترط في صحة الوقف التنجيز

فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل، فإذا قال: وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، و إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول و لكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد: وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح.

(مسألة 1122): إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل

إلّا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده. نعم، إذا قال مثلًا هذا وقف بعد وفاتي على عزاء سيد الشهداء عليه السلام فلا يبعد أن يكون المتفاهم العرفي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 306

الوصية به لا بوقفه فتنفذ فيما إذا كان بمقدار ثلثه أو مع إجازة الورثة فالمراد بالوقف صرف عائداته على عزائه عليه السلام مع بقاء العين في ملكه فلا موجب لإنشاء الوقف عليه بعد مماته.

(مسألة 1123): يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف

فإذا وقف على نفسه بطل، و إذا قال: داري وقف عليَّ و على أخي مثلًا على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، و إذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثمّ على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً و إن قصد الوقف على غيره ثمّ على نفسه بطل بالنسبة على نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الآخر، و إن قال: هي وقف على أخي، ثمّ على نفسي، ثمّ على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه و الشخص الآخر، و كان من الوقف المنقطع الوسط.

(مسألة 1124): إذا وقف على أولاده و اشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم

، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة و الكفارات المالية صح بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1125): إذا وقف على جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه

أو القيام بمئونة أهله و أولاده حتى زوجته صح. و إذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح و الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا.

(مسألة 1126): إذا وقف عيناً له على وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت

ففي صحته كما قيل إشكال و الأظهر الصحّة في فرض كون المفهوم من كلامه الوصية كما تقدّم في المسألة (1122) و كذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.

(مسألة 1127): إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس

فله أن يملك العين لغيره ثمّ يقفها غيره على النهج الذي يريد من إدرار مئونته و وفاء ديونه و نحو ذلك. و يجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك كما يجوز له أن يؤجرها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 307

مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ و بعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.

(مسألة 1128): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد و القناطر

و المدارس و منازل المسافرين و كتب العلم و الزيارات و الأدعية و الآبار و العيون و نحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه بل قصد مجرد بذل المنفعة و إباحتها للعنوان العام الشامل للواقف. أما إذا كان الوقف على الأنحاء الاخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاما ففي جواز مشاركة الواقف إشكال و الأظهر الجواز.

(مسألة 1129): إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه

، و إن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده و إن زاد على الثلث.

فصل في شرائط الواقف

(مسألة 1130): يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار، و عدم الحجر

لسفه أو رقٍّ أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي و إن بلغ عشراً.

نعم، إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر و المعروف لأرحامه و كان قد بلغ عشراً و عقل نفذت وصيته كما تقدم، و إذا كان وقف الصبي بإذن الولي و كان ذا مصلحة ففي بطلانه إشكال و الأظهر الصحة.

(مسألة 1131): يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه و لغيره

على وجه الاستقلال و الاشتراك كما يجوز له أيضاً جعل الناظر على الولي بمعنى المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر و الرأي، و لا فرق في المجعول له الولاية و النظارة بين العادل و الفاسق. نعم إذا خان الولي ضم إليه الحاكم الشرعي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 308

من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.

(مسألة 1132): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول

بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضاً.

(مسألة 1133): يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقداراً معيناً من ثمرة العين الموقوفة

أو منفعتها سواء أ كان أقل من اجرة المثل أم أكثر أم مساوياً، فإن لم يجعل له شيئاً كانت له اجرة المثل إن كانت لعمله اجرة إلّا أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.

(مسألة 1134): إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي

. نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك و كان خاصاً كانت الولاية عليه للموقوف عليه، فإذا قال: هذه الدار وقف لأولادي و من بعدهم لأولادهم و هكذا، فالولاية عليها و على منافعها تكون للأولاد، و إذا لم يكن الوقف خاصاً أو كان و لم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف و غيره من الأنواع فالولاية للحاكم الشرعي.

(مسألة 1135): إذا جعل الواقف ولياً أو ناظراً على الولي فليس له عزله

. نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.

(مسألة 1136): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص بعينه

و أن يجعل الولاية لشخص و يفوض إليه تعيين من بعده.

(مسألة 1137): إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة

اختصت ولايته بتلك الجهة و كان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي و إن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الإجارة و التعمير و أخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته على الموقوف عليهم و غير ذلك مما يكون تحت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 309

ولاية الولي، نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك المتعارف.

(مسألة 1138): لا يشترط في الواقف الإسلام

فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى.

فصل في شرائط العين الموقوفة

(مسألة 1139): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عيناً موجودة

فلا يصح وقف الدين و لا وقف الكلي و لا وقف المنفعة فإذا قال: وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما، أو قال: وقفت فرساً أو عبداً من دون تعيين أو قال: وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.

(مسألة 1140): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها

فلا يصح وقف الحر و المباحات الأصلية قبل حيازتها و يجوز وقف إبل الصدقة و غنمها و بقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.

(مسألة 1141): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها

مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواكه مما لا نفع فيه إلّا بإتلاف عينه كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللًا فلا يصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما يحرم الانتفاع به، و يعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزير.

(مسألة 1142): لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال الوقف

فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر و تحقق القبض بعده صح الوقف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 310

(مسألة 1143): لا إشكال في صحة وقف الثياب و الأواني و الفرش و الدور

و البساتين و الأراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات إذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر و الشعر و الصوف أو غير ذلك و كذا غيرها مما له منفعة محللة و يجوز وقف الدراهم و الدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال. نعم، لا يبعد صحّة وقفها لحفظ الاعتبار مع شرط الصرف فيما إذا اتفق اضطرار خاص للموقوف عليهم أو لبعضهم.

(مسألة 1144): المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر و اللبن و نحوهما

و المنفعة الفعلية مثل الركوب و الحرث و السكنى و غيرها.

(مسألة 1145): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف

فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر و وقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.

فصل في شرائط الموقوف عليه

(مسألة 1146): يشترط في الموقوف عليه امور:

الأول: التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو امور صح.

الثاني: أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصاً موجوداً حال الوقف فلا يصح الوقف على المعدوم حاله سواء أ كان موجوداً قبل ذلك كما إذا وقف على زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف على ولده الذي سيولد و أما إذا كان حملًا لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل، و الأظهر الصحّة بشرط أن يولد حيّاً و إلّا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 311

انكشف بطلان الوقف. نعم، إذا وقف على المعدوم تبعاً للموجود كما إذا وقف على أولاده ثمّ على أولادهم ثمّ على أولاد أولادهم و هكذا صح.

(مسألة 1147): إذا وقف على أولاده الموجودين ثمّ على من سيوجد

على أن يكون بعد وجوده مقدماً على الموجودين فالظاهر الصحة.

الشرط الثالث: أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا و شرب الخمر و نسخ كتب الضلال و نشرها و تدريسها و شراء آلات الملاهي و نحو ذلك.

(مسألة 1148): يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة
(مسألة 1149): يجوز الوقف على المملوك قِنّاً كان أم غيره

كان الوقف على نحو التمليك أم الصرف.

(مسألة 1150): إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه

و ما يصح على نحو التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول و صح بالنسبة إلى حصة الثاني، و إن كان على نحو الترتيب فإن كان الأول مقدماً فالأقوى بطلانه رأساً و إن كان مؤخراً كان من المنقطع الآخر فيصح فيما يصح الوقف عليه و يبطل فيما بعده.

(مسألة 1151): إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثمّ على ما لا يصح الوقف عليه

ثمّ على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الأول و يبطل فيما بعده مطلقاً حتى في الأخير.

(مسألة 1152): إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك

من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح و إن لم يكن له فرد حين الوقف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 312

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

(مسألة 1153): إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد

فالمراد فقراء المسلمين، و إذا كان الواقف من الشيعة فالمتيقن فقراء الشيعة، و إذا كان كافرا فالمراد فقراء أهل دينه، فإن كان يهودياً فالمراد فقراء اليهود، و إن كان نصرانياً فالمراد فقراء النصارى و هكذا، و كذا إذا كان سنياً فالمراد فقراء السنة و إذا كان السنيون على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض اختص بفقراء مذهب الواقف.

(مسألة 1154): إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج

أو الزوار أو العلماء أو مجالس عزاء سيد الشهداء عليه السلام أو خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب و إن كانت الأفراد محصورة. نعم، إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن، و إذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم و الأحوط له التفتيش و الفحص.

(مسألة 1155): إذا قال: هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري

أو أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب.

(مسألة 1156): إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه

، فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره و إن أقر بالشهادتين و يعم الوقف المسلمين جميعاً الذكور و الإناث و الكبار و الصغار.

(مسألة 1157): إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمناً

في اعتقاد الواقف فإذا كان الواقف اثني عشرياً اختص الوقف بالاثني عشرية من الإمامية و لا فرق بين الرجال و النساء و الأطفال و المستضعفين، و لا بين العدول و الفساق و كذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 313

إذا وقف على الشيعة، نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الاخر من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية و غيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي عليه السلام بلا فصل.

(مسألة 1158): إذا وقف في سبيل اللّٰه تعالى أو في وجوه البر

فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة.

(مسألة 1159): إذا وقف على أرحامه أو أقاربه

فالمرجع فيه العرف و إذا وقف على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث.

(مسألة 1160): إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الانثى و الخنثى

، نعم إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الانثى و كذا الحال إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده.

(مسألة 1161): إذا وقف على إخوته اشترك الإخوة للأبوين و الإخوة للأب

فقط و الإخوة للُام فقط بالسوية، و كذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه و الأجداد لُامه... و كذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين و للأب و للُام و كذلك الأخوال و لا يشمل الوقف على الإخوة أولادهم و لا الأخوات و لا الوقف على الأعمام و الأخوال أعمام الأب و الام و أخوالهما و العمات مطلقا و الخالات كذلك.

(مسألة 1162): إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات

و إذا وقف على ذريته دخل الذكر و الانثى و الصلبي و غيره.

(مسألة 1163): إذا قال: هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا و تناسلوا

فالظاهر منه التشريك، و إذا قال: وقف على أولادي الأعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب، و إذا قال:

وقف على أولادي نسلًا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي كونه للترتيب أو للتشريك قولان و الأظهر الأول.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 314

(مسألة 1164): إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين

فالمرجع في تعيينه القرعة، و إذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فإن كان هناك اطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك و إن لم يكن فيها إطلاق اعطي أهل المرتبة المحتملة التقدم حصتهم و اقرع في الحصة المرددة بينهم و بين من بعدهم فيعطى من خرجت القرعة باسمه.

(مسألة 1165): إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة

فلا يشمل علماء الطب و النجوم و الهندسة و الجغرافيا و نحوهم. و إذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين و إن نووا إقامة مدة فيه.

(مسألة 1166): إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه

من تعمير و فرش و سراج و كنس و نحو ذلك من مصالحه، و في جواز إعطاء شي ء من النماء لإمام الجماعة إشكال إلّا أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه حينئذ.

(مسألة 1167): إذا وقف على الحسين عليه السلام صرف في إقامة عزائه

مع بذل الطعام فيه و بدونه و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليه عليه السلام و لا فرق بين إقامة مجلس للعزاء و أن يعطى الذاكر لعزائه عليه السلام في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.

(مسألة 1168): إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في مصالحهم الاخروية

من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم، و إذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضاً في إفراغ ذمتهم.

(مسألة 1169): إذا وقف على النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم

و مناقبهم و وفياتهم و بيان ظلاماتهم و نحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم عليهم السلام و لا فرق بين إمام العصر (عجل اللّٰه تعالى فرجه الشريف) و آبائه الطاهرين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 315

(مسألة 1170): إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده و أولادهم

و إن سفلوا.

(مسألة 1171): إذا قال: هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي و أولاد أولادي

فهو على الفقراء، فالأقوى أنه وقف على أولاده الصلبيين و غيرهم على التشريك، و كذا إذا قال: وقف على أولادي فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء على الأقوى.

(مسألة 1172): إذا قال: هذا وقف على سكنى أولادي

فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجروها و يقتسموا الاجرة بل يتعين عليهم السكنى فيها فإن أمكن سكنى الجميع سكنوا جميعا و إن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، و إذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة و إذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للآخر الاستقلال فيها و ليس عليه شي ء لصاحبه، و إن تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة، و إن اختلفوا في ذلك و تشاحوا فالحكم كما سبق و ليس لبعضهم ترك السكنى و عدم الرضا بالمهاياة و المطالبة بالاجرة حينئذ بالنسبة إلى حصته.

(مسألة 1173): إذا قال هذا وقف على الذكور من أولادي

أو ذكور أولادي نسلًا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور و لا يشمل الذكور من الإناث.

(مسألة 1174): إذا قال وقف على إخوتي نسلًا بعد نسل

فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الإناث.

(مسألة 1175): إذا قال: هذا وقف على أولادي ثمّ أولاد أولادي

كان الترتيب بين أولاده الصلبيين و أولادهم و لا يكون بين أولاد أولاده و أولادهم ترتيب بل الحكم بينهم على نحو التشريك.

(مسألة 1176): إذا وقف على زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف

، و كذا إذا قال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 316

وقف على زيد و أولاد عمرو أو قال وقف على أولاد زيد و أولاد عمرو أو قال وقف على العلماء و الفقراء.

(مسألة 1177): إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد

ممن يأتي من الخارج للزيارة و في كونه كذلك إذا قال: وقف على من يزور المشهد إشكال.

فصل في بعض أحكام الوقف

(مسألة 1178): إذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير

في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم و إخراج بعضهم منه و إدخال أجنبي عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك أما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته و حينئذ إذا أدخل غيرهم معهم نفذ و إذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الاولى و إذا اشترط إخراج بعضهم ففي صحته إشكال.

(مسألة 1179): العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف

و تدخل في ملك الموقوف عليه و يكون نماؤها له، نعم إذا كان الوقف وقفاً على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيات الوقف.

(مسألة 1180): إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه

كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف و إذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة و اشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فإن لم يتهجد فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضاً.

(مسألة 1181): إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير

أو الترميم لأجل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 317

بقائها و حصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه و إلّا صرف من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم و إذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه و إن أدى إلى حرمان البطن السابق.

(مسألة 1182): الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق على ملك مالكها

و لا يكون للموقوف عليه، و كذا الحمل الموجود حين وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حين وقف الشاة، و كذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته هذا فيما إذا كان الثمر قابلًا للاقتطاف و لو عند تمام الوقف و إلّا فيدخل في الوقف و كذا الحال في الصوف. نعم، له استثناء الثمر و الصوف المزبورين من الوقف فيكونان كالحمل المستبان فيما إذا وقف الحيوان.

(مسألة 1183): إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها

كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فإن كان الوقف على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اخرى إن أمكن و إلّا ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1184): إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة

صرف في المتيقن كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول على العلماء العدول و في الفرض الثاني على العلماء الفقراء و إن كانت المحتملات متباينة فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف و إلّا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة، و إن كانت الوجوه محصورة كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 318

المسجد الآخر أو أنه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.

(مسألة 1185): إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي

و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، و كذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته و الظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الاولى، و من الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الاجرة و لا يحتاج إلى تجديد الإجارة و إن كان أحوط. نعم، إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت و نفذت و كذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح و يكون للبطون اللاحقة حصتهم من الاجرة.

(مسألة 1186): إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة

و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق اليابسة و أكمام الطلع و الفسيل و نحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه و لا يجوز للمالك و لا لغيره التصرف فيها إلّا على الوجه الذي اشترطه الواقف.

(مسألة 1187): الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما و استطال حتى صار نخلًا

أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه و صرفه في الموقوف عليه، و كذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح و غرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه و صرف ثمنه في مصرف الوقف.

(مسألة 1188): إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية

و إن تعذر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 319

تعميره، و كذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.

(مسألة 1189): غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها

في الجهة المقصودة للواقف لخرابها و زوال منفعتها يجوز بيع بعضها و عمارة الباقي للانتفاع به، فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها و تبديلها بما يمكن الانتفاع به و إن لم يمكن ذلك أيضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1190): إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب

، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص و لم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر.

(مسألة 1191): إذا تعذر الانتفاع لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته

و يرجع ملكاً للواقف على ما تقدم فإن لم يكن موجوداً كان لورثته.

(مسألة 1192): إذا خرب الوقف و لم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتد بها

قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده و إن كان بإجارة مدة و صرف الإجارة في العمارة وجب ذلك و إن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها و تصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1193): إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها

أو انقلع شجرها و بقيت عرصة فإن أمكن إيجارها وجب ذلك و صرفت الاجرة في الجهة الموقوف عليها، نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها و شراء بستان اخرى تعين ذلك و إلّا بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان و ترجع ملكاً للواقف.

(مسألة 1194): يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها

و يجوز له حينئذ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما أن له إبقاءها مجاناً و ليس للموقوف عليهم قلعها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 320

و إذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة اخرى مكانها و كذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها و لكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة و أما إذا استثنى البناء (لا الغرفة) فالحكم فيه كما في الشجرة.

(مسألة 1195): إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها

بتمييز الوقف عن الملك الطلق و يتولى القسمة المالك للطلق و متولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف و الموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده و كذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد و نصفها على مشهد و كذا إذا اتحد الواقف و الموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما إذا وقف أرضاً على أولاده و كانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعاً، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة و جاز اقتسامها أثلاثاً، و هكذا.

(مسألة 1196): لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها

سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية بل إذا احتمل ذلك و لم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين و الدكاكين إلى دار و هكذا، و قد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.

(مسألة 1197): إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة

فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه و إلّا ففي الجهة الموقوف عليها و إذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفاً أو عمداً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 321

أو نحو ذلك لم يجز بيعها و إن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان مع الحاجة و مع عدمها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1198): الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص

لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة و ليست باقية على ملك مالكها و لا يجوز لمالكها الرجوع فيها، و إذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، و كذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها و إذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه و يرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع و جاز له و لورثته و لغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه عند مطالبته و إلى وارثه عند موته و إلى غرمائه عند تفليسه، و إذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة و احتمل عدم إذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.

(مسألة 1199): لا يجوز بيع العين الموقوفة إلّا في موارد

ذكرناها في كتاب البيع.

(مسألة 1200): إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فبان عدم حصوله

لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجب لبطلان الوقف و هكذا الحال في جميع الأغراض و الدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 322

(مسألة 1201): الشرائط التي يشترطها الواقف تصح

و يجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين و لا على غير أهل العلم.

(مسألة 1202): تثبت الوقفية بالعلم

- و ان حصل من الشياع- و بالبينة الشرعية و بإقرار ذي اليد و إن لم تكن اليد مستقلة كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته و إن لم يعترف غيره بها.

(مسألة 1203): إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه: «أنه وقف»

فالظاهر الحكم بوقفيته هذا مع إحراز أنها كتابة من كانت العين بيده سابقاً و إلّا فلا أثر للكتابة. نعم، إذا كان بيد شخص و ادعى ملكيته و اعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل صُدِّق و حكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه و التصرف بإذنه و غير ذلك من أحكام الملك لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1204: إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها إن الشي ء الفلاني وقف

فإن كان عليه أمارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها و وضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهراً في الاعتراف بالوقفية حكم بالوقفية، و إلّا فلا يحكم بها و إن علم أنها بخط المالك.

(مسألة 1205): لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف

و أن يكون إخباراً بكيفيته من كونه ترتيبياً أو تشريكياً و كونه على الذكور فقط أو على الذكور و الإناث و أنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول و أن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور و الإناث أو للذكور دون الإناث و هكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 323

(مسألة 1206): إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية

كالغنم و البقر و الإبل لم تجب الزكاة فيها و إن اجتمعت فيها شرائط الزكاة و أما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً فإن كان الوقف على نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم كما إذا قال:

وقفت البستان لأولادي فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت عليه الزكاة و إلّا لم تجب، و إن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما إذا قال: وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة على واحد منهم إلّا إذا أعطى الولي واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة و كان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحداً كان أو أكثر و كذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف كما إذا قال: وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء و كسوتهم و نحو ذلك.

إلحاق فيه بابان

الباب الأول في الحبس و أخواته
(مسألة 1207): يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها

على أن يصرف نماؤه فيها و لا يخرج بذلك عن ملكه، فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه و كان حبسه مطلقاً أو مقيداً بالدوام لزم ما دامت العين و لم يجز له الرجوع فيه، و إن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة، و إذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال: فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية و إذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر و انتهى بانقضائها.

(مسألة 1208): ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلّا بعد القبض

و لا يخلو من إشكال، و لكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 324

(مسألة 1209): إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشر سنين

أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة و بعدها يرجع إلى الحابس، و إذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثاً، و إذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حيّاً فإذا مات رجع ميراثاً، و إذا حبسه على شخص و لم يذكر مدة معينة و لا مدة حياة نفسه و لا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس و بعد موته يرجع ميراثاً و جوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء بعد تحقق مسمّى الحبس عليه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1210): يلحق بالحبس السكنى و العمرى و الرقبى

و الاولى تختص بالمسكن و الأخيرتان تجريان فيه و في غيره من العقار و الحيوانات و الأثاث و نحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان فإن كان المجعول الإسكان قيل له: «سكنى» فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضاً: «عمرى» و إن قيده بمدة معينة قيل له: «رقبى» و إذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث و نحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى بل قيل: «عمرى» إن قيد بعمر أحدهما: و «رقبى» إن قيد بمدة معينة.

(مسألة 1211): قد تقدّم الإشكال في اعتبار القبض في صحّة الحبس

فكذا في اعتباره في صحة أخواته و لكنه شرط في اللزوم كالحبس.

(مسألة 1212): إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك

أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.

(مسألة 1213): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع

في هذه السكنى ما دام الساكن موجوداً أو عقبه فإذا انقرض هو و عقبه انتهت السكنى.

(مسألة 1214): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن

في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه و توابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 325

انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، و إن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حيّاً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك و كذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.

(مسألة 1215): إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة حياتك

، فمات المالك قبل الساكن لم يَجُز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.

(مسألة 1216): إذا جعل له السكنى و لم يذكر له مدة

و لا عمر أحدهما لزم بالقبض و وجب على المالك إسكانه وقتاً ما و جاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء، و لا يجري ذلك في الرقبى و العمرى لاختصاص الاولى بالمدة المعينة و الثانية بمدة عمر أحدهما و المفروض انتفاء ذلك كله.

(مسألة 1217): إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و أهله و سائر توابعه

من أولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معد لذلك و له اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة و أوان و أمتعة و المدار على ما جرت به العادة من توابعه و ليس له إجارته و لا إعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك و كون الاجرة له حينئذ إشكال.

(مسألة 1218): الظاهر أن السكنى و العمرى و الرقبى من العقود

المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى إيجاب و قبول، و يعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره و قد تقدم ذلك في كتاب البيع. و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص و عدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.

(مسألة 1219): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس

فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 326

بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس و يجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالًا على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال.

الباب الثاني [فضل الصدقة و أحكامها]
اشارة

في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها و الترغيب فيها و قد ورد: أنها دواء المريض و بها يدفع البلاء و قد ابرم إبراما، و بها يستنزل الرزق، و أنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد، و أنها تخلف البركة و بها يقضى الدين و أنها تزيد في المال و أنها تدفع ميتة السوء و الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء و يستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم و في أول الليل فإنه يدفع شر الليل.

(مسألة 1220): المشهور كون الصدقة من العقود

فيعتبر فيها الإيجاب و القبول و لكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة فإن كان الإحسان بالتمليك احتاج إلى إيجاب و قبول و إن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل: أبرأت ذمتك و إن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف و هكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها.

(مسألة 1221): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقاً

و لكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية و إنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض و إذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر، و هكذا.

(مسألة 1222): يعتبر في الصدقة القربة

فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة و إبراء و وقفاً و لا يكون صدقة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 327

(مسألة 1223): تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي و على غيره

حتى زكاة المال و زكاة الفطرة، و أما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي و لا تحل للمتصدق عليه و لا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها، و إن كانت غيرهما فالأقوى جوازها سواء أ كانت واجبة كرد المظالم و الكفارات و فدية الصوم أم مندوبة إلّا إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء و نحو ذلك مما كان من مراسم الذل و الهوان ففي جواز مثل ذلك إشكال إلّا أن يكون الآخذ سائلًا بالكف فالأظهر جوازه.

(مسألة 1224): لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة

و إن كانت لأجنبي على الأصح.

(مسألة 1225): تجوز الصدقة المندوبة على الغني

و المخالف و الكافر الذمي.

(مسألة 1226): الصدقة المندوبة سراً أفضل

إلّا إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات أن الأفضل إظهارها و قيل الأفضل الإسرار بها، و الأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار و الإجهار.

(مسألة 1227): التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم

و الصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره و أفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي و يستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر: لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لُاوجروا كلهم فيه من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئاً، و اللّٰه سبحانه العالم و الموفق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 329

كتاب النكاح

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 331

الفصل الأول [أقسام النكاح]

اشارة

النكاح على قسمين: دائم، و منقطع، و يلحق به ملك اليمين، و يفتقر الأول إلى العقد و هو الإيجاب و القبول بلفظ الماضي على الأحوط استحباباً كزوجت و أنكحت و قبلت و تجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية على الأحوط وجوباً و تجزي الإشارة مع العجز عن النطق و التوكيل و إلّا فالأحوط توكيل القادر عليه و لو زوجت المرأة نفسها صح، و يشترط في تزويج البكر إذن الولي و هو الأب أو الجد للأب على الأحوط وجوباً إلّا إذا منعها الولي عن التزويج بالكف ء شرعاً و عرفاً فإنه تسقط ولايته حينئذ، و إذا تزوجت البكر بدون إذن وليها ثمّ أجاز وليها العقد صح بلا إشكال، هذا فيما إذا كانت إجازة الولي قبل الدخول بها و إلّا فالعقد باطل على الأحوط فلا أثر لإجازته.

(مسألة 1228): يجزي في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج: زوجتك نفسي

بمهر دينار مثلًا، فيقول الزوج: قبلت، و إذا كانت الزوجة قد وكلت وكيلًا قال وكيلها للزوج: زوجتك موكلتي هندا مثلًا بمهر دينار، فيقول الزوج: قبلت، و إذا كان الزوج قد وكّل وكيلًا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيداً مثلًا نفسي بمهر دينار مثلًا، فيقول الوكيل: قبلت، و إذا كان كل من الزوج و الزوجة قد وكل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 332

وكيلًا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيداً موكلتي هنداً بمهر دينار مثلًا، فيقول وكيل الزوج: قبلت. و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الأحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الإيجاب عن الزوجة و القبول عن نفسه.

(مسألة 1229): لا يشترط الشهود في صحة النكاح

و لا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر و إن تصادقا على الدخول فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها كما أنه يلزم المقر بإقراره على كل حال و لو تصادقا على الزوجية ثبتت.

(مسألة 1230): القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية

مع رؤية الزوج للجميع و إلّا بطل العقد و يستحب لمن أراد التزويج أن يتخير البكر العفيفة الكريمة الأصل و صلاة ركعتين عند إرادة التزويج و الدعاء بالمأثور و هو: «اللهم إني اريد أن أتزوج فقدّر لي من النساء أعفهن فرجاً و أحفظهن لي في نفسها و مالي و أوسعهن رزقاً و أعظمهن بركة» و الإشهاد على العقد و الإعلان به و الخطبة أمام العقد و إيقاعه ليلًا و صلاة ركعتين عند الدخول و الدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها و هو: «اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً و لا تجعله شرك شيطان» و أمرها بمثله و يسأل اللّٰه تعالى الولد الذكر.

(مسألة 1231): يكره إيقاع العقد و القمر في العقرب

و تزويج العقيم و الجماع في ليلة الخسوف و يوم الكسوف و عند الزوال إلّا يوم الخميس و عند الغروب قبل ذهاب الشفق و في المحاق و بعد الفجر حتى تطلع الشمس و في أول ليلة من الشهر إلّا رمضان و في ليلة النصف من الشهر و آخره، و عند الزلزلة و الريح الصفراء و السوداء و يكره مستقبل القبلة و مستدبرها و في السفينة و عارياً و عقيب الاحتلام قبل الغسل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 333

و النظر في فرج المرأة و الكلام بغير الذكر و العزل عن الحرة بغير إذنها و أن يطرق المسافر أهله ليلًا و يحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين.

(مسألة 1232): يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها

و كذا إلى نساء أهل الذمة و كذا المتبذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف و إلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبداً لنسب أو مصاهرة أو رضاع بشرط عدم التلذذ في الجميع و يحرم النظر إلى غيرهن بغير تلذذ أيضاً في غير الوجه و الكفين بلا إشكال و فيهما على الأحوط، و من غير المحارم اخت الزوجة و كذا الربيبة قبل الدخول بامها و يحرم على المرأة النظر إلى الرجل على الأحوط في غير الوجه و اليدين و الرأس و الرقبة و القدمين.

و أما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بتلذذ أو ريبة و إن كان الأحوط ترك ذلك أيضاً. و كذا يحرم النظر و اللمس مع التلذذ و لو إلى المماثل، و كذا يحرم اللمس من الرجل و المرأة لغير المحارم، و يجوز النظر و اللمس من الرجل للصبية غير البالغة و من المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ

في الجميع، أما مع التلذذ فإنه حرام مطلقاً.

(مسألة 1233): يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه و الكفين عن غير الزوج

و المحارم بل يجب عليها ستر الوجه و الكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذه بل عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط استحباباً. نعم، إذا كانت المرأة ممن ينظر إليها لجمالها فالأحوط وجوباً ستر الوجه و لا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

(مسألة 1234): يجوز سماع صوت الأجنبية

مع عدم التلذذ.

(مسألة 1235): لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر

إذا كانت شابة إلّا إذا رضيت بالترك بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 334

الفصل الثاني في الاولياء

اشارة

إنما الولاية للأب و إن علا و وصيه و الحاكم و المولى.

(مسألة 1236): للأب الولاية على الصغيرين و المجنونين البالغين

كذلك و لا خيار لهما بعد زوال الوصفين إلّا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح إلّا بالإجازة بعد البلوغ و العقل. نعم، إذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية فالعقد و إن كان صحيحاً إلّا أن في لزومه عليهما بعد بلوغهما إشكالًا فالاحتياط لا يترك. و في ولاية الأب على من جن بعد بلوغه إشكال، فالأحوط الاستجازة من الحاكم الشرعي أيضاً.

(مسألة 1237): لا ولاية للأب و الجد على البالغ الرشيد و لا على البالغة الرشيدة

عدا البكر فإن الأحوط لزوماً في تزويجها اعتبار إذن أحدهما أو إذنهما معاً كما مر. و يكفي في إثبات إذنها سكوتها إذا علم أنّه لأجل حيائها أو نحوه و إذا زالت بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر بخلاف ما إذا زالت بالوطء شبهة أو زنا على الأظهر.

(مسألة 1238): لا تعتبر الاستجازة من الأب في تزويج البكر

إذا تعذرت الاستجازة لغيبته أو حبسه و نحوهما و كانت البنت بحاجة إلى الزواج.

(مسألة 1239): للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي

و كذا على المجنون و اضطر إلى التزويج و الأحوط استئذان الحاكم.

(مسألة 1240): للحاكم الشرعي الولاية على المجنون

إذا لم يكن له ولي مع ضرورته إلى التزويج و في ولايته على الصبي في ذلك إشكال و الأظهر الجواز مع ضرورته إليه.

(مسألة 1241): في صحة تزويج السفيه إشكال

فالأحوط أن لا ينكح إلّا بإذن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 335

الأب إن كان و إلّا فالحاكم، و إذا كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالأحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه.

(مسألة 1242): للمولى الولاية على مملوكه

ذكراً كان أم انثى مطلقاً.

(مسألة 1243): لو زوج الولي الصغيرين توارثا

و لو كان المزوج غيره وقف على الإجازة فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل و إن بلغ أحدهما و أجاز ثمّ مات أحلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعاً في الميراث فإذا حلف على ذلك ورث و إلّا فلا.

(مسألة 1244): كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح

فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد و إذا لم يجز بطل.

(مسألة 1245): إذا وكلت المرأة شخصاً على تزويجها يصح له أن يتزوجها

إلّا مع عموم الإذن منها بل لو أذنت له في أن يتزوجها فالأحوط له استحباباً أن لا يتولى الإيجاب و القبول بنفسه بل يوكل عنها من يتولى الإيجاب عنها و لا بأس له أن يوكلها فتتولى الإيجاب منها و القبول عنه.

(مسألة 1246): إذا اكره الزوجان على العقد ثمّ رضيا و أجازا العقد صح

و كذلك الحكم في إكراه أحدهما، و الأولى تجديد العقد فيهما إذا كان العقد بمباشرة الزوجين أو المكره منهما و إلّا فلا يحتاج إلى التجديد بعد إجازتهما.

الفصل الثالث في المحرمات

اشارة

و هي قسمان: نسب و سبب.

فالنسب الام و إن علت و البنت و إن سفلت و الاخت و بناتها و إن نزلن و العمة و الخالة و إن علتا كعمة الأبوين و الجدين و خالتهما و بنات الأخ و إن نزلن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 336

و أما السبب فامور:
الأول: ما يحرم بالمصاهرة
(مسألة 1247): من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه امها

و إن علت و بناتها و إن نزلن، لابن أو بنت تحريماً مؤبداً سواء سبقن على الوطء أم تأخرن عنه.

(مسألة 1248): تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أبي الواطئ و إن علا

، و لو كان لُامه و على أولاده و إن نزلوا و كذا المعقود عليها لأحدهما مطلقاً فإنها تحرم على الآخر و كذا الأمة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور إلى شي ء منها مما يحرم النظر إليه لغير المالك بشهوة فإنها تحرم على الآخر.

(مسألة 1249): من عقد على امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه امها

و إن علت أبداً، و تحرم بنتها على الأحوط و إن نزلت من بنت كانت أو من ابن ما دامت الام في عقده و إن عقد على بنتها قبل الطلاق فالأحوط وجوباً طلاق الام و البنت معاً و لا يتزوج بالام مطلقاً و لكن لا بأس بأن يتزوج بالبنت حيث لم يدخل بامّها، و لو دخل حرمت عليه البنت أبداً و لم تحرم البنت على أبيه و لا على ابنه.

(مسألة 1250): تحرم اخت الزوجة جمعا لا عيناً و كذا بنت اختها و أخيها

إلّا مع إذن العمة و الخالة و لو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى و إن كان الأحوط تجديد العقد.

(مسألة 1251): من زنا بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها

أبداً إذا كان الزنا سابقاً على العقد و يلحق بالزنا بخالته الزنا بالعمة على الأحوط وجوباً و الأحوط استحباباً أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقاً و في إلحاق الوطء بالشبهة بالزنا و كذلك إلحاق الزنا بعد العقد و قبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان و الإلحاق أحوط و الأظهر عدم الإلحاق.

(مسألة 1252): لا يلحق بالزنا التقبيل و اللمس و النظر بشهوة

و نحوها فلو قبل خالته أو عمته أو امرأة اخرى و لمسها أو نظر إليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 337

(مسألة 1253): الزنا و الوطء بالشبهة الطارئان على العقد و الدخول لا يوجبان التحريم

فلو تزوج بنت خالته و دخل بها ثمّ زنى بخالته أو وطأها شبهة لم تحرم عليه بنتها.

(مسألة 1254): المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني و أبنائه

إذا كان الزنا سابقاً على العقد و الّا لم تحرم و لكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا سابقاً على العقد و إن كان الأحوط الترك في هذه الصورة.

(مسألة 1255): لو ملك الاختين فوطأ إحداهما حرمت الاخرى جمعاً

فلو وطأها أيضاً لم تحرم الاولى إلّا أن يكون عالماً بالحرمة و الموضوع فتحرم حينئذ، ثمّ إنه إن أخرج الاولى عن ملكه حلّت الثانية مطلقاً و إن أخرج الثانية عن ملكه لم تحل الاولى إلّا إذا كان إخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الاولى، و الأحوط في وطء الثانية جهلًا أن لا تحل له الاولى إلّا بالشرط المذكور.

(مسألة 1256): يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر

و في الإماء ما زاد على الأمتين، و له أن يجمع بين حرتين و أمتين أو ثلاث حرائر و أمة و يحرم على العبد ما زاد على أربع إماء و في الحرائر ما زاد على حرتين، و له أن ينكح حرة و أمتين و لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلّا بإذنها و لو عقد بدونه كان باطلًا بدون إجازتها و أما معها فالأظهر الصحة و لو أدخل الحرة على الأمة و لم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها و لو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة و توقف عقد الأمة على إجازة الحرة.

(مسألة 1257): يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك

، و لو تزوجها جاهلًا بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فإن دخل حينئذ حرمت عليه أبداً و الولد له و عليه مهر المثل للمرأة مع جهلها و الأحوط أن تتم عدة الأول إن كانت معتدة و تستأنف عدة الثاني و الأظهر التداخل، و لو عقد عالماً بالحكم و الموضوع حرمت عليه أبداً بالعقد، و كذا إذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما و أما ذات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 338

البعل فلا أثر لعلمها و لا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائناً أو رجعياً وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة و لا فرق في المعتدة بين الحرة و الأمة و لا في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر و لا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة و لا بالعقد وطء الشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و المدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.

(مسألة 1258): لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته

و هل يجري عليها حكم العدة أم لا؟ و الأظهر الثاني فلو عقد على امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه و إن كان عالماً و دخل بها، فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة و انقضاء العدة بعده و إن كان الأول هو الأحوط.

(مسألة 1259): من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً

- على الأحوط ام الغلام و إن علت و اخته و بنته و إن سفلت، و لو سبق عقدهن لم يحرمن و إن كان الأحوط الاجتناب و في عموم الحكم للواطئ إذا كان صغيراً إشكال، و الأظهر العدم، و لا يبعد عدم الفرق في الموطوء بين الصغير و الكبير و لا تحرم على الواطئ بنت اخت الموطوء و لا بنت أخيه.

(مسألة 1260): لو دخل بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل حرمت عليه أبداً

و هو ضعيف و لا سيما إذا اندمل الجرح فتجري لها و عليها أحكام الزوجة من النفقة و غيرها بل تجب لها النفقة ما دامت حية و إن نشزت أو طلقت بل و إن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط، و لو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً و لا تجب لها الدية مطلقاً و تجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان قد طلقها و قيل مطلقاً لكنه ضعيف، و الأحوط وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، و لو أفضى الأجنبية لم تحرم عليه أيضاً.

(مسألة 1261): لو زنى بامرأة غير معتدة و لا ذات بعل لم يحرم نكاحها عليه

و الأحوط وجوباً أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 339

(مسألة 1262): يجوز التزويج بالزانية

و الأحوط لزوماً ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.

(مسألة 1263): لو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبداً

على الأحوط، و لا فرق في ذات البعل بين الدائمة و المتمتع بها و الحرة و الأمة و الصغيرة و الكبيرة و المدخول بها و غيرها و العالمة و الجاهلة و لا في البعل بين الحر و العبد و الصغير و الكبير و لا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل أو في العدة و الجاهل بذلك.

(مسألة 1264): لا يلحق بذات البعل الأمة الموطوءة بالملك أو التحلل

كما لا يلحق بالعدة الرجعية عدة البائنة وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة و مدة استبراء الأمة.

(مسألة 1265): إذا زنت ذات البعل

لم تحرم على بعلها.

(مسألة 1266): لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت عليه أبداً

و لو كان جاهلًا بطل العقد و لم تحرم.

(مسألة 1267): لو طلقت الحرة ثلاثاً حرمت على المطلق حتى تنكح زوجاً غيره

و إن كانت تحت عبد، و لو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره و إن كانت تحت حر.

(مسألة 1268): المطلقة تسعاً للعدة بينها نكاحان

و لو لرجل واحد تحرم على المطلق أبداً بل تحرم المطلقة تسعاً مطلقاً على الأحوط كما يأتي.

(مسألة 1269): لو طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً لم يجز أن ينكح بدلها

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 339

حتى تخرج من العدة و يجوز ذلك في البائن على المشهور و لكنه محل إشكال.

(مسألة 1270): لو عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنتين مرتباً بطل الثاني

و لو عقد عليهما دفعة يحتمل أن يكون للزوج اختيار أيّتهما شاء بلا حاجة إلى عقد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 340

جديد و لكن لا يترك الاحتياط و كذا في تزويج الاختين.

الثاني من أسباب التحريم: الرضاع.
(مسألة 1271): يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب

إذا كان اللبن ناتجاً من ولادة عن وطء صحيح و إن كان عن شبهة، يوماً و ليلة. أو ما أنبت اللحم و شد العظم أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي.

(مسألة 1272): يشترط في التحريم برضاع يوم و ليلة أو خمس عشرة رضعة

أن لا يفصل بينها برضاع آخر، و لا يقدح الفصل بذلك فيما أنبت اللحم و شد العظم.

(مسألة 1273): لا يقدح الفصل بين الرضعات بالأكل و الشرب للغذاء

في الرضاع بخمس عشرة رضعة و فيما أنبت اللحم و شد العظم و لكن يقدح ذلك في رضاع يوم و ليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئاً آخر لم يحرم الرضاع.

(مسألة 1274): لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم

إذا لم يتخلل بينها شي ء حتى الأكل و الشرب.

(مسألة 1275): يشترط في حصول التحريم بالرضاع أن يكون في الحولين بالنسبة إلى المرتضع

دون ولد المرضعة فالرضاع بعد مضي الحولين على المرتضع لا أثر له، و يعتبر أن يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة صبياً بعض العدد من فحل و اكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة و كذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل و أكملته الاخرى من ذلك الفحل فإنه لا ينشر الحرمة.

(مسألة 1276): لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلّا مع اتحاد الفحل

و إن تعددت المرضعة فلو أرضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما، و لو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما.

(مسألة 1277): مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة امّاً للرضيع

و ذو اللبن أباً له و أخواتهما أخوالًا و أعماماً له، و أخواتهما عمات و خالات له، و أولادهما إخوة له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 341

(مسألة 1278): إذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه

و جاز له النظر إليها فإن الام الرضاعية للزوجة بمنزلة الام النسبية لها و كذلك تحرم زوجة الابن على أبيه الرضاعي فإنها بمنزلة زوجة الابن النسبي.

(مسألة 1279): يحرم أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعاً على المرتضع

و كذا أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً.

(مسألة 1280): لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعاً

و لا في أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً فإذا أرضعت زوجة الجد للُام طفلًا من لبن جده لُامه حرمت ام المرتضع على أبيه و لا فرق في المرضعة بين أن تكون اماً لُام المرتضع و أن لا تكون اماً لها بل تكون زوجة لأبيها.

(مسألة 1281): في جواز نكاح أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن

في أولاد المرضعة نسباً و في أولاد الفحل مطلقاً قولان أقربهما الجواز. هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب كما إذا كان الأولاد من زوجة اخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن و إلّا لم يجز كما في المثال المتقدم لأن أولاد أبي المرتضع حينئذ أولاد اخت لأولاد صاحب اللبن و أولاد المرضعة.

(مسألة 1282): لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا

إن كان قد دخل بالمرضعة أو فرض الإرضاع بلبنه مع عدم الدخول و إلّا حرمت هي و لا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة.

(مسألة 1283): لو أرضعت الام من الرضاع الزوجة الصغيرة مع اتحاد الفحل حرمت

و في حرمة ام ام الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1284): يستحب اختيار المسلمة

الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع.

(مسألة 1285): إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 342

أو إحدى بناتها. و إذا كان له اخت لم ترتضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن أو أحد أولاده.

(مسألة 1286): يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع

أخاها أو اختها و لا يضر كونها بالرضاع اختاً لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ولد اختها أو أخيها و لا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها و إن صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها، و لا تحرم ام المرتضع على زوجها، و مثل ذلك أن ترضع إحدى زوجتي الفحل ابن ابن الاخرى، و كذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها و لا تحرم بذلك على زوجها و إن صار بذلك أباً لعمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، و كذا يجوز لها أن ترضع أخا الزوج أو اخته فتكون بذلك اماً لأخيه أو اخته، و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابن الزوج فتكون بذلك امّاً لولد ولده و كذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها أو اخته و أن ترضع عمه أو عمته أو خاله أو خالته.

(مسألة 1287): يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل

كما يثبت بشهادة عدلين. و لا يثبت بشهادة المرضعة و امه منفردتين أو منضمتين.

الثالث من أسباب التحريم: اللعان

و يثبت به التحريم المؤبد و كذا يثبت التحريم المؤبد بقذف الزوج امرأته الخرساء. و في ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء إشكال.

الرابع من أسباب التحريم: الكفر
اشارة

فلا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعاً لا دواماً و لا انقطاعاً و في الكتابية قولان أظهرهما الجواز في المنقطع. بل في الدائم أيضاً و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه و في عموم الحكم للمجوسية و إن كانت من الكتابية إشكال.

(مسألة 1288): لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم

، و كذا لا يجوز

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 343

للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة و لا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم و لو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال و كذلك بعد الدخول إذا ارتد الزوج عن فطرة و أما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدة و فيه إشكال و الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1289): عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة

وعدتها عن المرتد عن ملة عدة الطلاق.

(مسألة 1290): لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده

و لو أسلمت دونه قبل الدخول انفسخ العقد و بعده يقف على انقضاء العدة فإن أسلم فيها كان أملك بها.

(مسألة 1291): لو كان الزوجان غير كتابيين و أسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح

في الحال و لو كان بعده توقف على انقضاء العدة.

(مسألة 1292): لو أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات و أسلمن

فيحتمل أن يكون للزوج اختيار أربع منهن بلا حاجة الى عقدٍ جديد و انفساخ نكاح الباقي و لكن لا يترك الاحتياط.

(مسألة 1293): لو أسلم الزوج و عنده أربع كتابيات ثبت عقده عليهن

، و لو كن أكثر احتاط كما تقدم في المسألة السابقة.

(مسألة 1294): يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه

فإن لم يدخل حتى مات في مرضه بطل العقد و لا مهر لها و لا ميراث سواء مات بمرضه أم بسبب آخر من قتل أو مرض آخر. أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد و ثبت المهر و الميراث، و لو برئ من مرضه فمات و لم يدخل بها ورثته و كان لها نصف المهر.

(مسألة 1295): لو تزوج امرأة و هي مريضة فماتت في مرضها أو بعد ما برئت

و لم يدخل بها ورثها و كان لها نصف المهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 344

(مسألة 1296): لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول بها ثمّ مات الزوج

في مرضه فالأظهر إرثه منها.

(مسألة 1297): الظاهر أن النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم

فلا عدة عليها بموته، و الظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمر سنين أيضاً.

(مسألة 1298): يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف على كراهية

بل الأحوط تركه إلّا إذا خيف عليها الضلال فيحرم و يجوز العكس إلّا إذا خيف الضلال و يكره تزويج الفاسق و تتأكد الكراهة في شارب الخمر.

(مسألة 1299): نكاح الشغار باطل

و هو جعل نكاح امرأة مهر اخرى.

(مسألة 1300): يجوز تزويج الحرة بالعبد

و الهاشمية بغيره و العربية بالعجمي و بالعكس.

(مسألة 1301): لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل

و لا لذات العدة الرجعية و يجوز للمعتدة البائنة، و كذا من الزوج لها إلّا أن تكون محرمة أبداً عليه أو تحتاج إلى محلل. نعم، لو كانت الخطبة بحيث لا تدعوها إلى المحرّم ففي عدم جوازها تأمل.

الفصل الرابع في عقد المتعة

اشارة

و يشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة: متعتك أو زوجتك أو انكحتك نفسي، و القبول من أهله مثل: قبلت، و يشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضاً ذكر أجل معين، و الأحوط أن لا يزيد على عمر الزوجين أو أحدهما عادة و إلّا فلا يترك ما يقتضيه الاحتياط و لو لم يذكر المهر بطل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 345

(مسألة 1302): لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان

أظهرهما الأول.

(مسألة 1303): يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار

، و الأمة على الحرة من دون إذنها، و بنت الأخ و الاخت من دون إذن العمة و الخالة، و يكره على البكر و على الزانية، و إذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوماً ترك التمتع بها.

(مسألة 1304): لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء

كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد، و لا حد للمهر قلة و كثرة و يجوز أن يكون المهر عملًا كخياطة ثوب أو تعليم كتابة و نحوهما كما يجوز أن يكون حقاً قابلًا للانتقال كحق التحجير، و لو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على الأظهر و لو ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شي ء و إن كان قبل الدخول.

(مسألة 1305): تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد و تسليم نفسها للاستمتاع بها

لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته و لا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيام الحيض و نحوها مما يحرم عليه فيها الوطء. و المدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شي ء و لو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء في سقوط بعض المهر إشكال.

(مسألة 1306): لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول

، و بعده لها مهر المثل و لو كان أكثر من المهر المسمّى و لا يقاس بعمل الأجير في الإجارة الفاسدة حيث يمكن فيه دعوى أقل الأمرين من الاجرتين؛ لأنّ المهر لا يكون اجرة على التمكين للاستمتاع و لا مهر لها مع علمها بالبطلان.

(مسألة 1307): يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها و إن كان قد عزل

، و يلحق بالوطء الإنزال في فم الفرج و ليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 346

منه و لو نفاه جزماً انتفى ظاهراً بلا لعان إلّا إذا كان قد أقر به سابقاً و كذا الحكم في الأمة.

(مسألة 1308): لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلاناً و قبلت، صح الإبراء

و صح الشرط فيجب عليها الوفاء به لكنها لو تزوجت منه و لو عصياناً صح زواجها على الأظهر.

(مسألة 1309): لو صالحها على أن يبرئها المدة و أن لا تتزوج بفلان صح الصلح

و وجب عليه الإبراء فإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر تولاه الحاكم و لا يجوز لها أن تتزوج بفلان لكنها إن تزوجت به صح التزويج و إن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فإن امتنعت أجبرها الحاكم فإن تعذر إجبارها زوّجها الحاكم منه، و لو صالحها على أن تكون بريئة من المدة بنحو شرط النتيجة صحت المصالحة و لو ابرأها معلقاً على شي ء مثل أن لا تتزوج من فلان مثلًا أو مطلقاً بطل الإبراء.

(مسألة 1310): تعتد الحائل بعد الأجل أو بعد الإبراء بحيضتين كاملتين

و لا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما فإن كانت في سن من تحيض و لا تحيض فبخمسة و أربعين يوماً و في الموت بأربعة أشهر و عشرة أيام إن كانت حرة و إن كانت أمة اعتدت بشهرين و خمسة أيام، و تعتد الحامل بأبعد الأجلين من المدة و وضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضاً على الأحوط.

(مسألة 1311): لا يصح للزوج تجديد العقد على المتمتع بها دائماً أو منقطعاً

قبل انقضاء الأجل أو هبة مدتها.

(مسألة 1312): إذا اختلف الزوجان في الدوام و الانقطاع

لم يبعد تقديم قول مدعي الانقطاع بيمينه إن لم تكن بينة على الدوام.

(مسألة 1313): لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد

فيتزوجها شهراً بعد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 347

شهر العقد و قيل يجوز و هو ضعيف.

(مسألة 1314): يجوز للمتمتع بها أن تشترط على زوجها أن لا يدخل بها

و يجب عليه الوفاء بالشرط و لكنها إذا أسقطت الشرط جاز له ذلك.

(مسألة 1315): يجوز التمتع بالصغيرة و إن كانت المدة قليلة لجواز الاستمتاع بها

بغير الوطء و إنما لا يجوز الدخول بها قبل بلوغها.

(مسألة 1316): صحة العقد متعة للصغير لمدة لا تكون قابلة للاستمتاع فيها محل إشكال

و الاحتياط لا يترك و يتحقق الاحتياط بجعل الأجل مدة طويلة يكون قابلًا للاستمتاع في بعضها و يجوز في الفرض لولي الصغير إبراء المدة وهبتها إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

(مسألة 1317): يجوز لولي الصغير إبراء المدة

إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

(مسألة 1318): لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها

إلّا إذا اشترط ذلك في عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم.

(مسألة 1319): لا طلاق و لا لعان في المتعة

و لا توارث بينهما إلّا إذا اشترط ذلك لهما أو لأحدهما و مع الاشتراط ينفذ الشرط.

الفصل الخامس في جواز الاستمتاع بالإماء و نكاحهن

(مسألة 1320): يجوز وطء الأمة بالملك و سائر الاستمتاعات بها كالزوجة

إذا لم تكن محرمة عليه بسبب ما، كما إذا كانت موطوءة الأب أو الابن أو كانت منظورة أو ملموسة له بشهوة و لا فرق في الأمة بين أن تكون مسلمة أو كافرة، و قيل أن الأمة إذا كانت مشركة أو مرتدة لا يجوز وطؤها، و دليله غير ظاهر.

(مسألة 1321): لا يجوز للعبد و الأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى

فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 348

فعل أحدهما ذلك وقف على الإجازة.

(مسألة 1322): لو أذن المولى في العقد للعبد فالمهر و النفقة على المولى

و يستقر المهر بالدخول.

(مسألة 1323): لو تزوج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف أنه إن كان بإذن السيدين سابقاً أو لاحقاً فالولد لهما

و كذا لو لم يأذنا، و لو أذن أحدهما فقط فالولد للآخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين، و لكنه لا يخلو عن إشكال كما أن شمول قاعدة تبعية الولد للُام في المملوك محل تأمل فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 1324): لو كان أحد الزوجين حراً فالولد مثله

، و لو اشترط المولى رقيته فالأقوى إلغاء شرطه.

(مسألة 1325): لو تزوج الحر الأمة من دون إذن المولى عالماً فهو زان

و الولد رق للمولى، و لو كان جاهلًا سقط الحد دون المهر و عليه قيمة الولد لمولاها يوم سقوطه حيّاً و كذلك الحكم لو ادعت الأمة الحرية و على الأب فك أولاده و يلزم المولى دفعهم إليه و لو عجز سعى في القيمة و مع عدم الدخول لا مهر.

(مسألة 1326): لو تزوجت الحرة بعبد عالمة من دون إذن المولى فلا مهر لها

و الولد رق و مع الجهل كان الولد حراً على المشهور و لا قيمة عليها و على العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول.

(مسألة 1327): لو زنى الحر أو المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.
(مسألة 1328): لو اشترى الزوج جزءاً من زوجته بطل العقد

و تحل بالتحليل من الشريك على قول قوي، و لو اشترت الزوجة زوجها أو جزءاً منه بطل عقد النكاح بينهما.

(مسألة 1329): لو أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ النكاح

إن كان زوجها رقاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 349

(مسألة 1330): يجوز جعل العتق مهراً لمملوكته

سواء قدم العتق أم قدم النكاح، و الأولى تقديم النكاح و إذا قدم العتق فليعطها شيئاً للمهر.

(مسألة 1331): ام الولد رق

و لا يجوز بيعها إلّا في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها على تفصيل، و تنعتق بموت المولى من نصيب الولد و لو عجز النصيب سعت في قيمتها.

(مسألة 1332): إذا بيعت الأمة المزوجة كان للمشتري فسخ النكاح

، و كذا إذا بيع العبد المزوج بأمة و مع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر و لو أجاز قبله أو بعده فالمهر للبائع.

(مسألة 1333): إذا زوج المولى عبده بحرة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد

و لو كانا لواحد كان للمولى الطلاق و الفسخ.

(مسألة 1334): يحرم لمن زوّج أمته وطؤها و لمسها و النظر إليها بشهوة

و بدونها أيضاً ما بين السرّة و الركبة ما دامت في حبال الزوج و كذلك إذا كانت في العدة.

(مسألة 1335): ليس لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بالملك

و يجوز بالتحليل من شريكه كما سبق.

(مسألة 1336): يجب على مشتري الجارية من الرجل استبراؤها بحيضة

إذا لم يستبرئها البائع إلّا إذا علم بعدم كونها موطوءة و تقدم تفصيل ذلك في مسائل بيع الحيوان.

(مسألة 1337): لو أعتقها مولاها جاز وطؤها بالعقد

من غير استبراء إلّا إذا علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فإن الأحوط لزوجها الاستبراء حينئذ.

(مسألة 1338): لو حلل أمته لغيره حلّت له

و لو كان مملوكه و لا يشترط فيه تعيين مدة و لا ذكر مهر و لا نفقة لها عليه، و لا سلطان له عليها و ليس هو عقد نكاح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 350

و لا تمليك انتفاع و لا تمليك منفعة بل هو إذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بأن يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه أحكامه الثابتة له بما هو عام.

(مسألة 1339): يختص التحليل بالإماء

و لا يجوز للحرة أن تحلل نفسها لأحد و لا تحل له بذلك.

(مسألة 1340): إذا أطلق المالك التحليل حل للمحلل له جميع الاستمتاعات

و إن خصصه بمعين اختص الحل به و لا يحل ما سواه و مع حرية المحلل له ينعقد الولد حراً.

الفصل السادس في العيوب

(مسألة 1341): العيوب في الرجل التي توجب الخيار للزوجة في فسخ عقد الزواج أربعة:

(1) الجنون و إن تجدد بعد العقد و الوطء.

(2) العنن و إن تجدد بعد العقد لكن لو تجدد بعد العقد و الوطء- و لو مرة- لم يوجب الخيار.

(3) الخصاء إذا سبق على العقد مع تدليس الزوج و جهل

الزوجة به.

(4) الجب الذي لا يقدر معه على الوطء أصلًا إذا سبق على العقد أو تجدد قبل الوطء أما إذا كان بعد الوطء و لو مرة فالأقوى أنه لا يقتضي الخيار.

(مسألة 1342): العيوب في المرأة التي توجب الخيار للزوج في فسخ العقد سبعة

(الجنون) و (الجذام) و (البرص) و (القرن) و هو العفل و مثله الرتق و (الإفضاء) و (العمى) و (الإقعاد) و منه العرج البين و يثبت الخيار للزوج فيما إذا كان العيب سابقاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 351

على العقد و في ثبوته في المتجدد بعد العقد و قبل الوطء إشكال و الأقرب الثبوت و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

(مسألة 1343): الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في الدائم و المنقطع

، و الأظهر أنه ليس على الفور فلا يسقط بالتأخير.

(مسألة 1344): ليس الفسخ بطلاق

و لا مهر مع فسخ الزوج قبل الدخول و للزوجة المسمى بعده و يرجع به على المدلس إن كان، و إن كانت هي المدلسة نفسها فلا مهر لها كما لا مهر لها مع فسخها قبل الدخول إلّا في العنة فيثبت نصفه.

(مسألة 1345): القول قول منكر العيب مع اليمين

و عدم البينة.

(مسألة 1346): لا بد في خصوص العنة من رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي

فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ و إلّا فسخت إن شاءت و إذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل.

(مسألة 1347): لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ

و لا مهر إلّا مع الدخول فيرجع به على المدلس فإن لم يكن المدلس مولاها كان له عشر قيمتها إن كانت بكراً و إلّا فنصف العشر.

(مسألة 1348): لو تزوجته على أنه حر فبان عبداً فلها الفسخ

و لها المهر بعد الدخول لا قبله. و كذا إذا قال أنا من بني فلان فتزوجته على ذلك فبان أنه من غيرهم.

(مسألة 1349): لو تزوجها على أنها بكر فبانت ثيباً لم يكن له الفسخ

. نعم ينقص من المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر و الثيب للنص الصحيح و يسمى بالأرش و لا يثبت الأرش في غير ذلك من العيوب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 352

الفصل السابع في المهر

(مسألة 1350): المرأة تملك المهر بالعقد

و يسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول و كذا في موت أحدهما على الأظهر و لو دخل بها قبلًا أو دبراً استقر المهر، قيل: و كذا إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها، و لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1351): إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها بالوطء

أو بغيره كان عليه مهر المثل بكراً.

(مسألة 1352): يصح أن يكون المهر عيناً أو ديناً أو منفعة

و يجوز أن يكون من غير الزوج، و لو طلقها الزوج قبل الدخول حينئذ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج.

(مسألة 1353): لا يتقدر المهر قلة و لا كثرة

و لا بد فيه من أن يكون متعيناً و إن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة و لو أجله وجب تعيين الأجل و لو في الجملة مثل ورود المسافر و وضع الحمل و نحو ذلك و لو كان الأجل مبهماً بحتاً مثل إلى زمان ما أو ورود مسافر ما، صح العقد و صح المهر أيضاً على الأظهر و سقط التأجيل.

(مسألة 1354): لو لم يذكر المهر صح العقد و كان لها مع الدخول مهر المثل

و مع الطلاق قبله لها المتعة على الموسر و على الفقير بحسب قدرهما و لو مات أحدهما قبل الدخول فلا مهر و لا متعة.

(مسألة 1355): لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل

سواء أ كان الوطء بعقد باطل أو بلا عقد.

(مسألة 1356): لو تزوجها بحكم أحدهما صح

و يلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنة إن كانت هي الحاكمة، و لو مات الحاكم قبله و قبل الدخول فلها المتعة و بعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى الزوج، و أما إن كان إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون مهر السنة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 353

(مسألة 1357): لو تزوجها على خادم مطلقاً أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك

، و لو قال: على السنة فخمسمائة درهم.

(مسألة 1358): لو تزوج الذميان على خمر صح

فإن أسلما قبل القبض فللزوجة القيمة، و إن أسلم أحدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضاً، و لو تزوج المسلم عليها ففيه أقوال أقواها صحة العقد و ثبوت مهر المثل مع الدخول بها و لو أمهر المدبر بطل التدبير.

(مسألة 1359): لو شرط في العقد محرماً بطل الشرط دون العقد

و لو اشترط أن لا يخرجها من بلدها لزم الشرط، و يجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوج عليها و يلزم الزوج العمل به و لكن لو تزوج صح تزويجه كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الامور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون حينئذ وكيلة على طلاق نفسها و لا يجوز له عزلها فإذا طلقت نفسها صح طلاقها.

(مسألة 1360): القول قول الزوج في قدر المهر

و لو أنكره بعد الدخول لزمه أقل الأمرين مما تدّعيه الزوجة و مهر المثل و لو ادعت المواقعة و أنكرها الزوج فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1361): لو زوج الأب ابنه الصغير ضمن المهر

إن لم يكن للولد مال و إلّا كان المهر على الولد.

(مسألة 1362): للمرأة الامتناع من التمكين قبل الدخول حتى تقبض المهر

إلّا أن يكون المهر مؤجلًا فلا يجوز لها الامتناع و إن حل الأجل و لا فرق بين الموسر و المعسر، و إذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر فلو امتنعت حينئذ صارت ناشزاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 354

الفصل الثامن في القسمة و النشوز

(مسألة 1363): الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداءً

مع تعدد الزوجات بالمبيت، و لكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الاخرى ليلة منها، و الأحوط القسمة ابتداءً بل الأحوط القسمة و إن اتحدت الزوجة و لو وهبته إحداهن، وضع ليلتها حيث شاء، و لو وهبت ضرتها بات عندها إن رضي بالهبة و الواجب المضاجعة ليلًا لا المواقعة.

(مسألة 1364): إذا تزوج حرة و أمة أو كتابية كان للحرة ليلتان

من ثمان و للأمة و الكتابية ليلة من ثمان و لا قسمة للمتمتع بها و لا للموطوءة بالملك و تختص البكر عند الدخول بسبع و الثيب بثلاث، و يستحب التسوية في الإنفاق على الزوجات.

(مسألة 1365): يجب على الزوجة التمكين و إزالة المنفر

، و له ضرب الناشزة من دون إدماء لحم و لا كسر عظم بعد وعظها و هجرها على الترتيب و لو نشز طالبته و لها ترك بعض حقها أو كله استمالة و يحل قبوله.

(مسألة 1366): لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حَكَمين من أهلهما

أو أجنبيين مع تعذر أهلهما على الأحوط فإن رأيا الصلح أصلحا و إن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق و البذل و مع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها إن كان العصيان منها أو منهما و إن كان من الزوج فقط رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع و الإنفاق أو الطلاق و التسريح فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 355

الفصل التاسع في أحكام الاولاد

(مسألة 1367): يلحق ولد المرأة بزوجها في الدائم و المنقطع بشروط:

الأول: الدخول مع العلم بالإنزال أو احتماله أو الإنزال على فم الفرج.

الثاني: مضي ستة أشهر من حين الوطء و نحوه.

الثالث: عدم التجاوز عن أقصى الحمل و هو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة و المشهور الأول و لا يخلو عن قوّة.

(مسألة 1368): لو غاب الزوج أو اعتزل زوجته أكثر من أقصى الحمل

ثمّ ولدت لم يلحق الولد به. نعم، إذا علم أن الحمل من الواطئ يلحق به و إن كان أكثر من تسعة أشهر كعشرة أشهر مثلًا.

(مسألة 1369): القول قول الزوج في عدم الدخول

و لو اعترف به ثمّ أنكر الولد لم ينتف إلّا باللعان في الدائم.

(مسألة 1370): لا يصير ولد الزنا ولداً حلالًا للزاني بعد تزوجه بامّه

بحيث يترتب أثره من الإرث و كذا لو زنى بأمة فأحبلها ثمّ اشتراها.

(مسألة 1371): لو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول و أتت بولد لأقل من ستة أشهر

من عقد الثاني و دخوله بها فهو للأول و يظهر كون عقد الثاني في العدة فتحرم عليه مؤبداً و إن كان الإتيان به لستة أشهر فصاعداً من دخوله بها فهو للأخير سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصى مدة الحمل من وطء الأول أم لم يمكن بأن تجاوز المدة المذكورة من وطئه و لو كان الإتيان بولد لأقل من ستة أشهر من الثاني و أكثر من أقصى الحمل من وطء الأول فليس الولد لهما و كذا الأمة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج.

(مسألة 1372): إذا طلقت المرأة فوطأها رجل في غير العدة الرجعية شبهة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 356

و اشتبه إلحاق الولد بالمطلق و الواطئ قيل يقرع بينهما و قيل يلحق بالثاني و لعله الأظهر و كذا المتمتع بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة و وطأها رجل شبهة و اشتبه إلحاق الولد بهما و إذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثمّ ولدت و علم لحوقه بالزوج أو الواطئ ألحق به و إن اشتبه أمره اقرع بينهما و عمل على ما تقتضيه القرعة.

(مسألة 1373): لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد

ولدين و اشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.

(مسألة 1374): الأمة إذا وطأها المولى فولدت ولدا الحق به

إلّا إذا نفاه فيقبل نفيه ظاهراً و لا يجوز له نفيه بغير جزم و لو وطأها المولى و أجنبي فجوراً فالولد للمولى، و لو وطأها المشتركون فتداعوه الحق بمن تخرجه القرعة و يغرم للباقين حصصهم من قيمة الأمة و قيمة ولدها يوم سقوطه حيّاً.

(مسألة 1375): لو وطأ المرأة أجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد

فإن كان لها زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني.

(مسألة 1376): المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق

مع بناء الواطئ على استحقاقه له سواء كان معذوراً فيه شرعاً أم عقلًا أم غير معذور.

(مسألة 1377): إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت و لحق بها الولد

و بصاحب المني فإذا كان الولد انثى لم يَجُز لصاحب المني تزويجها و كذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه و لكن لا إثم عليها في ذلك ما لم يكن في البين عنوان محرّم آخر كما إذا كان المباشر لإدخال مني زوجها شخص آخر حتى الطبيب.

(مسألة 1378): يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن فيه ضرر كثير

و إن لم يرض الزوج بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 357

(مسألة 1379): لا يجوز إسقاط الحمل

و إن كان نطفة و فيه الدية كما يأتي في المواريث.

(مسألة 1380): إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر

استحقت الزوجة الرجم و البكر الجلد و كان على الزوجة مهر البكر و يلحق الولد بصاحب النطفة كما يلحق بالبكر للنص.

(مسألة 1381): يجب عند الولادة استبداد النساء و الزوج بالمرأة
(مسألة 1382): يستحب غسل المولود و الأذان في اذنه اليمنى

و الإقامة في اليسرى و تحنيكه بتربة الحسين عليه السلام و بماء الفرات و تسميته باسم أحد الأنبياء و الائمة عليهم السلام و تكنيته (و لا يكنى محمد بأبي القاسم) و حلق رأسه في اليوم السابع و العقيقة بعده و التصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة و ثقب أذنه و ختانه فيه و يجب عليه الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله، و خفض الجواري مستحب و إن بلغن و الأولى أن يكون بعد بلوغها سبع سنين.

(مسألة 1383): يستحب أن يعق عن الذكر بذكر و عن الانثى بأنثى

و أن تكون سالمة من العيوب سمينة و في الروايات هي شاة لحم يجزئ فيها كل شي ء و إن خيرها أسمنها و يكره أن يأكل الأب منها أو أحد من عيال الأب و الأحوط للُام الترك و تجزي الشاة و البقرة و البدنة و الأفضل الكبش و يستحب أن تقطع جداول و قيل يكره أن تكسر العظام و يستحب أن تعطى القابلة منها الربع و يقسم الباقي على المؤمنين و أفضل منه أن يطبخ و يعمل عليه وليمة و الأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد كما أن الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماء و ملحاً. و أما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء و دفنها فلم نعثر على مستنده.

(مسألة 1384): من بلغ و لم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه
(مسألة 1385): لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها

و من ضحي عنه أجزأته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 358

الاضحية عن العقيقة.

(مسألة 1386): أفضل المراضع الام و للحرة الاجرة على الأب

إذا لم يكن للولد مال و إلّا فمن ماله و مع موته فمن مال الرضيع إن كان له مال و إلّا فمن مال من تجب نفقته عليه كما يأتي بيانه و لا تجبر على إرضاعه. نعم، لا يبعد جواز الإجبار في فرض كون إرضاع ولدها من الشرط الارتكازي عند النكاح بينهم كما في أهالي بعض المجتمعات، و تجبر الأمة.

(مسألة 1387): حد الرضاعة حولان

و تجوز الزيادة على ذلك و أقله واحد و عشرون شهراً على المشهور و الام أحق بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به غيرها من اجرة أو تبرع.

(مسألة 1388): الام أحق بحضانة الولد إن شاءت

إذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة على الولد إلى سنتين و إن كان انثى و الأولى جعله في حضانة الام إلى سبع سنين و إن كان ذكراً. و تسقط الحضانة لو تزوجت و لا تسقط لو زنت.

(مسألة 1389): لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه

أو كان مملوكاً أو كافرا أو مجنوناً فالام أولى به إلى أن يبلغ من الوصي للأب و من الجد و الجدة له و غيرهما من أقاربه و إن تزوجت.

(مسألة 1390): لو ماتت الام في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها

و أبيها و امها و غيرهما من أقاربها و إذا فقد الأبوان فأب الأب أولى به و مع فقده فالوصي لأحدهما و مع فقده فثبوت حق الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال.

(مسألة 1391): إذا بلغ الولد رشيداً سقطت ولاية الأبوين عنه

و كان له الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما.

(مسألة 1392): إذا طلبت الام اجرة للرضاع زائدة على غيرها

أو وجد متبرع به و كان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال و الأظهر سقوطه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 359

(مسألة 1393): لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان

أقواهما العدم.

(مسألة 1394): حق الحضانة الذي يكون للُام يسقط بإسقاطها

بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه.

(مسألة 1395): الظاهر أن الام تستحق الاجرة على الحضانة

إلّا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة.

(مسألة 1396): إذا أخذ الأب أو غيره الطفل من امه و لو عدواناً

لم يكن عليه تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها.

(مسألة 1397): يصح إسقاط حق الحضانة المستقبلة كما يصح إسقاطه

يوماً فيوماً.

الفصل العاشر في النفقات

اشارة

و هي أقسام: نفقة الزوجة و نفقة الأقارب و نفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً. أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج و هي الإطعام و الكسوة و السكنى و الفراش و الغطاء و آلة التنظيف و سائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة و المشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز و هو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها و إن كان مثل سبه و شتمه و فيه إشكال.

(مسألة 1398): الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج اجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف

إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسراً عليها لبرد أو غيره كما أن منها اجرة مصاريف الولادة و الفصد و الحجامة عند

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 360

الاحتياج إليهما و كذلك اجرة الطبيب و الأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقيا و لو احتاج إلى بذل مال خطير ما لم يكن ذلك حرجياً و يرجى شفاؤها بل يطمئن بالعلاج.

(مسألة 1399): لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد و الزفاف

، فإن الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة.

(مسألة 1400): تجب النفقة للزوجة الدائمة

و إن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة فإن طلقت رجعياً بقيت لها النفقة فإن طلقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل، و أما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت و تقضى مع الفوات فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها.

(مسألة 1401): يجب على الولد الإنفاق على الأبوين

و يجب على الوالد الإنفاق على الولد و لا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذه الحقوق مثل الزكاة و الخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضاً. نعم لا يجب الإنفاق مع البذل خارجاً كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على الكسب.

(مسألة 1402): يشترط في وجوب الإنفاق قدرة المنفق على الانفاق

فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة و سقطت نفقة الأقارب.

(مسألة 1403): المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الام

فإن فقدت فعلى أبيها و امها بالسوية و لو كانت معهما ام الأب شاركتهما في النفقة و هو لا يخلو من إشكال و إن كان أحوط و لا تجب النفقة على غير العمودين من الإخوة و الأعمام و الأخوال ذكوراً أو إناثاً و أولادهم.

(مسألة 1404): نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة

و هي مقدمة على نفقة الأقارب و الأقرب منهم مقدم على الأبعد فالولد مقدم على ولد الولد و لو تساووا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 361

و عجز عن الإنفاق عليهم تخير بينهم.

(مسألة 1405): الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه

و له أن يجعلها في كسبه مع الكفاية و إلّا تممه المولى و الأحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة.

(مسألة 1406): الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطاً في صحة النكاح

فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها و لا بواسطة الحاكم و لكن يجوز لها أن ترجع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي و إذا امتنع القادر على النفقة عن الإنفاق جاز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيلزمه بأحد الأمرين من الإنفاق و الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين و لم يمكن الإنفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها و لا فرق في ذلك بين الحاضر و الغائب. نعم، إذا كان الزوج مفقوداً و علمت حياته وجب عليها الصبر و إن لم يكن له مال ينفق عليها منه و لا ولي ينفق عليها من مال نفسه. و يأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود.

(مسألة 1407): لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها

فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الاستمتاع بها بل مطلقاً على الأحوط فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزاً و لا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلّا أن يكون منافياً لحق الاستمتاع.

(مسألة 1408): ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه

كالطعام و الشراب و الصابون و نحوها تملك الزوجة عينه فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها و لها الاجتزاء بما يبذله لها منه كما هو المتعارف فتأكل و تشرب من طعامه و شرابه، و أما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن و الخادم فلا إشكال في كونه إمتاعا لا تمليكاً فليس لها المطالبة بتمليكها إياه و الظاهر أن الفراش و الغطاء أيضا كذلك و أما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 362

الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال و لا يبعد أن الأول أقرب و لا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها و لا التصرف فيه على غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج و يجوز لها ذلك كله في القسم الأول.

(مسألة 1409): مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له

من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها و يستمر السقوط ما دامت كذلك فإذا رجعت و تابت رجع الاستحقاق.

(مسألة 1410): إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر

و تعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها و امتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ إشكال إلّا إذا كان نشوزها موجباً لرجوعه عن نشوزه فيجوز.

(مسألة 1411): إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته

و كان يتمكن من الكسب وجب عليه إلّا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة ديناً عليه و الظاهر وجوب الاستدانة عليه إذا علم التمكن من الوفاء أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب إشكال و الأقرب عدم السقوط.

(مسألة 1412): نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم

أما الإسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال و إن كان الجواز أظهر و أما نفقة الأقارب فلا تقبل الاسقاط لأنها واجبة تكليفاً محضاً.

(مسألة 1413): يجزئ في الإنفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق

و لا يجب عليه تمليكها و لا بذلها في دار اخرى و لو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلّا إذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الإنفاق.

(مسألة 1414): إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر

و وجب على الزوج القيام بها أما بذل اجور السفر و نحوها مما تحتاج إليه من حيث

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 363

السفر فإن كان السفر لشئون حياتها بأن كانت مريضة و توقف علاجها على السفر إلى طبيب وجب على الزوج بذل ذلك، و إذا كان السفر أداءً لواجب في ذمتها فقط كما إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل ذلك كما لا يجب عليه أداء الفدية و الكفارة و فداء الإحرام و نحو ذلك من الواجبات التي لا تقوم بها حياتها.

(مسألة 1415): إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة

فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنها و غير ذلك.

(مسألة 1416): إذا كانت الزوجة حاملًا و وضعت و قد طلقت رجعياً

فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة و ادعى الزوج أنه كان قبل الوضع و قد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقت النفقة و لكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

(مسألة 1417): إذا اختلفا في الإعسار و اليسار فادعى الزوج الإعسار

و أنه لا يقدر على الإنفاق و ادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم، إذا كان الزوج موسراً و ادعى تلف أمواله و إنه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

(مسألة 1418): لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها

فقرها و حاجتها بل تستحقها على زوجها و إن كانت غنية غير محتاجة.

(مسألة 1419): يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز

و الطبيخ و اللحم المطبوخ و ما شاكل ذلك و أن يدفع إليها موادها كالحنطة و الدقيق و الأرز و اللحم و نحو ذلك مما يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج و مئونة فإذا اختار الثاني كانت مئونة الإعداد على الزوج دون الزوجة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 365

كتاب الطلاق

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 367

[مسائل]

(مسألة 1420): يشترط في المطلق البلوغ و العقل و الاختيار و القصد

فلا يصح طلاق الصبي و إن بلغ عشراً و لا المجنون و إن كان جنونه ادوارياً إذا كان الطلاق في دور الجنون و لا طلاق المكره و إن رضي بعد ذلك و لا طلاق السكران و نحوه مما لا قصد له معتداً به و يجوز لولي المجنون أن يطلق عنه مع المصلحة و لا يجوز لولي الصبي و السكران أن يطلق عنهما. و هل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة؟ قولان أظهرهما الجواز.

(مسألة 1421): يشترط في المطلقة دوام الزوجية

فلا يصح طلاق المتمتع بها و لا الموطوءة بملك اليمين و يشترط أيضا خلوها من الحيض و النفاس إذا كانت مدخولًا بها و كانت حائلًا و كان المطلق حاضراً فلو كانت غير مدخول بها أو حاملًا مستبينة الحمل جاز طلاقها و إن كانت حائضاً، و كذا إذا كان المطلق غائباً و كان جاهلًا بحالها و لا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فوض إليه أمر الطلاق نعم يشترط في صحة طلاقه على الأحوط مضي مدة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر و الأحوط أن لا يقل ذلك عن شهر فإذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها و إن كانت حائضاً حال الطلاق، و بحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنها حائض أو طاهر كالمحبوس كما أن الغائب الذي يقدر على معرفة أنها حائض أو طاهر لا يصح طلاقه و إن وقع الطلاق بعد المدة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 368

المزبورة إلّا إذا تبين أنها كانت طاهراً في حال الطلاق.

(مسألة 1422): اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض

فإذا كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر من الدخول بها و إن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.

(مسألة 1423): يشترط في المطلقة أيضاً أن تكون طاهراً

طهراً لم يجامعها زوجها فيه فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح إلّا إذا كانت صغيرة أو يائسة أو حاملًا مستبينة الحمل فإن كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها و إن وقع في طهر قد جامعها فيه و مثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلًا بذلك و كان طلاقها بعد انقضاء المدة المتقدمة على الأحوط فإنه يصح الطلاق و إن كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض.

(مسألة 1424): إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله

ثمّ أخبرت أنها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلّا بالبينة و يكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.

(مسألة 1425): لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح

، و أما إذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملًا ففي صحة طلاقه إشكال و الاحتياط بإعادة الطلاق لا يترك.

و كذا الإشكال فيما إذا وطأها حال الحيض عمداً أو خطأ ثمّ طلقها بعد أن طهرت من الحيض بل لا يبعد فيه البطلان و إذا طلقها اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهراً أما صحته واقعاً فتابعة لتحقق الشرط واقعاً.

(مسألة 1426): إذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض

و هي في سن من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 369

تحيض سواء أ كان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في أيام إرضاعها أو في أوائل بلوغها جاز طلاقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتى مضت ثلاثة أشهر فإنه إذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها و إن كان في طهر المجامعة.

(مسألة 1427): يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات

فلو كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق صح، و لو كانت له زوجتان أو زوجات فقال زوجتي طالق فإن نوى معينة منهما أو منها صح و قبل تفسيره و إن نوى غير معينة بطل على الأقوى.

(مسألة 1428): يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر و الغائب

للحاضر و الغائب.

(مسألة 1429): الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول: أنت طالق

و هي طالق أو فلانة طالق و في وقوعه بمثل طلقت فلانة أو طلقتك أو أنت مطلقة أو فلانة مطلقة إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 1430): لا يقع الطلاق بالكتابة

و لا بالإشارة للقادر على النطق و يقع بهما للعاجز عنه و لو خير زوجته و قصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعياً، و قيل لا يقع أصلًا و هو الأقوى، و لو قيل له: هل طلقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك و قيل لا و هو الأقوى.

(مسألة 1431): يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل الحصول

أو الصفة المعلومة الحصول متأخراً فلو قال: إذا جاء زيد فأنت طالق، أو إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل، نعم إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوماً لصحة الطلاق كما إذا قال: إن كنت زوجتي فأنت طالق، أو كانت الصفة المعلومة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 370

الحصول غير متأخرة كما إذا أشار إلى يده و قال: إن كانت هذه يدي فأنت طالق، صح إذا اريد به التأكيد لا التعليق.

(مسألة 1432): يشترط أيضاً في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين

و لا يعتبر معرفة المرأة بعينها تصح الشهادة عليها فلو قال: زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صح و إن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها بل و إن اعتقدا غيرها و لو طلقها وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج و لا شهادته، و تكفي شهادة الوكيل على التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق.

فصل في أقسام الطلاق

اشارة

الطلاق قسمان: بدعة، و سنة.

(مسألة 1433): الطلاق بدعة هو طلاق الحائض الحائل

أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة و الطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس و الصغر و الحمل و طلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر، و طلاق الثلاث إما مرسلًا بأن يقول: هي طالق ثلاثاً، و إما ولاءً بأن يقول: هي طالق، هي طالق، هي طالق، و الكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة و يبطل الزائد.

(مسألة 1434): إذا طلق المخالف زوجته طلاقاً بدعياً جاز لنا تزويجها إلزاماً له

بما ألزم به نفسه و لو طلقها ثلاثاً بانت منه فلا يجوز له مراجعتها. نعم إذا تبصر بعد الطلاق جرى عليه حكم المتبصر.

(مسألة 1435): الطلاق سنة قسمان: بائن و رجعي.

الأول: طلاق اليائسة، و الصغيرة غير البالغة تسعاً، و غير المدخول بها و لو دبراً و المختلعة و المباراة مع استمرار الزوجة على البذل، و المطلقة ثلاثاً بينها رجعتان و لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 371

كان الرجوع بعقد جديد إن كانت حرة و المطلقة طلقتين بينهما رجعة و لو بعقد جديد إن كانت أمة.

الثاني: ما عدا ذلك و يجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة.

(مسألة 1436): الطلاق العدي هو أن يطلق زوجته مع اجتماع الشرائط

ثمّ يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثمّ يطلقها في طهر آخر، ثمّ يراجعها فيه و يواقعها ثمّ يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت و خلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر و لو كان هو المحلّل الأوّل فإذا نكحت آخر و خلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت في التاسعة تحريماً مؤبداً إذا كانت حرة أما إذا كانت أمة فإنها تحرم بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجاً آخر و في السادسة تحرم مؤبداً و ما عدا ذلك فليس بعدّي و إذا لم يكن الطلاق عدّياً فالمشهور أنها لا تحرم المطلقة مؤبداً و إن زاد عدد الطلاق على التسع لكنه لا يخلو من إشكال و الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1437): تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقاً حتى تنكح زوجاً غيره،

و الأمة المطلقة تحرم في الثاني كذلك حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1438): الطلاق السني أقسام:

سني بالمعنى الأعم: و هو كل طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البدعي.

و سني مقابل العدي: و هو ما يراجع فيه في العدة من دون جماع.

و سني بالمعنى الأخص و هو أن يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي العدة ثمّ يتزوجها.

(مسألة 1439): المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللًا للزوجة

بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة امور: بلوغه و وطؤه قبلًا بالعقد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 372

الصحيح الدائم فإذا فقد واحداً منها لم تحل للأول و لكنه لا يخلو من إشكال في التزويج بالمراهق و الوطء في الدبر. نعم، الاشتراط أحوط و كما يهدم نكاحه الطلقات الثلاث يهدم ما دونها، فلو نكحت زوجاً آخر بعد تطليق الأول تطليقتين لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.

(مسألة 1440): الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الإيقاعات

فيصح إنشاؤه باللفظ مثل: رجعت بك و راجعتك و أرجعتك إلى نكاحي و نحو ذلك، و بالفعل كالتقبيل بشهوة و نحو ذلك مما لا يحل إلّا للزوج و لا بد في تحقق الرجوع بالفعل من قصده، فلو وقع من الساهي أو بظن أنها غير المطلقة أو نحو ذلك لم يكن رجوعاً، نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء و إن لم يقصده به.

(مسألة 1441): لا يجب الإشهاد في الرجوع

فيصح بدونه و إن كان الإشهاد أفضل، و يصح فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل: أرجعتك إلى نكاح موكلي أو رجعت بك، قاصداً ذلك صح.

(مسألة 1442): يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض و بالشهور

، و يقبل قول الرجل في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة إلى أصل الطلاق و عدم الحق له على زوجته. و أما بالنسبة إلى حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة على إخباره بالطلاق فلا يقبل قوله على الأظهر.

(مسألة 1443): يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج و إخباره به

إذا كان في أثناء العدة. أما بعد انقضاء العدة إذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدة فلا يقبل إلّا بالبينة، و في قبول شهادة شاهد و يمين الزوج إشكال، و كذا بشهادة شاهد و امرأتين و إن كان الأظهر في الثاني القبول.

(مسألة 1444): إذا طلقها فادّعت الزوجة بعده أن الطلاق كان في الحيض

و أنكره الزوج كان القول قوله مع يمينه، و إذا رجع الزوج و ادّعت الزوجة انقضاء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 373

عدّتها صدقت، و إذا علم بالرجوع و انقضاء العدة و شك في المتقدم و المتأخر فادّعى الزوج تقدم الرجوع و ادّعت الزوجة تأخره كان القول قول الزوج سواء أ كان تاريخ انقضاء العدة معلوماً و تاريخ الرجوع مجهولًا أم كان الأمر بالعكس أم كانا مجهولي التاريخ.

فصل في العدة

(مسألة 1445): لا عدة في الطلاق على الصغيرة و اليائسة

و إن دخل بهما و على غير المدخول بها قبلًا و لا دبراً و يتحقق الدخول بإدخال الحشفة و إن لم ينزل، حراماً كان كما إذا دخل في نهار الصوم الواجب المعين أو في حالة الحيض أو حلالًا.

(مسألة 1446): عدة طلاق الزوجة الحرة غير الحامل في التي تحيض ثلاثة أطهار

إذا كانت مستقيمة الحيض فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدة و أما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة أشهر مثلًا مرة فعدتها ثلاثة أشهر.

(مسألة 1447): عدة طلاق الزوجة الأمة غير الحامل في التي تحيض و كانت مستقيمة الحيض طُهران

فإذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة، و الأحوط انتظار انتهاء الحيضة الأخيرة، و إن كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها خمسة و أربعون يوماً.

(مسألة 1448): عدة طلاق الزوجة غير الحامل في التي لا تحيض- و هي في سن من تحيض لخلقة أو لعارض من رضاع أو غيره- ثلاثة أشهر

و لو كانت ملفقة إن كانت حرة، و إن كانت أمة فعدتها خمسة و أربعون يوماً.

(مسألة 1449): عدة طلاق الزوجة الحامل- و إن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها

من دون دخول- إلى وضع الحمل و لا فرق بين الحرة و الأمة.

(مسألة 1450): عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلًا أربعة أشهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 374

و عشرة أيام، صغيرة كانت أم كبيرة يائسة كانت أم غيرها مسلمة كانت أم غيرها مدخولًا بها أم غير مدخول بها دائمة كانت أم متمتعاً بها، و لا فرق في الزوج بين الكبير و الصغير و الحر و العبد و العاقل و غيره و الأحوط استحباباً أن تكون الشهور عددية فتكون المدة مائة و ثلاثين يوماً و إن كانت حرة حاملًا فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة و وضع الحمل كما سبق.

(مسألة 1451): عدة الأمة الحائل ذات الولد من الوفاة كعدة الحرة على الأقوى

أربعة أشهر و عشرة أيام سواء أ كان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها إذا كانت مزوجة و كذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها إذا كانت موطوءة له. و أما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران و خمسة أيام أما إذا كانت حاملًا فعدتها أبعد الأجلين من عدة الحائل و من وضع الحمل.

(مسألة 1452): يجب على المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة

بترك الزينة في البدن و اللباس مثل الكحل و الطيب و الخضاب و الحمرة و ماء الذهب و لبس مثل الأحمر و الأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف و ربما يكون لباس الأسود كذلك إما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه مخططاً.

و بالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه و منه الحلي، و لا بأس بما لا يعد زينة مثل تنظيف البدن و اللباس و تقليم الأظفار و دخول الحمام، و لا فرق بين المسلمة و الذمية، و لا فرق في الزوج بين الكبير و الصغير، و الأقوى عدم ثبوت الحداد في الصغيرة كما أن الظاهر اختصاص الوجوب بالحرة فلا يجب على الأمة، نعم الأقوى وجوبه على المتمتع بها كالدائمة إلّا فيما كانت مدّة الاستمتاع أقل من ثلاثة أيام.

و الظاهر أنه ليس شرطاً في العدة، فلو تركته عمداً أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدة، و لا يجب عليها استئنافها و الأقوى جواز خروجها من بيتها على كراهية إلّا لضرورة أو أداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 375

(مسألة 1453): إذا وطأ أمته ثمّ اعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة أطهار

إن كانت مستقيمة الحيض و إلّا فبثلاثة أشهر.

(مسألة 1454): إذا طلق زوجته رجعياً فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة

فإن كانت حرة اعتدت عدة الحرة للوفاة، و إن كانت أمة اعتدت عدة الأمة للوفاة، أما لو كان الطلاق بائناً أكملت عدة الطلاق لا غير، حرة كانت أم أمة.

(مسألة 1455): الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحامل أعم مما كان سقطاً تامّاً

و غير تام حتى لو كان مضغة أو علقة.

(مسألة 1456): إذا كانت حاملًا باثنين لم تخرج من العدة إلّا بوضع الاثنين،

و لكن لا يجوز لزوجها الرجوع في طلاقها بعد وضع الأوّل.

(مسألة 1457): لا بد من العلم بوضع الحمل

فلا يكفي الظن به فضلًا عن الشك، نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة و إن لم تفد الظن.

(مسألة 1458): المشهور على أنه يعتبر في انقضاء عدة الحامل بوضع حملها، إلحاق الولد بذي العدة

فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيداً عنها بحيث لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدة منه بل تكون عدتها الأقراء أو الشهور و هو الأظهر.

(مسألة 1459): الغائب إن عرف خبره و علمت حياته صبرت امرأته

و كذا أن جهل خبره و انفق عليها وليه من مال الغائب أو من مال نفسه، و إن لم يكن للغائب مال و لم ينفق الولي عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، و إن لم تصبر فالمشهور أنها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين ثمّ يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها فإن علم حياته صبرت، و إن علم موته اعتدت عدة الوفاة و إن جهل حاله و انقضت الأربع سنين أمَر الحاكم وليه بأن يطلقها فإن امتنع أجبره، فإن لم يكن له ولي أو لم يمكن إجباره طلقها الحاكم ثمّ اعتدت عدة الوفاة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 376

و ليس عليها فيها حداد فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية عن زوجها و جاز لها أن تتزوج من شاءت و إذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل، و ما ذكره المشهور قريب و إن منعه بعض.

(مسألة 1460): لو كانت للغائب زوجات اخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم

فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزئ بمضي المدة المذكورة و الفحص عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى تأجيل و فحص جديد؟ وجهان أقربهما الأول.

(مسألة 1461): لا يبعد الاجتزاء بمضي الأربع سنين بعد فقد الزوج

، مع الفحص فيها و إن لم يكن بتأجيل من الحاكم و لكن الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقداراً ما، ثمّ يأمر بالطلاق أو يطلق و الأحوط الأولى أن يكون التأجيل و الفحص في تلك المدة من قبله.

(مسألة 1462): لو فقد الزوج في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة

بحيث دلت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة.

(مسألة 1463): لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة

فإن احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي و لو بعيداً لزم الفحص و إن تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص و لكن يجب الانتظار تمام المدة على الأحوط.

(مسألة 1464): لو تمت المدة و احتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب

بل يكتفي بالفحص في المدة المضروبة.

(مسألة 1465): لا فرق في المفقود بين المسافر و من كان في معركة قتال

و من انكسرت سفينته ففقد.

(مسألة 1466): يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص

و إن كان النائب نفس الزوجة و يكفي في النائب الوثاقة و لا فرق في الزوج بين الحر و العبد و كذلك الزوجة و الظاهر اختصاص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 377

(مسألة 1467): الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة

، و إذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها، و إذا مات أحدهما في العدة ورثة الآخر و لو مات بعد العدة فلا توارث بينهما.

(مسألة 1468): ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر

يجوز للحاكم أن يطلق زوجته و كذلك المحبوس الذي لا يمكن إطلاقه من الحبس أبداً إذا لم تصبر زوجته على هذه الحال! و ما ذكره قدس سره بعيد. و أبعد منه ما ذكره أيضاً من أن المفقود إذا أمكن إعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الأجل و الفحص لكن كان ذلك موجباً للوقوع في المعصية تجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك و لازم كلامه جواز المبادرة إلى طلاق الزوجة بلا إذن من الزوج إذا علم كون بقائها على الزوجية موجباً للوقوع في المعصية! و هو كما ترى؟

(مسألة 1469): مر أن الزوج إذا كان ممتنعاً من الإنفاق على زوجته مع استحقاقها النفقة عليه

رفعت أمرها إلى الحاكم فيأمر زوجها بالإنفاق أو الطلاق فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، و الظاهر أن الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج الرجوع بها أثناء العدة، وعدتها عدة الطلاق.

(مسألة 1470): عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق

، فإن كانت حاملًا فبوضع الحمل، و إن كانت حائلًا مستقيمة الحيض فبالأقراء و إلّا فبالشهور، و كذلك المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب أو نحوه أو بانفساخ لارتداد أو رضاع أو غيره، نعم إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة، أما إذا كان الفسخ قبل الدخول فلا عدة عليها. هذا في الحرة و حكم الأمة حكم الحرة فيما ذكرناه على الأحوط.

(مسألة 1471): لا عدة على المزني بها من الزنا إن كانت حرة

و لا استبراء عليها إن كانت أمة فيجوز لزوجها أن يطأها و يجوز التزويج بها للزاني و غيره، لكن الأحوط لزوماً أن لا يتزوج بها الزاني إلّا بعد استبرائها بحيضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 378

(مسألة 1472): الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة

و في جواز سائر الاستمتاعات له إشكال و لكن الأظهر الجواز، و الظاهر أنه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت خلية.

(مسألة 1473): مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه

، حاضراً كان الزوج أو غائباً و مبدأ عدة الوفاة في الحاضر من حينها، و في الغائب و من بحكمه كالمحبوس من حين بلوغ خبر الوفاة بل لا يبعد ذلك في الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته إلّا بعد مدة، و في عموم الحكم للأمة إذا مات من له العدة و علمت به بعد مدة إشكال، و كذا الإشكال في عمومه للصغيرة و المجنونة و هل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر؟ وجهان أظهرهما ذلك و مبدأ عدة الفسخ من حينه و كذا مبدأ عدة وطء الشبهة فإنه من حينه لا من حين زوال الشبهة على الأظهر.

(مسألة 1474): المطلقة بائناً بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة على زوجها

و لا تجب عليها إطاعته و لا يحرم عليها الخروج بغير إذنه، و أما المطلقة رجعياً فهي بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير إذن و يجوز بل يستحب لها إظهار زينتها له، و تجب عليه نفقتها و تجب عليها إطاعته، و يحرم عليها الخروج من بيته بغير إذنه على ما مر و يتوارثان إذا مات أحدهما في أثناء العدة و لا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق إلى بيت آخر إلّا أن تأتي بفاحشة مبينة، كما إذا كانت بذيئة اللسان أو أنها تتردد على الأجانب أو أنهم يترددون عليها و لو اضطرت إلى الخروج بغير إذن زوجها فالأحوط أن يكون بعد نصف الليل و ترجع قبل الفجر إذا تأدت الضرورة بذلك.

(مسألة 1475): إذا طلق زوجته بعد الدخول و رجع ثمّ طلقها قبل الدخول وجبت عليها العدة

من حين الطلاق الثاني و قيل لا عدة عليها لأنه طلاق قبل الدخول لكنه ضعيف، و لو طلقها بائناً بعد الدخول ثمّ عقد عليها في أثناء العدة ثمّ طلقها قبل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 379

الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول في عدم العدة و عدمه وجهان أقواهما الثاني و لكن لا يجب عليها استئناف العدة، بل اللازم إكمال عدتها من الطلاق الأول، و كذا الحكم في المنقطعة إذا تزوجها فدخل بها ثمّ وهبها المدة ثمّ تزوجها ثانياً و وهبها المدة قبل الدخول.

(مسألة 1476): إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض

لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة و احتاجت في انتهاء عدتها إلى أطهار ثلاثة اخرى فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة، و لو تخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة و انتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة.

(مسألة 1477): إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول الطهر

و مرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدة و كانت عدتها الشهور لا الأطهار، و إذا كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الأطهار لا الشهور، و إذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحر مثلًا في أقل من ثلاثة أشهر مرة و في البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة اعتدت بالسابق من الشهور و الأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها، و إن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضاً. نعم، إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها و رأت الدم مرة ثمّ ارتفع على خلاف عادتها و جهل سببه و أنه حمل أو سبب آخر انتظرت تسعة أشهر من يوم طلاقها، فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر و خرجت بذلك عن العدة.

(مسألة 1478): إذا رأت الدم مرة ثمّ بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين
(مسألة 1479): تختص العدة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلًا

سواء كانت الموطوءة عالمة أم جاهلة أما إذا كان الواطئ عالماً و الموطوءة جاهلة فالظاهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 380

أنه لا عدة له عليها.

(مسألة 1480): إذا طلق زوجته بائناً ثمّ وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان

بأن تستأنف عدة للوطء و تشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحد أو من جنسين بأن يطلقها حاملًا ثمّ وطأها أو طلقها حائلًا ثمّ وطأها فحملت أو لا تتداخل؟ قولان أشهرهما الثاني و أقربهما الأول بل لا يبعد ذلك لو وطأها أجنبي شبهة ثمّ طلقها زوجها أو بالعكس و لكن لا يترك الاحتياط بتعدد العدة حينئذ، و كذا إذا وطأها رجل شبهة ثمّ وطأها آخر كذلك، نعم لا ينبغي الإشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهة مرة بعد اخرى.

(مسألة 1481): إذا طلق زوجته غير المدخول بها و لكنها كانت حاملًا

بإراقته على فم الفرج اعتدت عدة الحامل و كان له الرجوع فيها.

فصل في الخُلع و المباراة

اشارة

و هما نوعان من الطلاق على الأقوى فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1482): يقع الخلع بقوله: أنت طالق على كذا

، و فلانة طالق على كذا، و بقوله: خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتح فيهما و في الكسر إشكال و إن لم يلحق بقوله: أنت طالق أو هي طالق و إن كان الأحوط إلحاقه به و لا يقع بالتقايل بين الزوجين.

(مسألة 1483): يشترط في الخلع الفدية

و يعتبر فيها أن تكون مما يصح تمليكه و أن تكون معلومة قدراً و وصفاً و لو في الجملة و أن يكون بذلها باختيار المرأة فلا تصح مع إكراهها على بذلها سواء كان الإكراه من الزوج أم من غيره و يجوز أن تكون أكثر من المهر و أقل منه و مساوية له و يشترط في الخلع أيضاً كراهة الزوجة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 381

للزوج فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خُلعاً و لم يملك الزوج الفدية و الأحوط أن تكون الكراهة بحد يخاف منها الوقوع في الحرام.

(مسألة 1484): يشترط في الخلع عدم كراهة الزوج لها

و حضور شاهدين عادلين حال إيقاع الخلع، و أن لا يكون معلقاً على شرط مشكوك الحصول و لا معلوم الحصول إذا كان مستقبلًا و إذا وقع بدون حضور شاهدين عادلين بطل من أصله، و كذا إذا كان معلقاً على شرط، نعم إذا كان معلقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال: خلعتك إن كنت زوجتي أو إن كنت كارهة صح.

(مسألة 1485): يشترط في الزوج الخالع البلوغ و العقل و الاختيار و القصد

و لا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ و لا العقل على الأقوى فيصح خلعها و يتولى الولي البذل.

(مسألة 1486): يشترط في الخلع أن تكون الزوجة حال الخلع طاهراً من الحيض و النفاس

، و أن لا يكون الطهر طهر مواقعة فلو كانت حائضاً أو نفساء أو طاهرة طهراً واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع، نعم اعتبار ذلك إنما هو إذا كانت قد دخل بها بالغة غير آيس حائلًا و كان الزوج حاضراً، أما إذا لم تكن مدخولًا بها أو كانت صغيرة أو يائسة أو حاملًا أو كان الزوج غائباً صح خلعها و إن كانت حائضاً أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة، نعم الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم الحاضر، و الحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب على نحو ما تقدم في الطلاق.

(مسألة 1487): يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلًا أو بعضاً

ما دامت في العدة و إذا رجعت كان للزوج الرجوع بها، و إذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى خرجت عن العدة كان رجوعها بها لغواً و كذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدة لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً أو كان الزوج قد تزوج بأُختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 382

نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة.

(مسألة 1488): لا توارث بين الزوج و المختلعة لو مات أحدهما في العدة

إلّا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة.

(مسألة 1489): لو كانت الفدية المسلَّمة مما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل الخلع

، و لو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع و الرجوع إلى البدل و بطلانه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1490): إذا خلعها على خلٍّ فبان خمراً بطل البذل بل الخلع أيضاً

على الأظهر، و لو خلعها على ألف و لم يعين بطل.

(مسألة 1491): قد عرفت أنه إذا بذلت له على أن يطلقها و كانت كارهة له

فقال لها:

أنت طالق على كذا، صح خلعها و إن تجرد عن لفظ الخلع، أما إذا لم تكن كارهة له فلا يصح خلعها، و هل يصح طلاقها؟ فيه إشكال و خلاف، و الأقرب البطلان إلّا إذا ملك البذل بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه كما إذا صالحته على مال و اشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد الصلح المذكور يملك المال و عليه الطلاق، و الطلاق حينئذ رجعي لا خلعي حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلّا أنه يحرم عليه مخالفة الشرط لكنه إذا خالف و رجع صح رجوعه و يثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.

(مسألة 1492): الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع

نعم لا تبعد صحة البذل و الطلاق و يكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، و كذا لو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه نعم إذا ملَّكها الغير ماله فبذلته صح الخلع و لو بذل السيد لزوج أمته على أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع و إلزام المولى به إشكال.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 382

(مسألة 1493): لو خالعها على عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب فإن رضي به صح الخلع

و إن رده بطل الخلع و صح طلاقها بلا عوض، و كذا لو خالعها على عين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 383

فتبين أنها معيبة.

(مسألة 1494): الأحوط المبادرة إلى إيقاع الخلع من الزوج بعد إيقاع البذل

من الزوجة بلا فصل فإذا قالت له: طلقني على ألف درهم لزم فوراً أن يقول: أنتِ طالق على ألف درهم.

(مسألة 1495): يجوز أن يكون البذل و الخلع بمباشرة الزوجين

و بتوكيلهما و بالاختلاف فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول: بذلت لك كذا على أن تطلقني، فيقول الزوج أنت مختلعة على كذا فأنت طالق، و في جواز ابتداء الزوج بالطلاق و قبول الزوجة بعده إشكال و إذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة: بذلت لك كذا على أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج: موكلتك فلانة زوجة موكلي مختلعة على كذا فهي طالق، و في جواز ابتداء وكيل الزوج و قبول وكيل الزوجة بعده إشكال كما تقدم.

(مسألة 1496): الكراهة المعتبرة في صحة الخلع أعم من أن تكون لذاته

كقبح منظره و سوء خلقه، أو عرضية من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على خلاف ذوق الزوجة من دون أن يكون ظلماً لها و اغتصاباً لحقوقها الواجبة كالقسم و النفقة و أما إذا كان منشأ الكراهة شيئاً من ذلك فالظاهر عدم صحة البذل فلا يقع الطلاق خلعاً.

(مسألة 1497): المباراة كالخلع و تفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعاً

و بلزوم اتباعها بالطلاق فلا يجتزأ بقوله: بارأت زوجتي على كذا حتى يقول: فأنت طالق أو هي طالق، كما أنه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق فقط و لا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.

(مسألة 1498): طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه

ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة فإذا رجعت فيه في العدة جاز له الرجوع بها على ما تقدم في الخلع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 385

كتاب الظِّهار

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 387

(مسألة 1499): الظهار حرام

و قيل أنه معفو عنه و لم يثبت.

(مسألة 1500): يتحقق الظهار بأن يقول لزوجته أو أمته: أنت أو هند

- أو نحوهما مما يميزها عن غيرها- عليَّ كظهر امي، و في ثبوت الظهار في التشبيه بغير الظهر من اليد و الرجل و نحوهما إشكال و الأقرب العدم، و يلحق بالام جميع المحرمات النسبية، كالعمة و الخالة و غيرهما و لا تلحق المحرمات بالرضاع و بالمصاهرة بالنسبية في ذلك.

(مسألة 1501): لو قالت الزوجة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي

لم يتحقق الظهار.

(مسألة 1502): يعتبر في الظهار سماع شاهدي عدل قول المظاهر

و كماله بالبلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الغضب و إيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضراً و مثلها تحيض.

(مسألة 1503): كما يقع الظهار في الزوجة الدائمة يقع في المتمتع بها

و كذلك في الأمة و يصح مع التعليق على الشرط أيضاً حتى الزمان على الأقوى، نعم لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال إن كلمتك فأنت عليَّ كظهر امي أو البعث على فعل كما لو قال: إن تركت الصلاة فأنت علي كظهر امي.

(مسألة 1504): لا يقع الظهار على المدخول بها

و لا يقع في إضرار على الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 388

(مسألة 1505): لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة

ففي صحته إشكال.

(مسألة 1506): يحرم الوطء بعد الظهار

فلو أراد الوطء لزمه التكفير أولًا ثمّ يطأها فإن طلق و راجع في العدة لم تحل حتى يكفر، و لو خرجت عن العدة أو كان الطلاق بائناً و تزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده و كان المرتد الرجل عن فطرة فلا كفارة.

(مسألة 1507): لو وطأ المظاهر قبل التكفير عامداً لزمته كفارتان

إحداهما للوطء و الاخرى لإرادة العود إليه و تتكرر الكفارة بتكرر الوطء كما أنها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس. أما مع اتحاده ففيه إشكال، و لو عجز لم يجزئه الاستغفار على الأحوط.

(مسألة 1508): إذا رافعت المظاهرة زوجها إلى الحاكم أنظره الحاكم ثلاثة أشهر

من حين المرافعة فيضيق عليه بعدها حتى يكفر أو يطلق.

(مسألة 1509): لو ظاهر زوجته الأمة ثمّ اشتراها و وطأها بالملك فلا كفارة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 389

كتاب الإيلاء

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 391

(مسألة 1510): الإيلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة قبلًا

و لا ينعقد بغير اسم اللّٰه تعالى و لا لغير إضرار فلو كان لمصلحة و إن كانت راجعة إلى الطفل لم ينعقد إيلاء بل انعقد يميناً و جرى عليه حكم الأيمان.

(مسألة 1511): يشترط في الإيلاء وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد

و إن كان عبداً أو خصياً بل مجبوباً على إشكال قوي فيمن لا يتمكن من الإيلاج.

(مسألة 1512):): لا بد في الإيلاء أن تكون المرأة منكوحة بالدائم مدخولًا بها

و أن يولي مطلقاً أو أزيد من أربعة أشهر، و في اعتبار كون المرأة شابة بحيث تكون لها المطالبة بالدخول بها في أربعة أشهر وجه قوي.

(مسألة 1513): إذا رافعت الزوجة زوجها بعد الإيلاء إلى الحاكم أنظره الحاكم

إلى أربعة أشهر من حين المرافعة فإن رجع و كفر بعد الوطء و إلّا ألزمه بالطلاق أو الفئة و التكفير و يضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يقبل أحدهما فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم و لو طلق وقع الطلاق رجعياً و بائناً على حسب اختلاف موارده.

(مسألة 1514): لو آلى مدة فدافع حتى خرجت فلا كفارة عليه

و عليه الكفارة لو وطأ قبله.

(مسألة 1515): لو ادّعى الوطء فالقول قوله مع يمينه

(مسألة 1516): فئة القادر هو الوطء قبلًا

و فئة العاجز إظهار العزم على الوطء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 392

مع القدرة.

(مسألة 1517): لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين

إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 393

كتاب اللعان

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 395

(مسألة 1518): سبب اللعان قذف الزوجة بالزنا

مع ادّعاء المشاهدة و عدم البينة، و في ثبوته بإنكار ولد يلحق به ظاهراً بدون القذف إشكال لكن الأظهر الثبوت مع دعوى الزوج عدم تحقق شرط اللحوق به.

(مسألة 1519): يشترط في الملاعن و الملاعنة التكليف

و سلامة المرأة من الصمم و الخرس و دوام النكاح و الدخول، و صورته أن يقول الرجل أربع مرات: أشهد باللّٰه إني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة ثمّ يقول: إن لعنة اللّٰه عليَّ إن كنت من الكاذبين، ثمّ تقول المرأة أربع مرات: أشهد باللّٰه إنه لمن الكاذبين، ثمّ تقول: إن غضب اللّٰه عليَّ إن كان من الصادقين فتحرم عليه أبداً، و يجب التلفظ بالشهادة، و قيامهما عند التلفظ، و بدء الرجل، و تعيين المرأة، و النطق بالعربية مع القدرة، و يجوز غيرها مع التعذر و البدأة بالشهادة ثمّ باللعن في الرجل، و المرأة تبدأ بالشهادة ثمّ بالغضب، و يستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة و وقوف الرجل عن يمينه و المرأة عن يساره و حضور من يستمع اللعان، و الوعظ قبل اللعن و الغضب.

(مسألة 1520): لو أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان فلا يحدّ للقذف

و لم يزل التحريم و لو أكذب في أثنائه يحدّ و لا تثبت أحكام اللعان.

(مسألة 1521): إذا اعترف الرجل بعد اللعان بالولد ورثه الولد و لا يرثه الأب

و لا من يتقرب به و لو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنا أربعاً ففي الحدّ تردد و الأظهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 396

العدم، و لو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة بإرخاء الستر فالأقرب ثبوت اللعان و اللّٰه العالم بحقائق الأحكام.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 397

كتاب العتق

اشارة

و فيه فصول:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 399

الفصل الأول في الرق

(مسألة 1522): يختص الاسترقاق بأهل الحرب و بأهل الذمة

إن أخلوا بالشرائط على تفصيل في محلّه فإن أسلموا بقي الرق بحاله فيهم و في أعقابهم.

(مسألة 1523): يحكم على المقر بالرقية إذا كان مختاراً بالغاً
(مسألة 1524): لا يقبل قول مدّعي الحرية إذا كان يباع في الأسواق إلّا ببينة.
(مسألة 1525): لا يملك الرجل و لا المرأة أحد الأبوين

و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا و لا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء و لو ملك أحد هؤلاء عتق، و حكم الرضاع حكم النسب.

الفصل الثاني في صيغة العتق

(مسألة 1526): الصريح من صيغة العتق: أنت حر

، و في لفظ العتق إشكال أظهره الوقوع به و لا يقع بغيرهما و لا بالإشارة و الكتابة مع القدرة و لا يقع معلقاً على شرط و لا في يمين كما إذا قال: إن كلمت زيداً فعبدي حر، و لو شرط مع العتق شيئاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 400

من خدمة و غيرها جاز.

(مسألة 1527): يشترط في المعتق البلوغ و الاختيار و القصد و القربة

و يشترط في المعتق بالفتح الملك و في اشتراط إسلامه إشكال و الأقرب العدم، و يكره عتق المخالف و يستحب أن يعتق من مضى عليه في ملكه سبع سنين فصاعداً.

(مسألة 1528): لو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة

، و لو أعتق بعض عبده عتق كله، و لو كان له شريك قومت عليه حصة شريكه، و لو كان معسراً سعى العبد في النصيب.

(مسألة 1529): لو أعتق الحبلى فالوجه تبعية الحمل لها
(مسألة 1530): من أسباب العتق عمى المملوك و جذامه و تنكيل المولى به،

و إسلام العبد و خروجه عن دار الحرب قبل مولاه و كذا الإقعاد على المشهور المدعى عليه الإجماع و يحتمل ذلك في الجنون.

(مسألة 1531): لو مات ذو المال و له وارث مملوك لا غير اشتُري من مولاه

و اعتق و اعطي الباقي، و لا فرق بين المملوك الواحد و المتعدد.

الفصل الثالث في التدبير

(مسألة 1532): التدبير أن يقول المولى لعبده: أنت حر بعد وفاتي

، و نحو ذلك مما دل صريحاً على ذلك من العبارات و يعتبر صدوره من الكامل القاصد المختار فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية و له الرجوع متى شاء، و هو متأخر عن الدين.

(مسألة 1533): لو دبَّر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل

فلا يدبَّر بمجرد تدبيرها هذا فيما إذا لم يعلم المولى بحملها، و إلّا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبَّراً و حينئذ يصح رجوعه في تدبير الام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 401

و لا يصح رجوعه في تدبير ولدها على الأقوى.

(مسألة 1534): ولد المدبَّر المولود بعد تدبير أبيه إذا كان مملوكاً لمولاه مدبَّر

و لا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه و ينعتقون من الثلث فإن قصر استسعوا.

(مسألة 1535): إباق المدبَّر إبطال لتدبيره

و تدبير أولاده الذين ولدوا بعد الإباق.

الفصل الرابع في الكتابة

اشارة

و هي قسمان: مطلقة و مشروطة:

(مسألة 1536): المكاتبة المطلقة أن يقول المولى لعبده أو أمته: كاتبتك على كذا على أن تؤديه في نجم كذا

، إما في نجم واحد أو نجوم متعددة فيقول العبد: قبلت، فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي و ليس له و لا لمولاه فسخ الكتابة و إن عجز يُفك من سهم الرقاب و في وجوب ذلك تأمل.

(مسألة 1537): المكاتب المطلق إن أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه من الحرية

و إن مات و لم يتحرر منه شي ء كان ميراثه للمولى، و إن تحرر منه شي ء كان لمولاه من ماله بقدر الرقية و لورثته الباقي و يؤدون ما بقي من مال الكتابة إن كانوا تابعين له في الحرية و الرقية و لو لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم و مع الأداء ينعتقون و لو أوصى أو اوصي له بشي ء صح بقدر الحرية، و كذا لو وجب عليه حدّ، و لو وطأ المولى أمته المكاتبة حُدّ بنصيب الحرية.

(مسألة 1538): المكاتبة المشروطة أن يقول المولى بعد ما قاله في المطلقة

فإن عجزت فأنت ردّ في الرق و هذا لا يتحرر منه شي ء إلّا بأداء جميع ما عليه فإن عجز ردّ في الرق، و حدّ العجز أن يؤخِّر نجماً عن وقته لا عن مطلٍ إلّا أن يكون الشرط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 402

عدم التأخير مطلقاً، و المدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط و يستحب للمولى الصبر عليه.

(مسألة 1539): لا بد في صحة المكاتبة في المولى من جواز التصرف

و في العبد من البلوغ و كمال العقل و في العوض من كونه ديناً مؤجلًا على قول عيناً كان أو منفعة كخدمة سنة معلوماً مما يصح تملكه.

(مسألة 1540): إذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة

و كان ماله و أولاده لمولاه.

(مسألة 1541): ليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلّا بإذن المولى

و ينقطع تصرف المولى عن ماله بغير الاستيفاء بإذنه.

(مسألة 1542): لو وطأ مكاتبته فلها المهر

و ليس لها أن تتزوج بدون إذن المولى و أولادها بعد الكتابة مكاتبون إذا لم يكونوا أحراراً كما إذا كان زوجها حراً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 403

كتاب الأيمان و النذور

اشاره

و فيه فصول:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 405

الفصل الأول في اليمين

(مسألة 1543): ينعقد اليمين باللّٰه بأسمائه المختصة

أو بما دل عليه جلّ و علا مما ينصرف إليه و كذا مما لا ينصرف إليه على الأحوط و ينعقد لو قال: و اللّٰه لأفعلن أو باللّٰه أو برب الكعبة أو تاللّٰه أو ايم اللّٰه أو لعمر اللّٰه أو أقسم باللّٰه أو أحلف برب المصحف و نحو ذلك و لا ينعقد ما إذا قال و حق اللّٰه إلّا إذا قصد به الحلف باللّٰه تعالى و لا ينعقد اليمين بالبراءة من اللّٰه أو من أحد الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و يحرم اليمين بها على الأحوط.

(مسألة 1544): يشترط في الحالف التكليف و القصد و الاختيار

و يصح من الكافر و إنما ينعقد على الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية، و لو تساوى متعلق اليمين و عدمه في الدين و الدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضى اليمين.

(مسألة 1545): لا يتعلق اليمين بفعل الغير و تسمى يمين المناشدة

كما إذا قال: و اللّٰه لتفعلن، و لا بالماضي و لا بالمستحيل فلا يترتب أثر على اليمين في جميع ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 406

(مسألة 1546): لو حلف على أمر ممكن و لكن تجدد له العجز مستمراً إلى انقضاء الوقت

المحلوف عليه أو إلى الأبد إن لم يكن له وقت انحلت اليمين.

(مسألة 1547): يجوز أن يحلف على خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة

كدفع الظالم عن ماله أو مال المؤمن و لو مع إمكان التورية، بل قد يجب الحلف إذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك.

(مسألة 1548): لو حلف و استثنى بالمشيئة انحلت اليمين

كما إذا قال: إن شاء اللّٰه قاصداً به التعليق. أما إذا كان قصده التبرك لزمت.

(مسألة 1549): لا يمين للولد مع الأب و لا للزوجة مع الزوج

و لا للعبد مع المولى بمعنى أن للأب حلَّ يمين الولد، و للزوج حلّ يمين الزوجة، و للمولى حلّ يمين العبد بل لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.

(مسألة 1550): إنما تجب الكفارة بحنث اليمين بأن يترك ما يجب فعله

أو يفعل ما يجب عليه تركه باليمين لا بالغموس و هي اليمين كذباً على وقوع أمر و قد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذباً و لا يجوز أن يحلف إلّا مع العلم.

الفصل الثاني في النذر

(مسألة 1551): يشترط في الناذر التكليف و الاختيار و القصد

و إذن المولى للعبد، و في اعتبار إذن الزوج في نذر ما لا ينافي حقه إشكال و لا يبعد عدم اعتباره و لا سيما في نذر الزوجة أمراً لا يتعلق بمالها، أما نذر ما ينافي حق الزوج فلا إشكال في اعتبار إذنه في صحته و لو كان لاحقاً إذا كان النذر في حال زوجيتها بل إذا كان قبلها أيضاً على الأظهر. و أما نذر الولد فالظاهر أنه لا ينعقد مع نهي والده عما تعلق به

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 407

النذر و ينحل بنهيه عنه بعد النذر.

(مسألة 1552): النذر إما نذر برّ شكراً كقوله: إن رزقت ولداً فللّٰه علي كذا

، أو استدفاعاً لبلية كقوله: إن برئ المريض فللّٰه علي كذا، و إما نذر زجر كقوله: إن فعلت محرماً فللّٰه علي كذا أو إن لم أفعل الطاعة فللّٰه علي كذا، و إما نذر تبرع كقوله: للّٰه علي كذا، و متعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة للّٰه مقدوراً للناذر.

(مسألة 1553): يعتبر في النذر أن يكون للّٰه

فلو قال: علي كذا و لم يقل للّٰه لم يجب الوفاء به. و لو جاء بالترجمة فالأظهر وجوب الوفاء به.

(مسألة 1554): لو نذر فعل طاعة و لم يعين تصدق بشي ء

أو صلى ركعتين أو صام يوماً أو فعل أمراً آخر من الخيرات، و لو نذر صومَ حينٍ كان عليه ستة أشهر، و لو قال زماناً فخمسة أشهر، و لو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي أنه ثمانون درهماً و عليه العمل، و لو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر فصاعداً في ملكه، هذا كله إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه و إلّا كان العمل عليها، و لو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة فإن قصد عتق الواحد عيّنه بالقرعة، و إن قصد عتق كل مملوك ملكه أولًا فعليه عتق الجميع.

(مسألة 1555): لو عجز عما نذر سقط فرضه إذا استمر العجز

فلو تجددت القدرة عليه في وقته وجب و إذا أطلق النذر لا يتقيد بوقت و لو قيده بوقت معين أو مكان معين لزم.

(مسألة 1556): لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر أو المرض أو حاضت المرأة أو نفست أو كان عيداً أفطر

و لزمه القضاء، و لو أفطر عمداً لزمته الكفارة أيضاً.

(مسألة 1557): لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هدياً لبيت اللّٰه تعالى

أو المشاهد، استعملت في مصالح البيت أو المشهد، فإن لم يمكن ذلك بيعت و صرف ثمنها في مصالحه من سراج و فراش و تنظيف و تعمير و غير ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 408

(مسألة 1558): لو نذر شيئاً للنبي صلى الله عليه و آله أو لولي فالمدار على قصد الناذر

و يرجع في تعيينه مع الشك إلى ظاهر كلام الناذر و لو لم يقصد إلّا نفس هذا العنوان يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كالإنفاق على زواره الفقراء أو الإنفاق على حرمه الشريف و نحو ذلك و لو نذر شيئاً لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه فينفق على عمارته أو إنارته أو في شراء فراش له و ما إلى ذلك من شئونه.

الفصل الثالث في العهود

(مسألة 1559): العهد أن يقول عاهدت اللّٰه أو علي عهد اللّٰه

أنه متى كان كذا فعلي كذا، و الظاهر انعقاده أيضاً لو كان مطلقاً غير معلّق و هو لازم و متعلقه كمتعلق النذر على إشكال، و لا ينعقد النذر بل العهد أيضاً إلّا باللفظ و إن كان الأحوط فيه أن لا يتخلف عما نواه.

(مسألة 1560): لو عاهد اللّٰه أن يتصدق بجميع ما يملكه و خاف الضرر قوّمه

و تصدق به شيئاً فشيئاً حتى يوفي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 409

كتاب الكفارات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 411

(مسألة 1561): الكفارة قد تكون مرتبة و قد تكون مخيرة

و قد يجتمع فيها الأمران و قد تكون كفارة الجمع.

(مسألة 1562): كفارة الظهار، و قتل الخطأ، مرتبة

و يجب فيهما عتق رقبة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، و كذلك كفارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال و يجب فيها إطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام و الأحوط أن تكون متتابعات.

(مسألة 1563): كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان أو خالف عهداً مخيرة

و هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1564): كفارة الإيلاء و كفارة اليمين و كفارة النذر حتى نذر صوم يوم معين

اجتمع فيها التخيير و الترتيب و هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1565): كفارة قتل المؤمن عمداً ظلماً كفارة جمع

و هي عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكيناً و كذلك الإفطار على حرام في شهر رمضان على الأحوط.

(مسألة 1566): إذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة على كل واحد منهم

و كذا في قتل الخطأ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 412

(مسألة 1567): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن و اللائط و المرتد فقتله غير الإمام لم تجب الكفارة

إذا كان بإذنه، و أما إن كان بغير إذن الإمام ففيه إشكال و إن كان لا يبعد جواز قتل المرتد الفطري.

(مسألة 1568): قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار

فإن عجز فكفارة اليمين و لا دليل عليه و قيل كفارته إطعام عشرة مساكين و به رواية معتبرة.

(مسألة 1569): في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الإفطار في شهر رمضان

و في نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على الأحوط الأولى في جميع ذلك.

(مسألة 1570): لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها

و الأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 1571): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائماً

على الأحوط استحباباً.

(مسألة 1572): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق

لكل يوم بمد على مسكين أو يعطيه مدين ليصوم عنه.

(مسألة 1573): من وجد ثمن الرقبة و أمكنه الشراء فقد وجد الرقبة

و يشترط فيها الإيمان بمعنى الإسلام وجوباً في القتل و كذا في غيره على الأظهر و الأحوط استحباباً اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص في الجميع و يجزي الآبق و الأحوط استحباباً اعتبار وجود طريق إلى حياته و ام الولد و المدبَّر إذا نقض تدبيره قبل العتق و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدِّ شيئاً من مال الكتابة.

(مسألة 1574): من لم يجد الرقبة أو وجدها و لم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في المرتبة

و لا يبيع ثياب بدنه و لا خادمه و لا مسكنه و لا غيرها مما يكون في بيعه ضيق و حرج عليه لحاجته إليه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 413

(مسألة 1575): كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر

و هو نصف كفارة الحر و المشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.

(مسألة 1576): إذا عجز عن الصيام في المرتَّبة و لو لأجل كونه حرجاً عليه وجب الإطعام

، و كلما كان التكفير بالإطعام فإن كان بالتسليم لزم لكل مسكين مدّ من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين، و أما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر، و الأرز، و الأقِط، و الماش، و الذُّرة، و لا تجزي القيمة و الأفضل بل الأحوط مدّان و لو كان بالإشباع أجزأه مطلق الطعام و يستحب الإدام و أعلاه اللحم و أوسطه الخل و أدناه الملح.

(مسألة 1577): يجوز إطعام الصغار بتمليكهم و تسليم الطعام إلى وليهم

ليصرفه عليهم، و لو كان بالإشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، و الأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.

(مسألة 1578): يجوز التبعيض في التسليم و الإشباع فيشبع بعضهم

و يسلم إلى الباقي و لكن لا يجوز التكرار مطلقاً بأن يشبع واحداً مرات متعددة أو يدفع إليه أمداداً متعددة من كفارة واحدة إلّا إذا تعذر استيفاء تمام العدد.

(مسألة 1579): الكسوة لكل فقير ثوب وجوباً، و ثوبان استحباباً

بل هما مع القدرة أحوط.

(مسألة 1580): لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة

و يعتبر التكليف و الإسلام في المكفر كما يعتبر في مصرفها الفقر و الأحوط اعتبار الإيمان و لا يجوز دفعها لواجب النفقة و يجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله أفضل.

(مسألة 1581): المدار في الكفارة المرتَّبة على حال الأداء

فلو كان قادراً على العتق ثمّ عجز صام، و لا يستقر العتق في ذمته و يكفي في تحقق الموجب للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت، فإذا أتى بالبدل ثمّ طرأت القدرة أجزأ بل إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 414

عجز عن الرقبة فصام شهراً ثمّ تمكن منها اجتزأ بإتمام الصوم.

(مسألة 1582): في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي

و عليه الاستغفار على الأحوط و كذا إذا عجز عن غيره من الخصال.

(مسألة 1583): يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد

فلا يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهراً و يطعم ثلاثين مسكيناً.

(مسألة 1584): الأشبه في الكفارة المالية و غيرها جواز التأخير

بمقدار لا يعد من المسامحة في أداء الواجب و لكن المبادرة أحوط.

(مسألة 1585): من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام

من أن:

- كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان.

- و كفارة المجالس أن تقول عند قيامك منها: «سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ* وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ».

- و كفارة الضحك: «اللهم لا تمقتني».

- و كفارة الاغتياب: الاستغفار للمغتاب.

- و كفارة الطيرة: التوكل.

- و كفارة اللطم على الخدود: الاستغفار و التوبة.

(مسألة 1586): إذا عجز عن الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان عمداً استغفر و تصدق

بما يطيق على الأحوط و لكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوباً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 415

كتاب الصيد و الذباحة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 417

لا يجوز أكل الحيوان بدون تذكية و التذكية تكون بالصيد و الذبح و النحر و غيرها فهنا فصول:

الفصل الأول في الصيد

(مسألة 1587): لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوان

كالعقاب، و الباشَق، و الصقر، و البازي، و الفهد، و النمر، و غيرها و يحل إذا اصطاده الكلب من دون فرق بين السلوقي و غيره و الأسود و غيره فكل حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره و جرحه فهو ذكي و يحل أكله كما إذا ذبح.

(مسألة 1588): يشترط في حلية صيد الكلب امور:

الأول: أن يكون معلَّماً للاصطياد و يتحقق ذلك بأمرين: أحدهما استرساله إذا أرسل بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه و انبعث إليه، ثانيهما أن ينزجر إذا زجره. و هل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى إذا كان بعد إرساله؟ وجهان أقواهما العدم، و الأحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد الأكل، و لا بأس بأكله اتفاقاً إذا لم يكن معتاداً.

الثاني: أن يكون بإرساله للاصطياد فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله و كذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو أو سبع فاصطاد حيواناً فإنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 418

لا يحل و إذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحل صيده و إن أثَّر الإغراء فيه أثراً كشدة العدو على الأحوط، و إذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثمّ أغراه و أرسله فاسترسل كفى ذلك في حل مقتوله و إذا أرسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حلّ، و كذا إذا صاده و صاد غيره معه فإنهما يحلّان فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.

الثالث: أن يكون المرسل مسلماً فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحلّ صيده و لا فرق في المسلم بين المؤمن و المخالف حتى الصبي كما لا فرق في الكافر بين الوثني و غيره و الحربي و الذمي.

الرابع: أن يسمِّي عند إرساله و الأقوى الاجتزاء بها بعد الإرسال قبل الإصابة فإذا

ترك التسمية عمداً لم يحلّ الصيد أما إذا كان نسياناً حلّ، و كذلك حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم.

(مسألة 1589): يكفي الاقتصار في التسمية هنا

و في الذبح و النحر على ذكر اللّٰه مقترناً بالتعظيم مثل: اللّٰه أكبر، و الحمد للّٰه، و بسم اللّٰه و في الاكتفاء بذكر الاسم الشريف مجرداً إشكال، و لكن لا يبعد الحِلّ إذا ذكر اسم اللّٰه مجرّداً عند ذبحه أو نحره أو صيده لصدق أنّ الحيوان ذكر عليه اسم اللّٰه.

الخامس: أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب و عقره أما إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحلّ.

(مسألة 1590): إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتاً بعد إصابة الكلب حلّ أكله

، و كذا إذا أدركه حيّاً بعد إصابته و لكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل، و كذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حيّاً لكنه كان ممتنعاً بأن بقي منهزماً يعدو فإنه إذا تبعه فوقف فإن أدركه ميتاً حلّ، و كذا إذا أدركه حيّاً و لكنه لم يسع الزمان لتذكيته أما إذا كان يسع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 419

لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل.

(مسألة 1591): أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله

أو يتحرك ذنبه أو يده فإنه إذا أدركه كذلك و لم يذكه و الزمان متسع لتذكيته لم يحل إلّا بالتذكية.

(مسألة 1592): إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سلّ السكين و رفع الحائل من شعر

و نحوه عن موضع الذبح و نحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حلّ كما إذا لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحل. نعم لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حل أكله على الأقوى.

(مسألة 1593): الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب

و لا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه و في وجوب المبادرة حينما أوقفه و صيره غير ممتنع وجهان أحوطهما الأول هذا إذا احتمل أن في المسارعة إليه إدراك ذكاته أما إذا علم بعدم ذلك و لو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلّا بعد موته بجناية الكلب فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.

(مسألة 1594): إذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً

فيجب غسله و لا يجوز أكله قبل غسله.

(مسألة 1595): لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل

فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حلّ صيده، و كذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا أرسل شخص واحد كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حلّ، نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط فلو أرسل مسلم و كافر كلبين فاصطادا حيواناً لم يحل، و كذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما و لم يسم الآخر أو كان كلب أحدهما معلّماً دون كلب الآخر هذا إذا استند القتل إليهما معاً أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 420

و أشرف على الموت ثمّ جاءه الآخر فأصابه يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير و إذا أجهز عليه اللاحق بعد أن أصابه السابق و لم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.

(مسألة 1596): إذا شك في أن موت الصيد كان مستنداً إلى جناية الكلب أو إلى سبب آخر لم يحل

. نعم، إذا كانت هناك أمارة عرفية على استناده إليها حل و إن لم يحصل منها العلم.

(مسألة 1597): لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية

إلّا إذا كانت الآلة سلاحاً قاطعاً كان كالسيف و السكين و الخنجر و نحوها أو شائكاً كالرمح و السهم و العصا و إن لم يكن في طرفهما حديدة بل كانا محددين بنفسهما، نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له دون ما فيه حديدة فإنه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حلّ و إن لم يجرحه بخلاف ما لا حديدة له فإنه لا يحل إذا وقع معترضاً فالمعراض- و هو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين- إن قتل معترضاً لم يحل ما يقتله و إن قتل بالخرق حلّ.

(مسألة 1598): الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب و الفضة

و الصفر و غيرها فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.

(مسألة 1599): لا يحل الصيد المقتول بالحجارة و المقمعة و العمود و الشبكة

و الشرك و الحبالة و نحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة و لا شائكة.

(مسألة 1600): في الاجتزاء بمثل المخيط و الشوك و نحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفاً و إن كان شائكاً إشكال

، و أما ما يصدق عليه السلاح فلا إشكال فيه و إن لم يكن معتاداً.

(مسألة 1601): لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة

إذا كانت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 421

محددة مخروطة سواء أ كانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما، نعم إذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفنا ب (الصجم) ففيه إشكال.

(مسألة 1602): يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلماً

، و التسمية حال الرمي، و استناد القتل إلى الرمي، و أن يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى لا بقصد شي ء أو بقصد هدف أو عدو أو خنزير فأصاب غزالًا فقتله لم يحل، و كذا إذا أفلت من يده فأصاب غزالًا فقتله و لو رمى بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل، و يعتبر في الحلية أن تستقل الآلة المحللة في القتل فلو شاركها غيرها لم يحل كما إذا سقط في الماء أو سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعد ما أصابه السهم فاستند الموت إليهما، و كذا إذا رماه مسلم و كافر و من سمى و من لم يسم أو من قصد و من لم يقصد و استند القتل إليهما معا و إذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلل بني على الحرمة.

(مسألة 1603): إذا رمى سهماً فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حلّ

و إن كان لو لا الريح لم يصل و كذا إذا أصاب السهم الأرض ثمّ وثب فأصابه فقتله.

(مسألة 1604): لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة و لا وحدة الصائد

فلو رمى أحد صيداً بسهم و طعنه آخر برمح فمات منهما معاً حلّ إذا اجتمعت الشرائط في كل منهما بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره و رمى آخر بسهم فأصابه فمات منهما معاً حلّ أيضاً.

(مسألة 1605): إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد

و إن أثم باستعمال الآلة و كان عليه اجرة المثل إذا كان للاصطياد بها اجرة و يكون الصيد ملكاً للصائد لا لصاحب الآلة.

(مسألة 1606): يختص الحلّ بالاصطياد بالآلة الحيوانية و الجمادية

بما كان الحيوان ممتنعاً بحيث لا يقدر عليه إلّا بوسيلة كالطير و الظبي و بقر الوحش و حماره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 422

و نحوها فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة كالبقر و الغنم و الإبل و الدجاج و نحوها، و إذا استوحش الأهلي حل لحمه بالاصطياد، و إذا تأهل الوحشي كالظبي و الطير المتأهلين لم يحل لحمه بالاصطياد، و ولد الحيوان الوحشي قبل أن يقوى على الفرار و فرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي فإذا رمى طيراً و فرخه فماتا حل الطير و حرم الفرخ.

(مسألة 1607): الثور المستعصي و البعير العاصي و الصائل من البهائم يحل لحمه بالاصطياد

كالوحشي بالأصل و كذلك كل ما تردى من البهائم في بئر و نحوها و تعذر ذبحه أو نحره فإن تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده و إن لم يكن في موضع النحر أو الذبح و يحل لحمه حينئذ، و لكن في عموم الحكم للعقر بالكلب إشكال فالأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.

(مسألة 1608): لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللحم و حرامه

فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية و جاز الانتفاع بجلدها هذا إذا كان الصيد بالآلة الجمادية أما إذا كان بالكلب ففيه إشكال.

(مسألة 1609): إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين

فإن كانت الآلة مما يجوز الاصطياد بها مثل السيف و الكلب فإن زالت الحياة عنهما معاً حلتا جميعاً مع اجتماع سائر شرائط التذكية، و كذا إن بقيت الحياة و لم يتسع الزمن لتذكيته. و إن وسع الزمان لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن مات و لم يذك حرم هو أيضاً، و إن كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد به كالحبالة و الشبكة حرم ما ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن لم يذك حتى مات حرم أيضاً.

(مسألة 1610): الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه كما

إذا قبض على يده أو رجله أو رباطه فإنه يملكه الآخذ و كذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما من الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها فإنه يملكه ناصبها، و كذا إذا رماه بسهم أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 423

نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران فانه يملكه الرامي و يكون له نماؤه و لا يجوز لغيره التصرف فيه إلّا بإذنه و إذا أفلت من يده أو شبكته أو برأ من العوار الذي أصابه بالرمي فصار ممتنعاً فاصطاده غيره لم يملكه و وجب دفعه إلى مالكه. نعم، إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها، و كذا إذا رمى لا بقصد الاصطياد فإنه لا يملك الرمية و يجوز لغيره أخذها و لو أخذها لا بقصد الملك ففي تحقق ملكه لها إشكال. و الأقرب ذلك.

(مسألة 1611): إذا توحل الحيوان في أرضه أو و ثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً

من ذلك أما إذا أعد شيئاً من ذلك للاصطياد كما إذا أجرى الماء في أرضه لتكون موحلة أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها أو وضع الحبوب في بيته و أعده لدخول العصافير فيه فدخلت و أغلق عليها باب البيت أو طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله و نحو ذلك من الاصطياد بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها ففي إلحاق ذلك بآلة الصيد المعتادة في حصول الملك إشكال و إن كان الإلحاق هو الأظهر.

(مسألة 1612): إذا سعى خلف حيوان فوقف للإعياء لم يملكه حتى يأخذه

فإذا أخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه.

(مسألة 1613): إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة

لضعفها و قوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها.

(مسألة 1614): إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائراً أو عادياً

بحيث بقي على امتناعه و لم يقدر عليه إلّا بالاتباع و الإسراع لم يملكه الرامي.

(مسألة 1615): إذا رمى اثنان صيداً دفعة فإن تساويا في الأثر بأن أثبتاه معاً فهو لهما

و إذا كان أحدهما جارحاً و الآخر مثبتاً و موقفاً له كان للثاني و لا ضمان على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 424

الجارح و إذا كان تدريجاً فهو ملك من صيره رمية غير ممتنع سابقاً كان أو لاحقاً.

(مسألة 1616): إذا رمى صيداً حلالًا باعتقاد كونه كلباً

أو خنزيراً فقتله لم يحل.

(مسألة 1617): إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل داراً

فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار.

(مسألة 1618): إذا صنع برجاً في داره لتعشش فيه الحمام فعششت فيه لم يملكها

فيجوز لغيره صيدها و يملكها بذلك.

(مسألة 1619): إذا أطلق الصائد صيده من يده فإن لم يكن ذلك عن إعراض عنه بقي على ملكه

لا يملكه غيره باصطياده و إن كان عن إعراض صار كالمباح بالأصل فيجوز لغيره اصطياده و يملكه بذلك و ليس للأول الرجوع عليه، و كذا الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه حيواناً كان أو غيره بل الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الإعراض ناشئاً عن عجز المالك عن بقائه في يده و تحت استيلائه لقصور في المال أو المالك و أن يكون لا عن عجز عنه بل لغرض آخر.

(مسألة 1620): قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحاً

بالأصل أو بمنزلته كما تقدم و لا يملكه إذا كان مملوكاً لمالك و إذا شك في ذلك بنى على الأول إلّا إذا كانت أمارة على الثاني مثل أن يوجد طوق في عنقه أو قرط في اذنه أو حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها، و إذا علم كونه مملوكاً لمالك وجب رده إليه و إذا جهل جرى عليه حكم اللقطة إن كان ضائعاً و إلّا جرى عليه حكم مجهول المالك و لا فرق في ذلك بين الطير و غيره. نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه إلّا إذا كان له مالك معلوم معين فيجب رده إليه و إن كان الأحوط فيما إذا علم أن له مالكاً غير معين إجراء حكم اللقطة أو مجهول المالك عليه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 425

فصل في ذكاة السمك و الجراد

[مسائل]
(مسألة 1621): ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حيّاً خارج الماء

إما بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حيّاً باليد أو من شبكة و شص و فالة و غيرها أو بأخذه خارج الماء باليد أو بالآلة بعد ما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك فإذا وثب في سفينة أو على الأرض فأُخذ حيّاً صار ذكياً و إذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة و حرم أكله و إن كان قد نظر إليه و هو حي يضطرب و إذا ضربها و هي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثمّ أخرجهما حيين فإن صدق على أحدهما أنه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل هو دون غيره، و إذا لم يصدق على أحدهما أنه سمكة ففي حلهما إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 1622): لا يشترط في تذكية السمك الإسلام و لا التسمية

فلو أخرجه الكافر حيّاً من الماء أو أخذه بعد أن خرج فمات صار ذكياً كما في المسلم و لا فرق في الكافر بين الكتابي و غيره.

(مسألة 1623): إذا وجد السمك في يد الكافر و لم يعلم أنه ذكّاه أم لا بنى على العدم

، و إذا أخبره بأنه ذكّاه لم يقبل خبره، و إذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما يدل على التذكية أو أخبر بتذكيته بنى على ذلك.

(مسألة 1624): إذا و ثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان

و لا صاحب السفينة حتى تؤخذ فيملكها آخذها و إن كان غيرهما، نعم إذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها و عمل بعض الأعمال المستوجبة لذلك كما إذا وضعها في مجتمع السمك و ضرب الماء بنحو يوجب و ثوب السمك فيها كان ذلك بمنزلة إخراجه من الماء حيّاً في صيرورته ذكياً و في تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد و نحوها إشكال و تقدم أنه هو الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 426

(مسألة 1625): إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثمّ أخرجها من الماء

و وجد ما فيها ميتاً كله أو بعضه فالظاهر حليته.

(مسألة 1626): إذا نصب شبكة أو صنع حضيرة لاصطياد السمك

فدخلها ثمّ نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكياً و حلّ أكله، أما إذا مات قبل نضوب الماء فقولان أقواهما الحلية.

(مسألة 1627): إذا أخرج السمك من الماء حيّاً ثمّ ربطه بحبل مثلًا

و أرجعه إليه فمات فيه فالظاهر الحرمة و إذا أخرجه ثمّ وجده ميتاً و شك في أن موته كان في الماء أو في خارجه حكم بحليته سواء علم تاريخ الإخراج أو الموت أو جهل التاريخان و إذا اضطر السماك إلى إرجاعه إلى الماء و خاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته و لو بأن يقتله هو بضرب أو غيره.

(مسألة 1628): إذ طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بالزهر

أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فإن اخذ حيّاً صار ذكياً وحل أكله، و إن مات قبل ذلك حرم.

(مسألة 1629): إذا ألقى إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك

و طفا لم يملكه إلّا إذا أخذه فإن أخذه غيره ملكه، و أما إذا كان بقصد الاصطياد فالظاهر أيضا أنه لا يملكه به من دون فرق بين أن يقصد سمكة معينة أو بعضاً غير معين، نعم لو رماه بالبندقية أو بسهم، أو طعنه برمح فعجز عن السباحة و طفا على وجه الماء لم يبعد كونه ملكاً للرامي و الطاعن.

(مسألة 1630): لا يعتبر في حل السمك إذا خرج من الماء حيّاً أن يموت بنفسه

فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه فمات حل أيضاً بل لو شواه في النار حيّاً فمات حل أكله بل الأقوى جواز أكله حيّاً.

(مسألة 1631): إذا اخرج السمك من الماء حيّاً فقطع منه قطعة

و هو حي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 427

و القي الباقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه و حرم الباقي، و إذا قطعت منه قطعة و هو في الماء قبل إخراجه ثمّ اخرج حيّاً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه و هو في الماء وحل الباقي.

ذكاة الجراد
(مسألة 1632): ذكاة الجراد أخذه حيّاً

سواء أ كان الآخذ باليد أم بالآلة فما مات قبل أخذه حرم، و لا يعتبر في تذكيته التسمية و الإسلام فما يأخذه الكافر حيّاً فهو أيضاً ذكي حلال، نعم لا يحكم بتذكية ما في يده إلّا أن يعلم بها و إن أخبر بأنه ذكاه لا يقبل خبره.

(مسألة 1633): لا يحل الدبا من الجراد

و هو الذي لم يستقل بالطيران.

(مسألة 1634): إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حيّاً حرم أكله

، و إذا اشتعلت النار في موضع فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة لذلك و ألقى نفسه فيه فمات ففي حلّه بذلك إشكال.

فصل في الذباحة

(مسألة 1635): يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلماً

فلا تحل ذبيحة الكافر و إن كان كتابياً و لا يشترط فيه الإيمان فتحل ذبيحة المخالف إذا كان محكوماً بإسلامه على الأقوى و لا تحل إذا كان محكوماً بكفره كالناصب و الخارجي و بعض أقسام الغلاة.

(مسألة 1636): يجوز أن تذبح المسلمة و ولد المسلم و إن كان طفلًا

إذا أحسن التذكية و كذا الأعمى و الأغلف و الخصي و الجنب و الحائض و الفاسق و لا يجوز ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون و النائم و السكران نعم الظاهر جواز ذبح المجنون و نحوه إذا كان مميزاً في الجملة مع تحقق سائر الشرائط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 428

(مسألة 1637): لا يعتبر في الذبح الاختيار

فيجوز ذبح المكره و إن كان إكراهه بغير حق كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب التسمية فيجوز ذبح غيره إذا كان قد سمى.

(مسألة 1638): يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلماً

بالغاً كان أم غيره.

(مسألة 1639): لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار

و إن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس و الصفر و الرصاص و الذهب و الفضة فإن ذبح بغيره مع القدرة عليه لا يحل المذبوح أما مع عدم القدرة على الحديد فيجوز الذبح بكل ما يفري الأوداج و إن كان ليطة أو خشبة أو حجراً حاداً أو زجاجة و الأظهر عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة و إن كان الاعتبار أحوط و في جوازه حينئذ بالسن و الظفر إشكال و لا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل و نحوه مما يقطع الأوداج و لو بصعوبة و إن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

(مسألة 1640): الواجب قطع الأعضاء الأربعة

و هي: المري و هو مجرى الطعام، و الحلقوم و هو مجرى النفس و محله فوق المري، و الودجان و هما عرقان محيطان بالحلقوم و المري ء، و في الاجتزاء بفريها من دون قطع إشكال و كذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده و إن كان الأظهر عدمه.

(مسألة 1641): الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا (بالجوزة)

في الرأس فلو بقي شي ء منها في الجثة و البدن لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك بعض الممارسين المختبرين.

(مسألة 1642): يعتبر قصد الذبح

فلو وقع السكين من يد أحد على الأعضاء الأربعة فقطعها لم يحل و إن سمّى حين أصاب الأعضاء و كذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً غير الذبح فقطع الأعضاء أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو مجنوناً غير مميز على ما تقدم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 429

(مسألة 1643): الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء

فلو قطع بعضها ثمّ أرسلها ثمّ أخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها و لكن الاحتياط بالتتابع أولى و أحسن.

(مسألة 1644): ذهب جماعة كثيرة إلى أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة

بمعنى إمكان أن يعيش مثلها اليوم و الأيام و ذهب آخرون إلى عدم اشتراط ذلك و هو الأقوى، نعم يشترط الحياة حال قطع الأعضاء بالمعنى المقابل للموت فلا تحل الذبيحة بالذبح إذا كانت ميتة و هذا مما لا إشكال فيه و على هذا فلو قطعت رقبة الذبيحة من فوق و بقيت فيها الحياة فقطعت الأعضاء على الوجه المشروع حلت، و كذا إذا شق بطنها و انتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فإنها إذا ذبحت حلت، و كذا إذا عقرها سبع أو ذئب أو ضربت بسيف أو بندقية و أشرفت على الموت فذبحت قبل أن تموت فإنها تحل.

(مسألة 1645): لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه و انتزع أمعاءه مقارناً للذبح

فالظاهر حل لحمه و كذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارناً للذبح و لكن الاحتياط أولى.

(مسألة 1646): لا يعتبر اتحاد الذابح

فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما و يذبحا معاً أو يقطع أحدهما بعض الأعضاء و الآخر الباقي دفعة أو على التدريج بأن يقطع أحدهما بعض الأعضاء ثمّ يقطع الآخر الباقي و تجب التسمية عليهما معاً و لا يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.

(مسألة 1647): إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة

و التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم.

(مسألة 1648): إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة على غير النهج الشرعي

بأن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 430

ضربها شخص بآلة فانقطع بعض الأعضاء، أو عضها الذئب فقطعه بأسنانه أو غير ذلك و بقيت الحياة و كان بعض الأعضاء سالماً أمكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي و بفري العضو المقطوع من فوق محل القطع من العضو المقطوع أو من تحته و تحل بذلك، نعم إذا قطع الذئب أو غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلًا للفري حرمت، هذا في غير الكلب المعلّم و أما فيه فالأظهر حلّ الصيد مع قطع العضو الباقي.

(مسألة 1649): إذا ذبحت الذبيحة ثمّ وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض من شاهق

أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم و ليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد عن التذكية بالذبح فإنه يعتبر في الأول العلم باستناد الموت إليها و لا يعتبر ذلك في الثانية.

(مسألة 1650): يشترط في التذكية بالذبح امور:

الأول: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجه مقاديمها و مذبحها إلى القبلة فإن أخل بذلك عالماً عامداً حرمت و إن كان ناسياً أو جاهلًا بالحكم أو خطأ منه في القبلة بأن وجهها إلى جهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك و كذا إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجهها إليها و اضطر إلى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو الواقع في بئر و نحوه.

(مسألة 1651): لا يشترط استقبال الذابح نفسه

و إن كان أحوط.

(مسألة 1652): إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه
(مسألة 1653): يجوز في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح أن يضعها على الجانب الأيمن

كهيئة الميت حال الدفن و أن يضعها على الأيسر و يجوز أن يذبحها و هي قائمة مستقبلة القبلة.

الشرط الثاني: التسمية من الذابح مع الالتفات و لو تركها عمداً حرمت الذبيحة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 431

و لو تركها نسياناً لم تحرم، و الأحوط استحباباً الاتيان بها عند الذكر و لو تركها جهلًا بالحكم فالظاهر الحرمة.

(مسألة 1654): الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية بعنوان كونها على الذبيحة

من جهة الذبح و لا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر، و الظاهر لزوم الإتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفاً و لا يجزي الإتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح.

(مسألة 1655): يجوز ذبح الأخرس

، و تسميته تحريك لسانه و إشارته بإصبعه.

(مسألة 1656): يكفي في التسمية الإتيان بذكر اللّٰه تعالى مقترناً بالتعظيم

مثل:

اللّٰه أكبر، و الحمد للّٰه، و بسم اللّٰه، و في الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف إشكال، و لا يبعد الاكتفاء كما تقدم في الصيد.

الشرط الثالث: خروج الدم المعتاد على النحو المتعارف على الأحوط لو لم يكن أقوى فلو لم يخرج الدم أو خرج متثاقلًا أو متقاطراً لم تحل و إن علم حياتها حال الذبح و العبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان، فقد يكون الحيوان و لو من جهة المرض يخرج منه الدم متثاقلًا متقاطراً لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته.

الشرط الرابع: أن يكون الذبح من المذبح فلا يجوز أن يكون من القفا بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثمّ قطع الأوداج فلا يكفي إدخال السكين تحت الأوداج ثمّ قطعها إلى فوق.

(مسألة 1657): إذا شك في حياة الذبيحة كفى في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح

و إن كانت قليلة مثل أن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو اذنها أو تركض برجلها أو نحو ذلك، و لا حاجة إلى هذه الحركة إذا علم بحياتها حال الذبح.

(مسألة 1658): الأحوط لزوماً عدم قطع رأس الذبيحة عمداً

قبل موتها و لا بأس به إذا لم يكن عن عمد بل كان لغفلة أو سبقته السكين أو غير ذلك كما أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 432

الأحوط ان لا تنخع الذبيحة عمداً بأن يصاحب نخاعها حين الذبح و المراد به الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.

(مسألة 1659): إذا ذبح الطير فقطع رأسه متعمداً فالظاهر جواز أكل لحمه

و لكن يحرم تعمد ذلك مع عدم الاضطرار تكليفاً على الأحوط.

(مسألة 1660): تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر

و لا يجوز ذلك في غيرها فلو ذكى الابل بالذبح أو ذكى غيرها بالنحر لم يحل، نعم لو أدرك ذكاته بأن نحر غير الإبل و أمكن ذبحه قبل أن يموت فذبحه حل، و كذا لو ذبح الابل ثمّ نحرها قبل أن تموت حلّت.

(مسألة 1661): لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة

بل يجوز أن يكون في وسطها و في أسفلها إذا تحقق قطع الأوداج الأربعة.

(مسألة 1662): كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين و غيره حتى مثل المنجل في اللبة

و هو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلًا بالعنق و يشترط في الناحر ما يشترط في الذابح و في آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح و يجب فيه التسمية و الاستقبال بالمنحور و الحياة حال النحر و خروج الدم المعتاد و يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مستقبلًا بها القبلة.

(مسألة 1663): إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره كالمستعصي

و الواقع عليه جدار و المتردي في بئر أو نهر و نحوهما على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره جاز أن يعقر بسيف أو خنجر أو سكين أو غيرها و إن لم يصادف موضع التذكية و يحل لحمه بذلك، نعم لا بد من التسمية و اجتماع شرائط الذابح في العاقر، و قد تقدم التعرض لذلك في الصيد فراجع.

(مسألة 1664): ذكاة الجنين ذكاة امه

فإذا ماتت امه بدون تذكية فإن مات هو في جوفها حرم أكله، و كذا إذا اخرج منها حيّاً فمات بلا تذكية و أما إذا اخرج حيّاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 433

فذكي حلّ أكله، و إذا ذكيت امه فمات في جوفها حل أكله و إذا اخرج حيّاً فإن ذكي حلّ أكله و إن لم يذك حرم.

(مسألة 1665): إذا ذكيت امه فخرج حيّاً و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالأقوى حرمته

و أما إذا ماتت امه بلا تذكية فخرج حيّاً و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا إشكال في حرمته.

(مسألة 1666): الظاهر وجوب المبادرة إلى شق جوف الذبيحة و إخراج الجنين منها على النحو المتعارف

فإذا توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فخرج ميتاً حرم أكله.

(مسألة 1667): يشترط في حل الجنين بذكاة امه أن يكون تام الخلقة

بأن يكون قد أشعر أو أوبر فإن لم يكن تام الخلقة فلا يحل بذكاة امه. و الذي تحصل مما ذكرناه أن حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بامور: تذكية امه، و تمام خلقته، و موته قبل خروجه من بطنها.

(مسألة 1668): لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة امه بين محلل الأكل و محرمه

إذا كان مما يقبل التذكية.

(مسألة 1669): تقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم

فإذا ذكي صار طاهراً و حلّ أكله و لا تقع على نجس العين من الحيوان كالكلب و الخنزير فإذا ذُكي كان باقياً على النجاسة و لا تقع على الإنسان فإذا مات نجس و إن ذُكي، و لا يطهر بدنه إلّا بالغسل إذا كان مسلماً، أما الكافر فلا يطهر بالغسل، و أما غير الأصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع الذكاة عليه إذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس و فرش و نحوهما و يطهر لحمه و جلده بها، و لا فرق بين السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و غيرها و بين الحشرات التي تسكن باطن الأرض إذا كان لها جلد على النحو المذكور مثل ابن عرس و الجرذ و نحوهما فيجوز استعمال جلدها إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 434

ذكيت فيما يعتبر فيه الطهارة فيتخذ ظرفاً للسمن و الماء و لا ينجس ما يلاقيها برطوبة.

(مسألة 1670): الحيوان غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة

و يجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به من أجزائه كالجلد على الأظهر، و لكن لا يجوز بيعه، فإذا ذُكي جاز بيعه أيضاً.

(مسألة 1671): لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية

إذا كان له جلد بين الطير و غيره.

(مسألة 1672): إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده و لم يعلم أنه مذكى أم لا

، يبنى على عدم التذكية فلا يجوز أكل لحمه و لا استعمال جلده فيما يعتبر فيه التذكية، و لكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتى إذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم أنه ميتة هذا في حيوان تتحقق تذكيته بالصيد و أمّا ما لا يذكّى إلّا بالذبح أو النحر فلا بد من إحراز تذكيته نعم إذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع و الاستعمال باللبس و الفرش و نحوهما يحكم بأنه مذكى حتى يثبت خلافه و الظاهر عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقاً بيد الكافر و عدمه، نعم إذا علم أنّ المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية، و المأخوذ من مجهول الإسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون و إذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما إذا رأينا لحماً بيد المسلم لا يدري أنه يريد أكله أو وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكى، و كذا إذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلًا.

(مسألة 1673): ما يؤخذ من يد الكافر من جلد و لحم و شحم يحكم بأنه غير مذكى

و إن أخبر بأنه مذكى إلّا إذا علم أنه كان في تصرف المسلم الدال على التذكية، و أما دهن السمك و المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة إذا اشتري من الكافر و إن أحرز تذكية السمكة المأخوذ منها الدهن إذا لم يحرز أنها كانت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 435

ذات فلس، و يجوز شربه إذا اشتري من المسلم إلّا إذا علم أن المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق.

(مسألة 1674): لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه أمارة على التذكية بين المؤمن و المخالف

و بين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ و غيره و بين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية كالاستقبال و التسمية و كون المذكي مسلماً و قطع الأعضاء الأربعة و غير ذلك، و من لا يعتبرها.

(مسألة 1675): إذا كان الجلد مجلوباً من بلاد الاسلام

و مصنوعاً فيها حكم بأنه مذكى و كذا إذا وجد مطروحاً في أرضهم و عليه أثر استعمالهم له باللباس و الفرش و الطبخ أو بصنعه لباساً أو فراشاً أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة على التذكية أو المناسبة لها فإنه يحكم بأنه مذكى و يجوز استعماله استعمال المذكى من دون حاجة إلى الفحص عن حاله. و في حكم الجلد اللحم المجلوب من بلاد الإسلام.

(مسألة 1676): قد ذكر للذبح و النحر آداب

فيستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه و رجل واحدة و يمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، و في ذبح البقر أن تعلق يداه و رجلاه و يطلق الذنب، و في الإبل أن تربط أخفافها إلى إباطها و تطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة و في الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة و يستحب حد الشفرة و سرعة القطع، و أن لا يري الشفرة للحيوان و لا يحركه من مكان إلى آخر بل يتركه في مكانه إلى أن يموت و أن يساق إلى الذبح برفق و يعرض عليه الماء قبل الذبح و يمر السكين بقوة ذهاباً و إياباً و يجد في الاسراع ليكون أسهل و عن النبي صلى الله عليه و آله أن اللّٰه تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شي ء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحدّ أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته، و في خبر آخر أنه صلى الله عليه و آله أمر أن تحد الشفار و أن توارى عن البهائم.

(مسألة 1677): تكره الذباحة ليلا

و كذا نهار الجمعة إلى الزوال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 437

كتاب الأطعمة و الأشربة

اشاره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 439

و هي على أقسام:

القسم الأول: حيوان البحر:
(مسألة 1678): لا يؤكل من حيوان البحر إلّا سمك له فلس

و إذا شُك في وجود الفلس بُني على حرمته، و يحرم الميت الطافي على وجه الماء و الجلال منه حتى يزول الجلل منه عرفاً، و الجري و المارماهي و الزمير، و السلحفاة، و الضفدع، و السرطان، و لا بأس بالكنعت و الربيثا و الطمر و الطبراني و الإبلامي و الإربيان.

(مسألة 1679): يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة

إذا كان مباحاً و لا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية إلّا أن يضطرب و يؤخذ حيّاً خارج الماء و الأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.

(مسألة 1680): البيض تابع لحيوانه

، و مع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمى في عرفنا (ثروب) و لا يؤكل الأملس المسمى في عرفنا (حلبلاب) و فيها تأمل. بل الأظهر حرمة كل ما يشتبه منه.

القسم الثاني البهائم:
(مسألة 1681): يؤكل من الأهلية منها: الإبل و البقر، و الغنم،

و من الوحشية كبش الجبل، و البقر، و الحمير، و الغزلان و اليحامير و في تخصيص الحل بهذه الخمسة إشكال إلّا فيما يأتي ممّا ثبتت الحرمة فيها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 440

(مسألة 1682): يكره أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير
(مسألة 1683): يحرم الجلال من المباح

و هو ما يأكل عذرة الإنسان خاصة إلّا مع الاستبراء و زوال الجلل، و الأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة بل مطلق الإبل علفاً طاهراً أربعين يوماً و البقر عشرين و الشاة عشرة و البطة خمسة أو سبعة و الدجاجة ثلاثة.

(مسألة 1684): لو رضع الجدي لبن خنزيرة و اشتد لحمه حرم

هو و نسله و لو لم يشتد استُبرئ سبعة أيام فيلقى على ضرع شاة، و إذا كان مستغنياً عن الرضاع علف و يحل بعد ذلك و لا يلحق بالخنزيرة الكلبة و الكافرة و في عموم الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 1685): يحرم كل ذي ناب كالأسد و الثعلب

و يحرم الأرنب و الضب و اليربوع و المسوخ كالفيل و القرد و الدّب و الحشرات و القمل و البق و البراغيث.

(مسألة 1686): إذا وطأ إنسان حيواناً محللًا أكله و مما يطلب لحمه حرم لحمه

و لحم نسله و لبنهما و لا فرق في الواطئ بين الصغير و الكبير على الأحوط كما لا فرق بين العاقل و المجنون و الحر و العبد و العالم و الجاهل و المختار و المكره و لا فرق في الموطوء بين الذكر و الانثى و لا يحرم الحمل إذا كان متكوناً قبل الوطء كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً أو كان من غير ذوات الأربع، ثمّ إن الموطوء إن كان مما يقصد لحمه كالشاة ذُبح فإذا مات احرق فإن كان الواطئ غير المالك اغرم قيمته للمالك، و إن كان المقصود ظهره نُفي إلى بلد غير بلد الوطء و اغرم الواطئ قيمته للمالك إذا كان غير المالك ثمّ يباع في البلد الآخر، و في رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ، أو يتصدق به على الفقراء وجوه خيرها أوسطها و إذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه اخرج بالقرعة.

(مسألة 1687): إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 441

و لا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها و لا يؤكل ما في جوفه من القلب و الكرش و غيرهما على الأحوط و لو شرب بولًا أو غيره من النجاسات لم يحرم لحمه و يؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.

القسم الثالث: الطيور:
(مسألة 1688): يحرم السبع منها كالبازي و الرخمة و كل ما كان صفيفه أكثر من دفيفه

فإن تساويا فالأظهر الحلية إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية و إلّا فيحرم، و العلامات هي القانصة و الحوصلة و الصيصية و هي الشوكة التي خلف رجل الطائر خارجة عن الكف، و القانصة و هي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، و يكفي في الحل وجود واحدة منها و إذا انتفت كلها حرم و إذا تعارض انتفاء الجميع مع الدفيف قدم الدفيف فيحل ما كان دفيفه أكثر و إن لم تكن له إحدى الثلاث، و إذا كانت له إحدى الثلاث و كان صفيفه أكثر حرم، نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو جميعها و شك في كيفية طيرانه حكم بالحل. أما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه لكن المظنون أن صفيفه أكثر فيكون حراماً كما أفتى بذلك بعض الأعاظم على ما حكي.

(مسألة 1689): يحرم الخفاش و الطاووس و الجلّال من الطير حتى يستبرأ

و يحرم الزنابير و الذباب و بيض الطير المحرم، و كذا يحرم الغراب على إشكال في بعض أقسامه و إن كان الأظهر الحرمة في الجميع. و ما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام.

(مسألة 1690): يكره الخُطاف و الهُدهُد و الصُّرَد و الصُّوّام و الشِّقْراق و الفاختة و القُّبّرَة
القسم الرابع: الجامد:
(مسألة 1691): تحرم الميتة و أجزاؤها و هي نجسة

إذا كان الحيوان ذا نفس سائلة و كذلك أجزاؤها عدا صوف ما كان طاهراً في حال حياته و شعره و وبره و ريشه،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 442

و قرنه و عظمه، و ظلفه، و بيضه، إذا اكتسى الجلد الفوقاني و إن كان مما لا يحل أكله و الإنْفَحَّة.

(مسألة 1692): يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب و الانثيان و الطحال،

و الفرث، و الدم، و المثانة، و المرارة، و المشيمة، و الفرج، و العلباء، و النخاع، و الغدد، و خرزة الدماغ، و الحدق، و في تحريم بعضها إشكال و الاجتناب أحوط، هذا في ذبيحة غير الطيور. و أما الطيور فالظاهر عدم وجود شي ء من الامور المذكورة فيها ما عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في بعضها، و تكره الكلى، و اذنا القلب.

(مسألة 1693): تحرم الأعيان النجسة كالعذرة و القطعة المبانة من الحيوان الحي،

و كذا يحرم الطين عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء و لا يحرم غيره من المعادن و الأحجار و الأشجار.

(مسألة 1694): تحرم السموم القاتلة و كل ما يضر الإنسان ضرراً يعتد به

و منه (الأفيون) المعبر عنه ب (الترياك) سواء أ كان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه أم من جهة المواظبة عليه.

القسم الخامس: في المائع:
(مسألة 1695): يحرم كل مسكر من خمر و غيره حتى الجامد و الفقاع و الدم

و العلقة و إن كانت في البيضة و كل ما ينجس من المائع و غيره.

(مسألة 1696): إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن و العسل الجامدين لزم إلقاء النجاسة

و ما يكنفها من الملاقي و يحل الباقي، و إذا كان المائع غليظاً ثخيناً فهو كالجامد و لا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض الملاقي لها و يبقى الباقي على طهارته.

(مسألة 1697): الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه

و الانتفاع به فيما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 443

لا يشترط فيه الطهارة و الأولى الاقتصار على الاستصباح به تحت السماء.

(مسألة 1698): تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه بل مما يؤكل لحمه أيضاً

على الأحوط عدا بول الإبل للاستشفاء و كذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون الإنسان فإنه يحل لبنه.

(مسألة 1699): لو اشتبه اللحم فلم يعلم أنه مذكى و لم يكن عليه يد مسلم تشعر بالتذكية اجتنب

، و لو اشتبه فلم يعلم أنه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحلِّه.

(مسألة 1700): يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور

و هم: الآباء و الامهات، و الإخوان و الأخوات، و الأعمام، و العمات، و الأخوال، و الخالات، و الأصدقاء، و الموكل المفوض إليه الأمر، و تلحق بهم الزوجة و الولد، فيجوز الأكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع عدم العلم بالكراهية بل مع عدم الظن بها أيضاً على الأحوط بل مع الشك فيها و إن كان الأظهر الجواز حينئذ.

(مسألة 1701): إذا انقلبت الخمر خلًا طهرت و حلّت

بعلاج كان أو غيره على تفصيل قد مر في فصل المطهرات.

(مسألة 1702): لا يحرم شي ء من المربيات

و إن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة 1703): العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نش حرم

حتى يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها أو ينقلب خلًا.

(مسألة 1704): يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه

إلّا الباغي و هو الخارج على الإمام أو باغي الصيد لهواً، و العادي و هو قاطع الطريق أو السارق و يجب عقلًا في باغي الصيد و العادي ارتكاب المحرم من باب وجوب ارتكاب أقل القبيحين و يعاقب عليه. و أما الخارج على الإمام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 444

(مسألة 1705): يحرم الأكل بل الجلوس على مائدة فيها المسكر.
(مسألة 1706): يستحب غسل اليدين قبل الطعام و التسمية

و الأكل باليمنى و غسل اليد بعده و الحمد له تعالى و الاستلقاء و جعل الرجل اليمنى على اليسرى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 445

كتاب الميراث و فيه فصول:

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 447

الفصل الأول [الفروض]

و فيه فوائد

الفائدة الاولى: في بيان موجباته و هي نوعان: نسب و سبب، أما النسب فله ثلاث مراتب:

المرتبة الاولى: صنفان: أحدهما الأبوان المتصلان دون الأجداد و الجدات.

و ثانيهما الأولاد و إن نزلوا ذكوراً و إناثاً.

المرتبة الثانية: صنفان أيضاً: أحدهما الأجداد و الجدات و إن علوا كآبائهم و أجدادهم، و ثانيهما الإخوة و الأخوات و أولادهم و إن نزلوا.

المرتبة الثالثة صنف واحد: و هم الأعمام و الأخوال و إن علوا كأعمام الآباء و الامهات و أخوالهم، و أعمام الأجداد و الجدات و أخوالهم. و كذلك أولادهم و إن نزلوا كأولاد أولادهم و أولاد أولاد أولادهم و هكذا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً، (و أما السبب) فهو قسمان زوجية و ولاء. و الولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثمّ ولاء ضمان الجريرة، ثمّ ولاء الإمامة.

الفائدة الثانية ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 448

الأول: من يرث بالفرض لا غير دائماً و هو الزوجة فإن لها الربع مع عدم الولد و الثمن معه و لا يرد عليها أبداً.

الثاني: من يرث بالفرض دائماً و ربما يرث معه بالردّ كالأُم فإن لها السدس مع الولد و الثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب و ربما يرد عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، و كالزوج فإنه يرث الربع مع الولد و النصف مع عدمه و يرد عليه إذا لم يكن وارث إلّا الإمام.

الثالث: من يرث بالفرض تارة، و بالقرابة اخرى كالأب فإنه يرث بالفرض مع وجود الولد و بالقرابة مع عدمه، و البنت و البنات فإنها ترث مع الابن بالقرابة و بدونه بالفرض، و الاخت و الاخوات للأب

أو للأبوين فإنها ترث مع الأخ بالقرابة و مع عدمه بالفرض و كالإخوة و الأخوات من الام فإنها ترث بالفرض إذا لم يكن جد للُام و بالقرابة معه.

الرابع: من لا يرث إلّا بالقرابة كالابن و الإخوة للأبوين أو للأب و الجد و الأعمام و الأخوال.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 448

الخامس: من لا يرث بالفرض و لا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق و ضامن الجريرة، و الإمام.

الفائدة الثالثة: الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد و هو ستة أنواع:

النصف، و الربع، و الثمن، و الثلثان، و الثلث، و السدس و أربابها ثلاثة عشر.

فالنصف للبنت الواحدة و الاخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ، و للزوج مع عدم الولد للزوجة و إن نزل.

و الربع للزوج مع الولد للزوجة و إن نزل، و للزوجة مع عدم الولد للزوج و إن نزل فإن كانت واحدة اختصت به و إلّا فهو لهن بالسوية.

و الثمن للزوجة مع الولد للزوج و إن نزل فإن كانت واحدة اختصت به و إلّا فهو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 449

لهن بالسوية.

و الثلثان للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي و للُاختين فصاعداً للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ.

و الثلث سهم الام مع عدم الولد و إن نزل و عدم الإخوة على تفصيل يأتي، و للأخ و الاخت من الام مع التعدد.

و السدس لكل واحد من الأبوين مع الولد و إن نزل و للُام مع الإخوة للأبوين أو للأب على تفصيل يأتي، و للأخ الواحد من الام و الاخت

الواحدة منها.

الفائدة الرابعة: الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض و اخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض و ثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض، و إذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، و اخرى تكون زائدة عليها، و ثالثة تكون ناقصة عنها.

فالاولى مثل أن يترك الميت أبوين و بنتين فإن سهم كل واحد من الأبوين السدس و سهم البنتين الثلثان و مجموعها مساو للفريضة.

و الثانية مثل أن يترك الميت زوجاً و أبوين و بنتين فإن السهام في الفرض الربع و السدسان و الثلثان و هي زائدة على الفريضة و هذه هي مسألة «العول» و مذهب المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه، و عندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض، ففي إرث أهل المرتبة الاولى يدخل النقص على البنت أو البنات و في إرث المرتبة الثانية كما إذا ترك زوجاً و اختاً من الأبوين و اختين من الام فإن سهم الزوج النصف و سهم الاخت من الأبوين النصف و سهم الاختين من الام الثلث و مجموعها زائد على الفريضة يدخل النقص على المتقرب بالأبوين كالأُخت في المثال دون الزوج و دون المتقرب بالام.

و الثالثة ما إذا ترك بنتاً واحدة فإن لها النصف و تزيد الفريضة نصفاً و هذه هي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 450

مسألة «التعصيب» و مذهب المخالفين فيها إعطاء النصف الزائد إلى العصبة و هم الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور و ربما عمّموها للُانثى على تفصيل عندهم، و أما عندنا فيرد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض و النصف الآخر بالرد

و إذا لم يكونوا جميعا ذوي فروض قسم المال بينهم على تفصيل يأتي، و إذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر اعطي ذو الفرض فرضه و اعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي إن شاء اللّٰه تعالى.

الفصل الثاني موانع الإرث ثلاثة: الكفر، و القتل، و الرق.

الأول- الكفر:
(مسألة 1707): لا يرث الكافر من المسلم و إن قرب

و لا فرق في الكافر بين الأصلي ذمياً كان أو حربياً و بين المرتد فطرياً كان أو ملياً و لا في المسلم بين المؤمن و غيره.

(مسألة 1708): الكافر لا يمنع من يتقرب به

فلو مات مسلم و له ولد كافر و للولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده، و لو مات المسلم و فقد الوارث المسلم كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1709): المسلم يرث الكافر و يمنع من إرث الكافر للكافر

فلو مات كافر و له ولد كافر و أخ مسلم أو عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه و لم يرثه الكافر فإن لم يكن له وارث إلّا الإمام كان ميراثه للكافر. هذا إذا كان الكافر أصلياً أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور أن وارثه الإمام و لا يرثه الكافر و كان بحكم المسلم.

(مسألة 1710): لو أسلم الكافر قبل القسمة فإن كان مساوياً في المرتبة شارك

و إن كان أولى انفرد بالميراث و لو أسلم بعد القسمة لم يرث، و كذا لو أسلم مقارناً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 451

للقسمة و لا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلماً و كافراً هذا إذا كان الوارث متعدداً.

و أما إذا كان الوارث واحداً لم يرث. نعم، لو كان الواحد هو الزوجة و أسلم قبل القسمة بينها و بين الإمام ورث و إلّا لم يرث.

(مسألة 1711): لو أسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه أقوال

قيل يرث من الجميع، و قيل لا يرث من الجميع، و قيل بالتفصيل و إنه يرث مما لم يقسم و لا يرث مما قسم، و الأقرب أنه يرث ممّا لم يقسّم و أمّا ما يقسّم فالأحوط فيه التصالح.

(مسألة 1712): المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الآراء

و الكافرون يتوارثون على ما بينهم و إن اختلفوا في الملل.

(مسألة 1713): المراد من المسلم و الكافر وارثاً و موروثاً و حاجباً و محجوباً أعم من المسلم و الكافر بالأصالة

و بالتبعية كالطفل و المجنون، فكل طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من إرث الكافر و لا يرثه الكافر بل يرثه الإمام إذا لم يكن له وارث مسلم، و كل طفل كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الإمام نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الإسلام و جرى على حكم المسلمين.

(مسألة 1714): المرتد قسمان فطري و ملي

فالفطري من انعقدت نطفته و كان أحد أبويه مسلماً ثمّ كفر و في اعتبار إسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان أقربهما العدم، و حكمه أنه يقتل في الحال و تعتد امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة و يقسم ميراثه بين ورثته و لا تسقط الأحكام المذكورة بالتوبة، نعم إذا تاب تقبل توبته باطناً على الأقوى بل ظاهر أيضاً بالنسبة إلى غير الأحكام المذكورة فيحكم بطهارة بدنه و صحة تزويجه جديداً بغير امرأته السابقة، و أمّا التزويج بها فلا يخلو عن إشكال. و أما المرتد الملي و هو ما يقابل الفطري فحكمه أنه يستتاب فإن تاب خلال ثلاثة أيام فهو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 452

و إلّا قتل في اليوم الرابع و ينفسخ نكاحه لزوجته فتبين منه إن كانت غير مدخول بها و تعتد عدة الطلاق من حين الارتداد إن كانت مدخولًا بها و لا تقسم أمواله إلّا بعد الموت بالقتل أو بغيره و إذا تاب ثمّ ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة إشكال بل الأظهر عدم القتل. و أما المرأة المرتدة فلا تقتل و لا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلّا بالموت و ينفسخ

نكاحها فإن كانت مدخولًا بها اعتدت عدة الطلاق و إلّا بانت بمجرد الارتداد و تحبس و يضيق عليها و تضرب أوقات الصلاة حتى تتوب فإن تابت قبلت توبتها و لا فرق بين أن تكون عن ملة أو عن فطرة.

(مسألة 1715): يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ و كمال العقل و الاختيار

فلو اكره على الارتداد فارتد كان لغواً، و كذا إذا كان غافلًا أو ساهياً أو سبق لسانه أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك به نفسه و يخرج به عن الاختيار أو كان عن جهل بالمعنى.

الثاني- القتل
(مسألة 1716): القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمداً ظلماً

أما إذا كان خطأ محضاً فلا يمنع كما إذا رمى طائراً فأصاب المورث، و كذا إذا كان بحق قصاصاً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله. أما إذا كان الخطأ شبيهاً بالعمد كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه غير قاصد قتله فقتل به ففيه قولان أقواهما أنه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من الإرث، و إن كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه على الجاني لا على العاقلة و هم الآباء و الأبناء و الإخوة من الأب و أولادهم الذكور و الأعمام و أولادهم الذكور بخلاف الخطأ المحض فإن الدية فيه عليهم فإن عجزوا عنها أو عن بعضها تكون الدية أو النقص على الجاني فإن عجز فعلى الإمام و الخيار في تعيين الدية من الأصناف الستة للجاني لا أولياء المجني عليه و المراد من الأصناف الستة مائة من الإبل و مائتان من البقر و ألف شاة و ألف دينار و عشرة آلاف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 453

درهم و مائتا حلة و الأحوط الأولى في الأخير مراعاة رضا أولياء المجني عليه أيضاً هذا للرجل، ودية المرأة نصف ذلك و لا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات و أن يكون بالتسبيب كما لو كتفه و ألقاه إلى السبع فافترسه أو أمر صبياً غير مميز أو مجنوناً بقتل أحد فقتله. و أما إذا أمر به شخصاً

عاقلًا مختاراً فامتثل أمره بإرادته و اختياره فقتله فلا إشكال في أنه ارتكب حراماً و يحكم بحبسه إلى أن يموت إلّا أنه لا يكون قاتلًا لا عمداً و لا خطأً. و إذا قتل اثنان شخصاً عمداً و كانا وارثين منعا جميعاً و كان لولي المقتول القصاص منهما جميعاً ورد نصف الدية على كل واحد منهما، و إذا قتل واحد اثنين منع من إرثهما و كان لولي كل منهما القصاص منه فإذا اقتص منه لأحدهما ثبتت للآخر الدية في مال الجاني.

(مسألة 1717): القتل خطأ لا يمنع من إرث غير الدية

كما مر و في منعه عن إرث الدية إشكال.

(مسألة 1718): القاتل لا يرث و لا يحجب من هو أبعد منه

و إن تقرب به فإذا قتل الولد أباه و لم يكن له ولد آخر و كان للقاتل عمداً ولد كان ولده وارثاً لأبيه فإن كان للمقتول أب أو ام كان الإرث له و لولد القاتل.

(مسألة 1719): إذا انحصر الوارث في الطبقة الاولى بالولد القاتل انتقل إرث المقتول إلى الطبقة الثانية

و هم أجداده و إخوته و مع عدمهم فإلى الطبقة الثالثة و هم أعمامه و أخواله و لو لم يكن له وارث إلّا الإمام كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1720): إذا أسقطت الام جنينها كانت عليها ديته لأبيه

أو غيره من ورثته و هي عشرون ديناراً إذا كان نطفة، و أربعون إذا كان علقة، و ستون إذا كان مضغة، و ثمانون إذا كان عظاماً و مائة إذا تم خلقه و لم تلجه الروح فإن ولجته الروح كانت ديته دية الإنسان الحي و إذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت ديته لُامه. و في تحديد المراتب المذكورة خلاف و الأظهر أنه أربعون يوماً نطفة، و أربعون علقة، و أربعون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 454

مضغة.

(مسألة 1721): الدية في حكم مال المقتول تقضى منها ديونه

و تخرج منها وصاياه سواء أ كان القتل خطأ أم كان عمداً فأخذت الدية صلحاً أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أو نحوهما و يرثها كل وارث سواء أ كان ميراثه بالنسب أم السبب حتى الزوجين و إن كانا لا يرثان من القصاص شيئا، نعم لا يرثها من يتقرب بالام سواء الإخوة و الأخوات و أولادهم و غيرهم كالأجداد للُام و الأخوال.

(مسألة 1722): إذا جرح أحد شخصاً فمات لكن المجروح أبرأ الجارح في حياته

لم تسقط الدية عمداً كان الجرح أو خطأ.

(مسألة 1723): إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام رجع الأمر إليه

و له المطالبة بالقصاص و له أخذ الدية مع التراضي و إذا كان الوارث غير الإمام كان له العفو بلا مال، و لو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص و لم تثبت الدية إلّا مع رضا الجاني.

(مسألة 1724): لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل لم يَجُز لغيره الاستيفاء

و قيل يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن و الأظهر الثاني.

(مسألة 1725): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن و اللائط

فقتله قاتل بغير إذن الإمام قيل لم يثبت القصاص و لا الدية بل و لا الكفارة و فيه إشكال لكن لا يبعد عدم ثبوت القصاص و الدية فيما إذا وقع القتل بعد ثبوت الموجب عند الحاكم، نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض أو قتل ساب النبي و الأئمة عليهم السلام و نحو ذلك.

(مسألة 1726) إذا كان على المقتول عمداً ديون و ليس له تركة توفى منها

جاز للولي القصاص و ليس للديان المنع عنه.

(مسألة 1727): إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تعط الدية

إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 455

الورثة بل صرفت في وجوه البر عنه و إذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها إشكال و الأظهر الوجوب.

الثالث- الرق
اشارة

فإنه مانع من الوارث و الموروث من غير فرق بين المتشبث بالحرية كأُم الولد و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة فإذا مات المملوك كان ماله لسيده و إذا مات الحر و كان له وارث حر و آخر مملوك كان ميراثه للحر دون المملوك و إن كان أقرب من الحر و لو كان الوارث مملوكاً و له ولد حرّ كان الميراث لولده دونه و إذا لم يكن له وارث أصلًا كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1728): إذا اعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة

و انفرد بالميراث إذا كان أولى و لو اعتق بعد القسمة أو مقارناً لها أو كان الوارث واحداً لم يرث.

نعم، إذا كان الوارث الزوجة و الإمام فاعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر.

(مسألة 1729): إذا انحصر الوارث بالمملوك اشتري من التركة اتحد أو تعدد على إشكال

في ضامن الجريرة إرثاً و حجباً و الأحوط عتقه بعد الشراء فإن زاد من المال شي ء دفع إليه، و إذا امتنع مالكه عن بيعه قهر على بيعه و إذا قصرت التركة عن قيمته لم يفك و كان الإرث للإمام.

(مسألة 1730): لو كان الوارث المملوك متعدداً و وفت حصة بعضهم بقيمته

دون الآخر فلا يبعد لزوم فك الأول و إذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمة كان الوارث الإمام.

(مسألة 1731): لو كان المملوك قد تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته

و إذا مات و كان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته و الباقي لمالكه و لا فرق بين ما جمعه بجزئه الحر و غيره.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 456

الفصل الثالث في كيفية الإرث حسب مراتبه

المرتبة الاولى: الآباء و الابناء
(مسألة 1732): للأب المنفرد تمام المال و للُام المنفردة أيضاً تمام المال

الثلث منه بالفرض و الزائد عليه بالرد.

(مسألة 1733): لو اجتمع الأبوان و ليس للميت ولد و لا زوج أو زوجة

كان للُام الثلث مع عدم الحاجب و السدس معه على ما يأتي و الباقي للأب و لو كان معهما زوج كان له النصف، و لو كان معهما زوجة كان لها الربع و للُام الثلث مع عدم الحاجب و السدس معه و الباقي للأب.

(مسألة 1734): للابن المنفرد تمام المال

و للبنت المنفردة أيضاً تمام المال النصف بالفرض و الباقي يرد عليها و للابنين المنفردين فما زاد تمام المال يقسم بينهم بالسوية و للبنتين المنفردتين فما زاد الثلثان و يقسم بينهن بالسوية و الباقي يرد عليهن كذلك.

(مسألة 1735): لو اجتمع الابن و البنت منفردين أو الأبناء و البنات منفردين

كان لهما أو لهم تمام المال للذكر مثل حظ الانثيين.

(مسألة 1736): إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس

و الباقي للابن و إذا اجتمعا مع الأبناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس و الباقي يقسم بين الأبناء بالسوية و إذا كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات قسم الباقي بينهم جميعاً للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد كان له السدس و الباقي للابن، و إذا اجتمع مع الأبناء الذكور كان له السدس و الباقي يقسم بين الأبناء بالسوية و لو كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات كان لأحد الأبوين السدس و الباقي يقسم بين الأبناء و البنات للذكر مثل حظ الانثيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 457

(مسألة 1737): إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير

كان لأحد الأبوين الربع بالتسمية و الرد و الثلاثة الأرباع للبنت كذلك، و إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنتين أو البنات بالتسمية و الرد يقسم بينهن بالسوية، و إذا اجتمع الأبوان معاً مع البنت الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنت كذلك، و إذا اجتمعا معاً مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس و الباقي للبنتين فما زاد.

(مسألة 1738): لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين و معهما البنت الواحدة

أو البنات كان للزوج الربع و للزوجة الثمن و للبنت الواحدة النصف و للبنات الثلثان و لأحد الأبوين السدس فإن بقي شي ء يرد عليه و على البنت أو البنات و إن كان نقص ورد النقص على البنات.

(مسألة 1739): إذا اجتمع زوج مع الأبوين و البنت كان للزوج الربع

و للأبوين السدسان و للبنت سدسان و نصف سدس ينتقص من سهمها و هو النصف نصف السدس، و لو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان و نصف فينتقص من سهمهما و هو الثلثان سدس و نصف سدس.

(مسألة 1740): إذا اجتمعت زوجة مع الأبوين و بنتين كان للزوجة الثمن

و للأبوين السدسان و للبنتين الباقي و هو أقل من الثلثين اللذين هما سهم البنتين، و إذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص بل يزيد ربع السدس فيرد على الأبوين و البنت خمسان منه للأبوين و ثلاثة أخماس منه للبنت.

(مسألة 1741): إذا خلف الميت مع الأبوين أخاً و اختين أو أربع أخوات أو أخوين حجبوا الام

عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين غير مماليك و يكونوا منفصلين بالولادة لا حملًا و يكونوا من الأبوين أو من الأب و يكون الأب موجوداً فإن فقد بعض هذه الشرائط فلا حجب، و إذا اجتمعت هذه الشرائط فإن لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 458

يكن مع الأبوين ولد ذكر أو انثى كان للُام السدس خاصة و الباقي للأب، و إن كان معهما بنت فلكل من الأبوين السدس و للبنت النصف و المشهور أن الباقي يرد على الأب و البنت أرباعاً و لا يرد شي ء منه على الام و لكنه لا يخلو عن إشكال و لا يبعد أن يرد الباقي على الجميع.

(مسألة 1742): أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم

و يأخد كل فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلو كان للميت أولاد بنت و أولاد ابن كان لأولاد البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين و لأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم كذلك و لا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد و لو انثى، فإذا كان له بنت و ابن ابن كان الميراث للبنت و الأقرب من أولاد الأولاد يمنع الأبعد. فإذا كان للميت ولد ولد و ولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد الولد و يشاركون الأبوين كآبائهم لأن الآباء مع الأولاد صنفان و لا يمنع قرب الأبوين إلى الميت عن إرثهم، فإذا ترك أبوين و ولد ابن كان لكل من الأبوين السدس و لولد الابن الباقي، و إذا ترك أبوين و أولاد بنت كان للأبوين السدسان و لأولاد البنت النصف و يرد السدس على الجميع على النسبة ثلاثة أخماس منه لأولاد البنت و خمسان للأبوين فينقسم مجموع التركة أخماساً، ثلاثة منها لأولاد البنت بالتسمية

و الرد، و اثنان منها للأبوين بالتسمية و الرد كما تقدم في صورة ما إذا ترك أبوين و بنتاً، و إذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة بالتسمية و الرد و الربع الرابع لأحد الأبوين كما تقدم فيما إذا ترك أحد الأبوين و بنتاً و هكذا الحكم في بقية الصور فيكون الرد على أولاد البنت كما يكون الرد على البنت، و إذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على أولاد البنت فإذا ترك زوجاً و أبوين و أولاد بنت كان للزوج الربع و للأبوين السدسان و لأولاد البنت سدسان و نصف سدس فينقص من سهم البنت و هو النصف نصف سدس.

(مسألة 1743): يحبى الولد الذكر الأكبر وجوباً مجاناً بثياب بدن الميت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 459

و خاتمه و سيفه و مصحفه، و إذا تعدد الثوب أو الخاتم اعطي الجميع و لا يترك الاحتياط عند تعدد غيرهما من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد على الواحد، و إذا كان على الميت دين مستغرق للتركة و أراد الولد الأكبر فكّها بما يخصها من الدين فالأحوط استرضاء سائر الورثة، و إذا لم يكن مستغرقاً لها بحيث كان للميت تركة يرثها سائر الورثة كانت الحبوة له.

(مسألة 1744): إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته

و حرم المحبو منها، و إذا أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها و من غيرها، و كذلك إذا أوصى بمائة دينار مثلًا فإنها تخرج من مجموع التركة بالنسبة إن كانت تساوي المائة ثلثها أو تنقص عنه، و لو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فيها من مجموع التركة.

(مسألة 1745): لا فرق بين الكسوة الشتائية و الصيفية و لا بين القطن و الجلد

و غيرهما و لا بين الصغيرة و الكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة و في الجورب و الحزام و النعل تردد أظهره الدخول، و لا يتوقف صدق الثياب و نحوها على اللبس بل يكفي إعدادها لذلك، نعم إذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته و أولاده و خدّامه لم تكن من الحبوة.

(مسألة 1746): لا يدخل في الحبوة مثل الساعة

و في دخول مثل الدرع و الطاس و المغفر و نحوها من معدات الحرب إشكال بل الأظهر العدم، و الأحوط في مثل البندقية و الخنجر و نحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة نعم لا يبعد تبعية غمد السيف و قبضته و بيت المصحف و حمائلهما لهما و في دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب و ثوب الحرير إشكال، و إذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة و لو كان أعمى فالمصحف ليس منها نعم لو طرأ ذلك اتفاقاً و كان قد أعدّهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 460

(مسألة 1747): إذا اختلف الذكر الأكبر و سائر الورثة في ثبوت الحبوة

أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد رجعوا إلى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم على تفصيل مذكور في كتاب القضاء.

(مسألة 1748): إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها

و لا يخلو من وجه قوي.

(مسألة 1749): المراد بالأكبر الأسبق ولادة

لا علوقاً و إذا اشتبه فالمرجع في تعيينه القرعة، و الظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد و لا يشترط انفصاله بالولادة فضلًا عن اشتراط بلوغه حين الوفاة.

(مسألة 1750): قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيهاً

و فيه إشكال بل الأظهر عدمه و قيل يشترط أن يخلف الميت مالًا غيرها و هو الأظهر.

(مسألة 1751): يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما إطعام الجد و الجدة

المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس و هل يختص بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده إشكال.

المرتبة الثانية: الإخوة و الأجداد
(مسألة 1752): لا ترث هذه المرتبة إلّا إذا لم يكن للميت ولد

و إن نزل و لا أحد الأبوين المتصلين.

(مسألة 1753): إذا لم يكن للميت جد و لا جدة فللأخ المنفرد من الأبوين المال كله

يرثه بالقرابة و مع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، و للُاخت المنفردة من الأبوين المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم و نصفه الآخر رداً بالقرابة، و للُاختين أو الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم، و الثلث الثالث رداً بالقرابة، و إذا ترك أخاً واحداً أو أكثر من الأبوين مع اخت واحدة أو أكثر كذلك فلا فرض بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 461

(مسألة 1754): للأخ المنفرد من الام و الاخت كذلك المال كله

يرث السدس بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و للاثنين فصاعداً من الإخوة للُام ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً المال كله يرثون ثلثه بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و يقسم بينهم فرضاً و رداً بالسوية.

(مسألة 1755): لا يرث الأخ أو الاخت للأب مع وجود الأخ و الاخت للأبوين،

نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم فللأخ من الأب واحداً كان أو متعدداً تمام المال بالقرابة، و للُاخت الواحدة النصف بالفرض و النصف الآخر بالقرابة و للأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و إذا اجتمع الإخوة و الأخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

(مسألة 1756): إذا اجتمع الإخوة بعضهم من الأبوين و بعضهم من الام

فإن كان الذي من الام واحداً كان له السدس ذكراً كان أو انثى و الباقي لمن كان من الأبوين، و إن كان الذي من الام متعدداً كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً و الباقي لمن كان من الأبوين واحداً كان أو متعدداً و مع اتفاقهم في الذكورة و الانوثة يقسم بالسوية و مع الاختلاف فيهما يقسم للذكر مثل حظ الانثيين. نعم، في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثاً و كون الأخ من الام واحداً كان ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين و بالقرابة السدس، و إذا كان المتقرب بالأبوين انثى واحدة كان لها النصف فرضاً و ما زاد على سهم المتقرب بالام و هو السدس أو الثلث رداً عليها و لا يرد على المتقرب بالام و إذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت.

(مسألة 1757): إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين و كان له إخوة

بعضهم من الأب فقط و بعضهم من الام فقط فالحكم كما سبق في الإخوة من الأبوين من أنه إذا كان الأخ من الام واحداً كان له السدس و إذا كان متعدداً كان له الثلث يقسم بينهم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 462

بالسوية و الباقي الزائد على السدس أو الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين مع اختلافهم في الذكورة و الانوثة، و مع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم بالسوية، و في الصورة التي يكون المتقرب بالأب انثى واحدة يكون أيضاً ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالام بعضه بالفرض و بعضه بالرد بالقرابة.

(مسألة 1758): في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة

سواء كانوا من الأبوين أم من الأب أم من الام أم بعضهم من الأبوين و بعضهم من الأب و بعضهم من الام إذا كان للميت زوج كان له النصف و إذا كانت له زوجة كان لها الربع و للأخ من الام مع الاتحاد السدس و مع التعدد الثلث و الباقي للإخوة من الأبوين أو من الأب إذا كانوا ذكوراً أو ذكوراً و إناثاً أما إذا كانوا إناثاً ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة كما إذا ترك زوجا أو زوجة و اختين من الأبوين أو الأب و اختين أو أخوين من الام فإن سهم المتقرب بالأم الثلث و سهم الاختين من الأبوين أو الأب الثلثان و ذلك تمام الفريضة و يزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة و كذا إذا ترك زوجاً و اختاً واحدة من الأبوين أو الأب و اختين أو أخوين من الام فإن نصف الزوج و نصف الاخت من الأبوين يستوفيان الفريضة و يزيد عليها سهم المتقرب بالام ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص

على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة و لا يدخل النقص على المتقرب بالام و لا على الزوج أو الزوجة و في بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما إذا ترك زوجة و اختاً من الأبوين و أخاً أو أختاً من الام فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف سدس فيرد على الاخت من الأبوين فيكون لها نصف التركة و نصف سدسها و للزوجة الربع و للأخ أو الاخت من الام السدس.

(مسألة 1759): إذا لم يكن للميت أخ أو اخت و انحصر الوارث بالجد أو الجدة

للأب أو للُام كان له المال كله و إذا اجتمع الجد و الجدة معاً فإن كانا لأب كان المال لهما يقسم بينهما للذكر ضعف الانثى، و إن كانا لُام فالمال أيضاً لها لكن يقسم بينهما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 463

بالسوية، و إذا اجتمع الأجداد بعضهم للُام و بعضهم للأب كان للجد للُام الثلث و إن كان واحداً و للجد للأب الثلثان، و لا فرق فيما ذكرنا بين الجد الأدنى و الأعلى، نعم إذا اجتمع الجد الأدنى و الجد الأعلى كان الميراث للأدنى و لم يرث الأعلى شيئاً و لا فرق بين أن يكون الأدنى ممن يتقرب به الأعلى كما إذا ترك جدة و أبا جدته و غيره كما إذا ترك جداً و أبا جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى هذا مع المزاحمة، أما مع عدمها كما إذا ترك إخوة لُام و جداً قريباً لأب و جداً بعيداً لُام أو ترك إخوة لأب و جداً قريباً لُام و جداً بعيداً لأب فإن الجد البعيد في الصورتين يشارك الإخوة و لا يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.

(مسألة 1760): إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه

و للزوجة ربعه و يعطى المتقرب بالام الثلث و الباقي من التركة للمتقرب بالأب.

(مسألة 1761): إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجد و إن علا كالأخ،

و الجدة و إن علت كالأُخت فالجد و إن علا يقاسم الإخوة و كذلك الجدة فإذا اجتمع الإخوة و الأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الأجداد و الإخوة كلهم للأب أو كلهم للُام أو مع الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب و الإخوة للُام و إما أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الأجداد و الإخوة بعضهم للأب و بعضهم للُام أو يتعدد نوع أحدهما و يتحد الآخر بأن يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب و بعضهم للُام و الإخوة للأب لا غير أو للُام لا غير أو يكون الإخوة بعضهم للأب و بعضهم للُام و الأجداد كلهم للأب لا غير أو للُام لا غير، ثمّ إن كلا منهما إما أن يكون واحداً ذكراً أو انثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً فهنا صور:

الاولى: أن يكون الجد واحداً ذكراً أو انثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً من قبل الام و كان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً من قبل الام فيقتسمون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 464

المال بينهم بالسوية.

الثانية: أن يكون كل من الجد و الأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب فيقتسمون المال بينهم أيضاً بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً و إن اختلفوا في الذكورة و الانوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين.

الثالثة: أن يكون الجد للأب و الأخ للأبوين و الحكم فيها كذلك.

الرابعة: أن يكون الأجداد متفرقين بعضهم للأب و بعضهم للُام ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً و

إناثاً و الإخوة كذلك بعضهم للأب و بعضهم للُام ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً فللمتقرب بالام من الإخوة و الأجداد جميعاً الثلث يقتسمونه بالسوية و للمتقرب بالأب منهم جميعاً الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الانثيين مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة و إلّا فبالسوية.

الخامسة: أن يكون الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب و الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً للُام فيكون للأخ السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية و الباقي للجد واحداً كان أو متعدداً و مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة يقتسمونه بالتفاضل.

السادسة: أن ينعكس الفرض بأن يكون الجد بأقسامه المذكورة للُام و الأخ للأب فيكون للجد الثلث و للأخ الثلثان، و إذا كانت مع الجد للُام اخت للأب فإن كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام، و إن كانت واحدة كان لها النصف و للجد الثلث و في السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح، و إذا كان الأجداد متفرقين و كان معهم أخ أو أكثر لأب كان للجد للُام و إن كان انثى واحدة الثلث و مع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية و لو مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة، و الثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا كان معهم أخ لُام كان للجد للُام مع الأخ للُام الثلث بالسوية و لو مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 465

و للأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا كان الجد للأب لا غير و الإخوة متفرقين فللإخوة للُام السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً يقتسمونه بالسوية، و للإخوة للأب مع

الأجداد للأب الباقي، و لو كان الجد للُام لا غير و الإخوة متفرقين كان للجد مع الإخوة للُام الثلث بالسوية و للأخ للأب الباقي.

(مسألة 1762): أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئاً

فلا يرث ابن الأخ للأبوين مع الأخ من الأب أو الام بل الميراث للأخ هذا إذا زاحمه أما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جداً لأم و ابن أخ لُام مع أخ لأب فابن الأخ يرث مع الجد الثلث، و الثلثان للأخ.

(مسألة 1763): إذا فقد الميت الإخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث

و في مقاسمة الأجداد و كل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به، فلو خلف الميت أولاد أخ أو اخت لُام لا غير كان لهم سدس أبيهم أو امهم بالفرض و الباقي بالرد، و لو خلف أولاد أخوين أو اختين أو أخ و اخت كان لأولاد كل واحد من الإخوة السدس بالفرض و سدسين بالرد، و لو خلف أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من أولاد واحد منهم حصة أبيه أو امه و هكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب و يقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لُام و إن اختلفوا بالذكورة و الانوثة و المشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين إن كانوا أولاد أخ للأبوين أو للأب و يحتمل قوياً أن تكون القسمة بينهم أيضاً بالسوية و لا يترك الاحتياط بالرجوع إلى الصلح.

(مسألة 1764): إذا خلف الميت أولاد أخ لُام و أولاد أخ للأبوين أو للأب كان لأولاد الأخ للُام السدس

و إن كثروا و لأولاد الأخ للأبوين أو للأب الباقي و إن قلوا.

(مسألة 1765): إذا لم يكن للميت إخوة و لا أولادهم الصلبيون كان الميراث لأولاد أولاد الإخوة

و الأعلى طبقة منهم و إن كان من الأب يمنع من إرث الطبقة النازلة و إن كانت من الأبوين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 466

المرتبة الثالثة: الأعمام و الأخوال.
(مسألة 1766): لا يرث الأعمام و الأخوال مع وجود المرتبتين الأولتين

و هم صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.

(مسألة 1767): للعم المنفرد تمام المال

و كذا للعمّين فما زاد يقسم بينهم بالسوية و كذا العمة و العمتان و العمات لأب كانوا أم لُام أم لهما.

(مسألة 1768): إذا اجتمع الذكور و الإناث كالعم و العمة و الأعمام و العمات

فالمشهور و المعروف أن القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين إن كانوا جميعاً للأبوين أو للأب لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، و الأحوط الرجوع إلى الصلح أما إذا كانوا جميعاً للُام ففيه قولان أقربهما القسمة بالسوية.

(مسألة 1769): إذا اجتمع الأعمام و العمات و تفرقوا في جهة النسب

بأن كان بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضهم للُام سقط المتقرب بالأب و لو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه و المشهور على أن المتقرب بالام إن كان واحداً كان له السدس و إن كان متعدداً كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية و الزائد على السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالأبوين واحداً كان أو أكثر يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين و لكن لا يبعد أن يكون الأعمام و العمات من طرف الام كالاعمام و العمات من الأبوين و يقتسمون المال بينهم جميعا بالسوية.

(مسألة 1770): للخال المنفرد المال كله

و كذا الخالان فما زاد يقسم بينهم بالسوية، و للخالة المنفردة المال كله و كذا الخالتان و الخالات و إذا اجتمع الذكور و الإناث بأن كان للميت خال فما زاد و خالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية الذكر و الانثى سواء أ كانوا للأبوين أم للأب أم للُام أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضهم للُام سقط المتقرب بالأب. و لو فقد المتقرب بالأبوين قام مقامه و المشهور على أنه للمتقرب بالام السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 467

يقسم بينهم بالسوية و الباقي للمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية أيضاً، و لكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالام كالمتقرب بالأبوين و أنهم يقتسمون المال جميعاً بينهم بالسوية.

(مسألة 1771): إذا اجتمع الأعمام و الأخوال كان للأخوال الثلث

و إن كان واحداً ذكراً أو انثى و الثلثان للأعمام و إن كان واحداً ذكراً أو انثى، فإن تعدد الأخوال اقتسموا الثلث على ما تقدم و إذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين كذلك.

(مسألة 1772): أولاد الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات يقومون مقام آبائهم

عند فقدهم فلا يرث ولد عم أو عمة مع عم، و لا مع عمه و لا مع خال و لا مع خالة و لا يرث ولد خال أو خالة مع خال و لا مع خالة و لا مع عم و لا مع عمة بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد العم لا يرث مع العم و العمة و لكن يرث مع الخال و الخالة و أن ولد الخال لا يرث مع الخال أو الخالة و لكن يرث مع العم أو العمة بل الولد لا يرث مع وجود العم أو الخال ذكراً أو انثى و يرث مع فقدهم جميعاً.

(مسألة 1773): يرث كل واحد من أولاد العمومة و الخؤولة نصيب من يتقرب به

فإذا اجتمع ولد عمة و ولد خال أخذ ولد العمة و إن كان واحداً انثى الثلثين، و ولد الخال و إن كان ذكراً متعدداً الثلث و القسمة بين أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو المتقدم في أولاد الإخوة في المسألة رقم 1763.

(مسألة 1774): قد عرفت أن العم و العمة و الخال و الخالة يمنعون أولادهم

و يستثنى من ذلك صورة واحدة و هي ابن عم لأبوين مع عم لأب فإن ابن العم يمنع العم و يكون المال كله له و لا يرث معه العم للأب أصلًا، و لو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم و كان الميراث للعم و الخال و الخالة، و لو تعدد العم أو ابن العم أو كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 468

(مسألة 1775): الأقرب من العمومة و الخؤولة يمنع الأبعد منهما

فإذا كان للميت عم و عم أب أو عم ام أو خال لأب أو ام كان الميراث لعم الميت و لا يرث معه عم أبيه و لا خال أبيه و لا عم امه و لا خال امه و لو لم يكن للميت عم أو خال لكن كان له عم أب و عم جد أو خال جد كان الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله.

(مسألة 1776): أولاد العم و الخال مقدّمون على عم أب الميت و خال أبيه

و عم ام الميت و خالها و كذلك من نزلوا من الأولاد و إن بعدوا فإنهم مقدّمون على الدرجة الثانية من الأعمام و الأخوال.

(مسألة 1777): إذا اجتمع عم الأب و عمته و خاله و خالته و عم الام و عمتها

و خالها و خالتها كان للمتقرب بالام الثلث يقسم بينهم بالسوية، و للمتقرب بالأب الثلثان و المشهور أن ثلثهما لخال أبيه و خالته يقسم بينهما بالسوية و الباقي يقسم بين عم أبيه و عمته للذكر مثل حظ الانثيين و لا يبعد أن المتقربين بالأب أيضاً يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال و العم.

(مسألة 1778): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام و الأخوال كان للزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى

من النصف أو الربع و للأخوال الثلث و للأعمام الباقي، و أما قسمة الثلث بين الأخوال و كذلك قسمة الباقي بين الأعمام فعلى ما تقدم.

(مسألة 1779): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط و كانوا متعددين أخذ نصيبه الأعلى

من النصف و الربع و الباقي يقسم بينهم على ما تقدم، و هكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام المتعددين.

(مسألة 1780): إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما الآخر

ورث بهما معاً سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لُام، أم تعددا كما إذا تزوج أخو الشخص لأبيه بأُخته لُامه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد الشخص عم و خال و ولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب و ولد خال لُام، و إذا منع أحد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 469

السببين الآخر ورث بالمانع كما إذا تزوج الأخوان زوجتين فولدتا لهما ثمّ مات أحدهما فتزوجها الآخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني و أخ لُام فيرث بالإخوة لا بالعمومة.

فصل في الميراث بالسبب

اشارة

و هو اثنان: الزوجية و الولاء فهنا مبحثان:

الأول: الزوجية
(مسألة 1781): يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها

، و الربع مع الولد و إن نزل، و ترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له، و الثمن مع الولد و إن نزل.

(مسألة 1782): إذا لم تترك الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلّا الإمام فالنصف لزوجها

بالفرض و النصف الآخر يرد عليه على الأقوى و إذا لم يترك الزوج وارثاً له ذا نسب أو سبب إلّا الإمام فلزوجته الربع فرضاً، و هل يرد عليها الباقي مطلقاً أو إذا كان الإمام غائباً أو لا يرد عليها بل يكون الباقي للإمام أقواها الأخير.

(مسألة 1783): إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية

مع الولد و في الربع بالسوية مع عدم الولد.

(مسألة 1784): يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد

فلا ميراث بينهما في الانقطاع كما تقدم و لا يشترط الدخول في التوارث، فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجاً كان أم زوجة، و المطلقة رجعياً ترثه و تورث بخلاف البائن.

(مسألة 1785): يصح طلاق المريض لزوجته و لكنه مكروه

فإذا طلقها في مرضه و ماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها. و لا يرثها في غير ذلك. و أما إذا مات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 470

الزوج فهي ترثه سواء أ كان الطلاق رجعياً أم كان بائناً إذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق و لم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه و لم يكن الطلاق بسؤالها و لم يكن خُلعاً و لا مباراة و لم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة و لو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، و أما إذا كان الطلاق بسؤالها أو كان الطلاق خُلعاً أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال و الأظهر عدم الإرث.

(مسألة 1786): إذا طلق المريض زوجاته و كن أربعاً و تزوج أربعاً اخرى

و دخل بهن و مات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.

(مسألة 1787): إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج اخرى ثمّ مات

و اشتبهت المطلقة في الزوجات الاولى ففي الرواية- و عليها العمل-: أنه كان للتي تزوجها أخيراً ربع الثمن و تشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا إذا كان للميت ولد و إلّا كان لها الربع و تشترك الأربعة الاولى في ثلاثة أرباعه، و هل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان و لا يبعد التعدّي.

(مسألة 1788): يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولًا و غيره

أرضاً و غيرها و ترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات و السفن و الحيوانات و لا ترث من الأرض لا عيناً و لا قيمة و ترث مما ثبت فيها من بناء و أشجار و آلات و أخشاب و نحو ذلك و لكن للوارث دفع القيمة إليها و يجب عليها القبول و لا فرق في الأرض بين الخالية و المشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.

(مسألة 1789): كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتاً من غير اجرة

ثمّ يقوم على هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.

(مسألة 1790): الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل و الشجر و الزرع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 471

الموجودة حال موت الزوج و ليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.

(مسألة 1791): إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان للزوجة المطالبة بأُجرة البناء

، و إذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عيناً فلها المطالبة بها، و هكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع و الثمرة و غيرهما من النماءات.

(مسألة 1792): إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز إجبارها على أخذ القيمة

فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول، نعم إذا كان البناء معرضاً للهدم و الشجر معرضاً للكسر و القطع جاز إجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم و لم ينكسر و كذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، و هل يلحق بذلك الدولاب و المحالة و العريش الذي يكون عليه أغصان الكرم وجهان أقواهما ذلك فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها و كذا بيوت القصب.

(مسألة 1793): القنوات و العيون و الآبار ترث الزوجة من آلاتها

و للوارث إجبارها على أخذ القيمة، و أما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه و ليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته. و لو حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فمات ورثت منها الزوجة و عليها أخذ القيمة.

(مسألة 1794): لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة و البناء

فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة و لا يجوز لها المطالبة بالقيمة، و لو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال و إن كان الأظهر العدم.

(مسألة 1795): المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع
(مسألة 1796): قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض و دخل بزوجته ورثته

و إذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 472

الثاني: الولاء.
اشارة

و أقسامه ثلاثة:

الأول: ولاء العتق.

(مسألة 1797): يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة:

الشرط الأول: أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة و النذر، و إلّا لم يثبت للمعتق الميراث و كذا المكاتب إلّا إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه، نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.

(مسألة 1798): الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن اعتق عبده عن نذر

بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فاعتق عبداً معيناً وفاءً بنذره و أن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فأعتقه وفاءً بنذره.

(مسألة 1799): لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.

الشرط الثاني: أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها و لم يرثه و لا يشترط في سقوط الضمان الإشهاد على الأقوى و هل يكفي التبري بعد العتق أو لا بد من أن يكون حال العتق؟ وجهان.

الشرط الثالث: أن لا يكون للعتيق قرابة، قريباً كان أو بعيداً فلو كان له قريب كان هو الوارث.

(مسألة 1800): إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى

و الباقي للمعتق.

(مسألة 1801): إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث

ذكوراً كانوا أم إناثاً أم ذكوراً و إناثاً و إذا عدم المعتق فإن كان ذكراً انتقل الولاء إلى ورثته الذكور كالأب و البنين دون النساء كالزوجة و الام و البنات، و إذا كان انثى انتقل إلى عصبتها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 473

و هم أولاد أبيها دون أولادها ذكوراً و إناثا و في عدم كون الأب نفسه من العصبة إشكال.

(مسألة 1802): يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم

و يرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.

(مسألة 1803): مع فقد الأب و الأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للإخوة

و الأجداد من الأب دون الأخوات و الجدات و الأجداد من الام و مع فقدهم فللأعمام دون الأخوال و العمات و الخالات، و مع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فإن عدم و كان ذكراً ورثه أولاده الذكور و أبوه و أقاربه من الأب دون الام و إن كان انثى ورثته العصبة.

(مسألة 1804): لا يرث العتيق مولاه

بل إذا لم يكن له قريب و لا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1805): لا يصح بيع الولاء

و لا هبته و لا اشتراطه في بيع.

(مسألة 1806): إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر

و ولاؤه لمولى الأمة الذي اعتقها، فإذا اعتق أبوه انجر الولاء من معتق امه إلى معتق أبيه، فإن فقد فإلى ورثته الذكور فإن فقدوا فإلى عصبته فإن فقدوا فإلى معتق معتق أبيه ثمّ إلى ورثته الذكور ثمّ إلى عصبته ثمّ إلى معتق معتق معتق أبيه و هكذا، فإن فقد الموالي و عصباتهم فلمولى عصبة موالي الأب ثمّ إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي و عصباتهم و مواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن فإلى الإمام عليه السلام و لا يرجع إلى مولى الام و لو كان له زوج رد عليه و لم يرثه الإمام، و لو كان زوجة كان الزائد على نصيبها للإمام.

(مسألة 1807): إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى امه ولاء

، و إذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق امه فولاؤه لمعتقه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 474

(مسألة 1808): إذا فقد معتق الام كان ولاء الولد لورثته الذكور

فإذا فقدوا فلعصبة المعتق ثمّ إلى معتقه ثمّ إلى ورثته الذكور فإن فقدوا فلعصبته فإن فقدوا فلمعتقه و هكذا فإن فقد الموالي و عصباتهم و موالي عصباتهم فإلى ضامن الجريرة، فإن فقد فإلى الإمام.

(مسألة 1809): إذا مات المولى عن ابنين ثمّ مات المعتق بعد موت أحدهما

اشترك الابن الحي و ورثة الميت الذكور لأن الأقوى كون إرثهم من أجل إرث الولاء.

الثاني: ولاء ضمان الجريرة.

(مسألة 1810): يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن جريرته

أي جنايته فيقول له مثلًا: عاقدتك على أن تعقل عني و ترثني فيقول الآخر: قبلت. فإذا عقدا العقد المذكور صح و ترتب عليه أثره و هو العقل و الإرث و يجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث فيترتب عليه الإرث. و أما الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته و ترتب الإرث عليه إشكال فضلًا عن ترتب العقل عليه بل الأظهر العدم فيهما و المراد من العقل الدية فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.

(مسألة 1811): يجوز التولي المذكور بين الشخصين

على أن يعقل أحدهما بعينه الآخر دون العكس. كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الآخر فيقول مثلًا: عاقدتك على أن تعقل عني و اعقل عنك و ترثني و أرثك فيقول الآخر: قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين و الإرث كذلك.

(مسألة 1812): لا يصح العقد المذكور إلّا إذا كان المضمون لا وارث له

من النسب و لا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي و المولى المعتق لهما معاً، و إن كان من احد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح و لأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلّا مع فقد القرابة من النسب و المولى المعتق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 475

(مسألة 1813): إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة و لا مولى معتق

ثمّ ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده؟ وجهان.

(مسألة 1814): إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلى

و كان الباقي للضامن.

(مسألة 1815): إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.

الثالث: ولاء الإمامة.

(مسألة 1816): إذا فقد الوارث المناسب و المولى المعتق و ضامن الجريرة كان الميراث للإمام

إلّا إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف بالفرض و يرد الباقي عليه، و إذا كانت له زوجة كان لها الربع و الباقي يكون للإمام كما تقدم.

(مسألة 1817): إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء

و كان علي عليه السلام يعطيه لفقراء بلده، و إن كان غائباً كان المرجع فيه الحاكم الشرعي و سبيله سبيل سهمه عليه السلام من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.

(مسألة 1818): إذا أوصى من لا وارث له إلّا الإمام بجميع ماله

في الفقراء و المساكين و ابن السبيل، ففي نفوذ وصيته في جميع المال- كما عن ظاهر بعضهم و تدل عليه بعض الروايات- أو لا- كما هو ظاهر الأصحاب- إشكال، و لو أوصى بجميع ماله في غير الامور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية و اللّٰه سبحانه العالم.

فصل في ميراث ولد الملاعنة و الزنا و الحمل و المفقود

(مسألة 1819): ولد الملاعنة ترثه امه

و من يتقرب بها من إخوة و أخوال و الزوج و الزوجة و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به وحده فإن ترك امه منفردة كان لها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 476

الثلث فرضاً و الباقي يرد عليها على الأقوى، و إن ترك مع الام أولاداً كان لها السدس و الباقي لهم للذكر مثل حظ الانثيين إلّا إذا كان الولد بنتاً فلها النصف و يرد الباقي أرباعاً عليها و على الام، و إذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره و تجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، و لا فرق بينه و بين غيره من الأموات إلّا في عدم إرث الأب و من يتقرب به وحده كالأعمام و الأجداد و إخوة للأب، و لو ترك إخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعاً بالسوية و إن كانوا ذكوراً و إناثاً.

(مسألة 1820): يرث ولد الملاعنة امه و قرابتها

و لا يرث أباه إلّا أن يعترف به الأب بعد اللعان و لا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به، و هل يرثهم إذا اعترف به الأب؟ قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1821): إذا تبرأ الأب من جريرة ولده و من ميراثه ثمّ مات الولد

قيل كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، و قيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث و هو الأقوى.

(مسألة 1822): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني

و لا من يتقرب به و لا يرثهم هو، و في عدم إرث امه الزانية و من يتقرب بها إشكال و لا يبعد عدم الإرث و يرثه ولده و زوجه أو زوجته و يرثهم هو، و إذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثمّ الضامن ثمّ الإمام.

و إذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى و لا يرد على الزوجة إذا لم يكن له وارث إلّا الإمام بل يكون له ما زاد على نصيبها نعم يرد على الزوج على ما سبق.

(مسألة 1823): الحمل و إن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حيّاً

و إن لم يكن كاملًا و لا بد من إثبات ذلك و إن كان بشهادة النساء، و إذا مات بعد أن سقط حيّاً كان ميراثه لوارثه و إن لم يكن مستقر الحياة و إذا سقط ميتاً لم يرث، و إن علم أنه كان حيّاً حال كونه حملًا أو تحرك بعد ما انفصل إذا لم تكن حركته حركة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 477

حياة.

(مسألة 1824): إذا خرج نصفه و استهل صائحاً ثمّ مات فانفصل ميتاً لم يرث

و لم يورث.

(مسألة 1825): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين

احتياطاً و يعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فإن ولد حيّاً و كان ذكرين فهو و إن كان ذكراً و انثى أو ذكراً واحداً أو انثيين أو انثى واحدة قسم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم هذا إذا رضي الورثة بذلك و إلّا يترك له سهم ذكر واحد و يقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل و إمكان أخذه له و لو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حيّاً.

(مسألة 1826): دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم
(مسألة 1827): المفقود خبره و المجهول حاله يتربص بماله

و في مدة التربص أقوال و الأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه فيها فإذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص و لا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص و يرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك و لا يرثه إذا مات بعد ذلك و الأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة إلى الفحص فيؤخذ بذلك في موارد عدم إمكان الفحص بل مطلقاً على الأحوط.

(مسألة 1828): إذا تعارف اثنان بالنسب و تصادقا عليه توارثا

إذا لم يكن وارث آخر و إلّا ففيه إشكال كما تقدم في كتاب الإقرار.

فصل في ميراث الخُنثى

(مسألة 1829): الخنثى- و هو من له فرج الرجال و فرج النساء- إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به

و إلّا رجع إلى الأمارات، فمنها: البول من أحدهما بعينه فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 478

كان يبول من فرج الرجال فهو رجل و إن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة و إن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيراً و لا يخلو من إشكال، و على كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين اعطي نصف سهم رجل و نصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكراً و خنثى فرضتهما ذكرين تارة ثمّ ذكراً و انثى اخرى و ضربت إحدى الفريضتين في الاخرى فالفريضة على الفرض الأول اثنان و على الفرض الثاني ثلاثة فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف و هو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر و خمسة للخنثى، و إذا خلف ذكرين و خنثى فرضتها ذكراً فالفريضة ثلاثة للثلاثة ذكور، و فرضتها انثى فالفريضة خمسة للذكرين أربعة، و للأُنثى واحد فإذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطى منها للخنثى ثمانية و لكل من الذكرين أحد عشر و إن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت انثى كان سهمها أربعة من اثني عشر و لو كانت ذكراً كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف الأربعة و نصف الستة و هو خمسة، و في الفرض الثاني لو كانت ذكراً كان سهمها عشرة و لو كانت انثى سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة و نصف

الستة.

(مسألة 1830): من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معاً فهما واحد

و إلّا فاثنان و الظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.

(مسألة 1831): من جهل حاله و لم يعلم أنه ذكر أو انثى لغرق و نحوه يورث بالقرعة

و كذا من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء يكتب على سهم (عبد اللّه) و على سهم آخر (أمة اللّٰه) ثمّ يقول المقرع: «اللهم أنت اللّٰه لا إله إلّا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب» ثمّ يطرح السهمان في سهام مبهمة و تشوش السهام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 479

ثمّ يجال السهم على ما خرج و يورث عليه و الظاهر أن الدعاء مستحب و إن كان ظاهر جماعة الوجوب.

فصل في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم

(مسألة 1832): يرث الغرقى بعضهم من بعض

و كذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون لهم أو لأحدهم مال.

الثاني: أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.

الثالث: أن يجهل المتقدم و المتأخر فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه لا مما ورثه منه فيفرض كل منهما حيّاً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا. مثلًا إذا غرق الزوجان و اشتبه المتقدم و المتأخر و ليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة و ورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، و يدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما. أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض الموروث سابقاً في الموت و يورث الثالث الحي منه و لا يفرض لاحقاً في الموت، مثلًا إذا غرقت الزوجة و بنتها فالزوج يرث من زوجته الربع و إن لم يكن للزوجة ولد

غير البنت و لا يرث النصف، و كذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لُامها التي غرقت معها الثلث و لأبيها الثلثان، و إذا غرق الأب و بنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن و لا يفرض موته بعد البنت. و أما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 480

صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه و إرثه على هذا التقدير و لا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، و إذا كان الموتى ثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم و حياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.

(مسألة 1833): إذا ماتا بسبب غير الغرق و الهدم كالحرق و القتل في معركة قتال

أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق و الهدم قولان أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب.

(مسألة 1834): إذا كان الغرقى و المهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر

إلّا على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب و ولداه فإن الولدين لا يتوارثان إلّا مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1835): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين

فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين كما إذا غرق أخوان لأحدهما ولد دون الآخر و قيل لا يعتبر ذلك و يحكم بالإرث من أحد الطرفين و هو قوي.

فصل في ميراث المجوس

(مسألة 1836): لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب و السبب

الصحيحين و هل يتوارثون بالنسب و السبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فأولدها قيل نعم فإذا تزوج اخته فأولدها و مات ورثت اخته نصيب الزوجة و ورث ولدها نصيب الولد و قيل لا، ففي المثال لا ترثه اخته الزوجة و لا ولدها و قيل بالتفصيل بين النسب و السبب فيرثه في المثال المذكور الولد و لا ترثه الزوجة، و الأقوال المذكورة كلها مشهورة و أقواها الأول للنص و لولاه لكان الأخير هو الأقوى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 481

(مسألة 1837): إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً

كما إذا تزوج المجوسي امه فمات ورثته امه نصيب الام و نصيب الزوجة، و كذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه نصيب الزوجة و نصيب البنت. و إذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا تزوج امه فأولدها فإن الولد أخوه من امه فهو يرث من حيث كونه ولداً و لا يرث من حيث كونه أخاً، و كما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له و ابن بنته فيرث من السبب الأول و لا يرث من السبب الثاني.

(مسألة 1838): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد

و يرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث و يورث، و إذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الآخر و اللّٰه سبحانه العالم.

خاتمة

اشارة

مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف و الثلاثة مخرج الثلث و الثلثين، و الأربعة مخرج الربع، و الستة مخرج السدس و الثمانية مخرج الثمن.

(مسألة 1839): لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين

بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً كالنصف و الربع فإن مخرج النصف و هو الاثنان يفني مخرج الربع و هو الأربعة و كالنصف و الثمن و الثلث و السدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف و الربع كانت الفريضة أربعة، و إذا اجتمع النصف و السدس كانت ستة، و إذا اجتمع النصف و الثمن كانت ثمانية و إن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً و لكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرراً من كل منهما كالربع و السدس فإن مخرج الربع أربعة و مخرج السدس ستة و الأربعة لا تفني الستة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 482

و لكن الاثنين يفني كلًا منهما و كسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر و تكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع و السدس ضربت نصف الأربعة في الستة أو نصف الستة في الأربعة و كان الحاصل هو عدد الفريضة و هو اثنا عشر و إذا اجتمع السدس و الثمن كانت الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، و هو ثلاثة في الثمانية أو نصف مخرج الثمن و هو الأربعة في الستة.

و إن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر و لا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث و الثمن ضرب مخرج أحدهما في

مخرج الآخر و كان المتحصل هو عدد الفريضة. ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية. و إذا اجتمع الثلث و الربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.

(مسألة 1840): إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض

، كما إذا ترك أربع زوجات و ولداً، فإن الفريضة تكون من اثنين و ثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.

و إذا ترك أبوين و أربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية و أربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) و يكون الحاصل ثمانية و أربعين. و هكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم. و الحمد للّٰه رب العالمين و صلى اللّٰه على محمد و آله الطاهرين.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.